شـــذى
21 May 2010, 01:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سطوة العاطفة
ما عرفت صاحبنا إلا رجلاً هادئاً متزناً ولطالماً سمعته وهو يتحدث عن الموضوعية
في النظرة إلى الأمور ، وعن ضرورة الإنصاف والعدل مع الناس حتى الخصوم ...
وذات يوم جاء ابنه المراهق مسرعاً ، وأسر إليه بكلمات قليلة ، ومضى ، فإذا بالرجل ينتفض ،
ويتلفظ بكلمات تفتقر إلى التهذيب ، وإلى ما هو أكثر من ذلك ! وقد تبين أن ابنه أخبره بأن ابن
جيرانه قد ضرب أخاه الصغير حتى أدماه ، وحين التقى بابنه وبجاره وسمع الحكاية كاملة تبين له
أن ابنه هو الذي بدأ بالضرب والشتم ، فما كان منه إلا أن اعتذر لجاره ، وأبدى أسفه على تعجله
في إصدار الحكم .
حالة صاحبي هذه ليست شاذة ، فنحن في حالة الهدوء ننظِّر للسلوك الصحيح ، لكن حين نُستفز ،
ونغضب ، فإن عواطفنا تلقي على أعيننا وعقولنا ما يشبه الغشاوة ، فتضعف رقابة العقل على
تحركاتنا فنسلك مسالك الجاهلين !.
إن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقدِّ م لنا النموذج الأرفع في التماسك والتوازن في كل أحواله ، فهو
إذا مزح وغشيه السرور لم يقل إلا حقاً ، وإذا غضب لا يغضب إلا لله ، إنه يغضب حين تنتهك حرمة
من حرمات الله ، ولا يغضب انتصاراً لنفسه أو تعبيراً عن الانزعاج من أذى لحق به !! .
وقد علمنا ربنا ما ينبغي علينا القيام به حين نسمع ما يثيرنا ، ويدفعنا في طريق الانتقام ، فقال ـ
سبحانه ـ : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على
ما فعلتم نادمين )) .
التبين يعني أن نتأكد من صحة ما سمعناه ، ولو كان الراوي ثقة ، فقد يكون واهماً في تفسير ما
سمعه ، وقد يكون ناقلاً عن شخص غير موثوق .. التثبت يمنحنا فرصة لتأخير رد فعلنا على ما نعتقد
أنه يسيء إلينا، وحين نتريث في رد الفعل ، فإن سورة الغضب تكون قد انكسرت ، وهذا يجعل
أحكامنا وتصرفاتنا عادلة ومنصفة ومتوازنة .
لو تأملنا في واقع الحياة اليومي لوجدنا أن الذي يسيِّر معظم الناس في معظم الأحيان هو مشاعرهم
، وليس عقولهم ، وفي هذا خروج على المنهج الرباني الأقوم وخروج على أدبيات التصرف
المنطقي المقبول ، والأمل أن ينحسر ذلك مع تقدم الوعي وانتشار العلم .
للدكتور عبد الكريم بكار
سطوة العاطفة
ما عرفت صاحبنا إلا رجلاً هادئاً متزناً ولطالماً سمعته وهو يتحدث عن الموضوعية
في النظرة إلى الأمور ، وعن ضرورة الإنصاف والعدل مع الناس حتى الخصوم ...
وذات يوم جاء ابنه المراهق مسرعاً ، وأسر إليه بكلمات قليلة ، ومضى ، فإذا بالرجل ينتفض ،
ويتلفظ بكلمات تفتقر إلى التهذيب ، وإلى ما هو أكثر من ذلك ! وقد تبين أن ابنه أخبره بأن ابن
جيرانه قد ضرب أخاه الصغير حتى أدماه ، وحين التقى بابنه وبجاره وسمع الحكاية كاملة تبين له
أن ابنه هو الذي بدأ بالضرب والشتم ، فما كان منه إلا أن اعتذر لجاره ، وأبدى أسفه على تعجله
في إصدار الحكم .
حالة صاحبي هذه ليست شاذة ، فنحن في حالة الهدوء ننظِّر للسلوك الصحيح ، لكن حين نُستفز ،
ونغضب ، فإن عواطفنا تلقي على أعيننا وعقولنا ما يشبه الغشاوة ، فتضعف رقابة العقل على
تحركاتنا فنسلك مسالك الجاهلين !.
إن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقدِّ م لنا النموذج الأرفع في التماسك والتوازن في كل أحواله ، فهو
إذا مزح وغشيه السرور لم يقل إلا حقاً ، وإذا غضب لا يغضب إلا لله ، إنه يغضب حين تنتهك حرمة
من حرمات الله ، ولا يغضب انتصاراً لنفسه أو تعبيراً عن الانزعاج من أذى لحق به !! .
وقد علمنا ربنا ما ينبغي علينا القيام به حين نسمع ما يثيرنا ، ويدفعنا في طريق الانتقام ، فقال ـ
سبحانه ـ : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على
ما فعلتم نادمين )) .
التبين يعني أن نتأكد من صحة ما سمعناه ، ولو كان الراوي ثقة ، فقد يكون واهماً في تفسير ما
سمعه ، وقد يكون ناقلاً عن شخص غير موثوق .. التثبت يمنحنا فرصة لتأخير رد فعلنا على ما نعتقد
أنه يسيء إلينا، وحين نتريث في رد الفعل ، فإن سورة الغضب تكون قد انكسرت ، وهذا يجعل
أحكامنا وتصرفاتنا عادلة ومنصفة ومتوازنة .
لو تأملنا في واقع الحياة اليومي لوجدنا أن الذي يسيِّر معظم الناس في معظم الأحيان هو مشاعرهم
، وليس عقولهم ، وفي هذا خروج على المنهج الرباني الأقوم وخروج على أدبيات التصرف
المنطقي المقبول ، والأمل أن ينحسر ذلك مع تقدم الوعي وانتشار العلم .
للدكتور عبد الكريم بكار