ابوالبراء السلفي
14 Feb 2010, 11:02 AM
جمعني القدر بها دون سابق تخطيط أو حرص مني على اللقاء بها، لكن الأثر الذي تركته في نفسي تلك المقابلة، كان أشبه بهزة كنت بحاجة إليها لأكتب في موضوع ظننت أنه أشبع بحثا وعرضا وتدوينا ونقاشا.
المقابلة جرت عبر إحدى القنوات الخليجية، حيث دعيت لعرض وجهة نظر تربوية حول الدور المحوري المطلوب من الرجل القيام به في داخل المنزل. كانت تلك الزيارة هي الأولى إلى تلك القناة الفضائية في مدينة دبي للإعلام، ولا شك لدي أنها ستكون الأخيرة بعد أن اختبرت مشاعر لم تكن في صالحي على الإطلاق!!
كنت أعتقد ولفترة طويلة أن فتح موضوع الحجاب، سواء للإعلاميات أم لكافة النساء المسلمات، أمر قد فرغنا منه كمجتمع، لأن الحجاب فرض، وكل جدال أو نقاش في هذا الموضوع يعتبر من باب إثبات ما تم إثباته من الشارع الحكيم.
لكن الخبر ليس كالعيان، ومهما ظننا أن الحجاب في النهاية أمر شخصي، فمن أرادت الخضوع لأمر الله، فهذا خيارها، ومن شاءت أن تتحرر من اللباس الشرعي، فهي المسؤولة عن اختيارها، إلا أن للغة الواقع في هذا الجانب ما يعكس الحاجة لفتح هذا الموضوع على الدوام.
لقد ازددت يقينا البارحة أن الحجاب ليس أمرا شخصيا على الإطلاق، وأن أثره لا يتجاوز فقط تلك الفتاة المتحررة من اللباس الشرعي إلى فئة محدود العدد، ممن قد يعجبن بالنمط المعروض ويتنافسن للمجاراة والتقليد.
كما أن أثره لا يتوقف على التأثير السلبي الذي تتعرض له تلك الفئة المتربصة من الرجال والشباب الذين يروق لهم رؤية الفتاة، وقد كشفت ما أمرت شرعا بستره، لكنه يصيب مشاعر المحجبة ويؤذيها إذاءة بالغة، ما يؤكد أن الجميع في خطر معنوي على أقل تقدير من لوثة التحرر الآخذة في الانتشار.
استقبلتني المذيعة العصرية بلباس ليس له صلة بشرق ولا بإسلام، وحينما وقعت عيناها علي كادت تصعق، وقالت لي ابنتي بعد خروجنا من المحطة الفضائية، حيث كانت ترافقني للمقابلة: أرأيت ملامح الصدمة والذعر التي انتابتها عندما وقعت عيناها عليك أول مرة؟!!
قلت: نعم لاحظت ذلك وهي محقة لأبعد الحدود، فكيف تظهر على الشاشة مع أنموذج يصطدم معها في الهيئة الخارجية بشكل كلي، إنها محقة في قلقها، فالاحتشام إذا اجتمع مع الزي المكشوف، ظهر التناقض جليا!!
المهم ذعرت المذيعة من الحجاب والاحتشام، وهي التي خارت قواها، لما بلغها مسبقا رفضي للماكياج. اعترانا نحن الاثنتين شيء من الألم، لكن ربما لكوني أعلم بواقع كثير من إعلامياتنا، ظهرت ثابتة ولم يطرأ على وجهي أي شعور بالاستياء من مظهرها غير المريح ومن زيها المكشوف.
رددت عليها التحية، وبدأت أحاورها حتى أخفف من روعها، فأنا الآن في محنة حقيقية ومن ستحاورني تختلف عني على الأقل في اللباس والهيئة، وإن كانت في داخلها ربما تكون فتاة متميزة في بعض الصفات والأخلاق.
بعد خمس دقائق من الحوار وقبل الدخول إلى الاستديو، تحول ذعرها إلى هدوء وطمأنينة، وأخذت تكيل المديح والإطراء، وقالت لي: كل ما سمعته منك الآن له وزن ثقيل، وليت مدة اللقاء معك تطول، بل زادت وربما من باب المجاملة، أنها كثيرا ما تضيق بطرح ضيوفها، لكنها وجدت في طرحي ما يستحق الإصغاء والاهتمام!!
المهم أنها رضيت عني، ويبدو أنها تقبلت وجود ضيفة من النمط القديم الذي يرفض أن تكون له إطلاله جذابة على الشاشة. تقبلت وضعي بكل احترام، ورضيت بي ضيفة معها على الهواء، وبدوري كتمت كل غضبي ورسمت ابتسامة بسيطة، لعلها تخفي زمجرتي واستيائي من وضعي وليس من وضعها هي!!
لم يكن كسب ودها أمرا صعبا، بعد أن أمسكت بيديها على عدد من إصداراتي، واستمعت لوجهة نظري التربوية حول الموضوع الذي سيثار في المقابلة. لكنني أنا التي كنت بحاجة لمساعدة حقيقية بدخولي إلى قناة فضائية خليجية، تدور فيها من حولي المذيعات من ذوات الإطلالة الجذابة الملونة والمتخففة من الزي الشرعي بكل ثقة وسرور!!
كان الجو كئيبا وباردا، وكان اللون الرمادي يرخي بظلاله في المكان، والوقت مر بطيئا لدرجة كبيرة. يا لهذه المشاعر التي لم أختبرها منذ مدة طويلة، وأي غضب هذا الذي أكتمه وأمنعه من الانفجار في بيئة وجدت نفسي فيها غريبة إلى حد كبير!!
الألفاظ المتبادلة بين الموظفين أو بعضهم على الأقل، منفتحة ولا تخضع لضوابط شرعية،، الكلمات غير اللائقة بين زملاء المهنة والمكان لا يخطئها السمع، وأشياء كثيرة لم تكن تشعرني بالراحة، وولدت لدي رغبة عارمة في الجلوس أمام حاسوبي لإعادة طرح موضوع قديم يتجدد: ما هي عواقب امتناع بعض الفتيات والنساء عن الحجاب على المجتمع برمته وعلى حياتنا بكل تفاصيلها؟
والضيق الذي اعتراني واستيائي من تدهور وضع الأنثى وسقوط برقع الحياء عنها في تلك اللحظة، يكفي لأعيد صياغة أفكاري من جديد حول خطورة الصمت على تدهور علاقة بعض المسلمات بقيم الاحتشام واحترام الزي الشرعي!!
إن الدخول في الحياة العملية من بوابة الاجتراء على فرض أنزله الله، هو دخول خاطئ، وولوج عشوائي، ومرتبك، وينبغي العمل على تصحيحه والتقليل من أخطائه وأخطاره.
لست أدعي أن ثمة طريقة لفرض الحجاب على المسلمات، لكنني أزعم أننا بحاجة حقيقية لتكثيف الجهود تجاه زي المرأة المسلمة، وأهمية التحدث والكتابة عنه وإنتاج البرامج وإصدار المشاريع التي تشجع الفتاة على الاحتشام وارتداء الحجاب.
إن أخلاق الأمة تبقى مهددة إذا ما ظلت الجهود المبذولة في تعزيز احترام الحجاب على الصورة القائمة، فالفتيات الجريئات يقتحمن الإعلام بجسارة، ويمتلكن منابر التأثير بقوة ودون اكتراث لزي شرع أو دين.
وما تنشره الفضائيات من صور ونماذج غريبة ومؤذية للعين والقلب والعقل، تؤكد بأننا بحاجة لمشاريع إعلامية كبيرة وكثيرة، ترصد لها الميزانيات وتسخر لها الجهود وتبذل لها الأوقات لكي يتم إيقاف أو تحجيم الآثار السلبية من جرأة بعض فتيات الإعلام، اللواتي أبعدن فكرة الحجاب وأفرغن رؤوسهن منها حتى إشعار آخر.
فيلكن "الإشعار الآخر"، نهضة إعلامية تقودها المرأة المحجبة والفتاة التي عرفت طريقها نحو الله وتصالحت مع قيم الفضيلة والحياء والاحتشام. وليكن "الإشعار الآخر"، إصدارات متنوعة وبرامج تتوفر بها أعلى مستويات الجودة والتميز.
وليكن "الإشعار الآخر"، الذي يحجم تلك اللوثة الفكرية التي ضربت أدمغة بعض الإعلاميات المسلمات، نهضة أخلاقية يقودها أفراد المجتمع وفئاته والقادرين على التأثير والتغيير والمرشحين لأداء رائد ومساند ومعزز لغرس قيم الحياء في النفوس. هذا إذا كان خوفنا على أخلاق المجتمع حقيقيا وكانت غيرتنا على أعراضنا غيرة صادقة ولها صدى في الحياة.
والقوة التي تنطلق منها غير المحجبة في مسيرتها الإعلامية، والجموح وإظهار الجرأة الكاملة في اللباس والزي المكشوف، يجب أن تقابل بردة فعل مدروسة منهجية وشاملة، تحاصر تلك الهشاشة الأخلاقية وتضعف من تأثيرها في حياتنا لأقل قدر ممكن.
هذا إذا كنا نريد أن نعذر أمام الله ونبرئ ذمتنا من كل هذا التخاذل والانحناء لجبروت الإعلام المكشوف الذي سلع الأنثى وجعل منها لقمة سائغة للعبث واللهو الرخيص. منقول من مقالات تلاخت مريم النعيمي
المقابلة جرت عبر إحدى القنوات الخليجية، حيث دعيت لعرض وجهة نظر تربوية حول الدور المحوري المطلوب من الرجل القيام به في داخل المنزل. كانت تلك الزيارة هي الأولى إلى تلك القناة الفضائية في مدينة دبي للإعلام، ولا شك لدي أنها ستكون الأخيرة بعد أن اختبرت مشاعر لم تكن في صالحي على الإطلاق!!
كنت أعتقد ولفترة طويلة أن فتح موضوع الحجاب، سواء للإعلاميات أم لكافة النساء المسلمات، أمر قد فرغنا منه كمجتمع، لأن الحجاب فرض، وكل جدال أو نقاش في هذا الموضوع يعتبر من باب إثبات ما تم إثباته من الشارع الحكيم.
لكن الخبر ليس كالعيان، ومهما ظننا أن الحجاب في النهاية أمر شخصي، فمن أرادت الخضوع لأمر الله، فهذا خيارها، ومن شاءت أن تتحرر من اللباس الشرعي، فهي المسؤولة عن اختيارها، إلا أن للغة الواقع في هذا الجانب ما يعكس الحاجة لفتح هذا الموضوع على الدوام.
لقد ازددت يقينا البارحة أن الحجاب ليس أمرا شخصيا على الإطلاق، وأن أثره لا يتجاوز فقط تلك الفتاة المتحررة من اللباس الشرعي إلى فئة محدود العدد، ممن قد يعجبن بالنمط المعروض ويتنافسن للمجاراة والتقليد.
كما أن أثره لا يتوقف على التأثير السلبي الذي تتعرض له تلك الفئة المتربصة من الرجال والشباب الذين يروق لهم رؤية الفتاة، وقد كشفت ما أمرت شرعا بستره، لكنه يصيب مشاعر المحجبة ويؤذيها إذاءة بالغة، ما يؤكد أن الجميع في خطر معنوي على أقل تقدير من لوثة التحرر الآخذة في الانتشار.
استقبلتني المذيعة العصرية بلباس ليس له صلة بشرق ولا بإسلام، وحينما وقعت عيناها علي كادت تصعق، وقالت لي ابنتي بعد خروجنا من المحطة الفضائية، حيث كانت ترافقني للمقابلة: أرأيت ملامح الصدمة والذعر التي انتابتها عندما وقعت عيناها عليك أول مرة؟!!
قلت: نعم لاحظت ذلك وهي محقة لأبعد الحدود، فكيف تظهر على الشاشة مع أنموذج يصطدم معها في الهيئة الخارجية بشكل كلي، إنها محقة في قلقها، فالاحتشام إذا اجتمع مع الزي المكشوف، ظهر التناقض جليا!!
المهم ذعرت المذيعة من الحجاب والاحتشام، وهي التي خارت قواها، لما بلغها مسبقا رفضي للماكياج. اعترانا نحن الاثنتين شيء من الألم، لكن ربما لكوني أعلم بواقع كثير من إعلامياتنا، ظهرت ثابتة ولم يطرأ على وجهي أي شعور بالاستياء من مظهرها غير المريح ومن زيها المكشوف.
رددت عليها التحية، وبدأت أحاورها حتى أخفف من روعها، فأنا الآن في محنة حقيقية ومن ستحاورني تختلف عني على الأقل في اللباس والهيئة، وإن كانت في داخلها ربما تكون فتاة متميزة في بعض الصفات والأخلاق.
بعد خمس دقائق من الحوار وقبل الدخول إلى الاستديو، تحول ذعرها إلى هدوء وطمأنينة، وأخذت تكيل المديح والإطراء، وقالت لي: كل ما سمعته منك الآن له وزن ثقيل، وليت مدة اللقاء معك تطول، بل زادت وربما من باب المجاملة، أنها كثيرا ما تضيق بطرح ضيوفها، لكنها وجدت في طرحي ما يستحق الإصغاء والاهتمام!!
المهم أنها رضيت عني، ويبدو أنها تقبلت وجود ضيفة من النمط القديم الذي يرفض أن تكون له إطلاله جذابة على الشاشة. تقبلت وضعي بكل احترام، ورضيت بي ضيفة معها على الهواء، وبدوري كتمت كل غضبي ورسمت ابتسامة بسيطة، لعلها تخفي زمجرتي واستيائي من وضعي وليس من وضعها هي!!
لم يكن كسب ودها أمرا صعبا، بعد أن أمسكت بيديها على عدد من إصداراتي، واستمعت لوجهة نظري التربوية حول الموضوع الذي سيثار في المقابلة. لكنني أنا التي كنت بحاجة لمساعدة حقيقية بدخولي إلى قناة فضائية خليجية، تدور فيها من حولي المذيعات من ذوات الإطلالة الجذابة الملونة والمتخففة من الزي الشرعي بكل ثقة وسرور!!
كان الجو كئيبا وباردا، وكان اللون الرمادي يرخي بظلاله في المكان، والوقت مر بطيئا لدرجة كبيرة. يا لهذه المشاعر التي لم أختبرها منذ مدة طويلة، وأي غضب هذا الذي أكتمه وأمنعه من الانفجار في بيئة وجدت نفسي فيها غريبة إلى حد كبير!!
الألفاظ المتبادلة بين الموظفين أو بعضهم على الأقل، منفتحة ولا تخضع لضوابط شرعية،، الكلمات غير اللائقة بين زملاء المهنة والمكان لا يخطئها السمع، وأشياء كثيرة لم تكن تشعرني بالراحة، وولدت لدي رغبة عارمة في الجلوس أمام حاسوبي لإعادة طرح موضوع قديم يتجدد: ما هي عواقب امتناع بعض الفتيات والنساء عن الحجاب على المجتمع برمته وعلى حياتنا بكل تفاصيلها؟
والضيق الذي اعتراني واستيائي من تدهور وضع الأنثى وسقوط برقع الحياء عنها في تلك اللحظة، يكفي لأعيد صياغة أفكاري من جديد حول خطورة الصمت على تدهور علاقة بعض المسلمات بقيم الاحتشام واحترام الزي الشرعي!!
إن الدخول في الحياة العملية من بوابة الاجتراء على فرض أنزله الله، هو دخول خاطئ، وولوج عشوائي، ومرتبك، وينبغي العمل على تصحيحه والتقليل من أخطائه وأخطاره.
لست أدعي أن ثمة طريقة لفرض الحجاب على المسلمات، لكنني أزعم أننا بحاجة حقيقية لتكثيف الجهود تجاه زي المرأة المسلمة، وأهمية التحدث والكتابة عنه وإنتاج البرامج وإصدار المشاريع التي تشجع الفتاة على الاحتشام وارتداء الحجاب.
إن أخلاق الأمة تبقى مهددة إذا ما ظلت الجهود المبذولة في تعزيز احترام الحجاب على الصورة القائمة، فالفتيات الجريئات يقتحمن الإعلام بجسارة، ويمتلكن منابر التأثير بقوة ودون اكتراث لزي شرع أو دين.
وما تنشره الفضائيات من صور ونماذج غريبة ومؤذية للعين والقلب والعقل، تؤكد بأننا بحاجة لمشاريع إعلامية كبيرة وكثيرة، ترصد لها الميزانيات وتسخر لها الجهود وتبذل لها الأوقات لكي يتم إيقاف أو تحجيم الآثار السلبية من جرأة بعض فتيات الإعلام، اللواتي أبعدن فكرة الحجاب وأفرغن رؤوسهن منها حتى إشعار آخر.
فيلكن "الإشعار الآخر"، نهضة إعلامية تقودها المرأة المحجبة والفتاة التي عرفت طريقها نحو الله وتصالحت مع قيم الفضيلة والحياء والاحتشام. وليكن "الإشعار الآخر"، إصدارات متنوعة وبرامج تتوفر بها أعلى مستويات الجودة والتميز.
وليكن "الإشعار الآخر"، الذي يحجم تلك اللوثة الفكرية التي ضربت أدمغة بعض الإعلاميات المسلمات، نهضة أخلاقية يقودها أفراد المجتمع وفئاته والقادرين على التأثير والتغيير والمرشحين لأداء رائد ومساند ومعزز لغرس قيم الحياء في النفوس. هذا إذا كان خوفنا على أخلاق المجتمع حقيقيا وكانت غيرتنا على أعراضنا غيرة صادقة ولها صدى في الحياة.
والقوة التي تنطلق منها غير المحجبة في مسيرتها الإعلامية، والجموح وإظهار الجرأة الكاملة في اللباس والزي المكشوف، يجب أن تقابل بردة فعل مدروسة منهجية وشاملة، تحاصر تلك الهشاشة الأخلاقية وتضعف من تأثيرها في حياتنا لأقل قدر ممكن.
هذا إذا كنا نريد أن نعذر أمام الله ونبرئ ذمتنا من كل هذا التخاذل والانحناء لجبروت الإعلام المكشوف الذي سلع الأنثى وجعل منها لقمة سائغة للعبث واللهو الرخيص. منقول من مقالات تلاخت مريم النعيمي