ابوالبراء السلفي
04 Oct 2009, 08:17 PM
يطالعنا الإعلام الغربي والأمريكي على وجه الخصوص بين الفينة والأخرى ببعض التقارير المغلوطة عن بلادنا، ولعل من آخر هذه التقارير ما نشرته مجلة Newsweek الأمريكية بتاريخ 3/6/2008، بعنوان (الملك في مقابل الراديكاليين)، وقبل الشروع في الحديث عن هذا التقرير وما يعج به، فقد يكون من المعقول القول إن من بين أسباب غياب الموضوعية والمنهجية عن مثل هذه التقارير، الجهل العام بالمجتمع السعودي، والاعتماد على مصادر محددة ذات توجه مخالف لما عليه المجتمع، سواءً كانت هذه المصادر محلية أو أجنبية، أشخاصا أو مؤسسات. وتنبع أهمية تتبع مثل هذه التقارير والاهتمام بها مما يلي:
أن هذه التقارير (في الجملة) وسيلة لمعرفة حقيقة النظرة الغربية لمجتمعنا.
أنها وسيلة لمعرفة ما يسعى بعض الغربيين إلى تحقيقه، أو على الأقل ما يتمنون تحقيقه.
أنها وسيلة لمعرفة نقاط الالتقاء بين النظرة الغربية ونظرة بعض التيارات المحلية.
بما أن أكثر هذه التقارير تحفل بالكثير من المغالطات والأكاذيب، فإنه من المهم السعي لتفنيدها، وذلك لإزالة اللبس وتصحيح الصورة، ويأتي هذا المقال في هذا السياق، حيث سأحاول بقدر المستطاع مناقشة التقرير الذي أشرت إليه آنفاً، خاصة وأنه لم يبق حبيسا لصفحات النسخة العربية من موقع الصحيفة، بل تم تداوله عبر بعض المنتديات!
وباختصار، فموضوع هذا التقرير، الذي أعده زفيكا كريغر، وكما هو واضح من العنوان، يتحدث عما يعتبره حرباً بين الملك والعلماء، أو من يسميهم بـ(الراديكاليين)، و كذلك عن كيفية استخدام شركة أرامكو كحليف أساسي في هذه الحرب، وأن الهدف من إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم و التقنية، كما يقول هو (محاولة الملك انتزاع السيطرة على بلاده من أيدي رجال الدين المتشددين)!
وفي الحقيقة، فإن هذا التقرير لا يختلف عن كثير من أمثاله، من حيث افتقاره للمصداقية والمهنية، وينم كذلك عن جهل مركب بواقع الحال في بلادنا، بل يمكن اعتبار أكثر ما جاء فيه أمنيات أكثر منها تعبيرا عن الواقع.
وقد بدأ التقرير، وانطلاقا من النظرة الغربية المستعلية، بالسخرية من المواطن السعودي، حيث يقول: (إن أرامكو تبدو عالما مختلفا تماما عن الرياض أو المدن السعودية الأخرى، حيث يتسكع الرجال الذين يرتدون الدشاديش البيضاء والكوفيات التقليدية بلا هدف)، وفي موضع آخر:( نتحدث عن بلد حيث لا يزال الناس لا يؤمنون بالتطور أو بأننا وصلنا إلى القمر).
وتتجلى أكبر المغالطات حين يقول:( فمنذ اعتلاء الملك عبدالله العرش قبل ثلاث سنوات، تطبق حكومته شيئا فشيئا إصلاحات تقدمية للتصدي للعقيدة الوهابية المتشددة التي يُحمّلها كثيرون مسؤولية ترويج الإرهاب في الداخل والخارج وكبح الابتكار).
ويبدو جليا التقاء هذا التقرير مع أفكار بعض التيارات المحلية في مواضع عدة، فمن ذلك قوله: "وقد عزز الملك فهد قبضة رجال الدين بعد سيطرة الأصوليين على المسجد الكبير عام 1979"، فهذه المقولة هي عين ما يلمح إليها بعض المنتمين إلى أحد التيارات، وقد يصرحون بها ويزعمون أن الدولة تبنت فكر جهيمان العتيبي.
وكذلك حين يقول: (يأمل الليبراليون أن يروج مشروع الجامعة الجديدة قضيتهم في البلاد بشكل عام)، فهذا بالضبط ما ذكره احدهم عشية الاحتفال بوضع حجر الأساس لهذه الجامعة، حيث قال: (إنها ثقل تحرري يعتمد نجاحها على الكم الذي ستلعبه في جذب بقية المجتمع السعودي )، وأيضاً حين يقول: (إن تكليف أرامكو بناء الجامعة يعني أنها لن تدار من شخصيات رجعية اجتماعيا تنتمي إلى المؤسسة الوهابية، وأن الطلاب لن يمضوا وقتهم في دراسة حواشي القرآن)، فهذا يشبه كثيرا ما كتبه أحدهم عن هذه الجامعة، حيث يقول: (قبل أن نخطط لمثل هذه المشاريع العملاقة ـ وبالتوازي معها ـ لا بد من القيام بثورة ثقافية تمهد لها، وتنظيم انقلاب على القيم الرجعية).
وحين يتساءل البعض قائلاً: (وأمر آخر وهو قضية المرأة (أم القضايا في السعودية)، كيف سيكون وضعها في هذه الجامعة؟ هل هي جامعة مختلطة؟ كيف سيكون الاتصال بين القسمين النسائي والرجالي، سواء بالنسبة للطلبة أو الأكاديميين والعلماء؟)، نجد أن هذا التقرير يحاول استباق الأحداث، ويقرر الإجابة بقوله: (سيدرس الرجال والنساء جنبا إلى جنب وعلى يد أساتذة من الجنسين، وهذه سابقة في السعودية).
كذلك حين يتساءل (كيف سنتعامل مع نظرية امتنعت جامعاتنا طويلا عن تدريسها، مع أنها حجر الزاوية في معظم الأبحاث العلمية والطبية والحيوية في العالم الغربي مثل نظرية النشوء والارتقاء لدارون؟)، نجد كذلك هذا التقرير يجيب بالقول: (وسوف يضع مستشارون غربيون وليس السلطات الدينية، المنهاج الدراسي)، وفي الحقيقة أن كل ما يثيره هذا التقرير، وما يلتقي معه من أفكار التيار المشار إليه، فهل هذه الجامعه لبنة بناء ام معول هدم؟
أن هذه التقارير (في الجملة) وسيلة لمعرفة حقيقة النظرة الغربية لمجتمعنا.
أنها وسيلة لمعرفة ما يسعى بعض الغربيين إلى تحقيقه، أو على الأقل ما يتمنون تحقيقه.
أنها وسيلة لمعرفة نقاط الالتقاء بين النظرة الغربية ونظرة بعض التيارات المحلية.
بما أن أكثر هذه التقارير تحفل بالكثير من المغالطات والأكاذيب، فإنه من المهم السعي لتفنيدها، وذلك لإزالة اللبس وتصحيح الصورة، ويأتي هذا المقال في هذا السياق، حيث سأحاول بقدر المستطاع مناقشة التقرير الذي أشرت إليه آنفاً، خاصة وأنه لم يبق حبيسا لصفحات النسخة العربية من موقع الصحيفة، بل تم تداوله عبر بعض المنتديات!
وباختصار، فموضوع هذا التقرير، الذي أعده زفيكا كريغر، وكما هو واضح من العنوان، يتحدث عما يعتبره حرباً بين الملك والعلماء، أو من يسميهم بـ(الراديكاليين)، و كذلك عن كيفية استخدام شركة أرامكو كحليف أساسي في هذه الحرب، وأن الهدف من إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم و التقنية، كما يقول هو (محاولة الملك انتزاع السيطرة على بلاده من أيدي رجال الدين المتشددين)!
وفي الحقيقة، فإن هذا التقرير لا يختلف عن كثير من أمثاله، من حيث افتقاره للمصداقية والمهنية، وينم كذلك عن جهل مركب بواقع الحال في بلادنا، بل يمكن اعتبار أكثر ما جاء فيه أمنيات أكثر منها تعبيرا عن الواقع.
وقد بدأ التقرير، وانطلاقا من النظرة الغربية المستعلية، بالسخرية من المواطن السعودي، حيث يقول: (إن أرامكو تبدو عالما مختلفا تماما عن الرياض أو المدن السعودية الأخرى، حيث يتسكع الرجال الذين يرتدون الدشاديش البيضاء والكوفيات التقليدية بلا هدف)، وفي موضع آخر:( نتحدث عن بلد حيث لا يزال الناس لا يؤمنون بالتطور أو بأننا وصلنا إلى القمر).
وتتجلى أكبر المغالطات حين يقول:( فمنذ اعتلاء الملك عبدالله العرش قبل ثلاث سنوات، تطبق حكومته شيئا فشيئا إصلاحات تقدمية للتصدي للعقيدة الوهابية المتشددة التي يُحمّلها كثيرون مسؤولية ترويج الإرهاب في الداخل والخارج وكبح الابتكار).
ويبدو جليا التقاء هذا التقرير مع أفكار بعض التيارات المحلية في مواضع عدة، فمن ذلك قوله: "وقد عزز الملك فهد قبضة رجال الدين بعد سيطرة الأصوليين على المسجد الكبير عام 1979"، فهذه المقولة هي عين ما يلمح إليها بعض المنتمين إلى أحد التيارات، وقد يصرحون بها ويزعمون أن الدولة تبنت فكر جهيمان العتيبي.
وكذلك حين يقول: (يأمل الليبراليون أن يروج مشروع الجامعة الجديدة قضيتهم في البلاد بشكل عام)، فهذا بالضبط ما ذكره احدهم عشية الاحتفال بوضع حجر الأساس لهذه الجامعة، حيث قال: (إنها ثقل تحرري يعتمد نجاحها على الكم الذي ستلعبه في جذب بقية المجتمع السعودي )، وأيضاً حين يقول: (إن تكليف أرامكو بناء الجامعة يعني أنها لن تدار من شخصيات رجعية اجتماعيا تنتمي إلى المؤسسة الوهابية، وأن الطلاب لن يمضوا وقتهم في دراسة حواشي القرآن)، فهذا يشبه كثيرا ما كتبه أحدهم عن هذه الجامعة، حيث يقول: (قبل أن نخطط لمثل هذه المشاريع العملاقة ـ وبالتوازي معها ـ لا بد من القيام بثورة ثقافية تمهد لها، وتنظيم انقلاب على القيم الرجعية).
وحين يتساءل البعض قائلاً: (وأمر آخر وهو قضية المرأة (أم القضايا في السعودية)، كيف سيكون وضعها في هذه الجامعة؟ هل هي جامعة مختلطة؟ كيف سيكون الاتصال بين القسمين النسائي والرجالي، سواء بالنسبة للطلبة أو الأكاديميين والعلماء؟)، نجد أن هذا التقرير يحاول استباق الأحداث، ويقرر الإجابة بقوله: (سيدرس الرجال والنساء جنبا إلى جنب وعلى يد أساتذة من الجنسين، وهذه سابقة في السعودية).
كذلك حين يتساءل (كيف سنتعامل مع نظرية امتنعت جامعاتنا طويلا عن تدريسها، مع أنها حجر الزاوية في معظم الأبحاث العلمية والطبية والحيوية في العالم الغربي مثل نظرية النشوء والارتقاء لدارون؟)، نجد كذلك هذا التقرير يجيب بالقول: (وسوف يضع مستشارون غربيون وليس السلطات الدينية، المنهاج الدراسي)، وفي الحقيقة أن كل ما يثيره هذا التقرير، وما يلتقي معه من أفكار التيار المشار إليه، فهل هذه الجامعه لبنة بناء ام معول هدم؟