قائد_الكتائب
07 Sep 2009, 01:12 AM
النوافح المسكية في نقش شبهة المرحلة المكية/ لطلاب العلم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين
إخوتي بالله طلبة العلم من أهل التوحيد الذين من الله عليهم بنعمة الجهاد ونصرته
فلا يخفى عليكم الشبه التي ترمى هنا وهناك من قبل أهل الإرجاف وعلماء السوء الذين باعوا دينهم للسلاطين
وها نحن اليوم أما كتاب لا بد وأن يتم قراءته وتمعنه ليزداد طلبة العلم علما وتنار بصيرتهم هدى ورشدا
والكتاب قام بتأليفه أخ حبيب طالب علم ذكي ذو ملكة مباركة منّ الله عليه بها ليستعملها في نصرة دينه ويكنى بأبي الهمام بكر بن عبد العزيز الأثري
أسال الله عز وجل أن يبارك له بعلمه وأن يزده من نعيمه وأن يمن عليه ببركات وعطايا من عنده
إنه القادر على ذلك نعم المولى ونعم النصير
وشبهة اليوم هي شبهة الدار المكية والتي كثيرا ما يستخدمها أهل الإهواء وخاصة حزب التحرير والذي كما سماه الشيخ الطرطوسي ( حزب تحرير الأمة من الجهاد )
والآن نبدأ بالكتاب
الشوكة الإرجافية الأولى :
إن من أعظم شبه القوم التي يخدعون بها العوام والدهماء , والرعاع والسفهاء , هي قولهم أننا في العهد المكي من ناحية الاستضعاف .. ولم يُشرع القتال في العهد المكي لأن المسلمين حينها كانوا في استضعاف ! ونحن اليوم في استضعاف؛ فلا جهاد اليوم , وأي قتال يحصل اليوم فهو غير شرعي فنحن في العهد المكي ! – هكذا زعموا - .
قال صالح بن فوزان الفوزان إجابة على من سأله عن شروط الجهاد وهل هي متوفرة اليوم , بعد أن بين أن لا قدرة اليوم للمسلمين , قال : لا جهاد عليهم , والرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في مكة قبل الهجرة , ما شرع عليهم الجهاد لأنهم لا يستطيعون .. أهـ [ الإجابات المهمة في المشاكل الملمة ص 77 ]
وقال عبد العزيز بن ريس الريس بعد أن قرر ضعف المسلمين اليوم : لا يصح لهم أن يسلكوا مسلك جهاد العدو وقتاله لكونهم ضعفاء , ويوضح ذلك أن الله لم يأمر رسول صلى الله عليه وسلم والصحابة بقتال الكفار لما كانوا في مكة .. أهـ [ مهمات في الجهاد ص13 ]
وبمثل هذا القول قال أغلب أهل التخذيل , ملئوا الدنيا به طنين وعويل , حتى التبس على الكثير الصحيح بالعليل , فحسبي الله ونعم الوكيل .
نقش الشوكة الإرجافية الأولى :
أولاً : صور من الجهاد في المرحلة المكية ([1] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)) :
عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قلت له: ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت منرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم وقد اجتمعأشرافهم يوماً في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ما رأينامثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفّه أحلامنا. وشتم آبائنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا، قال: فبينما همكذلك، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي، حتى استلم الركن،ثم مر بهم طائفاً بالبيت، فلما أن مر بهم، غمزوه ببعض ما يقول، قال: فعرفت ذلك فيوجهه، ثم مضى، فمر بهم الثانية، فغمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، ثم مربهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فقال: "تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده،لقد جئتكم بالذبح" فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائرواقع، حتى إن أشدهم فيه وصاه قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشداً، فوالله ما كنت جهولاً … الحديث [ وهوتحت رقم 7036 من المسند تحقيق أحمد شاكر وقال: إسناده صحيح ] .
ففرق شاسع , وبون واسع : بين حال النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية حيث كان يُسفه أحلامهم , ويشتم آباءهم , ويعيب دينهم , ويفرق جماعتهم , ويسب آلهتهم – كما وصفه الأعداء بذلك - .. ويقول لهم في وضح النهار : (تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده،لقد جئتكم بالذبح ) .. وبين حال من يزعم أننا الآن في المرحلة المكية من أفراخ المرجئة ومخنثيهم , الذين ألفوا الذل والخضوع , والانبطاح أمام الجموع :
ودارهم ما دمت في دارهم وأرضهم ما دمت في أرضهم !
وأخرج الإمام أحمد وغيره عن علي رضي الله عنه قال: "انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس. وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به، فرأى مني ضعفاً، فنزل وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال: اصعد على منكبي، قال: فصعدت على منكبيه قال فنهض بي قال: فإنه يخيل إليَّ أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقذف به"، فقذفت به، فتكسّر كما تتكسّر القوارير، ثم نزلت، فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس". ([2] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2))
قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في هامش تحقيقه للمسند (2/58): "إسناده صحيح... ومن الواضح أن هذه القصة كانت قبل الهجرة" اهـ.
والسؤال الذي يطرح نفسه هاهنا : هل يؤيد مرجئة العصر ممن يزعمون أننا في المرحلة المكية مثل هذه الأعمال أم يعدونها – والعياذ بالله – أعمالاً ساذجة , وأفعالاً عاطفية هائجة ؟!
وقال الإمام ابن إسحاق رحمه الله : ثم إن لطف الله ورحمته غمرت المؤمنين المستضعفين وذلك بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه , حيث أعز الله به الإسلام , ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إن إسلام عمر كان فتحاً , وإن هجرته كانت نصراً , وإن إمارته كانت رحمة , ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر , فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلّى عند الكعبة وصلينا معه " . أهـ [ السيرة لابن هشام 1/367 ] فهل ثبت عند مرجئة العصر أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على عمر قتاله لقريش ؟! فضلاً عن أن يصف عمر وينعته بالإرهابي أو الخارجي - وما إلى ذلك - ؟!
وأخرج أبو نعيم وغيره : ( أن الزبير بن العوام رضي الله عنه حمل سيفه وأخذ يدور في شوارع مكة حتى وصل إلى أعلى مكة وهناك لقي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم : ما شأنك ؟ قال الزبير : سمعت أنك أُخذتَ . فقال صلى الله عليه وسلم : وما كنت تصنع ؟ قال : أضرب بسيفي هذا من أخذك. فدعا له ولسيفه بالخير والبركة) ([3] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)) .
فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم صنيع الزبير , ولم يُعنفه أو يُفسقه أو يُبدعه - كما هو حال مرجئة العصر مع من صنع صنيع الزبير – بل دعا له ولسيفه بالخير والبركة .. قال الإمام ابن النحاس رحمه الله : ذكر غير واحد أن أول سيف سُلَّ في سبيل الله تعالى سيف الزبير بن العوام رضي الله عنه , لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له .. أهـ ثم ذكر القصة الآنفة الذكر [ مشارع الأشواق 1/500 ] ([4] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4))
[ يا ليت بعض هؤلاء الذين يرددون أننا في العهد المكي، يلتزمون حقا ما كان فيه من تصميم العقيدة وثبات المواقف، لقد كان شعار العهد المكي هو الثبات على البراءة منالجاهلية، وإظهار ذلك، والصبر على الأذى، حتى قتل من قتل من الصحابة تحت التعذيب،لأنهم صدعوا بكفر الجاهلية، والبراءة التامة منها، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلمفي العهد المكي، إن التحالف مع أبي جهل وحزبه، ومد الجسور معه، مشاركة حضارية،وتعايش راق بين الثقافات!!
مع أنه بأبي هو وأمي، قد عرض عليه ذلك، عرضعليه أن يعطوه من دنياهم ما أراد، على أن يتنازل عن عقيدته، أو يرضى بأن يتعايش دونأن يعلن البراءة، فأنزل الله تعالى عليه {ودوا لو تدهن فيدهنون}، وأنزل : {ولولا أنثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات.. الآيات}، لقد كان العهد المكي عهد {قل يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون } و {تبتيدا أبي لهب}، و {مهل الكافرين أمهلهم رويدا} و {فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادوثمود }، لقد كان عهد " سفّه أحلامنا، وشتم آبائنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسبآلهتنا.. فقال لهم : لقد جئتم بالذبح ".] ([5] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5))
ثانياً : علم الناسخ والمنسوخ :
1- فاقد الشيء لا يُعطيه :
إن من الشروط الواجب توفرها في المجتهد معرفته بالناسخ والمنسوخ , قال الجيزاني في شروط المجتهد : وأن تكون لديه معرفة بمقاصد الشريعة , والمعتبر في ذلك أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام , ومعرفة الناسخ والمنسوخ , وأسباب النزول , ومواقع الإجماع والخلاف , وصحيح الحديث وضعيفه . أهـ ([6] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)) [ معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ص479 ]
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) [ البقرة : 106 ] عن علم الناسخ والمنسوخ : معرفة هذا الباب أكيدة وفائدته عظيمة لا يستغني عن معرفته العلماء ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ومعرفة الحلال من الحرام . روى أبو البختري قال : دخل علي رضي الله عنه المسجد فإذا رجل يخوف الناس فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل يذكر الناس فقال : ليس برجل يذكر الناس ! لكنه يقول أنا فلان بن فلان فاعرفوني فأرسل إليه فقال : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟! فقال : لا . قال : فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه . وفي رواية أخرى : أعلمت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا . قال : هلكت وأهلكت ! ومثله عن ابن عباس رضي الله عنهما . أهـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى : ( يُؤتي الحكمةَ من يشاءُ ومن يُؤتَ الحكمةَ فقد أُوتيَ خيراً كثيراً ) [ البقرة : 269 ] , قال : ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه . أهـ [ أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ]
2- تعريف النسخ :
النسخ في اللغة : الرفع والإزالة , ومنه نسخت الشمس الظل , ونحوه . قال الله تعالى : ( فيَنسخُ الله ما يُلقي الشيطانُ ) [ الحج : 52 ] .
النسخ في الاصطلاح : رفع حكم شرعي بخطاب جديد . قال الله تعالى : ( ما ننسخْ من آيةٍ أو ننسها ) [ البقرة : 106 ] .
قال في المراقي :
رفع لحكم أو بيان الزمن
بمحكم القرآن أو بالسنن
وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله : وحده رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه .. وقال قوم إن النسخ كشف مدة العبادة بخطاب ثان إلى آخره , حاصل هذا القول الأخير أن النسخ بيان لانقضاء زمن الحكم الأول لأن ظاهر الخطاب الأول أن الحكم مؤبد والناسخ قد دل على انتهاء زمنه . أهـ [ المذكرة 79-80 ]
3- مرحلة العفو المكية منسوخة بمرحلة القتال المدنية , بإجماع الأمة المحمدية :
نعني أن الأمر بالقتال والجهاد الذي حصل بالمدينة ناسخ للأمر بالصفح والعفو الذي كان في مكة .
قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري : فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح بفرض قتالهم . أهـ ثم نقل رحمه الله القول بالنسخ عن ابن عباس وقتادة والربيع بن أنس . أهـ [ أنظر تفسير الطبري 2/503 ]
وكذلك نقل الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) نقل القول بالنسخ عن ابن عباس ثم قال : وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي : إنها منسوخة بآية السيف . أهـ [ تفسير القرآن العظيم 1/154 ]
وقال الإمام ابن عطية في تفسيره لآية السيف : وهذه الآية نسخت كل موادعة في القرآن أو ما جرى مجرى ذلك . أهـ [ تفسير ابن عطية 6/412 ] فآية السيف نسخت كل موادعة بين المسلمين والكفار وكل ما جرى مجرى ذلك كعدم الخروج عليهم .
وقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) : هذه الآية منسوخة بقوله : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون ) إلى قوله (صاغرون) عن ابن عباس وقيل : الناسخ لها : ( فاقتلوا المشركين ) [ الجامع لأحكام القرآن 2/71 ]
وقال في تفسير قوله تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) [التوبة: 73]: وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصفح . أهـ [ المصدر السابق: 8/205 ]
وقال الإمام ابن حزم: ونُسخ المنع من القتال بإيجابه .أهـ [الإحكام في أصول الأحكام 4/82]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:... فأمره لهم بالقتال ناسخ لأمره لهم بكف أيديهم عنهم . أهـ [ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: 1/66 ]
وقال الإمام السيوطي: قوله تعالى: ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ): هذه آية السيف الناسخة لآيات العفو والصفح والإعراض والمسالمة . أهـ [الإكليل في استنباط التنزيل: ص: 138]
وقال أيضاً: كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف . أهـ [التحبير في علم التفسير: ص: 432 ]
وهذه المسألة مسألة إجماعية , لا تبطلها مزاعم إدعائية : فقد قال الإمام ابن جرير في تفسير قوله تعالى: ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) [ الجاثية: 14] : وهذه الآية منسوخة بأمر الله بقتال المشركين، وإنما قلنا هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك . أهـ [ تفسير الطبري:25/144]
وقال الإمام الجصاص في قوله تعالى: ( فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعلنا لكم عليهم سبيلاً ) [ النساء: 90] : ولا نعلم أحداً من الفقهاء يحظر قتال من اعتزل قتالنا من المشركين، وإنما الخلاف في جواز ترك قتالهم لا في حظره فقد حصل الاتفاق من الجميع على نسخ حظر القتال.. أهـ [ أحكام القرآن 2/222 ]
وقال الإمام الشوكاني : أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على الإسلام أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية... وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال.. أهـ [ السيل الجرار 4/518 ]
ونقل الإجماع أيضاً صديق حسن خان بنفس ألفاظ الشوكاني دون أن ينسب القول إليه. [ انظر الروضة الندية 2/333 ]([7] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7))
بل حتى الشيخ الألباني غفر الله له – الذي يستشهد بأقواله من قال بشبهة المرحلة المكية - أقر بهذا فقال : في شريط بعنوان ( حركة حماس وأهل السنة في خان يونس ) وقد سجل بتاريخ 8/1/1414 هـ وهو برقم 747/1 من سلسلة الهدى والنور كما ذكر مقدم الشريط ، ففي ذلك الشريط سأل الشيخَ قادمٌ من خان يونس قائلاً :" يقول إخواننا هناك : نحن نعتقد فيما يسمى بالمجتمع المكي ، من الصبر والدعوة... لكن يقول :خان يونس كل أهلها مسلمون،وأحياناً نضطر إلى إزالة المنكر باليد فهل يجوز لنا أن نزيل منكراً باليد ....؟ " ، فأجاب الشيخ : "أولاً خرج منك كلمة أظن أنها لم تكن مقصودة..أو بعبارة أخرى سبق لسان عنهم ، ولا أظن أنهم يقصدون معنى ذلك اللفظ ، ذكرت فيما علق في ذهني أنهم يعتبرون أنفسهم في العهد المكي " .. ..لأننا نسمع نحن من بعض الناس أنهم فعلاً يعتبرون أنفسهم بسسب بعض الظروف والضغوط التي يعيشونها أنهم في العهد المكي ، وهذا فيه ضلال مبين ، لأن اعتبار المسلم نفسه في العهد المكي معناه أنه يتخلص من أحكام مقطوع بين علماء المسلمين بوجوب إتيانها أو بوجوب الابتعاد عنها ، وهذا لا يقوله مسلم أبداً ، وفي ظني أن الذي يحملهم على مثل هذه الكلمة فضلاً عن أن يعتقدوا معناها هو شعورهم بأنهم لا يستطيعون أن يقوموا هم بأنفسهم بكثير أو قليل على الأقل من الأحكام الشرعية ، فالذي يحملهم على هذا هو في الواقع جهلهم بالإسلام وبالقواعد العلمية الإسلامية التي بها يتمكن المسلم من أن يتجاوب مع كل الظروف التي يعيشها دون أن يزعم بأنه يعيش في العهد المكي أو في مثل العهد المكي ".أهـ
([1]) قال الشيخ الفقيه عيسى العوشن الخالدي رحمه الله :
قالوا : فهل لك قدوة تمشي على
آثارها من عالم أو قاري
قلت : النبي محمد وصحابه
بجهادهم سادوا على الأمصار
([2]) وأورد الهيثمي الحديث في مجمع الزوائد (6/23) وبوب له بقوله : (باب تكسيره صلى الله عليه وسلم الأصنام).
([3]) " الحلية " 1/89 , وهو في " المستدرك " 3/360 , قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : ورجاله ثقات . أهـ وأنظر " سير أعلام النبلاء " 1/42 , و " الاستيعاب " 3/311 , و " أسد الغابة " 2/250 , و " الإصابة " 4/8 .
([4]) بل إنه صلى الله عليه وسلم شارك في قتال دفع الصائل حتى قبل مبعثه بالنبوة , حيث شارك قريش في حرب الفجار , قال ابن هشام رحمه الله : وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم – أي في هذه الحرب - , أخرجه أعمامه معهم ؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت أُنَبِّلُ على أعمامي : أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها ) قال ابن إسحاق : هاجت حرب الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة . أهـ [ السيرة لابن هشام 1/138 ]
([5]) ما بين المعكوفين [ ... ] من كلام الشيخ حامد العلي - غفر الله له – في " شبهة ؛ نحن في العهد المكي " .
([6]) وانظر : الرسالة 509-511 وجامع بيان العلم وفضله 2/61 , وروضة الناظر 2/401-406 , ومجموع الفتاوى 20/583 , وإعلام الموقعين 1/46 , وشرح الكوكب المنير 4/459-467 , ومذكرة الشنقيطي 311-312 .
([7]) ولمن أراد زيادة فائدة في هذا الباب فليراجع " مراحل تشريع الجهاد نسخ اللاحق منها للسابق " للشيخ عبد الآخر حماد الغنيمي .
يتبع بأذن الله
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين
إخوتي بالله طلبة العلم من أهل التوحيد الذين من الله عليهم بنعمة الجهاد ونصرته
فلا يخفى عليكم الشبه التي ترمى هنا وهناك من قبل أهل الإرجاف وعلماء السوء الذين باعوا دينهم للسلاطين
وها نحن اليوم أما كتاب لا بد وأن يتم قراءته وتمعنه ليزداد طلبة العلم علما وتنار بصيرتهم هدى ورشدا
والكتاب قام بتأليفه أخ حبيب طالب علم ذكي ذو ملكة مباركة منّ الله عليه بها ليستعملها في نصرة دينه ويكنى بأبي الهمام بكر بن عبد العزيز الأثري
أسال الله عز وجل أن يبارك له بعلمه وأن يزده من نعيمه وأن يمن عليه ببركات وعطايا من عنده
إنه القادر على ذلك نعم المولى ونعم النصير
وشبهة اليوم هي شبهة الدار المكية والتي كثيرا ما يستخدمها أهل الإهواء وخاصة حزب التحرير والذي كما سماه الشيخ الطرطوسي ( حزب تحرير الأمة من الجهاد )
والآن نبدأ بالكتاب
الشوكة الإرجافية الأولى :
إن من أعظم شبه القوم التي يخدعون بها العوام والدهماء , والرعاع والسفهاء , هي قولهم أننا في العهد المكي من ناحية الاستضعاف .. ولم يُشرع القتال في العهد المكي لأن المسلمين حينها كانوا في استضعاف ! ونحن اليوم في استضعاف؛ فلا جهاد اليوم , وأي قتال يحصل اليوم فهو غير شرعي فنحن في العهد المكي ! – هكذا زعموا - .
قال صالح بن فوزان الفوزان إجابة على من سأله عن شروط الجهاد وهل هي متوفرة اليوم , بعد أن بين أن لا قدرة اليوم للمسلمين , قال : لا جهاد عليهم , والرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في مكة قبل الهجرة , ما شرع عليهم الجهاد لأنهم لا يستطيعون .. أهـ [ الإجابات المهمة في المشاكل الملمة ص 77 ]
وقال عبد العزيز بن ريس الريس بعد أن قرر ضعف المسلمين اليوم : لا يصح لهم أن يسلكوا مسلك جهاد العدو وقتاله لكونهم ضعفاء , ويوضح ذلك أن الله لم يأمر رسول صلى الله عليه وسلم والصحابة بقتال الكفار لما كانوا في مكة .. أهـ [ مهمات في الجهاد ص13 ]
وبمثل هذا القول قال أغلب أهل التخذيل , ملئوا الدنيا به طنين وعويل , حتى التبس على الكثير الصحيح بالعليل , فحسبي الله ونعم الوكيل .
نقش الشوكة الإرجافية الأولى :
أولاً : صور من الجهاد في المرحلة المكية ([1] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)) :
عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قلت له: ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت منرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم وقد اجتمعأشرافهم يوماً في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ما رأينامثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفّه أحلامنا. وشتم آبائنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا، قال: فبينما همكذلك، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي، حتى استلم الركن،ثم مر بهم طائفاً بالبيت، فلما أن مر بهم، غمزوه ببعض ما يقول، قال: فعرفت ذلك فيوجهه، ثم مضى، فمر بهم الثانية، فغمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، ثم مربهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فقال: "تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده،لقد جئتكم بالذبح" فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائرواقع، حتى إن أشدهم فيه وصاه قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشداً، فوالله ما كنت جهولاً … الحديث [ وهوتحت رقم 7036 من المسند تحقيق أحمد شاكر وقال: إسناده صحيح ] .
ففرق شاسع , وبون واسع : بين حال النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية حيث كان يُسفه أحلامهم , ويشتم آباءهم , ويعيب دينهم , ويفرق جماعتهم , ويسب آلهتهم – كما وصفه الأعداء بذلك - .. ويقول لهم في وضح النهار : (تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده،لقد جئتكم بالذبح ) .. وبين حال من يزعم أننا الآن في المرحلة المكية من أفراخ المرجئة ومخنثيهم , الذين ألفوا الذل والخضوع , والانبطاح أمام الجموع :
ودارهم ما دمت في دارهم وأرضهم ما دمت في أرضهم !
وأخرج الإمام أحمد وغيره عن علي رضي الله عنه قال: "انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس. وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به، فرأى مني ضعفاً، فنزل وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال: اصعد على منكبي، قال: فصعدت على منكبيه قال فنهض بي قال: فإنه يخيل إليَّ أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقذف به"، فقذفت به، فتكسّر كما تتكسّر القوارير، ثم نزلت، فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس". ([2] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2))
قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في هامش تحقيقه للمسند (2/58): "إسناده صحيح... ومن الواضح أن هذه القصة كانت قبل الهجرة" اهـ.
والسؤال الذي يطرح نفسه هاهنا : هل يؤيد مرجئة العصر ممن يزعمون أننا في المرحلة المكية مثل هذه الأعمال أم يعدونها – والعياذ بالله – أعمالاً ساذجة , وأفعالاً عاطفية هائجة ؟!
وقال الإمام ابن إسحاق رحمه الله : ثم إن لطف الله ورحمته غمرت المؤمنين المستضعفين وذلك بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه , حيث أعز الله به الإسلام , ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إن إسلام عمر كان فتحاً , وإن هجرته كانت نصراً , وإن إمارته كانت رحمة , ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر , فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلّى عند الكعبة وصلينا معه " . أهـ [ السيرة لابن هشام 1/367 ] فهل ثبت عند مرجئة العصر أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على عمر قتاله لقريش ؟! فضلاً عن أن يصف عمر وينعته بالإرهابي أو الخارجي - وما إلى ذلك - ؟!
وأخرج أبو نعيم وغيره : ( أن الزبير بن العوام رضي الله عنه حمل سيفه وأخذ يدور في شوارع مكة حتى وصل إلى أعلى مكة وهناك لقي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم : ما شأنك ؟ قال الزبير : سمعت أنك أُخذتَ . فقال صلى الله عليه وسلم : وما كنت تصنع ؟ قال : أضرب بسيفي هذا من أخذك. فدعا له ولسيفه بالخير والبركة) ([3] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)) .
فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم صنيع الزبير , ولم يُعنفه أو يُفسقه أو يُبدعه - كما هو حال مرجئة العصر مع من صنع صنيع الزبير – بل دعا له ولسيفه بالخير والبركة .. قال الإمام ابن النحاس رحمه الله : ذكر غير واحد أن أول سيف سُلَّ في سبيل الله تعالى سيف الزبير بن العوام رضي الله عنه , لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له .. أهـ ثم ذكر القصة الآنفة الذكر [ مشارع الأشواق 1/500 ] ([4] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4))
[ يا ليت بعض هؤلاء الذين يرددون أننا في العهد المكي، يلتزمون حقا ما كان فيه من تصميم العقيدة وثبات المواقف، لقد كان شعار العهد المكي هو الثبات على البراءة منالجاهلية، وإظهار ذلك، والصبر على الأذى، حتى قتل من قتل من الصحابة تحت التعذيب،لأنهم صدعوا بكفر الجاهلية، والبراءة التامة منها، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلمفي العهد المكي، إن التحالف مع أبي جهل وحزبه، ومد الجسور معه، مشاركة حضارية،وتعايش راق بين الثقافات!!
مع أنه بأبي هو وأمي، قد عرض عليه ذلك، عرضعليه أن يعطوه من دنياهم ما أراد، على أن يتنازل عن عقيدته، أو يرضى بأن يتعايش دونأن يعلن البراءة، فأنزل الله تعالى عليه {ودوا لو تدهن فيدهنون}، وأنزل : {ولولا أنثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات.. الآيات}، لقد كان العهد المكي عهد {قل يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون } و {تبتيدا أبي لهب}، و {مهل الكافرين أمهلهم رويدا} و {فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادوثمود }، لقد كان عهد " سفّه أحلامنا، وشتم آبائنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسبآلهتنا.. فقال لهم : لقد جئتم بالذبح ".] ([5] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5))
ثانياً : علم الناسخ والمنسوخ :
1- فاقد الشيء لا يُعطيه :
إن من الشروط الواجب توفرها في المجتهد معرفته بالناسخ والمنسوخ , قال الجيزاني في شروط المجتهد : وأن تكون لديه معرفة بمقاصد الشريعة , والمعتبر في ذلك أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام , ومعرفة الناسخ والمنسوخ , وأسباب النزول , ومواقع الإجماع والخلاف , وصحيح الحديث وضعيفه . أهـ ([6] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)) [ معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ص479 ]
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) [ البقرة : 106 ] عن علم الناسخ والمنسوخ : معرفة هذا الباب أكيدة وفائدته عظيمة لا يستغني عن معرفته العلماء ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ومعرفة الحلال من الحرام . روى أبو البختري قال : دخل علي رضي الله عنه المسجد فإذا رجل يخوف الناس فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل يذكر الناس فقال : ليس برجل يذكر الناس ! لكنه يقول أنا فلان بن فلان فاعرفوني فأرسل إليه فقال : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟! فقال : لا . قال : فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه . وفي رواية أخرى : أعلمت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا . قال : هلكت وأهلكت ! ومثله عن ابن عباس رضي الله عنهما . أهـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى : ( يُؤتي الحكمةَ من يشاءُ ومن يُؤتَ الحكمةَ فقد أُوتيَ خيراً كثيراً ) [ البقرة : 269 ] , قال : ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه . أهـ [ أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ]
2- تعريف النسخ :
النسخ في اللغة : الرفع والإزالة , ومنه نسخت الشمس الظل , ونحوه . قال الله تعالى : ( فيَنسخُ الله ما يُلقي الشيطانُ ) [ الحج : 52 ] .
النسخ في الاصطلاح : رفع حكم شرعي بخطاب جديد . قال الله تعالى : ( ما ننسخْ من آيةٍ أو ننسها ) [ البقرة : 106 ] .
قال في المراقي :
رفع لحكم أو بيان الزمن
بمحكم القرآن أو بالسنن
وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله : وحده رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه .. وقال قوم إن النسخ كشف مدة العبادة بخطاب ثان إلى آخره , حاصل هذا القول الأخير أن النسخ بيان لانقضاء زمن الحكم الأول لأن ظاهر الخطاب الأول أن الحكم مؤبد والناسخ قد دل على انتهاء زمنه . أهـ [ المذكرة 79-80 ]
3- مرحلة العفو المكية منسوخة بمرحلة القتال المدنية , بإجماع الأمة المحمدية :
نعني أن الأمر بالقتال والجهاد الذي حصل بالمدينة ناسخ للأمر بالصفح والعفو الذي كان في مكة .
قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري : فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح بفرض قتالهم . أهـ ثم نقل رحمه الله القول بالنسخ عن ابن عباس وقتادة والربيع بن أنس . أهـ [ أنظر تفسير الطبري 2/503 ]
وكذلك نقل الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) نقل القول بالنسخ عن ابن عباس ثم قال : وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي : إنها منسوخة بآية السيف . أهـ [ تفسير القرآن العظيم 1/154 ]
وقال الإمام ابن عطية في تفسيره لآية السيف : وهذه الآية نسخت كل موادعة في القرآن أو ما جرى مجرى ذلك . أهـ [ تفسير ابن عطية 6/412 ] فآية السيف نسخت كل موادعة بين المسلمين والكفار وكل ما جرى مجرى ذلك كعدم الخروج عليهم .
وقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) : هذه الآية منسوخة بقوله : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون ) إلى قوله (صاغرون) عن ابن عباس وقيل : الناسخ لها : ( فاقتلوا المشركين ) [ الجامع لأحكام القرآن 2/71 ]
وقال في تفسير قوله تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) [التوبة: 73]: وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصفح . أهـ [ المصدر السابق: 8/205 ]
وقال الإمام ابن حزم: ونُسخ المنع من القتال بإيجابه .أهـ [الإحكام في أصول الأحكام 4/82]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:... فأمره لهم بالقتال ناسخ لأمره لهم بكف أيديهم عنهم . أهـ [ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: 1/66 ]
وقال الإمام السيوطي: قوله تعالى: ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ): هذه آية السيف الناسخة لآيات العفو والصفح والإعراض والمسالمة . أهـ [الإكليل في استنباط التنزيل: ص: 138]
وقال أيضاً: كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف . أهـ [التحبير في علم التفسير: ص: 432 ]
وهذه المسألة مسألة إجماعية , لا تبطلها مزاعم إدعائية : فقد قال الإمام ابن جرير في تفسير قوله تعالى: ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) [ الجاثية: 14] : وهذه الآية منسوخة بأمر الله بقتال المشركين، وإنما قلنا هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك . أهـ [ تفسير الطبري:25/144]
وقال الإمام الجصاص في قوله تعالى: ( فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعلنا لكم عليهم سبيلاً ) [ النساء: 90] : ولا نعلم أحداً من الفقهاء يحظر قتال من اعتزل قتالنا من المشركين، وإنما الخلاف في جواز ترك قتالهم لا في حظره فقد حصل الاتفاق من الجميع على نسخ حظر القتال.. أهـ [ أحكام القرآن 2/222 ]
وقال الإمام الشوكاني : أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على الإسلام أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية... وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال.. أهـ [ السيل الجرار 4/518 ]
ونقل الإجماع أيضاً صديق حسن خان بنفس ألفاظ الشوكاني دون أن ينسب القول إليه. [ انظر الروضة الندية 2/333 ]([7] (http://202.71.102.68/~alfaloj/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7))
بل حتى الشيخ الألباني غفر الله له – الذي يستشهد بأقواله من قال بشبهة المرحلة المكية - أقر بهذا فقال : في شريط بعنوان ( حركة حماس وأهل السنة في خان يونس ) وقد سجل بتاريخ 8/1/1414 هـ وهو برقم 747/1 من سلسلة الهدى والنور كما ذكر مقدم الشريط ، ففي ذلك الشريط سأل الشيخَ قادمٌ من خان يونس قائلاً :" يقول إخواننا هناك : نحن نعتقد فيما يسمى بالمجتمع المكي ، من الصبر والدعوة... لكن يقول :خان يونس كل أهلها مسلمون،وأحياناً نضطر إلى إزالة المنكر باليد فهل يجوز لنا أن نزيل منكراً باليد ....؟ " ، فأجاب الشيخ : "أولاً خرج منك كلمة أظن أنها لم تكن مقصودة..أو بعبارة أخرى سبق لسان عنهم ، ولا أظن أنهم يقصدون معنى ذلك اللفظ ، ذكرت فيما علق في ذهني أنهم يعتبرون أنفسهم في العهد المكي " .. ..لأننا نسمع نحن من بعض الناس أنهم فعلاً يعتبرون أنفسهم بسسب بعض الظروف والضغوط التي يعيشونها أنهم في العهد المكي ، وهذا فيه ضلال مبين ، لأن اعتبار المسلم نفسه في العهد المكي معناه أنه يتخلص من أحكام مقطوع بين علماء المسلمين بوجوب إتيانها أو بوجوب الابتعاد عنها ، وهذا لا يقوله مسلم أبداً ، وفي ظني أن الذي يحملهم على مثل هذه الكلمة فضلاً عن أن يعتقدوا معناها هو شعورهم بأنهم لا يستطيعون أن يقوموا هم بأنفسهم بكثير أو قليل على الأقل من الأحكام الشرعية ، فالذي يحملهم على هذا هو في الواقع جهلهم بالإسلام وبالقواعد العلمية الإسلامية التي بها يتمكن المسلم من أن يتجاوب مع كل الظروف التي يعيشها دون أن يزعم بأنه يعيش في العهد المكي أو في مثل العهد المكي ".أهـ
([1]) قال الشيخ الفقيه عيسى العوشن الخالدي رحمه الله :
قالوا : فهل لك قدوة تمشي على
آثارها من عالم أو قاري
قلت : النبي محمد وصحابه
بجهادهم سادوا على الأمصار
([2]) وأورد الهيثمي الحديث في مجمع الزوائد (6/23) وبوب له بقوله : (باب تكسيره صلى الله عليه وسلم الأصنام).
([3]) " الحلية " 1/89 , وهو في " المستدرك " 3/360 , قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : ورجاله ثقات . أهـ وأنظر " سير أعلام النبلاء " 1/42 , و " الاستيعاب " 3/311 , و " أسد الغابة " 2/250 , و " الإصابة " 4/8 .
([4]) بل إنه صلى الله عليه وسلم شارك في قتال دفع الصائل حتى قبل مبعثه بالنبوة , حيث شارك قريش في حرب الفجار , قال ابن هشام رحمه الله : وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم – أي في هذه الحرب - , أخرجه أعمامه معهم ؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت أُنَبِّلُ على أعمامي : أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها ) قال ابن إسحاق : هاجت حرب الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة . أهـ [ السيرة لابن هشام 1/138 ]
([5]) ما بين المعكوفين [ ... ] من كلام الشيخ حامد العلي - غفر الله له – في " شبهة ؛ نحن في العهد المكي " .
([6]) وانظر : الرسالة 509-511 وجامع بيان العلم وفضله 2/61 , وروضة الناظر 2/401-406 , ومجموع الفتاوى 20/583 , وإعلام الموقعين 1/46 , وشرح الكوكب المنير 4/459-467 , ومذكرة الشنقيطي 311-312 .
([7]) ولمن أراد زيادة فائدة في هذا الباب فليراجع " مراحل تشريع الجهاد نسخ اللاحق منها للسابق " للشيخ عبد الآخر حماد الغنيمي .
يتبع بأذن الله