انا بنت الاسلام
14 Jul 2010, 07:54 PM
تفسيـر آية الـكـرســـي
للعلامة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين (http://www.islamhouse.com/ip/6842) رحمة الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) هذه الآية أعظم آية في كتاب الله كما سأل النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أبي كعب وقال : أي آية أعظم في كتاب الله ؟ قال: آية الكرسي فضرب على صدره وقال: ليهنك العلم يا أبا منذر
ولهذا من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
يقول الله –عز و جل- (الله) ولله علم خاص بالذات العليّة لا تطلق على غيره لا في الجاهلية ولا في الإسلام فالله هو رب العالمين وهو هنا محط الخبر.
قوله تعالى( لا إله إلا هو) إله بمعنى مألوه والمألوه بمعنى المعبود حباً و تعظيماً والآلهة المعبودة في الأرض هي في السماء كالملائكة كلها لا تستحق العبادة الذي يستحق العبادة هو الله رب العالمين و(إله) اسم (لا) و (لا) هنا نافية للجنس فـ (لا إله) نفي عام محض شامل لجميع أفراده وقوله( إلا هو) بدل من خبر (لا) المحذوف لأن التقدير (لا إله حق إلا هو) .
وقوله (الحي القيوم) هذان اسمان من أسمائه وهما جامعان لكمال الأوصاف والأفعال فكمال الأوصاف في (الحي) والأفعال في(القيوم) لأن معنى الحي ذو الحياة الكاملة ويدل على ذلك (أل) المفيدة للاستغراق وكمال الحياة من حيث الوجود و العدم ومن حيث الكمال والنقص فإذا نظرنا إلى حياة الإنسان وجدناها ناقصة، ولهذا قال بعض السلف: ينبغي للإنسان أن يصل لأن هذا هو
وجه الكمال ليس وجه الكمال أن تفنى الخليقة فقط بل وجه الكمال لله أن تفنى الخليقة ويبقى الله –عز وجل- ، وقوله (القيوم) أصل القيوم من القيام وهي صيغة مبالغة ومعنى القيوم القائم بنفسه والقائم على غيره.
وقوله (لا تأخذه سنة ولا نوم) لم يقل لا ينام بل قال (لا تأخذه) حتى يشمل الأخذ بالغلبة والأخذ بالاختيار لأن النوم صفة نقص فهو نقص من حيث الكمال الذاتي ونقص من حيث الكمال المتعلق بالغير، والنوم نقص من حيث الكمال الذاتي لأن الإنسان الذي ينام معناه أن بدنه يتعب فيحتاج إلى نوم يستريح به مما مضى ويستجد به النشاط لم يستقبل ولهذا فإن أهل الجنة لا ينامون لكمال حياتهم وأبدانهم ولا يلحقهم مرض ولا نحوه، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم –
يقول عند المنام : ((إن أمسكت نفسي فاغفر لها و ارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ عبادك الصالحين ))، فالحاصل أن الله -سبحانه و تعالى- لا يمكن أن ينام قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ))
وكلمة لا ينبغي في القرآن والسنة معناه الشيء الممتنع غاية الامتناع، وقوله ( لا تأخذه سنة ولا نوم) من الصفات السلبية والقاعدة في أسماء الله وصفاته أنه لا يوجد في صفات الله صفة سلبية محضة بل إنما تذكر لكمال ضدها فلكمال حياته وكمال قيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم.
ثم قال الله –سبحانه وتعالى – في الجملة الثالثة (له ما في السماوات وما في الأرض) وعبر بـ (ما) ليشمل الأعيان و الأحوال إذاً له ما في السماوات خلقاً و ملكاً وتدبيراً وإذا كان له ما في السماوات وما في الأرض فالواجب أن نخضع له لأننا عبيده و العبد يجب أن يخضع لمالكه وسيده سبحانه وتعالى ، وكذلك يجب أن نصبر لقضائه لأننا ملكه وما كان ملكاً لله –عز و جل – فله أن يتصرف فيه كما يشاء ، وقوله ( له ما في السماوات وما في الأرض ) السماوات جمعت والأرض أفردت لكنها بمعنى الجمع لأن المراد بها الجنس .
ثم قال في الجملة الرابعة: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) (من) اسم استفهام مبتدأ و(ذا) ملغاة و (الذي) اسم موصول خبر والمراد بالاستفهام هنا النفي بدليل الإثبات بعده حيث قال (إلا بإذنه) ومتى جاء النفي بصيغة الاستفهام فهو مشرب معنى التحدي، وقوله (يشفع) الشفاعة في اللغة: جعل الفرد شفعاً و في الاصطلاح: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، فشفاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- في أهل الموقف بعدما يلحقهم من الهم و الغم مالا يطيقون لدفع مضرةوشفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة لجلب منفعة، (إلا بإذنه) الكوني حتى أعظم الناس عند الله محمد –صلى الله عليه وسلم- لا يشفع إلا بإذن الله ولا أحد أعظم عند الله من الرسول –صلى الله عليه وسلم- ومع هذا لا يشفع إلا بإذن الله لكمال سلطانه –جل و علا- ولكمال هيبته، وتجد الملك إذا كان ذا هيبة في رعيته لا أحد يستطيع أن يتكلم في مجلسه وهو حاضر لقوة سلطانه، و على هذا فشرط الشفاعة ثلاثة: إذن الله –تعالى- بها ورضاه عن الشافع و رضاه عن المشفوع له.
ثم قال عز و جل في الجملة السادسة (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) والعلم عند الأصوليين إدراك الشيء إدراكاً جازماً مطابقاً، فعدم الإدراك جهل والإدراك على وجه لا جزم فيه شك والإدراك على وجه جازم غير مطابق جهل مركب،و الله –عز وجل- يعلم الأشياء علماً تاماً شاملاً بها جملة وتفصيلاً، وعلمه ليس كعلم العباد ولذلك قال (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) ما بين أيديهم المستقبل وما خلفهم الماضي و(ما) من صيغ العموم فهي شاملة لكل شيء سواء كان دقيقاً أو جليلاً وسواء كان من أفعال الله أو أفعال العباد وعلمه ما بين أيديهم يقتضي أنه لا يجهل الماضي وعلمه لما خلفهم يقتضي أنه لا ينسى الماضي.
قال تعالى في الجملة السابعة (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) بين كمال علمه ونقص علمهم وهكذا يقرن بين صفته وبين صفة العباد ليتبين كماله ونقص المخلوق، وعِلم في قوله (عِلمِهِ) مصدر يحتمل أنه على بابه ويحتمل أنه معلوم يعني أنهم لا يحيطون بشيء يعلمونه في نفس الله أو في صفاته إلا بما شاء، فنحن لا نعلم شيئاً من ذات الله أو صفاته إلا بما شاء علمنا فهو الذي أعلمنا أنه استوى على العرش وهو الذي أعلمنا على لسان رسوله أنه ينزل إلى السماء الدنيا، وقوله (بما شاء) (ما) يحتمل أن تكون مصدرية أي إلا بمشيئته ويحتمل أن تكون موصولة أي إلا بالذي شاء فما شاء أن يعلمه الخلق أعلمهم إياه سواء كان ذلك فيما يتعلق بذاته أو صفاته أو أسمائه أو أفعاله أو مخلوقاته التي هي المفعولات أو مشروعاته التي أوحاها الله تعالى إلى رسله.
للعلامة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين (http://www.islamhouse.com/ip/6842) رحمة الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) هذه الآية أعظم آية في كتاب الله كما سأل النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أبي كعب وقال : أي آية أعظم في كتاب الله ؟ قال: آية الكرسي فضرب على صدره وقال: ليهنك العلم يا أبا منذر
ولهذا من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
يقول الله –عز و جل- (الله) ولله علم خاص بالذات العليّة لا تطلق على غيره لا في الجاهلية ولا في الإسلام فالله هو رب العالمين وهو هنا محط الخبر.
قوله تعالى( لا إله إلا هو) إله بمعنى مألوه والمألوه بمعنى المعبود حباً و تعظيماً والآلهة المعبودة في الأرض هي في السماء كالملائكة كلها لا تستحق العبادة الذي يستحق العبادة هو الله رب العالمين و(إله) اسم (لا) و (لا) هنا نافية للجنس فـ (لا إله) نفي عام محض شامل لجميع أفراده وقوله( إلا هو) بدل من خبر (لا) المحذوف لأن التقدير (لا إله حق إلا هو) .
وقوله (الحي القيوم) هذان اسمان من أسمائه وهما جامعان لكمال الأوصاف والأفعال فكمال الأوصاف في (الحي) والأفعال في(القيوم) لأن معنى الحي ذو الحياة الكاملة ويدل على ذلك (أل) المفيدة للاستغراق وكمال الحياة من حيث الوجود و العدم ومن حيث الكمال والنقص فإذا نظرنا إلى حياة الإنسان وجدناها ناقصة، ولهذا قال بعض السلف: ينبغي للإنسان أن يصل لأن هذا هو
وجه الكمال ليس وجه الكمال أن تفنى الخليقة فقط بل وجه الكمال لله أن تفنى الخليقة ويبقى الله –عز وجل- ، وقوله (القيوم) أصل القيوم من القيام وهي صيغة مبالغة ومعنى القيوم القائم بنفسه والقائم على غيره.
وقوله (لا تأخذه سنة ولا نوم) لم يقل لا ينام بل قال (لا تأخذه) حتى يشمل الأخذ بالغلبة والأخذ بالاختيار لأن النوم صفة نقص فهو نقص من حيث الكمال الذاتي ونقص من حيث الكمال المتعلق بالغير، والنوم نقص من حيث الكمال الذاتي لأن الإنسان الذي ينام معناه أن بدنه يتعب فيحتاج إلى نوم يستريح به مما مضى ويستجد به النشاط لم يستقبل ولهذا فإن أهل الجنة لا ينامون لكمال حياتهم وأبدانهم ولا يلحقهم مرض ولا نحوه، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم –
يقول عند المنام : ((إن أمسكت نفسي فاغفر لها و ارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ عبادك الصالحين ))، فالحاصل أن الله -سبحانه و تعالى- لا يمكن أن ينام قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ))
وكلمة لا ينبغي في القرآن والسنة معناه الشيء الممتنع غاية الامتناع، وقوله ( لا تأخذه سنة ولا نوم) من الصفات السلبية والقاعدة في أسماء الله وصفاته أنه لا يوجد في صفات الله صفة سلبية محضة بل إنما تذكر لكمال ضدها فلكمال حياته وكمال قيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم.
ثم قال الله –سبحانه وتعالى – في الجملة الثالثة (له ما في السماوات وما في الأرض) وعبر بـ (ما) ليشمل الأعيان و الأحوال إذاً له ما في السماوات خلقاً و ملكاً وتدبيراً وإذا كان له ما في السماوات وما في الأرض فالواجب أن نخضع له لأننا عبيده و العبد يجب أن يخضع لمالكه وسيده سبحانه وتعالى ، وكذلك يجب أن نصبر لقضائه لأننا ملكه وما كان ملكاً لله –عز و جل – فله أن يتصرف فيه كما يشاء ، وقوله ( له ما في السماوات وما في الأرض ) السماوات جمعت والأرض أفردت لكنها بمعنى الجمع لأن المراد بها الجنس .
ثم قال في الجملة الرابعة: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) (من) اسم استفهام مبتدأ و(ذا) ملغاة و (الذي) اسم موصول خبر والمراد بالاستفهام هنا النفي بدليل الإثبات بعده حيث قال (إلا بإذنه) ومتى جاء النفي بصيغة الاستفهام فهو مشرب معنى التحدي، وقوله (يشفع) الشفاعة في اللغة: جعل الفرد شفعاً و في الاصطلاح: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، فشفاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- في أهل الموقف بعدما يلحقهم من الهم و الغم مالا يطيقون لدفع مضرةوشفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة لجلب منفعة، (إلا بإذنه) الكوني حتى أعظم الناس عند الله محمد –صلى الله عليه وسلم- لا يشفع إلا بإذن الله ولا أحد أعظم عند الله من الرسول –صلى الله عليه وسلم- ومع هذا لا يشفع إلا بإذن الله لكمال سلطانه –جل و علا- ولكمال هيبته، وتجد الملك إذا كان ذا هيبة في رعيته لا أحد يستطيع أن يتكلم في مجلسه وهو حاضر لقوة سلطانه، و على هذا فشرط الشفاعة ثلاثة: إذن الله –تعالى- بها ورضاه عن الشافع و رضاه عن المشفوع له.
ثم قال عز و جل في الجملة السادسة (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) والعلم عند الأصوليين إدراك الشيء إدراكاً جازماً مطابقاً، فعدم الإدراك جهل والإدراك على وجه لا جزم فيه شك والإدراك على وجه جازم غير مطابق جهل مركب،و الله –عز وجل- يعلم الأشياء علماً تاماً شاملاً بها جملة وتفصيلاً، وعلمه ليس كعلم العباد ولذلك قال (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) ما بين أيديهم المستقبل وما خلفهم الماضي و(ما) من صيغ العموم فهي شاملة لكل شيء سواء كان دقيقاً أو جليلاً وسواء كان من أفعال الله أو أفعال العباد وعلمه ما بين أيديهم يقتضي أنه لا يجهل الماضي وعلمه لما خلفهم يقتضي أنه لا ينسى الماضي.
قال تعالى في الجملة السابعة (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) بين كمال علمه ونقص علمهم وهكذا يقرن بين صفته وبين صفة العباد ليتبين كماله ونقص المخلوق، وعِلم في قوله (عِلمِهِ) مصدر يحتمل أنه على بابه ويحتمل أنه معلوم يعني أنهم لا يحيطون بشيء يعلمونه في نفس الله أو في صفاته إلا بما شاء، فنحن لا نعلم شيئاً من ذات الله أو صفاته إلا بما شاء علمنا فهو الذي أعلمنا أنه استوى على العرش وهو الذي أعلمنا على لسان رسوله أنه ينزل إلى السماء الدنيا، وقوله (بما شاء) (ما) يحتمل أن تكون مصدرية أي إلا بمشيئته ويحتمل أن تكون موصولة أي إلا بالذي شاء فما شاء أن يعلمه الخلق أعلمهم إياه سواء كان ذلك فيما يتعلق بذاته أو صفاته أو أسمائه أو أفعاله أو مخلوقاته التي هي المفعولات أو مشروعاته التي أوحاها الله تعالى إلى رسله.