قلم وقف لله
30 Mar 2010, 09:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي صفات الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون جعلنا الله وإياكم منهم ورزقنا الإخلاص في القول والعمل ........
قال الله جل وعلا :
إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) . لما ذكر تعالى الذين جمعوا بين الإساءة والأمن، الذين يزعمون أن عطاء الله إياهم في الدنيا دليل على خيرهم وفضلهم، ذكر الذين جمعوا بين الإحسان والخوف،فقال :
( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) أي: وجلون، مشفقة قلوبهم كل ذلك من خشية ربهم، خوفا أن يضع عليهم عدله، فلا يبقى لهم حسنة، وسوء ظن بأنفسهم، أن لا يكونوا قد قاموا بحق الله تعالى، وخوفا على إيمانهم من الزوال، ومعرفة منهم بربهم، وما يستحقه من الإجلال والإكرام، وخوفهم وإشفاقهم يوجب لهم الكف عما يوجب الأمر المخوف من الذنوب، والتقصير في الواجبات.
( وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ) أي:
إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، ويتفكرون أيضا في الآيات القرآنية ويتدبرونها، فيبين لهم من معاني القرآن وجلالته واتفاقه، وعدم اختلافه وتناقضه، وما يدعو إليه من معرفة الله وخوفه ورجائه، وأحوال الجزاء، فيحدث لهم بذلك من تفاصيل الإيمان، ما لا يعبر عنه اللسان.
ويتفكرون أيضا في الآيات الأفقية، كما في قوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ إلى آخر الآيات.
( وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ) أي:
لا شركا جليا، كاتخاذ غير الله معبودا، يدعوه ويرجوه ولا شركا خفيا، كالرياء ونحوه، بل هم مخلصون لله، في أقوالهم وأعمالهم وسائر أحوالهم.
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
(60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)
وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (62) .
( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا) أي: يعطون من أنفسهم مما أمروا به، ما آتوا من كل ما يقدرون عليه، من صلاة، وزكاة، وحج، وصدقة، وغير ذلك، ( و) مع هذا ( قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أي: خائفة ( أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) أي: خائفة عند عرض أعمالها عليه، والوقوف بين يديه، أن تكون أعمالهم غير منجية من عذاب الله، لعلمهم بربهم، وما يستحقه من أصناف العبادات.
( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)
أي: في ميدان التسارع في أفعال الخير، همهم ما يقربهم إلى الله، وإرادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه، فكل خير سمعوا به، أو سنحت لهم الفرصة إليه، انتهزوه وبادروه، قد نظروا إلى أولياء الله وأصفيائه، أمامهم، ويمنة، ويسرة، يسارعون في كل خير، وينافسون في الزلفى عند ربهم، فنافسوهم. ولما كان السابق لغيره المسارع قد يسبق لجده وتشميره، وقد لا يسبق لتقصيره، أخبر تعالى أن هؤلاء من القسم السابقين فقال:
( وَهُمْ لَهَا) أي: للخيرات ( سَابِقُونَ)
قد بلغوا ذروتها، وتباروا هم والرعيل الأول، ومع هذا، قد سبقت لهم من الله سابقة السعادة، أنهم سابقون.
ولما ذكر مسارعتهم إلى الخيرات وسبقهم إليها، ربما وهم واهم أن المطلوب منهم ومن غيرهم أمر غير مقدور أو متعسر، أخبر تعالى أنه لا يكلف ( نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) أي: بقدر ما تسعه، ويفضل من قوتها عنه، ليس مما يستوعب قوتها، رحمة منه وحكمة، لتيسير طريق الوصول إليه، ولتعمر جادة السالكين في كل وقت إليه.
( وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ)
وهو الكتاب الأول، الذي فيه كل شيء، وهو يطابق كل واقع يكون، فلذلك كان حقا،
( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
أي لا ينقص من إحسانهم، ولا يزداد في عقوبتهم وعصيانهم.
من تفسير الشيخ السعدي رحمه الله .......
هذه هي صفات الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون جعلنا الله وإياكم منهم ورزقنا الإخلاص في القول والعمل ........
قال الله جل وعلا :
إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) . لما ذكر تعالى الذين جمعوا بين الإساءة والأمن، الذين يزعمون أن عطاء الله إياهم في الدنيا دليل على خيرهم وفضلهم، ذكر الذين جمعوا بين الإحسان والخوف،فقال :
( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) أي: وجلون، مشفقة قلوبهم كل ذلك من خشية ربهم، خوفا أن يضع عليهم عدله، فلا يبقى لهم حسنة، وسوء ظن بأنفسهم، أن لا يكونوا قد قاموا بحق الله تعالى، وخوفا على إيمانهم من الزوال، ومعرفة منهم بربهم، وما يستحقه من الإجلال والإكرام، وخوفهم وإشفاقهم يوجب لهم الكف عما يوجب الأمر المخوف من الذنوب، والتقصير في الواجبات.
( وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ) أي:
إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، ويتفكرون أيضا في الآيات القرآنية ويتدبرونها، فيبين لهم من معاني القرآن وجلالته واتفاقه، وعدم اختلافه وتناقضه، وما يدعو إليه من معرفة الله وخوفه ورجائه، وأحوال الجزاء، فيحدث لهم بذلك من تفاصيل الإيمان، ما لا يعبر عنه اللسان.
ويتفكرون أيضا في الآيات الأفقية، كما في قوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ إلى آخر الآيات.
( وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ) أي:
لا شركا جليا، كاتخاذ غير الله معبودا، يدعوه ويرجوه ولا شركا خفيا، كالرياء ونحوه، بل هم مخلصون لله، في أقوالهم وأعمالهم وسائر أحوالهم.
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
(60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)
وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (62) .
( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا) أي: يعطون من أنفسهم مما أمروا به، ما آتوا من كل ما يقدرون عليه، من صلاة، وزكاة، وحج، وصدقة، وغير ذلك، ( و) مع هذا ( قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أي: خائفة ( أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) أي: خائفة عند عرض أعمالها عليه، والوقوف بين يديه، أن تكون أعمالهم غير منجية من عذاب الله، لعلمهم بربهم، وما يستحقه من أصناف العبادات.
( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)
أي: في ميدان التسارع في أفعال الخير، همهم ما يقربهم إلى الله، وإرادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه، فكل خير سمعوا به، أو سنحت لهم الفرصة إليه، انتهزوه وبادروه، قد نظروا إلى أولياء الله وأصفيائه، أمامهم، ويمنة، ويسرة، يسارعون في كل خير، وينافسون في الزلفى عند ربهم، فنافسوهم. ولما كان السابق لغيره المسارع قد يسبق لجده وتشميره، وقد لا يسبق لتقصيره، أخبر تعالى أن هؤلاء من القسم السابقين فقال:
( وَهُمْ لَهَا) أي: للخيرات ( سَابِقُونَ)
قد بلغوا ذروتها، وتباروا هم والرعيل الأول، ومع هذا، قد سبقت لهم من الله سابقة السعادة، أنهم سابقون.
ولما ذكر مسارعتهم إلى الخيرات وسبقهم إليها، ربما وهم واهم أن المطلوب منهم ومن غيرهم أمر غير مقدور أو متعسر، أخبر تعالى أنه لا يكلف ( نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) أي: بقدر ما تسعه، ويفضل من قوتها عنه، ليس مما يستوعب قوتها، رحمة منه وحكمة، لتيسير طريق الوصول إليه، ولتعمر جادة السالكين في كل وقت إليه.
( وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ)
وهو الكتاب الأول، الذي فيه كل شيء، وهو يطابق كل واقع يكون، فلذلك كان حقا،
( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
أي لا ينقص من إحسانهم، ولا يزداد في عقوبتهم وعصيانهم.
من تفسير الشيخ السعدي رحمه الله .......