تاج الوقار
29 Nov 2008, 01:32 PM
طفلك المعاق.. اجعليه سر سعادتك
مبروك أنت حامل.. فرحة غامرة ولكنها قد تتحول إلى قلق وفزع إذا علمت الأم أن طفلها القادم سيكون من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالغموض الذي تعيشه مرعب، والأسئلة التي تتبادر إلى ذهنها عن مستقبل الطفل وكيفية التعامل معه أكثر رعبا، فهي لا تعرف شيئا عن الإعاقة، وقد تظن أنها الوحيدة التي رزقها الله بطفل معاق، وأن الإعاقة لا أمل في التغلب عليها وأنها ستقضي عليه لا محالة.. وخاصة أنه لا توجد دراسات تهتم بالأم والحالة النفسية التي تنتابها عندما تعلم بالخبر، وتوضح لها أنه بالصبر والرعاية والمتابعة يمكنها إعانة طفلها على قهر الإعاقة واكتشاف مواطن تميزه وتنميتها ليحصد العديد من الجوائز التي قد لا يستطيع الكثير من الأسوياء الفوز بها.
كيف تتجاوزين الصدمة؟
في البداية، تقول "مريم ثابت" الأخصائية النفسية بأحد مراكز المعاقين: تمر الأم عند ولادتها لطفل معاق بعدة مراحل.. أولها مرحلة الصدمة حيث تكون متوقعة ولادة طفل جميل تضع فيه كل آمالها، ولكنها تفاجأ بطفل معاق لا تمتلك الخبرة الكافية لكي تتعامل معه وتلبي جميع احتياجاته، ثم تأتى مرحلة الرفض لهذا الطفل، فقد تتقوقع على نفسها وتخفيه عن صديقاتها وأقاربها، أو في أحسن الأحوال تعالجه كنوع من الواجب فقط وليس إيمانا منها بأنه طفل عادي يحتاج إلى مزيد من الرعاية والمتابعة.
وتتابع الأخصائية النفسية: على كل أم أن تطمئن بأن طفلها المعاق كبقية الأطفال ولكن تصاحبه بعض المشاكل، وتقتنع كذلك بأنه من الممكن التغلب على هذه المشاكل بسهولة، وذلك من خلال المتابعة والتدريب وتغيير النظرة إليه إلى نظرة إيجابية ترسخ داخلها القناعة بأنه قادر على أن يعيش بشكل طبيعي إذا تمت رعايته من الناحية النفسية والصحية والسلوكية.
وتضيف د."ميرفت شوقي" مدرس علم النفس الإكلينيكي بكلية الآداب جامعة القاهرة: تستقر الأم نفسيا حينما تزول حالة الغموض، لذلك نعطيها معلومات عن الإعاقة وأسبابها ونسبة انتشارها وأنواعها، وإمكانية علاجها وأهمية الاكتشاف المبكر لها والأماكن المفروض أن تلد فيها، فقد يحتاج الطفل حضانة أو تكون هناك صعوبات أثناء الولادة لذلك ننصح الأم أن تلد في مستشفى خاصة بولادة المعاقين، حيث يتواجد فيها اختصاصيون للتعامل مع الجنين لحظة ولادته، خاصة فيما يتعلق بالتغذية والتنفس فضلا عن استمرار متابعة الحمل تحت إشراف الطبيب.
و تنبه د."ميرفت" إلى ضرورة تواصل الأم مع الاختصاصيين حسب نوع إعاقة الطفل، وكذلك المراكز الحكومية والخاصة التي توفر المساندة الضرورية للأم والطفل معا، وأنه من خلال هذه المراكز يمكنها التعرف على حالات مشابهة مما يعنى أنها ليست الأم الوحيدة المعذبة، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من خبرات الأمهات في هذا الصدد، وهو ما يعطيها الثقة والأمل في تحسن حالة الطفل.
وتطالب د."ميرفت" كل أم أن تحتضن طفلها وتشعره بحبها وتعاقبه إن أخطأ فالحب لا يمنع العقاب، وأن تحكي له القصص والحكايات المسلية كما تفعل تماما مع الطفل العادي، وتتعرف كذلك على اللعب التي يستخدمها، وتشجعه على أي إنجاز يقوم به مهما كان بسيطا، فالأم في رأيها تتحدى قدراتها من خلال هذا الطفل، فتحاول جاهدة أن تثبت أمومتها فيما تبذله معه من جهد يفوق بكثير ما بذلته مع بقية إخوته، ليس ذلك فحسب، فهي ذاتها تنضج مع الطفل لذا فعليها تعليم إخوته الطريقة المثلى للتعامل معه، لكي تشترك الأسرة كلها في تربية هذا الطفل الخاص.
الرضا بالقدر
أما الدكتور "عاطف لماضة" استشاري الأمراض النفسية والعصبية، فيوصي الأم بأن تتعامل مع هذا الأمر برضا وتسليم وصبر على البلاء، لأن هدوء الأم واطمئنانها يؤثر بالتبعية على الجنين الذي يشعر كذلك بالطمأنينة.
ويشير إلى أنها بصبرها تنال الرضا من الله تعالى والأجر العظيم، فإذا وضعت حملها، فيجب أن تتعامل مع طفلها من خلال هذا المنظور، وأن تحتويه وتوفر له الرعاية الطبية قبل النفسية، وأن تحرص أيضا على عرضه على مراكز العلاج والتأهيل، خاصة أن الدولة تولي اهتماما بالغا بالمعاقين. وقد أطلقت عليهم "ذوي الاحتياجات الخاصة" وذلك من أجل التخفيف من وقع الصفة الملصقة بهم.
وتركز "نيفين كامل" اختصاصية نفسية بأحد مراكز المعاقين، على ضرورة أن تتقابل أمهات الطفل المعاق مع أمهات لأطفال في مراحل كبيرة، وبنفس نوع إعاقة طفلها، ولابد أن تفهم أن طفلها لم يختر كونه معاقا وكذلك هي لم تختر ذلك، إنما هو اختبار من الله عز وجل، ولابد أن تنزع من داخلها فكرة الإحساس بالذنب، فأسباب الإعاقة بشكل عام غير معروفة السبب، فينبغي عليها ألا تحمل نفسها أو زوجها السبب في ذلك الأمر، ولا تحاول أيضا التفكير في المستقبل على مدى بعيد، ولكن تجتاز الأزمة خطوة خطوة وبشكل ثابت، وسوف تكتشف بنفسها أن هناك إعاقات تستطيع أن ترعى نفسها خاصة إذا تدخلت الأم من يوم ميلاد الطفل، وبعدها تقوم بتوظيف طاقاتها في تنمية مواهب وقدرات طفلها المعاق.
"منغولية".. عبقرية كمبيوتر
بعد الاستماع إلى كلام المتخصصين وإرشاداتهم.. قد يشكك بعض الآباء والأمهات في صعوبة تطبيق هذا الكلام على أرض الواقع، ولإزالة هذه الشكوك من داخلهم نرصد أمامكم بعض النماذج الناجحة التي تبعث الأمل في نفس كل أب وأم منحهم الله هذا الابتلاء ليعلموا أن الإرادة تصنع المعجزات..
ولتكن البداية مع "رانيا".. وهي الطفلة المنغولية المعجزة التي تفوقت على الأسوياء في التعامل مع الكمبيوتر، فنجحت في القيام بتصميم برامج بالفوتوشوب والبوربوينت من أجل تعليم مرحلة رياض الأطفال وعمرها لا يتجاوز 11 عاما..
يقول والدها: رانيا هي أصغر أبنائي، ومنذ الأسابيع الأولى لولادتها، لاحظنا تأخر نموها وعدم إدراكها لما حولها، بعد ذلك عرضناها على الأطباء، وكانت الصدمة الكبرى عندما أكدوا لنا أنها طفلة منغولية من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ثم أتت مرحلة مهمة تمثلت في ملاحظتها في كل وقت ومتابعة خروجها واختلاطها بالآخرين، وكانت أقصى أحلامنا أن تدرك "رانيا" اسمها بالكامل وعنوان منزلنا إذا ما ابتعدت عنه لأي ظرف.
يكمل الأب: بعد ذلك تم افتتاح مكتب كمبيوتر بجوار المنزل، لاحظنا أنها تأخذ مصروفها وتذهب بأقصى سرعة لتجلس بين الأطفال أمام شاشات الكمبيوتر، فقمت بتلقي العديد من الدورات التدريبية لكي أقوم بتعليمها بعد أن وجدت رفضا من عدد كبير من المدرسين الذين لم يرحبوا بفكرة تعليم طفلة منغولية، لكني لم أستسلم وتفرغت تفرغا كاملا للكمبيوتر واشتريت "لاب توب" خاصا بها لكي تتدرب في المكان الذي تريده، وحققت رانيا تقدما مذهلا وتفوقت على الأسوياء بمنتهى السهولة لتثبت أن الإرادة الإنسانية أقوى من أي إعاقة وأنه بشيء من التخطيط والتنظيم ومتابعة الأسرة يمكن التغلب على أي مشكلة تواجه أطفالنا مهما كان حجمها وقوتها.
الفن يتحدى الإعاقة
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.. هكذا بدأت الأم "منى" حديثها عن ولديها "تامر" و"عمر" اللذين اكتشفت إصابة كل منهما بإعاقة ذهنية منذ الولادة، تقول الأم: عند ولادة "تامر" منذ ثلاثين عاما لم يتأقلم زوجي مع الخبر فور سماعه، لكني أقنعته بأن تعاونه معي سيدفع بطفلنا إلى الأمام، لذلك فقد كان استقباله لإعاقة مولودنا الثاني "عمر" بعد عشرة أعوام أكثر رضا واستسلاما لقضاء الله، وبفضل صبره وتشجيعه وتعاونه معي استطعنا توجيههما إلى النشاط الرياضي بعد أن اكتشفنا تفوقهما في السباحة وكرة القدم وبحمد الله تمكنا من حصد العديد من الميداليات الذهبية تقديرا لتفوقهما وإصرارهما على تحدي الإعاقة.
وتتابع الأم وقد لمعت عيناها ببريق الفخر والاعتزاز: منذ سنوات قليلة لاحظت إتقانهما الشديد في ترديد النغمات الموسيقية والأغاني العربية والأجنبية، وتزامن ذلك مع الإعلان عن مؤسسة "سليم سحاب للمبدع العربي"، فسارعت بالاشتراك لهما في الكورال، ورحب الفنان سليم بهما وتم قبولهم على الفور لتميزهما الملحوظ في الغناء، وفي أبريل القادم سيشتركان في الحفل الغنائي الذي ستقيمه المؤسسة بمناسبة عيد ميلادها الثاني.
أما السيدة "زينب الشبراوي" فقد لاحظت تغيرات في سلوك طفلها "مصطفى" بعد بلوغه عامين ونصف، من وقتها بدأت نزعته للعنف تتضح إضافة لتفضيله العزلة والانطواء ورفضه الحديث والتواصل مع أفراد أسرته، وقد ضاقت الأم ذرعا من التردد على الأطباء الذين أكدوا لها أن مصطفى طفل توحدي، وهو ما دعاها إلى الإصرار على إنشاء جمعية خيرية لعلاج الأطفال المصابين بالتوحد، حتى يندمجوا مع أقرانهم الأسوياء ويتخلصوا من إعاقتهم.
الكاتبة : الدكتورة اسماء عبدالحميد
مبروك أنت حامل.. فرحة غامرة ولكنها قد تتحول إلى قلق وفزع إذا علمت الأم أن طفلها القادم سيكون من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالغموض الذي تعيشه مرعب، والأسئلة التي تتبادر إلى ذهنها عن مستقبل الطفل وكيفية التعامل معه أكثر رعبا، فهي لا تعرف شيئا عن الإعاقة، وقد تظن أنها الوحيدة التي رزقها الله بطفل معاق، وأن الإعاقة لا أمل في التغلب عليها وأنها ستقضي عليه لا محالة.. وخاصة أنه لا توجد دراسات تهتم بالأم والحالة النفسية التي تنتابها عندما تعلم بالخبر، وتوضح لها أنه بالصبر والرعاية والمتابعة يمكنها إعانة طفلها على قهر الإعاقة واكتشاف مواطن تميزه وتنميتها ليحصد العديد من الجوائز التي قد لا يستطيع الكثير من الأسوياء الفوز بها.
كيف تتجاوزين الصدمة؟
في البداية، تقول "مريم ثابت" الأخصائية النفسية بأحد مراكز المعاقين: تمر الأم عند ولادتها لطفل معاق بعدة مراحل.. أولها مرحلة الصدمة حيث تكون متوقعة ولادة طفل جميل تضع فيه كل آمالها، ولكنها تفاجأ بطفل معاق لا تمتلك الخبرة الكافية لكي تتعامل معه وتلبي جميع احتياجاته، ثم تأتى مرحلة الرفض لهذا الطفل، فقد تتقوقع على نفسها وتخفيه عن صديقاتها وأقاربها، أو في أحسن الأحوال تعالجه كنوع من الواجب فقط وليس إيمانا منها بأنه طفل عادي يحتاج إلى مزيد من الرعاية والمتابعة.
وتتابع الأخصائية النفسية: على كل أم أن تطمئن بأن طفلها المعاق كبقية الأطفال ولكن تصاحبه بعض المشاكل، وتقتنع كذلك بأنه من الممكن التغلب على هذه المشاكل بسهولة، وذلك من خلال المتابعة والتدريب وتغيير النظرة إليه إلى نظرة إيجابية ترسخ داخلها القناعة بأنه قادر على أن يعيش بشكل طبيعي إذا تمت رعايته من الناحية النفسية والصحية والسلوكية.
وتضيف د."ميرفت شوقي" مدرس علم النفس الإكلينيكي بكلية الآداب جامعة القاهرة: تستقر الأم نفسيا حينما تزول حالة الغموض، لذلك نعطيها معلومات عن الإعاقة وأسبابها ونسبة انتشارها وأنواعها، وإمكانية علاجها وأهمية الاكتشاف المبكر لها والأماكن المفروض أن تلد فيها، فقد يحتاج الطفل حضانة أو تكون هناك صعوبات أثناء الولادة لذلك ننصح الأم أن تلد في مستشفى خاصة بولادة المعاقين، حيث يتواجد فيها اختصاصيون للتعامل مع الجنين لحظة ولادته، خاصة فيما يتعلق بالتغذية والتنفس فضلا عن استمرار متابعة الحمل تحت إشراف الطبيب.
و تنبه د."ميرفت" إلى ضرورة تواصل الأم مع الاختصاصيين حسب نوع إعاقة الطفل، وكذلك المراكز الحكومية والخاصة التي توفر المساندة الضرورية للأم والطفل معا، وأنه من خلال هذه المراكز يمكنها التعرف على حالات مشابهة مما يعنى أنها ليست الأم الوحيدة المعذبة، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من خبرات الأمهات في هذا الصدد، وهو ما يعطيها الثقة والأمل في تحسن حالة الطفل.
وتطالب د."ميرفت" كل أم أن تحتضن طفلها وتشعره بحبها وتعاقبه إن أخطأ فالحب لا يمنع العقاب، وأن تحكي له القصص والحكايات المسلية كما تفعل تماما مع الطفل العادي، وتتعرف كذلك على اللعب التي يستخدمها، وتشجعه على أي إنجاز يقوم به مهما كان بسيطا، فالأم في رأيها تتحدى قدراتها من خلال هذا الطفل، فتحاول جاهدة أن تثبت أمومتها فيما تبذله معه من جهد يفوق بكثير ما بذلته مع بقية إخوته، ليس ذلك فحسب، فهي ذاتها تنضج مع الطفل لذا فعليها تعليم إخوته الطريقة المثلى للتعامل معه، لكي تشترك الأسرة كلها في تربية هذا الطفل الخاص.
الرضا بالقدر
أما الدكتور "عاطف لماضة" استشاري الأمراض النفسية والعصبية، فيوصي الأم بأن تتعامل مع هذا الأمر برضا وتسليم وصبر على البلاء، لأن هدوء الأم واطمئنانها يؤثر بالتبعية على الجنين الذي يشعر كذلك بالطمأنينة.
ويشير إلى أنها بصبرها تنال الرضا من الله تعالى والأجر العظيم، فإذا وضعت حملها، فيجب أن تتعامل مع طفلها من خلال هذا المنظور، وأن تحتويه وتوفر له الرعاية الطبية قبل النفسية، وأن تحرص أيضا على عرضه على مراكز العلاج والتأهيل، خاصة أن الدولة تولي اهتماما بالغا بالمعاقين. وقد أطلقت عليهم "ذوي الاحتياجات الخاصة" وذلك من أجل التخفيف من وقع الصفة الملصقة بهم.
وتركز "نيفين كامل" اختصاصية نفسية بأحد مراكز المعاقين، على ضرورة أن تتقابل أمهات الطفل المعاق مع أمهات لأطفال في مراحل كبيرة، وبنفس نوع إعاقة طفلها، ولابد أن تفهم أن طفلها لم يختر كونه معاقا وكذلك هي لم تختر ذلك، إنما هو اختبار من الله عز وجل، ولابد أن تنزع من داخلها فكرة الإحساس بالذنب، فأسباب الإعاقة بشكل عام غير معروفة السبب، فينبغي عليها ألا تحمل نفسها أو زوجها السبب في ذلك الأمر، ولا تحاول أيضا التفكير في المستقبل على مدى بعيد، ولكن تجتاز الأزمة خطوة خطوة وبشكل ثابت، وسوف تكتشف بنفسها أن هناك إعاقات تستطيع أن ترعى نفسها خاصة إذا تدخلت الأم من يوم ميلاد الطفل، وبعدها تقوم بتوظيف طاقاتها في تنمية مواهب وقدرات طفلها المعاق.
"منغولية".. عبقرية كمبيوتر
بعد الاستماع إلى كلام المتخصصين وإرشاداتهم.. قد يشكك بعض الآباء والأمهات في صعوبة تطبيق هذا الكلام على أرض الواقع، ولإزالة هذه الشكوك من داخلهم نرصد أمامكم بعض النماذج الناجحة التي تبعث الأمل في نفس كل أب وأم منحهم الله هذا الابتلاء ليعلموا أن الإرادة تصنع المعجزات..
ولتكن البداية مع "رانيا".. وهي الطفلة المنغولية المعجزة التي تفوقت على الأسوياء في التعامل مع الكمبيوتر، فنجحت في القيام بتصميم برامج بالفوتوشوب والبوربوينت من أجل تعليم مرحلة رياض الأطفال وعمرها لا يتجاوز 11 عاما..
يقول والدها: رانيا هي أصغر أبنائي، ومنذ الأسابيع الأولى لولادتها، لاحظنا تأخر نموها وعدم إدراكها لما حولها، بعد ذلك عرضناها على الأطباء، وكانت الصدمة الكبرى عندما أكدوا لنا أنها طفلة منغولية من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ثم أتت مرحلة مهمة تمثلت في ملاحظتها في كل وقت ومتابعة خروجها واختلاطها بالآخرين، وكانت أقصى أحلامنا أن تدرك "رانيا" اسمها بالكامل وعنوان منزلنا إذا ما ابتعدت عنه لأي ظرف.
يكمل الأب: بعد ذلك تم افتتاح مكتب كمبيوتر بجوار المنزل، لاحظنا أنها تأخذ مصروفها وتذهب بأقصى سرعة لتجلس بين الأطفال أمام شاشات الكمبيوتر، فقمت بتلقي العديد من الدورات التدريبية لكي أقوم بتعليمها بعد أن وجدت رفضا من عدد كبير من المدرسين الذين لم يرحبوا بفكرة تعليم طفلة منغولية، لكني لم أستسلم وتفرغت تفرغا كاملا للكمبيوتر واشتريت "لاب توب" خاصا بها لكي تتدرب في المكان الذي تريده، وحققت رانيا تقدما مذهلا وتفوقت على الأسوياء بمنتهى السهولة لتثبت أن الإرادة الإنسانية أقوى من أي إعاقة وأنه بشيء من التخطيط والتنظيم ومتابعة الأسرة يمكن التغلب على أي مشكلة تواجه أطفالنا مهما كان حجمها وقوتها.
الفن يتحدى الإعاقة
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.. هكذا بدأت الأم "منى" حديثها عن ولديها "تامر" و"عمر" اللذين اكتشفت إصابة كل منهما بإعاقة ذهنية منذ الولادة، تقول الأم: عند ولادة "تامر" منذ ثلاثين عاما لم يتأقلم زوجي مع الخبر فور سماعه، لكني أقنعته بأن تعاونه معي سيدفع بطفلنا إلى الأمام، لذلك فقد كان استقباله لإعاقة مولودنا الثاني "عمر" بعد عشرة أعوام أكثر رضا واستسلاما لقضاء الله، وبفضل صبره وتشجيعه وتعاونه معي استطعنا توجيههما إلى النشاط الرياضي بعد أن اكتشفنا تفوقهما في السباحة وكرة القدم وبحمد الله تمكنا من حصد العديد من الميداليات الذهبية تقديرا لتفوقهما وإصرارهما على تحدي الإعاقة.
وتتابع الأم وقد لمعت عيناها ببريق الفخر والاعتزاز: منذ سنوات قليلة لاحظت إتقانهما الشديد في ترديد النغمات الموسيقية والأغاني العربية والأجنبية، وتزامن ذلك مع الإعلان عن مؤسسة "سليم سحاب للمبدع العربي"، فسارعت بالاشتراك لهما في الكورال، ورحب الفنان سليم بهما وتم قبولهم على الفور لتميزهما الملحوظ في الغناء، وفي أبريل القادم سيشتركان في الحفل الغنائي الذي ستقيمه المؤسسة بمناسبة عيد ميلادها الثاني.
أما السيدة "زينب الشبراوي" فقد لاحظت تغيرات في سلوك طفلها "مصطفى" بعد بلوغه عامين ونصف، من وقتها بدأت نزعته للعنف تتضح إضافة لتفضيله العزلة والانطواء ورفضه الحديث والتواصل مع أفراد أسرته، وقد ضاقت الأم ذرعا من التردد على الأطباء الذين أكدوا لها أن مصطفى طفل توحدي، وهو ما دعاها إلى الإصرار على إنشاء جمعية خيرية لعلاج الأطفال المصابين بالتوحد، حتى يندمجوا مع أقرانهم الأسوياء ويتخلصوا من إعاقتهم.
الكاتبة : الدكتورة اسماء عبدالحميد