عبيد المبين
17 Sep 2004, 05:40 PM
<div align="center">الحلقة الأخيرة من تفسير سورة ( ق )
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>
{41} أي: <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> وَاسْتَمِعْ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> [ يا محمد ] بقلبك [ أي : استمع لما نقص عليك من أهوال يوم القيامة ] نداء المنادي وهو إسرافيل عليه السلام ، [ أن : اجتمعوا لفصل القضاء ، ] حين ينفخُ في الصور <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> من الأرض ؛ [ وقيل : وصفه بالقرب ، لأن نداءه يسمعه كل فرد من أفراد المحشر ؛ وقيل : المكان بيت المقدس ، وصفها بالقرب لقربها من مكة ] .
{42} <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : كلُّ الخلائق يسمعون تلك <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> الصيحة <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> : المزعجة المهولة [ وهي : النفخة الثانية في الصور ، التي تأتي ] <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> بالحق <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> : الذي لا شك فيه ولا امتراء [ الحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون ويجادلون ؛ قال ابن الجوزي : أي بالبعث الذي لا شك فيه ] .
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> : من القبور ، الذي انفرد به القادر على كل شيء ، ولهذا قال :
{43-44} <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ () يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : عن الخلائق [ فالله سبحانه هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ، وهو أهون عليه ؛ وإليه مصير الخلائق كلهم ؛ فيجازي كلاً بعمله ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر .
وأما تشقق الأرض عنهم ، فقد قال ابن كثير : وذلك أنَّ الله عزّ وجلّ ، ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلّها في قبورها ، كما يُنبِت الحب في الثرى بالماء ؛ فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور ، فإذا نفخ فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض ؛ فيقول الله عز وجل : وعزتي وجلالي لَتَرْجِعَنّ كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره ، فترجع كل روح إلى جسدها ، فتدب فيه كما يدب السمّ في اللديغ ؛ وتنشق الأرض عنهم فيقومون إلى موقف الحساب .
وفي صحيح مسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا أول من تنشق عنه الأرض ) ] .
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> سِرَاعًا <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : يسرعون لإجابة الداعي لهم ، إلى موقف القيامة ، [ مبادرين إلى أمر الله عز وجل ؛ كما في قوله سبحانه : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ] <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : سهل على الله لا تعب فيه ولا كلفة [ وإعادة يسيرة علينا ، كما في قوله سبحانه : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> وقوله : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ] .
{45} <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> [ فعلمنا محيط بما يقول المشركون ] لك ، مما يحزنك من الأذى [ قولا وفعلا وتكذيبا ، كما في قوله سبحانه : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>] ، وإذا كنَّا أعلم بذلك ؛ فقد علمت كيف اعتناؤنا بك وتيسيرنا لأمورك ونصرنا لك على أعدائك ؛ فليفرح قلبُك ، ولتطمئنَّ نفسُك ، ولتعلم أننا أرحم بك وأرأف من نفسك ، فلم يبق لك إلا انتظار وعد الله ، والتأسي بأولي العزم من رسل الله . <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>أي : مسلَّط عليهم [ فتجبرهم على الهدى ، وليس ذلك مما كلفت به ] <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ولهذا قال : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> والتذكير ، هو تذكير ما تقرَّر في العقول والفطر ، من محبَّة الخير وإيثاره وفعله ، ومن بغض الشَّرِّ ومجانبته ، وإنما يتذكّر بالتذكير مَنْ يخاف وعيد الله [ <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> إنما تنذر الذين يخشون ربهم <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> فبلغ رسالة ربك وعظ الناس بالقرآن ] .
وأمَّا من لم يخف الوعيد ولم يؤمن به ؛ فهذا فائدة تذكيره : إقامة الحجة عليه ؛ لئلا يقول : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ما جاءنا من بشير ولا نذير <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> .
[ وجاء عن قتادة رحمه الله أنه كان يقول : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعودك يا بار يا رحيم ] .
آخر تفسير سورة (ق) والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا .</div>
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>
{41} أي: <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> وَاسْتَمِعْ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> [ يا محمد ] بقلبك [ أي : استمع لما نقص عليك من أهوال يوم القيامة ] نداء المنادي وهو إسرافيل عليه السلام ، [ أن : اجتمعوا لفصل القضاء ، ] حين ينفخُ في الصور <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> من الأرض ؛ [ وقيل : وصفه بالقرب ، لأن نداءه يسمعه كل فرد من أفراد المحشر ؛ وقيل : المكان بيت المقدس ، وصفها بالقرب لقربها من مكة ] .
{42} <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : كلُّ الخلائق يسمعون تلك <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> الصيحة <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> : المزعجة المهولة [ وهي : النفخة الثانية في الصور ، التي تأتي ] <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> بالحق <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> : الذي لا شك فيه ولا امتراء [ الحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون ويجادلون ؛ قال ابن الجوزي : أي بالبعث الذي لا شك فيه ] .
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> : من القبور ، الذي انفرد به القادر على كل شيء ، ولهذا قال :
{43-44} <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ () يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : عن الخلائق [ فالله سبحانه هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ، وهو أهون عليه ؛ وإليه مصير الخلائق كلهم ؛ فيجازي كلاً بعمله ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر .
وأما تشقق الأرض عنهم ، فقد قال ابن كثير : وذلك أنَّ الله عزّ وجلّ ، ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلّها في قبورها ، كما يُنبِت الحب في الثرى بالماء ؛ فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور ، فإذا نفخ فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض ؛ فيقول الله عز وجل : وعزتي وجلالي لَتَرْجِعَنّ كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره ، فترجع كل روح إلى جسدها ، فتدب فيه كما يدب السمّ في اللديغ ؛ وتنشق الأرض عنهم فيقومون إلى موقف الحساب .
وفي صحيح مسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا أول من تنشق عنه الأرض ) ] .
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> سِرَاعًا <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : يسرعون لإجابة الداعي لهم ، إلى موقف القيامة ، [ مبادرين إلى أمر الله عز وجل ؛ كما في قوله سبحانه : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ] <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> أي : سهل على الله لا تعب فيه ولا كلفة [ وإعادة يسيرة علينا ، كما في قوله سبحانه : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> وقوله : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ] .
{45} <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> [ فعلمنا محيط بما يقول المشركون ] لك ، مما يحزنك من الأذى [ قولا وفعلا وتكذيبا ، كما في قوله سبحانه : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>] ، وإذا كنَّا أعلم بذلك ؛ فقد علمت كيف اعتناؤنا بك وتيسيرنا لأمورك ونصرنا لك على أعدائك ؛ فليفرح قلبُك ، ولتطمئنَّ نفسُك ، ولتعلم أننا أرحم بك وأرأف من نفسك ، فلم يبق لك إلا انتظار وعد الله ، والتأسي بأولي العزم من رسل الله . <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>أي : مسلَّط عليهم [ فتجبرهم على الهدى ، وليس ذلك مما كلفت به ] <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ولهذا قال : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> والتذكير ، هو تذكير ما تقرَّر في العقول والفطر ، من محبَّة الخير وإيثاره وفعله ، ومن بغض الشَّرِّ ومجانبته ، وإنما يتذكّر بالتذكير مَنْ يخاف وعيد الله [ <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> إنما تنذر الذين يخشون ربهم <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> فبلغ رسالة ربك وعظ الناس بالقرآن ] .
وأمَّا من لم يخف الوعيد ولم يؤمن به ؛ فهذا فائدة تذكيره : إقامة الحجة عليه ؛ لئلا يقول : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> ما جاءنا من بشير ولا نذير <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> .
[ وجاء عن قتادة رحمه الله أنه كان يقول : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعودك يا بار يا رحيم ] .
آخر تفسير سورة (ق) والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا .</div>