دمـ تبتسم ـوع
01 Apr 2009, 01:48 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا لو كنّا نتشابه تماماً في رسم ملامحنا و هيئتنا؟
وماذا لو كنّا لا نعرف إلا لوناً واحداً، فثيابنا جميعاً ذات لونٍ واحدٍ و شكلٍ واحدٍ؟
وماذا لو كنّا نفهم و نفكر بنمطٍ واحدٍ.. نتوافق دائماً في كل شيء .. دوافعنا و سلوكنا، رغباتنا و تطلعاتنا واحدة.. نميل إلى ذات الأشياء ، و نعدل عن ذاتها؟
لأول وهلة قد يظن بعضنا أن في الأمر إيجابية.. و لكن ماذا لو أكملنا هذه العملية الذهنية و لكن بخطوة من بُعدٍ آخر؟
فماذا لو كان الطريق إلى بلوغ الجامعة الوحيدة في مدينة ما واحداً، فلا طرق أخرى مشروعة معتبرة نظامية غيره، بل قد يتعرض سالك هذه الطرق إلى الغرامة و العقوبة ؟!
وبخطوة أعمق نقف لننهي هذه السلسلة من التساؤلات قائلين:
ماذا لو كان الليل سرمداً، أو النهار سرمداً؟!
في رواية عن ابن عباس و عن مرّة عن ابن مسعود و عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ( أن الله أسكن آدم الجنة، فكان يمشي مستوحشاً ليس له فيها زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ... )1،
فكان الذكر و الأنثى .. و كان الرباط الوثيق، ثم كان بنو آدم الأبيض والأسود، السهل والحزن، الطيب والخبيث، السعيد والشقي،
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض و الأحمر والأسود و بين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك"2
قرص الشمس بحرارته و دفئه و توهجه تقابله شاعرية القمر ورقته .. و كلاهما نوران، و الليل بهدوئه يعقبه النهار بضجيجه، والأرض في سفلها تقابلها السماء في علوها { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }3،
نحن في الشتاء نبحث عن الدفء ولو كان في فنجان قهوة، وننشد كأساً من صقيعٍ في لفح حرارة الصيف ...
حتى قرآننا الكريم مثاني.. فإذا ذكر المولى سبحانه عذاب أهل النار ثنَّى بذكر نعيم أهل الجنة _ نسأل الله أن نكون منهم _، و إذا وصف العذاب ذكر الثواب؛ ذلك ليعيش قلب المؤمن بين الخوف والرجاء، الخوف من غضبه – سبحانه - وعقابه، والرجاء في رضوانه ومغفرته، وكلاهما لقلب العبد كجناحي طائر..
الحق أبلج و الباطل لجلج، الإيمان نجاة والكفر هلاك، العلم نور والجهل ظلام، الخير سعادة والشر تعاسة، الماء حياة والجدب موت، الخُضرة نعمة والقحط نقمة، البُكُور بركة والأفول عنه ممحقة، العمل رفعة والبطالة ذلة، الإيثار كرمٌ والأنانية بخلٌ، العفو راحة والحقد عذاب، الصبر قوة والجزع ضعف، التسامح جُنّة والغضب شرارة، العقل حكمة ورزانة والخِفة حمقٌ وسفاهةٌ .. وبضدها تتمايز الأشياء!
بل للتضاد جمالياتٌ أحياناً ! فهذه لغتنا العربية تمتاز في علم البديع - و هو أحد علوم البلاغة العربية - و الذي يُعنى بشكلٍ أخص بجماليات مفرداتها بما يسمى " فن الطباق، وكذلك فن المقابلة" و هما يعتمدان في الأساس على التضاد في معاني المفردات.. ، بل إن حروف العربية تمتاز في مخارجها بصفات للأصوات متضادة.. فهذا حرف جهر وذلك حرف همس، وذا حرف شدة وذاك حرف رخاوة.. و هكذا.
كلمة أخيرة..
إنّ هذا التضاد و التنوع والاختلاف في ألسن الناس وألوانهم، في مشاربهم ومذاهبهم، بل حتى في بصمة إبهامهم، في مخلوقات الله سبحانه وتعالى، حتى لتجد أن ثمرة في شجرةٍ ما قد تختلف في طعمها و لونها أحياناً، أو شكلها عن ثمرةٍ في شجرةٍ أخرى مجاورة لها من النوع نفسه، بالرغم من أن الماء مشترك والأرض نفسها والشمس عينها..
فسبحان الباري ما أعظم قدرته!
إنما هي سنة الله في كونه !! و حكمته في خلقه .. علمها من علمها و جهلها من جهلها ..
تذكر يرعاك الله أن: الحق واحد .. فالله واحد .. و الدين واحد .. و خاتم الأنبياء واحد .. وقرآننا واحد .. و عقيدتنا أصل، والأصل ثابت لا يتغير، والضلالة أجناسٌ وأشكالٌ، مللٌ وألوان وأنواع .. فكن ذا عقلٍ حصيف ..
قال تعالى { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }4.
م.ن
-----------------
1 _ قصص الأنبياء ، لابن كثير ، ص : 20
2 _ رواه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه . ( وقال عنه الترمذي : حسن صحيح ) .
3 _ [ آل عمران : 190]
4 _ [الأنعام : 153].
ماذا لو كنّا نتشابه تماماً في رسم ملامحنا و هيئتنا؟
وماذا لو كنّا لا نعرف إلا لوناً واحداً، فثيابنا جميعاً ذات لونٍ واحدٍ و شكلٍ واحدٍ؟
وماذا لو كنّا نفهم و نفكر بنمطٍ واحدٍ.. نتوافق دائماً في كل شيء .. دوافعنا و سلوكنا، رغباتنا و تطلعاتنا واحدة.. نميل إلى ذات الأشياء ، و نعدل عن ذاتها؟
لأول وهلة قد يظن بعضنا أن في الأمر إيجابية.. و لكن ماذا لو أكملنا هذه العملية الذهنية و لكن بخطوة من بُعدٍ آخر؟
فماذا لو كان الطريق إلى بلوغ الجامعة الوحيدة في مدينة ما واحداً، فلا طرق أخرى مشروعة معتبرة نظامية غيره، بل قد يتعرض سالك هذه الطرق إلى الغرامة و العقوبة ؟!
وبخطوة أعمق نقف لننهي هذه السلسلة من التساؤلات قائلين:
ماذا لو كان الليل سرمداً، أو النهار سرمداً؟!
في رواية عن ابن عباس و عن مرّة عن ابن مسعود و عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ( أن الله أسكن آدم الجنة، فكان يمشي مستوحشاً ليس له فيها زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ... )1،
فكان الذكر و الأنثى .. و كان الرباط الوثيق، ثم كان بنو آدم الأبيض والأسود، السهل والحزن، الطيب والخبيث، السعيد والشقي،
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض و الأحمر والأسود و بين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك"2
قرص الشمس بحرارته و دفئه و توهجه تقابله شاعرية القمر ورقته .. و كلاهما نوران، و الليل بهدوئه يعقبه النهار بضجيجه، والأرض في سفلها تقابلها السماء في علوها { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }3،
نحن في الشتاء نبحث عن الدفء ولو كان في فنجان قهوة، وننشد كأساً من صقيعٍ في لفح حرارة الصيف ...
حتى قرآننا الكريم مثاني.. فإذا ذكر المولى سبحانه عذاب أهل النار ثنَّى بذكر نعيم أهل الجنة _ نسأل الله أن نكون منهم _، و إذا وصف العذاب ذكر الثواب؛ ذلك ليعيش قلب المؤمن بين الخوف والرجاء، الخوف من غضبه – سبحانه - وعقابه، والرجاء في رضوانه ومغفرته، وكلاهما لقلب العبد كجناحي طائر..
الحق أبلج و الباطل لجلج، الإيمان نجاة والكفر هلاك، العلم نور والجهل ظلام، الخير سعادة والشر تعاسة، الماء حياة والجدب موت، الخُضرة نعمة والقحط نقمة، البُكُور بركة والأفول عنه ممحقة، العمل رفعة والبطالة ذلة، الإيثار كرمٌ والأنانية بخلٌ، العفو راحة والحقد عذاب، الصبر قوة والجزع ضعف، التسامح جُنّة والغضب شرارة، العقل حكمة ورزانة والخِفة حمقٌ وسفاهةٌ .. وبضدها تتمايز الأشياء!
بل للتضاد جمالياتٌ أحياناً ! فهذه لغتنا العربية تمتاز في علم البديع - و هو أحد علوم البلاغة العربية - و الذي يُعنى بشكلٍ أخص بجماليات مفرداتها بما يسمى " فن الطباق، وكذلك فن المقابلة" و هما يعتمدان في الأساس على التضاد في معاني المفردات.. ، بل إن حروف العربية تمتاز في مخارجها بصفات للأصوات متضادة.. فهذا حرف جهر وذلك حرف همس، وذا حرف شدة وذاك حرف رخاوة.. و هكذا.
كلمة أخيرة..
إنّ هذا التضاد و التنوع والاختلاف في ألسن الناس وألوانهم، في مشاربهم ومذاهبهم، بل حتى في بصمة إبهامهم، في مخلوقات الله سبحانه وتعالى، حتى لتجد أن ثمرة في شجرةٍ ما قد تختلف في طعمها و لونها أحياناً، أو شكلها عن ثمرةٍ في شجرةٍ أخرى مجاورة لها من النوع نفسه، بالرغم من أن الماء مشترك والأرض نفسها والشمس عينها..
فسبحان الباري ما أعظم قدرته!
إنما هي سنة الله في كونه !! و حكمته في خلقه .. علمها من علمها و جهلها من جهلها ..
تذكر يرعاك الله أن: الحق واحد .. فالله واحد .. و الدين واحد .. و خاتم الأنبياء واحد .. وقرآننا واحد .. و عقيدتنا أصل، والأصل ثابت لا يتغير، والضلالة أجناسٌ وأشكالٌ، مللٌ وألوان وأنواع .. فكن ذا عقلٍ حصيف ..
قال تعالى { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }4.
م.ن
-----------------
1 _ قصص الأنبياء ، لابن كثير ، ص : 20
2 _ رواه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه . ( وقال عنه الترمذي : حسن صحيح ) .
3 _ [ آل عمران : 190]
4 _ [الأنعام : 153].