أنس المحبة
14 May 2009, 02:23 PM
أنس بن مالك
خادم الرسول صلى الله عليه وسلم
أنس بن مالك بن النَّضر الخزرجي الأنصاري، ولد بالمدينة، وأسلم صغيرا،ً وهو أبو ثُمامة الأنصاري النّجاري، وأبو حمزة، كنّاه بهذا الرسـول الكريم. خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ الصغر، فقد أخذته أمه أم سليم إلى رسـول الله وعمره يوم ذاك عشر سنين، وقالت: "يا رسـول الله، هذا أنس غلامك يخدمك فادع الله له"، فقبله الرسـول بين عينيه ودعا له: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له، وأدخله الجنة". فعاش تسعا وتسعيـن سنة، ورزق من البنين والحفـدة الكثيريـن كما أعطاه الله فيما أعطاه من الرزق بستانا رحبا ممرعا كان يحمل الفاكهة في العام مرتين، ومات وهو ينتظر الجنة.
يقول أنس -رضي الله عنه-:"أخذت أمّي بيدي وانطلقت بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إنه لم يبقَ رجل ولا امرأة من الأنصار إلا وقد أتحفك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك "، فخدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما ضربني ضربةً، ولا سبّني سبَّة، ولا انتهرني، ولا عبسَ في وجهي، فكان أول ما أوصاني به أن قال: "يا بُنيّ أكتمْ سرّي تك مؤمناً"، فكانت أمي وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنني عن سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أخبرهم به، وما أنا مخبر بسرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً أبداً".
دخل الرسـول صلى اللـه عليه وسلم على أنس بن مالك فقال عنده ( من القيلولة ) فعرق، فجاءت أمه بقارورة فجعلت تسلت العرقَ فيها، فاستيقظ النبـي صلى الله عليه وسلم بها، فقال: "يا أم سُلَيْم، ما هذا الذي تصنعين؟"، قالت: "هذا عَرَقُك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقد قال أنس: "ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً أطيبَ ولا مسسْتُ شيئاً قط ديباجاً ولا خزّاً ولا حريراً ألين مسّاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرج أنس مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر وهو غلام يخدمه، وقد سأل إسحاق بن عثمان موسى بن أنس: "كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"، قال: "سبع وعشرون غزوة، ثمان غزوات يغيب فيها الأشهر، وتسع عشرة يغيب فيها الأيام"، فقال: "كم غزا أنس بن مالك ؟"، قال: "ثمان غزوات".
كان أنس رضي الله عنه قليل الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حدّث يقول حين يفرغ: "أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقد حدّث مرة بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: " أنت سمعته من رسول الله ؟"، فغضب غضباً شديداً وقال: "والله ما كلُّ ما نحدِّثكم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كان يحدِّث بعضنا بعضاً، ولا نتّهِمُ بعضنا"، قال أبو غالب: "لم أرَ أحداً كان أضنَّ بكلامه من أنس بن مالك". قال أنس بن مالك لبنيه: "يا بنيَّ قَيّدوا العلمَ بالكتاب".
كان أنس بن مالك أحد الرماة المصيبين، ويأمر ولده أن يرموا بين يديه، وربّما رمى معهم فيغلبهم بكثرة إصابته. لمّا استخلف أبو بكر الصديق بعث الى أنس بن مالك ليوجهه الى البحرين على السعاية، فدخل عليه عمر فقال له أبو بكر: "إني أردت أن أبعث هذا الى البحرين وهو فتى شاب"، فقال له عمر: "ابعثه فإنه لبيبٌ كاتبٌ".
دخل ثابـت البُنَاني على أنس بن مالك رضي اللـه عنه فقال:"رأتْ عيْناك رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم؟!، فقال: نعم، فقبّلهما ثم قال: فمشت رجلاك في حوائج رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم؟!، فقال: نعم، فقبّلهما ثم قال: فصببتَ الماء بيديك؟!، قال: نعم، فقبّلهما ثم قال له أنس: يا ثابت، صببتُ الماءَ بيدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لوضوئه فقال لي: يا غلام أسْبِغِ الوضوءَ يزدْ في عمرك، وأفشِ السلام تكثر حسناتك، وأكثر من قراءة القرآن تجيءْ يوم القيامة معي كهاتين، وقال بأصبعيه هكذا السبابة والوسطى".
لقد قدم أنس بن مالك دمشق في عهد معاوية، والوليد بن عبد الملك حين استخلف سنة ست وثمانين، وفي أحد الأيام دخل الزهري عليه في دمشق وهو وحده، فوجده يبكي فقال له: "ما يبكيك ؟"، فقال: "ما أعرف شيئاً مما أدركنا إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيّعت، بسبب تأخيرها من الولاة عن أول وقتها".
وكان أنس رضي اللـه عنه ابتلي بالوَضَح، قال أحمد بن صالح العِجْلي: "لم يُبْتَلَ أحد من أصحاب رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم إلا رجلين: مُعَيْقيب كان به هذا الداء الجُذام، وأنس بن مالك كان به وَضَحٌ ".
قال ثابت: "كنت مع أنس فجاءه قَهْرمانُهُ -القائم بأموره- فقال: يا أبا حمزة عطشت أرضنا، فقام أنس فتوضأ وخرج إلى البرية، فصلى ركعتين ثم دَعا، فرأيت السحاب يلتئم، ثم أمطرت حتى ملأت كلّ شيءٍ، فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله، فقال: انظر أين بلغت السماء، فنظر فلم تعْد أرضه إلا يسيرا".
توفي رضي الله عنه في البصرة، فكان آخر من مات في البصرة من الصحابة، وكان ذلك على الأرجح سنة 93هـ وقد تجاوز المائة، ودُفِنَ على فرسخين من البصرة، قال ثابـت البُنانـي: "قال لي أنس بن مالك : هذه شعرةٌ من شعر رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم فضعها تحت لساني، قال: فوضعتها تحت لسانه، فدُفن وهي تحت لسانه". كما أنه كان عنده عُصَيَّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمات فدُفنت معه بين جيبه وبين قميصه، وقال أنس بن سيرين: "شهدت أنس بن مالك وحضره الموت فجعل يقول: لقِّنُوني لا إله إلا الله، فلم يزل يقولوها حتى قُبِضَ". لمّا مات أنس رضي الله عنه قال مؤرق العجلي :"ذهب اليوم نصف العِلْم"، فقيل له: "وكيف ذاك يا أبا المُغيرة ؟"، قال: "كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا له: تعالَ إلى مَنْ سمعَهُ منه، يعني أنس بن مالك".
وكان يخضب بالصفرة، وقيل بالحناء، وقيل بالورس، وكان يخلق ذراعيه بخلوق للمعة بياض كانت به، وكانت له ذؤابة فأراد أن يجزها فنهته أمه، وقالت: "كان النبي يمدها ويأخذ بها". وداعبه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: " يا ذا الأذنين " .
خادم الرسول صلى الله عليه وسلم
أنس بن مالك بن النَّضر الخزرجي الأنصاري، ولد بالمدينة، وأسلم صغيرا،ً وهو أبو ثُمامة الأنصاري النّجاري، وأبو حمزة، كنّاه بهذا الرسـول الكريم. خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ الصغر، فقد أخذته أمه أم سليم إلى رسـول الله وعمره يوم ذاك عشر سنين، وقالت: "يا رسـول الله، هذا أنس غلامك يخدمك فادع الله له"، فقبله الرسـول بين عينيه ودعا له: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له، وأدخله الجنة". فعاش تسعا وتسعيـن سنة، ورزق من البنين والحفـدة الكثيريـن كما أعطاه الله فيما أعطاه من الرزق بستانا رحبا ممرعا كان يحمل الفاكهة في العام مرتين، ومات وهو ينتظر الجنة.
يقول أنس -رضي الله عنه-:"أخذت أمّي بيدي وانطلقت بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إنه لم يبقَ رجل ولا امرأة من الأنصار إلا وقد أتحفك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك "، فخدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما ضربني ضربةً، ولا سبّني سبَّة، ولا انتهرني، ولا عبسَ في وجهي، فكان أول ما أوصاني به أن قال: "يا بُنيّ أكتمْ سرّي تك مؤمناً"، فكانت أمي وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنني عن سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أخبرهم به، وما أنا مخبر بسرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً أبداً".
دخل الرسـول صلى اللـه عليه وسلم على أنس بن مالك فقال عنده ( من القيلولة ) فعرق، فجاءت أمه بقارورة فجعلت تسلت العرقَ فيها، فاستيقظ النبـي صلى الله عليه وسلم بها، فقال: "يا أم سُلَيْم، ما هذا الذي تصنعين؟"، قالت: "هذا عَرَقُك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقد قال أنس: "ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً أطيبَ ولا مسسْتُ شيئاً قط ديباجاً ولا خزّاً ولا حريراً ألين مسّاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرج أنس مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر وهو غلام يخدمه، وقد سأل إسحاق بن عثمان موسى بن أنس: "كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"، قال: "سبع وعشرون غزوة، ثمان غزوات يغيب فيها الأشهر، وتسع عشرة يغيب فيها الأيام"، فقال: "كم غزا أنس بن مالك ؟"، قال: "ثمان غزوات".
كان أنس رضي الله عنه قليل الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حدّث يقول حين يفرغ: "أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقد حدّث مرة بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: " أنت سمعته من رسول الله ؟"، فغضب غضباً شديداً وقال: "والله ما كلُّ ما نحدِّثكم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كان يحدِّث بعضنا بعضاً، ولا نتّهِمُ بعضنا"، قال أبو غالب: "لم أرَ أحداً كان أضنَّ بكلامه من أنس بن مالك". قال أنس بن مالك لبنيه: "يا بنيَّ قَيّدوا العلمَ بالكتاب".
كان أنس بن مالك أحد الرماة المصيبين، ويأمر ولده أن يرموا بين يديه، وربّما رمى معهم فيغلبهم بكثرة إصابته. لمّا استخلف أبو بكر الصديق بعث الى أنس بن مالك ليوجهه الى البحرين على السعاية، فدخل عليه عمر فقال له أبو بكر: "إني أردت أن أبعث هذا الى البحرين وهو فتى شاب"، فقال له عمر: "ابعثه فإنه لبيبٌ كاتبٌ".
دخل ثابـت البُنَاني على أنس بن مالك رضي اللـه عنه فقال:"رأتْ عيْناك رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم؟!، فقال: نعم، فقبّلهما ثم قال: فمشت رجلاك في حوائج رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم؟!، فقال: نعم، فقبّلهما ثم قال: فصببتَ الماء بيديك؟!، قال: نعم، فقبّلهما ثم قال له أنس: يا ثابت، صببتُ الماءَ بيدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لوضوئه فقال لي: يا غلام أسْبِغِ الوضوءَ يزدْ في عمرك، وأفشِ السلام تكثر حسناتك، وأكثر من قراءة القرآن تجيءْ يوم القيامة معي كهاتين، وقال بأصبعيه هكذا السبابة والوسطى".
لقد قدم أنس بن مالك دمشق في عهد معاوية، والوليد بن عبد الملك حين استخلف سنة ست وثمانين، وفي أحد الأيام دخل الزهري عليه في دمشق وهو وحده، فوجده يبكي فقال له: "ما يبكيك ؟"، فقال: "ما أعرف شيئاً مما أدركنا إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيّعت، بسبب تأخيرها من الولاة عن أول وقتها".
وكان أنس رضي اللـه عنه ابتلي بالوَضَح، قال أحمد بن صالح العِجْلي: "لم يُبْتَلَ أحد من أصحاب رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم إلا رجلين: مُعَيْقيب كان به هذا الداء الجُذام، وأنس بن مالك كان به وَضَحٌ ".
قال ثابت: "كنت مع أنس فجاءه قَهْرمانُهُ -القائم بأموره- فقال: يا أبا حمزة عطشت أرضنا، فقام أنس فتوضأ وخرج إلى البرية، فصلى ركعتين ثم دَعا، فرأيت السحاب يلتئم، ثم أمطرت حتى ملأت كلّ شيءٍ، فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله، فقال: انظر أين بلغت السماء، فنظر فلم تعْد أرضه إلا يسيرا".
توفي رضي الله عنه في البصرة، فكان آخر من مات في البصرة من الصحابة، وكان ذلك على الأرجح سنة 93هـ وقد تجاوز المائة، ودُفِنَ على فرسخين من البصرة، قال ثابـت البُنانـي: "قال لي أنس بن مالك : هذه شعرةٌ من شعر رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم فضعها تحت لساني، قال: فوضعتها تحت لسانه، فدُفن وهي تحت لسانه". كما أنه كان عنده عُصَيَّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمات فدُفنت معه بين جيبه وبين قميصه، وقال أنس بن سيرين: "شهدت أنس بن مالك وحضره الموت فجعل يقول: لقِّنُوني لا إله إلا الله، فلم يزل يقولوها حتى قُبِضَ". لمّا مات أنس رضي الله عنه قال مؤرق العجلي :"ذهب اليوم نصف العِلْم"، فقيل له: "وكيف ذاك يا أبا المُغيرة ؟"، قال: "كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا له: تعالَ إلى مَنْ سمعَهُ منه، يعني أنس بن مالك".
وكان يخضب بالصفرة، وقيل بالحناء، وقيل بالورس، وكان يخلق ذراعيه بخلوق للمعة بياض كانت به، وكانت له ذؤابة فأراد أن يجزها فنهته أمه، وقالت: "كان النبي يمدها ويأخذ بها". وداعبه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: " يا ذا الأذنين " .