للخير نسعى
08 Nov 2009, 07:48 PM
حكم القراءة على الماء أو الزيت
السؤال
الكثير يقرأ على ماء زمزم آيات قرآنية معينة أو القرآن كاملا أو على زيت ويشرب أو يدهن به أو يستحم به
وسمعت من شيخ أنه لم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر وأن كل ما ورد أنه قرأ المعوذات ونفخ فيها
فهل هناك ما يدل على اثبات أو نفي القراءة على ماء أو زيت
هل هناك دليل من السنة على أن الماء المقري فيه رُقية يُفيد ؟
الجواب: الرُّقَى بابها واسع ما لم تتضمن محذورًا .
ففي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نَرقي في الجاهلية فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعْرِضُوا عليّ رُقاكم ، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شِرْك .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ رُقَى الصحابة التي كانوا يَرقُون بها في الجاهلية ما لم تتضمن محذورا ، ما لم يكن بها شِرك .
وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم لذلك قاعدة عامة بقوله : " لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شِرْك " .
واستعمال الماء في الرقية وارد في عمل السلف من غير نكير . ومن هنا فقد رخّص جماعة من السلف في قراءة القرآن على ما يُشرب .
قال الإمام البغوي في شرح السنة : ورُوي عن عائشة أنها كانت لا تَرى بأسا أن يُعوذ في الماء ، ثم يُعالَج به المريض . وقال مجاهد : لا بأس أن يَكتب القرآن ويغسله ، ويسقيه المريض ، ومثله عن أبي قلابة .
وكرهه النخعي ، وابن سيرين .
ورُوي عن ابن عباس أنه أمَر أن يُكتب لامرأة تعسر عليها ولادتها ، آيتين من القرآن وكلمات ، ثم يُغسل وتُسقى . وقال أيوب : رأيت أبا قلابة كَتب كِتابا مِن القرآن ، ثم غَسله بماء ، وسَقاه رجلا كان به
وجع ، يعني : الجنون .
وقال ابن القيم : ورأى جماعة من السَّلَف أن تُكتب له الآياتُ مِن القرآن ، ثم يشربَها. قال مجاهد : لا بأس أن يكتُبَ القرآنَ ، ويغسِلَه ، وَيْسقِيَه المريضَ ، ومثلُه عن أبى قِلابَةَ .
ويُذْكَر عن ابن عباس : أنه أمَر أن يُكَتبَ لامرأة تَعَسَّرَ عليها وِلادُها أثرٌ من القرآن ، ثم يُغسل وتُسقى . وقال أيوب: رأيتُ أبا قِلابَةَ كتب كتابا من القرآن ، ثم غسله بماء ، وسَقاه رَجلاً كان به وجع .
ونقل ابن القيم عن المروزي قال : بلغ أبا عبد الله [ يعني أحمد بن حنبل ] أنى حممت فكتب لي من الحمى رقعة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله وبالله ، ومحمد رسول الله ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ ) اللهم رب جبرئيل ومكائيل وإسرافيل أشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الخلق . آمين .
وقال [ يعني أحمد بن حنبل] في رواية عبد الله : يُكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة في جام أو شيء نظيف : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ) ثم تُسقي ويُنْضَح بما بَقِي دون سُرّتها .
ونَقَل عن الخلال عن أبي بكر المروزي أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين ؟ فقال : قل له يجيء بجام واسع وزعفران ، ورأيته يكتب لغير واحد .
قال ابن القيم : ورخّص جماعة من السلف في كتابه بعض القرآن وشربه ، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه .ثم قال : كتاب آخر لذلك [ أي للولادة ] : يُكتب في إناء نظيف ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ) وتشرب منه الحامل ، ويُرشّ على بطنها . اهـ .
ثم قال : كتاب للرعاف : كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله يكتب على جبهته ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ) وسمعته يقول : كتبتها لغير واحد فبرأ ، فقال : ولا يجوز كتبتها بدم الرّاعف كما يَفعله الجهال . انتهى ما نقلته عن ابن القيم رحمه الله .
وكان الشيخ العثيمين - رحمه الله - يرى أن ما ثبت بالتجربة في الرقية لا بأس به استناداً إلى فعل الصحابة في هذا الحديث ، وإقرار النبي صلى الله عليه على آله وسلم لهم .
ومن زعم أن النفث في الماء لا يُفيد ، فماذا عساه أن يقول عن تأثير أثر العائن ؟
فإن من السنة أن يُؤخذ من العائن شيئا ، ويُؤمَر العائن أن يغسل بعض أطرافه ، فينفع ذلك من أصابته عينه – بإذن الله - .
ففي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعَامر بن ربيعة رضي الله عنه اغْتَسِل له ، فَغَسَل وجهه ويديه ، ومرفقيه وركبتيه ، وأطراف رجليه ، ودَاخِلَةَ إزارِه في قدح ، ثم صُبّ ذلك الماء على سهبل بن حُنيف ، يَصبُّه رجل على رأسه وظهره من خلفه ، ثم يُكفئ القدح وراءه ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .
فإذا كان هذا أثر إنسان ، نفع بإذن الله في شفاء المعيون ، فما بالك بأثر كلام الله ، إذا قُرئ على الماء أو على عسل أو زيت ؟ وكيف إذا انضاف إلى ذلك كون الماء ماء زمزم ، أو كان الزيت من زيت الزيتون المبارك ، أو من العسل الْحُرّ ؟
ومثل هذا قراءة القرآن في زوايا البيوت .
فقد جاء عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه إذا دخل بيته قرأ آية الكرسي في زوايا بيته الأربع . قال القرطبي : معناه كأنه يلتمس بذلك أن تكون له حارسا مِن جوانبه الأربع ، وأن تَنْفِي عنه الشيطان مِن زَوايا بَيته .
وهذا الذي ذَكَره عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة من طريق عُبيد بن عمير قال : كان عبد الرحمن بن عوف إذا دخل مَنْزِله قرأ في زواياه آية الكرسي . وفِعْل الصحابي حُجَّة على الصحيح . فلا يَصِحّ اعتبار هذا مِن البِدَع .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
السؤال
الكثير يقرأ على ماء زمزم آيات قرآنية معينة أو القرآن كاملا أو على زيت ويشرب أو يدهن به أو يستحم به
وسمعت من شيخ أنه لم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر وأن كل ما ورد أنه قرأ المعوذات ونفخ فيها
فهل هناك ما يدل على اثبات أو نفي القراءة على ماء أو زيت
هل هناك دليل من السنة على أن الماء المقري فيه رُقية يُفيد ؟
الجواب: الرُّقَى بابها واسع ما لم تتضمن محذورًا .
ففي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نَرقي في الجاهلية فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعْرِضُوا عليّ رُقاكم ، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شِرْك .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ رُقَى الصحابة التي كانوا يَرقُون بها في الجاهلية ما لم تتضمن محذورا ، ما لم يكن بها شِرك .
وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم لذلك قاعدة عامة بقوله : " لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شِرْك " .
واستعمال الماء في الرقية وارد في عمل السلف من غير نكير . ومن هنا فقد رخّص جماعة من السلف في قراءة القرآن على ما يُشرب .
قال الإمام البغوي في شرح السنة : ورُوي عن عائشة أنها كانت لا تَرى بأسا أن يُعوذ في الماء ، ثم يُعالَج به المريض . وقال مجاهد : لا بأس أن يَكتب القرآن ويغسله ، ويسقيه المريض ، ومثله عن أبي قلابة .
وكرهه النخعي ، وابن سيرين .
ورُوي عن ابن عباس أنه أمَر أن يُكتب لامرأة تعسر عليها ولادتها ، آيتين من القرآن وكلمات ، ثم يُغسل وتُسقى . وقال أيوب : رأيت أبا قلابة كَتب كِتابا مِن القرآن ، ثم غَسله بماء ، وسَقاه رجلا كان به
وجع ، يعني : الجنون .
وقال ابن القيم : ورأى جماعة من السَّلَف أن تُكتب له الآياتُ مِن القرآن ، ثم يشربَها. قال مجاهد : لا بأس أن يكتُبَ القرآنَ ، ويغسِلَه ، وَيْسقِيَه المريضَ ، ومثلُه عن أبى قِلابَةَ .
ويُذْكَر عن ابن عباس : أنه أمَر أن يُكَتبَ لامرأة تَعَسَّرَ عليها وِلادُها أثرٌ من القرآن ، ثم يُغسل وتُسقى . وقال أيوب: رأيتُ أبا قِلابَةَ كتب كتابا من القرآن ، ثم غسله بماء ، وسَقاه رَجلاً كان به وجع .
ونقل ابن القيم عن المروزي قال : بلغ أبا عبد الله [ يعني أحمد بن حنبل ] أنى حممت فكتب لي من الحمى رقعة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله وبالله ، ومحمد رسول الله ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ ) اللهم رب جبرئيل ومكائيل وإسرافيل أشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الخلق . آمين .
وقال [ يعني أحمد بن حنبل] في رواية عبد الله : يُكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة في جام أو شيء نظيف : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ) ثم تُسقي ويُنْضَح بما بَقِي دون سُرّتها .
ونَقَل عن الخلال عن أبي بكر المروزي أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين ؟ فقال : قل له يجيء بجام واسع وزعفران ، ورأيته يكتب لغير واحد .
قال ابن القيم : ورخّص جماعة من السلف في كتابه بعض القرآن وشربه ، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه .ثم قال : كتاب آخر لذلك [ أي للولادة ] : يُكتب في إناء نظيف ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ) وتشرب منه الحامل ، ويُرشّ على بطنها . اهـ .
ثم قال : كتاب للرعاف : كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله يكتب على جبهته ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ) وسمعته يقول : كتبتها لغير واحد فبرأ ، فقال : ولا يجوز كتبتها بدم الرّاعف كما يَفعله الجهال . انتهى ما نقلته عن ابن القيم رحمه الله .
وكان الشيخ العثيمين - رحمه الله - يرى أن ما ثبت بالتجربة في الرقية لا بأس به استناداً إلى فعل الصحابة في هذا الحديث ، وإقرار النبي صلى الله عليه على آله وسلم لهم .
ومن زعم أن النفث في الماء لا يُفيد ، فماذا عساه أن يقول عن تأثير أثر العائن ؟
فإن من السنة أن يُؤخذ من العائن شيئا ، ويُؤمَر العائن أن يغسل بعض أطرافه ، فينفع ذلك من أصابته عينه – بإذن الله - .
ففي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعَامر بن ربيعة رضي الله عنه اغْتَسِل له ، فَغَسَل وجهه ويديه ، ومرفقيه وركبتيه ، وأطراف رجليه ، ودَاخِلَةَ إزارِه في قدح ، ثم صُبّ ذلك الماء على سهبل بن حُنيف ، يَصبُّه رجل على رأسه وظهره من خلفه ، ثم يُكفئ القدح وراءه ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .
فإذا كان هذا أثر إنسان ، نفع بإذن الله في شفاء المعيون ، فما بالك بأثر كلام الله ، إذا قُرئ على الماء أو على عسل أو زيت ؟ وكيف إذا انضاف إلى ذلك كون الماء ماء زمزم ، أو كان الزيت من زيت الزيتون المبارك ، أو من العسل الْحُرّ ؟
ومثل هذا قراءة القرآن في زوايا البيوت .
فقد جاء عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه إذا دخل بيته قرأ آية الكرسي في زوايا بيته الأربع . قال القرطبي : معناه كأنه يلتمس بذلك أن تكون له حارسا مِن جوانبه الأربع ، وأن تَنْفِي عنه الشيطان مِن زَوايا بَيته .
وهذا الذي ذَكَره عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة من طريق عُبيد بن عمير قال : كان عبد الرحمن بن عوف إذا دخل مَنْزِله قرأ في زواياه آية الكرسي . وفِعْل الصحابي حُجَّة على الصحيح . فلا يَصِحّ اعتبار هذا مِن البِدَع .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد