رضى الناس غاية لا تدرك
29 Jun 2009, 08:01 AM
كيفية الانتفاع بنعمة الفراغ
يدخل علينا موسم الأجازة الصيفية، والرغبة راسخة في جعل المواسم كلها مواسم طاعات، واحدة تلو الأخرى، مع ضرورة التخطيط الهادف للانتفاع بفرصة نعمة الفراغ وذلك للمحافظة على الوقت الذي هو العُمُر حتى لا تطوى صحائف الأعمال ولم يكتب فيها من الخير ما يَسُرُّ صاحبه ويرتفع بمقامه عند ربِّه في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وهو أيضًا باعث على حفظ الشباب من أن يكون مِعْوَل هدم في بناء مجتمعه وأُمَّته حين تُتْرك فرصة الاستحواذ عليه متاحة للأعداء من أهل الشُبهات والشهوات( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (الكهف:104) هنالك يعظم الخُسْرَان المبين، وتَسْتبينُ صورة الغبْن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم جليَّة بينة.
والفراغ سببٌ من أسباب الانحراف، والوقت إذا لم يُوظف توظيفًا سليمًا فإنه ينقلب بآثاره السيئة على صاحبه فيكون أكثر استعدادًا للانحراف.
وفي الفراغ قد تتسلَّل فتتمكن فكرة منحرفة أو نزوة عابرة أو شهوة جامحة، فتقع الواقعة، لذا وجب على المؤسسات الدعوية القيام بعمل الدورات الصيفية الشرعية، ونشر حلقات تحفيظ القرآن في المساجد والمدارس والمعاهد ومراكز الشباب والأندية، وتوفير المحاضن التربوية الآمنة لاستيعاب وإصلاح ما تيسّر من شباب جعل الفراغ الغلو طريقًا له، شبابٌ رضى بالعيش على هامش الحياة، فافترش الأرصفة وتسكَّع في الأسواق، شباب وقع
فريسة للخمور والمخدرات، قال علي رضي الله عنه: «من أمضى يومًا من عمره في غير حقٍّ قضاه أو فرضٍ أدّاه أو مجد بناه أو حمدٍ حصَّله أو خير سمعه أو علم اقتبسه فقد عَقَّ يومه وظلم نفسه». والعَالمُ يعيش اليوم حالة من الإثارة الشهوانية العارمة التي تلهب مشاعر الشباب، ومن أبرز سُبُل الانحراف ومن أبرز سبل حبائل شياطين الإنس هذه الفضائيات التي يزيِّنُ معظمها الانحراف ويَجُرُ إلى الضلالة، لقد تراجع دور مؤسسات التربية أمام هذه الفضائيات التي أطلقت أبواقها وسخرت جهودها في فتح أبواب الانحراف من تلويث العقول وإفساد القلوب ونزع جلباب الحياء، سهَّلت الغزو الفكري، ونقلت ثقافة وأخلاق بلدان لا تمثل الإسلام ولا تدين به، شجَّعت على الفسق والسّفور، جرأت على الجرعة والانحراف. ساعد على ذلك؛ الفراغ القاتل تلك النعمة التي لم تستغل حق الاستغلال كما أوصى بذلك ربنا عز وجل وكما بين لنا رسولنا الكريم صلوات الله وتسليمه عليه، وهنا تأتي رسالة المسجد للقيام بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإحياء دوره في التوجيه والإصلاح، وقيام الدعاة والمربين بواجبهم، وتحمل مسئوليتهم، بل كل فرد منا يُعتبر حارسًا أمينًا ومسئولا عن حماية أمته من الفساد والانحراف، وتوجيه الشباب إلى مجانبة الهوى والمحافظة على نقاء وبقاء المجتمع السويِّ، قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (21) (هود:117)
الاجازة والترويح المشروع
يحلُّ علينا موسم الأجازة الصيفية وقضية الترويح ومفهومه، والفراغ وهمومه تشغل بال الكثيرين من الآباء والمربين، فمع بداية الأجازة نجد أنفسنا أمام مسألة خطيرة ألا وهي الكيفية التي نستطيع بها ومن خلالها جعل حياة الشباب من أبنائنا في أعلى
مستويات الإيمان ودرجات الكمال في نفس الوقت الذي نجد أنفسنا أمام أمر آخر وهو كيفية الترفيه والترويح لنزيل تعب شبابنا ومعاناته بعد موسم دراسي طويل. وفترة امتحانات مرهقة، نحتاج إلى برنامج ترويحي يزيل التعب والإرهاق، ويجدد النشاط، ويساعد على العمل، ويزيد الطاقة النافعة المستخدمة وليس معنى ذلك أن يقطع المسلم يومه لهوًا ولعبًا، ويَشْغَل الأوقات بالعبث والمجون، أو بالعكوف على أفلام ومجلات خليعة، تثير الغرائز، وتفسد القلوب. بل كما قال المصطفى S: «ساعة وساعة». وقد كان عبد الله بن مسعود يقول: «وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي يتخولنا بها مخافة السآمة علينا»(22).
والتخول هو التحول من حالٍ إلى حال، لكن المفهوم السقيمة تتكئ على هذه النصوص لتضيق ساعة الذكر والجد والحزم، وتوسّع ساعة الترويح واللهو، فتهجر مجالس العلم والوعظ إلا قليلا.
وقد ينقدح في بعض الأذهان عند الحديث عن الترويح أنه سلوك بلا ضوابط، وممارسة بلا منهج، وتعدٍ على حدود الشرع، فيمارسون الترويح بأي وسيلة، دون تقيد بحلّ أو حرمة أو فضيلة.
فالترويح وسيلة سامية تخدم مصالح ومقاصد عالية، تُبنى في ظلها سمات الشخصية، تُقوِّي الأجساد، تُهَذِّب الأخلاق، تدرِّب على الرجولة والجد، تفتح آفاقًا من العلم والعمل، مسابقةً بالأقلام، مصارعة لتربية الأجسام، تحفيزًا على تعلم الرمي، سَابَقَ رسول الله S أصحابه، كما سَابَقَ عائشة.
وقد خرج رسول الله Sذات يوم على قوم من أسلم يتناضلون في السوق فقال: «ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا».(24).
ويقول عمر بن عبد العزيز: «تحدثوا بكتاب الله وتجالسوا عليه، وإذا مللتم فحديث من أحاديث الرجال حسنٌ جميل».(25) [البيهقي في الشعب]
وليس من الترويح المباح التجول في الشوارع والأسواق، وتتبع العورات، والجلوس في المقاهي والشوارع والطرقات، الترويح
في الإسلام ليس كأي ترويح بل هو ترويح بريءٌ من كل إسفاف، أو خروج على الأخلاق الإسلامية، حمايةٌ للرجال والنساء من الاختلاط والنظرة المحرمة، ترويح تترتب عليه مصالح وفوائد، لا يتضمن سخرية بالآخرين، ولمزًا للمسلمين، ولا غيبة ونميمة، لا يتضمن كذبًا وافتراءً، فالنفس لها إقبال وإدبار، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن للقلوب شهوة وإقبالا، وفترة وإدبارًا، فخذوها عند شهواتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها».
بهجة المجالس، والفوائد:
وقد كان رسول الله S يمزح ويداعب؛ فقد جاءته امرأة عجوز تقول: يا رسول الله ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: «يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز»، وانزعجت المرأة وبكت، ظنًا أنها لا تدخل الجنة، فلما رأى ذلك فيها بيَّن لها غرضه أن العجوز لن تدخل الجنة عجوزٌ، بل يبعثها الله خلقًا آخر، فتدخلها شابة بكرًا، وتلا قول الله تعالى: ( إنا )إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارا (36) )عُرُباً أَتْرَاباً) (27) [الواقعة:35-37]».
[أخرجه هناد في الزهد والطبراني في الأوسط]
فهذه الشخصية التي تمارس المزاح والمداعبة هي ذاتها التي تقوم الليل وتصوم النهار، تجاهد في سبيل الله، تبذل النفس والنفيس، ويدها سخّاء، قال S: «إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حقه حقه».
إن الأمة التي تملأ وقتها بقراءة المفيد، وتعلم العلم النافع، ترقى في سلم التقدم والحضارة، وتكون قادرة على فهم الحياة، وإصلاح حالها، وبلوغ أهدافها، أما الأمة التي لا تتعدى ثقافتها ميادين اللهو واللعب والأزياء، ستظل تابعة ذليلة في مؤخرة الركب لا وزن لها. قال عمر بن الخطاب: «إن هذه الأيدي لابد أن تُشغَل بطاعته، قبل أن تشغلك بمعصيته».
لقد استعرضنا في ما سبق عددا من المشاكل التي يسببها الفراغ للشباب والفتيات والكبار والصغار وأوجدنا بعد كل مشكلة شيئا يسيرا من الحلول ولكن هنا الكثير من الحلول التي سنوردها مجملة بإذن الله.
أولا :كيف تستثمر وقتك؟ :
إن الحل السحري لكل معاناة الإنسان هو ملء هذا الفراغ .
إذا كيف تملأ هذا الفراغ ؟ ! ملء الفراغ يبدأ من الداخل وليس من الخارج ، بمعنى أنه يبدأ من اكتشافك لنفسك ، وبحثك عما قد تميل إليه هذه النفس لتنميتها وتطورها ، فهل تميل للقراءة أم الرياضة أم النشاط العلمي أو غيره ؟
هناك وسائل كثيرة لكسب المعرفة والمهارات المختلفة علاوة على الترويح عن النفس ، وتمضية وقت الفراغ بما يعود بالنفع على صاحبه وهى :
1 - المسجد : هناك كثير من الخبرات لا نستطيع تعلمها في المدرسة أوفى الأسرة مثل تعلم تلاوة القرآن وكيفية صلاة الجماعة والإجابة عن بعض الأسئلة الفقهية.
2- الصحافة : هناك تجد أخبار الرياضة ، والسياسة ، والعلوم ، وشؤون المنزل والكثير من المفيد .
3 البرامج الإذاعية : هناك البرامج الثقافية الهادفة التي تزودك بالمعارف والمهارات .
4 - برامج التليفزيون فهناك تجد كل مفيد ولكن علينا أن نحرص على مشاهدة البرامج المفيدة التي تضيف معلومة جديدة أو مهارة يمكن أن نتعلمها وترك الغث منها .
5 - القراءة : هنا القراءة مجالاتها متنوعة فيجب اختيار ماله فائدة لدينك ودنياك وما تميل إليه نفسك من المفيد .
6 - الأنشطة الرياضية بكل فروعها سواء في المدرسة أو في النوادي فهي تزودك بالنشاط وبالصحة البدنية .
7- تدعيم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد سواء صداقة جديدة مفيدة أو خدمات اجتماعية تقدمها . لا تحرم نفسك من الصحبة الطيبة ، فإن المهارات الاجتماعية شيء مكتسب ، ومن الأفضل أن تحاول اكتسابه من الآن ؛ لأنك إذا تعودت على الوحدة فسيكون من الصعب عليك التخلص منها وهذا ليس في مصلحتك.
8 - تخصيص جزء من وقت الفراغ لالتقاء الآباء مع الأبناء :
فالأسرة مؤسسة تربوية فيها امتصاص طرق التفكير والتعبير، وفيها يكتسب الدين ،واللغة ، والتقاليد ، والعادات وطريقة الكلام .
فلابد أن يشعر الأبناء بالدفء والحنان من آبائهم ، ويساعد ذلك أن يقضوا معا أوقات فراغهم بشكل منظم وأن يشمل ذلك نواحي الأنشطة التي يحبها الأبناء ويفضلونها من أنشطة رياضية وألعاب ومسابقات ثقافية ويكون ذلك كالتالي :
- استغلال فترة الغذاء وتجمع الأسرة وتبادل الأحاديث والمواقف التي تعرض لها الأب والأم وشرح طريقة تصرف كل منهما تجاه كل موقف .
- الاستفادة من المسافات الطويلة التي يقطعها أفراد الأسرة معا في السيارة بسرد قصص شيقة من الواقع تضيف تجارب الآخرين
- اصطحاب الأسرة لزيارة المعالم الأثرية والثقافية .
- تعويد الأبناء على القراءة بتخصيص مكان بالمنزل لعمل مكتبة تضم المراجع المختلفة و بعض الكتب والتي تتفق مع أعمارهم .
- اقتناء اسطوانات الكمبيوتر ( إن وجد ) التي تضم القيم والمعلومات المفيدة .
- قراءة القرآن بالمنزل والصلاة جماعة بذلك يكون الآباء قدوة لأبنائهم .
- إن إعطاء هدية لصاحب المواقف الأخلاقية ومكافأته أمام الآخرين يدعو إلى التسابق بين الأبناء والتنافس على الأعمال الأخلاقية العالية .
- قصص ما قبل النوم للصغار تغرس القيم والأخلاق الحميدة وتشيع جو من الحنان والحب .
أتعلم أيها الفتى وأنتي أيتها الفتاة أن الفراغ الذي تعاني منه قد حدا بعمالقة البشر إلى أن يستثمروه في الحصول على بطولات أو
انتصارات علمية تنعم البشرية في ظلها اليوم ، ففرضوا أنفسهم
على الناس أحياء وأمواتاً ، ولم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا
نسخاً مكررة من ملايين النسخ التي تشاهدها في النماذج البشرية
كل يوم ، وإنما رحلوا عن الدنيا وقد تركوا بصماتهم عليها . وذلك باستغلال أوقاتهم بكل مفيد ونبذ الفراغ من حياتهم؟؟!!
ثانيا : تنظيم الوقت :
إن تنظيم الوقت يساعدك على :
• إتمام أعمالك بشكل أسرع وبمجهود أقل .
• سيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك .
• إن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك مابين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ .
إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما ، وكذلك الوقت علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم .
إن تنظيم الوقت سيؤدى إلى :
• الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك .
• قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة .
• قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي .
• انجاز أهدافك وأحلامك الشخصية .
• تحسين إنتاجك بشكل عام .
• التخفيف من الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة .
إن طريقك من البيت إلى العمل وبالعكس يحتاج مثلا إلى أكثر من
60 دقيقة . لو قمت باستغلال هذا الوقت يوميا في شئ مفيد أثناء تنقلاتك لاستفدت من هذا الوقت الضائع .
وأنت في سيارتك مثلا يمكنك أن تستمع إلى شريط تعليمي أو إلى
برنامج تثقيفي من برامج الراديو وإذا كنت في وسيلة أخرى من
وسائل المواصلات عليك أن تقرأ جريدة أو كتاب مثلا وبذلك تكون قد استفدت بهذا الوقت المهدر .
ثالثا : الإسلام والفراغ:
أنت لك مهمة في هذه الحياة وسيسألك الله عز وجل عن هذه
المهمة.. ترى ما هي؟ هل فكرت فيها ؟
هناك دور مطلوب تجاه الله عز وجل من عبادات و قربات، وهناك
دور تجاه أهلك من بر وصلة وإحسان، وهناك دور تجاه مجتمعك
من أعمال خير وإصلاح، وهناك دور تجاه دينك من نصرة ،وبذلك
عليك أن تفكر في هذه الأدوار وتسعى لتحقيقها بالتدريج وبرفق ،
فإن هذا سيجعلك تشعر بمعناك وقيمتك في الحياة.
إن أول ما يسأل عنه الله سبحانه وتعالى عبده يوم القيامة كما
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ( ما تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، و عن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) .
وقال ـ اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل
موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل
هرمك ، وغناك قبل فقرك.
إن مرحلة الشباب هي مرحلة الطاقة المتوقدة والحيوية المتدفقة ،
والعطاء بغير حدود .. والفترة التي تستطيع فيها أن تصنع العجائب .. وآمالك ومستقبلك
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يخاف على الشباب غوائل الفراغ فينبه
ولاته إلى ذلك قائلا لأحدهم : " يا هذا إن الله قد خلق الأيدي لتعمل
، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالا، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك المعصية .
ويوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ النظر إلى أن الوقت من
النعم التي لا يشعر بها الإنسان فيقول :
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )
ويصور الحق ـ تبارك وتعالى ـ مشاهد الحسرة عند الموت فيقول
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) المؤمنون: 100
إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة
المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال .
إذا قم الآن : صل أو إقراء ، أو سبح ، أو طالع ، أو أكتب ، أو رتب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو انفع غيرك حتى تقضى على الفراغ.
مع تمنيااتي للجميع بقضاء اجااازة سعيييدة
يدخل علينا موسم الأجازة الصيفية، والرغبة راسخة في جعل المواسم كلها مواسم طاعات، واحدة تلو الأخرى، مع ضرورة التخطيط الهادف للانتفاع بفرصة نعمة الفراغ وذلك للمحافظة على الوقت الذي هو العُمُر حتى لا تطوى صحائف الأعمال ولم يكتب فيها من الخير ما يَسُرُّ صاحبه ويرتفع بمقامه عند ربِّه في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وهو أيضًا باعث على حفظ الشباب من أن يكون مِعْوَل هدم في بناء مجتمعه وأُمَّته حين تُتْرك فرصة الاستحواذ عليه متاحة للأعداء من أهل الشُبهات والشهوات( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (الكهف:104) هنالك يعظم الخُسْرَان المبين، وتَسْتبينُ صورة الغبْن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم جليَّة بينة.
والفراغ سببٌ من أسباب الانحراف، والوقت إذا لم يُوظف توظيفًا سليمًا فإنه ينقلب بآثاره السيئة على صاحبه فيكون أكثر استعدادًا للانحراف.
وفي الفراغ قد تتسلَّل فتتمكن فكرة منحرفة أو نزوة عابرة أو شهوة جامحة، فتقع الواقعة، لذا وجب على المؤسسات الدعوية القيام بعمل الدورات الصيفية الشرعية، ونشر حلقات تحفيظ القرآن في المساجد والمدارس والمعاهد ومراكز الشباب والأندية، وتوفير المحاضن التربوية الآمنة لاستيعاب وإصلاح ما تيسّر من شباب جعل الفراغ الغلو طريقًا له، شبابٌ رضى بالعيش على هامش الحياة، فافترش الأرصفة وتسكَّع في الأسواق، شباب وقع
فريسة للخمور والمخدرات، قال علي رضي الله عنه: «من أمضى يومًا من عمره في غير حقٍّ قضاه أو فرضٍ أدّاه أو مجد بناه أو حمدٍ حصَّله أو خير سمعه أو علم اقتبسه فقد عَقَّ يومه وظلم نفسه». والعَالمُ يعيش اليوم حالة من الإثارة الشهوانية العارمة التي تلهب مشاعر الشباب، ومن أبرز سُبُل الانحراف ومن أبرز سبل حبائل شياطين الإنس هذه الفضائيات التي يزيِّنُ معظمها الانحراف ويَجُرُ إلى الضلالة، لقد تراجع دور مؤسسات التربية أمام هذه الفضائيات التي أطلقت أبواقها وسخرت جهودها في فتح أبواب الانحراف من تلويث العقول وإفساد القلوب ونزع جلباب الحياء، سهَّلت الغزو الفكري، ونقلت ثقافة وأخلاق بلدان لا تمثل الإسلام ولا تدين به، شجَّعت على الفسق والسّفور، جرأت على الجرعة والانحراف. ساعد على ذلك؛ الفراغ القاتل تلك النعمة التي لم تستغل حق الاستغلال كما أوصى بذلك ربنا عز وجل وكما بين لنا رسولنا الكريم صلوات الله وتسليمه عليه، وهنا تأتي رسالة المسجد للقيام بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإحياء دوره في التوجيه والإصلاح، وقيام الدعاة والمربين بواجبهم، وتحمل مسئوليتهم، بل كل فرد منا يُعتبر حارسًا أمينًا ومسئولا عن حماية أمته من الفساد والانحراف، وتوجيه الشباب إلى مجانبة الهوى والمحافظة على نقاء وبقاء المجتمع السويِّ، قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (21) (هود:117)
الاجازة والترويح المشروع
يحلُّ علينا موسم الأجازة الصيفية وقضية الترويح ومفهومه، والفراغ وهمومه تشغل بال الكثيرين من الآباء والمربين، فمع بداية الأجازة نجد أنفسنا أمام مسألة خطيرة ألا وهي الكيفية التي نستطيع بها ومن خلالها جعل حياة الشباب من أبنائنا في أعلى
مستويات الإيمان ودرجات الكمال في نفس الوقت الذي نجد أنفسنا أمام أمر آخر وهو كيفية الترفيه والترويح لنزيل تعب شبابنا ومعاناته بعد موسم دراسي طويل. وفترة امتحانات مرهقة، نحتاج إلى برنامج ترويحي يزيل التعب والإرهاق، ويجدد النشاط، ويساعد على العمل، ويزيد الطاقة النافعة المستخدمة وليس معنى ذلك أن يقطع المسلم يومه لهوًا ولعبًا، ويَشْغَل الأوقات بالعبث والمجون، أو بالعكوف على أفلام ومجلات خليعة، تثير الغرائز، وتفسد القلوب. بل كما قال المصطفى S: «ساعة وساعة». وقد كان عبد الله بن مسعود يقول: «وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي يتخولنا بها مخافة السآمة علينا»(22).
والتخول هو التحول من حالٍ إلى حال، لكن المفهوم السقيمة تتكئ على هذه النصوص لتضيق ساعة الذكر والجد والحزم، وتوسّع ساعة الترويح واللهو، فتهجر مجالس العلم والوعظ إلا قليلا.
وقد ينقدح في بعض الأذهان عند الحديث عن الترويح أنه سلوك بلا ضوابط، وممارسة بلا منهج، وتعدٍ على حدود الشرع، فيمارسون الترويح بأي وسيلة، دون تقيد بحلّ أو حرمة أو فضيلة.
فالترويح وسيلة سامية تخدم مصالح ومقاصد عالية، تُبنى في ظلها سمات الشخصية، تُقوِّي الأجساد، تُهَذِّب الأخلاق، تدرِّب على الرجولة والجد، تفتح آفاقًا من العلم والعمل، مسابقةً بالأقلام، مصارعة لتربية الأجسام، تحفيزًا على تعلم الرمي، سَابَقَ رسول الله S أصحابه، كما سَابَقَ عائشة.
وقد خرج رسول الله Sذات يوم على قوم من أسلم يتناضلون في السوق فقال: «ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا».(24).
ويقول عمر بن عبد العزيز: «تحدثوا بكتاب الله وتجالسوا عليه، وإذا مللتم فحديث من أحاديث الرجال حسنٌ جميل».(25) [البيهقي في الشعب]
وليس من الترويح المباح التجول في الشوارع والأسواق، وتتبع العورات، والجلوس في المقاهي والشوارع والطرقات، الترويح
في الإسلام ليس كأي ترويح بل هو ترويح بريءٌ من كل إسفاف، أو خروج على الأخلاق الإسلامية، حمايةٌ للرجال والنساء من الاختلاط والنظرة المحرمة، ترويح تترتب عليه مصالح وفوائد، لا يتضمن سخرية بالآخرين، ولمزًا للمسلمين، ولا غيبة ونميمة، لا يتضمن كذبًا وافتراءً، فالنفس لها إقبال وإدبار، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن للقلوب شهوة وإقبالا، وفترة وإدبارًا، فخذوها عند شهواتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها».
بهجة المجالس، والفوائد:
وقد كان رسول الله S يمزح ويداعب؛ فقد جاءته امرأة عجوز تقول: يا رسول الله ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: «يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز»، وانزعجت المرأة وبكت، ظنًا أنها لا تدخل الجنة، فلما رأى ذلك فيها بيَّن لها غرضه أن العجوز لن تدخل الجنة عجوزٌ، بل يبعثها الله خلقًا آخر، فتدخلها شابة بكرًا، وتلا قول الله تعالى: ( إنا )إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارا (36) )عُرُباً أَتْرَاباً) (27) [الواقعة:35-37]».
[أخرجه هناد في الزهد والطبراني في الأوسط]
فهذه الشخصية التي تمارس المزاح والمداعبة هي ذاتها التي تقوم الليل وتصوم النهار، تجاهد في سبيل الله، تبذل النفس والنفيس، ويدها سخّاء، قال S: «إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حقه حقه».
إن الأمة التي تملأ وقتها بقراءة المفيد، وتعلم العلم النافع، ترقى في سلم التقدم والحضارة، وتكون قادرة على فهم الحياة، وإصلاح حالها، وبلوغ أهدافها، أما الأمة التي لا تتعدى ثقافتها ميادين اللهو واللعب والأزياء، ستظل تابعة ذليلة في مؤخرة الركب لا وزن لها. قال عمر بن الخطاب: «إن هذه الأيدي لابد أن تُشغَل بطاعته، قبل أن تشغلك بمعصيته».
لقد استعرضنا في ما سبق عددا من المشاكل التي يسببها الفراغ للشباب والفتيات والكبار والصغار وأوجدنا بعد كل مشكلة شيئا يسيرا من الحلول ولكن هنا الكثير من الحلول التي سنوردها مجملة بإذن الله.
أولا :كيف تستثمر وقتك؟ :
إن الحل السحري لكل معاناة الإنسان هو ملء هذا الفراغ .
إذا كيف تملأ هذا الفراغ ؟ ! ملء الفراغ يبدأ من الداخل وليس من الخارج ، بمعنى أنه يبدأ من اكتشافك لنفسك ، وبحثك عما قد تميل إليه هذه النفس لتنميتها وتطورها ، فهل تميل للقراءة أم الرياضة أم النشاط العلمي أو غيره ؟
هناك وسائل كثيرة لكسب المعرفة والمهارات المختلفة علاوة على الترويح عن النفس ، وتمضية وقت الفراغ بما يعود بالنفع على صاحبه وهى :
1 - المسجد : هناك كثير من الخبرات لا نستطيع تعلمها في المدرسة أوفى الأسرة مثل تعلم تلاوة القرآن وكيفية صلاة الجماعة والإجابة عن بعض الأسئلة الفقهية.
2- الصحافة : هناك تجد أخبار الرياضة ، والسياسة ، والعلوم ، وشؤون المنزل والكثير من المفيد .
3 البرامج الإذاعية : هناك البرامج الثقافية الهادفة التي تزودك بالمعارف والمهارات .
4 - برامج التليفزيون فهناك تجد كل مفيد ولكن علينا أن نحرص على مشاهدة البرامج المفيدة التي تضيف معلومة جديدة أو مهارة يمكن أن نتعلمها وترك الغث منها .
5 - القراءة : هنا القراءة مجالاتها متنوعة فيجب اختيار ماله فائدة لدينك ودنياك وما تميل إليه نفسك من المفيد .
6 - الأنشطة الرياضية بكل فروعها سواء في المدرسة أو في النوادي فهي تزودك بالنشاط وبالصحة البدنية .
7- تدعيم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد سواء صداقة جديدة مفيدة أو خدمات اجتماعية تقدمها . لا تحرم نفسك من الصحبة الطيبة ، فإن المهارات الاجتماعية شيء مكتسب ، ومن الأفضل أن تحاول اكتسابه من الآن ؛ لأنك إذا تعودت على الوحدة فسيكون من الصعب عليك التخلص منها وهذا ليس في مصلحتك.
8 - تخصيص جزء من وقت الفراغ لالتقاء الآباء مع الأبناء :
فالأسرة مؤسسة تربوية فيها امتصاص طرق التفكير والتعبير، وفيها يكتسب الدين ،واللغة ، والتقاليد ، والعادات وطريقة الكلام .
فلابد أن يشعر الأبناء بالدفء والحنان من آبائهم ، ويساعد ذلك أن يقضوا معا أوقات فراغهم بشكل منظم وأن يشمل ذلك نواحي الأنشطة التي يحبها الأبناء ويفضلونها من أنشطة رياضية وألعاب ومسابقات ثقافية ويكون ذلك كالتالي :
- استغلال فترة الغذاء وتجمع الأسرة وتبادل الأحاديث والمواقف التي تعرض لها الأب والأم وشرح طريقة تصرف كل منهما تجاه كل موقف .
- الاستفادة من المسافات الطويلة التي يقطعها أفراد الأسرة معا في السيارة بسرد قصص شيقة من الواقع تضيف تجارب الآخرين
- اصطحاب الأسرة لزيارة المعالم الأثرية والثقافية .
- تعويد الأبناء على القراءة بتخصيص مكان بالمنزل لعمل مكتبة تضم المراجع المختلفة و بعض الكتب والتي تتفق مع أعمارهم .
- اقتناء اسطوانات الكمبيوتر ( إن وجد ) التي تضم القيم والمعلومات المفيدة .
- قراءة القرآن بالمنزل والصلاة جماعة بذلك يكون الآباء قدوة لأبنائهم .
- إن إعطاء هدية لصاحب المواقف الأخلاقية ومكافأته أمام الآخرين يدعو إلى التسابق بين الأبناء والتنافس على الأعمال الأخلاقية العالية .
- قصص ما قبل النوم للصغار تغرس القيم والأخلاق الحميدة وتشيع جو من الحنان والحب .
أتعلم أيها الفتى وأنتي أيتها الفتاة أن الفراغ الذي تعاني منه قد حدا بعمالقة البشر إلى أن يستثمروه في الحصول على بطولات أو
انتصارات علمية تنعم البشرية في ظلها اليوم ، ففرضوا أنفسهم
على الناس أحياء وأمواتاً ، ولم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا
نسخاً مكررة من ملايين النسخ التي تشاهدها في النماذج البشرية
كل يوم ، وإنما رحلوا عن الدنيا وقد تركوا بصماتهم عليها . وذلك باستغلال أوقاتهم بكل مفيد ونبذ الفراغ من حياتهم؟؟!!
ثانيا : تنظيم الوقت :
إن تنظيم الوقت يساعدك على :
• إتمام أعمالك بشكل أسرع وبمجهود أقل .
• سيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك .
• إن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك مابين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ .
إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما ، وكذلك الوقت علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم .
إن تنظيم الوقت سيؤدى إلى :
• الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك .
• قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة .
• قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي .
• انجاز أهدافك وأحلامك الشخصية .
• تحسين إنتاجك بشكل عام .
• التخفيف من الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة .
إن طريقك من البيت إلى العمل وبالعكس يحتاج مثلا إلى أكثر من
60 دقيقة . لو قمت باستغلال هذا الوقت يوميا في شئ مفيد أثناء تنقلاتك لاستفدت من هذا الوقت الضائع .
وأنت في سيارتك مثلا يمكنك أن تستمع إلى شريط تعليمي أو إلى
برنامج تثقيفي من برامج الراديو وإذا كنت في وسيلة أخرى من
وسائل المواصلات عليك أن تقرأ جريدة أو كتاب مثلا وبذلك تكون قد استفدت بهذا الوقت المهدر .
ثالثا : الإسلام والفراغ:
أنت لك مهمة في هذه الحياة وسيسألك الله عز وجل عن هذه
المهمة.. ترى ما هي؟ هل فكرت فيها ؟
هناك دور مطلوب تجاه الله عز وجل من عبادات و قربات، وهناك
دور تجاه أهلك من بر وصلة وإحسان، وهناك دور تجاه مجتمعك
من أعمال خير وإصلاح، وهناك دور تجاه دينك من نصرة ،وبذلك
عليك أن تفكر في هذه الأدوار وتسعى لتحقيقها بالتدريج وبرفق ،
فإن هذا سيجعلك تشعر بمعناك وقيمتك في الحياة.
إن أول ما يسأل عنه الله سبحانه وتعالى عبده يوم القيامة كما
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ( ما تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، و عن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) .
وقال ـ اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل
موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل
هرمك ، وغناك قبل فقرك.
إن مرحلة الشباب هي مرحلة الطاقة المتوقدة والحيوية المتدفقة ،
والعطاء بغير حدود .. والفترة التي تستطيع فيها أن تصنع العجائب .. وآمالك ومستقبلك
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يخاف على الشباب غوائل الفراغ فينبه
ولاته إلى ذلك قائلا لأحدهم : " يا هذا إن الله قد خلق الأيدي لتعمل
، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالا، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك المعصية .
ويوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ النظر إلى أن الوقت من
النعم التي لا يشعر بها الإنسان فيقول :
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )
ويصور الحق ـ تبارك وتعالى ـ مشاهد الحسرة عند الموت فيقول
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) المؤمنون: 100
إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة
المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال .
إذا قم الآن : صل أو إقراء ، أو سبح ، أو طالع ، أو أكتب ، أو رتب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو انفع غيرك حتى تقضى على الفراغ.
مع تمنيااتي للجميع بقضاء اجااازة سعيييدة