عبيد المبين
16 Aug 2004, 09:47 AM
<div align="center">أحبتنا الكرام :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
فهذه تنبيهات مهمة لأحبتنا الكرام :
الأول :
بالتفاهم مع المشرف ( سنا البرق ) ستتحول هذه الدروس - إن شاء الله تعالى - إلى حلقات منفصلة ( أي ليست في مكان واحد كما فعلت هنا) حتى يتمكن الأحبة من تمييز الحلقات الجديدة ، فتسهل متابعتها ..
الثاني :
الأصل نص تفسير ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي ( ولد في 12/1/1307هـ وتوفي رحمه الله عام 1376هـ ) .
وهو من العلماء المحققين ، فقد بلغ مرحلة من العلم جعلته يخرجون عن التقليد المذهبي بالدليل ، فكانت له اختيارت علمية متميزة .
وقد أكمل الشيخ رحمه الله تأليف هذا التفسير عام 1344هـ .
الثالث : تذكير برموز هذه المدارسة :
أضفت نوعين من الإضافات ، ولكي يمكن تمييز الإضافات عن كلام ابن سعدي ، فقد قدمت للإضافة التي تكون خارج نص التفسير ، بجملة : ( قال مقيده عفى الله عنه ) ؛ وأما الإضافة التي تكون ضمن نص التفسير فإنني أميزها بوضعها بين معكوفتين هكذا [ ... ] لأكتب داخلها ما يوضح جملة المؤلف أو أضيف ما يتمم المعنى وأوضح ذلك باللون الأزرق .
الرابع :
الطبعة المعتمدة من تفسير الشيخ السعدي هنا هي طبعة دار ابن الجوزي الأولى محرم 1425 هـ التي حققها / سعد الصميل ؛ وذلك لجودتها فهي مطبوعة عن نسخة المؤلف التي أرسلها - في حياته - بعد التصحيح إلى المطبعة .. وهي مأخوذة من أولاد الشيخ رحمه الله .
الخامس :
قد أذكر في نهاية الحلقة فائدة علمية أو طرفة تربوية مختصرة .
الحلقة الثالثة / الآيات ( 12-15 )
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>
(12-14) أي : كذّب الذين من قبلهم من الأمم رسلَهم الكرام ، وأنبياءَهم العظام ، [ يهدد الله عز وجل كفار قريش وغيرهم من المكذبين بما أوقعه بأشبابهم من المكذبين قبلهم ] ،كـ نوح كذَّبه قومُه ، وثمود كذَّبوا [ نبيَّهم ] صالحًا ، وعادٌ كذَّبوا [ نبيَّهم ] هودًا ، وإخوانُ لوطٍ [ وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل ( سدوم ) بغور الأردن ، قريبا من بيت المقدس ، ويشتهر أنه البحر الميت ذاته ، وقد مررت به في زيارتي لمكان معركة اليرموك وسمعت أهل المنطقة يتحدثون عن تاريخ سدوم حتى الأطفال الصغار ويذكرون تفاصيل عجيبة !! ] كذَّبوا [ نبيَّهم ] لوطًا ، وأصحابُ الأيكة كذَّبوا [ نبيَّهم ] شعيبًا ، وقوم تُبَّعٍ – وتُبَّعٌ كل مَلِك مَلَك اليمنَ في الزمان السابق قبل الإسلام [ كما يقال فرعون لمن ملك مصر وقيصر لمن ملك الروم وكسرى لمن ملك الفرس ] - فقوم تُبَّع كذَّبوا الرسول الذي أرسله الله إليهم ، ولم يخبرنا اللهُ من هو ذلك الرسول ، وأيُّ تبع من التبابعة ، لأنَّه - والله أعلم- كان مشهورًا عند العرب لكونهم من العرب العرباء ، الذين لا تخفى ماجرياتهم على العرب ، خصوصًا مثل هذه الحادثة العظيمة .
فهؤلاء كلُّهم كذَّبوا الرّسل ، الذين أرسلهم الله إليهم ، فحَقَّ عليهم وعيدُ الله وعقوبتُه ، [ وما أوعدهم الله تعالى من النكال والعذاب جزاء تكذيبهم .
والمعنى : احذروا أن تكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم فينالكم من العذاب ويصيبكم منه مثل ما أصاب هذه الأمم الكبيرة التي كذبت رسل الله إليهم ] ولستم أيَّها المكذِّبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ، خيرًا منهم ، ولا رسلهم أكرم على الله من رسولكم ، فاحذروا جرمَهم ، لئلا يصيبكم ما أصابهم .
(15) ثم استدلّ تعالى بالخلق الأول - وهو النشأة الأولى - على الخلق الآخر - وهو النشأة الآخرة - ؛ فكما أنه الذي أوجدهم بعد العدم ؛ كذلك يعيدهم بعد موتهم وصيرورتهم إلى الرُّفات والرِّمم ، فقال: أَفَعَيِينَا أي: أَفَعَجَزْنَا وضعفتْ قدرتُنا <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> [ حتى تكونوا في شك من الإعادة ؟ ] ؟ ليس الأمر كذلك ، [ فابتداء الخلق والإيجاد من العدم لم يعجزنا ، وها أنتم مخلوقون موجودون بأجسادكم وأرواحكم ، لا ينكر بعضكم بعضا ، مع أنكم لم تكونوا قبل وجودكم شيئا مذكوراً ولكنهم ينسون هذه الحقيقة وهذا الدليل العقلي القوي <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ] ؛ فلم نعجز ونعيَ [ يقال لم يعيا بالأمر أي : يجهله أو ويعجز عنه ويصعب عليه ] عن ذلك ، وليسوا [ يعني الكفار المكذبين ] في شكٍّ من ذلك ، وإنَّما هم في <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>لبس من خلق جديد <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>[ أي : البعث بعد الموت ] ، هذا الذي شكُّوا فيه ، والتبس عليهم أمرُه ، مع أنَّه لا محلَّ لِلَّبْس فيه ؛ لأنَّ الإعادة أهونُ من الابتداء ؛ كما قال تعالى: <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> . [ فهذه الآية الكريمة <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> من أدلة البعث بعد الموت ؛ لأن من لم يعي بخلق الناس ولم يعجز عن إيجادهم الأول ، لا شك في قدرته على إعادتهم وخلقهم مرة أخرى ؛ لأنَّ الإعادة لا يمكن أن تكون أصعب من البدء ، فالله يرد على المكذبين المنكرين للبعث بدليل عقلي بسيط واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، وقد تكرر هذا البرهان في القرآن بأساليب متعددة منها <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> .
وفي الحديث القدسي : ( يقول الله تعالى : يؤذيني ابن آدم يقول : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته ) .
وهذه الآية ترد على استبعاد المشركين للبعث الذي حكاه الله عنهم في أول السورة : { ذلك رجع بعيد } ] . </div>
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
فهذه تنبيهات مهمة لأحبتنا الكرام :
الأول :
بالتفاهم مع المشرف ( سنا البرق ) ستتحول هذه الدروس - إن شاء الله تعالى - إلى حلقات منفصلة ( أي ليست في مكان واحد كما فعلت هنا) حتى يتمكن الأحبة من تمييز الحلقات الجديدة ، فتسهل متابعتها ..
الثاني :
الأصل نص تفسير ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي ( ولد في 12/1/1307هـ وتوفي رحمه الله عام 1376هـ ) .
وهو من العلماء المحققين ، فقد بلغ مرحلة من العلم جعلته يخرجون عن التقليد المذهبي بالدليل ، فكانت له اختيارت علمية متميزة .
وقد أكمل الشيخ رحمه الله تأليف هذا التفسير عام 1344هـ .
الثالث : تذكير برموز هذه المدارسة :
أضفت نوعين من الإضافات ، ولكي يمكن تمييز الإضافات عن كلام ابن سعدي ، فقد قدمت للإضافة التي تكون خارج نص التفسير ، بجملة : ( قال مقيده عفى الله عنه ) ؛ وأما الإضافة التي تكون ضمن نص التفسير فإنني أميزها بوضعها بين معكوفتين هكذا [ ... ] لأكتب داخلها ما يوضح جملة المؤلف أو أضيف ما يتمم المعنى وأوضح ذلك باللون الأزرق .
الرابع :
الطبعة المعتمدة من تفسير الشيخ السعدي هنا هي طبعة دار ابن الجوزي الأولى محرم 1425 هـ التي حققها / سعد الصميل ؛ وذلك لجودتها فهي مطبوعة عن نسخة المؤلف التي أرسلها - في حياته - بعد التصحيح إلى المطبعة .. وهي مأخوذة من أولاد الشيخ رحمه الله .
الخامس :
قد أذكر في نهاية الحلقة فائدة علمية أو طرفة تربوية مختصرة .
الحلقة الثالثة / الآيات ( 12-15 )
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>
(12-14) أي : كذّب الذين من قبلهم من الأمم رسلَهم الكرام ، وأنبياءَهم العظام ، [ يهدد الله عز وجل كفار قريش وغيرهم من المكذبين بما أوقعه بأشبابهم من المكذبين قبلهم ] ،كـ نوح كذَّبه قومُه ، وثمود كذَّبوا [ نبيَّهم ] صالحًا ، وعادٌ كذَّبوا [ نبيَّهم ] هودًا ، وإخوانُ لوطٍ [ وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل ( سدوم ) بغور الأردن ، قريبا من بيت المقدس ، ويشتهر أنه البحر الميت ذاته ، وقد مررت به في زيارتي لمكان معركة اليرموك وسمعت أهل المنطقة يتحدثون عن تاريخ سدوم حتى الأطفال الصغار ويذكرون تفاصيل عجيبة !! ] كذَّبوا [ نبيَّهم ] لوطًا ، وأصحابُ الأيكة كذَّبوا [ نبيَّهم ] شعيبًا ، وقوم تُبَّعٍ – وتُبَّعٌ كل مَلِك مَلَك اليمنَ في الزمان السابق قبل الإسلام [ كما يقال فرعون لمن ملك مصر وقيصر لمن ملك الروم وكسرى لمن ملك الفرس ] - فقوم تُبَّع كذَّبوا الرسول الذي أرسله الله إليهم ، ولم يخبرنا اللهُ من هو ذلك الرسول ، وأيُّ تبع من التبابعة ، لأنَّه - والله أعلم- كان مشهورًا عند العرب لكونهم من العرب العرباء ، الذين لا تخفى ماجرياتهم على العرب ، خصوصًا مثل هذه الحادثة العظيمة .
فهؤلاء كلُّهم كذَّبوا الرّسل ، الذين أرسلهم الله إليهم ، فحَقَّ عليهم وعيدُ الله وعقوبتُه ، [ وما أوعدهم الله تعالى من النكال والعذاب جزاء تكذيبهم .
والمعنى : احذروا أن تكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم فينالكم من العذاب ويصيبكم منه مثل ما أصاب هذه الأمم الكبيرة التي كذبت رسل الله إليهم ] ولستم أيَّها المكذِّبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ، خيرًا منهم ، ولا رسلهم أكرم على الله من رسولكم ، فاحذروا جرمَهم ، لئلا يصيبكم ما أصابهم .
(15) ثم استدلّ تعالى بالخلق الأول - وهو النشأة الأولى - على الخلق الآخر - وهو النشأة الآخرة - ؛ فكما أنه الذي أوجدهم بعد العدم ؛ كذلك يعيدهم بعد موتهم وصيرورتهم إلى الرُّفات والرِّمم ، فقال: أَفَعَيِينَا أي: أَفَعَجَزْنَا وضعفتْ قدرتُنا <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> [ حتى تكونوا في شك من الإعادة ؟ ] ؟ ليس الأمر كذلك ، [ فابتداء الخلق والإيجاد من العدم لم يعجزنا ، وها أنتم مخلوقون موجودون بأجسادكم وأرواحكم ، لا ينكر بعضكم بعضا ، مع أنكم لم تكونوا قبل وجودكم شيئا مذكوراً ولكنهم ينسون هذه الحقيقة وهذا الدليل العقلي القوي <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ] ؛ فلم نعجز ونعيَ [ يقال لم يعيا بالأمر أي : يجهله أو ويعجز عنه ويصعب عليه ] عن ذلك ، وليسوا [ يعني الكفار المكذبين ] في شكٍّ من ذلك ، وإنَّما هم في <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>لبس من خلق جديد <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>[ أي : البعث بعد الموت ] ، هذا الذي شكُّوا فيه ، والتبس عليهم أمرُه ، مع أنَّه لا محلَّ لِلَّبْس فيه ؛ لأنَّ الإعادة أهونُ من الابتداء ؛ كما قال تعالى: <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> . [ فهذه الآية الكريمة <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> من أدلة البعث بعد الموت ؛ لأن من لم يعي بخلق الناس ولم يعجز عن إيجادهم الأول ، لا شك في قدرته على إعادتهم وخلقهم مرة أخرى ؛ لأنَّ الإعادة لا يمكن أن تكون أصعب من البدء ، فالله يرد على المكذبين المنكرين للبعث بدليل عقلي بسيط واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، وقد تكرر هذا البرهان في القرآن بأساليب متعددة منها <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> .
وفي الحديث القدسي : ( يقول الله تعالى : يؤذيني ابن آدم يقول : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته ) .
وهذه الآية ترد على استبعاد المشركين للبعث الذي حكاه الله عنهم في أول السورة : { ذلك رجع بعيد } ] . </div>