أنس المحبة
22 May 2009, 08:08 PM
حاجة الأمة إلى الإمام المهدي عليه السلام
لا جرم أن الأمة الإسلامية اليوم، والبشرية جمعاء، بحاجة إلى رجل يرد الأمور إلى نصابها، ويرجع المياه إلى مجاريها. فرغم أن أمتنا لا تكاد تخلو من خطيب نحرير أو عالم مبرز أو شيخ جليل أو مفكر بارع أو كاتب قدير... لكننا لم نر لحد الآن قائدا بمستوى رائق يقود الأمة لحل قضاياها المصيرية، هذه القضايا التي بها حياتنا وبدونها حتفنا الأكيد، قائدا ربانيا وإماما عادلا وأبا رحيما ومرشدا مصيبا ورءوفا بالفقراء وقاسيا على الطغاة... وأكثر من ذلك. إننا في حاجة إلى الإمام المهدي عليه السلام أكثر من أي وقت مضى.. إنه الإمام المخلص الذي بشر بقدومه خير الرسل عليه الصلاة والسلام.. إنه السيد الذي سيخرجنا من مهازل هذه الحياة بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ألا ترون إلى الغثائية التي وصلنا إليها؟ هل مآل خير الأمم الهوان والضعف؟ ألن نتخلص من الظلم والجور وحكم الجبر؟ متى سيشبع الجياع؟ ... سيتحقق ذلك كله بفضل الإله المنان.
روى الإمام أحمد في مسنده عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: [كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ]. هذا الحديث الشريف يصرح باختصار مراحل أمتنا الإسلامية، فقد ابتدأ عهد الأمة المحمدية بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم انتقل الأمر إلى خلافة على نهج النبوة، وخلفاؤها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي عليهم رضوان الله، ثم ظهر الملك العاض على يد بني أمية ومن تبعهم، إلى أن صار الأمر ملكا جبريا، وهو الذي يمارس علينا، عجل الله بانتهائه... ثم يأتي الفرج بخلافة تسير سير النبوة في العدل والحكم. وبما أن المهدي عليه السلام هو خليفة آخر الزمان، فهو بالضبط الخلافة التي وعد بها الحديث، فلا خلافة إلا خلافة المهدي.
إنه صاحب الفتوحات والتحرير، إنه صاحب ألفة المسلمين وتوحيدهم، إنه سيملك الأرض ويملؤها قسطا وعدلا ويخلص الجميع من الظلم والجور، روى الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي عن حذيفة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه، فإذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزا قصم كل جبار، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها، يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ويظهر الإسلام، لا يخلف وعده وهو سريع الحساب". عن أبي معبد مولى ابن عباس، قال: سمعت ابن عباس يقول –حديث مرفوع-: إني لأرجو أن لا يذهب الليل والنهار، حتى يبعث الله منا أهل البيت من يقيم لهذه الأمة أمرها، فتى شاباً، لم تلبسه الفتن، ولم يلبس الفتن، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر كما فتح الله بنا هذا الأمر، أرجو بنا يختمه. أخرجه الإمام البيهقي في البعث والنشور. ورواه الإمام أبو عمرو المقري بمعناه، وزاد في آخره، قال: أبو معبد: فقلت لابن عباس: أعجزت عنه شيوخكم ترجوه لشبانكم. قال: إن الله عز وجل يفعل ما يشاء. وعن كعب الأخبار، قال: إني لأجد المهدي مكتوباً في أسفار الأنبياء، ما في حكمه ظلم ولا عيب (أخرجه الإمام أبو عمرو الداني في سننه). إنه وعد ربنا في كتابه العزيز:<< وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ >>(النور55).
إن أمتنا تعيش ظلما اقتصاديا ظاهرا لا يقل عن الظلم السياسي الواقع بها، فالفقر والبطالة سمة الغالبية، والغنى الفاحش صفة الحكام بمختلف مراتبهم، وهذا لا يحتاج إلى بينة.. فالثروة وفيرة عند المسلمين وهي كفيلة بإغنائهم، لكن من الذي يدافع عن المحتاجين؟ من الذي يقتص من الجباة والإقطاعيين؟ من يطبق شرع الله العادل؟ من يعطف على اليتيم والأرملة؟... لا نعلم أحدا عينه الله لهذه المهام غير المهدي عليه السلام، فسيأتي بالأحكام كما يريدها رب العزة، وسيقوم بمعالجات لم نرها من قبل، سيهدم ما قبله ويقدم المعادلات الصحيحة، إنه سيسعد البشرية جمعاء... والأدلة على ذلك وفيرة. فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا صِحَاحًا قَالَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي فَيَقُولُ مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ فَمَا يَقُومُ مِنْ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ فَيَقُولُ ائْتِ السَّدَّانَ يَعْنِي الْخَازِنَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا فَيَقُولُ لَهُ احْثِ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ فَيَقُولُ كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْسًا أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ قَالَ فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ أَوْ قَالَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ."( مسند الإمام أحمد). وروى ابن أبي شيبة في مصنفه ونعيم بن حماد في الفتن واللفظ له عن طاووس قال: [علامة المهدي أن يكون شديدا على العمال، جوادا بالمال، رحيما بالمساكين]. وأخرج أحمد في مسنده أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا".
هذا هو المجدد الموعود الذي بشر به الرسول الكريم صلوات الله عليه، وبشر بدولته المزدهرة، فلطالما تشوقت الأمة على مر العصور لرؤية عهده، والعيش فيه عزيزة منيعة ممكنة.. إن الإمام المهدي عليه السلام هو وعد الرحمن للبشرية جمعاء، إنه فرحة الأكوان بسيرته العطرة، إنه بشارة العدنان بنهاية الجور والطغيان، إنه مذهب الأحزان ومحرر البلدان، إنه مؤيد من عند الله بالبرهان، عن كعب الأحبار قال: قال قتادة: "المهدي خير الناس(...)مقدمته جبريل، وساقته ميكائيل، محبوب في الخلائق يطفئ الله تعالى به الفتنة العمياء، وتأمن الأرض حتى إن المرأة لتحج في خمس نسوة ما معهن رجل، لا يتقي شيئاً إلا الله عز وجل، تعطي الأرض بركاتها والسماء بركاتها." أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.
إنه الأمل الوحيد.. إنه الفرج الأكيد.. إنه الخير المديد.. إنه السيد الفريد..
المراجع: -المهدي المنتظر والخلافة الثانية على منهاج النبوة لمحمد الشويكي.
-عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، لبدر الدين بن يحيى المقدسي الشافعي.
لا جرم أن الأمة الإسلامية اليوم، والبشرية جمعاء، بحاجة إلى رجل يرد الأمور إلى نصابها، ويرجع المياه إلى مجاريها. فرغم أن أمتنا لا تكاد تخلو من خطيب نحرير أو عالم مبرز أو شيخ جليل أو مفكر بارع أو كاتب قدير... لكننا لم نر لحد الآن قائدا بمستوى رائق يقود الأمة لحل قضاياها المصيرية، هذه القضايا التي بها حياتنا وبدونها حتفنا الأكيد، قائدا ربانيا وإماما عادلا وأبا رحيما ومرشدا مصيبا ورءوفا بالفقراء وقاسيا على الطغاة... وأكثر من ذلك. إننا في حاجة إلى الإمام المهدي عليه السلام أكثر من أي وقت مضى.. إنه الإمام المخلص الذي بشر بقدومه خير الرسل عليه الصلاة والسلام.. إنه السيد الذي سيخرجنا من مهازل هذه الحياة بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ألا ترون إلى الغثائية التي وصلنا إليها؟ هل مآل خير الأمم الهوان والضعف؟ ألن نتخلص من الظلم والجور وحكم الجبر؟ متى سيشبع الجياع؟ ... سيتحقق ذلك كله بفضل الإله المنان.
روى الإمام أحمد في مسنده عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: [كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ]. هذا الحديث الشريف يصرح باختصار مراحل أمتنا الإسلامية، فقد ابتدأ عهد الأمة المحمدية بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم انتقل الأمر إلى خلافة على نهج النبوة، وخلفاؤها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي عليهم رضوان الله، ثم ظهر الملك العاض على يد بني أمية ومن تبعهم، إلى أن صار الأمر ملكا جبريا، وهو الذي يمارس علينا، عجل الله بانتهائه... ثم يأتي الفرج بخلافة تسير سير النبوة في العدل والحكم. وبما أن المهدي عليه السلام هو خليفة آخر الزمان، فهو بالضبط الخلافة التي وعد بها الحديث، فلا خلافة إلا خلافة المهدي.
إنه صاحب الفتوحات والتحرير، إنه صاحب ألفة المسلمين وتوحيدهم، إنه سيملك الأرض ويملؤها قسطا وعدلا ويخلص الجميع من الظلم والجور، روى الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي عن حذيفة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه، فإذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزا قصم كل جبار، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها، يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ويظهر الإسلام، لا يخلف وعده وهو سريع الحساب". عن أبي معبد مولى ابن عباس، قال: سمعت ابن عباس يقول –حديث مرفوع-: إني لأرجو أن لا يذهب الليل والنهار، حتى يبعث الله منا أهل البيت من يقيم لهذه الأمة أمرها، فتى شاباً، لم تلبسه الفتن، ولم يلبس الفتن، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر كما فتح الله بنا هذا الأمر، أرجو بنا يختمه. أخرجه الإمام البيهقي في البعث والنشور. ورواه الإمام أبو عمرو المقري بمعناه، وزاد في آخره، قال: أبو معبد: فقلت لابن عباس: أعجزت عنه شيوخكم ترجوه لشبانكم. قال: إن الله عز وجل يفعل ما يشاء. وعن كعب الأخبار، قال: إني لأجد المهدي مكتوباً في أسفار الأنبياء، ما في حكمه ظلم ولا عيب (أخرجه الإمام أبو عمرو الداني في سننه). إنه وعد ربنا في كتابه العزيز:<< وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ >>(النور55).
إن أمتنا تعيش ظلما اقتصاديا ظاهرا لا يقل عن الظلم السياسي الواقع بها، فالفقر والبطالة سمة الغالبية، والغنى الفاحش صفة الحكام بمختلف مراتبهم، وهذا لا يحتاج إلى بينة.. فالثروة وفيرة عند المسلمين وهي كفيلة بإغنائهم، لكن من الذي يدافع عن المحتاجين؟ من الذي يقتص من الجباة والإقطاعيين؟ من يطبق شرع الله العادل؟ من يعطف على اليتيم والأرملة؟... لا نعلم أحدا عينه الله لهذه المهام غير المهدي عليه السلام، فسيأتي بالأحكام كما يريدها رب العزة، وسيقوم بمعالجات لم نرها من قبل، سيهدم ما قبله ويقدم المعادلات الصحيحة، إنه سيسعد البشرية جمعاء... والأدلة على ذلك وفيرة. فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا صِحَاحًا قَالَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي فَيَقُولُ مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ فَمَا يَقُومُ مِنْ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ فَيَقُولُ ائْتِ السَّدَّانَ يَعْنِي الْخَازِنَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا فَيَقُولُ لَهُ احْثِ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ فَيَقُولُ كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْسًا أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ قَالَ فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ أَوْ قَالَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ."( مسند الإمام أحمد). وروى ابن أبي شيبة في مصنفه ونعيم بن حماد في الفتن واللفظ له عن طاووس قال: [علامة المهدي أن يكون شديدا على العمال، جوادا بالمال، رحيما بالمساكين]. وأخرج أحمد في مسنده أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا".
هذا هو المجدد الموعود الذي بشر به الرسول الكريم صلوات الله عليه، وبشر بدولته المزدهرة، فلطالما تشوقت الأمة على مر العصور لرؤية عهده، والعيش فيه عزيزة منيعة ممكنة.. إن الإمام المهدي عليه السلام هو وعد الرحمن للبشرية جمعاء، إنه فرحة الأكوان بسيرته العطرة، إنه بشارة العدنان بنهاية الجور والطغيان، إنه مذهب الأحزان ومحرر البلدان، إنه مؤيد من عند الله بالبرهان، عن كعب الأحبار قال: قال قتادة: "المهدي خير الناس(...)مقدمته جبريل، وساقته ميكائيل، محبوب في الخلائق يطفئ الله تعالى به الفتنة العمياء، وتأمن الأرض حتى إن المرأة لتحج في خمس نسوة ما معهن رجل، لا يتقي شيئاً إلا الله عز وجل، تعطي الأرض بركاتها والسماء بركاتها." أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.
إنه الأمل الوحيد.. إنه الفرج الأكيد.. إنه الخير المديد.. إنه السيد الفريد..
المراجع: -المهدي المنتظر والخلافة الثانية على منهاج النبوة لمحمد الشويكي.
-عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، لبدر الدين بن يحيى المقدسي الشافعي.