دمـ تبتسم ـوع
06 Jun 2009, 05:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاعت ثقافة غريبة بين النساء مؤداها أن التمدن والأناقة و"الشياكة" تتناسب عكسياً مع طول الثوب وعرضه، وطردياً مع طول كعب الحذاء، وربما الأظفار! بل تمكنت وسائل الإعلام من تغيير مفهوم الاهتمام بالمظهر حتى انحرف عند كثيرات إلى صبغ الوجه بالأحمر والأزرق والأخضر، والمبالغة في قص الشعر وتلوينه، وحبس الجسد في اللباس الضيق والمتهتك.
والنساء أمام هذا الطوفان الإعلامي على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول : صنف مخدوع، يستحسن ما استحسنته وسائل الإعلام المستغرب، ويستقبح ما استقبحته، ينساق خلفها دون وعي أو تفكير، يظن أن غاية التحضر ثياب رقاق، ووجه مصبوغ، وقَصَّة غربية، ولكنة أعجمية، ومِشية متكسرة، ونفس مستكبرة!.. يتهافت هذا الصنف على كل ما تنتجه دور الموضة تهافت الفراش على النار، ولو نظرت إحداهن لما تفعله بنفسها بعين عقلها لتعجبت من صنيعها.
تخيلي أيتها الفاضلة لو لم تكن هناك أي وسائل إعلام؛ لا فضائيات، ولا مجلات، ولا أفلام، ولا غير ذلك، وكان مفهوم الجمال والزينة عند النساء متحرراً من الإيحاءات التي يوصلها الإعلام عن طريق الممثلات، وعارضات الأزياء، والمذيعات، وغيرهن، ثم طلبت منك إحداهن مساعدتها في زينتها فنقلت لها النصيحة الآتية،
وهي نصيحة حقيقية لواحد من خبراء التجميل المشاهير: "لإشراقة خاصة وألوان رومانسية حالمة: انشري الظل الداكن على كامل الجفن العلوي ومديه على شكل سبعة، وزعي اللون الفاتح المشرق على الجفن السفلي، حددي عينيك بالكحل الأسود، انشري الظل البنفسجي المزرق تحت خط (الآي لاينر)، وضعي تحت الحاجب اللون الزهري الفاتح، خططي داخل العين باللون الكحلي، وارسمي حاجبيك باللون البني الطبيعي، أما الشفتان فاطليهما باللون الوردي الطبيعي، وغلفيهما بملمع الشفاه ذي الانعكاسات الضوئية". فما تظنين أن صاحبتك –نقية الفطرة- قائلة؟.. لو أحسَنَتِ الظنَّ بك لقالت: إنها ليست بهلواناً ولا مهرجاً.
أما الصنف الثاني: ففيه بقية من حياء، لم تفلح وسائل الإعلام في التأثير الشديد على مظهره، لكنها استطاعت أن تفسد ذوقه، فالواحدة منهن تلبس ثياباً معقولة، وقد تحرص على الحجاب لأنها مُكلَّفة،
لكنها تحس في قرارة نفسها أن الستر نوع من الحرمان، ومفهوم الجمال والعناية بالمظهر قريب من مفهوم الفئة الأولى؛ لذا تحرص الواحدة منهن على أن يكون لباس بناتها الصغيرات (على الموضة)؛ ليتمتعن بحياتهن وجمالهن قبل أن يحرمن بالتكليف!
ولو طلب من إحداهن أن تقصر ثوب ابنها الصغير ليتربى على السنة لتعللت بأن الثوب سيقصر تلقائياً بعد شهرين أو ثلاثة، لكنها لما تشتري لأخته تنتقي ثوباً قصيراً ربما لم يجاوز الركبة! كأن ثوبها سيطول معها كما سيطول أخوها!
أما الصنف الثالث:
فهن اللائي لم يغرهن ما يروج من تلك المفاهيم، بل يجعلنها عرضة للنظر ثم الأخذ أو الرد، يعرفن أن الله تعالى امتن عليهن بمنتين عظيمتين، وهما نعمة الإسلام ونعمة العقل،
ويعرفن أن مِنْ شكر نعمة الإسلام الاستقامة عليه، ومِنْ شُكر نعمة العقل إعماله قبل الإقدام على أي فعل. والعقل والإسلام كلاهما يدلان على أن المرأة مجبولة على حب التزين والتجمل، ويدعوانها لذلك، لكن بضوابط معينة.
فلها أن تستعمل أدوات التجميل المختلفة، وتنتقي ما تحب من عطور ولباس، لكن لا تبدي للرجال من زينتها شيئاً إلا ما ظهر منها، بل لا تبالغ في التكشف بلبس الضيق والقصير أمام النساء، أما أمام زوجها فلها أن تفعل ما تشاء.
إن مجاراة الموضة دون وعي أو عقل تقود المجتمع إلى شر مستطير، ولقد بدأنا نحس ببعض ذلك. دونك - أيتها المتميزة - أبواب الفتاوى والاستشارات في المواقع الإسلامية والاجتماعية لتعرفي أن اللباس العاري بين المحارم أحد أهم أسباب تحرش المحارم بنسائهم، واعلمي أن كثيراً من الاستشارات المتعلقة بمثل هذه المواضيع لا تنشر نظراً لطلب مرسليها! كما أن التعري بين النساء سبب من أسباب ما يسمى بظاهرة الإعجاب وما يليها من فسق وفجور.
وقد دعت قريبة إحدى الأخوات امرأة غربية لمناسبة اجتماعية، وفي الحفل لاحظت المضيفة ضيق ضيفتها، فلما سألتها عن السبب قالت لها ما حاصله: إننا في الغرب تلبس إحدانا مثل هذا اللباس في مثل هذه الحفلات لتظفر بشاب يراقصها ويؤنسها .. -وعذراً فليس بعد الكفر ذنب- أما هنا فالحفلات غير مختلطة، فلم تلبسن مثل هذا اللباس؟ هل الشذوذ متفش هنا إلى هذا الحد؟!
سؤال محير لم تجد له إجابة مقنعة! لمَ تظهر المرأة أمام النساء ما لا يليق إظهاره؟ لمَ تكشف ظهرها، وبطنها، وفخذها، وتغطي بقية جسدها بما لايكاد يستر لخفته وضيقه؟ ألا يدل مثل هذا الفعل على تفكير شاذ.. أو على عدم تفكير أصلاً؟!
والأدهى من ذلك أن هذا الأمر لم يعد محصوراً بين المراهقات، بل ربما رأيت عجوزاً جاوزت الستين، تلبس الضيق العاري فتكشف عن عضدين مرهلين وقوام غير متناسق، وتصبغ وجهها فتبين آثار السنين فيه، وتلبس كعباً عالياً يزيد من تكفئها وترنحها، ثم تظن بعد ذلك أنها قد بلغت بفعلها هذا من الحسن والجمال غاية! وأن المكياج والموضة قد أصلحا ما أفسد الدهر، وتتخيل أن نظرات الهزء والسخرية التي تلاحقها نظرات استحسان وإعجاب! ومن تخالط النساء تعرف هذا وتراه.
ومما يدعو للأسف حقاً خروج بعض الطيبات اللاتي يُنظر إليهن بعين التوقير، وربما كن قدوة لكثيرات، بلباس مناف للمروءة؛ بحجة أن هذا من باب كسر الحاجز بين الداعيات والمدعوات! وأن عورة المرأة أمام المرأة ما بين السرة والركبة، ويكفي في تصور فساد هذا الغرض أن تتخيلي خطيباً يصعد المنبر بالعلاقي أمام الرجال ليكسر تلك الحواجز المدَّعاة! فكيف إذا كان الصواب في حق المرأة عدم جواز كشفها إلا ما جرت العادة السوية بكشفه بين النساء، كالرأس، والعنق، والذراعين، والقدمين .
ولو سلمنا جدلاً بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة فإن هذه الألبسة لا تستر ما بين السرة والركبة حقيقةً لكونها ضيقة، أو شفافة، أو مفتحة.
كما أن هذه الألبسة غير الساترة هي محض تشبه وتقليد للكافرات أو الماجنات والساقطات من المغنيات والممثلات، وفدت إلينا من القنوات الفضائية، ومجلات الأزياء. وقد ثبت عن النبي أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" .
أليس بالعجيب أن نتنازل عن ديننا وأخلاقنا ونتشبه بمن نهينا عن التشبه بهم فنستحسن ما استحسنوه ونستقبح ما استقبحوه، ثم نواصل تحدرنا في هذه الدركات فنستحسن كل قبيح حتى ما استقبحوه!
مجلة المتميزة عدد صفر 1430هـ
شاعت ثقافة غريبة بين النساء مؤداها أن التمدن والأناقة و"الشياكة" تتناسب عكسياً مع طول الثوب وعرضه، وطردياً مع طول كعب الحذاء، وربما الأظفار! بل تمكنت وسائل الإعلام من تغيير مفهوم الاهتمام بالمظهر حتى انحرف عند كثيرات إلى صبغ الوجه بالأحمر والأزرق والأخضر، والمبالغة في قص الشعر وتلوينه، وحبس الجسد في اللباس الضيق والمتهتك.
والنساء أمام هذا الطوفان الإعلامي على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول : صنف مخدوع، يستحسن ما استحسنته وسائل الإعلام المستغرب، ويستقبح ما استقبحته، ينساق خلفها دون وعي أو تفكير، يظن أن غاية التحضر ثياب رقاق، ووجه مصبوغ، وقَصَّة غربية، ولكنة أعجمية، ومِشية متكسرة، ونفس مستكبرة!.. يتهافت هذا الصنف على كل ما تنتجه دور الموضة تهافت الفراش على النار، ولو نظرت إحداهن لما تفعله بنفسها بعين عقلها لتعجبت من صنيعها.
تخيلي أيتها الفاضلة لو لم تكن هناك أي وسائل إعلام؛ لا فضائيات، ولا مجلات، ولا أفلام، ولا غير ذلك، وكان مفهوم الجمال والزينة عند النساء متحرراً من الإيحاءات التي يوصلها الإعلام عن طريق الممثلات، وعارضات الأزياء، والمذيعات، وغيرهن، ثم طلبت منك إحداهن مساعدتها في زينتها فنقلت لها النصيحة الآتية،
وهي نصيحة حقيقية لواحد من خبراء التجميل المشاهير: "لإشراقة خاصة وألوان رومانسية حالمة: انشري الظل الداكن على كامل الجفن العلوي ومديه على شكل سبعة، وزعي اللون الفاتح المشرق على الجفن السفلي، حددي عينيك بالكحل الأسود، انشري الظل البنفسجي المزرق تحت خط (الآي لاينر)، وضعي تحت الحاجب اللون الزهري الفاتح، خططي داخل العين باللون الكحلي، وارسمي حاجبيك باللون البني الطبيعي، أما الشفتان فاطليهما باللون الوردي الطبيعي، وغلفيهما بملمع الشفاه ذي الانعكاسات الضوئية". فما تظنين أن صاحبتك –نقية الفطرة- قائلة؟.. لو أحسَنَتِ الظنَّ بك لقالت: إنها ليست بهلواناً ولا مهرجاً.
أما الصنف الثاني: ففيه بقية من حياء، لم تفلح وسائل الإعلام في التأثير الشديد على مظهره، لكنها استطاعت أن تفسد ذوقه، فالواحدة منهن تلبس ثياباً معقولة، وقد تحرص على الحجاب لأنها مُكلَّفة،
لكنها تحس في قرارة نفسها أن الستر نوع من الحرمان، ومفهوم الجمال والعناية بالمظهر قريب من مفهوم الفئة الأولى؛ لذا تحرص الواحدة منهن على أن يكون لباس بناتها الصغيرات (على الموضة)؛ ليتمتعن بحياتهن وجمالهن قبل أن يحرمن بالتكليف!
ولو طلب من إحداهن أن تقصر ثوب ابنها الصغير ليتربى على السنة لتعللت بأن الثوب سيقصر تلقائياً بعد شهرين أو ثلاثة، لكنها لما تشتري لأخته تنتقي ثوباً قصيراً ربما لم يجاوز الركبة! كأن ثوبها سيطول معها كما سيطول أخوها!
أما الصنف الثالث:
فهن اللائي لم يغرهن ما يروج من تلك المفاهيم، بل يجعلنها عرضة للنظر ثم الأخذ أو الرد، يعرفن أن الله تعالى امتن عليهن بمنتين عظيمتين، وهما نعمة الإسلام ونعمة العقل،
ويعرفن أن مِنْ شكر نعمة الإسلام الاستقامة عليه، ومِنْ شُكر نعمة العقل إعماله قبل الإقدام على أي فعل. والعقل والإسلام كلاهما يدلان على أن المرأة مجبولة على حب التزين والتجمل، ويدعوانها لذلك، لكن بضوابط معينة.
فلها أن تستعمل أدوات التجميل المختلفة، وتنتقي ما تحب من عطور ولباس، لكن لا تبدي للرجال من زينتها شيئاً إلا ما ظهر منها، بل لا تبالغ في التكشف بلبس الضيق والقصير أمام النساء، أما أمام زوجها فلها أن تفعل ما تشاء.
إن مجاراة الموضة دون وعي أو عقل تقود المجتمع إلى شر مستطير، ولقد بدأنا نحس ببعض ذلك. دونك - أيتها المتميزة - أبواب الفتاوى والاستشارات في المواقع الإسلامية والاجتماعية لتعرفي أن اللباس العاري بين المحارم أحد أهم أسباب تحرش المحارم بنسائهم، واعلمي أن كثيراً من الاستشارات المتعلقة بمثل هذه المواضيع لا تنشر نظراً لطلب مرسليها! كما أن التعري بين النساء سبب من أسباب ما يسمى بظاهرة الإعجاب وما يليها من فسق وفجور.
وقد دعت قريبة إحدى الأخوات امرأة غربية لمناسبة اجتماعية، وفي الحفل لاحظت المضيفة ضيق ضيفتها، فلما سألتها عن السبب قالت لها ما حاصله: إننا في الغرب تلبس إحدانا مثل هذا اللباس في مثل هذه الحفلات لتظفر بشاب يراقصها ويؤنسها .. -وعذراً فليس بعد الكفر ذنب- أما هنا فالحفلات غير مختلطة، فلم تلبسن مثل هذا اللباس؟ هل الشذوذ متفش هنا إلى هذا الحد؟!
سؤال محير لم تجد له إجابة مقنعة! لمَ تظهر المرأة أمام النساء ما لا يليق إظهاره؟ لمَ تكشف ظهرها، وبطنها، وفخذها، وتغطي بقية جسدها بما لايكاد يستر لخفته وضيقه؟ ألا يدل مثل هذا الفعل على تفكير شاذ.. أو على عدم تفكير أصلاً؟!
والأدهى من ذلك أن هذا الأمر لم يعد محصوراً بين المراهقات، بل ربما رأيت عجوزاً جاوزت الستين، تلبس الضيق العاري فتكشف عن عضدين مرهلين وقوام غير متناسق، وتصبغ وجهها فتبين آثار السنين فيه، وتلبس كعباً عالياً يزيد من تكفئها وترنحها، ثم تظن بعد ذلك أنها قد بلغت بفعلها هذا من الحسن والجمال غاية! وأن المكياج والموضة قد أصلحا ما أفسد الدهر، وتتخيل أن نظرات الهزء والسخرية التي تلاحقها نظرات استحسان وإعجاب! ومن تخالط النساء تعرف هذا وتراه.
ومما يدعو للأسف حقاً خروج بعض الطيبات اللاتي يُنظر إليهن بعين التوقير، وربما كن قدوة لكثيرات، بلباس مناف للمروءة؛ بحجة أن هذا من باب كسر الحاجز بين الداعيات والمدعوات! وأن عورة المرأة أمام المرأة ما بين السرة والركبة، ويكفي في تصور فساد هذا الغرض أن تتخيلي خطيباً يصعد المنبر بالعلاقي أمام الرجال ليكسر تلك الحواجز المدَّعاة! فكيف إذا كان الصواب في حق المرأة عدم جواز كشفها إلا ما جرت العادة السوية بكشفه بين النساء، كالرأس، والعنق، والذراعين، والقدمين .
ولو سلمنا جدلاً بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة فإن هذه الألبسة لا تستر ما بين السرة والركبة حقيقةً لكونها ضيقة، أو شفافة، أو مفتحة.
كما أن هذه الألبسة غير الساترة هي محض تشبه وتقليد للكافرات أو الماجنات والساقطات من المغنيات والممثلات، وفدت إلينا من القنوات الفضائية، ومجلات الأزياء. وقد ثبت عن النبي أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" .
أليس بالعجيب أن نتنازل عن ديننا وأخلاقنا ونتشبه بمن نهينا عن التشبه بهم فنستحسن ما استحسنوه ونستقبح ما استقبحوه، ثم نواصل تحدرنا في هذه الدركات فنستحسن كل قبيح حتى ما استقبحوه!
مجلة المتميزة عدد صفر 1430هـ