تاج الوقار
06 Sep 2009, 02:16 AM
ليكن رمضان علامة فارقة
قلوب مشتاقة ونفوس ظمأى وأرواح متلهفة تنتظر ضيف كريم من عام إلى عام.. أنه شهر رمضان .. شهر السعادة الحقيقية ، حيث تتحرر القلوب شهراَ كاملاً لتحلق في آفاق بلا حدود ..
فبأي حال سنعيش رمضان؟
سؤال يتبادر دائماً من النفوس الكبيرة والهمم العالية ، مما يحتاج إلى إعادة ترتيب أولويتنا، والتفتيش في دواخلنا والتجرد في مقاصدنا.
أين ذلك الإنسان الذي عرف قيمة هذا الشهر فأعطى لقلبه الفرصة فنطق اللسان معبراً : " أنا لها ...أنا لها " ،أناس كثيرون كانت بداية تدينهم في رمضان ..الكثير والكثير كان رمضان في حياتهم محطة رئيسية انطلقوا منها إلى الإنابة إلى الله والقرب منه ، كان رمضان هو العلامة الفارقة في حياتهم .
من هو ذلك الإنسان الذي لا يتأثر وهو في أوقات كأنها ليست من أوقات الدنيا..؟!يشعر الإنسان في لحظات منها كأنه يحلق في السماء ، كأنه يرى الجنة رأي العين وقد فتحت أبوابها!!
جو إيماني عظيم يتناثر شذاه على قلوب أهل الإيمان والاحتساب.
فلنجعل رمضان هذا العام علامة فارقة في حياتنا ، ليكن هذا العام ثورة على العادات السيئة والرغبات المنحرفة داخل نفوسنا ، لنجعل من ليالي رمضان الكريمة فرصة لتقوية إيماناً وتدبر القرآن والبكاء من خشية الله والدعاء والتوبة ،في حين يجعله بعض الناس موسماً للسهر والضحك والاستمتاع بالمسلسلات والقنوات .
وإذا كانت النية صادقة في أحداث ذلك التغيير فالفرصة قد دنت ، ولا بد من أجراءت مهمة واستعدادات سريعة لتنفيذها مع قرب رمضان منها :
أولاً: نبدأ بوضع مشروع ثقافي علمي ترقيقي يزرع في نفوسنا القوة والشجاعة والعزيمة في معركة الإصلاح والتقوى والتضحية .
ثانياً: نحاول أن نضع أمامنا دائماً الهدف من الصيام ونسعى لتحقيقه، ولنسأل أنفسنا لماذا فرض علينا الصيام ؟ وما هو الهدف منه ؟ فتأتي آية من القرآن تجيب على هذه التساؤلات بقول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة
فالتقوى هي هدفنا من هذا الشهر الكريم ،المسلمون اليوم يصومون لكن القليل من يصوم وهو يحمل معه هذا الهدف ، وأقل القليل من يصوم وهويعمل لتحقيق هذا الهدف. وللتقوى معان كثيرة أشدها وضوحاً هذا التعريف:
التقوى : هي أن لا يفتقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك .
إن الله أمرنا أن نصلي الفجر ..فلا يفقدنا حيث أمرنا.
يأمرنا ببر الوالدين ، بأداء الأمانة ،بالصدق ، بالحجاب .. فلا يفتقدنا حيث أمرنا .
إن الله نهانا عن مواطن المعصية ، عن الكذب ، عن الخيانة.. فلا يجدنا حيث نهانا.
ومما يجدر الإشارة إليه هو إننا بشر ولن نستطيع تحقيق التقوى كاملة ولكن " سددوا وقاربوا " واتبعوا قاعدة { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }... واعلموا أن ( من يتحرى الخير يعطه) . فاليوم عمل يرفعنا درجة وغداً آخر يرفعنا درجات أعلى من التقوى .. وهكذا في ازدياد.
ومن اقترب كاد أن يصل وحينها يشعر الإنسان بما لم يشعر به الآخرون .. إن المشاعر المحسوسة تتجسد أمامه كأنه يرى الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
إن الذي سدد وقارب واجتهد وبذل .. سيكون بعد رمضان إنسان آخر ، إنسان يغلب عليه التقوى حريصاً على أن يجده الله حيث أمره ولا يجده حيث نهاه .. هذا الإنسان نبشره بأنه في الطريق الصحيح ونبشره أيضاً بأن هذه العلامات هي علامات قبول العمل فهنيئاً له شهر رمضان.
ما لسبب الذي يجعل الصيام يؤدي إلى التقوى ؟
الجواب : أن الصيام يقوي في النفس أشياء ويضعف فيها أشياء أخرى ..
وهذا هو السر الذي يجعل الصيام طريقاً سهلاً ميسراً للتقوى.
فالصيام يضعف سيطرة البدن على الروح ، فتتحرر الروح من براثن الجسد فحينئذ يكون الحصول على التقوى أمر سهل طالما سمت الروح ، وكأن حال القلب يقول : "وانكسر القيد يا روح... انطلقي واسبحي واقتربي من الله ".
والشيء الثاني الذي يضعفه الصيام أو لنقل يضبطه .. هو الشهوة .
يقول علماء النفس (أن الشهوة هي المحرك الأساسي للسلوك الإنساني )
فيأتي الصيام فيضبط هذه الغريزة وينظمها ، وبهذا يصبح السير سهلاً على درب التقوى.
أما عن الأشياء التي يقويها الصيام فهي : استشعار مراقبة الله تعالى ومجاهدة النفس في الطاعة ، فيجعل هذا الإنسان الضعيف إنسان قوياً لا يستسلم إلا لله ، ولا يذل إلا لله ، والصيام يعين على ذلك . حيث أن الصائم وهو مستشعر معية الله وأنه سميع عليم لا يخفى عليه شيء من أمره فلا يمكن أن تسول له نفسه تناول جرعة ماء أو لقمة طعام مهماً جاع وعطش وخفي عن أعين الناس، حتى ماء المضمضة الذي يضعه في فيه لا يراه إلا الله، يجتهد أن لا يدخل منه قطرة واحدة كل ذلك لأنه مستشعر رقابة الله خائف من عقوبته،وبقدر قوة هذا الشعور وعمقه في القلب يتعدى هذا الأمر إلى ما سواه من أمور الدين مما أمر الله بهه ونهى عنها ، فيزداد تقواه وخشيته الحاملة على طاعة الله واجتناب نواهيه .
فالذين يصومون النهار ثم يفطرون في الليل على المعاصي والمنكرات والأفلام والمسلسلات لم ينجحوا في اختبار التقوى الذي أراده الله .وهؤلاء أنى لهم أن يستشعروا حلاوة القرآن والخشوع في الصلاة .
ثالثاً: إعلان المقاطعة :
فلا بد مع رمضان من إعلان المقاطعة بخطوة موفقةً وقرار شجاع يجعل حياتنا بلا معاصي ولا منكرات ولا قنوات ، ولا شك أن ذلك سيوفر لنا الكثير من الوقت لعمل أشياء أكثر فائدة .وسيحمينا من قطاع الطريق الذين يريدون أن يسرقوا منا رمضان ، ويحرمونا من المغفرة ومن الرحمة ،ويخطفوا منا فرص التوبة ، هم تماماً كم يصفهم الله {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} (27) سورة النساء
وبذلك سنجد لرمضان في حياتنا بصمة لا تنسى وتغيير واضح حقيقي، نلمس فيه الفرق بين ما قبل وما بعد رمضان ، فرمضان أمانة بين أيدينا فلنتقي الله في هذه الأمانة ولنري الله من أنفسنا خيرا.
أسماء الرويشد.
نقل بتصرف بسيط.
قلوب مشتاقة ونفوس ظمأى وأرواح متلهفة تنتظر ضيف كريم من عام إلى عام.. أنه شهر رمضان .. شهر السعادة الحقيقية ، حيث تتحرر القلوب شهراَ كاملاً لتحلق في آفاق بلا حدود ..
فبأي حال سنعيش رمضان؟
سؤال يتبادر دائماً من النفوس الكبيرة والهمم العالية ، مما يحتاج إلى إعادة ترتيب أولويتنا، والتفتيش في دواخلنا والتجرد في مقاصدنا.
أين ذلك الإنسان الذي عرف قيمة هذا الشهر فأعطى لقلبه الفرصة فنطق اللسان معبراً : " أنا لها ...أنا لها " ،أناس كثيرون كانت بداية تدينهم في رمضان ..الكثير والكثير كان رمضان في حياتهم محطة رئيسية انطلقوا منها إلى الإنابة إلى الله والقرب منه ، كان رمضان هو العلامة الفارقة في حياتهم .
من هو ذلك الإنسان الذي لا يتأثر وهو في أوقات كأنها ليست من أوقات الدنيا..؟!يشعر الإنسان في لحظات منها كأنه يحلق في السماء ، كأنه يرى الجنة رأي العين وقد فتحت أبوابها!!
جو إيماني عظيم يتناثر شذاه على قلوب أهل الإيمان والاحتساب.
فلنجعل رمضان هذا العام علامة فارقة في حياتنا ، ليكن هذا العام ثورة على العادات السيئة والرغبات المنحرفة داخل نفوسنا ، لنجعل من ليالي رمضان الكريمة فرصة لتقوية إيماناً وتدبر القرآن والبكاء من خشية الله والدعاء والتوبة ،في حين يجعله بعض الناس موسماً للسهر والضحك والاستمتاع بالمسلسلات والقنوات .
وإذا كانت النية صادقة في أحداث ذلك التغيير فالفرصة قد دنت ، ولا بد من أجراءت مهمة واستعدادات سريعة لتنفيذها مع قرب رمضان منها :
أولاً: نبدأ بوضع مشروع ثقافي علمي ترقيقي يزرع في نفوسنا القوة والشجاعة والعزيمة في معركة الإصلاح والتقوى والتضحية .
ثانياً: نحاول أن نضع أمامنا دائماً الهدف من الصيام ونسعى لتحقيقه، ولنسأل أنفسنا لماذا فرض علينا الصيام ؟ وما هو الهدف منه ؟ فتأتي آية من القرآن تجيب على هذه التساؤلات بقول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة
فالتقوى هي هدفنا من هذا الشهر الكريم ،المسلمون اليوم يصومون لكن القليل من يصوم وهو يحمل معه هذا الهدف ، وأقل القليل من يصوم وهويعمل لتحقيق هذا الهدف. وللتقوى معان كثيرة أشدها وضوحاً هذا التعريف:
التقوى : هي أن لا يفتقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك .
إن الله أمرنا أن نصلي الفجر ..فلا يفقدنا حيث أمرنا.
يأمرنا ببر الوالدين ، بأداء الأمانة ،بالصدق ، بالحجاب .. فلا يفتقدنا حيث أمرنا .
إن الله نهانا عن مواطن المعصية ، عن الكذب ، عن الخيانة.. فلا يجدنا حيث نهانا.
ومما يجدر الإشارة إليه هو إننا بشر ولن نستطيع تحقيق التقوى كاملة ولكن " سددوا وقاربوا " واتبعوا قاعدة { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }... واعلموا أن ( من يتحرى الخير يعطه) . فاليوم عمل يرفعنا درجة وغداً آخر يرفعنا درجات أعلى من التقوى .. وهكذا في ازدياد.
ومن اقترب كاد أن يصل وحينها يشعر الإنسان بما لم يشعر به الآخرون .. إن المشاعر المحسوسة تتجسد أمامه كأنه يرى الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
إن الذي سدد وقارب واجتهد وبذل .. سيكون بعد رمضان إنسان آخر ، إنسان يغلب عليه التقوى حريصاً على أن يجده الله حيث أمره ولا يجده حيث نهاه .. هذا الإنسان نبشره بأنه في الطريق الصحيح ونبشره أيضاً بأن هذه العلامات هي علامات قبول العمل فهنيئاً له شهر رمضان.
ما لسبب الذي يجعل الصيام يؤدي إلى التقوى ؟
الجواب : أن الصيام يقوي في النفس أشياء ويضعف فيها أشياء أخرى ..
وهذا هو السر الذي يجعل الصيام طريقاً سهلاً ميسراً للتقوى.
فالصيام يضعف سيطرة البدن على الروح ، فتتحرر الروح من براثن الجسد فحينئذ يكون الحصول على التقوى أمر سهل طالما سمت الروح ، وكأن حال القلب يقول : "وانكسر القيد يا روح... انطلقي واسبحي واقتربي من الله ".
والشيء الثاني الذي يضعفه الصيام أو لنقل يضبطه .. هو الشهوة .
يقول علماء النفس (أن الشهوة هي المحرك الأساسي للسلوك الإنساني )
فيأتي الصيام فيضبط هذه الغريزة وينظمها ، وبهذا يصبح السير سهلاً على درب التقوى.
أما عن الأشياء التي يقويها الصيام فهي : استشعار مراقبة الله تعالى ومجاهدة النفس في الطاعة ، فيجعل هذا الإنسان الضعيف إنسان قوياً لا يستسلم إلا لله ، ولا يذل إلا لله ، والصيام يعين على ذلك . حيث أن الصائم وهو مستشعر معية الله وأنه سميع عليم لا يخفى عليه شيء من أمره فلا يمكن أن تسول له نفسه تناول جرعة ماء أو لقمة طعام مهماً جاع وعطش وخفي عن أعين الناس، حتى ماء المضمضة الذي يضعه في فيه لا يراه إلا الله، يجتهد أن لا يدخل منه قطرة واحدة كل ذلك لأنه مستشعر رقابة الله خائف من عقوبته،وبقدر قوة هذا الشعور وعمقه في القلب يتعدى هذا الأمر إلى ما سواه من أمور الدين مما أمر الله بهه ونهى عنها ، فيزداد تقواه وخشيته الحاملة على طاعة الله واجتناب نواهيه .
فالذين يصومون النهار ثم يفطرون في الليل على المعاصي والمنكرات والأفلام والمسلسلات لم ينجحوا في اختبار التقوى الذي أراده الله .وهؤلاء أنى لهم أن يستشعروا حلاوة القرآن والخشوع في الصلاة .
ثالثاً: إعلان المقاطعة :
فلا بد مع رمضان من إعلان المقاطعة بخطوة موفقةً وقرار شجاع يجعل حياتنا بلا معاصي ولا منكرات ولا قنوات ، ولا شك أن ذلك سيوفر لنا الكثير من الوقت لعمل أشياء أكثر فائدة .وسيحمينا من قطاع الطريق الذين يريدون أن يسرقوا منا رمضان ، ويحرمونا من المغفرة ومن الرحمة ،ويخطفوا منا فرص التوبة ، هم تماماً كم يصفهم الله {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} (27) سورة النساء
وبذلك سنجد لرمضان في حياتنا بصمة لا تنسى وتغيير واضح حقيقي، نلمس فيه الفرق بين ما قبل وما بعد رمضان ، فرمضان أمانة بين أيدينا فلنتقي الله في هذه الأمانة ولنري الله من أنفسنا خيرا.
أسماء الرويشد.
نقل بتصرف بسيط.