أختكم في الله مها
06 Jun 2010, 06:20 PM
http://www6.0zz0.com/2010/06/06/15/972438483.gif
أنزل الله تعالى أبانا آدم عليه السلام إلى الأرض والتقى هو وزوجه وكونا الأسرة الإنسانية وعمروا الأرض وأرسل الله من ذريته الأنبياء والرسل, قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿38﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[سورة البقرة: 38-39]، وفي الآية الأخرى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿123﴾ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}[سورة طه: 123-124].
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة المجلد 6 رقم الحديث 2668، ما نصه:
(كان آدم نبيا مكلما، وكان بينه وبين نوح عشرة قرون، وكانت الرسل ثلاثمائة وخمسة عشر).
عن أبي أمامة أن رجلا قال: ( يا رسول الله أنبيا كان آدم؟ قال: "نعم، مكلم" قال: "كم كان بينه وبين نوح؟"، قال: "عشرة قرون". قال: "يا رسول الله، كم كانت الرسل؟"، قال: "ثلاثمائة وخمسة عشر" )[قال الألباني إسناده صحيح].
وروي بلفظ: قال: (قلت: "يا نبي الله فأي الأنبياء كان أول؟"، قال: "آدم عليه السلام". قال: قلت: "يا نبي الله، أو نبي كان آدم؟"، قال: "نعم، نبي مكلم، خلقه الله بيده، ثم نفخ فيه من روحه، ثم قال له: يا آدم قبلا". قال: قلت: "يا رسول الله، كم وفى عدد الأنبياء؟"، قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا" )[ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة وقال: فيه علي بن يزيد وهو الألهاني ضعيف، ومعان بن رفاعة لين الحديث]. وزاد في رواية: قال: ( "كم كان بين نوح وإبراهيم؟"، قال: "عشرة قرون" )[صحيح لغيره]. ولهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: (كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون، صلى الله عليهما)[قال الشيح: صحيح] أ هـ.
ومع إرسال أول رسول إلى الأرض بدأت المواجهة بين الكفر والإيمان بعد القرون الفاضلة التي تلت آدم وبعد أن دب الشرك في المعمورة.
واستمرت المواجهة بين الرسل والأنبياء إلي يومنا هذا وقد قص القرآن علينا من قصص الأنبياء مع أقوامهم الكثير.
وعبر التاريخ الإنساني ظهر وجهان للعملة الإنسانية من حيث موقفهم مع الأنبياء والرسل، فأما الوجه الأول فهم القديسين والصالحين من أتباع الرسالات, هؤلاء الذين أضاؤوا التاريخ الإنساني بقصص الصلاح والتقوى والزهد والورع والتبتل والإخبات؛ فمع نوح كان أهل السفينة، ومع إبراهيم كانت سارة ولوط ثم إسماعيل وإسحق ثم من تبعهم, ومع موسى كان صالحي اليهود، وكان الحواريون مع عيسى عليه السلام, ثم ختم الله الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من أفاضل الأمة من الصحابة ثم التابعين ثم من تبعهم بإحسان.
وعلى مر العصور كان أصحاب الوجه الآخر الكالح من العملة الإنسانية يكيدون للرسل وأتباعهم كفراً وعناداً وبطراً.
فالأنبياء دينهم واحد وشرائعهم مختلفة وأتباعهم أتباع عقيدة واحدة فريدة هي عقيدة التوحيد منذ خلق الله الخلق لا تبديل لها.
جاء في صحيح الإمام مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الأولى والآخرة"، قالوا: "كيف يا رسول الله؟"، قال: "الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد فليس بيننا نبي"».
ومع التسلسل الواضح في النبوات والرسالات والذي اختتمه الله عز وجل بالرسالة المحمدية, تجد من أتباع الكتب السابقة من جحد جهلاً أو استكباراً, يطابق بفعله ما فعل اليهود مع عيسى عليه السلام من السب والمحاربة واتهام مريم الطاهرة بالزنا عياذاً بالله.
فالقوم يدعون محبة عيسى واتباعه, ويحاربون من بشرهم به عيسى وأمرهم بالسير خلفه.
فشابهوا مقابلة اليهود لعيسى بالنكران والجحود مع إلصاق اليهود أنفسهم بموسى وإلصاق النصارى أنفسهم بعيسى.
وقد بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا إيمان بعد بعثته إلا باتباع رسالته,
قال صلى الله عليه وسلم: (من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني فلم يؤمن بي دخل النار)[صححه أحمد شاكر].
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي)[رواه البخاري ومسلم].
ومن هنا سد الباب على كل مهرطق أو محرف أن يتمسك بكتابه المحرف أو يدعي الالتصاق بنبي من الأنبياء كذباً وزوراً فقد وحد الله الأمة الإسلامية خلف محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كان الأنبياء يبعثون إلى أقوامهم خاصة فيسع المرء أن يتبع نبيه دون غيره,
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
(أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً)[أخرجه البخاري (335) واللفظ له، ومسلم (521)].
أنا من أتباع محمد:
المتأمل للقصة الإنسانية مع الرسالات السماوية يعرف قدر الرسالة المحمدية وكتابها الناسخ لكل الكتب والمتمم لجميع التشريعات والمكمل للديانات السماوية السابقة التي حرفها أهلها وطمسوا معالم النور فيها.
ويعرف كذلك قدر النبي الخاتم الذي أرسله الله تعالى ليختم بها الرسالات السماوية ولينقطع وحي السماء من بعده دلالة على إتمام الهدي السماوي المنزل إلى الأرض، وأنه من أراد الهدى فعليه بهذه الرسالة الكاملة ففيها تمام الأمن والاهتداء للبشرية.
لذا كان لزاما على كل من اصطفاه من بني آدم لأن يحمل شرف الانتساب إلى هذه الأمة العظيمة وإلى هذا النبي الخاتم وإلى هذا الكتاب الأكمل وإلى هذه الشرعة الكاملة, أن يفخر كونه من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا النبي العظيم الذي بشر الله به في الكتب السابقة وذكره بأفضل الأوصاف وأجلها ثم ختم وصفه في آخر كتبه بشهادة سماوية على سمو خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: 4].
وقد بشر به في التوارة والإنجيل:
1. جاء في عظة بطرس للشعب -لليهود والوثنيين من بني إسرائيل قائلاً: "فتوبوا وارجعوا لِتُمحى خطاياكم؛ لكي تأتي أوقات الفَرَج مِن وجه الرب; ويُرْسَلَ يسوعُ المسيحُ المبشّر به مِن قَبْل" [وفي الأصل العبري: ويرسل الفارقليط. أي محمديم]. فالمقصود هنا محمد خاصة أنه جاء بعد هذا مباشَرَةً بشارةُ موسى بأن الرب سيقيم "لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك" (أعمال الرسل: 3/19-22).
والأشبه بموسى من عيسى هو محمد عليهم الصلاة والسلام (راجع الجدول في آخر هذه الرسالة). وكون النبي المبشَّر به من وسط إخوة أتباع موسى، يَدل بوضوح على أنه مِن العرب، فإن إبراهيم عليه السلام وُلد له إسماعيل من هاجر (وأولاده من العرب) وإسحاق من سارة (وأولاده من بني إسرائيل). فإسماعيلُ أخو إسحاقَ، وأولادُهما "إخوةٌ" مجازاً، وهذه الاستخدامات موجودة بوضوح في العهد القديم (انظر: التكوين: 16/12 و25/17).
2. "أجابهم يسوع وقال: الحقَّ الحقَّ أقول لكم: أنتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات، بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم , اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي؛ للحياة الأبدية، الذي يعطيكم ابنُ الإنسان؛ لأن هذا الله الأب قد ختمه" (إنجيل يوحنا: 6/26،27).
3. "لأنه يُوْلَد لنا ولد، ونُعطي ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمُه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً، أباً أبديًّا، رئيس السلام" (أشعياء: 9/6). فاسم (محمَّد) مِن الحَمْد وهو المدح والثناء بالصفات الجميلة التي تُعْجِب الحامد، وهذا معنى كون الاسم "عجيباً" وكذلك اسم (أحمد) فاسمه أحمدُ الأسماء وأعجبُها. وهو رئيس السلام "الإسلام" {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107]، وسلامه هذا أبديّ فهو خاتم الأنبياء {وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال: 33].
4. "أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي -الذي يتكلم به باسمي-: أنا أطالبه" (التثنية: 18/18،19).
[وفي هذا صفاتٌ لم تكن موجودة في سيدنا عيسى؛ فآيات القرآن على فم محمد هي التي يتكلم فيها باسمه فكلما افتتح القراءة أو السُّورة يقول:﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، وليس ذلك فيما بين يدينا من الإنجيل. ومحمد هو الذي بلّغ رسالة تامة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: 3]. وأمره الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: 67].
نعم... سيدنا عيسى بلَّغ العقائد والأحكام كما أمره الله، ولكن لم يكن ذلك هو التشريع الخاتم المطلوب من كل البشرية الشامل لكل حاجاتهم إلى يوم القيامة، وهذا ما هو ثابت على لسانه في إنجيل يوحنا: 16/12،13: "إنّ لي أموراً كثيرة لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن ó وأما مَتَـى جاء ذاك [الفارقليط] روح الحق: فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، وخَبَّرَكم بأمور آتية".
وقد أخبر النبي محمد بآلاف النبوءات المستقبلية وقد وقع الكثير منها، والباقي يُنتَظَر. ولم تخطئ أيٌّ منها. وقد جمع العلماء نبوءات النبي محمد في كتب مستقلَّةٍ سمَّوها "دلائل النبوَّة" منها كتاب (سعيد بَاشَنْفر) أورد فيه أكثر من 1450 نبوءةً.
وأما البشارات بالنبي محمد في التوراة والإنجيل فهي كثيرة جمع منها 99 بشارةً الدكتور صلاح الراشد في كتابه "البشارات العجاب في صحف أهل الكتاب" -دار ابن حزم- وإليك بعضها:
[تأملْ أيها القارئ قول رسول الله محمد : "إنّ لي أسماءً؛ أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر...، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي". وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً. رواه مسلم والترمذي. ثم قارن بـ:
جدول البشارة بصفات النبي محمد في العهدين القديم والجديد:
1- البشارة في التوراة والإنجيل: "تأتي أوقات الفَرَج مِن وجه الرب، ويُرْسَلَ يسوعُ المسيحُ المبشّر به"
الصِّفَة: الرحمةُ للعالمين سبب الفَرَج والسلام 1.
2- البشارة في التوراة والإنجيل: "هذا الله الأب قد ختمه".
الصِّفَة: العاقبُ الخاتم الذي لا نبيَّ بعدَه.
3- البشارة في التوراة والإنجيل: "ويُرْسَلَ يسوعُ المسيحُ المبشّر به مِن قَبْل"
الصِّفَة: في الأصل اليوناني: الفارقليط المبشَّرُ به على لسان الأنبياء السابقين.
4- البشارة في التوراة والإنجيل: "ويُدعى اسمُه عجيباً".
الصِّفَة: أجملُ وأَحْمد الناس اسماً.
5- البشارة في التوراة والإنجيل: "يعطيكم ابنُ الإنسان".
الصِّفَة: البشريُّ ابنُ الإنسان.
6- البشارة في التوراة والإنجيل: "من وسط إخوتهم مثلك".
الصِّفَة: مِن نَسل إبراهيم وإسماعيل أخي إسحاق.
7- البشارة في التوراة والإنجيل: "أباً أبديًّا، رئيس السلام".
الصِّفَة: رئيس دولة المدينة التي نشرت السلام.
8- البشارة في التوراة والإنجيل: "وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به".
الصِّفَة: المبلِّغُ لوحي الله الذاكرُ لاسمه دائماً بفَمه.
9- البشارة في التوراة والإنجيل: "الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه".
الصِّفَة: المنصورُ من الله على أعدائه الذين يُرعبون منه.
10- البشارة في التوراة والإنجيل: "يُدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويُقال...اقرأ... فيقول لا أعرف الكتابة".
الصِّفَة: النبيُّ الأمِّي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل.
11- البشارة في التوراة والإنجيل: "أقيم لهم نبيًّا"، "ويخبركم بأمور آتية".
الصِّفَة: النبيُّ المتنبِّئُ بأخبار المستقبل.
12- البشارة في التوراة والإنجيل: "ذاك يمجدني".
الصِّفَة: المُحِبّ لعيسى الممجِّد له فهو أخوه في النبوة والرسالة.
13- البشارة في التوراة والإنجيل: "لِتُمحى خطاياكم".
الصِّفَة: الماحي الذي يمحو الله به الكفر والخطايا.
ولعل أهم الألفاظ السابقة المبشرة ببعثة ورسالة محمد كلمة "مِثْلَك" (التثنية: 18/18) التي تُشَبه النبي المُنتَظر بموسى. فمَن الأكثر شبهاً بموسى؟ عيسى أم محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام؟.
2. جدول وجوه الشبه بين موسى ومحمد وعيسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام:
عيسى: محمد موسى الصفة
الولادة:
- عيسى: معجزة من أم (مريم) بلا أبٍ.
- محمد: عادية من أب (عبد الله) وأم (آمنة).
- موسى: عادية من أب (عَمْرام) وأم (يُوكابَد).
الطبيعة:
- عيسى: لاهوتية + بشرية (باعتقاد النصارى).
- محمد: بشرية.
- موسى: بشرية.
المقام:
- عيسى: رَبّ (باعتقاد النصارى).
- محمد: نَبِـيّ.
- موسى: نَبِـيّ.
الرسالة:
- عيسى: شريعته من الله مكمّلة غير جديدة (متى: 5/17).
- محمد: شريعته من الله جديدة.
- موسى: شريعته من الله جديدة.
عددالأتباع:
- عيسى: 11 من الحواريين فقط.
- محمد: بالآلاف.
- موسى: بالآلاف.
النفوذ والسلطان:
- عيسى: لم يكن ذا سلطان ونفوذ سياسي قانوني.
- محمد: ذو سلطان (حاكم دولة).
- موسى: ذو سلطان (ينفّذ عقوبة الإعدام. الخروج: 32/26).
استخدام القوة:
- عيسى: لم يقاتل أعداءه.
- محمد: قاتل أعداءه.
- موسى: قاتل أعداءه.
قَبول قومه له:
- عيسى: لم يقبله قومه في النهاية (يوحنا: 18/35-37).
- محمد: قَبِله قومه في النهاية قَبِله.
- موسى: قَبِله قومه في النهاية.
الوضع الأسري:
- عيسى: لم يتزوج ولم ينجب أولاداً.
- محمد: تزوج وأنجب أولاداً.
- موسى: تزوج وأنجب أولاداً.
الوفاة:
- عيسى: الصَّلْب من أجل خطايا البشر (باعتقاد النصارى).
- محمد: عادية.
- موسى: عادية.
القبر:
- عيسى: لا زال في السماء.
- محمد: في الأرض.
- موسى: في الأرض.
العودة للدنيا:
- عيسى: سيعود (باعتقاد المسلمين والنصارى).
- محمد: لن يعود.
- موسى: لن يعود.
وإذا لم يُذكر اسم سيدنا "عيسى" عليه السلام بل المذكور لَقَبُ "المسيا" المُترجَم بـ"المَسِيح" في بشارات العهد القديم، فلماذا يُفَسَّر بعيسى بدل محمد قبل التدقيق؟!، فكيف إذا صرح "الكتاب المقدس" نفسه بانتفاء المشابهة: "ولم يَظهر بعدُ نبيٌّ في بني إسرائيل مثل موسى" التثنية:34/10 (ط/ التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، شارك في إعداده 37 دكتوراً وأستاذاً للاّهوت. (1) من كتاب (لماذا أسلم القسيس بالنبي) للأستاذ إبراهيم هلال الشوادفي (القس اسحاق هلال مسيحة سابقا.
وفي نهاية هذا البحث أتقدم لكل باحث عن الحق بذكر مختصر سيرة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم, أذكرها دعوة لمن يبحث عن الحق وتشرفاً وفخراً من القلب بانتسابي لأمته واتباعي إياه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
- نسبه صلى الله عليه وسلم:
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم، واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.
- أسماؤه صلى الله عليه وسلم:
عن جبير بن مطعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن لي أسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميَّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد)[متفق عليه].
وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: (أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة)[رواه مسلم].
طهارة نسبه صلى الله عليه وسلم:
اعلم رحمني الله وإياك أن نبينا المصطفى على الخلق كله قد صان الله أباه من زلة الزنا، فولد صلى الله عليه وسلم من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح،
فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)[رواه مسلم]،
وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها)[رواه البخاري].
ولادته صلى الله عليه وسلم:
ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر.
قال ابن كثير: "والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعاً".
قال علماء السير: "لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلاً، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب".
وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدلٌ في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام)[صححه الألباني].
وتوفي أبوه صلى الله عليه وسلم وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته بأشهر وقيل بسنة، والمشهور الأول.
رضاعه صلى الله عليه وسلم:
أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياماً، ثم استُرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعد نحواً من أربع سنين، وشُقَّ عن فؤاده هناك، واستخرج منه حظُّ النفس والشيطان، فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك.
ثم ماتت أمه بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة وهو ابن ست سنين، ولما مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح، استأذن ربّه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وقال: (زوروا القبور فإنها تذكر بالموت)[رواه مسلم]. فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهي مولاته ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثه الله أعزّ نصر وأتم مؤازرة مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك.
صيانة الله تعالى له صلى الله عليه وسلم من دنس الجاهلية:
وكان الله سبحانه وتعالى قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى أنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه صلى الله عليه وسلم.
زواجه صلى الله عليه وسلم:
تزوجته خديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتحلى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها.
وماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة رضي الله عنها تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة، ثم تزوج صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ولم يتزوج بكراً غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية رضي الله عنها، وتزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، ثم تزوج أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حييّ بن أخطب رضي الله عنها، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أولاده صلى الله عليه وسلم:
كل أولاده صلى الله عليه وسلم من ذكر وأنثى من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.
فالذكور من ولده:
القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياماً يسيرة، والطاهر والطيب.
وقيل: ولدت له عبد الله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب. أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر.
بناته صلى الله عليه وسلم:
زينب وهي أكبر بناته، وتزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد رقية رضي الله عنهن جميعاً. قال النووي: "فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح".
مبعثه صلى الله عليه وسلم:
بعث صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فنزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغيّر وجهه وعرق جبينه.
فلما نزل عليه الملك قال له: "اقرأ".. قال: "لست بقارئ"، فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له: "اقرأ".. فقال: "لست بقارئ"... ثلاثاً. ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿1﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿3﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿4﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: 1-5]. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف، فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت: "أبشر، وكلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحملُّ الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر".
ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي،
ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: "زملوني.. دثروني"، فأنزل الله عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿1﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿2﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿3﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: 1-4].
فأمر الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر صلى الله عليه وسلم عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من محبته له.
قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نزل عليه: {فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر}[الحجر: 94].
فأعلن الدعاء. فلما نزل قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء: 214]،
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف: "يا صباحاه!"، فقالوا: "من هذا الذي يهتف؟" قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟"، قالوا ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: "تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟"، ثم قام، فنزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْ} إلى آخر السورة [متفق عليه].
صبره صلى الله عليه وسلم على الأذى:
ولقي صلى الله عليه وسلم الشدائد من قومه وهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فرارا من الظلم والاضطهاد فخرجوا.
وفي الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وسلا جزورٍ قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجداً، حتى جاءت فاطمة فألقنه عن ظهره، فقال حينئذ: «اللهم، عليك بقريش». وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوماً بمنكبه صلى الله عليه وسلم ، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟
رحمته صلى الله عليه وسلم بقومه:
فلما اشتد الأذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها،
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى مكة. قال صلى الله عليه وسلم: (انطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: "إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم". قال: "فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: "يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين". فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا" )[رواه مسلم].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: (من يؤويني؟، من ينصرني؟؛ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي).
ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سراً، فلما تمت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً.
هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.
غزواته صلى الله عليه وسلم:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، لَيهَلِكُنَّ،
فأنزل الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}[الحج: 39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستاً وخمسين سرية.
حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتماره:
لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها. والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.
صفته صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون - أي أبيض بياضاً مشرباً بحمرة - أشعر، أدعج العينين -أي شديد سوادهما-، أجرد -أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه، ذو مَسرُبه- أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.
أخلاقه صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: {إنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ}[القلم: 4]. وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها،
يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل ما وجد، ولا يدُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته صلى الله عليه وسلم نار،
وكان صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.
وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله،
وقال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)[الترمذي وصححه الألباني]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!.
وما زال صلى الله عليه وسلم يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.
فضله صلى الله عليه وسلم:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة)[متفق عليه].
وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا ). وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفع ) [رواه مسلم].
عبادته ومعيشته صلى الله عليه وسلم:
قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" )[متفق عليه]،
وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أَدَمَ محشوّاً ليفاً!!، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلُّ اليوم يَلتَوي ما يجد دِقْلاً يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر -!!، ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين.
من أهم الأحداث:
الإسراء والمعراج: وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.
السنة الأولى: الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة.
السنة الثانية: غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.
السنة الثالثة: غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم.
السنة الرابعة: غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا لعهد بينهم وبين المسلمين.
السنة الخامسة: غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.
السنة السادسة: صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً.
السنة السابعة: غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ.
السنة الثامنة: غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف.
السنة التاسعة: غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله ليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسمي هذا العام عام الوفود.
السنة العاشرة: حجة الوداع، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم.
السنة الحادية عشرة: وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر. وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (2)
وختاما أتساءل: إلى كل باحث عن الحق أما صدم عينك ضوء الشمس الباهر ؟؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول,,,,,,,
أنزل الله تعالى أبانا آدم عليه السلام إلى الأرض والتقى هو وزوجه وكونا الأسرة الإنسانية وعمروا الأرض وأرسل الله من ذريته الأنبياء والرسل, قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿38﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[سورة البقرة: 38-39]، وفي الآية الأخرى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿123﴾ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}[سورة طه: 123-124].
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة المجلد 6 رقم الحديث 2668، ما نصه:
(كان آدم نبيا مكلما، وكان بينه وبين نوح عشرة قرون، وكانت الرسل ثلاثمائة وخمسة عشر).
عن أبي أمامة أن رجلا قال: ( يا رسول الله أنبيا كان آدم؟ قال: "نعم، مكلم" قال: "كم كان بينه وبين نوح؟"، قال: "عشرة قرون". قال: "يا رسول الله، كم كانت الرسل؟"، قال: "ثلاثمائة وخمسة عشر" )[قال الألباني إسناده صحيح].
وروي بلفظ: قال: (قلت: "يا نبي الله فأي الأنبياء كان أول؟"، قال: "آدم عليه السلام". قال: قلت: "يا نبي الله، أو نبي كان آدم؟"، قال: "نعم، نبي مكلم، خلقه الله بيده، ثم نفخ فيه من روحه، ثم قال له: يا آدم قبلا". قال: قلت: "يا رسول الله، كم وفى عدد الأنبياء؟"، قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا" )[ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة وقال: فيه علي بن يزيد وهو الألهاني ضعيف، ومعان بن رفاعة لين الحديث]. وزاد في رواية: قال: ( "كم كان بين نوح وإبراهيم؟"، قال: "عشرة قرون" )[صحيح لغيره]. ولهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: (كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون، صلى الله عليهما)[قال الشيح: صحيح] أ هـ.
ومع إرسال أول رسول إلى الأرض بدأت المواجهة بين الكفر والإيمان بعد القرون الفاضلة التي تلت آدم وبعد أن دب الشرك في المعمورة.
واستمرت المواجهة بين الرسل والأنبياء إلي يومنا هذا وقد قص القرآن علينا من قصص الأنبياء مع أقوامهم الكثير.
وعبر التاريخ الإنساني ظهر وجهان للعملة الإنسانية من حيث موقفهم مع الأنبياء والرسل، فأما الوجه الأول فهم القديسين والصالحين من أتباع الرسالات, هؤلاء الذين أضاؤوا التاريخ الإنساني بقصص الصلاح والتقوى والزهد والورع والتبتل والإخبات؛ فمع نوح كان أهل السفينة، ومع إبراهيم كانت سارة ولوط ثم إسماعيل وإسحق ثم من تبعهم, ومع موسى كان صالحي اليهود، وكان الحواريون مع عيسى عليه السلام, ثم ختم الله الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من أفاضل الأمة من الصحابة ثم التابعين ثم من تبعهم بإحسان.
وعلى مر العصور كان أصحاب الوجه الآخر الكالح من العملة الإنسانية يكيدون للرسل وأتباعهم كفراً وعناداً وبطراً.
فالأنبياء دينهم واحد وشرائعهم مختلفة وأتباعهم أتباع عقيدة واحدة فريدة هي عقيدة التوحيد منذ خلق الله الخلق لا تبديل لها.
جاء في صحيح الإمام مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الأولى والآخرة"، قالوا: "كيف يا رسول الله؟"، قال: "الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد فليس بيننا نبي"».
ومع التسلسل الواضح في النبوات والرسالات والذي اختتمه الله عز وجل بالرسالة المحمدية, تجد من أتباع الكتب السابقة من جحد جهلاً أو استكباراً, يطابق بفعله ما فعل اليهود مع عيسى عليه السلام من السب والمحاربة واتهام مريم الطاهرة بالزنا عياذاً بالله.
فالقوم يدعون محبة عيسى واتباعه, ويحاربون من بشرهم به عيسى وأمرهم بالسير خلفه.
فشابهوا مقابلة اليهود لعيسى بالنكران والجحود مع إلصاق اليهود أنفسهم بموسى وإلصاق النصارى أنفسهم بعيسى.
وقد بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا إيمان بعد بعثته إلا باتباع رسالته,
قال صلى الله عليه وسلم: (من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني فلم يؤمن بي دخل النار)[صححه أحمد شاكر].
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي)[رواه البخاري ومسلم].
ومن هنا سد الباب على كل مهرطق أو محرف أن يتمسك بكتابه المحرف أو يدعي الالتصاق بنبي من الأنبياء كذباً وزوراً فقد وحد الله الأمة الإسلامية خلف محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كان الأنبياء يبعثون إلى أقوامهم خاصة فيسع المرء أن يتبع نبيه دون غيره,
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
(أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً)[أخرجه البخاري (335) واللفظ له، ومسلم (521)].
أنا من أتباع محمد:
المتأمل للقصة الإنسانية مع الرسالات السماوية يعرف قدر الرسالة المحمدية وكتابها الناسخ لكل الكتب والمتمم لجميع التشريعات والمكمل للديانات السماوية السابقة التي حرفها أهلها وطمسوا معالم النور فيها.
ويعرف كذلك قدر النبي الخاتم الذي أرسله الله تعالى ليختم بها الرسالات السماوية ولينقطع وحي السماء من بعده دلالة على إتمام الهدي السماوي المنزل إلى الأرض، وأنه من أراد الهدى فعليه بهذه الرسالة الكاملة ففيها تمام الأمن والاهتداء للبشرية.
لذا كان لزاما على كل من اصطفاه من بني آدم لأن يحمل شرف الانتساب إلى هذه الأمة العظيمة وإلى هذا النبي الخاتم وإلى هذا الكتاب الأكمل وإلى هذه الشرعة الكاملة, أن يفخر كونه من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا النبي العظيم الذي بشر الله به في الكتب السابقة وذكره بأفضل الأوصاف وأجلها ثم ختم وصفه في آخر كتبه بشهادة سماوية على سمو خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: 4].
وقد بشر به في التوارة والإنجيل:
1. جاء في عظة بطرس للشعب -لليهود والوثنيين من بني إسرائيل قائلاً: "فتوبوا وارجعوا لِتُمحى خطاياكم؛ لكي تأتي أوقات الفَرَج مِن وجه الرب; ويُرْسَلَ يسوعُ المسيحُ المبشّر به مِن قَبْل" [وفي الأصل العبري: ويرسل الفارقليط. أي محمديم]. فالمقصود هنا محمد خاصة أنه جاء بعد هذا مباشَرَةً بشارةُ موسى بأن الرب سيقيم "لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك" (أعمال الرسل: 3/19-22).
والأشبه بموسى من عيسى هو محمد عليهم الصلاة والسلام (راجع الجدول في آخر هذه الرسالة). وكون النبي المبشَّر به من وسط إخوة أتباع موسى، يَدل بوضوح على أنه مِن العرب، فإن إبراهيم عليه السلام وُلد له إسماعيل من هاجر (وأولاده من العرب) وإسحاق من سارة (وأولاده من بني إسرائيل). فإسماعيلُ أخو إسحاقَ، وأولادُهما "إخوةٌ" مجازاً، وهذه الاستخدامات موجودة بوضوح في العهد القديم (انظر: التكوين: 16/12 و25/17).
2. "أجابهم يسوع وقال: الحقَّ الحقَّ أقول لكم: أنتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات، بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم , اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي؛ للحياة الأبدية، الذي يعطيكم ابنُ الإنسان؛ لأن هذا الله الأب قد ختمه" (إنجيل يوحنا: 6/26،27).
3. "لأنه يُوْلَد لنا ولد، ونُعطي ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمُه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً، أباً أبديًّا، رئيس السلام" (أشعياء: 9/6). فاسم (محمَّد) مِن الحَمْد وهو المدح والثناء بالصفات الجميلة التي تُعْجِب الحامد، وهذا معنى كون الاسم "عجيباً" وكذلك اسم (أحمد) فاسمه أحمدُ الأسماء وأعجبُها. وهو رئيس السلام "الإسلام" {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107]، وسلامه هذا أبديّ فهو خاتم الأنبياء {وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال: 33].
4. "أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي -الذي يتكلم به باسمي-: أنا أطالبه" (التثنية: 18/18،19).
[وفي هذا صفاتٌ لم تكن موجودة في سيدنا عيسى؛ فآيات القرآن على فم محمد هي التي يتكلم فيها باسمه فكلما افتتح القراءة أو السُّورة يقول:﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، وليس ذلك فيما بين يدينا من الإنجيل. ومحمد هو الذي بلّغ رسالة تامة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: 3]. وأمره الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: 67].
نعم... سيدنا عيسى بلَّغ العقائد والأحكام كما أمره الله، ولكن لم يكن ذلك هو التشريع الخاتم المطلوب من كل البشرية الشامل لكل حاجاتهم إلى يوم القيامة، وهذا ما هو ثابت على لسانه في إنجيل يوحنا: 16/12،13: "إنّ لي أموراً كثيرة لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن ó وأما مَتَـى جاء ذاك [الفارقليط] روح الحق: فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، وخَبَّرَكم بأمور آتية".
وقد أخبر النبي محمد بآلاف النبوءات المستقبلية وقد وقع الكثير منها، والباقي يُنتَظَر. ولم تخطئ أيٌّ منها. وقد جمع العلماء نبوءات النبي محمد في كتب مستقلَّةٍ سمَّوها "دلائل النبوَّة" منها كتاب (سعيد بَاشَنْفر) أورد فيه أكثر من 1450 نبوءةً.
وأما البشارات بالنبي محمد في التوراة والإنجيل فهي كثيرة جمع منها 99 بشارةً الدكتور صلاح الراشد في كتابه "البشارات العجاب في صحف أهل الكتاب" -دار ابن حزم- وإليك بعضها:
[تأملْ أيها القارئ قول رسول الله محمد : "إنّ لي أسماءً؛ أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر...، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي". وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً. رواه مسلم والترمذي. ثم قارن بـ:
جدول البشارة بصفات النبي محمد في العهدين القديم والجديد:
1- البشارة في التوراة والإنجيل: "تأتي أوقات الفَرَج مِن وجه الرب، ويُرْسَلَ يسوعُ المسيحُ المبشّر به"
الصِّفَة: الرحمةُ للعالمين سبب الفَرَج والسلام 1.
2- البشارة في التوراة والإنجيل: "هذا الله الأب قد ختمه".
الصِّفَة: العاقبُ الخاتم الذي لا نبيَّ بعدَه.
3- البشارة في التوراة والإنجيل: "ويُرْسَلَ يسوعُ المسيحُ المبشّر به مِن قَبْل"
الصِّفَة: في الأصل اليوناني: الفارقليط المبشَّرُ به على لسان الأنبياء السابقين.
4- البشارة في التوراة والإنجيل: "ويُدعى اسمُه عجيباً".
الصِّفَة: أجملُ وأَحْمد الناس اسماً.
5- البشارة في التوراة والإنجيل: "يعطيكم ابنُ الإنسان".
الصِّفَة: البشريُّ ابنُ الإنسان.
6- البشارة في التوراة والإنجيل: "من وسط إخوتهم مثلك".
الصِّفَة: مِن نَسل إبراهيم وإسماعيل أخي إسحاق.
7- البشارة في التوراة والإنجيل: "أباً أبديًّا، رئيس السلام".
الصِّفَة: رئيس دولة المدينة التي نشرت السلام.
8- البشارة في التوراة والإنجيل: "وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به".
الصِّفَة: المبلِّغُ لوحي الله الذاكرُ لاسمه دائماً بفَمه.
9- البشارة في التوراة والإنجيل: "الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه".
الصِّفَة: المنصورُ من الله على أعدائه الذين يُرعبون منه.
10- البشارة في التوراة والإنجيل: "يُدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويُقال...اقرأ... فيقول لا أعرف الكتابة".
الصِّفَة: النبيُّ الأمِّي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل.
11- البشارة في التوراة والإنجيل: "أقيم لهم نبيًّا"، "ويخبركم بأمور آتية".
الصِّفَة: النبيُّ المتنبِّئُ بأخبار المستقبل.
12- البشارة في التوراة والإنجيل: "ذاك يمجدني".
الصِّفَة: المُحِبّ لعيسى الممجِّد له فهو أخوه في النبوة والرسالة.
13- البشارة في التوراة والإنجيل: "لِتُمحى خطاياكم".
الصِّفَة: الماحي الذي يمحو الله به الكفر والخطايا.
ولعل أهم الألفاظ السابقة المبشرة ببعثة ورسالة محمد كلمة "مِثْلَك" (التثنية: 18/18) التي تُشَبه النبي المُنتَظر بموسى. فمَن الأكثر شبهاً بموسى؟ عيسى أم محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام؟.
2. جدول وجوه الشبه بين موسى ومحمد وعيسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام:
عيسى: محمد موسى الصفة
الولادة:
- عيسى: معجزة من أم (مريم) بلا أبٍ.
- محمد: عادية من أب (عبد الله) وأم (آمنة).
- موسى: عادية من أب (عَمْرام) وأم (يُوكابَد).
الطبيعة:
- عيسى: لاهوتية + بشرية (باعتقاد النصارى).
- محمد: بشرية.
- موسى: بشرية.
المقام:
- عيسى: رَبّ (باعتقاد النصارى).
- محمد: نَبِـيّ.
- موسى: نَبِـيّ.
الرسالة:
- عيسى: شريعته من الله مكمّلة غير جديدة (متى: 5/17).
- محمد: شريعته من الله جديدة.
- موسى: شريعته من الله جديدة.
عددالأتباع:
- عيسى: 11 من الحواريين فقط.
- محمد: بالآلاف.
- موسى: بالآلاف.
النفوذ والسلطان:
- عيسى: لم يكن ذا سلطان ونفوذ سياسي قانوني.
- محمد: ذو سلطان (حاكم دولة).
- موسى: ذو سلطان (ينفّذ عقوبة الإعدام. الخروج: 32/26).
استخدام القوة:
- عيسى: لم يقاتل أعداءه.
- محمد: قاتل أعداءه.
- موسى: قاتل أعداءه.
قَبول قومه له:
- عيسى: لم يقبله قومه في النهاية (يوحنا: 18/35-37).
- محمد: قَبِله قومه في النهاية قَبِله.
- موسى: قَبِله قومه في النهاية.
الوضع الأسري:
- عيسى: لم يتزوج ولم ينجب أولاداً.
- محمد: تزوج وأنجب أولاداً.
- موسى: تزوج وأنجب أولاداً.
الوفاة:
- عيسى: الصَّلْب من أجل خطايا البشر (باعتقاد النصارى).
- محمد: عادية.
- موسى: عادية.
القبر:
- عيسى: لا زال في السماء.
- محمد: في الأرض.
- موسى: في الأرض.
العودة للدنيا:
- عيسى: سيعود (باعتقاد المسلمين والنصارى).
- محمد: لن يعود.
- موسى: لن يعود.
وإذا لم يُذكر اسم سيدنا "عيسى" عليه السلام بل المذكور لَقَبُ "المسيا" المُترجَم بـ"المَسِيح" في بشارات العهد القديم، فلماذا يُفَسَّر بعيسى بدل محمد قبل التدقيق؟!، فكيف إذا صرح "الكتاب المقدس" نفسه بانتفاء المشابهة: "ولم يَظهر بعدُ نبيٌّ في بني إسرائيل مثل موسى" التثنية:34/10 (ط/ التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، شارك في إعداده 37 دكتوراً وأستاذاً للاّهوت. (1) من كتاب (لماذا أسلم القسيس بالنبي) للأستاذ إبراهيم هلال الشوادفي (القس اسحاق هلال مسيحة سابقا.
وفي نهاية هذا البحث أتقدم لكل باحث عن الحق بذكر مختصر سيرة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم, أذكرها دعوة لمن يبحث عن الحق وتشرفاً وفخراً من القلب بانتسابي لأمته واتباعي إياه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
- نسبه صلى الله عليه وسلم:
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم، واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.
- أسماؤه صلى الله عليه وسلم:
عن جبير بن مطعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن لي أسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميَّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد)[متفق عليه].
وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: (أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة)[رواه مسلم].
طهارة نسبه صلى الله عليه وسلم:
اعلم رحمني الله وإياك أن نبينا المصطفى على الخلق كله قد صان الله أباه من زلة الزنا، فولد صلى الله عليه وسلم من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح،
فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)[رواه مسلم]،
وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها)[رواه البخاري].
ولادته صلى الله عليه وسلم:
ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر.
قال ابن كثير: "والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعاً".
قال علماء السير: "لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلاً، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب".
وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدلٌ في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام)[صححه الألباني].
وتوفي أبوه صلى الله عليه وسلم وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته بأشهر وقيل بسنة، والمشهور الأول.
رضاعه صلى الله عليه وسلم:
أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياماً، ثم استُرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعد نحواً من أربع سنين، وشُقَّ عن فؤاده هناك، واستخرج منه حظُّ النفس والشيطان، فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك.
ثم ماتت أمه بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة وهو ابن ست سنين، ولما مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح، استأذن ربّه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وقال: (زوروا القبور فإنها تذكر بالموت)[رواه مسلم]. فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهي مولاته ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثه الله أعزّ نصر وأتم مؤازرة مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك.
صيانة الله تعالى له صلى الله عليه وسلم من دنس الجاهلية:
وكان الله سبحانه وتعالى قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى أنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه صلى الله عليه وسلم.
زواجه صلى الله عليه وسلم:
تزوجته خديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتحلى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها.
وماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة رضي الله عنها تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة، ثم تزوج صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ولم يتزوج بكراً غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية رضي الله عنها، وتزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، ثم تزوج أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حييّ بن أخطب رضي الله عنها، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أولاده صلى الله عليه وسلم:
كل أولاده صلى الله عليه وسلم من ذكر وأنثى من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.
فالذكور من ولده:
القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياماً يسيرة، والطاهر والطيب.
وقيل: ولدت له عبد الله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب. أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر.
بناته صلى الله عليه وسلم:
زينب وهي أكبر بناته، وتزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد رقية رضي الله عنهن جميعاً. قال النووي: "فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح".
مبعثه صلى الله عليه وسلم:
بعث صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فنزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغيّر وجهه وعرق جبينه.
فلما نزل عليه الملك قال له: "اقرأ".. قال: "لست بقارئ"، فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له: "اقرأ".. فقال: "لست بقارئ"... ثلاثاً. ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿1﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿3﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿4﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: 1-5]. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف، فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت: "أبشر، وكلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحملُّ الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر".
ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي،
ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: "زملوني.. دثروني"، فأنزل الله عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿1﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿2﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿3﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: 1-4].
فأمر الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر صلى الله عليه وسلم عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من محبته له.
قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نزل عليه: {فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر}[الحجر: 94].
فأعلن الدعاء. فلما نزل قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء: 214]،
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف: "يا صباحاه!"، فقالوا: "من هذا الذي يهتف؟" قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟"، قالوا ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: "تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟"، ثم قام، فنزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْ} إلى آخر السورة [متفق عليه].
صبره صلى الله عليه وسلم على الأذى:
ولقي صلى الله عليه وسلم الشدائد من قومه وهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فرارا من الظلم والاضطهاد فخرجوا.
وفي الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وسلا جزورٍ قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجداً، حتى جاءت فاطمة فألقنه عن ظهره، فقال حينئذ: «اللهم، عليك بقريش». وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوماً بمنكبه صلى الله عليه وسلم ، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟
رحمته صلى الله عليه وسلم بقومه:
فلما اشتد الأذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها،
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى مكة. قال صلى الله عليه وسلم: (انطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: "إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم". قال: "فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: "يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين". فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا" )[رواه مسلم].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: (من يؤويني؟، من ينصرني؟؛ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي).
ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سراً، فلما تمت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً.
هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.
غزواته صلى الله عليه وسلم:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، لَيهَلِكُنَّ،
فأنزل الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}[الحج: 39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستاً وخمسين سرية.
حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتماره:
لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها. والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.
صفته صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون - أي أبيض بياضاً مشرباً بحمرة - أشعر، أدعج العينين -أي شديد سوادهما-، أجرد -أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه، ذو مَسرُبه- أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.
أخلاقه صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: {إنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ}[القلم: 4]. وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها،
يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل ما وجد، ولا يدُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته صلى الله عليه وسلم نار،
وكان صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.
وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله،
وقال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)[الترمذي وصححه الألباني]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!.
وما زال صلى الله عليه وسلم يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.
فضله صلى الله عليه وسلم:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة)[متفق عليه].
وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا ). وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفع ) [رواه مسلم].
عبادته ومعيشته صلى الله عليه وسلم:
قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" )[متفق عليه]،
وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أَدَمَ محشوّاً ليفاً!!، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلُّ اليوم يَلتَوي ما يجد دِقْلاً يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر -!!، ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين.
من أهم الأحداث:
الإسراء والمعراج: وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.
السنة الأولى: الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة.
السنة الثانية: غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.
السنة الثالثة: غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم.
السنة الرابعة: غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا لعهد بينهم وبين المسلمين.
السنة الخامسة: غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.
السنة السادسة: صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً.
السنة السابعة: غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ.
السنة الثامنة: غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف.
السنة التاسعة: غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله ليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسمي هذا العام عام الوفود.
السنة العاشرة: حجة الوداع، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم.
السنة الحادية عشرة: وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر. وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (2)
وختاما أتساءل: إلى كل باحث عن الحق أما صدم عينك ضوء الشمس الباهر ؟؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول,,,,,,,