سميره الرفاعي
13 May 2009, 12:56 AM
قِفْ وتدبَّر.. هل أنْتَ منهُــم؟!(2)
الحوار الفرعوني..!
)
سميرة علي الجهني
أمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون فيقول له: {هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى {79/ 18} وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} امتثل موسى لأمر ربه سبحانه وتعالى، فلما جاء إلى فرعون طغى وكفر ولم يؤمن وجعل يٌعارض موسى بقوله: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ {26/18} وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}. أخي.. تأمل معي ما قاله هذا المستكبر لموسى عليه السلام {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا}، هذا خطاب فرعون لموسى بأنه هو الذي قام بشؤونه وتربيته وكثيرا مما أنعم عليه. أسلوب منّ، ليس غريباً أن تجد هذا الحوار بين الطغاة والكفار. لكن أقولها بكل حسرة وألم: ما أكثر الفراعنة في هذا العصر! ألم ترَ كيف أصبح الناس إذا صنعوا معروفا أو بذلوا نصيحة أتبعوها بالمن والأذى؟ ونسوا أن المنان من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليها ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، ولقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى". أخي الحبيب هل ترضى أن تكون فرعونيا منّاناً؟! أليس من خُلق المؤمن أن يسدي المعروف ويجعل شعاره {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا {76/9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}. أخي.. إن قدمت معروفا وطلبت أجرا من مدح وثناء ولم ترد إلا الحياة الدنيا فابكِ على نفسك من الآن قبل أن يطول البكاء دماً لا دموعاً.. لكن هناك هيهات هيهات! لا مجيب وإن طال البكاء. اطلب ما عند الله لتنل خير ما عنده، ابذل لكل من أراد وانتظر الجزاء هناك عند الكريم، عندها فقط تنال أجرَيْ الدنيا والآخرة.
وقفة تأمل.. أخي..
ستـنقلك المنايـــــا من ديـارك **** ويبدلــــــك الردى داراً بدارك
وتترك مــا عنيت بــه زمانــــاً **** وتُنـقل من غنـاك إلى افتقارك
وفي عينيك دود القبـــر يرعى **** وترعى عينُ غيرك في ديارك
يا عزيز النفس لا تغفل عن الموت، لا تغفل عن هادم اللذات.. لا تغفل فالموت يأتي بغتة وأنت لا تشعر.. لا تغفل فالطريق طويل.
سفري بعيد وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني
سيأتي يوم تقول رب ارجعون.. لعلي أعمل صالحا فيما تركت.. لكن هيهات.. لا رجعة. تذكر عندما يأتيك ملك الموت بأمر الله {كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ}! هل فكرت يوما بماذا ستُنادى تلك الروح؟ هل بـ{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}؟ فإن كان كذلك فهنيئا لك الجنة.. جنة عرضها السماوات والأرض.. وإن كان بغير ذلك فليس لك إلا نارا وقودها الناس والحجارة والعياذ بالله. تذكر أيها المذنب.. أول ليلة لك في القبر بما فيها من الأهوال.. ظلام، ضيقة، وحشة، وأنت ترى ذلك حقيقة أين أحبابك؟ أين ملذات الدنيا؟ أين الشهوات؟ كل شيء رحل.. وبقيت أنت وحدك تتقلب في أنواع العذاب، فملائكة العذاب لا يسمعون ولا يتكلمون ولا يرون.. فكيف الخروج وكيف السبيل؟ تذكر عندما ينفخ في الصور.. ويُشق عن قبرك وترى الناس سكارى وما هم بسكارى؟ ولكن عذاب الله شديد. عندها تحشر وأنت عار.. الكل يقول نفسي نفسي، وبعدها يّنادى عليك يا فلان هذا كتابك ينطق بالحق، كل شيء أحصيناه كتابا، يا فلان اقرأ كتابك وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، يا فلان ألم تأتكم رسل منكم، يا فلان اليوم حساب ولا عمل.. فترى تلك اللحظة التي كنت فيها عاصيا لله، ترى الحسرات والويلات.. ترى الزلات فتقول: يا ليتني لم أوتَ كتابيه.. لكن هيهات! تذكر يومئذ عندما يُنادي الله.. يا ملائكتي خذي عبدي إلى النيران عطشانا.. وما أدراك ما النار!
سوداء مظلمة شعثاء موحشة دهماء محرقة لواحة البشر
فيها العقارب والحيات قد جعلت جلودهم كالبغال الدُّهم والحُمُر
فيها غلاظ شداد من ملائكة قلوبهم شدة أقسى من الحجر أخي الغالي ابكِ على خطيئتك واندم على ذنبك.. وقل في جوف الليل:
إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني
ومالي حيلة إلا رجائي وعفوك إن عفوت حسن ظني
إن الله يفرح بتوبة العبد فرحة إحسان وهو الغني عنا سبحانه. تب إلى الله وتضرع وابكِ بين يديه ليبدل سيئاتك حسنات، ولا تجعل نصيبك من الآخرة حسرات ودعوات بالثبور والهلاك. واجعل نصب عينيك {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} فالكل سيموت إلا الحي القيوم الذي يراك إذا أغلقت الأبواب وغفل عنك الأهل والأصحاب. أخي.. إني لك ناصحة ومشفقة، كيف لا ونحن تجمعنا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟! اسأل نفسك كيف تكون النهاية، وكيف يكون الرحيل؟ وإني والله أفقر الناس إلى تلك الكلمات
يظن الناس بي خيرا وإني لشر الناس إن لم تعفُ عني
ولكن أحببت لك الخير كما أحببته لنفسي، عسى إلهي أن يجعل بين كلماتنا كلمة يكتب لنا بها رضوانه فلا يسخط علينا بعدها أبداً.. وأن يجمعنا وإياك على سرر متقابلين ناظرين إلى وجهه الكريم، وأن يتقبل عملي هذا ويجعله حجة لي لا علي.
أخيرا.. إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
الحوار الفرعوني..!
)
سميرة علي الجهني
أمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون فيقول له: {هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى {79/ 18} وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} امتثل موسى لأمر ربه سبحانه وتعالى، فلما جاء إلى فرعون طغى وكفر ولم يؤمن وجعل يٌعارض موسى بقوله: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ {26/18} وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}. أخي.. تأمل معي ما قاله هذا المستكبر لموسى عليه السلام {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا}، هذا خطاب فرعون لموسى بأنه هو الذي قام بشؤونه وتربيته وكثيرا مما أنعم عليه. أسلوب منّ، ليس غريباً أن تجد هذا الحوار بين الطغاة والكفار. لكن أقولها بكل حسرة وألم: ما أكثر الفراعنة في هذا العصر! ألم ترَ كيف أصبح الناس إذا صنعوا معروفا أو بذلوا نصيحة أتبعوها بالمن والأذى؟ ونسوا أن المنان من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليها ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، ولقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى". أخي الحبيب هل ترضى أن تكون فرعونيا منّاناً؟! أليس من خُلق المؤمن أن يسدي المعروف ويجعل شعاره {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا {76/9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}. أخي.. إن قدمت معروفا وطلبت أجرا من مدح وثناء ولم ترد إلا الحياة الدنيا فابكِ على نفسك من الآن قبل أن يطول البكاء دماً لا دموعاً.. لكن هناك هيهات هيهات! لا مجيب وإن طال البكاء. اطلب ما عند الله لتنل خير ما عنده، ابذل لكل من أراد وانتظر الجزاء هناك عند الكريم، عندها فقط تنال أجرَيْ الدنيا والآخرة.
وقفة تأمل.. أخي..
ستـنقلك المنايـــــا من ديـارك **** ويبدلــــــك الردى داراً بدارك
وتترك مــا عنيت بــه زمانــــاً **** وتُنـقل من غنـاك إلى افتقارك
وفي عينيك دود القبـــر يرعى **** وترعى عينُ غيرك في ديارك
يا عزيز النفس لا تغفل عن الموت، لا تغفل عن هادم اللذات.. لا تغفل فالموت يأتي بغتة وأنت لا تشعر.. لا تغفل فالطريق طويل.
سفري بعيد وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني
سيأتي يوم تقول رب ارجعون.. لعلي أعمل صالحا فيما تركت.. لكن هيهات.. لا رجعة. تذكر عندما يأتيك ملك الموت بأمر الله {كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ}! هل فكرت يوما بماذا ستُنادى تلك الروح؟ هل بـ{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}؟ فإن كان كذلك فهنيئا لك الجنة.. جنة عرضها السماوات والأرض.. وإن كان بغير ذلك فليس لك إلا نارا وقودها الناس والحجارة والعياذ بالله. تذكر أيها المذنب.. أول ليلة لك في القبر بما فيها من الأهوال.. ظلام، ضيقة، وحشة، وأنت ترى ذلك حقيقة أين أحبابك؟ أين ملذات الدنيا؟ أين الشهوات؟ كل شيء رحل.. وبقيت أنت وحدك تتقلب في أنواع العذاب، فملائكة العذاب لا يسمعون ولا يتكلمون ولا يرون.. فكيف الخروج وكيف السبيل؟ تذكر عندما ينفخ في الصور.. ويُشق عن قبرك وترى الناس سكارى وما هم بسكارى؟ ولكن عذاب الله شديد. عندها تحشر وأنت عار.. الكل يقول نفسي نفسي، وبعدها يّنادى عليك يا فلان هذا كتابك ينطق بالحق، كل شيء أحصيناه كتابا، يا فلان اقرأ كتابك وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، يا فلان ألم تأتكم رسل منكم، يا فلان اليوم حساب ولا عمل.. فترى تلك اللحظة التي كنت فيها عاصيا لله، ترى الحسرات والويلات.. ترى الزلات فتقول: يا ليتني لم أوتَ كتابيه.. لكن هيهات! تذكر يومئذ عندما يُنادي الله.. يا ملائكتي خذي عبدي إلى النيران عطشانا.. وما أدراك ما النار!
سوداء مظلمة شعثاء موحشة دهماء محرقة لواحة البشر
فيها العقارب والحيات قد جعلت جلودهم كالبغال الدُّهم والحُمُر
فيها غلاظ شداد من ملائكة قلوبهم شدة أقسى من الحجر أخي الغالي ابكِ على خطيئتك واندم على ذنبك.. وقل في جوف الليل:
إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني
ومالي حيلة إلا رجائي وعفوك إن عفوت حسن ظني
إن الله يفرح بتوبة العبد فرحة إحسان وهو الغني عنا سبحانه. تب إلى الله وتضرع وابكِ بين يديه ليبدل سيئاتك حسنات، ولا تجعل نصيبك من الآخرة حسرات ودعوات بالثبور والهلاك. واجعل نصب عينيك {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} فالكل سيموت إلا الحي القيوم الذي يراك إذا أغلقت الأبواب وغفل عنك الأهل والأصحاب. أخي.. إني لك ناصحة ومشفقة، كيف لا ونحن تجمعنا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟! اسأل نفسك كيف تكون النهاية، وكيف يكون الرحيل؟ وإني والله أفقر الناس إلى تلك الكلمات
يظن الناس بي خيرا وإني لشر الناس إن لم تعفُ عني
ولكن أحببت لك الخير كما أحببته لنفسي، عسى إلهي أن يجعل بين كلماتنا كلمة يكتب لنا بها رضوانه فلا يسخط علينا بعدها أبداً.. وأن يجمعنا وإياك على سرر متقابلين ناظرين إلى وجهه الكريم، وأن يتقبل عملي هذا ويجعله حجة لي لا علي.
أخيرا.. إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.