همي الدعوه
29 Jan 2010, 05:35 AM
الشيخ صالح الحصين : أما في هذه فلا أوافقك .
الخميس 28, يناير 2010
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قرأت مانقل على لسان فضيلة الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين , في الجلسة التي قدم فيها ورقته بعنوان " لماذا التأهيل القضائي ؟ " , وكانت أولى جلسات المتلقى الأول للقضاء , ومما نُسِبَ إليه فيها قوله : ( الإعلاميون وطنيون ويهمهم مصلحة الوطن ) , وهذا القول من فضيلته – حفظه الله - , وهو الرجل الفطن الألمعي , فيه تعميم لا أوافقه عليه , وإن كنت أُكِنُّ له بالغ الاحترام والتقدير , والاختلاف لايفسد للود قضية .
نعم , أتفهم أن الشيخ – حفظه الله – في موقع يحتاج إلى شيء من الدبلوماسية , لكنني أرى أن السياسة تقتضي تعرية إبقاء هؤلاء الخونة عراة , حين رضوا بالعري , وألا يساهم شيخنا الوقور بستر ما كشفوه للناس .
كنت أتمنى من شيخنا – وفقه الله – لو أنه قال : بعض الإعلاميين وطنيون , وبعضهم قد تهمه مصلحة الوطن , لأن هذا التعبير هو الأليق بهم والأجدر , وهو ما يؤكده الواقع ويثبته , أما التعميم , ولو كان على سبيل " لعلهم يتقون " , فهذا فيه تضخيم لأعمالهم القذرة التي يمارسونها , وأن دافعهم لفجورهم وتزويرهم دافع وطني , يقصدون به مصلحة الوطن .
شيخي الفاضل : الذي ينشر عن القضاء , أو عن الهيئات , أو عن أي مؤسسة دينية , لايراد منه مصلحة الوطن ولا المواطن , وإنما غالبه أحقاد , وتوجهات , وخطط , يراد لها أن تمضي , لأهداف لاتخفى على لبيب مثلك , وأنت تعلم من يقف خلف تلك التوجهات , وتعلم لماذا يراد لها أن تسير , ولماذا لاتمارس عليها الضغوط والمضايقات , كما تمارس على انتقاد جهات أخرى كالإعلام مثلا .
هل يمكن ياشيخي الكريم , أن نسمي من يتناول الهيئة بالتشويه والملاحقة , دون مراعاة لأدنى المعايير للمصداقية , ولا لشرف المهنة كما يقال , بل جاء مدفوعا بغريزة التشفي والانتقام , لأنه سبق أن كان ضيفاً مشاغباً عندهم , في قضايا غير مشرفة , بأنه إعلامي وطني , ويسعى لمصلحة وطنه ؟ .
هل يمكن أيها الفاضل أن ننسب للوطنية , والسعي في مصلحة المواطن , ذلك الإعلامي الذي لاهمَّ له إلا السخرية من الدين , وتعاليمه , وأحكامه , ودعاته , والقائمين عليه ؟ .
ثم لو كان هؤلاء الذين يتناولون قضايانا بهذا السفور , وقلة المسؤولية والحياء , ويستعدون على مجتمعنا ودولتنا منظمات الكفر الخارجية , ويمنحون قوى الغطرسة مبررات للضغط علينا , عبر تقاريرهم المزورة التي يزعمون أنها حقائق , إذا كان هؤلاء وطنيون , ويسعون في مصلحة المواطن , فهل يمكن أن نصف المفجرين والمفسدين بالوطنية , والسعي في مصلحة المواطن , ونتيجة هؤلاء وأولئك واحدة , وهي الإفساد , وخلق المبررات للعدو الخارجي للضغط علينا , والتدخل في قضايانا !!! .
شيخي الكريم : لايخفى على شريف علمك , أن الإرهاب له صور متعددة , وأشكال متنوعة , ليس القتل والتفجير إلا شكلاً واحداً من تلك الأشكال , بينما يمارس كثير من الإعلاميين صورا أخرى للإرهاب , ويتخذون أشكاله المتنوعة الأخرى , كالإرهاب الأخلاقي , والإرهاب الفكري , والإرهاب العقدي , والإرهاب الاجتماعي , والإرهاب النفسي , وغير ذلك , وتسميتهم جميعا بالوطنيين , أو من يسعى في مصلحة الوطن , تهوين من جرائمهم في حق الوطن والمواطن , ومساواة للمجرم المفسد , بالمسلم المصلح ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ) ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) .
شيخي الوقور : لا يشك عاقل أن في الإعلاميين من هو غيور على دينه وأمته ووطنه , ولكن الذي لايمكن قبوله , ولا الإقرار به , استغراق هذا الوصف لكل الإعلاميين , لأنه لو كانت الحال كذلك , فلن تكون هناك إشكالات مع الإعلام , ولما أصبح المجتمع كالقدر الذي يغلي , مما يشاهد ويسمع ويقرأ , مما لايمكن أن يتفوه به مسلم يخاف الله ويتقيه .
كيف يمكن استيعاب مواطنة هؤلاء , الذين ينشرون المواد الفاسدة , أوحرصهم على المصلحة العامة , ومواقع الغرب ووكالاته , تنقل عنهم ما تبثه من أخباره سيئة , تسيء لسمعتنا , وتصورنا بأقبح صورة , وتنسبنا للتخلف والوحشية !! .
وكيف يُظَن فيهم ذلك , وهم زوار السفارات , وأصحاب التقارير , وماخفي فهو أقبح وأشنع , مما يمارسونه وراء وتحت الكواليس , وفي جنح الظلام .
بل كيف كيف يجوز لنا أن نقنع أنفسنا بصدق مواطنتهم , وهم من يهاجم ثوابتنا , ومناهجنا , وشريعتنا , تحت مسمى حرية النقد , وحرية الرأي , ويبالغ في قمع كل رأي مخالف لرأيه النشاز , أو توجهه الفاسد .
شيخي الفاضل : حين تتساوى لدى الإعلامي الجهات , وتكون أمامه خطوط حمراء يقف عندها , ومصالح يراعيها , وحدود يلتزم بها , وأنظمة يتماشى معها , واحترام للتخصص , وأدب مع المخالف , وحفظ لمنازل الناس ومقاماتهم , فإننا والحالة هذه سنكون أمام إعلاميين يسعون في مصلحة الوطن والمواطن , أما إن كانت الأخرى , وهي أن الإعلامي يملأ فراغاً في زاوية , أو يثير شغباً ليزيد من خلاله قراء تلك الصحيفة ومبيعاتها , أو ينشر خبراً ليتشفى به من جهة وقفت أمام نزواته , أو يتقيأ ما تلقاه من تعليمات خلال زياراته المشبوهة في جنح الظلام , أو ما تواطأ عليه هو وشلة الأنس في ليلة ليلاء , أو أن ينبري رويبضة جاهل ليبدي في قضية هامة من قضايا المسلمين , أو يتصدر تافه صعلوك لمناقشة أحد علماء المسلمين بكل وقاحة , وقلة حياء , ويخاطبه وكأنه يخاطب مراهقاً في أحد شوارع الموت , أو أن يتوجه النقد لبعض الجهات , مع تضخيم ممجوج , وملاحقة مفضوحة , في حين تُخرس الألسنة والأقلام , عن جهات تمارس من الأخطاء ماهو أشد وأنكى , أو أن يُصدر للناس المتردية والنطيحة , ويوصفون بالمفكرين والمثقفين , في حين يوصف العلماء والدعاة بأنهم متشددون متطرفون , فهنا لايمكن أن نصف من يمارس تلك الشذوذات بالإعلامي المواطن الذي يسعى لمصلحة وطنه , بل سنصفه بالمنافق العميل , والطابور الخامس , والمفسد الفاجر , وإن رغم أنفه واحمر , وإن أرغى وأزبد , وهدد وتوعد .
شيخي المحبوب : إن رسالة الإعلام رسالة عظيمة , وحين يتصدر لحملها الأكفاء فإن النتائج ستكون بحول الله فوق ما نتصوره , لكن حين توكل هذه المسؤولية لضعيفي الهمم , وقليلي الديانة , والجهلة والرويبضة , كما هو الحال في كثير من واقع إعلامنا اليوم , فإننا لن نجني إلا الشوك والحنضل , وهو ما نراه وللأسف الشديد , وإلا فمن كان يتصور أن تكون بلادنا , التي انطلقت منها رسالة الإسلام , وشعَّت أنواره , وإليها يتجه كل مسلم على ظهر البسيطة , بهذا المستوى المتدني , وكل ذلك يُروَّج تحت بند " مسايرة الأمم الأخرى " , أو " الانفتاح على العالم " , أو غير ذلك من البنود الخدَّاعة , التي يراد منها دغدغة مشاعر البسطاء , وإلا فالهدف منها تمرير أكبر قدر من الفساد , وتشويه صورة وسمعة هذه البلاد وأهلها .
إن بلادا بلغت من المنزلة والمكانة في نفوس المسلمين في العالم مابلغت , يجب أن يكون إعلامها إسلامياً خالصا , ونموذجا واضحا لتطبيق تعاليم الدين , ومثالا يحتذى , وتصويرا جليا لما يجب أن يكون عليه المسلم , في تعامله مع الله , وفي تعامله مع نفسه , وفي تعامله مع غيره .
أما أن يتحول الإعلام إلى إمعة يردد ما يقوله غيره , أو يتخلى عن ثوابته , أو يتنكب لتعاليم دينه , تحت أي ذريعة كانت , فهذا يعني الخيانة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى .
شيخي الكريم : قبل أيام كتبتُ مقالاً تحت عنوان ( هل يعقل هذا ) , ضمنته بعض إنجازات أحد مكاتب توعية الجاليات بمدينة الرياض , وهو نموذج مشرق , وصورة نقية , ومفخرة لهذه البلاد وأهلها , وذكرت أن مثل هذه النماذج لايمكن أن تلقى حفاوة في إعلامنا , بل على العكس , رأينا الإعلام ينشر مايسيء إلى هذه المفاخر , ويثير الشبه عليها , ويشكك في نزاهة القائمين عليها , ثم ها أنا أنقلك شيخي الكريم إلى صورة أخرى , تتكرر في إعلامنا يوميا , وإن اختلفت في ظاهرها , إلا أن مضمونها واحد , وكيف كان تعاطي الإعلام معها , وكيف حظيت منه بأكبر التغطيات والمناقشات , لتعرف ولا إخاله يغيب عن علمك ذلك , أن وراء الأكمة ما وراءها !! .
· معرض الكتاب وما أدراك ما معرض الكتاب , ومافيه من مخالفات يندى لها الجبين , وكيف إن الإعلام يستميت لتحسين أمر الاختلاط في المعرض , ويبالغ في تشويه صورة القائمين على منع بعض مظاهر السوء هناك , وما يصاحب ذلك من تغطية مبالغ فيها للأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض .
· المهرجانات والاحتفالات , وما يصاحبها من منكرات ومخالفات , وكيف يقوم الإعلام على نقل أدق تفاصيلها , ويستميت في نقل كل شاردة وواردة , ويتجرد في نقله من كل المبادىء والمعايير المهنية , لكي يقنع المتابع بأن تأييد هذه المهرجانات والاحتفالات رأي الأغلبية , وأن من يعارضه هم قلة متشددة منغلقة .
· قضية الاختلاط , وصورها المتكررة , وكيف يتم تغطيتها , والتعاطي معها وكأنها أمر طبعي لانكارة فيه , وأن من ينكره ويرفضه أعداء الحرية والإصلاح والتقدم .
ومثل هذه القضايا كثير , لايكاد يمر يوم من الأيام , إلا وتجد له ذكرا في وسيلة من الوسائل الإعلامية أو أكثر , ثم قارن بين موقف الإعلام من هذه الأمور , وموقفه من الأعمال المشرفة , التي بمثلها نفخر , وهي امتداد لرسالتنا السامية , وواجبنا تجاه أمم الأرض .
فإذا كانت أعمال الخير , ودعوة الناس للإسلام , وغير ذلك مما هو تجسيد لحقيقة ديننا , لايحظى بتغطية الإعلام كما يجب , ويحل مكانها تغطية أخبار التافهين , وملاحقة السفلة , وتصدير الرويبضات , ونشر الشبهات , وترويج الرذيلة , فهل يمكن أن يقال عن هذه المواقف إنها مواقف وطنية , أو تصب في مصلحة المواطن ؟ .
معاذالله أن نقول بذلك , أو أن نرضى به , بل نحن مع المصلح , صاحب الكلمة الهادفة , واللسان الصادق , والتوجيه الناصح , وهذا موجود ولله الفضل , وإن كانت مساحته في إعلامنا ضيقة , وحريته لها حدود , وضد المفسد , صاحب الكلمة القبيحة , واللسان المنافق , والتوجه الخبيث , وكثير من هؤلاء ممكَّنون في الإعلام وللأسف , وبعضهم لاحدود لحريته , وسنظل نحاربهم ونفضحهم , ولن نقبل أن ينسبوا إلينا , أو أن ينطقوا بالنيابة عنا , وهم أعداء للوطن والمواطن , وإن لبسوا مسوح الوطنية , وكتبوا في ذلك الأشعار , وأنشدوا سارعي للمجد والعلياء .
فكيف إذا علمنا أيها الشيخ المبارك أن كثيرا من مدعي الوطنية , ممن ملأ الدنيا ضجيجا , وسكب دموع التماسيح , قد جعل الوطن آخر همومه , فليس له همٌّ إلا نفسه ومصلحته , وأنه على استعداد لأجل مصالحه الشخصية أن يبيع الوطن بزبيبة كما يقال , ولهؤلاء سلف ليس هو عنا ببعيد , فالتفت شرقا وراء الحدود , فسترى من النابحين بالوطنية , النائحين على مصالح المواطنين , من غزى وطنه بدبابات العدو , طمعا في لعاعة لا أقرَّ الله عينه بها , وحين تحقق له ما أراد , جعل مصلحة المواطن تحت بسطار الأمريكي , وكأنه يقول له : كل من عليها فداء نعلك .
وأشباه هؤلاء بيننا , لو قدر لهم مثل ما قُدِّر لإخوانهم , لرأيت منهم عجبا , ولكن الله غالب على أمره , وهو المسؤول سبحانه أن يخنقهم قبل أن يتحقق لهم ما يتمنون ويأملون .
شيخي المفضال : أعتذر إليك ومنك , وأنا على يقين أنك أردت بمقولتك تلطيف العبارة , ولكني حين اختلفت معك , وأنا من تتقاصر همته عن بلوغ رأيك , إنما أردت ذكر الجانب الآخر , الذي قد يتلقفه المتسارعون , فيحسنون الظن بمن لايستحق ذلك , وينسبونه للإصلاح وهو من المفسدين , حملا للطيف عبارتك , على محمل قد لايكون مقصودا بعمومه , معتذرا إليك ثانية وثالثة وإلى أن تقبل الاعتذار , فلك العتبى حتى ترضى , سائلا الله أن يجزل لك المثوبة , وأن يعظم لك الأجر , وأن يسعدك في الدارين , وأن ينفع بما تقول وتفعل , وأن يلبسك لباس الصحة والعافية .
اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين .
اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليهادينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمدوآله وصحبه وسلم .
وكتبه
الشيخ : سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
أبومالك
لجينيات
الخميس 28, يناير 2010
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قرأت مانقل على لسان فضيلة الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين , في الجلسة التي قدم فيها ورقته بعنوان " لماذا التأهيل القضائي ؟ " , وكانت أولى جلسات المتلقى الأول للقضاء , ومما نُسِبَ إليه فيها قوله : ( الإعلاميون وطنيون ويهمهم مصلحة الوطن ) , وهذا القول من فضيلته – حفظه الله - , وهو الرجل الفطن الألمعي , فيه تعميم لا أوافقه عليه , وإن كنت أُكِنُّ له بالغ الاحترام والتقدير , والاختلاف لايفسد للود قضية .
نعم , أتفهم أن الشيخ – حفظه الله – في موقع يحتاج إلى شيء من الدبلوماسية , لكنني أرى أن السياسة تقتضي تعرية إبقاء هؤلاء الخونة عراة , حين رضوا بالعري , وألا يساهم شيخنا الوقور بستر ما كشفوه للناس .
كنت أتمنى من شيخنا – وفقه الله – لو أنه قال : بعض الإعلاميين وطنيون , وبعضهم قد تهمه مصلحة الوطن , لأن هذا التعبير هو الأليق بهم والأجدر , وهو ما يؤكده الواقع ويثبته , أما التعميم , ولو كان على سبيل " لعلهم يتقون " , فهذا فيه تضخيم لأعمالهم القذرة التي يمارسونها , وأن دافعهم لفجورهم وتزويرهم دافع وطني , يقصدون به مصلحة الوطن .
شيخي الفاضل : الذي ينشر عن القضاء , أو عن الهيئات , أو عن أي مؤسسة دينية , لايراد منه مصلحة الوطن ولا المواطن , وإنما غالبه أحقاد , وتوجهات , وخطط , يراد لها أن تمضي , لأهداف لاتخفى على لبيب مثلك , وأنت تعلم من يقف خلف تلك التوجهات , وتعلم لماذا يراد لها أن تسير , ولماذا لاتمارس عليها الضغوط والمضايقات , كما تمارس على انتقاد جهات أخرى كالإعلام مثلا .
هل يمكن ياشيخي الكريم , أن نسمي من يتناول الهيئة بالتشويه والملاحقة , دون مراعاة لأدنى المعايير للمصداقية , ولا لشرف المهنة كما يقال , بل جاء مدفوعا بغريزة التشفي والانتقام , لأنه سبق أن كان ضيفاً مشاغباً عندهم , في قضايا غير مشرفة , بأنه إعلامي وطني , ويسعى لمصلحة وطنه ؟ .
هل يمكن أيها الفاضل أن ننسب للوطنية , والسعي في مصلحة المواطن , ذلك الإعلامي الذي لاهمَّ له إلا السخرية من الدين , وتعاليمه , وأحكامه , ودعاته , والقائمين عليه ؟ .
ثم لو كان هؤلاء الذين يتناولون قضايانا بهذا السفور , وقلة المسؤولية والحياء , ويستعدون على مجتمعنا ودولتنا منظمات الكفر الخارجية , ويمنحون قوى الغطرسة مبررات للضغط علينا , عبر تقاريرهم المزورة التي يزعمون أنها حقائق , إذا كان هؤلاء وطنيون , ويسعون في مصلحة المواطن , فهل يمكن أن نصف المفجرين والمفسدين بالوطنية , والسعي في مصلحة المواطن , ونتيجة هؤلاء وأولئك واحدة , وهي الإفساد , وخلق المبررات للعدو الخارجي للضغط علينا , والتدخل في قضايانا !!! .
شيخي الكريم : لايخفى على شريف علمك , أن الإرهاب له صور متعددة , وأشكال متنوعة , ليس القتل والتفجير إلا شكلاً واحداً من تلك الأشكال , بينما يمارس كثير من الإعلاميين صورا أخرى للإرهاب , ويتخذون أشكاله المتنوعة الأخرى , كالإرهاب الأخلاقي , والإرهاب الفكري , والإرهاب العقدي , والإرهاب الاجتماعي , والإرهاب النفسي , وغير ذلك , وتسميتهم جميعا بالوطنيين , أو من يسعى في مصلحة الوطن , تهوين من جرائمهم في حق الوطن والمواطن , ومساواة للمجرم المفسد , بالمسلم المصلح ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ) ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) .
شيخي الوقور : لا يشك عاقل أن في الإعلاميين من هو غيور على دينه وأمته ووطنه , ولكن الذي لايمكن قبوله , ولا الإقرار به , استغراق هذا الوصف لكل الإعلاميين , لأنه لو كانت الحال كذلك , فلن تكون هناك إشكالات مع الإعلام , ولما أصبح المجتمع كالقدر الذي يغلي , مما يشاهد ويسمع ويقرأ , مما لايمكن أن يتفوه به مسلم يخاف الله ويتقيه .
كيف يمكن استيعاب مواطنة هؤلاء , الذين ينشرون المواد الفاسدة , أوحرصهم على المصلحة العامة , ومواقع الغرب ووكالاته , تنقل عنهم ما تبثه من أخباره سيئة , تسيء لسمعتنا , وتصورنا بأقبح صورة , وتنسبنا للتخلف والوحشية !! .
وكيف يُظَن فيهم ذلك , وهم زوار السفارات , وأصحاب التقارير , وماخفي فهو أقبح وأشنع , مما يمارسونه وراء وتحت الكواليس , وفي جنح الظلام .
بل كيف كيف يجوز لنا أن نقنع أنفسنا بصدق مواطنتهم , وهم من يهاجم ثوابتنا , ومناهجنا , وشريعتنا , تحت مسمى حرية النقد , وحرية الرأي , ويبالغ في قمع كل رأي مخالف لرأيه النشاز , أو توجهه الفاسد .
شيخي الفاضل : حين تتساوى لدى الإعلامي الجهات , وتكون أمامه خطوط حمراء يقف عندها , ومصالح يراعيها , وحدود يلتزم بها , وأنظمة يتماشى معها , واحترام للتخصص , وأدب مع المخالف , وحفظ لمنازل الناس ومقاماتهم , فإننا والحالة هذه سنكون أمام إعلاميين يسعون في مصلحة الوطن والمواطن , أما إن كانت الأخرى , وهي أن الإعلامي يملأ فراغاً في زاوية , أو يثير شغباً ليزيد من خلاله قراء تلك الصحيفة ومبيعاتها , أو ينشر خبراً ليتشفى به من جهة وقفت أمام نزواته , أو يتقيأ ما تلقاه من تعليمات خلال زياراته المشبوهة في جنح الظلام , أو ما تواطأ عليه هو وشلة الأنس في ليلة ليلاء , أو أن ينبري رويبضة جاهل ليبدي في قضية هامة من قضايا المسلمين , أو يتصدر تافه صعلوك لمناقشة أحد علماء المسلمين بكل وقاحة , وقلة حياء , ويخاطبه وكأنه يخاطب مراهقاً في أحد شوارع الموت , أو أن يتوجه النقد لبعض الجهات , مع تضخيم ممجوج , وملاحقة مفضوحة , في حين تُخرس الألسنة والأقلام , عن جهات تمارس من الأخطاء ماهو أشد وأنكى , أو أن يُصدر للناس المتردية والنطيحة , ويوصفون بالمفكرين والمثقفين , في حين يوصف العلماء والدعاة بأنهم متشددون متطرفون , فهنا لايمكن أن نصف من يمارس تلك الشذوذات بالإعلامي المواطن الذي يسعى لمصلحة وطنه , بل سنصفه بالمنافق العميل , والطابور الخامس , والمفسد الفاجر , وإن رغم أنفه واحمر , وإن أرغى وأزبد , وهدد وتوعد .
شيخي المحبوب : إن رسالة الإعلام رسالة عظيمة , وحين يتصدر لحملها الأكفاء فإن النتائج ستكون بحول الله فوق ما نتصوره , لكن حين توكل هذه المسؤولية لضعيفي الهمم , وقليلي الديانة , والجهلة والرويبضة , كما هو الحال في كثير من واقع إعلامنا اليوم , فإننا لن نجني إلا الشوك والحنضل , وهو ما نراه وللأسف الشديد , وإلا فمن كان يتصور أن تكون بلادنا , التي انطلقت منها رسالة الإسلام , وشعَّت أنواره , وإليها يتجه كل مسلم على ظهر البسيطة , بهذا المستوى المتدني , وكل ذلك يُروَّج تحت بند " مسايرة الأمم الأخرى " , أو " الانفتاح على العالم " , أو غير ذلك من البنود الخدَّاعة , التي يراد منها دغدغة مشاعر البسطاء , وإلا فالهدف منها تمرير أكبر قدر من الفساد , وتشويه صورة وسمعة هذه البلاد وأهلها .
إن بلادا بلغت من المنزلة والمكانة في نفوس المسلمين في العالم مابلغت , يجب أن يكون إعلامها إسلامياً خالصا , ونموذجا واضحا لتطبيق تعاليم الدين , ومثالا يحتذى , وتصويرا جليا لما يجب أن يكون عليه المسلم , في تعامله مع الله , وفي تعامله مع نفسه , وفي تعامله مع غيره .
أما أن يتحول الإعلام إلى إمعة يردد ما يقوله غيره , أو يتخلى عن ثوابته , أو يتنكب لتعاليم دينه , تحت أي ذريعة كانت , فهذا يعني الخيانة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى .
شيخي الكريم : قبل أيام كتبتُ مقالاً تحت عنوان ( هل يعقل هذا ) , ضمنته بعض إنجازات أحد مكاتب توعية الجاليات بمدينة الرياض , وهو نموذج مشرق , وصورة نقية , ومفخرة لهذه البلاد وأهلها , وذكرت أن مثل هذه النماذج لايمكن أن تلقى حفاوة في إعلامنا , بل على العكس , رأينا الإعلام ينشر مايسيء إلى هذه المفاخر , ويثير الشبه عليها , ويشكك في نزاهة القائمين عليها , ثم ها أنا أنقلك شيخي الكريم إلى صورة أخرى , تتكرر في إعلامنا يوميا , وإن اختلفت في ظاهرها , إلا أن مضمونها واحد , وكيف كان تعاطي الإعلام معها , وكيف حظيت منه بأكبر التغطيات والمناقشات , لتعرف ولا إخاله يغيب عن علمك ذلك , أن وراء الأكمة ما وراءها !! .
· معرض الكتاب وما أدراك ما معرض الكتاب , ومافيه من مخالفات يندى لها الجبين , وكيف إن الإعلام يستميت لتحسين أمر الاختلاط في المعرض , ويبالغ في تشويه صورة القائمين على منع بعض مظاهر السوء هناك , وما يصاحب ذلك من تغطية مبالغ فيها للأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض .
· المهرجانات والاحتفالات , وما يصاحبها من منكرات ومخالفات , وكيف يقوم الإعلام على نقل أدق تفاصيلها , ويستميت في نقل كل شاردة وواردة , ويتجرد في نقله من كل المبادىء والمعايير المهنية , لكي يقنع المتابع بأن تأييد هذه المهرجانات والاحتفالات رأي الأغلبية , وأن من يعارضه هم قلة متشددة منغلقة .
· قضية الاختلاط , وصورها المتكررة , وكيف يتم تغطيتها , والتعاطي معها وكأنها أمر طبعي لانكارة فيه , وأن من ينكره ويرفضه أعداء الحرية والإصلاح والتقدم .
ومثل هذه القضايا كثير , لايكاد يمر يوم من الأيام , إلا وتجد له ذكرا في وسيلة من الوسائل الإعلامية أو أكثر , ثم قارن بين موقف الإعلام من هذه الأمور , وموقفه من الأعمال المشرفة , التي بمثلها نفخر , وهي امتداد لرسالتنا السامية , وواجبنا تجاه أمم الأرض .
فإذا كانت أعمال الخير , ودعوة الناس للإسلام , وغير ذلك مما هو تجسيد لحقيقة ديننا , لايحظى بتغطية الإعلام كما يجب , ويحل مكانها تغطية أخبار التافهين , وملاحقة السفلة , وتصدير الرويبضات , ونشر الشبهات , وترويج الرذيلة , فهل يمكن أن يقال عن هذه المواقف إنها مواقف وطنية , أو تصب في مصلحة المواطن ؟ .
معاذالله أن نقول بذلك , أو أن نرضى به , بل نحن مع المصلح , صاحب الكلمة الهادفة , واللسان الصادق , والتوجيه الناصح , وهذا موجود ولله الفضل , وإن كانت مساحته في إعلامنا ضيقة , وحريته لها حدود , وضد المفسد , صاحب الكلمة القبيحة , واللسان المنافق , والتوجه الخبيث , وكثير من هؤلاء ممكَّنون في الإعلام وللأسف , وبعضهم لاحدود لحريته , وسنظل نحاربهم ونفضحهم , ولن نقبل أن ينسبوا إلينا , أو أن ينطقوا بالنيابة عنا , وهم أعداء للوطن والمواطن , وإن لبسوا مسوح الوطنية , وكتبوا في ذلك الأشعار , وأنشدوا سارعي للمجد والعلياء .
فكيف إذا علمنا أيها الشيخ المبارك أن كثيرا من مدعي الوطنية , ممن ملأ الدنيا ضجيجا , وسكب دموع التماسيح , قد جعل الوطن آخر همومه , فليس له همٌّ إلا نفسه ومصلحته , وأنه على استعداد لأجل مصالحه الشخصية أن يبيع الوطن بزبيبة كما يقال , ولهؤلاء سلف ليس هو عنا ببعيد , فالتفت شرقا وراء الحدود , فسترى من النابحين بالوطنية , النائحين على مصالح المواطنين , من غزى وطنه بدبابات العدو , طمعا في لعاعة لا أقرَّ الله عينه بها , وحين تحقق له ما أراد , جعل مصلحة المواطن تحت بسطار الأمريكي , وكأنه يقول له : كل من عليها فداء نعلك .
وأشباه هؤلاء بيننا , لو قدر لهم مثل ما قُدِّر لإخوانهم , لرأيت منهم عجبا , ولكن الله غالب على أمره , وهو المسؤول سبحانه أن يخنقهم قبل أن يتحقق لهم ما يتمنون ويأملون .
شيخي المفضال : أعتذر إليك ومنك , وأنا على يقين أنك أردت بمقولتك تلطيف العبارة , ولكني حين اختلفت معك , وأنا من تتقاصر همته عن بلوغ رأيك , إنما أردت ذكر الجانب الآخر , الذي قد يتلقفه المتسارعون , فيحسنون الظن بمن لايستحق ذلك , وينسبونه للإصلاح وهو من المفسدين , حملا للطيف عبارتك , على محمل قد لايكون مقصودا بعمومه , معتذرا إليك ثانية وثالثة وإلى أن تقبل الاعتذار , فلك العتبى حتى ترضى , سائلا الله أن يجزل لك المثوبة , وأن يعظم لك الأجر , وأن يسعدك في الدارين , وأن ينفع بما تقول وتفعل , وأن يلبسك لباس الصحة والعافية .
اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين .
اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليهادينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمدوآله وصحبه وسلم .
وكتبه
الشيخ : سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
أبومالك
لجينيات