العزة للاسلام
11 Mar 2009, 02:02 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقك الله -
قصيدة في مطلعها يقول شاعرها :
ارفع راسك إنت سعودي = طيـبك جاوز كل حدودي
ما لك مثيل(ن) بالدنــيا = غيرك ينقص و إنت تزودي
فما حُـكم قول الشاعِـر :
( ارفع راسك إنت سعودي ) و قوله ( غيرك ينقص و إنت تزودي )
و هل هذه الألفاظ فيها تفاخُـر تعصّـب جاهلي و احتقار مِـن شأن الآخرين ؟؟
أحسن الله إيكم فضيلة الشيخ و نفع الله بكم و بعلمكم و لا حرمكم الله الأجر .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
أخبر الله عن حِكمته في جعل الناس شُعوبا وقبائل ، فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
وسبق هذا المعنى :
(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3454 (http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3454)
ونَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفَخر والتفاخر ، فقد قام خطيبا ثم قال : إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ . رواه مسلم .
وقيمة كل إنسان ما يُحسِن ، لا أن ينتمي إلى بلد ولا إلى قبيلة ، ولا أن يفخر على غيره !
حُكي أن رجلاً تكلَّم بين يدي المأمون فأحسن ، فقال : ابن من أنت ؟ قال : ابن الأدب يا أمير المؤمنين ! قال : نعم الـنَّسَب انْتَسَبْتَ إليه .
قال الأبشيهي : ولهذا قيل : المرء من حيث يَثبت لا من حيث يَنْبُ ت، ومِن يُوجد لا مِن يُولَد .
قال الشاعر:
كن ابن من شئت واكتسب ... أدبًا يُغنيك مَحموده عن الـنَّسبِ
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي
ولو كان ما افتَخَر به الشاعر حقيقة ، فهل هو مِن كَدِّه وكدّ أبيه ، أو هو من توفيق الله ؟
وهل هذه الـنِّعَم التي يتقلّب بها من كسبِه ؟ أو هي محض مِـنّة من الله ؟
وهل هي عطاء بِرضاء أو هي استدراج ؟
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الله يُعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحبّ فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) . رواه الإمام أحمد .
فعلى الإنسان أن لا يَفرَح بِما أتاه الله ، ولا يبغي الفساد في الأرض ، ولا يفخر على الناس بِما أنعم الله به عليه ، فإن الله قادر على أن يسلبه النعمة ويهبها لِغيره .
والدنيا دُول .. (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) .
على أنّ الاعتزاز بِالإسلام ..
قال عمر رضي الله عنه : كُنَّا أذَلّ قَوم ، فأعَزَّنَا الله بالإسْلام ، فَمهما نَطْلُب العِزّ بِغَير مَا أعَزَّنا الله به أذَلَّنا الله .وقال : إنا قَوم أعَزَّنا الله بالإسْلام فلن نَبْتَغِي العِزّ بِغَيره .
والفخر كل الفخر بِتقوى الله ، والشَّرَف بِالعلم الذي يكتسبه الإنسان .
لما ابتنى معاوية بالأبطَح مجلسا جلس عليه ومعه ابنه قُرَظَة ، فإذا هو بجماعة على رحال لهم ، وإذا شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى :
من يساجلني يساجل ما جداً *** يملأ الدلو إلى عقد الكُرب
قال : من هذا ؟
قالوا : عبد الله بن جعفر .
قال : خلُّوا له الطريق .
ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يتغنى :
بينما يذكرنني أبصرنني *** عند قِيد الميل يسعى بي الأغر
قلن تعرفن الفتى ؟ قلن : نعم *** قد عرفناه وهل يخفى القمر ؟
قال : من هذا ؟
قالوا : عمر بن أبي ربيعة .
قال : خلُّوا له الطريق فليذهب .
قال : ثم إذا هو بجماعة وإذا فيهم رجل يُسأل ، فيقال له : رميت قبل أن أحلق ؟ وحلقت قبل أن أرمي ؟ في أشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج ، فقال : من هذا ؟
قالوا : عبد الله بنُ عمر ، فالتَفَتَ إلى ابنه قُرَظَة وقال : هذا الشرف . هذا والله شرف الدنيا والآخرة .
قال جعفر بن محمد : مَن أخْرَجَه الله مِن ذُلّ الْمَعْصِية إلى عِزّ التَّقْوى أغْنَاه الله بِلا مَال ، وأعَزّه بلا عَشِيرَة ، وآنَسَه بلا أنِيس .
وقال يحيى بن أبي كَثير : كَان يُقَال : مَا أكْرَم العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل طَاعَة الله ، ولا أهَانَ العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل مَعْصِيَة الله .
وقال الحسن البصري : أبَى الله عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ أن يُذِلّ مَن عَصَاه .
وقال في أهْل الْمَعَاصِي : هَانُوا عليه فَعَصَوه ، ولو عَزُّوا عليه لَعَصَمَهم .
وعلى الإنسان أن لا يفتخر ولا يعتزّ إلاَّ بالباقي ، وليس بالفاني ؛ لأن من اعتَزّ بِغير الله ذلّ .
فالدُّوَل تَزول ، والأنساب تتلاشى في الآخرة ، والأموال تذهب ، والدِّين باقٍ .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=11723
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقك الله -
قصيدة في مطلعها يقول شاعرها :
ارفع راسك إنت سعودي = طيـبك جاوز كل حدودي
ما لك مثيل(ن) بالدنــيا = غيرك ينقص و إنت تزودي
فما حُـكم قول الشاعِـر :
( ارفع راسك إنت سعودي ) و قوله ( غيرك ينقص و إنت تزودي )
و هل هذه الألفاظ فيها تفاخُـر تعصّـب جاهلي و احتقار مِـن شأن الآخرين ؟؟
أحسن الله إيكم فضيلة الشيخ و نفع الله بكم و بعلمكم و لا حرمكم الله الأجر .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
أخبر الله عن حِكمته في جعل الناس شُعوبا وقبائل ، فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
وسبق هذا المعنى :
(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3454 (http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3454)
ونَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفَخر والتفاخر ، فقد قام خطيبا ثم قال : إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ . رواه مسلم .
وقيمة كل إنسان ما يُحسِن ، لا أن ينتمي إلى بلد ولا إلى قبيلة ، ولا أن يفخر على غيره !
حُكي أن رجلاً تكلَّم بين يدي المأمون فأحسن ، فقال : ابن من أنت ؟ قال : ابن الأدب يا أمير المؤمنين ! قال : نعم الـنَّسَب انْتَسَبْتَ إليه .
قال الأبشيهي : ولهذا قيل : المرء من حيث يَثبت لا من حيث يَنْبُ ت، ومِن يُوجد لا مِن يُولَد .
قال الشاعر:
كن ابن من شئت واكتسب ... أدبًا يُغنيك مَحموده عن الـنَّسبِ
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي
ولو كان ما افتَخَر به الشاعر حقيقة ، فهل هو مِن كَدِّه وكدّ أبيه ، أو هو من توفيق الله ؟
وهل هذه الـنِّعَم التي يتقلّب بها من كسبِه ؟ أو هي محض مِـنّة من الله ؟
وهل هي عطاء بِرضاء أو هي استدراج ؟
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الله يُعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحبّ فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) . رواه الإمام أحمد .
فعلى الإنسان أن لا يَفرَح بِما أتاه الله ، ولا يبغي الفساد في الأرض ، ولا يفخر على الناس بِما أنعم الله به عليه ، فإن الله قادر على أن يسلبه النعمة ويهبها لِغيره .
والدنيا دُول .. (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) .
على أنّ الاعتزاز بِالإسلام ..
قال عمر رضي الله عنه : كُنَّا أذَلّ قَوم ، فأعَزَّنَا الله بالإسْلام ، فَمهما نَطْلُب العِزّ بِغَير مَا أعَزَّنا الله به أذَلَّنا الله .وقال : إنا قَوم أعَزَّنا الله بالإسْلام فلن نَبْتَغِي العِزّ بِغَيره .
والفخر كل الفخر بِتقوى الله ، والشَّرَف بِالعلم الذي يكتسبه الإنسان .
لما ابتنى معاوية بالأبطَح مجلسا جلس عليه ومعه ابنه قُرَظَة ، فإذا هو بجماعة على رحال لهم ، وإذا شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى :
من يساجلني يساجل ما جداً *** يملأ الدلو إلى عقد الكُرب
قال : من هذا ؟
قالوا : عبد الله بن جعفر .
قال : خلُّوا له الطريق .
ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يتغنى :
بينما يذكرنني أبصرنني *** عند قِيد الميل يسعى بي الأغر
قلن تعرفن الفتى ؟ قلن : نعم *** قد عرفناه وهل يخفى القمر ؟
قال : من هذا ؟
قالوا : عمر بن أبي ربيعة .
قال : خلُّوا له الطريق فليذهب .
قال : ثم إذا هو بجماعة وإذا فيهم رجل يُسأل ، فيقال له : رميت قبل أن أحلق ؟ وحلقت قبل أن أرمي ؟ في أشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج ، فقال : من هذا ؟
قالوا : عبد الله بنُ عمر ، فالتَفَتَ إلى ابنه قُرَظَة وقال : هذا الشرف . هذا والله شرف الدنيا والآخرة .
قال جعفر بن محمد : مَن أخْرَجَه الله مِن ذُلّ الْمَعْصِية إلى عِزّ التَّقْوى أغْنَاه الله بِلا مَال ، وأعَزّه بلا عَشِيرَة ، وآنَسَه بلا أنِيس .
وقال يحيى بن أبي كَثير : كَان يُقَال : مَا أكْرَم العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل طَاعَة الله ، ولا أهَانَ العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل مَعْصِيَة الله .
وقال الحسن البصري : أبَى الله عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ أن يُذِلّ مَن عَصَاه .
وقال في أهْل الْمَعَاصِي : هَانُوا عليه فَعَصَوه ، ولو عَزُّوا عليه لَعَصَمَهم .
وعلى الإنسان أن لا يفتخر ولا يعتزّ إلاَّ بالباقي ، وليس بالفاني ؛ لأن من اعتَزّ بِغير الله ذلّ .
فالدُّوَل تَزول ، والأنساب تتلاشى في الآخرة ، والأموال تذهب ، والدِّين باقٍ .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=11723