البيان
23 Jul 2004, 08:18 PM
((غزوة ذات الرقاع في سنة أربع))
**الاستعداد للغزوة:
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزو بني النضير شهر ربيع الآخر وبعض جمادى ، ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان ، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري ، ويقال : عثمان بن عفان حتى نزل نخلا ، وهي غزوة ذات الرقاع
**سبب تسميتها بذات الرقاع:
قيل لها غزوة ذات الرقاع ، لأنهم رقعوا فيها راياتهم ؛ ويقال : ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع ، يقال لها : ذات الرقاع .
**من أسباب صلاة الخوف:
فلقي بها جمعا عظيما من غطفان ، فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب ، وقد خاف الناس بعضهم بعضا ، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ، ثم انصرف بالناس .
**كيفية صلاة الخوف:
حدث عبد الوارث بن سعيد التنوري - وكان يكنى : أبا عبيدة - قال : حدثنا يونس بن عبيد ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن جابر بن عبد الله في صلاة الخوف ، قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعتين ثم سلم ، وطائفة مقبلون على العدو . قال : فجاءوا فصلى بهم ركعتين أخريين ، ثم سلم .
وحدث عبد الوارث ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : صفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صفين ، فركع بنا جميعا ، ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسجد الصف الأول ، فلما رفعوا سجد الذين يلونهم بأنفسهم ، ثم تأخر الصف الأول ، وتقدم الصف الآخر حتى قاموا مقامهم ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا ، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم وسجد الذين يلونه معه ؛ فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون بأنفسهم ، فركع النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا ، وسجد كل واحد منهما بأنفسهم سجدتين .
وحدث عبد الوارث بن سعيد التنوري ، قال : حدثنا أيوب عن نافع ، عن ابن عمر ؛ قال : يقوم الإمام وتقوم معه طائفة ، وطائفة مما يلي عدوهم فيركع بهم الإمام ويسجد بهم ، ثم يتأخرون فيكونون مما يلي العدو ، ويتقدم الآخرون فيركع بهم الإمام ركعة ، ويسجد بهم ، ثم تصلي كل طائفة بأنفسهم ركعة ، فكانت لهم مع الإمام ركعة ركعة ، وصلوا بأنفسهم ركعة ركعة .
**غورث يهمُّ بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم وما نزل فيه من قرآن:
وحدث عمرو بن عبدي ، بن الحسن ، عن جابر بن عبدالله ، أن رجلا من بني محارب ، يقال له : غورث ، قال لقومه من غطفان ومحارب : ألا أقتل لكم محمدا ؟ قالوا : بلى ، وكيف تقتله ؟ قال : أفتك به . قال : فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ، وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فقال : يا محمد أنظر إلى سيفك هذا ؟ قال : نعم ، - وكان محلى بفضة ، كما قيل- قال : فأخذه فاستله ، ثم جعل يهزه ، ويهم فيكبته الله ؛ ثم قال : يا محمد ، أما تخافني ؟ قال : لا ، وما أخاف منك ! قال : أما تخافني وفي يدي السيف ؟ قال : لا ، يمنعني الله منك . ثم عمد إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرده عليه . قال : فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ، إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ، فكف أيديهم عنكم ، واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون " .
وحدث يزيد بن رومان : أنها إنما أنزلت في عمرو بن جحاش ، أخي بني النضير وما هم به ، فالله اعلم أي ذلك كان .
**قصة جابر وجمله في هذه الغزوة:
وحدث وهب بن كيسان عن جابر بن عبدالله ، قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل ، على جمل لي ضعيف ؛ فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : جعلت الرفاق تمضي ، وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما لك يا جابر ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، أبطأ بي جملي هذا ؛ قال : أنخه ؛ قال : فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك ، أو اقطع لي عصا من شجرة ، قال : ففعلت . قال : فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات ، ثم قال : اركب ، فركبت ، فخرج ، والذي بعثه بالحق ، يواهق ناقته مواهقة .
قال : وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : أتبيعني جملك هذا يا جابر ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، بل أهبه لك ؛ قال : لا ، ولكن بعْنِيه ، قال : قلت : فسمنيه يا رسول الله ؛ قال : قد أخذته بدرهم ، قال : قلت : لا ، إذن تغبنني يا رسول الله ! قال : فبدرهمين ؛ قال : قلت : لا . قال : فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمنه حتى بلغ الأوقية . قال : فقلت : أفقد رضيت يا رسول الله ؟ قال : نعم . قلت : فهو لك ؛ قال : قد أخذته .
قال : " ثم قال : يا جابر ، هل تزوجت بعد ؟ " قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : أثيبا أم بكرا ؟ قال : قلت : لا ، بل ثيبا ؛ قال ؛ أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ! قال : قلت : يا رسول الله ، إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا ، فنكحت امرأة جامعة ، تجمع رؤوسهن ، وتقوم عليهن ؛ قال : أصبت إن شاء الله ، أما إنا لو قد جئنا صراراً أمرنا بجزور فنُحرت ، وأقمنا عليها يومنا ذاك ، وسمعت بنا ، فنفضت نمارقها . قال : قلت : والله يا رسول الله ما لنا من نمارق ؛ قال : إنها ستكون ، فإذا أنت قدِمت فاعمل عملا كيسا .
قال : فلما جئنا صراراً أمر رسول الله صلى الله عله وسلم بجزور فنحرت ، وأقمنا عليها ذلك اليوم ؛ فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا ؛ قال : فحدثت المرأة الحديث ، وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قالت : فدونك ، فسمع وطاعة .
قال : فلما أصبحت أخذت برأس الجمل ، فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : ثم جلست في المسجد قريبا منه ؛ قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى الجمل ؛ فقال : ما هذا ؟ قالوا : يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر ؛ قال : فأين جابر ؟ قال : فدعيت له ؛ قال : فقال : يا ابن أخي خذ برأس جملك ، فهو لك ، ودعا بلالاً ، فقال له : اذهب بجابر ، فأعطه أوقية . قال : فذهبت معه ، فأعطاني أوقية ، وزادني شيئا يسيراً . قال : فوالله ما زال ينمي عندي ، ويرى مكانه من بيتنا ، حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا يعني يوم الحرة .
**ما أصيب به صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحراسة :
وحدث عمي صدقة بن يسار ، عن عقيل بن جابر ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل ، فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين ؛ فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا ، أتى زوجها وكان غائبا ، فلما أخبر الخبر حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دما ، فخرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منـزلا ، فقال : من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه ؟ قال : فانتدب رجل من المهاجرين ، ورجل آخر من الأنصار ، فقالا : نحن يارسول الله ؛ قال : فكونا بفم الشّعب . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد نزلوا إلى شعب من الوادي ، وهما عمار بن ياسر وعباد بن بشر ، فيما قال ابن هشام .
فلما خرج الرجلان إلى فم الشِّعب ، قال الأنصاريّ للمهاجريّ أيَّ الليل تحب أن أكفيكه : أوله أم آخره ؟ قال : بل اكفني أوله ؛ قال : فاضطجع المهاجري فنام ، وقام الأنصاري يصلي ، قال : وأتى الرجل ، فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة ( طليعة ) القوم . قال : فرمى بسهم ، فوضعه فيه ؛ قال : فنـزعه ووضعه ، فثبت قائما ؛ قال : ثم رماه بسهم أخر فوضعه فيه . قال : فنـزعه فوضعه وثبت قائما ؛ ثم عاد له بالثالث ، فوضعه فيه ؛ قال : فنـزعه فوضعه ثم ركع وسجد ، ثم أهب صاحبه فقال : اجلس فقد أثبتُّ ، قال : فوثب فلما رأهما الرجل عرف أن قد نذرا به ، فهرب . قال : ولما رأى المهاجريّ ما بالأنصاريّ من الدماء قال : سبحان الله ! أفلا أهببتني أول ما رماك ؟ قال : كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها ، فلما تابع على الرمى ركعت فأذنتك ، وايم الله ، لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه ، لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها .
**رجوع أبي سفيان في رجاله :
قام عليه ثماني ليال ينتظر أبا سفيان ، وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة ، من ناحية الظهران ؛ وبعض الناس يقول : قد بلغ عسفان ، ثم بدا له في الرجوع ، فقال : يا معشر قريش ، إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر ، وتشربون فيه اللبن ، وإن عامكم هذا عام جدب ، وإني راجعٌ ، فارجعوا ، فرجع الناس ، فسماهم أهل مكة جيش السويق ، يقولون : إنما خرجتم تشربون السويق .
**الرسول و مخشي الضمري:
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده ، فأتاه مخشي بن عمرو الضمري ، وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان ، فقال : يا محمد ، أجئت للقاء قريش على هذا الماء ؟ قال : نعم، يا أخا بني ضمرة ، وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك ، ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك ، قال : لا والله يا محمد ، ما لنا بذلك منك من حاجة .
**الاستعداد للغزوة:
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزو بني النضير شهر ربيع الآخر وبعض جمادى ، ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان ، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري ، ويقال : عثمان بن عفان حتى نزل نخلا ، وهي غزوة ذات الرقاع
**سبب تسميتها بذات الرقاع:
قيل لها غزوة ذات الرقاع ، لأنهم رقعوا فيها راياتهم ؛ ويقال : ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع ، يقال لها : ذات الرقاع .
**من أسباب صلاة الخوف:
فلقي بها جمعا عظيما من غطفان ، فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب ، وقد خاف الناس بعضهم بعضا ، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ، ثم انصرف بالناس .
**كيفية صلاة الخوف:
حدث عبد الوارث بن سعيد التنوري - وكان يكنى : أبا عبيدة - قال : حدثنا يونس بن عبيد ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن جابر بن عبد الله في صلاة الخوف ، قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعتين ثم سلم ، وطائفة مقبلون على العدو . قال : فجاءوا فصلى بهم ركعتين أخريين ، ثم سلم .
وحدث عبد الوارث ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : صفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صفين ، فركع بنا جميعا ، ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسجد الصف الأول ، فلما رفعوا سجد الذين يلونهم بأنفسهم ، ثم تأخر الصف الأول ، وتقدم الصف الآخر حتى قاموا مقامهم ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا ، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم وسجد الذين يلونه معه ؛ فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون بأنفسهم ، فركع النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا ، وسجد كل واحد منهما بأنفسهم سجدتين .
وحدث عبد الوارث بن سعيد التنوري ، قال : حدثنا أيوب عن نافع ، عن ابن عمر ؛ قال : يقوم الإمام وتقوم معه طائفة ، وطائفة مما يلي عدوهم فيركع بهم الإمام ويسجد بهم ، ثم يتأخرون فيكونون مما يلي العدو ، ويتقدم الآخرون فيركع بهم الإمام ركعة ، ويسجد بهم ، ثم تصلي كل طائفة بأنفسهم ركعة ، فكانت لهم مع الإمام ركعة ركعة ، وصلوا بأنفسهم ركعة ركعة .
**غورث يهمُّ بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم وما نزل فيه من قرآن:
وحدث عمرو بن عبدي ، بن الحسن ، عن جابر بن عبدالله ، أن رجلا من بني محارب ، يقال له : غورث ، قال لقومه من غطفان ومحارب : ألا أقتل لكم محمدا ؟ قالوا : بلى ، وكيف تقتله ؟ قال : أفتك به . قال : فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ، وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فقال : يا محمد أنظر إلى سيفك هذا ؟ قال : نعم ، - وكان محلى بفضة ، كما قيل- قال : فأخذه فاستله ، ثم جعل يهزه ، ويهم فيكبته الله ؛ ثم قال : يا محمد ، أما تخافني ؟ قال : لا ، وما أخاف منك ! قال : أما تخافني وفي يدي السيف ؟ قال : لا ، يمنعني الله منك . ثم عمد إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرده عليه . قال : فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ، إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ، فكف أيديهم عنكم ، واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون " .
وحدث يزيد بن رومان : أنها إنما أنزلت في عمرو بن جحاش ، أخي بني النضير وما هم به ، فالله اعلم أي ذلك كان .
**قصة جابر وجمله في هذه الغزوة:
وحدث وهب بن كيسان عن جابر بن عبدالله ، قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل ، على جمل لي ضعيف ؛ فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : جعلت الرفاق تمضي ، وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما لك يا جابر ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، أبطأ بي جملي هذا ؛ قال : أنخه ؛ قال : فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك ، أو اقطع لي عصا من شجرة ، قال : ففعلت . قال : فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات ، ثم قال : اركب ، فركبت ، فخرج ، والذي بعثه بالحق ، يواهق ناقته مواهقة .
قال : وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : أتبيعني جملك هذا يا جابر ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، بل أهبه لك ؛ قال : لا ، ولكن بعْنِيه ، قال : قلت : فسمنيه يا رسول الله ؛ قال : قد أخذته بدرهم ، قال : قلت : لا ، إذن تغبنني يا رسول الله ! قال : فبدرهمين ؛ قال : قلت : لا . قال : فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمنه حتى بلغ الأوقية . قال : فقلت : أفقد رضيت يا رسول الله ؟ قال : نعم . قلت : فهو لك ؛ قال : قد أخذته .
قال : " ثم قال : يا جابر ، هل تزوجت بعد ؟ " قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : أثيبا أم بكرا ؟ قال : قلت : لا ، بل ثيبا ؛ قال ؛ أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ! قال : قلت : يا رسول الله ، إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا ، فنكحت امرأة جامعة ، تجمع رؤوسهن ، وتقوم عليهن ؛ قال : أصبت إن شاء الله ، أما إنا لو قد جئنا صراراً أمرنا بجزور فنُحرت ، وأقمنا عليها يومنا ذاك ، وسمعت بنا ، فنفضت نمارقها . قال : قلت : والله يا رسول الله ما لنا من نمارق ؛ قال : إنها ستكون ، فإذا أنت قدِمت فاعمل عملا كيسا .
قال : فلما جئنا صراراً أمر رسول الله صلى الله عله وسلم بجزور فنحرت ، وأقمنا عليها ذلك اليوم ؛ فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا ؛ قال : فحدثت المرأة الحديث ، وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قالت : فدونك ، فسمع وطاعة .
قال : فلما أصبحت أخذت برأس الجمل ، فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : ثم جلست في المسجد قريبا منه ؛ قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى الجمل ؛ فقال : ما هذا ؟ قالوا : يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر ؛ قال : فأين جابر ؟ قال : فدعيت له ؛ قال : فقال : يا ابن أخي خذ برأس جملك ، فهو لك ، ودعا بلالاً ، فقال له : اذهب بجابر ، فأعطه أوقية . قال : فذهبت معه ، فأعطاني أوقية ، وزادني شيئا يسيراً . قال : فوالله ما زال ينمي عندي ، ويرى مكانه من بيتنا ، حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا يعني يوم الحرة .
**ما أصيب به صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحراسة :
وحدث عمي صدقة بن يسار ، عن عقيل بن جابر ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل ، فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين ؛ فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا ، أتى زوجها وكان غائبا ، فلما أخبر الخبر حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دما ، فخرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منـزلا ، فقال : من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه ؟ قال : فانتدب رجل من المهاجرين ، ورجل آخر من الأنصار ، فقالا : نحن يارسول الله ؛ قال : فكونا بفم الشّعب . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد نزلوا إلى شعب من الوادي ، وهما عمار بن ياسر وعباد بن بشر ، فيما قال ابن هشام .
فلما خرج الرجلان إلى فم الشِّعب ، قال الأنصاريّ للمهاجريّ أيَّ الليل تحب أن أكفيكه : أوله أم آخره ؟ قال : بل اكفني أوله ؛ قال : فاضطجع المهاجري فنام ، وقام الأنصاري يصلي ، قال : وأتى الرجل ، فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة ( طليعة ) القوم . قال : فرمى بسهم ، فوضعه فيه ؛ قال : فنـزعه ووضعه ، فثبت قائما ؛ قال : ثم رماه بسهم أخر فوضعه فيه . قال : فنـزعه فوضعه وثبت قائما ؛ ثم عاد له بالثالث ، فوضعه فيه ؛ قال : فنـزعه فوضعه ثم ركع وسجد ، ثم أهب صاحبه فقال : اجلس فقد أثبتُّ ، قال : فوثب فلما رأهما الرجل عرف أن قد نذرا به ، فهرب . قال : ولما رأى المهاجريّ ما بالأنصاريّ من الدماء قال : سبحان الله ! أفلا أهببتني أول ما رماك ؟ قال : كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها ، فلما تابع على الرمى ركعت فأذنتك ، وايم الله ، لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه ، لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها .
**رجوع أبي سفيان في رجاله :
قام عليه ثماني ليال ينتظر أبا سفيان ، وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة ، من ناحية الظهران ؛ وبعض الناس يقول : قد بلغ عسفان ، ثم بدا له في الرجوع ، فقال : يا معشر قريش ، إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر ، وتشربون فيه اللبن ، وإن عامكم هذا عام جدب ، وإني راجعٌ ، فارجعوا ، فرجع الناس ، فسماهم أهل مكة جيش السويق ، يقولون : إنما خرجتم تشربون السويق .
**الرسول و مخشي الضمري:
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده ، فأتاه مخشي بن عمرو الضمري ، وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان ، فقال : يا محمد ، أجئت للقاء قريش على هذا الماء ؟ قال : نعم، يا أخا بني ضمرة ، وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك ، ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك ، قال : لا والله يا محمد ، ما لنا بذلك منك من حاجة .