المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نمضي إلى الجنات في موسم الحسنات



alraia
24 Aug 2009, 07:46 PM
الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد أقبلت أيام من خير أيام الله -تعالى-، يضاعف فيها الثواب، وترفع فيها الدرجات، وتعطى فيها الحسنات، اخبرنا عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبوب النار، وصفدت الشياطين» [رواه مسلم].

إن نسمات الخير أقبلت بعملها الصالح لطرد لفحات الشر وعملها الطالح.

إلى الله
لا تتأخر ولا تسوف... سنتعب قليلاً، ولكننا سنرتاح كثيراً -إن شاء الله-. هيا بنا لنقف بين يدي الله -تعالى- مصلين، لنطهر أنفسنا بالصدقة، لنصالح قرآننا بقراءته وترتيله بعد أن هجرناه طويلاً. هيا بنا لنطيع ربنا بغض البصر عن محارمه. هيا بنا إلى العمل الصالح قبل أن يأتي يوم لا نرى فيه إلا ما قدمنا من خير أو شر: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [سورة آل عمران: 30].

أخي في الله: بين يدك بعض أعمال الخير، فليكن لك في كل يوم منها نور تضيء به كتابك يوم تأخذه بيمينك، ويومئذ تقول: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [سورة الحاقة: 19-21].

قال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله -تعالى- وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك.

وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» [رواه مسلم].

توبة جماعية:
قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة التحريم: 8].

التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت معصية بين العبد وبين الله لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
• الإقلاع عن المعصية في الحال.
• الندم على فعلها.
• العزم على عدم العودة إليها.

فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته، وإن كانت تتعلق بآدمي فشرطها الرابع: استرضاء صاحب المظلمة، ورد المظالم، وإن كانت غيبة استحله منها، ويجب على العبد أن يتوب من جميع الذنوب: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور: من الآية31].

للفجر نصيب:
تلك هي الصلاة التي أقسم الله بها فقال: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [سورة الفجر: 1-2]. رفع الله بها المؤمنين فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أهلها: «بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [رواه الترمذي وابن ماجه].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ َتَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» [حسن: رواه الترمذي].

وفضح الله بها المنافقين، فقد عد النبي -صلى الله عليه وسلم- المتخلفين عن صلاة الفجر والعشاء من المنافقين.

ومن الليل فتهجد به
اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، ولذلك أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بقيام الليل فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [سورة المزمل:1-4].

قال الحسن البصري عن مقيمي الليل ونور وجوههم: هؤلاء قوم خلوا بالله والناس نيام، فألبسهم الله من نوره. فاجعل لنفسك في جوف الليل ركعتين، وكن أنت العاقل تصلي والناس من حولك نيام، تدعو والناس من حولك غافلون، وقف بين يدي الله في جوف الليل واسأله يعطك، واستغفره يغفر لك.

مائة مرة:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة» [رواه مسلم].

ولا تنس أفضل الذكر:لا إله إلا الله، عليها نحيا وعليها نموت، اجعلها دائماً على لسانك، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل الذكر لا إله إلا الله» [الراوي: جابر بن عبدالله الأنصاري - خلاصة الدرجة: غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم - المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي].

ومن القرآن لكم زاد:
ومن القرآن تزود بآياته، وانهل من الحكمة والهدى، وخذ من قصصه العبر والعظات، واتل واحفظ، ولا تمل، ودع الشيطان يصرخ: كفى..كفى، وأنت لا تكف، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه » [رواه مسلم]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها» [الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص - خلاصة الدرجة: حسن صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود]. وقال -صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [رواه البخاري].

البصر... وما أدراك ما البصر:
غض بصرك عن المحارم تفز بالجنة، لا تنظر إلى امرأة، ولا تترك لبصرك العنان، فقد قال الله -تعالى-: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30]. فالنظرة تحرق كل أخضر في قلب المؤمن، فهل تترك قلبك يحترق؟؟ وأغلق باب الشهوة، ولا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه!! فاحفظ لله يحفظك.

أمسك عليك لسانك:
أخي: لا تتكلم في عورات الناس، ولا تتحدث بعيوب الآخرين، واحذر الغيبة والنميمة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: [فيه] علي بن مسعدة - المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب]، فاجعل لسانك رطبًا بذكر الله، وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.

إني صائم... إني صائم:
أخي الحبيب..إن سابك أحد، أو شاتمك، فقل له وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني صائم، تذكر بها نفسك، وتذكره بها، ولا يكن يوم صومك كيوم فطرك.

وبالوالدين إحساناً:
كن بارًا بوالديك، قال -صلى الله عليه وسلم-: «من سره أن يمد له في عمره، ويزاد في رزقه؛ فليبر والديه، وليصل رحمه» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: حسن لغيره - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب[ كن رحيماً بهما، ولا تقل لهما أف قال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الإسراء:23].

قال رجل لعمر بن الخطاب: إن لي أُمَّاً بلغ منها الكبر، وإنها لتقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟، قال: لا، لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وتتمنى فراقها.

ومما تحبون:
{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران:92]. فتصدق أخي مما تحب، لا مما تكره، واجعل صدقتك في السر أفضل، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الجامع]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [رواه البخاري]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط كل منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفاً» [رواه البخاري ومسلم].

ولا تنس الدعاء:
فالدعاء هو العبادة، فالزم الدعاء في كل وقت، وعلى كل كال في صلاتك وخاصة في السجود وأخلص النية لله -تعالى-، وتخير الكلمات وظن بالله ظناً حسناً، ولا تنس الدعاء للمسلمين المستضعفين في شتى بقاع الأرض قال الله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله تعالى حيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين» [الراوي: سلمان الفارسي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع]، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثا. قال -صلى الله عليه وسلم-: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» [رواه البخاري].

وصلاة وسلاماً على نبي الله:
قال الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56]. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، لا تتركها أبدًا دائماً تقولها في صباحك ومسائك، في ليلك ونهارك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- «من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: منكر دون الجملة الأولى - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطايا، ورفع له عشر درجات» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب].

ولا تنس ذكر الله:
فالذكر منشور الولاية، الذي من أعطيه اتصل، ومن منعه عزل، وهو قوت القلوب وغذاؤها وسلاحها وماؤها، جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: «طوبى لمن طال عمره، وحسن عمله». وقال الآخر: أي العمل خير؟ قال: «أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله» [الراوي: عبدالله بن بسر المازني - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح، رجاله ثقات - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة]. ومن ذلك أذكار اليوم والليلة، والصباح والمساء، ودبر كل صلاة.

وتذكر ليلة القدر فإنها خير من ألف شهر، قال -تعالى-: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4].

من هنا نبدأ.. وفي الجنة نلتقي إن شاء الله.
أخي في الله... إنك إن تعمل عملاً صالحاً فلك ثواب عظيم، وإن تدل على الخير فلك ثواب عظيم قال -صلى الله عليه وسلم-: «الدال على الخير كفاعله» [الراوي: أبو مسعود عقبة بن عمرو - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب] و «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجر فاعله لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً» [رواه مسلم] هذا في الخير، فماذا عن الشر؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم].

ولا يكفي:
لا يكفي أن نستغفر ونصلي ونصوم، فلو كانت كافية لاكتفى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام، ولكن انصح وادع وذكر بالله قلوباً لعلها تتوب إلى الله، فيكون ذلك في ميزان حسناتك يوم القيامة، ادع نفسك وأهلك وأصحابك على الصلاة والقرآن وغض البصر، ومكارم الأخلاق، وليتغير وجهك ولينكر قلبك إذا وجدت معصية لا تستطيع أن تنهى عنها بيدك أو بلسانك.

هيا بنا إلى الله نعمل من الصالحات ونسير إلى الجنات في شهر الحسنات وموسم الطاعات.. ندعو إلى الخير ننهى عن الشر، وفي الجنة موعدنا إن شاء الله ،وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نسمات الليـالي
25 Aug 2009, 02:59 PM
بارك الله فيكم.....