ابو ريتاج
04 Nov 2009, 12:00 PM
الكافي في فقه الإمام أحمد
باب حكم الماء الطاهر
يجوز التطهر من الحدث والنجاسة بكل ماء نزل من السماء : من المطر وذوب الثلج والبرد ، لقوله تعالى :{وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به} وقول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد متفق عليه . وبكل ما نبع من الأرض ، من العيون ، والبحار ، والآبار ، لما روى أبوهريرة رضي الله عنه قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .وكان النبي يتوضأ من بئر بضاعة رواه النسائي .
فصل :
فإن سخن بالشمس ، أوبطاهر ، لم تكره الطهارة به ، لأنها صفة خلق عليها الماء ، فأشبه ما لوبرده ، وإن سخن بنجاسة يحتمل وصولها إليه ، ولم يتحقق فهوطاهر ، لأن الأصل طهارته ، فلا تزول بالشك ، ويكره استعماله لاحتمال النجاسة . وذكر أبوالخطاب رواية أخرى : أنه لا يكره ، لأن الأصل عدم الكراهية . وإن كانت النجاسة لا تصل إليه غالباً ، ففيه وجهان :
أحدهما :يكره ، لأنه يحتمل النجاسة ، فكره كالتي قبلها .
والثاني : لا يكره ، لأن احتمال النجاسة بعيد ، فأشبه غير المسخن .
وإن خالط الماء طاهر لم يغيره ، لم يمنع الطهارة به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : اغتسل مع زوجته في قصعة فيها أثر العجين رواه النسائي وابن ماجة والأثرم [و] لأن الماء باق على إطلاقه .
فإن كان معه ماء يكفيه لطهارته فزاده مائعاً لم يغيره ، ثم [تطهر] ،به ، صح لما ذكرنا .
وإن كان الماء لا يكفيه لطهارته ، فكذلك ، لأنه المائع استهلك في الماء كالتي قبلها .
وفيه وجه آخر : لا تجوز الطهارة به ، لأنه أكملها بغير الماء ، فأشبه ما لوغسل به بعض أعضائه .
وإن غير الطاهر صفة الماء لم يخل من أوجه أربعة :
أحدها : ما يوافق الماء في الطهورية ، كالتراب ، وما أصله الماء كالملح المنعقد من الماء ، فلا يمنع الطهارة به ، لأنه يوافق الماء في صفته ، أشبه الثلج .
والثاني : ما لا يختلط بالماء كالدهن والكافور والعود ، فلا يمنع ، لأنه تغير عن مجاورة ، فأشبه ما لوتغير الماء بجيفة قربة .
الثالث : ما لا يمكن التحرز منه ، كالطحلب وسائر ما ينبت في الماء ، وما يجري عليه الماء من الكبريت والقار وغيرهما ، وورق الشجر على السواقي والبرك ، وما تلقيه الرياح والسيول في الماء من الحشيش والتبن ونحوهما ، فلا يمنع ، لأنه لا يمكن صون الماء عنه .
الرابع : ما سوى هذه الأنواع ، كالزعفران والأشنان والملح المعدني ، وما لا ينجس بالموت كالخنافس والزنابير ، وما عفي عنه لمشقة التحرز إذا ألقي في الماء قصداً ، فهذا إن غلب على أجزاء الماء مثل أن جعله صبغاً ، أوحبراً ، أوطبخ فيه ، سلبه الطهورية [بغير] خلاف ، لأنه زال اسم الماء ، فأشبه الخل .
وإن غير إحدى صفاته طعمه أولونه أوريحه ، ولم يطبخ فيه ، فأكثر الروايات عن أحمد أنه لا يمنع ، لقول الله تعالى : {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} ، ولأنه خالطه طاهر لم يسلبه اسمه ، ولا رقته ، ولا جريانه ، أشبه سائر الأنواع .
وعنه : لا تجوز الطهارة به ، لأنه سلب إطلاق اسم الماء ، أشبه ماء الباقلاء المغلي ، وهذا اختيار الخرقي ، وأكثر الأصحاب .
فصل :
فأن استعمل في رفع الحدث ، فهوطاهر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : صب على جابر من وضوئه رواه البخاري . ولأنه لم يصبه نجاسة فكان طاهراً ، كالذي تبرد به .وهل تزول طهوريته به ؟
فيه روايتان :
أشهرهما : زوالها ، لأنه زال عنه إطلاق اسم الماء أشبه المتغير بالزعفران .
والثانية : لا تزول لأنه استعمال لم يغير الماء ، أشبه التبرد به .
وإن استعمل في طهارة مستحبة ، كالتجديد وغسل الجمعة ، والغسلة الثانية والثالثة ، فهوباق على إطلاقه ، لأنه لم يرفع حدثاً ، ولم يزل نجساً .
وعنه أنه غير مطهر ، لأنه مستعمل في طهارة شرعية ، أشبه المستعمل في رفع الحدث .
فصل :
وإن استعمل في غسل نجاسة ، فانفصل متغيراً بها أوقبل زوالها ، فهونجس ، لأنه متغير بنجاسه ، أوملاق لنجاسة لم يطهرها ، فكان نجساً ، كما لووردت عليه .
وما انفصل من الغسلة التي طهرت المحل غير متغير ، فهوطاهر إن كان المحل أرضاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصب على بول الأعرابي ذنوب من ماء متفق عليه .
فلوكان المنفصل نجساً لكان تكثيراً في النجاسة .
وإن كان غير الأرض ، ففيه وجهان :
أظهرهما : طهارته كالمنفصل عن الأرض ، ولأن البلل الباقي في المحل طاهر والمنفصل بعد المتصل ، فكان حكمه حكمه .
والثاني : هونجس ، لأنه ماء يسير لاقى نجاسة فتنجس بها ، كما لووردت عليه .
فإن قلنا بطهارته ، فهل يكون مطهراً ؟ على وجهين على الروايتين في المستعمل في رفع الحدث ، وقد مضى توجيههما .
فصل : وإذا انغمس المحدث في ماء يسير ينوي به رفع الحدث ،صار مستعملاً لأنه استعمل في رفع الحدث،ولم يرفع حدثه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه وهوجنب رواه مسلم . والنهي يقضي فساد المنهي عنه ، ولأنه بأول جزء انفصل منه صار مستعملاً فلم يرتفع الحدث عن سائره .
فصل :
وما سوى الماء من المائعات كالخل [والمرق] والنبيذ ، وماء الورد ، والمعتصر من الشجر ، لا يرفع حدثاً ، ولا يزيل نجساً ، ولقوله تعالى : {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} فأوجب التيمم على من لم يجد ماء وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب : تحتيه ثم تقرصيه ثم تنضحيه بالماء ثم تصلي فيه متفق عليه . فدل على أنه لا يجوز بغيره . والله أعلم
باب حكم الماء الطاهر
يجوز التطهر من الحدث والنجاسة بكل ماء نزل من السماء : من المطر وذوب الثلج والبرد ، لقوله تعالى :{وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به} وقول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد متفق عليه . وبكل ما نبع من الأرض ، من العيون ، والبحار ، والآبار ، لما روى أبوهريرة رضي الله عنه قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .وكان النبي يتوضأ من بئر بضاعة رواه النسائي .
فصل :
فإن سخن بالشمس ، أوبطاهر ، لم تكره الطهارة به ، لأنها صفة خلق عليها الماء ، فأشبه ما لوبرده ، وإن سخن بنجاسة يحتمل وصولها إليه ، ولم يتحقق فهوطاهر ، لأن الأصل طهارته ، فلا تزول بالشك ، ويكره استعماله لاحتمال النجاسة . وذكر أبوالخطاب رواية أخرى : أنه لا يكره ، لأن الأصل عدم الكراهية . وإن كانت النجاسة لا تصل إليه غالباً ، ففيه وجهان :
أحدهما :يكره ، لأنه يحتمل النجاسة ، فكره كالتي قبلها .
والثاني : لا يكره ، لأن احتمال النجاسة بعيد ، فأشبه غير المسخن .
وإن خالط الماء طاهر لم يغيره ، لم يمنع الطهارة به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : اغتسل مع زوجته في قصعة فيها أثر العجين رواه النسائي وابن ماجة والأثرم [و] لأن الماء باق على إطلاقه .
فإن كان معه ماء يكفيه لطهارته فزاده مائعاً لم يغيره ، ثم [تطهر] ،به ، صح لما ذكرنا .
وإن كان الماء لا يكفيه لطهارته ، فكذلك ، لأنه المائع استهلك في الماء كالتي قبلها .
وفيه وجه آخر : لا تجوز الطهارة به ، لأنه أكملها بغير الماء ، فأشبه ما لوغسل به بعض أعضائه .
وإن غير الطاهر صفة الماء لم يخل من أوجه أربعة :
أحدها : ما يوافق الماء في الطهورية ، كالتراب ، وما أصله الماء كالملح المنعقد من الماء ، فلا يمنع الطهارة به ، لأنه يوافق الماء في صفته ، أشبه الثلج .
والثاني : ما لا يختلط بالماء كالدهن والكافور والعود ، فلا يمنع ، لأنه تغير عن مجاورة ، فأشبه ما لوتغير الماء بجيفة قربة .
الثالث : ما لا يمكن التحرز منه ، كالطحلب وسائر ما ينبت في الماء ، وما يجري عليه الماء من الكبريت والقار وغيرهما ، وورق الشجر على السواقي والبرك ، وما تلقيه الرياح والسيول في الماء من الحشيش والتبن ونحوهما ، فلا يمنع ، لأنه لا يمكن صون الماء عنه .
الرابع : ما سوى هذه الأنواع ، كالزعفران والأشنان والملح المعدني ، وما لا ينجس بالموت كالخنافس والزنابير ، وما عفي عنه لمشقة التحرز إذا ألقي في الماء قصداً ، فهذا إن غلب على أجزاء الماء مثل أن جعله صبغاً ، أوحبراً ، أوطبخ فيه ، سلبه الطهورية [بغير] خلاف ، لأنه زال اسم الماء ، فأشبه الخل .
وإن غير إحدى صفاته طعمه أولونه أوريحه ، ولم يطبخ فيه ، فأكثر الروايات عن أحمد أنه لا يمنع ، لقول الله تعالى : {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} ، ولأنه خالطه طاهر لم يسلبه اسمه ، ولا رقته ، ولا جريانه ، أشبه سائر الأنواع .
وعنه : لا تجوز الطهارة به ، لأنه سلب إطلاق اسم الماء ، أشبه ماء الباقلاء المغلي ، وهذا اختيار الخرقي ، وأكثر الأصحاب .
فصل :
فأن استعمل في رفع الحدث ، فهوطاهر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : صب على جابر من وضوئه رواه البخاري . ولأنه لم يصبه نجاسة فكان طاهراً ، كالذي تبرد به .وهل تزول طهوريته به ؟
فيه روايتان :
أشهرهما : زوالها ، لأنه زال عنه إطلاق اسم الماء أشبه المتغير بالزعفران .
والثانية : لا تزول لأنه استعمال لم يغير الماء ، أشبه التبرد به .
وإن استعمل في طهارة مستحبة ، كالتجديد وغسل الجمعة ، والغسلة الثانية والثالثة ، فهوباق على إطلاقه ، لأنه لم يرفع حدثاً ، ولم يزل نجساً .
وعنه أنه غير مطهر ، لأنه مستعمل في طهارة شرعية ، أشبه المستعمل في رفع الحدث .
فصل :
وإن استعمل في غسل نجاسة ، فانفصل متغيراً بها أوقبل زوالها ، فهونجس ، لأنه متغير بنجاسه ، أوملاق لنجاسة لم يطهرها ، فكان نجساً ، كما لووردت عليه .
وما انفصل من الغسلة التي طهرت المحل غير متغير ، فهوطاهر إن كان المحل أرضاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصب على بول الأعرابي ذنوب من ماء متفق عليه .
فلوكان المنفصل نجساً لكان تكثيراً في النجاسة .
وإن كان غير الأرض ، ففيه وجهان :
أظهرهما : طهارته كالمنفصل عن الأرض ، ولأن البلل الباقي في المحل طاهر والمنفصل بعد المتصل ، فكان حكمه حكمه .
والثاني : هونجس ، لأنه ماء يسير لاقى نجاسة فتنجس بها ، كما لووردت عليه .
فإن قلنا بطهارته ، فهل يكون مطهراً ؟ على وجهين على الروايتين في المستعمل في رفع الحدث ، وقد مضى توجيههما .
فصل : وإذا انغمس المحدث في ماء يسير ينوي به رفع الحدث ،صار مستعملاً لأنه استعمل في رفع الحدث،ولم يرفع حدثه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه وهوجنب رواه مسلم . والنهي يقضي فساد المنهي عنه ، ولأنه بأول جزء انفصل منه صار مستعملاً فلم يرتفع الحدث عن سائره .
فصل :
وما سوى الماء من المائعات كالخل [والمرق] والنبيذ ، وماء الورد ، والمعتصر من الشجر ، لا يرفع حدثاً ، ولا يزيل نجساً ، ولقوله تعالى : {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} فأوجب التيمم على من لم يجد ماء وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب : تحتيه ثم تقرصيه ثم تنضحيه بالماء ثم تصلي فيه متفق عليه . فدل على أنه لا يجوز بغيره . والله أعلم