المنذر
04 Feb 2009, 10:53 AM
القذيفه الجهادية بالادلة القطعيه على كفر حكومات واحزاب القوميه الجاهليه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله معز الإسلام بنصره ، ومذل الشرك بقهره ، ومصرف الأمور بأمره ، ومستدرج الكافرين بمكره ،الذي قدر الأيام دولا بعدله ، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه
لقد تسرب العديد من أنواع الشرك بالله إلى معتقدات الكثير من المسلمين مع تتالي الأزمان حتى وصلنا إلى هذه الأزمنة التعيسة المتأخرة .
ومن ذلك ما حصل من الكثيرين من عبادة غيره من دونه، ومعصيته وإنكار أحكامه مع طاعة غيره وطاعة أحكامهم، وترك ولايته وولاية أوليائه ، ثم ولاية أعدائه من دون أوليائه .
فكل مسلم يعتقد و يعترف ويدعى الإيمان بأن الله هو الخالق ، وأنه هو الرزاق ، وأنه هو المحيي ، وأنه هو المميت ، وأنه الضار النافع ، وأنه الخافض الرافع ، وأنه الحكم العدل .. ، إلى آخر أسماء الله وصفاته. ولكن كثيرا من المسلمين في واقعهم يتوجهون في جلب النفع ودفع الضر وطلب الرزق ، والخوف والرجاء، والتحاكم والتشريع ، والتحليل والتحريم .. على غير ما أمر الله به ، إلى البشر من أمثالهم . وخاصة من الحكام والكبراء ، والأحبار والرهبان والعلماء والمشايخ، ومن يعتقدون فيهم من الرجال!
وهذه هي حقيقة العبادة وحقيقة الطاعة ، التي تنقض زعمهم الإيمان بالرب الخالق كما يدعون . الرب الذي لا يتم الإيمان به إلا بملازمة عبادته إلها ، وطاعته وحده لا شريك له في أحكامه ، تماما كما يجب الإيمان به ربا خالقا رازقا ...
إن من أ عظم وجوه عبادة الله وطاعته ، التزام أحكامه وأوامره ونواهيه وشرائعه وهذا بديهي ... فهل ثمة تكذيب أكبر من أن يدعي رجل الإيمان بالله ، ثم ينكر تشريعاته و يتنقصها ! ويدعي عدم صلاحيتها للعصر !
وأنها سبب تخلف المسلمين !! ويقدم غيرها من شرائع البشر عليها عمليا ! ويحكم الناس بها ويقهرهم على قوانينها بالقوة!
إن هذه الطاعة لا يتقبلها أحدهم من زوجته، ولا ولده، ولا خادمه ولله المثل الأعلى فهل يقبل رب البيت من زوجته ادعاء حبه وهي تطيع غيره وتنفذ أوامر غيره في بيته؟ ! وهل يقبل من ولده ادعاء طاعته ثم يطيع جاره و يعصيه ؟ وهل يقبل من خادمه وعامله الذي يأكل من رزقه ، أن يدعي سيادته ، ثم يتحرك وفق توجيهات غيره ! فهم لا يقبلون ذلك على أنفسهم ولله المثل الأعلى . ولهذا جاءهم الخطاب أفلا تتقون ؟! أفلا تذكرون ؟! فهذا ادعاء باطل وعمل منكر.
إن كون الحاكمية لله وحده . وأن التشريع من ه وحده . وأن الطاعة له وحده ، وأن الحلال ما أحله الله ، وأن الحرام ما حرمه ، وأن ما أمر به نافذ ، وأن ما نهى عنه يترك . هي أمور من صميم توحيد الألوهية وعبادة الله وحده . وقد أثبت القرآن هذا ، وأثبت الكفر لمنكره . كما أثبتته السنة واستقر عليه إجماع هذه الأمة ، وسادة
علمائها وفقهائها عبر الأزمان والعصور . ولا يكون الدين كله لله في الحقيقة إلا هكذا ، والآيات متواترة على هذه المعاني متعاضدة . ومن ذلك قوله تعالى
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
(٥٠- المائدة ٤٩ )
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره :[ ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ). أي فاحكم يا محمد ، بين الناس عربهم ، وعجمهم ، وأميهم، وكتابيهم، بما أنزل الله إليك في هذا الكتاب العظيم ] ثم قال :
[ ( ولا تتبع أهواءهم ): أي آراءهم التي اصطلحوا عليها وتركوا بسببها ما أنزل الله على رسله . ولهذا قال تعالى : ( ولا تتبع أهواءهم ). أي لا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به بأهواء هؤلاء الجهلة الأشقياء ].
ثم قال وانتبه إلى هذا الأثر العظيم الهام قال ابن كثير رحمه الله : [ وقوله تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم ، المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء ، والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله . كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات و الجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم بها التتار من السياسات الملكية المأخوذة من ملكهم (جنكيز خان) الذي وضع لهم (الياسق) وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية
والنصرانية والملة الإسلامية و غيرها. ومنها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه ، فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم بسواه في قليل ولا كثير . قال تعالى أفحكم الجاهلية يبغون ) أي يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يعدلون؟ وقوله تعالى ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شئ القادر على كل شئ . العادل في كل شئ ] اه.
ومما قاله ابن كثير عن (الياسق) في تاريخه (البداية والنهاية )، قال:[ ثم ذكر الجويني نتفا من (الياسا )،
من ذلك : أنه منه زنى قتل ، محصنا كان أو غير محصن ، وكذلك من لاط. قتل ومن تعمد الكذب قتل ، ومن تجسس قتل ، ومن بال في الماء الواقف قتل ، ومن انغمس فيه قتل (...) وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء ، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر . فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه. من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ] اه.
قلت:
و(الياسا): هو دستور ومجموعة قوانين ، وضعها جنكيز خان ، (الملك التتري ) لما اجتاح المشرق ، ورأى تعدد الأديان والفلسفات، فوضع بمشاورة المشرعين عنده هذا الدستور، مما استحسنوه بعقولهم ومن وحي تجاربهم، وخلطوها بأحكام من الإسلام و النصرانية وأديانهم الوثنية. وهو نفس الفعل الذي يقوم به اليوم حكام المسلمين بمساعدة مشرعيهم وبرلماناتهم ، حيث بنوها أساسا على القوانين الفرنسية والإنجليزية ، ذات الأصل الروماني ، وخلطوا فيها شيئا من الشريعة الإسلامية ، وما أملته عليهم أهو اؤهم ! ثم كتبوا في أعلاها كما في بعض البلاد الإسلامية الشريعة الإسلامية هي المصدر
الأساسي للتشريع والتقنيين!!) وفي بعض البلاد بخلوا حتى بهذه العبارة الشركية الكاذبة.
فإذا كان ابن كثير قد نقل إجماع المسلمين على كفر من حكم بالياسا أو سواه من جهالات البشر ، فكيف بمن حكم بهذه الشرائع الوضعية في المسلمين وأجبرهم عليها بقوة وقهر السلاح!!
ويكفي لكل من أراد أن يطلع على حجم الكفر والفسق والظلم ، وتبديل الشرائع ، واتخاذ آيات الله هزوا ، أن يطلع على نسخة من دستور بلاده ، والقوانين المعمول بها في المحاكم ، والمراسيم التشريع ية التي تصدر عن حكومة بلاده كل يوم . وهذه هي الحالة في باكستان وكافة بلاد المسلمين . تماما كما أخبر صلى الله عليه
وسلم فيما روى عنه الأمام أحمد لينقضن عرى الإسلام عروة فكلما انتقضت عروة عروة تشبث الناس بالتي تليها . وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة ). فلا شك أن من حكّم هذه القوانين كافر يجب قتاله بإجماع المسلمين.
وفي قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا( النساء: ٦٠ )
يقول ابن كثير رحمه الله
[ هذا إنكار من الله عز وجل ، على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين . وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ] ثم قال :[ فانها-أي الآية – ذامة لكل من عدلوا عن الكتاب والسنة وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد هنا بالطاغوت . ولهذا قال (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت )] أي كما قال في نفس سورة النساء بعد بضع آيات في قوله
تعالى [ فلا ورب ك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ]: [ أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة . كما ورد في الحديث والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)]اه.
وفي قوله تعالى من سورة الأحزاب الآية ٣٦ : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا .
قال ابن كثير رحمه الله : [ فهذه الآية عامة في جميع الأمور. وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هنا ولا رأي ولا قول (.....) ولهذا شَدد في خلاف ذلك فقال :[ ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ] وكقوله تعالى [ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم] اه.
قال الإمام أبو بكر الجصاص في تفسير قوله تعالى ·الآية السابقة : ... فلا وربك لا يؤمنون
( وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئا من أوا مر الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه
وسلم، فهو خارج من ملة الإسلام ، سواء رده من جهة الشك فيه ، أو من جهة ترك القبول والانقياد و الامتناع عن التسليم . وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد من امتنع عن أداء الزكاة) أحكام القرآن ج ٢ ص ٢١٢.
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى :إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون · النور ٥١
قال:[ فبين سبحانه أن من تولى عن طاعة الرسول وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن . وأن المؤمن هو الذي يقو ل سمعنا وأطعنا . فإذا كان النفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره مع أن هذا ترك محض ، وقد يكون سببه قوة ( الشهوة فكيف بالتنقص ونحوه ] اه. (الصارم المسلول، ص ٣٨) .
كذلك نقل شيخ الإسلام اتفاق الفقهاء فقال: (والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو ·
حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء) الفتاوى ج ٣ ص ٢٦٧.
وقال رحمه الله في الفتاوى ج ٣٥ ص ٤٠٦ : (ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله وهو يعلم ذلك فهو من جنس التتار الذين يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله).
ويقول أيضا في منهاج السنة ج ٣ ص ٢٢ : ( فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه عدلا من غير إتباع لما أنزل الله فهو كافر).
وفي الفتاوى الكبرى ج ٤ ص ٥١٥ : (ومعلوم بالإضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ إتباع غير دين الإسلام أو إتباع غير شريعة محمد صلى الله عليهوسلم فهو كافر).
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله : عند قوله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأويِلا ·
النساء: من الآية ٥٩ ) قال: [ وهذا دليل قاطع على أنه يجب ) رد موارد النزاع في كل ما تنازع فيه الناس ، من الدين كله، إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. لا إلى أحد غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن أحال الرد إلى غيرهما ، فقد ضاد أمر الله ، ومن دعا عند النزاع إلى حكم غير الله ورسوله ، فقد دعا بدعوى الجاهلية، فلا يدخل العبد في الإيمان حتى يرد كل ما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسوله ، ولهذا قال تعالى :إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وهذا مما ذكر آنفا ، أنه شرط ينفي المشروط بانتفائه، فدل على أن من حكّم غير الله ورسوله في موارد النزاع كان خارجا عن مقتضى الإيمان بالله واليوم الآخر .وحسبك بهذه الآ ية العاصمة القاصمة بيانا وشفاء فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها، عاصمة للمستمسكين بها، المتمثلين ما أمرت به] (الرسالة التبوكية).
وفي نفس هذه الآية قال ابن كثير رحمه الله :[ فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولم يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر] اه (تفسير ابن كثير).
ويقول ابن القيم رحمه الله : ( ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد ·
حكم الطاغوت وتحا كم إليه .والطاغوت كل ما يتجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو
مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو
. يتبعونه على غير بصيرة من الله). إعلام الموقعين ج ١ ص ٥
وقال رحمه الله في مدارج السالكين ١ص ٣٣٧ : ( إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب وأنه مخير فيه مع تيقنه حكم الله فهذا كفر أكبر).
يقول القاضي أبو يعلي في أصول الدين ص ٢٧١ : ( ومن اعتقد تحليل ما حرم الله بالنص الصريح، أو من رسوله أو أجمع المسلمون على تحريمه ، فهو كافر ،كمن أباح شرب الخمر ومنع الصلاة والصيام والزكاة. وكذلك من اعتقد تحريم شئ حلله الله أباحه بالنص الصريح أو أباحه الله عز وجل . والوجه فيه أن في ذلك تكذيب لله تعالى ولرسوله في خبره ، وتكذيب للمسلمين في خبرهم. ومن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ).
قال الإمام القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ·
(التوبة : ١٢ ) قال: ( استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل من طعن في الدين إذ هو كافر ، والطعن أن ينسب إليه ما لا يليق به ، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه ) ج ٨ ص ٨٢
فانظروا اليوم في خطابات وتصريحات هؤلاء الرؤساء وأعوانهم ، وما فيها من طعن بالدين واستخفاف بشعائره.
وقال رحمه الله : ( إن حكم بما عن ده على من أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر) ج ٦ . ص ١٩١
وقال إن طلب غير حكم الله من حيث لم يرض به فهو كافر ) تفسير القرطبي. ·
ونكتفي بهذه الآثار. والشواهد كثيرة جدا، من أقوال الأئمة والعلماء ونصوص الكتاب والسنة.
وقد تكلم في هذه المسألة جمع من علماء المسلمين المعاصرين الذين عاشوا واقع كفر حكامنا في هذا العصر، وبينوا أن ما يصدر عنهم من تشريع وتبديل لشرع الله وحكم بغير ما أنزل الله هو كفر أكبر . وننقل هاهنا طائفة من أقوالهم:
قال الشيخ محمود الآلوسي في تفسيره : ( لا شك في كفر من يست حسن القانون ويفضله على الشرع، ويقول هو أوفق بالحكمة ، وأصلح للأمة ، ويتميز غيظاً ويتعصب غضبا إذا قيل له في أمر الشرع فيه كذا . كما شهدنا ذلك في بعض من خذلهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم . فلا ينبغي التوقف في تكفير من يستحسن ما هو بين المخالفة للشرع منها ، ويقدمه على الأحكام
.[ الشرعية منتقصا للحق ) [ روح المعاني ج ٢٨ ص ٢٠
وقال الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله ومن لم يحكم بما أنزل الله معارضة للرسل وإبطالا لأحكام الله فظلمه وفسقه وكفره كله مخرج من الملة ) أضواء البيان ج ٢ص ١٠٤
وقال في تعليقه على حديث عدي بن حاتم وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألم يحرموا عليكم ما أحل الله ويحلوا لكم ما حرم الله فتبعتموهم ؟ قال بلى ، قال فتلك عبادتهم ). قال رحمه الله وهذا التفسير النبوي :أن كل من يتبع مشرعا بما أحل وحرم مخا لفا لتشريع الله أنه عابد له، متخذه ربا ،مشرك به كافر بالله . هو تفسير صحيح لا شك في صحته، واعلموا أيها الأخوان أن الإشراك بالله في حكمه ، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد ولا فرق بينهما البتة،
فالذي يتبع نظاما غير نظام الله ، وتشريعا غير تشريع الله ، وقانونا مخالفا لشرع الله ، من صنع البشر . معرضا عن نور السماء الذي أنزله الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
من كان يفعل هذا هو ومن كان يعبد الصنم ويسجد للوثن ، لا فرق بينهم البتة بوجه من
الوجوه فهما واحد كلاهما مشرك بالله هذا أشرك في عبادته وهذا أشرك في حكمه) أضواء البيان.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله معز الإسلام بنصره ، ومذل الشرك بقهره ، ومصرف الأمور بأمره ، ومستدرج الكافرين بمكره ،الذي قدر الأيام دولا بعدله ، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه
لقد تسرب العديد من أنواع الشرك بالله إلى معتقدات الكثير من المسلمين مع تتالي الأزمان حتى وصلنا إلى هذه الأزمنة التعيسة المتأخرة .
ومن ذلك ما حصل من الكثيرين من عبادة غيره من دونه، ومعصيته وإنكار أحكامه مع طاعة غيره وطاعة أحكامهم، وترك ولايته وولاية أوليائه ، ثم ولاية أعدائه من دون أوليائه .
فكل مسلم يعتقد و يعترف ويدعى الإيمان بأن الله هو الخالق ، وأنه هو الرزاق ، وأنه هو المحيي ، وأنه هو المميت ، وأنه الضار النافع ، وأنه الخافض الرافع ، وأنه الحكم العدل .. ، إلى آخر أسماء الله وصفاته. ولكن كثيرا من المسلمين في واقعهم يتوجهون في جلب النفع ودفع الضر وطلب الرزق ، والخوف والرجاء، والتحاكم والتشريع ، والتحليل والتحريم .. على غير ما أمر الله به ، إلى البشر من أمثالهم . وخاصة من الحكام والكبراء ، والأحبار والرهبان والعلماء والمشايخ، ومن يعتقدون فيهم من الرجال!
وهذه هي حقيقة العبادة وحقيقة الطاعة ، التي تنقض زعمهم الإيمان بالرب الخالق كما يدعون . الرب الذي لا يتم الإيمان به إلا بملازمة عبادته إلها ، وطاعته وحده لا شريك له في أحكامه ، تماما كما يجب الإيمان به ربا خالقا رازقا ...
إن من أ عظم وجوه عبادة الله وطاعته ، التزام أحكامه وأوامره ونواهيه وشرائعه وهذا بديهي ... فهل ثمة تكذيب أكبر من أن يدعي رجل الإيمان بالله ، ثم ينكر تشريعاته و يتنقصها ! ويدعي عدم صلاحيتها للعصر !
وأنها سبب تخلف المسلمين !! ويقدم غيرها من شرائع البشر عليها عمليا ! ويحكم الناس بها ويقهرهم على قوانينها بالقوة!
إن هذه الطاعة لا يتقبلها أحدهم من زوجته، ولا ولده، ولا خادمه ولله المثل الأعلى فهل يقبل رب البيت من زوجته ادعاء حبه وهي تطيع غيره وتنفذ أوامر غيره في بيته؟ ! وهل يقبل من ولده ادعاء طاعته ثم يطيع جاره و يعصيه ؟ وهل يقبل من خادمه وعامله الذي يأكل من رزقه ، أن يدعي سيادته ، ثم يتحرك وفق توجيهات غيره ! فهم لا يقبلون ذلك على أنفسهم ولله المثل الأعلى . ولهذا جاءهم الخطاب أفلا تتقون ؟! أفلا تذكرون ؟! فهذا ادعاء باطل وعمل منكر.
إن كون الحاكمية لله وحده . وأن التشريع من ه وحده . وأن الطاعة له وحده ، وأن الحلال ما أحله الله ، وأن الحرام ما حرمه ، وأن ما أمر به نافذ ، وأن ما نهى عنه يترك . هي أمور من صميم توحيد الألوهية وعبادة الله وحده . وقد أثبت القرآن هذا ، وأثبت الكفر لمنكره . كما أثبتته السنة واستقر عليه إجماع هذه الأمة ، وسادة
علمائها وفقهائها عبر الأزمان والعصور . ولا يكون الدين كله لله في الحقيقة إلا هكذا ، والآيات متواترة على هذه المعاني متعاضدة . ومن ذلك قوله تعالى
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
(٥٠- المائدة ٤٩ )
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره :[ ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ). أي فاحكم يا محمد ، بين الناس عربهم ، وعجمهم ، وأميهم، وكتابيهم، بما أنزل الله إليك في هذا الكتاب العظيم ] ثم قال :
[ ( ولا تتبع أهواءهم ): أي آراءهم التي اصطلحوا عليها وتركوا بسببها ما أنزل الله على رسله . ولهذا قال تعالى : ( ولا تتبع أهواءهم ). أي لا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به بأهواء هؤلاء الجهلة الأشقياء ].
ثم قال وانتبه إلى هذا الأثر العظيم الهام قال ابن كثير رحمه الله : [ وقوله تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم ، المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء ، والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله . كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات و الجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم بها التتار من السياسات الملكية المأخوذة من ملكهم (جنكيز خان) الذي وضع لهم (الياسق) وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية
والنصرانية والملة الإسلامية و غيرها. ومنها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه ، فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم بسواه في قليل ولا كثير . قال تعالى أفحكم الجاهلية يبغون ) أي يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يعدلون؟ وقوله تعالى ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شئ القادر على كل شئ . العادل في كل شئ ] اه.
ومما قاله ابن كثير عن (الياسق) في تاريخه (البداية والنهاية )، قال:[ ثم ذكر الجويني نتفا من (الياسا )،
من ذلك : أنه منه زنى قتل ، محصنا كان أو غير محصن ، وكذلك من لاط. قتل ومن تعمد الكذب قتل ، ومن تجسس قتل ، ومن بال في الماء الواقف قتل ، ومن انغمس فيه قتل (...) وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء ، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر . فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه. من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ] اه.
قلت:
و(الياسا): هو دستور ومجموعة قوانين ، وضعها جنكيز خان ، (الملك التتري ) لما اجتاح المشرق ، ورأى تعدد الأديان والفلسفات، فوضع بمشاورة المشرعين عنده هذا الدستور، مما استحسنوه بعقولهم ومن وحي تجاربهم، وخلطوها بأحكام من الإسلام و النصرانية وأديانهم الوثنية. وهو نفس الفعل الذي يقوم به اليوم حكام المسلمين بمساعدة مشرعيهم وبرلماناتهم ، حيث بنوها أساسا على القوانين الفرنسية والإنجليزية ، ذات الأصل الروماني ، وخلطوا فيها شيئا من الشريعة الإسلامية ، وما أملته عليهم أهو اؤهم ! ثم كتبوا في أعلاها كما في بعض البلاد الإسلامية الشريعة الإسلامية هي المصدر
الأساسي للتشريع والتقنيين!!) وفي بعض البلاد بخلوا حتى بهذه العبارة الشركية الكاذبة.
فإذا كان ابن كثير قد نقل إجماع المسلمين على كفر من حكم بالياسا أو سواه من جهالات البشر ، فكيف بمن حكم بهذه الشرائع الوضعية في المسلمين وأجبرهم عليها بقوة وقهر السلاح!!
ويكفي لكل من أراد أن يطلع على حجم الكفر والفسق والظلم ، وتبديل الشرائع ، واتخاذ آيات الله هزوا ، أن يطلع على نسخة من دستور بلاده ، والقوانين المعمول بها في المحاكم ، والمراسيم التشريع ية التي تصدر عن حكومة بلاده كل يوم . وهذه هي الحالة في باكستان وكافة بلاد المسلمين . تماما كما أخبر صلى الله عليه
وسلم فيما روى عنه الأمام أحمد لينقضن عرى الإسلام عروة فكلما انتقضت عروة عروة تشبث الناس بالتي تليها . وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة ). فلا شك أن من حكّم هذه القوانين كافر يجب قتاله بإجماع المسلمين.
وفي قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا( النساء: ٦٠ )
يقول ابن كثير رحمه الله
[ هذا إنكار من الله عز وجل ، على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين . وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ] ثم قال :[ فانها-أي الآية – ذامة لكل من عدلوا عن الكتاب والسنة وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد هنا بالطاغوت . ولهذا قال (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت )] أي كما قال في نفس سورة النساء بعد بضع آيات في قوله
تعالى [ فلا ورب ك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ]: [ أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة . كما ورد في الحديث والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)]اه.
وفي قوله تعالى من سورة الأحزاب الآية ٣٦ : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا .
قال ابن كثير رحمه الله : [ فهذه الآية عامة في جميع الأمور. وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هنا ولا رأي ولا قول (.....) ولهذا شَدد في خلاف ذلك فقال :[ ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ] وكقوله تعالى [ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم] اه.
قال الإمام أبو بكر الجصاص في تفسير قوله تعالى ·الآية السابقة : ... فلا وربك لا يؤمنون
( وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئا من أوا مر الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه
وسلم، فهو خارج من ملة الإسلام ، سواء رده من جهة الشك فيه ، أو من جهة ترك القبول والانقياد و الامتناع عن التسليم . وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد من امتنع عن أداء الزكاة) أحكام القرآن ج ٢ ص ٢١٢.
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى :إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون · النور ٥١
قال:[ فبين سبحانه أن من تولى عن طاعة الرسول وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن . وأن المؤمن هو الذي يقو ل سمعنا وأطعنا . فإذا كان النفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره مع أن هذا ترك محض ، وقد يكون سببه قوة ( الشهوة فكيف بالتنقص ونحوه ] اه. (الصارم المسلول، ص ٣٨) .
كذلك نقل شيخ الإسلام اتفاق الفقهاء فقال: (والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو ·
حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء) الفتاوى ج ٣ ص ٢٦٧.
وقال رحمه الله في الفتاوى ج ٣٥ ص ٤٠٦ : (ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله وهو يعلم ذلك فهو من جنس التتار الذين يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله).
ويقول أيضا في منهاج السنة ج ٣ ص ٢٢ : ( فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه عدلا من غير إتباع لما أنزل الله فهو كافر).
وفي الفتاوى الكبرى ج ٤ ص ٥١٥ : (ومعلوم بالإضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ إتباع غير دين الإسلام أو إتباع غير شريعة محمد صلى الله عليهوسلم فهو كافر).
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله : عند قوله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأويِلا ·
النساء: من الآية ٥٩ ) قال: [ وهذا دليل قاطع على أنه يجب ) رد موارد النزاع في كل ما تنازع فيه الناس ، من الدين كله، إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. لا إلى أحد غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن أحال الرد إلى غيرهما ، فقد ضاد أمر الله ، ومن دعا عند النزاع إلى حكم غير الله ورسوله ، فقد دعا بدعوى الجاهلية، فلا يدخل العبد في الإيمان حتى يرد كل ما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسوله ، ولهذا قال تعالى :إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وهذا مما ذكر آنفا ، أنه شرط ينفي المشروط بانتفائه، فدل على أن من حكّم غير الله ورسوله في موارد النزاع كان خارجا عن مقتضى الإيمان بالله واليوم الآخر .وحسبك بهذه الآ ية العاصمة القاصمة بيانا وشفاء فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها، عاصمة للمستمسكين بها، المتمثلين ما أمرت به] (الرسالة التبوكية).
وفي نفس هذه الآية قال ابن كثير رحمه الله :[ فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولم يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر] اه (تفسير ابن كثير).
ويقول ابن القيم رحمه الله : ( ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد ·
حكم الطاغوت وتحا كم إليه .والطاغوت كل ما يتجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو
مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو
. يتبعونه على غير بصيرة من الله). إعلام الموقعين ج ١ ص ٥
وقال رحمه الله في مدارج السالكين ١ص ٣٣٧ : ( إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب وأنه مخير فيه مع تيقنه حكم الله فهذا كفر أكبر).
يقول القاضي أبو يعلي في أصول الدين ص ٢٧١ : ( ومن اعتقد تحليل ما حرم الله بالنص الصريح، أو من رسوله أو أجمع المسلمون على تحريمه ، فهو كافر ،كمن أباح شرب الخمر ومنع الصلاة والصيام والزكاة. وكذلك من اعتقد تحريم شئ حلله الله أباحه بالنص الصريح أو أباحه الله عز وجل . والوجه فيه أن في ذلك تكذيب لله تعالى ولرسوله في خبره ، وتكذيب للمسلمين في خبرهم. ومن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ).
قال الإمام القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ·
(التوبة : ١٢ ) قال: ( استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل من طعن في الدين إذ هو كافر ، والطعن أن ينسب إليه ما لا يليق به ، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه ) ج ٨ ص ٨٢
فانظروا اليوم في خطابات وتصريحات هؤلاء الرؤساء وأعوانهم ، وما فيها من طعن بالدين واستخفاف بشعائره.
وقال رحمه الله : ( إن حكم بما عن ده على من أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر) ج ٦ . ص ١٩١
وقال إن طلب غير حكم الله من حيث لم يرض به فهو كافر ) تفسير القرطبي. ·
ونكتفي بهذه الآثار. والشواهد كثيرة جدا، من أقوال الأئمة والعلماء ونصوص الكتاب والسنة.
وقد تكلم في هذه المسألة جمع من علماء المسلمين المعاصرين الذين عاشوا واقع كفر حكامنا في هذا العصر، وبينوا أن ما يصدر عنهم من تشريع وتبديل لشرع الله وحكم بغير ما أنزل الله هو كفر أكبر . وننقل هاهنا طائفة من أقوالهم:
قال الشيخ محمود الآلوسي في تفسيره : ( لا شك في كفر من يست حسن القانون ويفضله على الشرع، ويقول هو أوفق بالحكمة ، وأصلح للأمة ، ويتميز غيظاً ويتعصب غضبا إذا قيل له في أمر الشرع فيه كذا . كما شهدنا ذلك في بعض من خذلهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم . فلا ينبغي التوقف في تكفير من يستحسن ما هو بين المخالفة للشرع منها ، ويقدمه على الأحكام
.[ الشرعية منتقصا للحق ) [ روح المعاني ج ٢٨ ص ٢٠
وقال الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله ومن لم يحكم بما أنزل الله معارضة للرسل وإبطالا لأحكام الله فظلمه وفسقه وكفره كله مخرج من الملة ) أضواء البيان ج ٢ص ١٠٤
وقال في تعليقه على حديث عدي بن حاتم وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألم يحرموا عليكم ما أحل الله ويحلوا لكم ما حرم الله فتبعتموهم ؟ قال بلى ، قال فتلك عبادتهم ). قال رحمه الله وهذا التفسير النبوي :أن كل من يتبع مشرعا بما أحل وحرم مخا لفا لتشريع الله أنه عابد له، متخذه ربا ،مشرك به كافر بالله . هو تفسير صحيح لا شك في صحته، واعلموا أيها الأخوان أن الإشراك بالله في حكمه ، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد ولا فرق بينهما البتة،
فالذي يتبع نظاما غير نظام الله ، وتشريعا غير تشريع الله ، وقانونا مخالفا لشرع الله ، من صنع البشر . معرضا عن نور السماء الذي أنزله الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
من كان يفعل هذا هو ومن كان يعبد الصنم ويسجد للوثن ، لا فرق بينهم البتة بوجه من
الوجوه فهما واحد كلاهما مشرك بالله هذا أشرك في عبادته وهذا أشرك في حكمه) أضواء البيان.