أبولؤى
27 Jun 2010, 11:27 PM
مصلون مشبوهون !!
لم يكد المسلمون يفيقون من وقع صدمات القرارات التعسفية المتتابعة بشأن حرية ارتداء النقاب في الجامعات المصرية، لاسيما أثناء الامتحانات حتى صعقهم الخبر التالي: "ستكونون تحت الرقابة الدقيقة أثناء تأدية صلواتكم في الآلاف من مساجد مصر".
الخبر الذي بدأ على استحياء يذيع انتشاره، أصبح الآن حديث الأوساط الإسلامية في مصر بعد أن نجح تسريب الخبر بشكل ذكي في تقليل ردات الفعل عليه، التي يتوقع أن تزيد لكنها لا تؤشر في بدايتها إلى قدرتها على إيقاف زحف ما يُسمى بـ"سياسة تجفيف المنابع"، وهي التي تحمل اسماً يتعلق بالإرهاب والتطرف لكنها تمس صميم وأصول الدين الإسلامي ذاته.
لقد لاحظ المسلمون في أكبر بلد عربي أن الحملة التي شنتها الأوساط العلمانية داخل دواليب النظام التعليمي المصري لم تكن تستهدف النقاب كقطعة قماش كما يحلو لهم وصفه والحجاب بذلك، بل كقيمة دينية أصيلة عند من تعتنقنها، ورمز يراد له أن يزول، وبالتالي اتضح بجلاء أن المقصود كانت تلك القيمة ذاتها، بعد أن تم حرق كل الحقوق الإنسانية والحريات العامة في طريق هذا الإلغاء، وبدا الفاعلون قادرين على النيل من كل المعاني الإنسانية والحقوق القانونية في سبيل إرضاء واضعي الاستراتيجية الاستفزازية في خارج بلادهم؛ فلا الحرية شفعت بعد الشرع، ولا القانون صمد بعد أن وضعت الأحكام القضائية الممكنة للمنتقبات بحق ارتدائه، تحت أقدام النافذين، وقطعت الأحكام من عمداء الكليات المناط بهم تنفيذ القوانين وأحكام القضاء الإدارية، وحميت ظهورهم من أي ملاحقة قضائية، وحتى الحيل لم تنفع؛ فتنكرت وزارة التعليم لوزارة الصحة التي كانت طلبت من التلاميذ والطلاب ارتداء الكمامات في مظان أماكن العدوى تجنباً للإصابة بمرض إنفلونزا الخنازير؛ فأجبرت الفتيات على خلع الكمامات بقرارات تعسفية موازية أخرى. ما بدا أنه منظومة إجرائية تنسف بسبيلها أي حق شرعي أو قانوني حقوقي لغرض التقليل ثم منع ارتداء النقاب كلية.
الآن، نحن نعاين مشكلة أخبث، وتتدثر بدعوى غريبة، تتعلق بالبدء في ملاحقة والتجسس على المصلين في المساجد بغية وضعهم تحت دائرة المراقبة الدائمة، ما داموا في بيت الله، تماما كما المشبوهين والمسجلين كخطرين في مخافر الشرطة.
ما تنامى إلى مسامعنا مفزع في طبيعته التجسسية والتلصصية على الفئة الأكثر تديناً في مصر، وهم عمار بيت الله عز وجل، ولا تعود فزعته لكون المصلين من المشبوهين بالطبع، وإنما لأن أكثر المواطنين حرصاً على بلدهم قد صاروا في نظر الدولة مشاريع إرهاب وتطرف، وباتوا بحاجة لمن يأخذ على أيديهم اتقاء لـ"شرهم" و"تحفزهم" ضد أوطانهم، أو يراقب تحركاتهم ويعد عليهم أنفاسهم ويتأكد من "ترمومتر تدينهم"!
وكما النقاب، سيق مبرر سخيف لوضع كاميرات لرصد المصلين، بالخوف من سرقة صناديق النذور من المساجد، وهي صناديق توضع في مساجد محدودة ولا تمثل إلا نسبة ضئيلة من مساجد مصر الكثيرة، ولا تستدعي على كل حال وجود هذه الخطة الكبيرة لوضع المصلين في هذا البلد تحت الأعين الراصدة، والنظر إليهم كمشبوهين.
هي خطة تتلو غيرها بالتأكيد، وهي لا تنفك عن مساعٍ خارجية لمزيد من التضييق على التدين بل الدين عينه وأهله، واللافت هذه المرة في تلك المخططات هو في تسارعها وتنوعها بحيث لا يتسنى ملاحقتها بأي إجراءات أو احتجاجات، وسترافقها أو تتلوها استنساخات في بلدان عربية أخرى تنتظر "نجاح" التجربة الهادفة في نسختها الرقابية هذه ـ كما يقول علماء مصريون ـ إلى تفزيع وترهيب المصلين، ودفعهم بعيداً عن المساجد، وهو هدف خطير، والمأساة أنه ليس الوحيد. كمصلين ربما سنظل في دائرة رد الفعل، والمؤسف أنه مع ذلك يبدو شديد الخجل.
منقول
طريق الاسلام
لم يكد المسلمون يفيقون من وقع صدمات القرارات التعسفية المتتابعة بشأن حرية ارتداء النقاب في الجامعات المصرية، لاسيما أثناء الامتحانات حتى صعقهم الخبر التالي: "ستكونون تحت الرقابة الدقيقة أثناء تأدية صلواتكم في الآلاف من مساجد مصر".
الخبر الذي بدأ على استحياء يذيع انتشاره، أصبح الآن حديث الأوساط الإسلامية في مصر بعد أن نجح تسريب الخبر بشكل ذكي في تقليل ردات الفعل عليه، التي يتوقع أن تزيد لكنها لا تؤشر في بدايتها إلى قدرتها على إيقاف زحف ما يُسمى بـ"سياسة تجفيف المنابع"، وهي التي تحمل اسماً يتعلق بالإرهاب والتطرف لكنها تمس صميم وأصول الدين الإسلامي ذاته.
لقد لاحظ المسلمون في أكبر بلد عربي أن الحملة التي شنتها الأوساط العلمانية داخل دواليب النظام التعليمي المصري لم تكن تستهدف النقاب كقطعة قماش كما يحلو لهم وصفه والحجاب بذلك، بل كقيمة دينية أصيلة عند من تعتنقنها، ورمز يراد له أن يزول، وبالتالي اتضح بجلاء أن المقصود كانت تلك القيمة ذاتها، بعد أن تم حرق كل الحقوق الإنسانية والحريات العامة في طريق هذا الإلغاء، وبدا الفاعلون قادرين على النيل من كل المعاني الإنسانية والحقوق القانونية في سبيل إرضاء واضعي الاستراتيجية الاستفزازية في خارج بلادهم؛ فلا الحرية شفعت بعد الشرع، ولا القانون صمد بعد أن وضعت الأحكام القضائية الممكنة للمنتقبات بحق ارتدائه، تحت أقدام النافذين، وقطعت الأحكام من عمداء الكليات المناط بهم تنفيذ القوانين وأحكام القضاء الإدارية، وحميت ظهورهم من أي ملاحقة قضائية، وحتى الحيل لم تنفع؛ فتنكرت وزارة التعليم لوزارة الصحة التي كانت طلبت من التلاميذ والطلاب ارتداء الكمامات في مظان أماكن العدوى تجنباً للإصابة بمرض إنفلونزا الخنازير؛ فأجبرت الفتيات على خلع الكمامات بقرارات تعسفية موازية أخرى. ما بدا أنه منظومة إجرائية تنسف بسبيلها أي حق شرعي أو قانوني حقوقي لغرض التقليل ثم منع ارتداء النقاب كلية.
الآن، نحن نعاين مشكلة أخبث، وتتدثر بدعوى غريبة، تتعلق بالبدء في ملاحقة والتجسس على المصلين في المساجد بغية وضعهم تحت دائرة المراقبة الدائمة، ما داموا في بيت الله، تماما كما المشبوهين والمسجلين كخطرين في مخافر الشرطة.
ما تنامى إلى مسامعنا مفزع في طبيعته التجسسية والتلصصية على الفئة الأكثر تديناً في مصر، وهم عمار بيت الله عز وجل، ولا تعود فزعته لكون المصلين من المشبوهين بالطبع، وإنما لأن أكثر المواطنين حرصاً على بلدهم قد صاروا في نظر الدولة مشاريع إرهاب وتطرف، وباتوا بحاجة لمن يأخذ على أيديهم اتقاء لـ"شرهم" و"تحفزهم" ضد أوطانهم، أو يراقب تحركاتهم ويعد عليهم أنفاسهم ويتأكد من "ترمومتر تدينهم"!
وكما النقاب، سيق مبرر سخيف لوضع كاميرات لرصد المصلين، بالخوف من سرقة صناديق النذور من المساجد، وهي صناديق توضع في مساجد محدودة ولا تمثل إلا نسبة ضئيلة من مساجد مصر الكثيرة، ولا تستدعي على كل حال وجود هذه الخطة الكبيرة لوضع المصلين في هذا البلد تحت الأعين الراصدة، والنظر إليهم كمشبوهين.
هي خطة تتلو غيرها بالتأكيد، وهي لا تنفك عن مساعٍ خارجية لمزيد من التضييق على التدين بل الدين عينه وأهله، واللافت هذه المرة في تلك المخططات هو في تسارعها وتنوعها بحيث لا يتسنى ملاحقتها بأي إجراءات أو احتجاجات، وسترافقها أو تتلوها استنساخات في بلدان عربية أخرى تنتظر "نجاح" التجربة الهادفة في نسختها الرقابية هذه ـ كما يقول علماء مصريون ـ إلى تفزيع وترهيب المصلين، ودفعهم بعيداً عن المساجد، وهو هدف خطير، والمأساة أنه ليس الوحيد. كمصلين ربما سنظل في دائرة رد الفعل، والمؤسف أنه مع ذلك يبدو شديد الخجل.
منقول
طريق الاسلام