الزهراء
29 Jan 2009, 04:15 PM
ماذا لو كان حيًّا بين أظهرنا ؟!
إذا كانت أزمة الرسوم المسيئة لرسولنا صلى الله عليه وسلم قد أظهرت عمق حب المسلمين لنبيهم العظيم.. فلا بد أن تظل الأمة حريصة على إبقاء جذوة الحب تلك مشتعلة في القلوب، ولا بد أن تستضيء بها الأمة – من بعد – في رسم طريقها في الحياة على نهج النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في كل موقف وحال.
والخطوة الأولى دائما في هذا الطريق أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ماذا لو كان حيًّا بين أظهرنا صلى الله عليه وسلم؟ ونقارن بين ما نمرُّ به من أحداث ومواقف، وما مرَّ به صلى الله عليه وسلم من أحداث ومواقف؛ ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد ترك لنا من التشريعات والأحكام ما نستطيع به أن نتبين منهجه فيما يستجد من أمور حتى بعد أن غاب عن حياتنا بشخصه صلى الله عليه وسلم.
من أجل ذلك نريد أن نعقد مقارنة بين تعامل الأمة الإسلامية (المتَّبعة للرسول والمحبة له) مع الملف الفلسطيني بتداعياته.. وبين تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع قضايا مشابهة واجهتها الأمة في حياته صلى الله عليه وسلم.. وسنأخذ مثلاً (غزوة تبوك) التي وقعت في العام التاسع الهجري، وكانت آخر غزوة خرج فيها صلى الله عليه وسلم.
الدارس لغزوة تبوك وما سبقها من استعداد وتحفيز عالٍ للأمة بكل طاقاتها.. يدرك دون عناء خطورة الموقف الذي كان يواجهه المسلمون حينذاك.. حينما مُسَّت كرامة الأمة من قِبَل أقوى دول الأرض (الروم)، والتي كانت تقتسم النفوذ في العالم مع دولة الفرس، فجهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ألف مقاتل (في جيش هو الأضخم على مستوى غزوات وسرايا العهد النبوي)، وحفَّز المؤمنين للجهاد بأموالهم قبل الخروج بأنفسهم؛ نظرًا لحالة العسرة الشديدة التي كانت تمر بها الأمة آنذاك.. وظهرت نماذج البذل الرفيعة في أمة الإسلام بصور غير مسبوقة...
لقد جيَّش صلى الله عليه وسلم الأمة بكامل طاقاتها للخروج إلى تبوك؛ لأن الدولة الرومانية العظمى (فى ذلك الوقت) قتلت رجلين فقط من المسلمين، وجمعت جيوشًا على أطراف الدولة الإسلامية.. أي أنها لم تدخل الدولة الإسلامية بعد..
ترى.. لو كان صلى الله عليه وسلم حيًّا بين أظهرنا، وحدثت مشكلة تبوك في وقت متزامن مع ما تمرُّ به فلسطين اليوم من محن.. ولم تكن له صلى الله عليه وسلم طاقة إلا أن يتوجه لمكان واحد.. أتراه يختار تبوكًا أم يختار فلسطين؟؟ لأننا نريد أن نخلُص من ذلك إلى نتيجة مهمة.. هي أنه إذا جيَّش الرسول صلى الله عليه وسلم كل تلك الإمكانيات لحل مشكلة تبوك، وكانت مشكلة غزة أكثر إلحاحًا وخطورة.. فإن التحرُّك لحلِّها ونصرة شعبها سيكون أوجب، وبطاقةٍ مضاعفة..
وللموازنة بين إلحاح مشكلة تبوك وإلحاح مشكلة غزة لا بد أن نعقد المقارنة التالية بين المشكلتين:
1. غزوة تبوك كانت لمقتل رسولين من المسلمين في أرض الشام، كانا في طريقهما إلى قيصر، (رجلين فقط!).. أما غزة فقد استشهد من أهلها أكثر من 1300 منهم أكثر من 40% أطفالٌ تحت (16 سنة)
2. في تبوك.. كان الجيش الروماني يتجهز لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل الجزيرة العربية بعد.. بل كان في أرض الشام، ولم تكن الشام ولا تبوك أرضًا إسلامية آنذاك.. أما فلسطين الإسلامية فيعيث فيها الجيش اليهودي القذر فسادًا.. أي أن الجيش اليهودي بالفعل في أرض إسلامية، وهو لا يحتل فقط.. بل يستبدل بأهل فلسطين أهله وأبناءه من بني إسرائيل!..
3. في تبوك.. لم يُخرَج مسلم من داره، أما في فلسطين فقد أُخرِجَ ملايين الفلسطينيين من ديارهم منذ أكثر من خمسين عامًا!! وربنا يأمرنا (وعلينا الطاعة) فيقول: "وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ".
4. تبوك كانت تهديدًا، ولم يحدث بعدُ قتال.. أما فلسطين فتعاني من حرب ضارية قائمة بالفعل.. وربنا يأمرنا.. وعلينا الطاعة، فيقول: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ".
5. تبوك لم تكن بها مقدسات إسلامية.. بل كان بها ديار الظالمين.. ديار ثمود!! أما فلسطين ففيها الأقصى.. ثالث الحرمين.. وأولى القبلتين.. ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم شتان - في اعتقادي - بين الموقفين.. لا شك أنه لو كان صلى الله عليه وسلم حيًا بين أظهرنا لاختار فلسطين على تبوك. إن كان لابد من الاختيار؛ فقضية فلسطين أشد خطورة.. وكلتا القضيتين خطيرة..
وعلى هذا القدر يجب أن تنظر الأمة كلها إلى قضية فلسطين وواجباتنا نحوها..
من كتاب "أنت وفلسطين "للدكتور راغب السرجاني بتصرف...
إذا كانت أزمة الرسوم المسيئة لرسولنا صلى الله عليه وسلم قد أظهرت عمق حب المسلمين لنبيهم العظيم.. فلا بد أن تظل الأمة حريصة على إبقاء جذوة الحب تلك مشتعلة في القلوب، ولا بد أن تستضيء بها الأمة – من بعد – في رسم طريقها في الحياة على نهج النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في كل موقف وحال.
والخطوة الأولى دائما في هذا الطريق أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ماذا لو كان حيًّا بين أظهرنا صلى الله عليه وسلم؟ ونقارن بين ما نمرُّ به من أحداث ومواقف، وما مرَّ به صلى الله عليه وسلم من أحداث ومواقف؛ ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد ترك لنا من التشريعات والأحكام ما نستطيع به أن نتبين منهجه فيما يستجد من أمور حتى بعد أن غاب عن حياتنا بشخصه صلى الله عليه وسلم.
من أجل ذلك نريد أن نعقد مقارنة بين تعامل الأمة الإسلامية (المتَّبعة للرسول والمحبة له) مع الملف الفلسطيني بتداعياته.. وبين تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع قضايا مشابهة واجهتها الأمة في حياته صلى الله عليه وسلم.. وسنأخذ مثلاً (غزوة تبوك) التي وقعت في العام التاسع الهجري، وكانت آخر غزوة خرج فيها صلى الله عليه وسلم.
الدارس لغزوة تبوك وما سبقها من استعداد وتحفيز عالٍ للأمة بكل طاقاتها.. يدرك دون عناء خطورة الموقف الذي كان يواجهه المسلمون حينذاك.. حينما مُسَّت كرامة الأمة من قِبَل أقوى دول الأرض (الروم)، والتي كانت تقتسم النفوذ في العالم مع دولة الفرس، فجهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ألف مقاتل (في جيش هو الأضخم على مستوى غزوات وسرايا العهد النبوي)، وحفَّز المؤمنين للجهاد بأموالهم قبل الخروج بأنفسهم؛ نظرًا لحالة العسرة الشديدة التي كانت تمر بها الأمة آنذاك.. وظهرت نماذج البذل الرفيعة في أمة الإسلام بصور غير مسبوقة...
لقد جيَّش صلى الله عليه وسلم الأمة بكامل طاقاتها للخروج إلى تبوك؛ لأن الدولة الرومانية العظمى (فى ذلك الوقت) قتلت رجلين فقط من المسلمين، وجمعت جيوشًا على أطراف الدولة الإسلامية.. أي أنها لم تدخل الدولة الإسلامية بعد..
ترى.. لو كان صلى الله عليه وسلم حيًّا بين أظهرنا، وحدثت مشكلة تبوك في وقت متزامن مع ما تمرُّ به فلسطين اليوم من محن.. ولم تكن له صلى الله عليه وسلم طاقة إلا أن يتوجه لمكان واحد.. أتراه يختار تبوكًا أم يختار فلسطين؟؟ لأننا نريد أن نخلُص من ذلك إلى نتيجة مهمة.. هي أنه إذا جيَّش الرسول صلى الله عليه وسلم كل تلك الإمكانيات لحل مشكلة تبوك، وكانت مشكلة غزة أكثر إلحاحًا وخطورة.. فإن التحرُّك لحلِّها ونصرة شعبها سيكون أوجب، وبطاقةٍ مضاعفة..
وللموازنة بين إلحاح مشكلة تبوك وإلحاح مشكلة غزة لا بد أن نعقد المقارنة التالية بين المشكلتين:
1. غزوة تبوك كانت لمقتل رسولين من المسلمين في أرض الشام، كانا في طريقهما إلى قيصر، (رجلين فقط!).. أما غزة فقد استشهد من أهلها أكثر من 1300 منهم أكثر من 40% أطفالٌ تحت (16 سنة)
2. في تبوك.. كان الجيش الروماني يتجهز لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل الجزيرة العربية بعد.. بل كان في أرض الشام، ولم تكن الشام ولا تبوك أرضًا إسلامية آنذاك.. أما فلسطين الإسلامية فيعيث فيها الجيش اليهودي القذر فسادًا.. أي أن الجيش اليهودي بالفعل في أرض إسلامية، وهو لا يحتل فقط.. بل يستبدل بأهل فلسطين أهله وأبناءه من بني إسرائيل!..
3. في تبوك.. لم يُخرَج مسلم من داره، أما في فلسطين فقد أُخرِجَ ملايين الفلسطينيين من ديارهم منذ أكثر من خمسين عامًا!! وربنا يأمرنا (وعلينا الطاعة) فيقول: "وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ".
4. تبوك كانت تهديدًا، ولم يحدث بعدُ قتال.. أما فلسطين فتعاني من حرب ضارية قائمة بالفعل.. وربنا يأمرنا.. وعلينا الطاعة، فيقول: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ".
5. تبوك لم تكن بها مقدسات إسلامية.. بل كان بها ديار الظالمين.. ديار ثمود!! أما فلسطين ففيها الأقصى.. ثالث الحرمين.. وأولى القبلتين.. ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم شتان - في اعتقادي - بين الموقفين.. لا شك أنه لو كان صلى الله عليه وسلم حيًا بين أظهرنا لاختار فلسطين على تبوك. إن كان لابد من الاختيار؛ فقضية فلسطين أشد خطورة.. وكلتا القضيتين خطيرة..
وعلى هذا القدر يجب أن تنظر الأمة كلها إلى قضية فلسطين وواجباتنا نحوها..
من كتاب "أنت وفلسطين "للدكتور راغب السرجاني بتصرف...