البطل المقدام
23 Oct 2009, 10:00 PM
خطبه الجمعه من المسجد الحرام
4-11-1430 هـ
القاهافضيله الشيخ اسامه بن عبدالله الخياطأ
عنوانها الخوف من الله أهميته وآثاره
الخطبة الأولى :
الحمد لله الكافي لمن تولاه .. أحمده - سبحانه - أمر ألا نخشى إلا إياه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه ومجتباه ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد .. فاتقوا الله - عباد الله - واذكروا وقوفكم بين يديه : يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ(111 سورة النحل) .
أيها المسلمون : إنه إذا كان في الناس من يحمله الاغترار بالحياة الدنيا والإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى والجهل بصحيح الاعتقاد إلى الخوف من كل ما يعده خطراً يدهمه أو شرًّا ينزل بساحته أو عائقاً يقوم دون بلوغ آماله والظفر بحاجاته .. فإن من عباد الله من يسلك الجادة ويمشي سوياً على صراطٍ مستقيمٍ مجانباً سبلَ أهل الحيرة والتذبذب حائداً عن طريق أهل الشكِ وضعفِ اليقين .. إنهم الذين يسيرون إلى الله - تعالى - سير من عرف ربه فأقبل عليه .. لا يخاف أحداً سواه ولا يرجو إلا إياه .. إنهم الذين علموا أن منزلة الخوف هي من أجَلَِّ منازل العابدين ربهم المستعينين به وأنفعها للقلب وأعظمها آثاراً على حياة الخلق في العاجلة والآجلة ، وأنها فرض على كل بني آدم كما دل على ذلك قوله - تعالى - : إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(175 سورة آل عمران) ، وقوله - عز اسمه - : فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ(44 سورة المائدة) .. كما أثنى – سبحانه – بجميع الثناء على أهل هذا الخوف ومدحهم بقوله – سبحانه – : إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ(57-61 سورة المؤمنون) .
ذلك أنهم كما قال الحسن – رحمه الله – : " عملوا بالطاعات واجتهدوا فيها ، وخافوا أن ترد عليهم .. إن المؤمن جمع إحساناً وخشية ، وإن المنافق جمع إساءة وآمنا – أي من العقوبة – وأثنى الله – تعالى – بهذه الصفة، وأثنى – سبحانه – بهذه الصفة باتصاف الملائكة المقربين بهذه الصفة فقال - سبحانه - : يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50 سورة النحل) .. وأثنى على النبيين - صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين - حيث امتدحهم لاتصافهم بهذه الصفة بقوله : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً(39 سورة الأحزاب ) .
ولما كانت الخشية خوفاً مقروناً بمعرفةٍ وعلم فإنه على قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية ؛ ولذا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أشد الخلق خوفًا من ربه وأعظمهم خشيةً له .. كما صرح بذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في قوله – صلى الله عليه وسلم - : " فوالله إني لأَعلَمُهم بالله وأشدُّهم له خشية " ، وفي لفظٍ لمسلم في صحيحه : " والله إني لَأَرجُو أن أكونَ أخشاكُم للهِ وأعلمُكُم بما أتقيه ". وقال أيضاً : " لو تعلمون ما أعلم لضَحِكْتم قليلا ولَبَكَيْتم كثيراً ، ولما تَلذَّذْتم بالنِّساءِ على الفُرُش ولَخرجْتم إلى الصعوداتِ تَجْأَرُون إلى الله – تعالى – " أخرجه الإمام أحمد في مسنده والترمذي في جامعه بإسنادٍ حسن .
ولذلك أيضاً وصف الله – تعالى – العلماء به - سبحانه - بأنهم الذين يخشون الله حقا .. فقال - سبحانه - : وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28 سورة فاطر) .. لقد نشأت هذه الخشية من علمهم بأنه – سبحانه - مالك الكون كله .. له مقاليد السموات والأرض .. إليه يرجع الأمر كله ، وأنه المدبر لأمور المخلوقات كلها ، وأنه الحي الذي لا يموت.. القيوم الذي تقوم الخلائق كلها به وتفتقر إليه .. بخلاف غيره ؛ فهو عاجزٌ فانٍ لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًّا ولا موتاً ولا حياةً ولا نشورا ، وأن الخلق جميعاً وسائطُ لإيصال ما كتبه الله وقدره من أقدار ، كما جاء بيان ذلك ضافياً في الحديث الذي أخرجه الترمذي في جامعه .. وهذا لفظه ، والإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه بإسنادٍ صحيحٍ : عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم– قال : " يا غلام إني أعلِّمُك كلمات : احفظ الله يحفظْك ، احفظ الله تجدْهُ تجاهك ، إذا سألْتَ فاسْألِ الله وإذا اسْتعنْتَ فاسْتَعِنْ بالله ، واعلمْ أنَّ الأمَّةَ لو اجتمعُوا على أن ينفعُوْكَ بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قدْ كتبَهُ اللهُ عليْك ولو اجْتمعُوا على أنَ يضرُّوك بشيء لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك .. رُفِعّتِ الْأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُف ".
عباد الله : إن الخوف ليس مقصوداً لذاته ، بل هو مقصودٌ لأمرٍ آخر فهو وسيلةٌ وطريقٌ وليس غاية أو هدفاً ؛ ولذا فإنه يرتفع بارتفاع المخوف منه ؛ ولذا كان من حال أهل الجنة أنهم لا خوفٌ عليهم ولا يحزنون فيها لزوال الخوف من العقاب وحلولهم دار المقامة والثواب فضلاً من الله - تعالى - وإكراماً منه لهم جزاء صبرهم على طاعته وحذرهم من معصيته .. ولهذا كان الخوف المحمود الصادق - كما قال أهل العلم - هو : ما حال بين صاحبه وبين محارم الله – عز وجل – فإذا تجاوز ذلك خِيْفَ منه اليأس والقنوط الذي نهى الله عنه مبيناً أنه من صفات الكافرين .. فقال – سبحانه – : إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87 سورة يوسف).
فالقلب - كما قال بعض أهل العلم - في سيره إلى الله – عز وجل – هو بمنزلة الطائر .. فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى سَلِمَ الرأسُ والجناحان فالطائر جيِّدُ الطيران .. ومتى قُطِعَ الرأسُ مات الطائر .. ومتى فُقِدَ الجناحان فهو عرضةٌ لكل صائدٍ وكاسر ..ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناحُ الخوف على جناحِ الرجاء .. وعند الخروج من الدنيا أن يطغى جناحُ الرجاء على جناح الخوف ، وأكمل الأحوال اعتدالُ الرجاء والخوف وغلبة الحب .. فالمحبة هي المَرَتَد والرجاء حادٍ والخوفُ سائق .. والله الموصل بمنه وكرمه " .. انتهى كلامه – رحمه الله - .
ألا وإن من أعظم ما تتعين العناية به ورعايته حق رعايته بصرف الجهود إليه وكمال السعي لتحصيله : تربيةَ القلبِ على محبة الرب – سبحانه وتعالى – ومخافته ورجاء فضله بقوةِ الإيمان به - سبحانه - وتجريد توحيده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، والعلم بما أعده للمتقين في دار كرامته من نعيم مقيم ..وما أعده للعاصين من عقوبةٍ وعذابٍ أليم ، وبدوام محاسبة النفس لكبح جماحها وإقامتها على الجادة وأطرها على الحق وحجزها عن الباطل في كل صوره وألوانه .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44 سورة المائدة) .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – .. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ ؛ إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله ولي الصالحين ، أحمده - سبحانه - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله .. إمام المرسلين وقائد الغرِّ المحجَّلِين ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد .. فياعباد الله : قال بعض أهل العلم : كل أحدٍ إذا خفته هربت منه إلا الله - عز وجل - فإنك إذا خفته هربت إليه ؛ فالخائف هارب من ربه إلى ربه وخائفٌ منه إليه ؛ فإنه لا ملجأ منه - سبحانه - إلا إليه ، والخوف منه يعقب أمنًا لأنه باعثٌ على إخلاص العمل وإحسانه ومتابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه والحذر من المخالفة عن أمره ، وجماع ذلك الحرص على كل ما يرضيه والحذر من كل أسباب سخطه .. وفي هذا أمن الخائف وسلامة السالك إلى الله ونجاة السائر إليه من العثار والفوز عنده بالجنة والنجاة من النار .
فاتقوا الله - عباد الله - وصلُّوا وسلِّمُوا على خاتم رسل الله محمد بن عبد الله ، وقد أمرتم بذلك في كتاب الله حيث قال الله - سبحانه - : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(56 سورة الأحزاب) .. اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياخير من تجاوز وعفا .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحم حوزة الدين ، ودمر أعداء الدين وسائر الطغاة والمفسدين ، وألف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم ، وأصلح قادتهم ، واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين .. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين.
اللهم آمنَّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، وهيئ له البطانة الصالحة ، ووفقه لما تحب وترضى ياسميع الدعاء .
اللهم وفقه ونائبه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين ، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد يامن إليه المرجع يوم التناد .
اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين .. اللهم إنا نجعلُك في نحورِهِم ونعوذ بك من شرورهم ، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين .
اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين . اللهم إنا نسأل أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين .
اللهم احفظ هذه البلاد حائزةً كل خير سالمةً من كل شر وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين .
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا أخرتنا التي فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر .
اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا .. ةربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .
ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنَا عذاب النار .. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
للاستماع
http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=...audfiletype=rm (http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioListen&simplelayout=1&audioid=38053&audfiletype=rm)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة من المسجد النبوي
4-11-1430 هـ
القاها فضيله الشيخ على بن عبدالرحمن الحذيفي
عنوانها خلق الصبر (http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioDetails&audioid=38052&audiotype=khutbah&browseby=khateebaudio)
الخطبة الأولى :
الحمد لله العليم الخلاق قسَّم بين عباده الأخلاق كما قسَّم بينهم الأرزاق ، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث بمكارم الأخلاق .. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهداه إلى يوم التلاق .
أما بعد .. فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ؛ فإن طاعته أقوم وأقوى ، وتزودوا لآخرتكم بالتقوى ، واعلموا - عباد الله - أن العباد يتفاضلون عند ربهم بالتمسك بدينهم الحق وأخلاق الفضل والصدق ، كما قال - تعالى - :وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا .. الأحقاف 19 ، وفي الحديث القدسي عن الرب - تبارك وتعالى - أنه قال : " يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه" .
أيها المسلمون .. إن خلق الصبر خلق كريم ووصف عظيم ، وصف الله به الأنبياء والمرسلين والصالحين ، فقال - تعالى - : فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. الأحقاف 35 ، وقال - عز وجل - :وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ الأنبياء 85 ، وقال - عز وجل - :.. وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ .. الحج 34 – 35 ، وعن أنس مرفوعا : " الإيمان نصفان ، نصفٌ صبر ، ونصف شكر" ، وروى مسلم من حديث أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن ، أو تملأ ما بين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حُجَّة لك أو عليك " ، والآيات والأحاديث في الصبر وفضله كثيرةٌ شهيرة .
ومعنى الصبر: حبس النفس على الطاعة وكفها عن المعصية على الدوام ، وحملها على طاعة الله - تبارك وتعالى - دائماً .
أيها المؤمنون .. إن الصبر أنواع متلازمة ، فمن أعظم أنواع الصبر .. الصبر عن المعصية والمحرمات ، قال الله - تعالى - : وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ الرعد 22 ، وأكثر الناس يقدر على فعل الطاعة ويصبر عليها ، ولكن لا يصبر عن المعصية ، فلِقلةِ صبره على المحرم لا يكون من الصابرين ، ولا ينال درجة المجاهدين الصابرين ، فلا يَعصمُ من ورود الشهوات إلا الصبرُ القوي والورع الحقيقي ، والمسلم إذا لم يكن متصفاً بالصبر فقد تأتي عليه ساعة تلوح له فيها لذةٌ عاجلة أو منفعة قريبة ، أو شهوة عابرة أو كبيرة موبقة ، فتخور عزيمته وتضعف إرادته ، ويلين صبره فيغشى المحرَّم ويقع في الموبقات ، فيشقى شقاءً عظيماً ويلقى عذاباً أليماً .
فالصبر عن المحرمات للإنسان مثلُ الكوابح للسيارات ، فتصور سيارة بلا كوابح كيف يكون مصيرها وما قيمتها ، والإنسان إذا لم يحجزه صبره وإيمانه عن المحرمات كان مآله في الدنيا الذلة أو السجن ، وفي الآخرة جهنم وساءت مصيرا مهما كان قد أوتي حظاً في هذه الدنيا .
والنوع الثاني من الصبر : هو الصبر على طاعة الله - تبارك وتعالى - بالصبر على أدائها وإصابة الحق فيها ، والصبرِ على المداومة عليها .. قال الله - تعالى - :وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُالحجر 99 ، وقال - تعالى - :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَآل عمران 200 .. قال الحسن البصري - رحمه الله - : " أُمِروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم ، وهو الإسلام فلا يدَعُوه لسراءَ ولا لضراءَ ، ولا لشدةٍ ولا رخاء حتى يموتوا مسلمين ، وأن يصابروا الأعداء الذين يكرهون دينهم " ، وأما المرابطة فهي المداومة في مكان العبادة والثبات على أمر الله فلا يُضيَّع .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ؟ إسباغُ الوضوء على المكاره ، وكثرةُ الخطى إلى المساجد ، وانتظارُ الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرِّباطُ ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط " .
والنوع الثالث من الصبر وهو : الصبر على الأقدار ، والصبر على المصائب والمكاره التي تصيب العباد في هذه الدنيا ، وذلك الصبر لا يكون محموداً إلا مع الاحتساب ، وابتغاء الأجر من الله - تبارك وتعالى - وأن يعلم بأن المصيبة مقدرةٌ من الله - عز وجل - وأن من صبر أَُجِر وأمر الله نافذ ، ومن جزع وتسخَّط أَثِم وأمر الله نافذ .. قال الله - تعالى - :وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَالبقرة 155 – 157 ، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " نِعمَ العِدلان ونعمت العلاوة " ..يعني : ( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) عدلان مُشبهان بعدلي البعير في الحمل ، ( وأولئك هم المهتدون ) هي العلاوة ، وهو ما يكون بين العدلين ) ، وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا أراد الله بعبده خيراً عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده شرا أمسك عنه بذنبه حتى يوافَى به يوم القيامة ..إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " رواه الترمذي وقال حديث حسن .
ولقد أمر الله بالصبر في آيات كثيرة من كتابه فأمر بالصبر أمراً مطلقا ، كما في قوله - تعالى - :وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ..النحل 127 ، وأمر بالصبر في أمور مخصوصة لشدة الحاجة إلى الصبر فيها ، فأمر بالصبر لحكم الله - تعالى - الشرعي والقَدَريِّ .. قال الله - تعالى - :فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً الإنسان 24 ، وأمر بالصبر على أذى الكافرين .. قال الله - تعالى - :لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ
أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِآل عمران 186 ، وأمر بالصبر على ما يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما في ذلك من المشقة ، ولأن الآمرَ بالمعروف والناهيَ عن المنكر يرى الناس أنه يحُول بينهم وبين أهوائهم ومنافعهم ، والمنفعة والمصلحة هي فيما أقره الشرع وأمر به ، والمفسدة هي فيما نهى عنه الشرع .. قال الله - تعالى - :يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِلقمان 17 ، وأمر بالصبر من وَلِيَ شيئاً من أمور المسلمين - قليلاً كان أو كثيراً - فقد قال - صلى الله عليه وسلم - :" لقد أُوذي موسى بأكثرَ من هذا فصبر " .
وأمر الله المسلم أن يستعين بالله في التخلق بالصبر والتمسك بالطاعة ..قال الله - تعالى - :وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ..البقرة 45 ، وأمر أن يعَوِّد نفسه على خلق الصبر في كل حالة وأمرٍ من الأمور ، وفي شأنه كله ؛ فإن العادة تساعد على الخُلْق ففي الصحيحين : " ومن يتصبَّر يصبره الله ، ومن يستغنِ يُغنهِ اللهُ " ، ووعد الله على الصبر أعظمِ الثواب والنجاةَ من العقاب ، فقال - عز وجل - :.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍالزمر 10 ، وقال - تعالى - عن ثواب الصابرين .. أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ الرعد 22 – 24 .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم ..
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، أحمد ربي وأشكره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد .. فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ، فإن طاعته أقوم وأقوى وذخرٌ لكم في الآخرة والأولى .
عباد الله .. إن الصبر مرُّ المذاق في ساعة الحال حلو المذاق في العاقبة والمآل ، قال الله - تعالى - : ..وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ(النحل 126 – 127) ، وقال - عز وجل - : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(العنكبوت 58 – 59) ..
فما أعظم سعادة من صبر على الطاعات وجانبَ المحرمات واحتسب أجر الأقدار والمصيبات .. كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " ؛ أي في أول المصيبة .
أيها المسلم .. اعمل لدار البقاء والنعيم المقيم ؛ ولا تغرنك دار الفناء .. فعمَّا قليلٍ تخلِّفها وراء ظهرك ولا ينفعك مالٌ ولا ولدٌ ولا صديقٌ حميم .. عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل " ..
وكان ابن عمر يقول : " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك " ..
فمن عرف ربه وعرف من عرف ربه وعرف ما أعد لأوليائه وما توعد به أعداءه وعرف مقامه في هذه الحياة استلذَّ الصبر في مرضاة الله ، واستقلَّ ما قام به من طاعة الله ، وخاف من هوْل المطلع الذي سيُقدِم عليه ولابد وحذر من المحرمات .
عباد الله :إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الأحزاب – 56 ؛ فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين ..
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، اللهم وبارِكْ على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، وسلم تسليماً كثيرا ..
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين وعن خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، اللهم وارْضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتك ياأرحم الراحمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الكفر والكافرين ، ودمِّرْ أعداءك أعداء الدين يارب العالمين.
اللهم ألِّفْ بين قلوب المسلمين ، وأصلح ذات بينهم ، واهدهم سُبُل السلامِ وأخْرجهُمْ من الظلمات إلى النور ، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يارب العالمين .
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك ياقوي يامتين .
اللهم فقهنا والمسلمين في الدين إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم وارزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال والإصابة والتمسك بسنة سيد المرسلين - عليه الصلاة والتسليم - .
اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين يارب العالمين ، اللهم نوِّر عليهم قبورهم وضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم ياغفور ياشكور .
اللهم إنا نسألك لا إله إلا أنت .. اللهم أنت الغني ونحن الفقراء . اللهم أنت الغني ونحن الفقراء ، اللهم ياأرحم الراحمين ياولي ياحميد ، اللهم أغثنا . اللهم أغثنا . اللهم أغثنا ..
اللهم أنت ربنا وإلهنا وإله الأولين والآخرين لا إله لنا غيرك ياأرحم الراحمين .. اللهم أغثنا غيثاً عاجلاً ، اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا بلاءٍ ولا غرق ياأرحم الراحمين ، اللهم لا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا ولا تجعلنا من الآيسين ، اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم استجب دعاءنا ياأرحم الراحمين .
ربنا لا تمنع عنا خيرًا ما في يديك بسببٍ منَّا أو بسببٍ من غيرنا ..
اللهم اجعل بلادنا آمنةً مطمئنةً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين .
اللهم أبْطِل مكر أعداء الإسلام يارب العالمين ، اللهم أبطل كيد أعداء الإسلام ياذا الجلال والإكرام .
اللهم وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك ، وأعنه على أمور الدنيا والدين ، اللهم إنا نسألك ياذا الجلال والإكرام أن تنصر به الدين ، اللهم وفقه لما تحب وترضى ، اللهم أعنْه إنك على كل شيء قدير ..
اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك ..
اللهم وفق النائب الثاني لما تحب وترضى ولما فيه الخير ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك واحفظهم إنك على كل شيء قدير .
اللهم إنَّا نسألك أن تغفر لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا وما أسرَرْنا وما أعلنَّا .. أنت المقدمُ وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت ، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ..
اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، اللهم أعذنا من شر كل ذي شر فإنك أنت الذي يجير ويعيذ ولا يجار عليك يارب العالمين .
عباد الله ..إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(النحل – 90) ، وَأَوْفُواْبِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَالنحل – 91 ..
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدْكم ، ولَذِكْرُ الله أكبر والله يعلمُ ما تصنعون .
للاستماع
http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=...audfiletype=rm (http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioListen&simplelayout=1&audioid=38052&audfiletype=rm)
4-11-1430 هـ
القاهافضيله الشيخ اسامه بن عبدالله الخياطأ
عنوانها الخوف من الله أهميته وآثاره
الخطبة الأولى :
الحمد لله الكافي لمن تولاه .. أحمده - سبحانه - أمر ألا نخشى إلا إياه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه ومجتباه ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد .. فاتقوا الله - عباد الله - واذكروا وقوفكم بين يديه : يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ(111 سورة النحل) .
أيها المسلمون : إنه إذا كان في الناس من يحمله الاغترار بالحياة الدنيا والإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى والجهل بصحيح الاعتقاد إلى الخوف من كل ما يعده خطراً يدهمه أو شرًّا ينزل بساحته أو عائقاً يقوم دون بلوغ آماله والظفر بحاجاته .. فإن من عباد الله من يسلك الجادة ويمشي سوياً على صراطٍ مستقيمٍ مجانباً سبلَ أهل الحيرة والتذبذب حائداً عن طريق أهل الشكِ وضعفِ اليقين .. إنهم الذين يسيرون إلى الله - تعالى - سير من عرف ربه فأقبل عليه .. لا يخاف أحداً سواه ولا يرجو إلا إياه .. إنهم الذين علموا أن منزلة الخوف هي من أجَلَِّ منازل العابدين ربهم المستعينين به وأنفعها للقلب وأعظمها آثاراً على حياة الخلق في العاجلة والآجلة ، وأنها فرض على كل بني آدم كما دل على ذلك قوله - تعالى - : إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(175 سورة آل عمران) ، وقوله - عز اسمه - : فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ(44 سورة المائدة) .. كما أثنى – سبحانه – بجميع الثناء على أهل هذا الخوف ومدحهم بقوله – سبحانه – : إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ(57-61 سورة المؤمنون) .
ذلك أنهم كما قال الحسن – رحمه الله – : " عملوا بالطاعات واجتهدوا فيها ، وخافوا أن ترد عليهم .. إن المؤمن جمع إحساناً وخشية ، وإن المنافق جمع إساءة وآمنا – أي من العقوبة – وأثنى الله – تعالى – بهذه الصفة، وأثنى – سبحانه – بهذه الصفة باتصاف الملائكة المقربين بهذه الصفة فقال - سبحانه - : يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50 سورة النحل) .. وأثنى على النبيين - صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين - حيث امتدحهم لاتصافهم بهذه الصفة بقوله : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً(39 سورة الأحزاب ) .
ولما كانت الخشية خوفاً مقروناً بمعرفةٍ وعلم فإنه على قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية ؛ ولذا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أشد الخلق خوفًا من ربه وأعظمهم خشيةً له .. كما صرح بذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في قوله – صلى الله عليه وسلم - : " فوالله إني لأَعلَمُهم بالله وأشدُّهم له خشية " ، وفي لفظٍ لمسلم في صحيحه : " والله إني لَأَرجُو أن أكونَ أخشاكُم للهِ وأعلمُكُم بما أتقيه ". وقال أيضاً : " لو تعلمون ما أعلم لضَحِكْتم قليلا ولَبَكَيْتم كثيراً ، ولما تَلذَّذْتم بالنِّساءِ على الفُرُش ولَخرجْتم إلى الصعوداتِ تَجْأَرُون إلى الله – تعالى – " أخرجه الإمام أحمد في مسنده والترمذي في جامعه بإسنادٍ حسن .
ولذلك أيضاً وصف الله – تعالى – العلماء به - سبحانه - بأنهم الذين يخشون الله حقا .. فقال - سبحانه - : وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28 سورة فاطر) .. لقد نشأت هذه الخشية من علمهم بأنه – سبحانه - مالك الكون كله .. له مقاليد السموات والأرض .. إليه يرجع الأمر كله ، وأنه المدبر لأمور المخلوقات كلها ، وأنه الحي الذي لا يموت.. القيوم الذي تقوم الخلائق كلها به وتفتقر إليه .. بخلاف غيره ؛ فهو عاجزٌ فانٍ لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًّا ولا موتاً ولا حياةً ولا نشورا ، وأن الخلق جميعاً وسائطُ لإيصال ما كتبه الله وقدره من أقدار ، كما جاء بيان ذلك ضافياً في الحديث الذي أخرجه الترمذي في جامعه .. وهذا لفظه ، والإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه بإسنادٍ صحيحٍ : عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم– قال : " يا غلام إني أعلِّمُك كلمات : احفظ الله يحفظْك ، احفظ الله تجدْهُ تجاهك ، إذا سألْتَ فاسْألِ الله وإذا اسْتعنْتَ فاسْتَعِنْ بالله ، واعلمْ أنَّ الأمَّةَ لو اجتمعُوا على أن ينفعُوْكَ بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قدْ كتبَهُ اللهُ عليْك ولو اجْتمعُوا على أنَ يضرُّوك بشيء لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك .. رُفِعّتِ الْأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُف ".
عباد الله : إن الخوف ليس مقصوداً لذاته ، بل هو مقصودٌ لأمرٍ آخر فهو وسيلةٌ وطريقٌ وليس غاية أو هدفاً ؛ ولذا فإنه يرتفع بارتفاع المخوف منه ؛ ولذا كان من حال أهل الجنة أنهم لا خوفٌ عليهم ولا يحزنون فيها لزوال الخوف من العقاب وحلولهم دار المقامة والثواب فضلاً من الله - تعالى - وإكراماً منه لهم جزاء صبرهم على طاعته وحذرهم من معصيته .. ولهذا كان الخوف المحمود الصادق - كما قال أهل العلم - هو : ما حال بين صاحبه وبين محارم الله – عز وجل – فإذا تجاوز ذلك خِيْفَ منه اليأس والقنوط الذي نهى الله عنه مبيناً أنه من صفات الكافرين .. فقال – سبحانه – : إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87 سورة يوسف).
فالقلب - كما قال بعض أهل العلم - في سيره إلى الله – عز وجل – هو بمنزلة الطائر .. فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى سَلِمَ الرأسُ والجناحان فالطائر جيِّدُ الطيران .. ومتى قُطِعَ الرأسُ مات الطائر .. ومتى فُقِدَ الجناحان فهو عرضةٌ لكل صائدٍ وكاسر ..ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناحُ الخوف على جناحِ الرجاء .. وعند الخروج من الدنيا أن يطغى جناحُ الرجاء على جناح الخوف ، وأكمل الأحوال اعتدالُ الرجاء والخوف وغلبة الحب .. فالمحبة هي المَرَتَد والرجاء حادٍ والخوفُ سائق .. والله الموصل بمنه وكرمه " .. انتهى كلامه – رحمه الله - .
ألا وإن من أعظم ما تتعين العناية به ورعايته حق رعايته بصرف الجهود إليه وكمال السعي لتحصيله : تربيةَ القلبِ على محبة الرب – سبحانه وتعالى – ومخافته ورجاء فضله بقوةِ الإيمان به - سبحانه - وتجريد توحيده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، والعلم بما أعده للمتقين في دار كرامته من نعيم مقيم ..وما أعده للعاصين من عقوبةٍ وعذابٍ أليم ، وبدوام محاسبة النفس لكبح جماحها وإقامتها على الجادة وأطرها على الحق وحجزها عن الباطل في كل صوره وألوانه .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44 سورة المائدة) .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – .. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ ؛ إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله ولي الصالحين ، أحمده - سبحانه - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله .. إمام المرسلين وقائد الغرِّ المحجَّلِين ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد .. فياعباد الله : قال بعض أهل العلم : كل أحدٍ إذا خفته هربت منه إلا الله - عز وجل - فإنك إذا خفته هربت إليه ؛ فالخائف هارب من ربه إلى ربه وخائفٌ منه إليه ؛ فإنه لا ملجأ منه - سبحانه - إلا إليه ، والخوف منه يعقب أمنًا لأنه باعثٌ على إخلاص العمل وإحسانه ومتابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه والحذر من المخالفة عن أمره ، وجماع ذلك الحرص على كل ما يرضيه والحذر من كل أسباب سخطه .. وفي هذا أمن الخائف وسلامة السالك إلى الله ونجاة السائر إليه من العثار والفوز عنده بالجنة والنجاة من النار .
فاتقوا الله - عباد الله - وصلُّوا وسلِّمُوا على خاتم رسل الله محمد بن عبد الله ، وقد أمرتم بذلك في كتاب الله حيث قال الله - سبحانه - : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(56 سورة الأحزاب) .. اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياخير من تجاوز وعفا .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحم حوزة الدين ، ودمر أعداء الدين وسائر الطغاة والمفسدين ، وألف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم ، وأصلح قادتهم ، واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين .. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين.
اللهم آمنَّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، وهيئ له البطانة الصالحة ، ووفقه لما تحب وترضى ياسميع الدعاء .
اللهم وفقه ونائبه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين ، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد يامن إليه المرجع يوم التناد .
اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين .. اللهم إنا نجعلُك في نحورِهِم ونعوذ بك من شرورهم ، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين .
اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين . اللهم إنا نسأل أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين .
اللهم احفظ هذه البلاد حائزةً كل خير سالمةً من كل شر وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين .
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا أخرتنا التي فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر .
اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا .. ةربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .
ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنَا عذاب النار .. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
للاستماع
http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=...audfiletype=rm (http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioListen&simplelayout=1&audioid=38053&audfiletype=rm)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة من المسجد النبوي
4-11-1430 هـ
القاها فضيله الشيخ على بن عبدالرحمن الحذيفي
عنوانها خلق الصبر (http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioDetails&audioid=38052&audiotype=khutbah&browseby=khateebaudio)
الخطبة الأولى :
الحمد لله العليم الخلاق قسَّم بين عباده الأخلاق كما قسَّم بينهم الأرزاق ، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث بمكارم الأخلاق .. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهداه إلى يوم التلاق .
أما بعد .. فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ؛ فإن طاعته أقوم وأقوى ، وتزودوا لآخرتكم بالتقوى ، واعلموا - عباد الله - أن العباد يتفاضلون عند ربهم بالتمسك بدينهم الحق وأخلاق الفضل والصدق ، كما قال - تعالى - :وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا .. الأحقاف 19 ، وفي الحديث القدسي عن الرب - تبارك وتعالى - أنه قال : " يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه" .
أيها المسلمون .. إن خلق الصبر خلق كريم ووصف عظيم ، وصف الله به الأنبياء والمرسلين والصالحين ، فقال - تعالى - : فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. الأحقاف 35 ، وقال - عز وجل - :وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ الأنبياء 85 ، وقال - عز وجل - :.. وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ .. الحج 34 – 35 ، وعن أنس مرفوعا : " الإيمان نصفان ، نصفٌ صبر ، ونصف شكر" ، وروى مسلم من حديث أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن ، أو تملأ ما بين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حُجَّة لك أو عليك " ، والآيات والأحاديث في الصبر وفضله كثيرةٌ شهيرة .
ومعنى الصبر: حبس النفس على الطاعة وكفها عن المعصية على الدوام ، وحملها على طاعة الله - تبارك وتعالى - دائماً .
أيها المؤمنون .. إن الصبر أنواع متلازمة ، فمن أعظم أنواع الصبر .. الصبر عن المعصية والمحرمات ، قال الله - تعالى - : وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ الرعد 22 ، وأكثر الناس يقدر على فعل الطاعة ويصبر عليها ، ولكن لا يصبر عن المعصية ، فلِقلةِ صبره على المحرم لا يكون من الصابرين ، ولا ينال درجة المجاهدين الصابرين ، فلا يَعصمُ من ورود الشهوات إلا الصبرُ القوي والورع الحقيقي ، والمسلم إذا لم يكن متصفاً بالصبر فقد تأتي عليه ساعة تلوح له فيها لذةٌ عاجلة أو منفعة قريبة ، أو شهوة عابرة أو كبيرة موبقة ، فتخور عزيمته وتضعف إرادته ، ويلين صبره فيغشى المحرَّم ويقع في الموبقات ، فيشقى شقاءً عظيماً ويلقى عذاباً أليماً .
فالصبر عن المحرمات للإنسان مثلُ الكوابح للسيارات ، فتصور سيارة بلا كوابح كيف يكون مصيرها وما قيمتها ، والإنسان إذا لم يحجزه صبره وإيمانه عن المحرمات كان مآله في الدنيا الذلة أو السجن ، وفي الآخرة جهنم وساءت مصيرا مهما كان قد أوتي حظاً في هذه الدنيا .
والنوع الثاني من الصبر : هو الصبر على طاعة الله - تبارك وتعالى - بالصبر على أدائها وإصابة الحق فيها ، والصبرِ على المداومة عليها .. قال الله - تعالى - :وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُالحجر 99 ، وقال - تعالى - :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَآل عمران 200 .. قال الحسن البصري - رحمه الله - : " أُمِروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم ، وهو الإسلام فلا يدَعُوه لسراءَ ولا لضراءَ ، ولا لشدةٍ ولا رخاء حتى يموتوا مسلمين ، وأن يصابروا الأعداء الذين يكرهون دينهم " ، وأما المرابطة فهي المداومة في مكان العبادة والثبات على أمر الله فلا يُضيَّع .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ؟ إسباغُ الوضوء على المكاره ، وكثرةُ الخطى إلى المساجد ، وانتظارُ الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرِّباطُ ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط " .
والنوع الثالث من الصبر وهو : الصبر على الأقدار ، والصبر على المصائب والمكاره التي تصيب العباد في هذه الدنيا ، وذلك الصبر لا يكون محموداً إلا مع الاحتساب ، وابتغاء الأجر من الله - تبارك وتعالى - وأن يعلم بأن المصيبة مقدرةٌ من الله - عز وجل - وأن من صبر أَُجِر وأمر الله نافذ ، ومن جزع وتسخَّط أَثِم وأمر الله نافذ .. قال الله - تعالى - :وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَالبقرة 155 – 157 ، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " نِعمَ العِدلان ونعمت العلاوة " ..يعني : ( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) عدلان مُشبهان بعدلي البعير في الحمل ، ( وأولئك هم المهتدون ) هي العلاوة ، وهو ما يكون بين العدلين ) ، وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا أراد الله بعبده خيراً عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده شرا أمسك عنه بذنبه حتى يوافَى به يوم القيامة ..إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " رواه الترمذي وقال حديث حسن .
ولقد أمر الله بالصبر في آيات كثيرة من كتابه فأمر بالصبر أمراً مطلقا ، كما في قوله - تعالى - :وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ..النحل 127 ، وأمر بالصبر في أمور مخصوصة لشدة الحاجة إلى الصبر فيها ، فأمر بالصبر لحكم الله - تعالى - الشرعي والقَدَريِّ .. قال الله - تعالى - :فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً الإنسان 24 ، وأمر بالصبر على أذى الكافرين .. قال الله - تعالى - :لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ
أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِآل عمران 186 ، وأمر بالصبر على ما يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما في ذلك من المشقة ، ولأن الآمرَ بالمعروف والناهيَ عن المنكر يرى الناس أنه يحُول بينهم وبين أهوائهم ومنافعهم ، والمنفعة والمصلحة هي فيما أقره الشرع وأمر به ، والمفسدة هي فيما نهى عنه الشرع .. قال الله - تعالى - :يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِلقمان 17 ، وأمر بالصبر من وَلِيَ شيئاً من أمور المسلمين - قليلاً كان أو كثيراً - فقد قال - صلى الله عليه وسلم - :" لقد أُوذي موسى بأكثرَ من هذا فصبر " .
وأمر الله المسلم أن يستعين بالله في التخلق بالصبر والتمسك بالطاعة ..قال الله - تعالى - :وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ..البقرة 45 ، وأمر أن يعَوِّد نفسه على خلق الصبر في كل حالة وأمرٍ من الأمور ، وفي شأنه كله ؛ فإن العادة تساعد على الخُلْق ففي الصحيحين : " ومن يتصبَّر يصبره الله ، ومن يستغنِ يُغنهِ اللهُ " ، ووعد الله على الصبر أعظمِ الثواب والنجاةَ من العقاب ، فقال - عز وجل - :.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍالزمر 10 ، وقال - تعالى - عن ثواب الصابرين .. أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ الرعد 22 – 24 .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم ..
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، أحمد ربي وأشكره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد .. فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ، فإن طاعته أقوم وأقوى وذخرٌ لكم في الآخرة والأولى .
عباد الله .. إن الصبر مرُّ المذاق في ساعة الحال حلو المذاق في العاقبة والمآل ، قال الله - تعالى - : ..وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ(النحل 126 – 127) ، وقال - عز وجل - : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(العنكبوت 58 – 59) ..
فما أعظم سعادة من صبر على الطاعات وجانبَ المحرمات واحتسب أجر الأقدار والمصيبات .. كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " ؛ أي في أول المصيبة .
أيها المسلم .. اعمل لدار البقاء والنعيم المقيم ؛ ولا تغرنك دار الفناء .. فعمَّا قليلٍ تخلِّفها وراء ظهرك ولا ينفعك مالٌ ولا ولدٌ ولا صديقٌ حميم .. عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل " ..
وكان ابن عمر يقول : " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك " ..
فمن عرف ربه وعرف من عرف ربه وعرف ما أعد لأوليائه وما توعد به أعداءه وعرف مقامه في هذه الحياة استلذَّ الصبر في مرضاة الله ، واستقلَّ ما قام به من طاعة الله ، وخاف من هوْل المطلع الذي سيُقدِم عليه ولابد وحذر من المحرمات .
عباد الله :إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الأحزاب – 56 ؛ فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين ..
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، اللهم وبارِكْ على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، وسلم تسليماً كثيرا ..
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين وعن خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، اللهم وارْضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتك ياأرحم الراحمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الكفر والكافرين ، ودمِّرْ أعداءك أعداء الدين يارب العالمين.
اللهم ألِّفْ بين قلوب المسلمين ، وأصلح ذات بينهم ، واهدهم سُبُل السلامِ وأخْرجهُمْ من الظلمات إلى النور ، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يارب العالمين .
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك ياقوي يامتين .
اللهم فقهنا والمسلمين في الدين إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم وارزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال والإصابة والتمسك بسنة سيد المرسلين - عليه الصلاة والتسليم - .
اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين يارب العالمين ، اللهم نوِّر عليهم قبورهم وضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم ياغفور ياشكور .
اللهم إنا نسألك لا إله إلا أنت .. اللهم أنت الغني ونحن الفقراء . اللهم أنت الغني ونحن الفقراء ، اللهم ياأرحم الراحمين ياولي ياحميد ، اللهم أغثنا . اللهم أغثنا . اللهم أغثنا ..
اللهم أنت ربنا وإلهنا وإله الأولين والآخرين لا إله لنا غيرك ياأرحم الراحمين .. اللهم أغثنا غيثاً عاجلاً ، اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا بلاءٍ ولا غرق ياأرحم الراحمين ، اللهم لا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا ولا تجعلنا من الآيسين ، اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم استجب دعاءنا ياأرحم الراحمين .
ربنا لا تمنع عنا خيرًا ما في يديك بسببٍ منَّا أو بسببٍ من غيرنا ..
اللهم اجعل بلادنا آمنةً مطمئنةً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين .
اللهم أبْطِل مكر أعداء الإسلام يارب العالمين ، اللهم أبطل كيد أعداء الإسلام ياذا الجلال والإكرام .
اللهم وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك ، وأعنه على أمور الدنيا والدين ، اللهم إنا نسألك ياذا الجلال والإكرام أن تنصر به الدين ، اللهم وفقه لما تحب وترضى ، اللهم أعنْه إنك على كل شيء قدير ..
اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك ..
اللهم وفق النائب الثاني لما تحب وترضى ولما فيه الخير ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك واحفظهم إنك على كل شيء قدير .
اللهم إنَّا نسألك أن تغفر لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا وما أسرَرْنا وما أعلنَّا .. أنت المقدمُ وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت ، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ..
اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، اللهم أعذنا من شر كل ذي شر فإنك أنت الذي يجير ويعيذ ولا يجار عليك يارب العالمين .
عباد الله ..إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(النحل – 90) ، وَأَوْفُواْبِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَالنحل – 91 ..
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدْكم ، ولَذِكْرُ الله أكبر والله يعلمُ ما تصنعون .
للاستماع
http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=...audfiletype=rm (http://gate.gph.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioListen&simplelayout=1&audioid=38052&audfiletype=rm)