الرحال99
29 Oct 2009, 12:34 AM
القرآن كله كلام الله
قرأت مقالا في جريدة الرياض الصادرة يوم الثلاثاء 17/11/1428هـ للكاتب يوسف أبا الخيل تحت عنوان: ( لكيلا نسقط على القرآن وزر تمذهبنا ) وقد وجدت الكاتب – هداه الله – قد وقع في أخطاء عظيمة في القرآن وتفسيره على غير مراد الله منه . وفي حملته الشعواء على بني أمية ووصفهم بالظلم والقهر بما فيهم من الصحابة الأجلاء والعلماء الفضلاء فرأيت أن أناقشه فيه فأقول:
1- غلطه حول القرآن حيث جعل نصوصه عبارة عن ثلاث محاور رئيسه كما يقول: وهي محور المتكلم ومحور المستقبل – بكسر الباء – ومحور الغائب المتكلم عنه ثم قال بعد هذا التقسيم: فما قد يأتي من نصوصه على لسان المستقبل بكسر الباء فليس هو من كلام المتكلم تعالى. وإنما هو كلام ساقه الله تعالى على لسان المستقبل ( الرسول ) لغرض رئيس في وظيفة النص مثل ما تحمله النصوص من كلام على ألسنة الغائبين المتكلم عنهم في القرآن أو ما تحمله من أخبار عنهم لا يمثل في حقيقته كلام الله لأن ما تحمله من مضامين قد يخالف أمر الله وحكمته والله تعالى يسوقها لتؤدي هي الأخرى وظيفة محددة في النص القرآن انتهى كلامه. وأقول للكاتب إن هذا التقسيم غير صحيح فالقرآن الكريم هو كلام الله كله والأقسام التي يتناولها كلها كلام الله وهي كثيرة منها ما يتعلق بالله كالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك وذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله ومنها التشريعات من تحليل وتحريم وحكم بين الناس فيما أختلفوا فيه ومنها الأمثال المضروبة ومنها القصص ومنها الأخبار عن المستقبل في الدنيا والآخرة ومنها الوعد والوعيد فما يقصه الله عن أهل الإيمان من الرسل وأتباعهم فهو للاقتداء بهم وما يقصه عن الكفرة والجبابرة فهو للتحذير من طريقتهم فقد يذكر كلام الرسل وأتباعهم ويذكر كلام الكفرة وأتباعهم فالقصص – بفتح الصاد – هو كلام الله قال تعالى: (( نقص عليك أحسن القصص )) . (( نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون )) وأما المقصوص المحكي فهو كلام البشر ذكره الله إما للإقتداء بهم أن كانوا صالحين وإما للتنفير من طريقتهم إن كانوا كافرين – وكذلك ليس للرسول صلى الله عليه وسلم كلام جعله الله قرآنا – وغنما كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يكون في سنته التي هي عبارة عن أقواله وأفعاله وتقريراته إلا ما حكاه الله من قول الرسول فهو كالذي يحكيه عن غيره من الرسل وكله من كلام الله تعالى باعتبار ذكره له وكذلك من غلطه في حق القرآن ما قاله حول قوله سبحانه في حق المرأة في سورة يوسف (( إن كيدكن عظيم )) قال: ليس هو حكم الله تعالى على المرأة، يعني فلا توصف المرأة بأن كيدها عظيم يقول: لأن هذا الكلام صدر عن الملك – ونقول له: أليس الله سبحانه قد ساقه مقررا له لا منكرا له بل مؤيدا له أيضاً بما حكاه الله عن يوسف عليه السلام أيضا من قوله: (( إن ربي بكيدهن عليم )) ثم قال الكاتب أن هؤلاء القصاص لا يجدون حرجاً في أن يصفوا المرأة بنقصان العقل والدين في معرض تأكيدهم تفوق وسيطرة الرجل عليها وهو قول يتناقض مع القول بعظم كيدها الذي لا يكون عظيماً غلا مع قوة عقلها – وأقول: نعوذ بالله تعالى من هذا القول الذي تفوه به الكاتب – فالقائل بنقصان عقل المرأة ونقصان دينها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس قائله هم القصاص ولعل الذي حمل الكاتب على هذا القول الخطر جهله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن كان يعلم أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وأنكره فالأمر أخطر كما قيل:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
وكذلك قول الكاتب عن قول الله تعالى: (( وليس الذكر كالأنثى )) حيث قال وينسبون هذه التفرقة العنصرية إلى الله تعالى ونقول للكاتب: هذه الجملة من الآية قيل إنها من كلام الله فهو الذي أخبر أن الذكر ليس كالأنثى وقيل غنها من كلام مريم والله ذكرها مقررا لها والواقع يثبت أن الذكر ليس كالأنثى – ولو قيل لأي ذكر إنك كالأنثى لغضب وأظن الكاتب كذلك فالذي خلق الذكر والأنثى فاوت بينهم في الخلقة والطباع والاستطاعة والعمل الوظيفي وغير ذلك لا ينكر ذلك عاقل فالمرأة لا تستطيع أن تتحمل ما يتحمله الرجل لضعفها وكذلك ما ذكره الكاتب حول قوله تعالى: (( أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا )) قال الكاتب: هذه الآيات في حقيقتها نفي من الله على تلك المجتمعات التي اتخذت التفاوت الاجتماعي والذي هو من صنع البشر أنفسهم ذريعه للتفاخر والكبر والبطر والسخرية ممن هم أقل مستوى منهم ونقول للكاتب هذا قول على الله بغير علم وتفسير للقرآن بغير ما أراده الله فالآية التي ذكرها هي في سياق الأنكار على الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم واحتقروه: (( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم )) قال الله تعالى رداً عليهم : (( أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا )) فإذا كانوا لا يملكون قسمة الأرزاق فكيف يقسمون رحمة الله التي أعظمها النبوة فيعطونها لمن شاءوا أو يحرمون منها من شاءوا وأما قول الكاتب: إن التفاوت الاجتماعي من صنع البشر أنفسهم فنقول كيف يقول هذا والله تعالى قال: (( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا )) وبين الحكمة في ذلك: (( ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا )) أي مسخرا له في العمل بالأجرة كي يستفيد صاحب المال ويستفيد العامل ولو كانوا كلهم أغنياء لم يوجد عمال ولو كانوا كلهم فقراء لم يوجد عمل ولا أجرة فلس المراد بالآية النعي من الله على المجتمعات: وإنما المراد الامتنان من الله علينا فالذي من صنع البشر إنما هو التفاخر والكبر والبطر والسخرية بالفقراء وليس المراد من قوله تعالى: (( ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا )) السخرية كما فهم الكاتب وإنما المراد التسخير في العمل فهناك فرق بين ( سخريا ) بضم السين و سخريا بكسر السين كما في قوله تعالى: (( فاتخذتموهم سخريا )) فالأول من التسخير والثاني من السخرية فليفهم الفرق كيلا يلتبس هذا بهذا – كما التبس على الكاتب ففهم من الآية غير ما أراد الله بها.
2- وأما حملة الكاتب على بني أمية حيث قال: إن بداية الإنحراف الحقيقي عن القراءة العلمية للقرآن جاء على أيدي الأمويين عندما التفوا على شرعية الحكم الإسلامي آنذاك مما حدى بهم إلى أن يصطنعوا شرعية جبرية مضمونها ما ادعوه أن الله تعالى هو الذي ساق لهم الحكم بسابق قدره وأنه بالتالي هو من قدر عليهم غشيان المحرمات وسفك الدماء وانتهاك حرمة المقدسات ولأجل شرعنة هذا الجبر عمدوا إلى توظيف الوعاظ والقصاص يؤولون نصوص القرآن – إلخ ما قال ونقول له:
أولاً: بنو أمية هم أول من منع القصاص قال معاوية رضي الله عنه: ( لا يقص إلا أمير أو مأمور ).
ثانياً: ما هي أدلتك وبراهنك على ما رميت به بني أمية من هذه الأتهامات الخطرة وهم دولة مسلمة لها جهود في نشر الإسلام ومقاومة الفرق الضالة وقتل الزنادقة والملاحدة.
ثالثاً: هل خلافة بني أمية خارجة عن قضاء الله وقدره إذا فالله سبحانه وتعالى يقع في ملكه ما لا يريد – تعالى الله عن ذلك القول الذي هو في حقيقته قول المعتزلة الذين ينفون القدر.
رابعاً: دولة بني أمية دولة عظيمة لها مكانتها في التأريخ الإسلامي ولها جهودها في الحفاظ على الإسلام ونشره في الآفاق بالدعوة والجهاد.
خامساً: إذا كان في دولة بني أمية من ليس على المستوى المطلوب دينيا من بعض الأمراء والعاملين في دولتهم فهذا لا ينسب إلى جميع الدولة الأموية لأن هذا شيء لا تسلم منه دولة ولا مجتمع في الغالب.
سادساً: بنو أمية فيهم صحابة كرام كعثمان بن عفان الخليفة الراشد وأبو سفيان وأبناؤه: معاوية وأخته أم حبيبة أم المؤمنين ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم رضي الله عنهم ومنهم عبد الملك بن مروان وأبناؤه ومنهم الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وفيهم من يغلب عدله على جوره – فهم منزهون عما رماهم به الكاتب وأظنه استقى هذا الكلام الذي قاله في بني أمية من خصومهم الشيعة الذين لم يسلم منهم حتى الخلفاء الراشدون حيث قالوا فيهم إنهم اغتصبوا الخلافة من الوصي بزعمهم علي رضي الله عنه وظلموا أهل البيت وأن أبا بكر وعمر صنما قريش وختاما أوصي نفسي والكاتب بتحري الحق وقول الصدق والتحفظ من القول على الله وعلى رسوله بغير علم والتجني على الأبرياء وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
كتبه: الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
قرأت مقالا في جريدة الرياض الصادرة يوم الثلاثاء 17/11/1428هـ للكاتب يوسف أبا الخيل تحت عنوان: ( لكيلا نسقط على القرآن وزر تمذهبنا ) وقد وجدت الكاتب – هداه الله – قد وقع في أخطاء عظيمة في القرآن وتفسيره على غير مراد الله منه . وفي حملته الشعواء على بني أمية ووصفهم بالظلم والقهر بما فيهم من الصحابة الأجلاء والعلماء الفضلاء فرأيت أن أناقشه فيه فأقول:
1- غلطه حول القرآن حيث جعل نصوصه عبارة عن ثلاث محاور رئيسه كما يقول: وهي محور المتكلم ومحور المستقبل – بكسر الباء – ومحور الغائب المتكلم عنه ثم قال بعد هذا التقسيم: فما قد يأتي من نصوصه على لسان المستقبل بكسر الباء فليس هو من كلام المتكلم تعالى. وإنما هو كلام ساقه الله تعالى على لسان المستقبل ( الرسول ) لغرض رئيس في وظيفة النص مثل ما تحمله النصوص من كلام على ألسنة الغائبين المتكلم عنهم في القرآن أو ما تحمله من أخبار عنهم لا يمثل في حقيقته كلام الله لأن ما تحمله من مضامين قد يخالف أمر الله وحكمته والله تعالى يسوقها لتؤدي هي الأخرى وظيفة محددة في النص القرآن انتهى كلامه. وأقول للكاتب إن هذا التقسيم غير صحيح فالقرآن الكريم هو كلام الله كله والأقسام التي يتناولها كلها كلام الله وهي كثيرة منها ما يتعلق بالله كالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك وذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله ومنها التشريعات من تحليل وتحريم وحكم بين الناس فيما أختلفوا فيه ومنها الأمثال المضروبة ومنها القصص ومنها الأخبار عن المستقبل في الدنيا والآخرة ومنها الوعد والوعيد فما يقصه الله عن أهل الإيمان من الرسل وأتباعهم فهو للاقتداء بهم وما يقصه عن الكفرة والجبابرة فهو للتحذير من طريقتهم فقد يذكر كلام الرسل وأتباعهم ويذكر كلام الكفرة وأتباعهم فالقصص – بفتح الصاد – هو كلام الله قال تعالى: (( نقص عليك أحسن القصص )) . (( نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون )) وأما المقصوص المحكي فهو كلام البشر ذكره الله إما للإقتداء بهم أن كانوا صالحين وإما للتنفير من طريقتهم إن كانوا كافرين – وكذلك ليس للرسول صلى الله عليه وسلم كلام جعله الله قرآنا – وغنما كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يكون في سنته التي هي عبارة عن أقواله وأفعاله وتقريراته إلا ما حكاه الله من قول الرسول فهو كالذي يحكيه عن غيره من الرسل وكله من كلام الله تعالى باعتبار ذكره له وكذلك من غلطه في حق القرآن ما قاله حول قوله سبحانه في حق المرأة في سورة يوسف (( إن كيدكن عظيم )) قال: ليس هو حكم الله تعالى على المرأة، يعني فلا توصف المرأة بأن كيدها عظيم يقول: لأن هذا الكلام صدر عن الملك – ونقول له: أليس الله سبحانه قد ساقه مقررا له لا منكرا له بل مؤيدا له أيضاً بما حكاه الله عن يوسف عليه السلام أيضا من قوله: (( إن ربي بكيدهن عليم )) ثم قال الكاتب أن هؤلاء القصاص لا يجدون حرجاً في أن يصفوا المرأة بنقصان العقل والدين في معرض تأكيدهم تفوق وسيطرة الرجل عليها وهو قول يتناقض مع القول بعظم كيدها الذي لا يكون عظيماً غلا مع قوة عقلها – وأقول: نعوذ بالله تعالى من هذا القول الذي تفوه به الكاتب – فالقائل بنقصان عقل المرأة ونقصان دينها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس قائله هم القصاص ولعل الذي حمل الكاتب على هذا القول الخطر جهله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن كان يعلم أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وأنكره فالأمر أخطر كما قيل:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
وكذلك قول الكاتب عن قول الله تعالى: (( وليس الذكر كالأنثى )) حيث قال وينسبون هذه التفرقة العنصرية إلى الله تعالى ونقول للكاتب: هذه الجملة من الآية قيل إنها من كلام الله فهو الذي أخبر أن الذكر ليس كالأنثى وقيل غنها من كلام مريم والله ذكرها مقررا لها والواقع يثبت أن الذكر ليس كالأنثى – ولو قيل لأي ذكر إنك كالأنثى لغضب وأظن الكاتب كذلك فالذي خلق الذكر والأنثى فاوت بينهم في الخلقة والطباع والاستطاعة والعمل الوظيفي وغير ذلك لا ينكر ذلك عاقل فالمرأة لا تستطيع أن تتحمل ما يتحمله الرجل لضعفها وكذلك ما ذكره الكاتب حول قوله تعالى: (( أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا )) قال الكاتب: هذه الآيات في حقيقتها نفي من الله على تلك المجتمعات التي اتخذت التفاوت الاجتماعي والذي هو من صنع البشر أنفسهم ذريعه للتفاخر والكبر والبطر والسخرية ممن هم أقل مستوى منهم ونقول للكاتب هذا قول على الله بغير علم وتفسير للقرآن بغير ما أراده الله فالآية التي ذكرها هي في سياق الأنكار على الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم واحتقروه: (( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم )) قال الله تعالى رداً عليهم : (( أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا )) فإذا كانوا لا يملكون قسمة الأرزاق فكيف يقسمون رحمة الله التي أعظمها النبوة فيعطونها لمن شاءوا أو يحرمون منها من شاءوا وأما قول الكاتب: إن التفاوت الاجتماعي من صنع البشر أنفسهم فنقول كيف يقول هذا والله تعالى قال: (( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا )) وبين الحكمة في ذلك: (( ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا )) أي مسخرا له في العمل بالأجرة كي يستفيد صاحب المال ويستفيد العامل ولو كانوا كلهم أغنياء لم يوجد عمال ولو كانوا كلهم فقراء لم يوجد عمل ولا أجرة فلس المراد بالآية النعي من الله على المجتمعات: وإنما المراد الامتنان من الله علينا فالذي من صنع البشر إنما هو التفاخر والكبر والبطر والسخرية بالفقراء وليس المراد من قوله تعالى: (( ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا )) السخرية كما فهم الكاتب وإنما المراد التسخير في العمل فهناك فرق بين ( سخريا ) بضم السين و سخريا بكسر السين كما في قوله تعالى: (( فاتخذتموهم سخريا )) فالأول من التسخير والثاني من السخرية فليفهم الفرق كيلا يلتبس هذا بهذا – كما التبس على الكاتب ففهم من الآية غير ما أراد الله بها.
2- وأما حملة الكاتب على بني أمية حيث قال: إن بداية الإنحراف الحقيقي عن القراءة العلمية للقرآن جاء على أيدي الأمويين عندما التفوا على شرعية الحكم الإسلامي آنذاك مما حدى بهم إلى أن يصطنعوا شرعية جبرية مضمونها ما ادعوه أن الله تعالى هو الذي ساق لهم الحكم بسابق قدره وأنه بالتالي هو من قدر عليهم غشيان المحرمات وسفك الدماء وانتهاك حرمة المقدسات ولأجل شرعنة هذا الجبر عمدوا إلى توظيف الوعاظ والقصاص يؤولون نصوص القرآن – إلخ ما قال ونقول له:
أولاً: بنو أمية هم أول من منع القصاص قال معاوية رضي الله عنه: ( لا يقص إلا أمير أو مأمور ).
ثانياً: ما هي أدلتك وبراهنك على ما رميت به بني أمية من هذه الأتهامات الخطرة وهم دولة مسلمة لها جهود في نشر الإسلام ومقاومة الفرق الضالة وقتل الزنادقة والملاحدة.
ثالثاً: هل خلافة بني أمية خارجة عن قضاء الله وقدره إذا فالله سبحانه وتعالى يقع في ملكه ما لا يريد – تعالى الله عن ذلك القول الذي هو في حقيقته قول المعتزلة الذين ينفون القدر.
رابعاً: دولة بني أمية دولة عظيمة لها مكانتها في التأريخ الإسلامي ولها جهودها في الحفاظ على الإسلام ونشره في الآفاق بالدعوة والجهاد.
خامساً: إذا كان في دولة بني أمية من ليس على المستوى المطلوب دينيا من بعض الأمراء والعاملين في دولتهم فهذا لا ينسب إلى جميع الدولة الأموية لأن هذا شيء لا تسلم منه دولة ولا مجتمع في الغالب.
سادساً: بنو أمية فيهم صحابة كرام كعثمان بن عفان الخليفة الراشد وأبو سفيان وأبناؤه: معاوية وأخته أم حبيبة أم المؤمنين ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم رضي الله عنهم ومنهم عبد الملك بن مروان وأبناؤه ومنهم الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وفيهم من يغلب عدله على جوره – فهم منزهون عما رماهم به الكاتب وأظنه استقى هذا الكلام الذي قاله في بني أمية من خصومهم الشيعة الذين لم يسلم منهم حتى الخلفاء الراشدون حيث قالوا فيهم إنهم اغتصبوا الخلافة من الوصي بزعمهم علي رضي الله عنه وظلموا أهل البيت وأن أبا بكر وعمر صنما قريش وختاما أوصي نفسي والكاتب بتحري الحق وقول الصدق والتحفظ من القول على الله وعلى رسوله بغير علم والتجني على الأبرياء وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
كتبه: الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء