انا بنت الاسلام
10 Jan 2010, 04:32 PM
مرتكزات إيمانية في الحياة الزوجية
23/1/1431 هـ
http://www.almoslim.net/files/images/4738367071591.jpg
عادل بن سعد الخوفي
وعدٌ من قيوم السماوات والأرض، قَطَعه على نفسه تفضُّلاً منه سبحانه وامتناناً على عبيده، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). [النحل:97].
الإيمان والعمل الصالح سببٌ للحياة الطيبة، والسعادة، والسرور، وتفريج الكُربات، والبعد عن المُنَغِّصات والخلافات. به نستجلب رحمة الله، وتوفيقه، وتأليفه لقلوبنا مع أزواجنا، وسعادتنا في دنيانا، كما أنه سبب دخول الجنَّة وبلوغ الدرجات العالية عند الله عز وجل. فلكي تُحقِّق الحياة الزوجية أهدافها، لابد من الدين، ليكون سياجاً مانعاً لأي خلاف يخرج بهما عن المسار الصحيح الذي شرعه الله.
لقد وجَّهنا تعالى إلى أن يكون الدين هو السمة المشتركة الأولى للأزواج الراغبين في حياة كريمة، وليكون زواجهم ناجحاً مباركاً، قريباً من قيوم السماوات والأرض، راقياً في السلوك والأهداف، فيه راحة واستقرار وطُمأنينة، ليس للانحراف، والاضطراب، والفُحش إليه سبيلاً.
يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي حسّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع: "إذا أتاكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه؛ إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض"، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
لقد عصمهم ربهم من تَسلُّط وساوس شياطين الإنس والجن، (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ). [الأعراف:201].
إن أصحاب الدين والخلق القيم، يتصفون بضمير واعٍ، يحاسبهم على خطواتهم؛ فترى أثر ذلك جلياً في شخصياتهم، ثم في علاقاتهم مع المجتمع المحيط بهم، لاسيما مع أقرب الناس إليهم.
قال رجل للحسن: "إن عندي ابنة لي، وقد خُطبت إليَّ، فمن أزوجها؟ قال: زوّجها من يخاف الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها".
ما أجمل – إخوتي وأخواتي – أن تكون بيوتاتنا في ظلال الإيمان، قائمة على أسس متينة من الإيمان والأعمال الصالحة.
فتوحيدهم لله ظلٌ ظليل، يعيش من كان في كنفه سعادة الدارين، فهو يركن إلى قوي عزيز عز وجل، يسأله دون سواه، ويخافه ويرتجي رضاه، يحبه محبةً لا تتسامى كائنات الدنيا إليها، يفرده بالعبادة قولاً وعملاً؛ فكمال الحب له عز وجل، وكمال الرجاء له عز وجل، وكمال الخوف له عز وجل.
إن محبته عز وجل مقدَّمة على حب أي أحد، والخوف منه يعصم من مخالفة أمره، والرجاء لما بين يديه الكريمتين أكثر من الرجاء بما في اليدين، وقوله عز وجل، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم مقدَّم على قول كل أحد (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا). [الأحزاب:36].
إن الأسرة حين تؤمن أن لها ربّاً خالقاً هو الله تعالى، وأنه رب كلِّ شيءٍ ومليكُه، يصرِّف الأمور، قاهرٌ فوق عباده، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض، تطمئن نفوسهم، وتأنس أرواحهم، يؤمنون بما دلَّت عليه أسماء الله وصفاته، يتعبَّدون الله بها، فيتوجهون إليه عز وجل بالدعاء والرجاء والاستغاثة والاستعاذة، كلما عنَّت لديهم حاجة.
وفي ميدان العبادات يحافظ الزوجان على الصلوات في أوقاتها، يتقنان الفرائض، ويكثران من النوافل، يستجيبان لأوامره عز وجل، ويبتعدان عن نواهيه، ويحترزان بأذكار الصباح والمساء، ويرتقيان ببر والديهما، ويتحصَّنان من قنوات الفساد والأغاني الماجنة والمجلات المنحرفة، ويتوشَّحان بالعفاف والصلاح والتقوى والدعوة إلى الله والاشتغال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاهتمام بأمر المسلمين، والنصح لهم.
يتقرب الزوج والزوجة إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال، يذكر بعضهم بعضاً، ويعين أحدهم الآخر.
وفي المقابل يحذران الذنوب، صغيرها وكبيرها، وخصوصاً ذنوب الخلوات، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). [الشورى:30]، وقد نُقِل عن الفضيل بن عياض -رحمه الله- قوله: "ما عملت ذنباً إلاّ وجدته في خُلُقِ زوجَتِي ودابتي".
وفي حسن الخلق، أحاديثه -صلى الله عليه وسلم- ملأت الدنيا تأكيداً لحسن الخلق مع الناس، أياً كانوا، فما بالك بشريك الحياة! من جمعكَ الله معه بأوثق رباط! لا شك أن حسن الخلق معه أولى وآكد.
وكيف يكون حسن الخلق مع شريك الحياة؟!
يكون في التعامل معه: طيب الكلام، وحسن المعاملة، والحياء، والسخاء، وحفظ اللسان، وطلاقة الوجه، والبشاشة. ويكون بتجنب: الغضب، والغيظ، والكذب، وقول الزور، والسب واللعن، والغيبة، والنميمة، والسُباب، والشتائم، والتقبيح، وذم الطعام.
وما اكتسب المحامدَ طالبوها بمثل البشرِ والوجهِ الطليقِ
باب الإيمان والعمل الصالح واسع، ويكفي توجيهه -صلى الله عليه وسلم- أن تتمثل المرأة الخيرية الواردة في حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي حسَّنه الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة: "خير النساء التي تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"، وأن يتمثل الرجل الخيرية الواردة في حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي حسَّنه الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة: "خيركم خيركم لأهله".
والنتيجة: قال الإمام أحمد -رحمه الله- عن زوجته عباسة بنت الفضل رحمها الله، أم ولده صالح: "أقامت معي أم صالح ثلاثين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة. ثم ماتت رحمها الله".
المصدر : الإسلام اليوم
23/1/1431 هـ
http://www.almoslim.net/files/images/4738367071591.jpg
عادل بن سعد الخوفي
وعدٌ من قيوم السماوات والأرض، قَطَعه على نفسه تفضُّلاً منه سبحانه وامتناناً على عبيده، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). [النحل:97].
الإيمان والعمل الصالح سببٌ للحياة الطيبة، والسعادة، والسرور، وتفريج الكُربات، والبعد عن المُنَغِّصات والخلافات. به نستجلب رحمة الله، وتوفيقه، وتأليفه لقلوبنا مع أزواجنا، وسعادتنا في دنيانا، كما أنه سبب دخول الجنَّة وبلوغ الدرجات العالية عند الله عز وجل. فلكي تُحقِّق الحياة الزوجية أهدافها، لابد من الدين، ليكون سياجاً مانعاً لأي خلاف يخرج بهما عن المسار الصحيح الذي شرعه الله.
لقد وجَّهنا تعالى إلى أن يكون الدين هو السمة المشتركة الأولى للأزواج الراغبين في حياة كريمة، وليكون زواجهم ناجحاً مباركاً، قريباً من قيوم السماوات والأرض، راقياً في السلوك والأهداف، فيه راحة واستقرار وطُمأنينة، ليس للانحراف، والاضطراب، والفُحش إليه سبيلاً.
يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي حسّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع: "إذا أتاكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه؛ إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض"، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
لقد عصمهم ربهم من تَسلُّط وساوس شياطين الإنس والجن، (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ). [الأعراف:201].
إن أصحاب الدين والخلق القيم، يتصفون بضمير واعٍ، يحاسبهم على خطواتهم؛ فترى أثر ذلك جلياً في شخصياتهم، ثم في علاقاتهم مع المجتمع المحيط بهم، لاسيما مع أقرب الناس إليهم.
قال رجل للحسن: "إن عندي ابنة لي، وقد خُطبت إليَّ، فمن أزوجها؟ قال: زوّجها من يخاف الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها".
ما أجمل – إخوتي وأخواتي – أن تكون بيوتاتنا في ظلال الإيمان، قائمة على أسس متينة من الإيمان والأعمال الصالحة.
فتوحيدهم لله ظلٌ ظليل، يعيش من كان في كنفه سعادة الدارين، فهو يركن إلى قوي عزيز عز وجل، يسأله دون سواه، ويخافه ويرتجي رضاه، يحبه محبةً لا تتسامى كائنات الدنيا إليها، يفرده بالعبادة قولاً وعملاً؛ فكمال الحب له عز وجل، وكمال الرجاء له عز وجل، وكمال الخوف له عز وجل.
إن محبته عز وجل مقدَّمة على حب أي أحد، والخوف منه يعصم من مخالفة أمره، والرجاء لما بين يديه الكريمتين أكثر من الرجاء بما في اليدين، وقوله عز وجل، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم مقدَّم على قول كل أحد (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا). [الأحزاب:36].
إن الأسرة حين تؤمن أن لها ربّاً خالقاً هو الله تعالى، وأنه رب كلِّ شيءٍ ومليكُه، يصرِّف الأمور، قاهرٌ فوق عباده، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض، تطمئن نفوسهم، وتأنس أرواحهم، يؤمنون بما دلَّت عليه أسماء الله وصفاته، يتعبَّدون الله بها، فيتوجهون إليه عز وجل بالدعاء والرجاء والاستغاثة والاستعاذة، كلما عنَّت لديهم حاجة.
وفي ميدان العبادات يحافظ الزوجان على الصلوات في أوقاتها، يتقنان الفرائض، ويكثران من النوافل، يستجيبان لأوامره عز وجل، ويبتعدان عن نواهيه، ويحترزان بأذكار الصباح والمساء، ويرتقيان ببر والديهما، ويتحصَّنان من قنوات الفساد والأغاني الماجنة والمجلات المنحرفة، ويتوشَّحان بالعفاف والصلاح والتقوى والدعوة إلى الله والاشتغال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاهتمام بأمر المسلمين، والنصح لهم.
يتقرب الزوج والزوجة إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال، يذكر بعضهم بعضاً، ويعين أحدهم الآخر.
وفي المقابل يحذران الذنوب، صغيرها وكبيرها، وخصوصاً ذنوب الخلوات، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). [الشورى:30]، وقد نُقِل عن الفضيل بن عياض -رحمه الله- قوله: "ما عملت ذنباً إلاّ وجدته في خُلُقِ زوجَتِي ودابتي".
وفي حسن الخلق، أحاديثه -صلى الله عليه وسلم- ملأت الدنيا تأكيداً لحسن الخلق مع الناس، أياً كانوا، فما بالك بشريك الحياة! من جمعكَ الله معه بأوثق رباط! لا شك أن حسن الخلق معه أولى وآكد.
وكيف يكون حسن الخلق مع شريك الحياة؟!
يكون في التعامل معه: طيب الكلام، وحسن المعاملة، والحياء، والسخاء، وحفظ اللسان، وطلاقة الوجه، والبشاشة. ويكون بتجنب: الغضب، والغيظ، والكذب، وقول الزور، والسب واللعن، والغيبة، والنميمة، والسُباب، والشتائم، والتقبيح، وذم الطعام.
وما اكتسب المحامدَ طالبوها بمثل البشرِ والوجهِ الطليقِ
باب الإيمان والعمل الصالح واسع، ويكفي توجيهه -صلى الله عليه وسلم- أن تتمثل المرأة الخيرية الواردة في حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي حسَّنه الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة: "خير النساء التي تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"، وأن يتمثل الرجل الخيرية الواردة في حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي حسَّنه الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة: "خيركم خيركم لأهله".
والنتيجة: قال الإمام أحمد -رحمه الله- عن زوجته عباسة بنت الفضل رحمها الله، أم ولده صالح: "أقامت معي أم صالح ثلاثين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة. ثم ماتت رحمها الله".
المصدر : الإسلام اليوم