مشاهدة النسخة كاملة : تفسير ابن سعدي >>>>> متجدد بإذن الله
ابو ريتاج
30 Dec 2009, 11:52 AM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمه للعالمين .... أما بعد
بإذن الله
سيكون هذا الموضوع متجدد بإذن الله
وسنبدأ بإذن الله تبارك وتعالى من سورة الملك إلى سورة الناس
فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل
ابو ريتاج
30 Dec 2009, 12:00 PM
الدرس الاول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,1,4%29)
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,1,1%29) أي: تعاظم وتعالى، وكثر خيره، وعم إحسانه، من عظمته أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي، فهو الذي خلقه، ويتصرف فيه بما شاء، من الأحكام القدرية، والأحكام الدينية، التابعة لحكمته، ومن عظمته، كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة، كالسماوات والأرض.
وخلق الموت والحياة أي: قدر لعباده أن يحييهم ثم يميتهم؛ {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,2,2%29) أي: أخلصه وأصوبه، فإن الله خلق عباده، وأخرجهم لهذه الدار، وأخبرهم أنهم سينقلون منها، وأمرهم ونهاهم، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره، فمن انقاد لأمر الله وأحسن العمل، أحسن الله له الجزاء في الدارين، ومن مال مع شهوات النفس، ونبذ أمر الله، فله شر الجزاء.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي له العزة كلها، التي قهر بها جميع الأشياء، وانقادت له المخلوقات.
{الْغَفُورُ} عن المسيئين والمقصرين والمذنبين، خصوصًا إذا تابوا وأنابوا، فإنه يغفر ذنوبهم، ولو بلغت عنان السماء، ويستر عيوبهم، ولو كانت ملء الدنيا.
{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,3,3%29) أي: كل واحدة فوق الأخرى، ولسن طبقة واحدة، وخلقها في غاية الحسن والإتقان {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,3,3%29) أي: خلل ونقص.
وإذا انتفى النقص من كل وجه، صارت حسنة كاملة، متناسبة من كل وجه، في لونها وهيئتها وارتفاعها، وما فيها من الشمس والقمر والكواكب النيرات، الثوابت منهن والسيارات.
ولما كان كمالها معلومًا، أمر [الله] تعالى بتكرار النظر إليها والتأمل في أرجائها، قال:
{فَارْجِعِ الْبَصَرَ} أي: أعده إليها، ناظرًا معتبرًا {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,3,3%29) أي: نقص واختلال.
{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,4,4%29) المراد بذلك: كثرة التكرار {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,4,4%29) أي: عاجزًا عن أن يرى خللًا أو فطورًا، ولو حرص غاية الحرص.
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:07 PM
الدرس الثاني
5 ـ 10]{وَلَقَدْزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًالِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَاأُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُتَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْخَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَانَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْأَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُأَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,5,10%29)
أي:ولقد جملنا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي ترونها وتليكم،{بِمَصَابِيحَ} وهي: النجوم، على اختلافها في النور والضياء، فإنهلولا ما فيها من النجوم، لكانت سقفًا مظلمًا، لا حسن فيه ولا جمال.
ولكنجعل الله هذه النجوم زينة للسماء، [وجمالا]، ونورًا وهداية يهتدى بهافي ظلمات البر والبحر، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح،أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع، فإن السماوات شفافة، وبذلكتحصل الزينة للسماء الدنيا، وإن لم تكن الكواكب فيها،{وَجَعَلْنَاهَا} أي: المصابيح {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} الذينيريدون استراق خبر السماء، فجعل الله هذه النجوم، حراسة للسماء عن تلقفالشياطين أخبار الأرض، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم، أعدها الله فيالدنيا للشياطين، {وَأَعْتَدْنَا لَهُم} في الآخرة {عَذَابِالسَّعِيرِ} لأنهم تمردوا على الله، وأضلوا عباده، ولهذا كان أتباعهم منالكفار مثلهم، قد أعد الله لهم عذاب السعير، فلهذا قال: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,6,6%29)الذي يهان أهلهغاية الهوان.
{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,7,7%29)على وجه الإهانة والذل {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,7,7%29)أي: صوتًا عاليًا فظيعًا، {وَهِيَ تَفُورُ}.
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,8,8%29)أي: تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها علىالكفار، فما ظنك ما تفعل بهم، إذا حصلوا فيها؟" ثم ذكر توبيخ الخزنةلأهلها فقال: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,8,8%29)؟ أي: حالكم هذا واستحقاقكم النار، كأنكم لم تخبروا عنها، ولم تحذركم النذر منها.
{قَالُوابَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُمِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,9,9%29)فجمعوا بين تكذيبهم الخاص، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهمذلك، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون، ولم يكتفوابمجرد الضلال، بل جعلوا ضلالهم، ضلالًا كبيرًا، فأي عناد وتكبر وظلم، يشبههذا؟
{وَقَالُوا}معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,10,10%29)فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله، وجاءت به الرسل،والعقل الذي ينفع صاحبه، ويوقفه على حقائق الأشياء، وإيثار الخير،والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة، فلا سمع [لهم] ولا عقل، وهذا بخلافأهل اليقين والعرفان، وأرباب الصدق والإيمان، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلةالسمعية، فسمعوا ما جاء من عند الله، وجاء به رسول الله، علمًا ومعرفةوعملًا.
والأدلةالعقلية: المعرفة للهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والخير من الشر،وهم ـ في الإيمان ـ بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقولوالمنقول، فسبحان من يختص بفضله من يشاء، ويمن على من يشاء من عباده،ويخذل من لا يصلح للخير.
قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار، المعترفين بظلمهم وعنادهم: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,11,11%29)أي: بعدًا لهم وخسارة وشقاء.
فما أشقاهم وأرداهم، حيث فاتهم ثواب الله، وكانوا ملازمين للسعير، التي تستعر في أبدانهم، وتطلع على أفئدتهم!
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:09 PM
الدرس الثاني
5 ـ 10]{وَلَقَدْزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًالِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَاأُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُتَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْخَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَانَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْأَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُأَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,5,10%29)
أي:ولقد جملنا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي ترونها وتليكم،{بِمَصَابِيحَ} وهي: النجوم، على اختلافها في النور والضياء، فإنهلولا ما فيها من النجوم، لكانت سقفًا مظلمًا، لا حسن فيه ولا جمال.
ولكنجعل الله هذه النجوم زينة للسماء، [وجمالا]، ونورًا وهداية يهتدى بهافي ظلمات البر والبحر، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح،أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع، فإن السماوات شفافة، وبذلكتحصل الزينة للسماء الدنيا، وإن لم تكن الكواكب فيها،{وَجَعَلْنَاهَا} أي: المصابيح {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} الذينيريدون استراق خبر السماء، فجعل الله هذه النجوم، حراسة للسماء عن تلقفالشياطين أخبار الأرض، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم، أعدها الله فيالدنيا للشياطين، {وَأَعْتَدْنَا لَهُم} في الآخرة {عَذَابِالسَّعِيرِ} لأنهم تمردوا على الله، وأضلوا عباده، ولهذا كان أتباعهم منالكفار مثلهم، قد أعد الله لهم عذاب السعير، فلهذا قال: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,6,6%29)الذي يهان أهلهغاية الهوان.
{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,7,7%29)على وجه الإهانة والذل {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,7,7%29)أي: صوتًا عاليًا فظيعًا، {وَهِيَ تَفُورُ}.
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,8,8%29)أي: تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها علىالكفار، فما ظنك ما تفعل بهم، إذا حصلوا فيها؟" ثم ذكر توبيخ الخزنةلأهلها فقال: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,8,8%29)؟ أي: حالكم هذا واستحقاقكم النار، كأنكم لم تخبروا عنها، ولم تحذركم النذر منها.
{قَالُوابَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُمِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,9,9%29)فجمعوا بين تكذيبهم الخاص، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهمذلك، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون، ولم يكتفوابمجرد الضلال، بل جعلوا ضلالهم، ضلالًا كبيرًا، فأي عناد وتكبر وظلم، يشبههذا؟
{وَقَالُوا}معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,10,10%29)فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله، وجاءت به الرسل،والعقل الذي ينفع صاحبه، ويوقفه على حقائق الأشياء، وإيثار الخير،والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة، فلا سمع [لهم] ولا عقل، وهذا بخلافأهل اليقين والعرفان، وأرباب الصدق والإيمان، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلةالسمعية، فسمعوا ما جاء من عند الله، وجاء به رسول الله، علمًا ومعرفةوعملًا.
والأدلةالعقلية: المعرفة للهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والخير من الشر،وهم ـ في الإيمان ـ بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقولوالمنقول، فسبحان من يختص بفضله من يشاء، ويمن على من يشاء من عباده،ويخذل من لا يصلح للخير.
قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار، المعترفين بظلمهم وعنادهم: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,11,11%29)أي: بعدًا لهم وخسارة وشقاء.
فما أشقاهم وأرداهم، حيث فاتهم ثواب الله، وكانوا ملازمين للسعير، التي تستعر في أبدانهم، وتطلع على أفئدتهم!
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:10 PM
الدرس الثاني
5 ـ 10]{وَلَقَدْزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًالِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَاأُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُتَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْخَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَانَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْأَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُأَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,5,10%29)
أي:ولقد جملنا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي ترونها وتليكم،{بِمَصَابِيحَ} وهي: النجوم، على اختلافها في النور والضياء، فإنهلولا ما فيها من النجوم، لكانت سقفًا مظلمًا، لا حسن فيه ولا جمال.
ولكنجعل الله هذه النجوم زينة للسماء، [وجمالا]، ونورًا وهداية يهتدى بهافي ظلمات البر والبحر، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح،أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع، فإن السماوات شفافة، وبذلكتحصل الزينة للسماء الدنيا، وإن لم تكن الكواكب فيها،{وَجَعَلْنَاهَا} أي: المصابيح {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} الذينيريدون استراق خبر السماء، فجعل الله هذه النجوم، حراسة للسماء عن تلقفالشياطين أخبار الأرض، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم، أعدها الله فيالدنيا للشياطين، {وَأَعْتَدْنَا لَهُم} في الآخرة {عَذَابِالسَّعِيرِ} لأنهم تمردوا على الله، وأضلوا عباده، ولهذا كان أتباعهم منالكفار مثلهم، قد أعد الله لهم عذاب السعير، فلهذا قال: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,6,6%29)الذي يهان أهلهغاية الهوان.
{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,7,7%29)على وجه الإهانة والذل {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,7,7%29)أي: صوتًا عاليًا فظيعًا، {وَهِيَ تَفُورُ}.
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,8,8%29)أي: تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها علىالكفار، فما ظنك ما تفعل بهم، إذا حصلوا فيها؟" ثم ذكر توبيخ الخزنةلأهلها فقال: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,8,8%29)؟ أي: حالكم هذا واستحقاقكم النار، كأنكم لم تخبروا عنها، ولم تحذركم النذر منها.
{قَالُوابَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُمِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,9,9%29)فجمعوا بين تكذيبهم الخاص، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهمذلك، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون، ولم يكتفوابمجرد الضلال، بل جعلوا ضلالهم، ضلالًا كبيرًا، فأي عناد وتكبر وظلم، يشبههذا؟
{وَقَالُوا}معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,10,10%29)فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله، وجاءت به الرسل،والعقل الذي ينفع صاحبه، ويوقفه على حقائق الأشياء، وإيثار الخير،والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة، فلا سمع [لهم] ولا عقل، وهذا بخلافأهل اليقين والعرفان، وأرباب الصدق والإيمان، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلةالسمعية، فسمعوا ما جاء من عند الله، وجاء به رسول الله، علمًا ومعرفةوعملًا.
والأدلةالعقلية: المعرفة للهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والخير من الشر،وهم ـ في الإيمان ـ بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقولوالمنقول، فسبحان من يختص بفضله من يشاء، ويمن على من يشاء من عباده،ويخذل من لا يصلح للخير.
قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار، المعترفين بظلمهم وعنادهم: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,11,11%29)أي: بعدًا لهم وخسارة وشقاء.
فما أشقاهم وأرداهم، حيث فاتهم ثواب الله، وكانوا ملازمين للسعير، التي تستعر في أبدانهم، وتطلع على أفئدتهم!
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:22 PM
{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,12,12%29)
لما ذكر حالة الأشقياء الفجار، ذكر حالة السعداء الأبرار
فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,12,12%29) أي: في جميع أحوالهم، حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا الله، فلا يقدمون على معاصيه، ولا يقصرون فيما أمر به {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، وإذا غفر الله ذنوبهم؛ وقاهم شرها، ووقاهم عذاب الجحيم، ولهم أجر كبير وهو ما أعده لهم في الجنة، من النعيم المقيم، والملك الكبير، واللذات [المتواصلات]، والمشتهيات، والقصور [والمنازل] العاليات، والحور الحسان، والخدم والولدان.
وأعظم من ذلك وأكبر، رضا الرحمن، الذي يحله الله على أهل الجنان.
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:23 PM
{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,13,14%29)
هذا إخبار من الله بسعة علمه، وشمول لطفه
فقال: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,13,13%29) أي: كلها سواء لديه، لا يخفى عليه منها خافية،
فـ {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2810,5,5%29) أي: بما فيها من النيات، والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال، التي تسمع وترى؟!
ثم قال ـ مستدلا بدليل عقلي على علمه ـ : {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,14,14%29) فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه، كيف لا يعلمه؟!
{وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,14,14%29) الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر، والخبايا [والخفايا والغيوب]،
وهو الذي {يعلم السر وأخفى} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2819,7,7%29) ومن معاني اللطيف، أنه الذي يلطف بعبده ووليه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب، بأسباب لا تكون من [العبد] على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة.
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:25 PM
الدرس الخامس
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,15,15%29)
أي: هو الذي سخر لكم الأرض وذللها، لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم، من غرس وبناء وحرث، وطرق يتوصل بها إلى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة،
{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,15,15%29) أي: لطلب الرزق والمكاسب.
{وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,15,15%29) أي: بعد أن تنتقلوا من هذه الدار التي جعلها الله امتحانًا، وبلغة يتبلغ بها إلى الدار الآخرة، تبعثون بعد موتكم، وتحشرون إلى الله، ليجازيكم بأعمالكم الحسنة والسيئة.
ابو ريتاج
14 Jan 2010, 02:25 PM
الدرس السادس
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,16,18%29)
هذا تهديد ووعيد، لمن استمر في طغيانه وتعديه، وعصيانه الموجب للنكال وحلول العقوبة،
فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,16,16%29) وهو الله تعالى، العالي على خلقه.
{أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,16,16%29) بكم وتضطرب، حتى تتلفكم وتهلككم
{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,17,17%29) أي: عذابًا من السماء يحصبكم، وينتقم الله منكم
{فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,17,17%29) أي: كيف يأتيكم ما أنذرتكم به الرسل والكتب، فلا تحسبوا أن أمنكم من الله أن يعاقبكم بعقاب من الأرض ومن السماء ينفعكم، فستجدون عاقبة أمركم، سواء طال عليكم الزمان أو قصر، فإن من قبلكم، كذبوا كما كذبتم، فأهلكهم الله تعالى، فانظروا كيف إنكار الله عليهم، عاجلهم بالعقوبة الدنيوية، قبل عقوبة الآخرة، فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم.
ابو ريتاج
16 Jan 2010, 10:32 AM
الدرس السابع
{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,19,19%29)
وهذا عتاب وحث على النظر إلى حالة الطير التي سخرها الله، وسخر لها الجو والهواء، تصف فيه أجنحتها للطيران، وتقبضها للوقوع، فتظل سابحة في الجو، مترددة فيه بحسب إرادتها وحاجتها.
{مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,19,19%29) فإنه الذي سخر لهن الجو، وجعل أجسادهن وخلقتهن في حالة مستعدة للطيران، فمن نظر في حالة الطير واعتبر فيها، دلته على قدرة الباري، وعنايته الربانية، وأنه الواحد الأحد، الذي لا تنبغي العبادة إلا له،
{إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,19,19%29) فهو المدبر لعباده بما يليق بهم، وتقتضيه حكمته.
وما توفيقي إلا بالله
16 Jan 2010, 11:20 AM
بارك الله فيك بوريتاج على الموضوع
يختم بالتميز
ويثبت
ابو ريتاج
20 Jan 2010, 09:33 AM
جزاك الله خير
بو عبد الله
الله يشرح صدرك
ابو ريتاج
20 Jan 2010, 09:34 AM
الدرس الثامن
{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي * أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,20,21%29)
يقول تعالى للعتاة النافرين عن أمره، المعرضين عن الحق: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,20,20%29) أي: ينصركم إذا أراد بكم الرحمن سوءًا، فيدفعه عنكم؟ أي: من الذي ينصركم على أعدائكم غير الرحمن؟ فإنه تعالى هو الناصر المعز المذل، وغيره من الخلق، لو اجتمعوا على نصر عبد، لم ينفعوه مثقال ذرة، على أي عدو كان، فاستمرار الكافرين على كفرهم، بعد أن علموا أنه لا ينصرهم أحد من دون الرحمن، غرور وسفه.
{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,21,21%29) أي: الرزق كله من الله، فلو أمسك عنكم رزقه، فمن الذي يرسله لكم؟ فإن الخلق لا يقدرون على رزق أنفسهم، فكيف بغيرهم؟ فالرزاق المنعم، الذي لا يصيب العباد نعمة إلا منه، هو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة، ولكن الكافرون {لَجُّوا} أي: استمروا {فِي عُتُوٍّ} أي: قسوة وعدم لين للحق {وَنُفُورٍ} أي: شرود عن الحق.
ابو ريتاج
25 Jan 2010, 12:30 AM
الدرس التاسع
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,22,22%29)
أي: أي الرجلين أهدى؟ من كان تائها في الضلال، غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه، فصار الحق عنده باطلًا، والباطل حقًا؟
ومن كان عالمًا بالحق، مؤثرًا له، عاملًا به، يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأعماله وجميع أحواله؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الرجلين، يعلم الفرق بينهما، والمهتدي من الضال منهما، والأحوال أكبر شاهد من الأقوال.
ابو ريتاج
01 Feb 2010, 06:41 AM
الدرس العاشر :
{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,23,26%29)
يقول تعالى ـ مبينًا أنه المعبود وحده، وداعيًا عباده إلى شكره، وإفراده بالعبادةـ : {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُم} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,23,23%29) أي: أوجدكم من العدم، من غير معاون له ولا مظاهر، ولما أنشأكم، كمل لكم الوجود بالسمع والأبصار والأفئدة، التي هي أنفع أعضاء البدن وأكمل القوى الجسمانية، ولكنه مع هذا الإنعام {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%286,10,10%29) الله، قليل منكم الشاكر، وقليل منكم الشكر.
{قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,24,24%29) أي: بثكم في أقطارها، وأسكنكم في أرجائها، وأمركم، ونهاكم، وأسدى عليكم من النعم، ما به تنتفعون، ثم بعد ذلك يحشركم ليوم القيامة.
ولكن هذا الوعد بالجزاء، ينكره هؤلاء المعاندون {وَيَقُولُونَ} تكذيبًا:
{مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%289,48,48%29) جعلوا علامة صدقهم أن يخبروا بوقت مجيئه، وهذا ظلم وعناد فإنما العلم عند الله لا عند أحد من الخلق، ولا ملازمة بين صدق هذا الخبر وبين الإخبار بوقته، فإن الصدق يعرف بأدلته، وقد أقام الله من الأدلة والبراهين على صحته ما لا يبقى معه أدنى شك لمن ألقى السمع وهو شهيد.
ابو ريتاج
01 Feb 2010, 06:42 AM
الدرس الحادي عشر
{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,27,30%29)
يعني أن محل تكذيب الكفار وغرورهم به حين كانوا في الدنيا، فإذا كان يوم الجزاء، ورأوا العذاب منهم {زُلْفَةً} أي: قريبًا، ساءهم ذلك وأفظعهم، وقلقل أفئدتهم، فتغيرت لذلك وجوههم، ووبخوا على تكذيبهم، وقيل لهم هذا الذي كنتم به تكذبون، فاليوم رأيتموه عيانًا، وانجلى لكم الأمر، وتقطعت بكم الأسباب ولم يبق إلا مباشرة العذاب.
ولما كان المكذبون للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ [الذين] يردون دعوته، ينتظرون هلاكه، ويتربصون به ريب المنون، أمره الله أن يقول لهم: أنتم وإن حصلت لكم أمانيكم وأهلكني الله ومن معي، فليس ذلك بنافع لكم شيئًا، لأنكم كفرتم بآيات الله، واستحققتم العذاب، فمن يجيركم من عذاب أليم قد تحتم وقوعه بكم؟ فإذًا، تعبكم وحرصكم على هلاكي غير مفيدة، ولا مجد لكم شيئًا.
ومن قولهم، إنهم على هدى، والرسول على ضلال، أعادوا في ذلك وأبدوا، وجادلوا عليه وقاتلوا، فأمر الله نبيه أن يخبر عن حاله وحال أتباعه، ما به يتبين لكل أحد هداهم وتقواهم، وهو أن يقولوا: {آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,29,29%29) والإيمان يشمل التصديق الباطن، والأعمال الباطنة والظاهرة، ولما كانت الأعمال، وجودها وكمالها، متوقفة على التوكل، خص الله التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان، ومن جملة لوازمه كما قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%284,23,23%29) فإذا كانت هذه حال الرسول وحال من اتبعه، وهي الحال التي تتعين للفلاح، وتتوقف عليها السعادة، وحالة أعدائه بضدها، فلا إيمان [لهم] ولا توكل، علم بذلك من هو على هدى، ومن هو في ضلال مبين.
ثم أخبر عن انفراده بالنعم، خصوصًا، بالماء الذي جعل الله منه كل شيء حي فقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,30,30%29) أي: غائرًا {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran%2866,30,30%29) تشربون منه، وتسقون أنعامكم وأشجاركم وزروعكم؟ وهذا استفهام بمعنى النفي، أي: لا يقدر أحد على ذلك غير الله تعالى.
تمت ولله الحمد.
ابو ريتاج
03 Feb 2010, 08:43 AM
سورة ن (القلم)
الدرس الاول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (javascript:openquran(67,1,7))
يقسم تعالى بالقلم، وهو اسم جنس شامل للأقلام، التي تكتب بها [أنواع] العلوم، ويسطر بها المنثور والمنظوم، وذلك أن القلم وما يسطرون به من أنواع الكلام، من آيات الله العظيمة، التي تستحق أن يقسم الله بها، على براءة نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما نسبه إليه أعداؤه من الجنون فنفى عنه الجنون بنعمة ربه عليه وإحسانه، حيث من عليه بالعقل الكامل، والرأي الجزل، والكلام الفصل، الذي هو أحسن ما جرت به الأقلام، وسطره الأنام، وهذا هو السعادة في الدنيا، ثم ذكر سعادته في الآخرة،
فقال: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا} (javascript:openquran(67,3,3)) .
أي: لأجرا عظيمًا، كما يفيده التنكير، {غير ممنون} أي: [غير] مقطوع، بل هو دائم مستمر، وذلك لما أسلفه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأعمال الصالحة، والأخلاق الكاملة،
ولهذا قال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (javascript:openquran(67,4,4)) أي:
عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، [عائشة ـ رضي الله عنها ـ ] لمن سألها عنه، فقالت: "كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله تعالى له: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (javascript:openquran(6,199,199)) {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُم} (javascript:openquran(2,159,159)) [الآية]، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (javascript:openquran(8,128,128)) وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكارم الأخلاق، [والآيات] الحاثات على الخلق العظيم فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ سهلًا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسًا له إلا أتم عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلي عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
فلما أنزله الله في أعلى المنازل من جميع الوجوه، وكان أعداؤه ينسبون إليه أنه مجنون مفتون
قال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} (javascript:openquran(67,5,6))
وقد تبين أنه أهدى الناس، وأكملهم لنفسه ولغيره، وأن أعداءه أضل الناس، [وشر الناس] للناس، وأنهم هم الذين فتنوا عباد الله، وأضلوهم عن سبيله، وكفى بعلم الله بذلك، فإنه هو المحاسب المجازي.
و{هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (javascript:openquran(67,7,7))
وهذا فيه تهديد للضالين، ووعد للمهتدين، وبيان لحكمة الله، حيث كان يهدي من يصلح للهداية، دون غيره.
محب رسول الله
14 Feb 2010, 05:58 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
أبوسعود المكي
06 Jul 2010, 10:22 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك.
ننتظر الدروس القادمة ..
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir