همي الدعوه
24 May 2010, 02:33 AM
اقطع الطريق على المعترضين
د. محمد العريفي
من أكثر ما يوغر صدور بعض الناس على بعض ما يجنيه اللسان من مفاسد ومن ذلك استعجال بعض الناس بالاعتراض على الحديث ومقاطعة المتكلم دون تروٍّ ونظر فيثور عند ذلك جدال عقيم يوغر الصدور ويفسد النفوس.
لن تستطيع إصلاح جميع الناس وتأديبهم بالآداب الشرعية أو تدريبهم على مهارات متميزة.
ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير التي تحلو لبعض الناس أن يدندن عليها دائماً بقوله : المفروض الناس يفعلون كذا والمفروض يتعودون على كذا، دعك من هذا وأدِّ الصلاة على الميت الحاضر – كما يقال - .
أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع الأخطاء أن لا ننشغل ببحث ما يجب على الآخرين أن يفعلوه بل ماذا يجب علينا نحن أن نفعله.
عندما تريد أن تتكلم بشيء غريب قد يستعجل الآخرون الاعتراض عليه، ينبغي عليك أن تغلق عليهم أبواب الاعتراض بمقدمات تجيبهم فيها عن أسئلتهم قبل أن يطرحوها بل وتزيل بها استغرابهم قبل أن يتكلموا به.
وبعض الناس يحسن فعلاً أن يغلق الأبواب على المعترض قبل أن يشعره باعتراضه.
أذكر أن شيخاً كبير السن جلس في مجلس فتكلم عن حادثة خصومة رآها بين اثنين في محطة وقود وكيف أن شجارهما زاد واشتد حتى حملا إلى مخفر الشرطة.
فقفز أحد الجالسين – من الثرثارين – مشاركاً في القصة فقال : نعم صحيح وحصل بينهما كذا وفلان هو المخطئ، وبدأ يذكر تفاصيل لم تحدث، فالتفت إليه الشيخ وكأني به يكاد ينفجر لكنه تماسك وقال بكل هدوء :
أنت هل حضرت الحادثة ؟ قال : لا .
قال : فهل حدثك أحد ممن حضروها ؟ قال : لا
قال : فهل اطلعت على محاضر التحقيق ؟ قال : لا
عندها صاح الشيخ وقال : طيب كيف تكذبني وأنت لا تدري عن شيء.
فأعجبتني مقدماته قبل اعتراضه، ولو أنه اعترض دون أن يذكر مقدمات يغلق بها الأبواب على صاحبه لكان لصاحبه مجال واسع للخروج من الموقف ولو بالكذب.
فنحن أحياناً نحتاج عندما نريد أن نقرر أشياء أن نقدم بمقدمات نقنع بها المخالفين قبل أن يعترضوا.
لما خرجت قريش لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في بدر كان بعض العقلاء فيها لا يريدون الخروج لكن قومهم أكرهوهم عليه.
فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بهم وتأكد أنهم وإن حضروا المعركة فلن يقع منهم قتال للمسلمين.
فلما اقترب من ميدان المعركة أراد أن ينبه أصحابه لذلك وأن ينهاهم عن قتلهم لكنه يعلم أنه سيقع في قلوب بعض الناس سؤال : كيف لا نقتلهم وهم خرجوا لحربنا !! لماذا استثنى هؤلاء بالذات ؟!
فقدم مقدمة أزال بها الاعتراضات ثم ذكر التوجيه قام في أصحابه وقال : إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا.
ثم قال : فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله فلا يقتله، فإنه إنما خرج مستكرها.
فمضى الصحابة على ذلك وبدؤوا يتحدثون في مجالسهم بذلك.
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف.
فبلغت الكلمة رسول اللهفالتفت إلى عمر فقال : " يا أبا حفص ".
قال عمر : والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله بأبي حفص قال صلى الله عليه وسلم يا أبا حفص : " أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ".
فاستبشع ذلك وانتفض؛ كيف يرد أمر رسول الله، أليس مسلماً فصاح قائلاً: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق.
فندم أبو حذيفة على ما تكلم به وقال : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ.. و لا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة؛ فقتل يوم اليمامة شهيداً رضي الله عنه.
ياله من دين
د. محمد العريفي
من أكثر ما يوغر صدور بعض الناس على بعض ما يجنيه اللسان من مفاسد ومن ذلك استعجال بعض الناس بالاعتراض على الحديث ومقاطعة المتكلم دون تروٍّ ونظر فيثور عند ذلك جدال عقيم يوغر الصدور ويفسد النفوس.
لن تستطيع إصلاح جميع الناس وتأديبهم بالآداب الشرعية أو تدريبهم على مهارات متميزة.
ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير التي تحلو لبعض الناس أن يدندن عليها دائماً بقوله : المفروض الناس يفعلون كذا والمفروض يتعودون على كذا، دعك من هذا وأدِّ الصلاة على الميت الحاضر – كما يقال - .
أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع الأخطاء أن لا ننشغل ببحث ما يجب على الآخرين أن يفعلوه بل ماذا يجب علينا نحن أن نفعله.
عندما تريد أن تتكلم بشيء غريب قد يستعجل الآخرون الاعتراض عليه، ينبغي عليك أن تغلق عليهم أبواب الاعتراض بمقدمات تجيبهم فيها عن أسئلتهم قبل أن يطرحوها بل وتزيل بها استغرابهم قبل أن يتكلموا به.
وبعض الناس يحسن فعلاً أن يغلق الأبواب على المعترض قبل أن يشعره باعتراضه.
أذكر أن شيخاً كبير السن جلس في مجلس فتكلم عن حادثة خصومة رآها بين اثنين في محطة وقود وكيف أن شجارهما زاد واشتد حتى حملا إلى مخفر الشرطة.
فقفز أحد الجالسين – من الثرثارين – مشاركاً في القصة فقال : نعم صحيح وحصل بينهما كذا وفلان هو المخطئ، وبدأ يذكر تفاصيل لم تحدث، فالتفت إليه الشيخ وكأني به يكاد ينفجر لكنه تماسك وقال بكل هدوء :
أنت هل حضرت الحادثة ؟ قال : لا .
قال : فهل حدثك أحد ممن حضروها ؟ قال : لا
قال : فهل اطلعت على محاضر التحقيق ؟ قال : لا
عندها صاح الشيخ وقال : طيب كيف تكذبني وأنت لا تدري عن شيء.
فأعجبتني مقدماته قبل اعتراضه، ولو أنه اعترض دون أن يذكر مقدمات يغلق بها الأبواب على صاحبه لكان لصاحبه مجال واسع للخروج من الموقف ولو بالكذب.
فنحن أحياناً نحتاج عندما نريد أن نقرر أشياء أن نقدم بمقدمات نقنع بها المخالفين قبل أن يعترضوا.
لما خرجت قريش لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في بدر كان بعض العقلاء فيها لا يريدون الخروج لكن قومهم أكرهوهم عليه.
فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بهم وتأكد أنهم وإن حضروا المعركة فلن يقع منهم قتال للمسلمين.
فلما اقترب من ميدان المعركة أراد أن ينبه أصحابه لذلك وأن ينهاهم عن قتلهم لكنه يعلم أنه سيقع في قلوب بعض الناس سؤال : كيف لا نقتلهم وهم خرجوا لحربنا !! لماذا استثنى هؤلاء بالذات ؟!
فقدم مقدمة أزال بها الاعتراضات ثم ذكر التوجيه قام في أصحابه وقال : إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا.
ثم قال : فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله فلا يقتله، فإنه إنما خرج مستكرها.
فمضى الصحابة على ذلك وبدؤوا يتحدثون في مجالسهم بذلك.
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف.
فبلغت الكلمة رسول اللهفالتفت إلى عمر فقال : " يا أبا حفص ".
قال عمر : والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله بأبي حفص قال صلى الله عليه وسلم يا أبا حفص : " أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ".
فاستبشع ذلك وانتفض؛ كيف يرد أمر رسول الله، أليس مسلماً فصاح قائلاً: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق.
فندم أبو حذيفة على ما تكلم به وقال : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ.. و لا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة؛ فقتل يوم اليمامة شهيداً رضي الله عنه.
ياله من دين