همي الدعوه
08 Oct 2009, 01:18 AM
مصطفى قصي صدام حسين أشجع أطفال القرن العشرين
بقلم : الهادي بن محمد المختار النحوي
http://ala7ebah.net/up/hm/upload/wh_27468074.jpg
صنفت صحيفة نيويور تايمز الشهيد الطفل مصطفى قصي صدام حسين كأبرز أطفال القرن العشرين ولم يأت هذا التصنيف من فراغ فقد كان أحد النتائج الواضحة لمعركة فيلا البصرة أو( صفقة الخيانة وبيع الشرف والأوطان) ...ولمحاولة معرفة شخصية مصطفى الطفل (الرجل) لا بد من العودة قليلا لتلك المعركة الطاحنة غير المتكافأة بين مئات الجنود –العلوج- الغزاة بخيلهم ورجلهم ودباباتهم وصواريخهم وطائراتهم ومختلف أسلحتهم الثقيلة والمتطورة مقابل 3 رجال –رابعهم طفل- محاصرين في بيت ليس معهم سوى أسلحتهم الشخصية.
وهذه نبذة مختصرة عن الهجوم أو الملحمة كما أوردتها بعض الصحف الغربية مثل الغاردين البريطانية وغيرها من الصحف البريطانية والأمريكية.
اقترب الجنود من باب المنزل ودقوا الباب فخرج لهم المدعو نواف مع ابنه ونقلوهما لمكافأة نواف على خيانته وبيعه أبناء عمه الذين نزلوا ضيوفا عنده طلبا للأمان..فغدر بهم ..اقترب الجنود مرة أخرى من باب المنزل فتعرضوا لإطلاق نار..
بدأ الهجوم حوالي الساعة العاشرة صباحا يوم الثلاثاء 22يوليو 2003م وحاصر مئات من رجال الفرقة 101 المنزل ولما اقتربوا منه طلبوا من الرجال المحاصرين أن يسلموا أنفسهم ولم يستجب لهم أحد فبدأوا بإطلاق مسيلات الدموع والصواريخ.. أخذ عدي وقصي ومرافقهما مواقعهم قرب واجهة المنزل وبدأوا بإطلاق النار على الجنود الغزاة وتركوا الطفل مصطفى في غرفة خلفية لحمايته من نيران الغزاة... بعد مضي ساعتين من المعارك حاول الجنود اقتحام المنزل فلما عجزوا عن ذلك تدخلت طائرات الهيلوكبتر وأطلقت الصواريخ على الغرفة المستهدفة..
وبعد ساعات من المعارك قتل عدي وقصي و رفيقهما وبقي مصطفى وحيدا يراقب دماء أبيه وعمه ورفيقهما..لكنه استمر في المقاومة..وعند الساعة الواحدة جدد الغزاة محاولتهم دخول الطابق الأول مستخدمين أسلحة أكثر فتكا إلا أنهم ولوا هاربين بسبب قوة المقاومة..وبعد أكثر من أربع ساعات انتهت "المعركة" بعد استشهاد الطفل (الرجل)الذي قاوم بكل شجاعة وقوة وثبات أكثر من 200 جندي من قوات النخبة حسب المصادر الأمريكية و400 حسب مصادر أخرى مدججين بأحدث الأسلحة من صواريخ مضادة للدروع وأسلحة ثقيلة وطائرات هيلكوبتر ..كل هؤلاء الجنود يقابلهم طفل واحد ليس له سوى سلاح شخصي...
قاتل مصطفى ببسالة وشجاعة نادرتين وتمكن من قتل ما لا يقل عن 13 من العلوج الغزاة فضلا عن الجرحى قبل أن يستشهد...ذكرت المصادر الصحفية أن عدي وقصي تلقيا ما لا يقل عن عشرين رصاصة في جسد كل واحد مهما فكيف يكون حال مصطفى الذي ظل يقاتل بعدهما بساعات...
إنك رجل يا مصطفى وليت الرجال يصبحون أطفالا مثل مصطفى.. كان بألف رجل وقاتل أقوى جيش في العالم وانتصر ..انتصر لشجاعته وانتصر لثباته وانتصر لتمكنه من أن يوقع خسائر فادحة بالعلوج..وانتصر لأنه توج حياته واستهلها وهو في بدايات سنوات التمييز بالشهادة التي اختارها بعد أن باعها ملايين الرجال أو أشباههم بالذل والهوان..
وانهزمت أمريكا عندما أعطت للعالم كعادتها درسا آخر من دروس الوحشية وعشقها للدماء حتى دماء الأطفال , عندما تجيش جيوشها لتقاتل طفلا محاصرا بين أربعة جدران.. إنها مثلهم وأخلاقهم على طريقة الاسرائيلين الذين يبيدون الأطفال والنساء ويستمتعون بقتلهم ليصفوا جيشهم بعد ذلك بأنه الجيش الأكثر احتراما للأخلاق في العالم ... إنها نفس العقيدة عقيدة اقتل اقتل اقتل...
فأي خسة وانحطاط في أخلاقيات هذا "الجيش" وعن أي انتصارات يتحدثون وهم يواجهون طفلا محاصرا كأنهم يواجهون جيشا جرارا؟
تقول الكاتبة الأمريكية ليزا توماس:
هل يمكن لنا فعلا أن نشعر بالفخر لأن الفرقة 101 المحمولة جوا ومعها 200 من الجنود قتلوا طفلا يقل عمره عن 14 سنة؟إنه بإمكاننا أن نؤكد أنه ليس لدينا شجعان هناك أما هم فعندهم واحد تقول الكاتبة الأمريكية.
وليست ليزا وحدها التي تذكرت مصطفى عندما نسيته أمته مع أنه صنع تاريخا تخلى عن صنعه كثير من الرجال,, فهذا الكاتب البريطاني روبرت فيسك يعبر عن إعجابه بمصطفى بقوله:
"لو كان لدينا في بريطانيا مثله وقام بما قام به لصنعت له بريطانيا تمثالا في كل مدينة بريطانية، ولجعلت من بطولته النادرة مساق بحث يقرؤه تلاميذ المدارس كي يكونوا على بينة من الصغر كيف تكون الرجولة وكيف تكون الشجاعة..."
قد يجادل من يجادل بأن صدام وأبناءه ارتكبوا أخطاء مميتة وتسببوا للعراق في كثير من النكبات والكوارث ... وليس الموضوع هنا البحث في هذه المسألة ...أما عدي وقصي فقد غدر بهما ومثل بهما بتلك الصورة البشعة ولعل ذلك تطهير لهما مهما اختلفنا مع بعض تصرفاتهم .... أما صدام حسين فقد ارتكب فعلا أخطاء مفصلية مميتة لكن الله وفقه وختم له بتلك الخاتمة الحسنة .. ختم حياته بشجاعة نادرة مرددا الشهادتين ... فأصبح بذلك ماضيه في الحكم شيئ ونهاية حياته شيء آخر...والأعمال بخواتيمها...
لكن ماذا عن الطفل مصطفى هل مارس حكما أو تلاعب بسلطة ؟؟ أو أساء لأحد ؟كلا فالطفل استشهد قبل أن يبلغ الحلم ... فكان صفحة نقية توجت صفحات حياته القصيرة بمقياس الزمن ببطولة تجعل عمره أزكى من أعمار من عاشوا قرونا وعصورا..طفولة .. براءة ..شجاعة.. قوة... ثبات ... رباطة جأش .. عزوف عن الاستسلام مع وجود الفرصة .. عزة نفس .. صبر إقبال في ساحة الوغى حب للشهادة ..
لقد لقنت الغزاة درسا لا ينسى وكشفت عورات كل الخونة وأذيال الغزاة وباعة الأوطان وسجلت نفسك في سجل صناع التاريخ ... لكن ما يميزك أن التاريخ عادة يكتبه رجال اشتد بنيانهم واستوى عودهم وخبروا الحياة وعاصروا المحن وتمرسوا وفهموا معاني العزة والكرامة على مدى سنوات طويلة، أما أنت فلم تدرك بعد معنى الحياة ... لكنك أدركت معنى العزة والشرف ... وحب الشهادة... وإلا كيف فضلت الموت وتقدمت إليه غير هياب لكنه موت غير مجاني ولا موت جبناء إنه موت الشجعان المؤمنين ...
إنك يا مصطفى مدرسة تعلم الأجيال وتنير للأمة درب التضحية والفداء وتعلم الجبناء أن الغزاة لا يمنحون حرية وإنما يسلبونها ولا يحررون وطنا وإنما يستعبدون أهله ولا يعمرون وطنا وإنما يخربونه ويدمرونه...
لكن العجيب في الأمر ليس أن يكون الطفل – الرجل – مصطفى شجاعا، فأرض العراق عرفت تاريخيا بصناعة الرجال وتخريج العظماء... لكن العجب العجاب هو لماذا اهتمت صحيفة نيورك تايمز بمصطفى وأبرزت شجاعته في حين نسيته أمته، نسيه إعلامها وساستها ومفكروها ومشايخها ...هذا الاهتمام الأمريكي بالشهيد مصطفى فسره الكاتب السعودي مهنا الحبيل بنظرة فيها عمق وقوة تحليل , يقول الكاتب مهنا :
" هذا الاهتمام من الصحافة الأمريكية ليس حُباً في العراق ولكنه تسجيل طبيعي لمسارات الصراع بين الأمم والشعوب والحضارات..فهذا العرف التاريخي في الإنسانية هو الذي يحمل الإعلام الأمريكي كما هو العهد في أمم الأرض على العودة لمعاركها الكبرى والوقوف عند أحداثها ونماذجها النادرة في تاريخ المواجهات والتضحيات، ولذا فإن الصحيفة التي وصفت تضحية مصطفى رحمه الله ومقاومته كحالة نادرة لا يعرفها التاريخ إلاّ نزراً ، سجلت الموقف والحدث باعتناء , وهو كذلك ينطبع لديهم في مراجعة التاريخ إجمالا حيث يقف الخصوم مع عظماء الأمة المقابلة وجنودها المبدعين في التضحية والفداء لأوطانهم ولا يقفون مع العملاء إلاّ بقدر السرد التاريخي والعرض الاحتقاري في مضمونه بعد أن تُنهي مهمتهم، ويرميهم رعاتهم إلى مزبلة التاريخ.
وهذا السياق هو المعروف لدى الإنسانية في عهودها الغابرة والحاضرة .فليت الأمة تفهم الرسالة التي سطرها هذا الطفل،وتغرسها في نفوس الأجيال الصاعدة. وليت التربويين يؤلفون قصة عن الشهيد مصطفى تدرس في مختلف المراحل التعليمية لعل طفلا نابها ذكيا عالي الهمة يلتقطها وتكون محركه لإخراج الأمة من سباتها وهوانها على نفسها وذلها أمام أعدائها ..نريد لأطفالنا أن يتعلموا من شجاعة مصطفى عند مواجهة الغزاة ولا نريدهم أن يتعلموا من تهور المفلسين من الذين غسلت أدمغتهم وظنوا أن تفجير الأحزمة الناسفة في الأبرياء هو طريق الجنة ...
تعلموا من مصطفى الطريقة الصحيحة لإصابة الهدف وتعلموا منه التمييز بين الأعداء وأذيالهم من الخونة وبين الأبرياء الذين لا يقاتلهم إلا مفلس مختل الفكر... إنه لأمر مخزٍ أن تحرك دولة كبرى جيوشا جرارة وطائرا ت ودبابات لتقاتل طفلا محاصرا...
لكن لا غرابة في ذلك فأمريكا لها تاريخ حافل في القتل والتدمير فقد قتلت ملايين من الهنود الحمر وقتلت 3 ملايين من الفيتناميين وهي أول بلد يستخدم الأسلحة الذرية في العالم حين حرقت خلال ثوان مدينتين يابانيتين لا علاقة لهما بجبهة القتال فذاب الأطفال والنساء بجحيم الدولة الراعية للحريات وحقوق الإنسان في العالم ..
وفي فلسطين تبنت عصابات شذاذ الآفاق ومدتهم بالسلاح والمال والدعم السياسي ليبيدوا شعبا ويهجروه من وطنه ويفعل الفعل ذاته مع لبنان ...وأمريكا قتلت في العراق أكثر من مليون شخص ودمرت بلدا بأكمله وحولته إلى ميليشيات وعصابات للخونة واللصوص وأصبح فيه كل شيء إلا معنى الدولة والحرية والرخاء والأمان... وتحول العراقيون صناع الحضارة في بلاد الرافدين إلى لاجئين ينتظرون من يرحمهم هنا أو هناك بفعل حملة "التحرير" كما أرادتها أمريكا..
ولكن هذا منهجهم: قتل ومؤامرات وتخطيط لإطاحة هذه الحكومة أو اغتيال هذا الزعيم أو ذاك .
ومع ذلك وبكل تبجح ووقاحة تتحدث أمريكا عن حقوق الإنسان وتصدر الخارجية الأمريكية تقريرا سنويا عن حقوق الإنسان في العالم ، فتجد فيه الدنيا كلها سوى جرائم الولايات المتحدة التي لديها أسوأ سجل في حقوق الإنسان .فأمريكا تتكلم عن حقوق الإنسان وتطالب بمحاكمة هذا الرئيس أو ذاك وترفض في الوقت ذاته التوقيع على اتفاقية محكمة الجنايات الدولية مخافة فتح ملفات جنودها وساستها وما أضخم تلك الملفات إن فتحت...
وقصة الفتاة العراقية "عبير" من أبسط النماذج على تطبيق مفهوم الحرية عند أمريكا.
وهذا طرف من القصة كما رواها الكاتب الأمريكي جوزيف كانون نذكر بها مرة أخرى :بعد ظهيرة يوم من شهر مارس 2006، داهمت قوةٌ من 10 إلى 15 جنديا أمريكيا منزل قاسم حمزة رشيد الجنابي، وهو من مواليد عام 1970، يعمل حارساً في مخزن للبطاطس مملوك للدولة. يعيش الجنابي مع زوجته فخرية طه محسن وأطفالهما الأربعة، وهم: عبير (مواليد 1991)، هديل (مواليد 1999)، أحمد (1996)، ومحمد (1998)."عبير، هي الضحية المُغتصبة. هي، بكل المقاييس، فتاة جميلة، شبابها وجمالها كانا السبب في هلاك الأسرة.
يقول مكتب التحقيقات الفدرالي إن الطرف القاتل يتألف من أربعة رجال (بضمنهم جرين)، وإن الحادثة لم تظهر إلا بعد أن تحدَّث أحد مرتكبي الجريمة أثناء جلسة للعلاج النفسي. (أظن أن المرضى في الجيش لا يملكون حقوق سرية المعلومات الخاصة بهم).
أنا لا أستبعد أن يكون عدد الجنود أعلى من هذا الرقم، وأنا أرفض الاعتقاد أن رجلاً واحداً - جندياً واحداً - يُمكنه أن يأمر الجنود للقيام بمثل هذا العمل. مَن الذي قاد الوحدة؟ لابد أن يكون هناك شخصٌ ما برتبة أعلى متورِّط في العملية. في نهاية هذا المقال سأقدِّم سبباً واحداً يدعوني للاعتقاد أن شخصاً ما برتبة أعلى أراد حدوث هذا العمل الوحشي.
حتى لو افترضنا أن سيناريو وجود ضابط أعلى غير مرجّح، وأن هذا الضابط لم يكن على معرفة مُسبقة بهذا الاعتداء، إلا أن الشخص المسؤول ينبغي أن يتحمل مسؤولية تصرفات وحدته.
لماذا اسم هذا الضابط ما يزال مجهولاً؟ لنقرأ معاً هذه الشهادة: "أخذ الأمريكيون قاسم، وزوجته، وابنتهما هديل ووضعوهم في غرفة واحدة من المنزل. الصبيان أحمد ومحمد كانا في مدرستهما عندما اجتاح الأمريكيون المنزل بحدود الثانية بعد الظهر.أطلق الأمريكيون النار على قاسم وزوجته وابنته في تلك الغرفة. أصابوا قاسم بأربع رصاصات في رأسه، وتلقت فخرية خمس رصاصات في بطنها وفي أسفل البطن. هديل (7 سنوات) أصيبت برصاصات في الرأس والكتف.
بعد ذلك أخذ الأمريكيون عبير إلى الغرفة المجاورة وأحاطوا بها في أحد أركان المنزل.وهناك جَرَّدوها من ملابسها، ثم أخذ 10 من الأمريكان دورهم في اغتصابها. بعدها ضربوها على رأسِها بآلة حادّة- وفقا لتقرير الطبيب الشرعي تم ضربها حتى ماتت فعلاً. ثم أشعلوا النار في جسدها."
هذه حرية أمريكا علوج ، حيوانات الغابة أكثر رحمة منهم يقتلون أسرة بأكملها ويغتصبون عبير قبل أن يسكبوا عليها البنزين ويشعلون النار في جسدها..
وجيوش جرارة تواجه طفلا محاصراونواف يقبض 30 مليون دولار – إن كان قبضها - ثمن دم الشهيد الطفل- الرجل- مصطفى ...ينزل نواف إلى الحضيض بدولاراته وتصعد روح مصطفى الطفل مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين...
إنه مفترق الطرق فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... ولله في خلقه شؤون...
عودة ودعوة
بقلم : الهادي بن محمد المختار النحوي
http://ala7ebah.net/up/hm/upload/wh_27468074.jpg
صنفت صحيفة نيويور تايمز الشهيد الطفل مصطفى قصي صدام حسين كأبرز أطفال القرن العشرين ولم يأت هذا التصنيف من فراغ فقد كان أحد النتائج الواضحة لمعركة فيلا البصرة أو( صفقة الخيانة وبيع الشرف والأوطان) ...ولمحاولة معرفة شخصية مصطفى الطفل (الرجل) لا بد من العودة قليلا لتلك المعركة الطاحنة غير المتكافأة بين مئات الجنود –العلوج- الغزاة بخيلهم ورجلهم ودباباتهم وصواريخهم وطائراتهم ومختلف أسلحتهم الثقيلة والمتطورة مقابل 3 رجال –رابعهم طفل- محاصرين في بيت ليس معهم سوى أسلحتهم الشخصية.
وهذه نبذة مختصرة عن الهجوم أو الملحمة كما أوردتها بعض الصحف الغربية مثل الغاردين البريطانية وغيرها من الصحف البريطانية والأمريكية.
اقترب الجنود من باب المنزل ودقوا الباب فخرج لهم المدعو نواف مع ابنه ونقلوهما لمكافأة نواف على خيانته وبيعه أبناء عمه الذين نزلوا ضيوفا عنده طلبا للأمان..فغدر بهم ..اقترب الجنود مرة أخرى من باب المنزل فتعرضوا لإطلاق نار..
بدأ الهجوم حوالي الساعة العاشرة صباحا يوم الثلاثاء 22يوليو 2003م وحاصر مئات من رجال الفرقة 101 المنزل ولما اقتربوا منه طلبوا من الرجال المحاصرين أن يسلموا أنفسهم ولم يستجب لهم أحد فبدأوا بإطلاق مسيلات الدموع والصواريخ.. أخذ عدي وقصي ومرافقهما مواقعهم قرب واجهة المنزل وبدأوا بإطلاق النار على الجنود الغزاة وتركوا الطفل مصطفى في غرفة خلفية لحمايته من نيران الغزاة... بعد مضي ساعتين من المعارك حاول الجنود اقتحام المنزل فلما عجزوا عن ذلك تدخلت طائرات الهيلوكبتر وأطلقت الصواريخ على الغرفة المستهدفة..
وبعد ساعات من المعارك قتل عدي وقصي و رفيقهما وبقي مصطفى وحيدا يراقب دماء أبيه وعمه ورفيقهما..لكنه استمر في المقاومة..وعند الساعة الواحدة جدد الغزاة محاولتهم دخول الطابق الأول مستخدمين أسلحة أكثر فتكا إلا أنهم ولوا هاربين بسبب قوة المقاومة..وبعد أكثر من أربع ساعات انتهت "المعركة" بعد استشهاد الطفل (الرجل)الذي قاوم بكل شجاعة وقوة وثبات أكثر من 200 جندي من قوات النخبة حسب المصادر الأمريكية و400 حسب مصادر أخرى مدججين بأحدث الأسلحة من صواريخ مضادة للدروع وأسلحة ثقيلة وطائرات هيلكوبتر ..كل هؤلاء الجنود يقابلهم طفل واحد ليس له سوى سلاح شخصي...
قاتل مصطفى ببسالة وشجاعة نادرتين وتمكن من قتل ما لا يقل عن 13 من العلوج الغزاة فضلا عن الجرحى قبل أن يستشهد...ذكرت المصادر الصحفية أن عدي وقصي تلقيا ما لا يقل عن عشرين رصاصة في جسد كل واحد مهما فكيف يكون حال مصطفى الذي ظل يقاتل بعدهما بساعات...
إنك رجل يا مصطفى وليت الرجال يصبحون أطفالا مثل مصطفى.. كان بألف رجل وقاتل أقوى جيش في العالم وانتصر ..انتصر لشجاعته وانتصر لثباته وانتصر لتمكنه من أن يوقع خسائر فادحة بالعلوج..وانتصر لأنه توج حياته واستهلها وهو في بدايات سنوات التمييز بالشهادة التي اختارها بعد أن باعها ملايين الرجال أو أشباههم بالذل والهوان..
وانهزمت أمريكا عندما أعطت للعالم كعادتها درسا آخر من دروس الوحشية وعشقها للدماء حتى دماء الأطفال , عندما تجيش جيوشها لتقاتل طفلا محاصرا بين أربعة جدران.. إنها مثلهم وأخلاقهم على طريقة الاسرائيلين الذين يبيدون الأطفال والنساء ويستمتعون بقتلهم ليصفوا جيشهم بعد ذلك بأنه الجيش الأكثر احتراما للأخلاق في العالم ... إنها نفس العقيدة عقيدة اقتل اقتل اقتل...
فأي خسة وانحطاط في أخلاقيات هذا "الجيش" وعن أي انتصارات يتحدثون وهم يواجهون طفلا محاصرا كأنهم يواجهون جيشا جرارا؟
تقول الكاتبة الأمريكية ليزا توماس:
هل يمكن لنا فعلا أن نشعر بالفخر لأن الفرقة 101 المحمولة جوا ومعها 200 من الجنود قتلوا طفلا يقل عمره عن 14 سنة؟إنه بإمكاننا أن نؤكد أنه ليس لدينا شجعان هناك أما هم فعندهم واحد تقول الكاتبة الأمريكية.
وليست ليزا وحدها التي تذكرت مصطفى عندما نسيته أمته مع أنه صنع تاريخا تخلى عن صنعه كثير من الرجال,, فهذا الكاتب البريطاني روبرت فيسك يعبر عن إعجابه بمصطفى بقوله:
"لو كان لدينا في بريطانيا مثله وقام بما قام به لصنعت له بريطانيا تمثالا في كل مدينة بريطانية، ولجعلت من بطولته النادرة مساق بحث يقرؤه تلاميذ المدارس كي يكونوا على بينة من الصغر كيف تكون الرجولة وكيف تكون الشجاعة..."
قد يجادل من يجادل بأن صدام وأبناءه ارتكبوا أخطاء مميتة وتسببوا للعراق في كثير من النكبات والكوارث ... وليس الموضوع هنا البحث في هذه المسألة ...أما عدي وقصي فقد غدر بهما ومثل بهما بتلك الصورة البشعة ولعل ذلك تطهير لهما مهما اختلفنا مع بعض تصرفاتهم .... أما صدام حسين فقد ارتكب فعلا أخطاء مفصلية مميتة لكن الله وفقه وختم له بتلك الخاتمة الحسنة .. ختم حياته بشجاعة نادرة مرددا الشهادتين ... فأصبح بذلك ماضيه في الحكم شيئ ونهاية حياته شيء آخر...والأعمال بخواتيمها...
لكن ماذا عن الطفل مصطفى هل مارس حكما أو تلاعب بسلطة ؟؟ أو أساء لأحد ؟كلا فالطفل استشهد قبل أن يبلغ الحلم ... فكان صفحة نقية توجت صفحات حياته القصيرة بمقياس الزمن ببطولة تجعل عمره أزكى من أعمار من عاشوا قرونا وعصورا..طفولة .. براءة ..شجاعة.. قوة... ثبات ... رباطة جأش .. عزوف عن الاستسلام مع وجود الفرصة .. عزة نفس .. صبر إقبال في ساحة الوغى حب للشهادة ..
لقد لقنت الغزاة درسا لا ينسى وكشفت عورات كل الخونة وأذيال الغزاة وباعة الأوطان وسجلت نفسك في سجل صناع التاريخ ... لكن ما يميزك أن التاريخ عادة يكتبه رجال اشتد بنيانهم واستوى عودهم وخبروا الحياة وعاصروا المحن وتمرسوا وفهموا معاني العزة والكرامة على مدى سنوات طويلة، أما أنت فلم تدرك بعد معنى الحياة ... لكنك أدركت معنى العزة والشرف ... وحب الشهادة... وإلا كيف فضلت الموت وتقدمت إليه غير هياب لكنه موت غير مجاني ولا موت جبناء إنه موت الشجعان المؤمنين ...
إنك يا مصطفى مدرسة تعلم الأجيال وتنير للأمة درب التضحية والفداء وتعلم الجبناء أن الغزاة لا يمنحون حرية وإنما يسلبونها ولا يحررون وطنا وإنما يستعبدون أهله ولا يعمرون وطنا وإنما يخربونه ويدمرونه...
لكن العجيب في الأمر ليس أن يكون الطفل – الرجل – مصطفى شجاعا، فأرض العراق عرفت تاريخيا بصناعة الرجال وتخريج العظماء... لكن العجب العجاب هو لماذا اهتمت صحيفة نيورك تايمز بمصطفى وأبرزت شجاعته في حين نسيته أمته، نسيه إعلامها وساستها ومفكروها ومشايخها ...هذا الاهتمام الأمريكي بالشهيد مصطفى فسره الكاتب السعودي مهنا الحبيل بنظرة فيها عمق وقوة تحليل , يقول الكاتب مهنا :
" هذا الاهتمام من الصحافة الأمريكية ليس حُباً في العراق ولكنه تسجيل طبيعي لمسارات الصراع بين الأمم والشعوب والحضارات..فهذا العرف التاريخي في الإنسانية هو الذي يحمل الإعلام الأمريكي كما هو العهد في أمم الأرض على العودة لمعاركها الكبرى والوقوف عند أحداثها ونماذجها النادرة في تاريخ المواجهات والتضحيات، ولذا فإن الصحيفة التي وصفت تضحية مصطفى رحمه الله ومقاومته كحالة نادرة لا يعرفها التاريخ إلاّ نزراً ، سجلت الموقف والحدث باعتناء , وهو كذلك ينطبع لديهم في مراجعة التاريخ إجمالا حيث يقف الخصوم مع عظماء الأمة المقابلة وجنودها المبدعين في التضحية والفداء لأوطانهم ولا يقفون مع العملاء إلاّ بقدر السرد التاريخي والعرض الاحتقاري في مضمونه بعد أن تُنهي مهمتهم، ويرميهم رعاتهم إلى مزبلة التاريخ.
وهذا السياق هو المعروف لدى الإنسانية في عهودها الغابرة والحاضرة .فليت الأمة تفهم الرسالة التي سطرها هذا الطفل،وتغرسها في نفوس الأجيال الصاعدة. وليت التربويين يؤلفون قصة عن الشهيد مصطفى تدرس في مختلف المراحل التعليمية لعل طفلا نابها ذكيا عالي الهمة يلتقطها وتكون محركه لإخراج الأمة من سباتها وهوانها على نفسها وذلها أمام أعدائها ..نريد لأطفالنا أن يتعلموا من شجاعة مصطفى عند مواجهة الغزاة ولا نريدهم أن يتعلموا من تهور المفلسين من الذين غسلت أدمغتهم وظنوا أن تفجير الأحزمة الناسفة في الأبرياء هو طريق الجنة ...
تعلموا من مصطفى الطريقة الصحيحة لإصابة الهدف وتعلموا منه التمييز بين الأعداء وأذيالهم من الخونة وبين الأبرياء الذين لا يقاتلهم إلا مفلس مختل الفكر... إنه لأمر مخزٍ أن تحرك دولة كبرى جيوشا جرارة وطائرا ت ودبابات لتقاتل طفلا محاصرا...
لكن لا غرابة في ذلك فأمريكا لها تاريخ حافل في القتل والتدمير فقد قتلت ملايين من الهنود الحمر وقتلت 3 ملايين من الفيتناميين وهي أول بلد يستخدم الأسلحة الذرية في العالم حين حرقت خلال ثوان مدينتين يابانيتين لا علاقة لهما بجبهة القتال فذاب الأطفال والنساء بجحيم الدولة الراعية للحريات وحقوق الإنسان في العالم ..
وفي فلسطين تبنت عصابات شذاذ الآفاق ومدتهم بالسلاح والمال والدعم السياسي ليبيدوا شعبا ويهجروه من وطنه ويفعل الفعل ذاته مع لبنان ...وأمريكا قتلت في العراق أكثر من مليون شخص ودمرت بلدا بأكمله وحولته إلى ميليشيات وعصابات للخونة واللصوص وأصبح فيه كل شيء إلا معنى الدولة والحرية والرخاء والأمان... وتحول العراقيون صناع الحضارة في بلاد الرافدين إلى لاجئين ينتظرون من يرحمهم هنا أو هناك بفعل حملة "التحرير" كما أرادتها أمريكا..
ولكن هذا منهجهم: قتل ومؤامرات وتخطيط لإطاحة هذه الحكومة أو اغتيال هذا الزعيم أو ذاك .
ومع ذلك وبكل تبجح ووقاحة تتحدث أمريكا عن حقوق الإنسان وتصدر الخارجية الأمريكية تقريرا سنويا عن حقوق الإنسان في العالم ، فتجد فيه الدنيا كلها سوى جرائم الولايات المتحدة التي لديها أسوأ سجل في حقوق الإنسان .فأمريكا تتكلم عن حقوق الإنسان وتطالب بمحاكمة هذا الرئيس أو ذاك وترفض في الوقت ذاته التوقيع على اتفاقية محكمة الجنايات الدولية مخافة فتح ملفات جنودها وساستها وما أضخم تلك الملفات إن فتحت...
وقصة الفتاة العراقية "عبير" من أبسط النماذج على تطبيق مفهوم الحرية عند أمريكا.
وهذا طرف من القصة كما رواها الكاتب الأمريكي جوزيف كانون نذكر بها مرة أخرى :بعد ظهيرة يوم من شهر مارس 2006، داهمت قوةٌ من 10 إلى 15 جنديا أمريكيا منزل قاسم حمزة رشيد الجنابي، وهو من مواليد عام 1970، يعمل حارساً في مخزن للبطاطس مملوك للدولة. يعيش الجنابي مع زوجته فخرية طه محسن وأطفالهما الأربعة، وهم: عبير (مواليد 1991)، هديل (مواليد 1999)، أحمد (1996)، ومحمد (1998)."عبير، هي الضحية المُغتصبة. هي، بكل المقاييس، فتاة جميلة، شبابها وجمالها كانا السبب في هلاك الأسرة.
يقول مكتب التحقيقات الفدرالي إن الطرف القاتل يتألف من أربعة رجال (بضمنهم جرين)، وإن الحادثة لم تظهر إلا بعد أن تحدَّث أحد مرتكبي الجريمة أثناء جلسة للعلاج النفسي. (أظن أن المرضى في الجيش لا يملكون حقوق سرية المعلومات الخاصة بهم).
أنا لا أستبعد أن يكون عدد الجنود أعلى من هذا الرقم، وأنا أرفض الاعتقاد أن رجلاً واحداً - جندياً واحداً - يُمكنه أن يأمر الجنود للقيام بمثل هذا العمل. مَن الذي قاد الوحدة؟ لابد أن يكون هناك شخصٌ ما برتبة أعلى متورِّط في العملية. في نهاية هذا المقال سأقدِّم سبباً واحداً يدعوني للاعتقاد أن شخصاً ما برتبة أعلى أراد حدوث هذا العمل الوحشي.
حتى لو افترضنا أن سيناريو وجود ضابط أعلى غير مرجّح، وأن هذا الضابط لم يكن على معرفة مُسبقة بهذا الاعتداء، إلا أن الشخص المسؤول ينبغي أن يتحمل مسؤولية تصرفات وحدته.
لماذا اسم هذا الضابط ما يزال مجهولاً؟ لنقرأ معاً هذه الشهادة: "أخذ الأمريكيون قاسم، وزوجته، وابنتهما هديل ووضعوهم في غرفة واحدة من المنزل. الصبيان أحمد ومحمد كانا في مدرستهما عندما اجتاح الأمريكيون المنزل بحدود الثانية بعد الظهر.أطلق الأمريكيون النار على قاسم وزوجته وابنته في تلك الغرفة. أصابوا قاسم بأربع رصاصات في رأسه، وتلقت فخرية خمس رصاصات في بطنها وفي أسفل البطن. هديل (7 سنوات) أصيبت برصاصات في الرأس والكتف.
بعد ذلك أخذ الأمريكيون عبير إلى الغرفة المجاورة وأحاطوا بها في أحد أركان المنزل.وهناك جَرَّدوها من ملابسها، ثم أخذ 10 من الأمريكان دورهم في اغتصابها. بعدها ضربوها على رأسِها بآلة حادّة- وفقا لتقرير الطبيب الشرعي تم ضربها حتى ماتت فعلاً. ثم أشعلوا النار في جسدها."
هذه حرية أمريكا علوج ، حيوانات الغابة أكثر رحمة منهم يقتلون أسرة بأكملها ويغتصبون عبير قبل أن يسكبوا عليها البنزين ويشعلون النار في جسدها..
وجيوش جرارة تواجه طفلا محاصراونواف يقبض 30 مليون دولار – إن كان قبضها - ثمن دم الشهيد الطفل- الرجل- مصطفى ...ينزل نواف إلى الحضيض بدولاراته وتصعد روح مصطفى الطفل مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين...
إنه مفترق الطرق فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... ولله في خلقه شؤون...
عودة ودعوة