ام حفصه
07 Aug 2010, 07:16 PM
http://up.ala7ebah.com/img/3Eo51422.jpg
هذه القصة قد نطلق عليها "المعجزة" من حيث أحداثها، فقد كان صاحبها من ألد المحاربين للهداية، ويقف كالشيطان ليمنع نور الإسلام يعم قلوب البشر، يصد كل من يريد الدخول في الدين انطبق عليه قول الله عز وجل {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [هود: 19]
لكنه لن يستطيع الوقوف أمام مشيئة الله تعالى عندما يريد الهداية لعباده..
في أحد الأيام سأل القس داخل الكنيسة ثلاثة أسئلة، ولم يستطيع هذا القس الإجابة عليها، وغضب عليه بسبب هذه الأسئلة وقال له: أنت ستكفر.. وقام بإعطائه شرائط وكتب بديلاً لعجزه عن الرد على أسئلته.. وسأل نفسه لماذا يعجز القس عن الإجابة؟!..
هذا ما حدث مع صاحب القصة، وتتابعت بعد ذلك الأحداث التي كانت مقدمة لحياة جديدة في ظل الإسلام، فقد وقعت معجزة إلهية لشقيقه، فقد شفي بعد أن كاد يبتر إصبعيه، بالإضافة إلى سماع الخواطر الإيمانية للشيخ محمد متولي الشعراوي وقراءته لسورتي الفاتحة ومريم، واكتشافه للتناقضات بن الأناجيل، كل هذه الأحداث جعلت نور الإيمان يشق طريقه إلى قلبه، فقرر إشهار إسلامه، واشترى الآخرة بالدنيا، راجياً تجارة لن تبور مع الله.
وبدأ حياة جديدة مع زوجة مسلمة حافظة لكتاب الله، ذلك هو المهتدي أبو محمد (ر.و) والذي كشف الكثير من قصة إسلامه، بما فيها من أحداث مثيرة، فهيا بنا نقف عليها:
حياتي السابقة:
كنت "شماساً" بالكنيسة، وهي درجة أقل بكثير من القس بمعنى "تلميذ" حيث كنا نرتدي الكوتميه ونقرأ الإنجيل والترانيم، خلف القس، وتم تنصيبي شماساً بإحدى الكنائس وعمل الشماس لا يحتاج إلى تفرغ، ويستطيع أن يقوم به الشخص على فترات.
سألت القس فعجز عن الإجابة وقال: أنت ستكفر.. وبالفعل كفرت بما اشركوا!!
مدارس الآحاد
لقد نشأنا منذ صغرنا في مدارس الآحاد، بالكنيسة وهي بمثابة الكتاب عند المسلمين، وفيها يتم التنشئة منذ الصغر على تربية معينة، تتمثل في حفظ الترانيم، وتعلم علم اللاهوت والثالوث وهي المبادئ الأساسية للتقرب إلى الله، يضاف إلى ذلك أنهم وللأسف كانوا في مدارس الآحاد يغرسون فينا كره الإسلام والمسلمين فهم من وجهة نظرهم عدوهم الأوحد وليس اليهودية، مع أنه منذ إن تعرفت على الإسلام، لم أجد فيه ما يدعو إلى كراهية الآخرين، أيا كانت عقيدتهم ومذهبهم.
كما أنهم في تلك المدارس يغرسون في النشء أن القرآن الكريم ما هو إلا شعرٌ وفيه بعض السحر، وكانوا يرددون كلام كفار قريش أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا مخالف لتعاليم الإسلام، ومبادئه وسماحته، قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82]
الكره الأعمى
منذ نشأتي وأنا طفل كانت هناك دلائل على هدايتي، فالبرغم من شدة تعصبي لعقيدتي السابقة، وانتمائي للكنيسة لم يتم تعميدي في المعمودية كذلك فإنهم حاولوا رسم الصليب على ذراعي لكن الإبر كانت تنكسر، واستمر هذا الوضع لأكثر من أربع سنوات، ولم يتم رسم الصليب عليه.
ونظراً لتلك التنشئة فقد أصبت بحالة كراهية عمياء للإسلام، وأصبحت ضد كل ما هو إسلامي كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء المسلمين لأتقصى أخبارهم لمصلحة الكنيسة، وإذا سمعت أن هناك فتاة أو شاب سيشهر إسلامه، كنت أبلغ الكنيسة وأقف له بالمرصاد، لأمنع عنه ذلك النور الذي كنت بعيداً عنه، وبالفعل أجهضت محاولة لإسلام فتاة مسيحية تدعى (ج.س) يعمل والدها صائغاً، فبينما كنت أجلس على المقهى مع أصدقائي المسلمين، وأثناء تبادلهم الحديث علمت أن هذه الفتاة ستشهر إسلامها، وسيتزوجها شاب مسلم، فأحبطت هذه المحاولة واسأل الله تعالى أن يغفر لي ما فعلته تجاهها..
معجزة إلهية
تمر السنون وتدور الأيام ويبقى أمر الله تعالى هو النافذ فمهما كانت الغشاوة على القلب فإن الله تعالى قادر على أن يجليها، قال تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [أنعام: 125]
وقد أراد المولى تعالى أن يجلي القلب الأعمى بما لم يكن في الحسبان، ولننظر ماذا يقول عن بداية خطوات الإيمان..
جاءت الخطوات بالتدرج، وقد تمثلت في عدة أحداث، الأول منها ما حدث لشقيقي الأصغر فقد كان في الكنيسة يتلقى دروس مدرسة الآحاد وبعد خروجه أخذ يلعب مع الأطفال وقاموا بغلق باب الكنيسة على يده فبتر أصبعه، وكنت أحب شقيقي جداً، فلما رأيت ما حدث اصبت بحالة من الذهول، ثم حملته وتوجهت به إلى طبيب جراح مسلم، وطلبت منه أن يقوم بخياطة إصبع أخي...
فقال لي: هل أنت مجنون.. لايمكن أن يحدث ذلك فلا يوجد عصب يمسك الأصابع
فقلت له: أريدك أن تخيط إصبعه وأنا المسؤول..
وبدون تفكير قال لي: إنني سوف أفعل بسبب القلق الذي تعيشه، وتأتيني في المساء لننظر ماذا حدث للصغير..
وعدت للمنزل في حالة يرثى لها، فدخلت فوجدت والدتي كانت تدعو السيدة مريم العذراء وانهمرت في البكاء وكنا في شهر رمضان وآذان الظهر يؤذن بمسجد بجوارنا، فدعيت الله عز وجل وكانت أول مرة في حياتي أدعو الله مباشرة كما أمر الإسلام، وقلت: لو أنقذ الله عز وجل أخي واستجاب لدعائي سوف أصوم شهر رمضان، وفي المساء توجهت إلى الطبيب وشاهد أخي فلم يصدق واستغرب، فما حدث كان خارج العقل والمنطق والطب..؟
فقد كان يخشى من احتباس الدم، فيحدث تلوث، وإذا به يجد أن الجزء المقتطع وقد التحم بالآخر، قائلاً: إن ما حدث لم أراه من قبل، فأنا طبيب منذ 18 عاماً، وكنت غير مقتنعاً بما قمت به، وعلمياً هذا مستحيل، ولكن ما حدث هو معجزة إلهية، حتى الوالدة لم تصدق ورغم ذلك قالت هذه بركات العذارء، ولكن كان بداخلي شيئاً آخر، بدا نوره وشعاعه يتسلل إلى بصيرتي.
أثر المعجزة
بعد هذه الواقعة بدأت أتقرب إلى الله الواحد ربي ورب الناس أجمعين وبدأت أغلق التلفزيون أثناء الآذان للصلاة، وأحسست بأن كراهيتي للإسلام بدأت تضعف، وقلت عدد زياراتي للكنيسة التي كانت ملاذاً لي.. ووجدت أن شيئاً ما بداخلي يرفض ما كنت أقوم به سابقاً، ولست أدري ما الذي ينتابني..؟
في الكويت.. كانت الهداية
سافرت إلى الكويت.. بعد زواجي من زميلة كانت تدرس معي بالمعهد الفني الصناعي وعملت لدى إحدى الشركات، وتعلمت قيادة السيارة، ومع مرور الوقت ازدادت خبرتي فعهدت لي مالكة الشركة بالإدارة، وكانت مثالاً للالتزام والمبادئ حتى توفاها الله في حادث، وبعد ذلك، كونت شركة مع أحد الأشخاص مما حقق لي ربحاً وفيراً، وعدت إلى وطني مرة أخرى، واشتريت شقة تمليك، وقطعتي أرض، ووضعت حساباً في البنك، ولما شعرت بتعب في القلب قمت بكتابة العقارات باسم زوجتي، والأموال باسم ابني وابنتي قبل إشهار إسلامي في سبتمبر 1998 ثم عدت إلى الكويت، لكي أنهي أعمالي، وأستقر في القاهرة لكن شيئاً ما بداخلي كان يصر على البقاء بالكويت.
تساؤلات تبحث عن إجابات
في كل يوم أحد كنت أتوجه للكنيسة برفقة أبناء عمي في الكويت، وفي نهاية الموعظة قال القسيس: لو أحدكم لديه سؤال فليطرحه، وسألته الآتي:
أولاً: كيف يكون المسيح الله.. أو ابن الله..؟!
ثانياً: كيف يكون هناك وسيط بيني وبين الله، والمقصود هنا كرسي الاعتراف، أو غرفة التوبة وهي مخصصة للاعتراف للقس.
ثالثاً: إذا كنت تغفر لنا، فمن يغفر لك..؟
وبعد طرحي هذه الأسئلة، قال لي: لك مقابلة معي بعد درس الموعظة.
وسألني: أي كنيسة تتبعها..؟
قلت له: أنا شماس، وقرأت في علم الثالوث، لكن أشعر بأنني أدور في دائرة مغلقة، وأحس بأنني ألتف حول نفسي، ولا توجد إجابة شافية لها.
قال: سأعطيك بعض الكتب والشرائط للبابا، وغيره من القسيسين، وستعطيك إجابة على ما تريد، ولماذا يكون هناك وساطة؟
وبالنسبة للسؤال الثاني والكلام للقس، فأنا مقرب لله لأنني أصل وأصوم، ونصحني قائلاً: اقرأ في الإنجيل قبل أن تكفر.
فقلت: أنا قرأت كتب مقارنة الأديان لم تقرأها أنت، وكنت أعمل أبحاث في الإنجيل والتوراة، حيث وجدت ترابطاً بينهما.
العهد القديم.. والعهد الجديد
هناك عدة أناجيل متناقضة في ثوابتها، بالإضافة إلى إنجيل برنابا، الذي يعتبر أصحهم، بحيث لو جمعت هذه الأناجيل الأربعة ستجد تناقضاً كبيراً فيما بينهما، مع أن أصحابها كانوا تلاميذ للمسيح وهم أساساً يتحدثون عن فترة وجودهم، ومعيشتهم مع المسيح، وجميع التلاميذ يسألون، وجاءت الإجابات، مخلتفة فيما بينهم، أما إنجيل العهد الجديد فهو جزء من العهد القديم وموجود في مصر، ومترجم من الإنجيل الأصلي، وبسطوه، وأزالوا بعض الأشياء التي فيها تناقض لأناجيلهم فمثلاً إنجيل برنانا بشر بالرسول صلى الله عليه وسلم بحيث جاء فيه سيأتي من بعدي نبياً اسمه أحمد.
طريق النور
ليس غريباً أن ينطلق ويشق الظلمات من قلب كان همه الصد عن سبيل الله، فمنذ أن بدأ الشك يرواد قلبه حول عقيدته، لم يهدأ له بال أو تقر له عين، يقول عن الوسائل التي أراد بها القس أن يرد على أسئلتي:
لقد أخذتها وسمعتها وقرأت الكتب ولم أقتنع والحق واضح، وقد بدأ أمامي طريق فيه النور، وآخر من قبله الظلام، وبعدها وضع الله في قلبي نوراً لا يستطيع الخروج من داخلي، حيث كان هناك شيء ما بداخلي يربطني بالبحث عن طريق الهداية، بعدها قمت بعمل مقارنة، بين الإنجيل والتوارة، فوجدت تشابهاً وترابطاً، فقررت قراءة القرآن الكريم، وقد كانت بداية الطريق إلى معرفة الحق، وفي يوم الجمعة فتحت التلفزيون لأسمع وأشاهد صلاة الجمعة ولم يكن أحد معي بالمسكن، وفي الصلاة قرأ الإمام سورة الفاتحة، فدخلت قلبي، وتدبرت معانيها، فوجدت أن آياتها كلها تذكر الله تعالى وصفاته، وليس هناك شيئاً يدل على أنها شعر أو كلام لبشر، فذكر كلمة الرحمن قربتني من الله أكثر، وبعد صلاة الجمعة شاهدت خواطر إيمانية للمرحوم محمد متولي الشعرواي وبدت تفسيراته محببة لنفسي، ثم تعرفت على أخ مسلم.. وتحدثت معه وقلت: أريد قراءة القرآن الكريم.
قال: هل ستسلم؟
قلت: لا مجرد قراءة
قال: سآتي لك بالسور وتفسيرها وبالفعل بدأت تجذبني قراءة سور القرآن الكريم، والأحادث النبوية، وكذلك السيرة النبوية من خلال كتاب (رياض الصالحين) نعم.. جذبني الإسلام بقيمه ومبادئه وثوابته..
الهــداية
وبعد عودتي إلى الكويت لم أشعر بتعب في قلبي على الرغم من إدماني للخمر، فيومياً كنت أحتسي زجاجة أو نصف زجاجة، ووجدت نفسي بدأت أتناسها وقد قررت إشهار إسلامي، بعد أن تعلمت على يدي الأخ صالح الكندري، جزء من تعاليم القرآن، وبعدها بعشرة أيام توجهت إلى قصر العدل، وأشهرت إسلامي بعد أن حولت كل أموالي إلى مصر وكتبها بأسماء أبنائي والعقارات باسم زوجتي وكنت على وشك الانتهاء من العمل في الغربة لكن إرادة الله تفعل ما تشاء، واتصلت بها أخيراً وأخبرتها بإسلامي، وأن الله هداني إلى الدين الصحيح في سبتمبر 1998م.
فأغلقت التلفون أول مرة، وفي المرة الثانية: قالت لي: لا أريدك أن تتصل بي مرة ثانية، وسأطلب الانفصال عن طريق الكنيسة وليس لك شيء عندي كما اتصلت بالوالدة، ورغم حبي لها فوجئت بالرفض.
راحة نفسية بعد الإسلام
بعد إشهار إسلامي من الصعب أن أوضح الراحة النفسية التي استشعرتها بداخلي، وسأحكي لك قصة قصيرة، فمنذ فترة قصيرة أشهر شخص إسلامه هنا فأتي به إلى د.جاسم الكندري لكي أجلس معه لتوضيح بعض الأمور في الدين الإسلامي، كما تعلمت، وطلب مني تعليمه كيفية الوضوء، والصلاة كبداية ومهما قلت عن الفرحة والسعادة التي غمرتني لقيامي بهذه المهمة لن أستطيع أن أعبر عن فرحتي، وقمت بتعليمه كيفية الوضوء والطهارة، فأحسست بالفارق الكبير.
رفضت أداء العمرة
د.جاسم الكندري اعتبرني "شفوياً مساعد" وهذه ولله الحمد ثقة كبيرة، ولا أنسى أفضاله ووقفاته، ومساندته لي معنوياً وثقافياً ودينياً، وحضرت معه مقابلات كثيرة لعدد من المهتدين الجدد حيث كانوا يحملون همومم الدنيا في العمل، وقد عرضوا علي في اللجنة أداء العمرة فرفضت حتى أقوم بأدائها على نفقتي الخاصة.
زوجه مسلمة تحفظ القرآن
نعم تزوجت من إنسانة تحفظ القرآن الكريم كاملاً، وهي أندونيسية وأنجبت منها محمد ومروة.
همسة في أذن المسلمين الجدد
أقول لهم اصبروا صبراً جميلاً لأن مشكلتهم هي الخوف، ولا تحبثوا عن أمور الدنيا وفكروا في أمور الآخرة، فالإنسان عمره لحظة، وهناك حساب وستسألون عن كل صغيرة وكبيرة، والذي لم يهتد عليه أن يبحث عن الدين الصحيح، وأخيراً كلمة شكر من قلبي للجنة التعريف بالإسلام فهي تقوم برعاية المهتدين الجدد بالكويت وتعتبر داراً لهم.
مجلة البشرى
هذه القصة قد نطلق عليها "المعجزة" من حيث أحداثها، فقد كان صاحبها من ألد المحاربين للهداية، ويقف كالشيطان ليمنع نور الإسلام يعم قلوب البشر، يصد كل من يريد الدخول في الدين انطبق عليه قول الله عز وجل {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [هود: 19]
لكنه لن يستطيع الوقوف أمام مشيئة الله تعالى عندما يريد الهداية لعباده..
في أحد الأيام سأل القس داخل الكنيسة ثلاثة أسئلة، ولم يستطيع هذا القس الإجابة عليها، وغضب عليه بسبب هذه الأسئلة وقال له: أنت ستكفر.. وقام بإعطائه شرائط وكتب بديلاً لعجزه عن الرد على أسئلته.. وسأل نفسه لماذا يعجز القس عن الإجابة؟!..
هذا ما حدث مع صاحب القصة، وتتابعت بعد ذلك الأحداث التي كانت مقدمة لحياة جديدة في ظل الإسلام، فقد وقعت معجزة إلهية لشقيقه، فقد شفي بعد أن كاد يبتر إصبعيه، بالإضافة إلى سماع الخواطر الإيمانية للشيخ محمد متولي الشعراوي وقراءته لسورتي الفاتحة ومريم، واكتشافه للتناقضات بن الأناجيل، كل هذه الأحداث جعلت نور الإيمان يشق طريقه إلى قلبه، فقرر إشهار إسلامه، واشترى الآخرة بالدنيا، راجياً تجارة لن تبور مع الله.
وبدأ حياة جديدة مع زوجة مسلمة حافظة لكتاب الله، ذلك هو المهتدي أبو محمد (ر.و) والذي كشف الكثير من قصة إسلامه، بما فيها من أحداث مثيرة، فهيا بنا نقف عليها:
حياتي السابقة:
كنت "شماساً" بالكنيسة، وهي درجة أقل بكثير من القس بمعنى "تلميذ" حيث كنا نرتدي الكوتميه ونقرأ الإنجيل والترانيم، خلف القس، وتم تنصيبي شماساً بإحدى الكنائس وعمل الشماس لا يحتاج إلى تفرغ، ويستطيع أن يقوم به الشخص على فترات.
سألت القس فعجز عن الإجابة وقال: أنت ستكفر.. وبالفعل كفرت بما اشركوا!!
مدارس الآحاد
لقد نشأنا منذ صغرنا في مدارس الآحاد، بالكنيسة وهي بمثابة الكتاب عند المسلمين، وفيها يتم التنشئة منذ الصغر على تربية معينة، تتمثل في حفظ الترانيم، وتعلم علم اللاهوت والثالوث وهي المبادئ الأساسية للتقرب إلى الله، يضاف إلى ذلك أنهم وللأسف كانوا في مدارس الآحاد يغرسون فينا كره الإسلام والمسلمين فهم من وجهة نظرهم عدوهم الأوحد وليس اليهودية، مع أنه منذ إن تعرفت على الإسلام، لم أجد فيه ما يدعو إلى كراهية الآخرين، أيا كانت عقيدتهم ومذهبهم.
كما أنهم في تلك المدارس يغرسون في النشء أن القرآن الكريم ما هو إلا شعرٌ وفيه بعض السحر، وكانوا يرددون كلام كفار قريش أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا مخالف لتعاليم الإسلام، ومبادئه وسماحته، قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82]
الكره الأعمى
منذ نشأتي وأنا طفل كانت هناك دلائل على هدايتي، فالبرغم من شدة تعصبي لعقيدتي السابقة، وانتمائي للكنيسة لم يتم تعميدي في المعمودية كذلك فإنهم حاولوا رسم الصليب على ذراعي لكن الإبر كانت تنكسر، واستمر هذا الوضع لأكثر من أربع سنوات، ولم يتم رسم الصليب عليه.
ونظراً لتلك التنشئة فقد أصبت بحالة كراهية عمياء للإسلام، وأصبحت ضد كل ما هو إسلامي كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء المسلمين لأتقصى أخبارهم لمصلحة الكنيسة، وإذا سمعت أن هناك فتاة أو شاب سيشهر إسلامه، كنت أبلغ الكنيسة وأقف له بالمرصاد، لأمنع عنه ذلك النور الذي كنت بعيداً عنه، وبالفعل أجهضت محاولة لإسلام فتاة مسيحية تدعى (ج.س) يعمل والدها صائغاً، فبينما كنت أجلس على المقهى مع أصدقائي المسلمين، وأثناء تبادلهم الحديث علمت أن هذه الفتاة ستشهر إسلامها، وسيتزوجها شاب مسلم، فأحبطت هذه المحاولة واسأل الله تعالى أن يغفر لي ما فعلته تجاهها..
معجزة إلهية
تمر السنون وتدور الأيام ويبقى أمر الله تعالى هو النافذ فمهما كانت الغشاوة على القلب فإن الله تعالى قادر على أن يجليها، قال تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [أنعام: 125]
وقد أراد المولى تعالى أن يجلي القلب الأعمى بما لم يكن في الحسبان، ولننظر ماذا يقول عن بداية خطوات الإيمان..
جاءت الخطوات بالتدرج، وقد تمثلت في عدة أحداث، الأول منها ما حدث لشقيقي الأصغر فقد كان في الكنيسة يتلقى دروس مدرسة الآحاد وبعد خروجه أخذ يلعب مع الأطفال وقاموا بغلق باب الكنيسة على يده فبتر أصبعه، وكنت أحب شقيقي جداً، فلما رأيت ما حدث اصبت بحالة من الذهول، ثم حملته وتوجهت به إلى طبيب جراح مسلم، وطلبت منه أن يقوم بخياطة إصبع أخي...
فقال لي: هل أنت مجنون.. لايمكن أن يحدث ذلك فلا يوجد عصب يمسك الأصابع
فقلت له: أريدك أن تخيط إصبعه وأنا المسؤول..
وبدون تفكير قال لي: إنني سوف أفعل بسبب القلق الذي تعيشه، وتأتيني في المساء لننظر ماذا حدث للصغير..
وعدت للمنزل في حالة يرثى لها، فدخلت فوجدت والدتي كانت تدعو السيدة مريم العذراء وانهمرت في البكاء وكنا في شهر رمضان وآذان الظهر يؤذن بمسجد بجوارنا، فدعيت الله عز وجل وكانت أول مرة في حياتي أدعو الله مباشرة كما أمر الإسلام، وقلت: لو أنقذ الله عز وجل أخي واستجاب لدعائي سوف أصوم شهر رمضان، وفي المساء توجهت إلى الطبيب وشاهد أخي فلم يصدق واستغرب، فما حدث كان خارج العقل والمنطق والطب..؟
فقد كان يخشى من احتباس الدم، فيحدث تلوث، وإذا به يجد أن الجزء المقتطع وقد التحم بالآخر، قائلاً: إن ما حدث لم أراه من قبل، فأنا طبيب منذ 18 عاماً، وكنت غير مقتنعاً بما قمت به، وعلمياً هذا مستحيل، ولكن ما حدث هو معجزة إلهية، حتى الوالدة لم تصدق ورغم ذلك قالت هذه بركات العذارء، ولكن كان بداخلي شيئاً آخر، بدا نوره وشعاعه يتسلل إلى بصيرتي.
أثر المعجزة
بعد هذه الواقعة بدأت أتقرب إلى الله الواحد ربي ورب الناس أجمعين وبدأت أغلق التلفزيون أثناء الآذان للصلاة، وأحسست بأن كراهيتي للإسلام بدأت تضعف، وقلت عدد زياراتي للكنيسة التي كانت ملاذاً لي.. ووجدت أن شيئاً ما بداخلي يرفض ما كنت أقوم به سابقاً، ولست أدري ما الذي ينتابني..؟
في الكويت.. كانت الهداية
سافرت إلى الكويت.. بعد زواجي من زميلة كانت تدرس معي بالمعهد الفني الصناعي وعملت لدى إحدى الشركات، وتعلمت قيادة السيارة، ومع مرور الوقت ازدادت خبرتي فعهدت لي مالكة الشركة بالإدارة، وكانت مثالاً للالتزام والمبادئ حتى توفاها الله في حادث، وبعد ذلك، كونت شركة مع أحد الأشخاص مما حقق لي ربحاً وفيراً، وعدت إلى وطني مرة أخرى، واشتريت شقة تمليك، وقطعتي أرض، ووضعت حساباً في البنك، ولما شعرت بتعب في القلب قمت بكتابة العقارات باسم زوجتي، والأموال باسم ابني وابنتي قبل إشهار إسلامي في سبتمبر 1998 ثم عدت إلى الكويت، لكي أنهي أعمالي، وأستقر في القاهرة لكن شيئاً ما بداخلي كان يصر على البقاء بالكويت.
تساؤلات تبحث عن إجابات
في كل يوم أحد كنت أتوجه للكنيسة برفقة أبناء عمي في الكويت، وفي نهاية الموعظة قال القسيس: لو أحدكم لديه سؤال فليطرحه، وسألته الآتي:
أولاً: كيف يكون المسيح الله.. أو ابن الله..؟!
ثانياً: كيف يكون هناك وسيط بيني وبين الله، والمقصود هنا كرسي الاعتراف، أو غرفة التوبة وهي مخصصة للاعتراف للقس.
ثالثاً: إذا كنت تغفر لنا، فمن يغفر لك..؟
وبعد طرحي هذه الأسئلة، قال لي: لك مقابلة معي بعد درس الموعظة.
وسألني: أي كنيسة تتبعها..؟
قلت له: أنا شماس، وقرأت في علم الثالوث، لكن أشعر بأنني أدور في دائرة مغلقة، وأحس بأنني ألتف حول نفسي، ولا توجد إجابة شافية لها.
قال: سأعطيك بعض الكتب والشرائط للبابا، وغيره من القسيسين، وستعطيك إجابة على ما تريد، ولماذا يكون هناك وساطة؟
وبالنسبة للسؤال الثاني والكلام للقس، فأنا مقرب لله لأنني أصل وأصوم، ونصحني قائلاً: اقرأ في الإنجيل قبل أن تكفر.
فقلت: أنا قرأت كتب مقارنة الأديان لم تقرأها أنت، وكنت أعمل أبحاث في الإنجيل والتوراة، حيث وجدت ترابطاً بينهما.
العهد القديم.. والعهد الجديد
هناك عدة أناجيل متناقضة في ثوابتها، بالإضافة إلى إنجيل برنابا، الذي يعتبر أصحهم، بحيث لو جمعت هذه الأناجيل الأربعة ستجد تناقضاً كبيراً فيما بينهما، مع أن أصحابها كانوا تلاميذ للمسيح وهم أساساً يتحدثون عن فترة وجودهم، ومعيشتهم مع المسيح، وجميع التلاميذ يسألون، وجاءت الإجابات، مخلتفة فيما بينهم، أما إنجيل العهد الجديد فهو جزء من العهد القديم وموجود في مصر، ومترجم من الإنجيل الأصلي، وبسطوه، وأزالوا بعض الأشياء التي فيها تناقض لأناجيلهم فمثلاً إنجيل برنانا بشر بالرسول صلى الله عليه وسلم بحيث جاء فيه سيأتي من بعدي نبياً اسمه أحمد.
طريق النور
ليس غريباً أن ينطلق ويشق الظلمات من قلب كان همه الصد عن سبيل الله، فمنذ أن بدأ الشك يرواد قلبه حول عقيدته، لم يهدأ له بال أو تقر له عين، يقول عن الوسائل التي أراد بها القس أن يرد على أسئلتي:
لقد أخذتها وسمعتها وقرأت الكتب ولم أقتنع والحق واضح، وقد بدأ أمامي طريق فيه النور، وآخر من قبله الظلام، وبعدها وضع الله في قلبي نوراً لا يستطيع الخروج من داخلي، حيث كان هناك شيء ما بداخلي يربطني بالبحث عن طريق الهداية، بعدها قمت بعمل مقارنة، بين الإنجيل والتوارة، فوجدت تشابهاً وترابطاً، فقررت قراءة القرآن الكريم، وقد كانت بداية الطريق إلى معرفة الحق، وفي يوم الجمعة فتحت التلفزيون لأسمع وأشاهد صلاة الجمعة ولم يكن أحد معي بالمسكن، وفي الصلاة قرأ الإمام سورة الفاتحة، فدخلت قلبي، وتدبرت معانيها، فوجدت أن آياتها كلها تذكر الله تعالى وصفاته، وليس هناك شيئاً يدل على أنها شعر أو كلام لبشر، فذكر كلمة الرحمن قربتني من الله أكثر، وبعد صلاة الجمعة شاهدت خواطر إيمانية للمرحوم محمد متولي الشعرواي وبدت تفسيراته محببة لنفسي، ثم تعرفت على أخ مسلم.. وتحدثت معه وقلت: أريد قراءة القرآن الكريم.
قال: هل ستسلم؟
قلت: لا مجرد قراءة
قال: سآتي لك بالسور وتفسيرها وبالفعل بدأت تجذبني قراءة سور القرآن الكريم، والأحادث النبوية، وكذلك السيرة النبوية من خلال كتاب (رياض الصالحين) نعم.. جذبني الإسلام بقيمه ومبادئه وثوابته..
الهــداية
وبعد عودتي إلى الكويت لم أشعر بتعب في قلبي على الرغم من إدماني للخمر، فيومياً كنت أحتسي زجاجة أو نصف زجاجة، ووجدت نفسي بدأت أتناسها وقد قررت إشهار إسلامي، بعد أن تعلمت على يدي الأخ صالح الكندري، جزء من تعاليم القرآن، وبعدها بعشرة أيام توجهت إلى قصر العدل، وأشهرت إسلامي بعد أن حولت كل أموالي إلى مصر وكتبها بأسماء أبنائي والعقارات باسم زوجتي وكنت على وشك الانتهاء من العمل في الغربة لكن إرادة الله تفعل ما تشاء، واتصلت بها أخيراً وأخبرتها بإسلامي، وأن الله هداني إلى الدين الصحيح في سبتمبر 1998م.
فأغلقت التلفون أول مرة، وفي المرة الثانية: قالت لي: لا أريدك أن تتصل بي مرة ثانية، وسأطلب الانفصال عن طريق الكنيسة وليس لك شيء عندي كما اتصلت بالوالدة، ورغم حبي لها فوجئت بالرفض.
راحة نفسية بعد الإسلام
بعد إشهار إسلامي من الصعب أن أوضح الراحة النفسية التي استشعرتها بداخلي، وسأحكي لك قصة قصيرة، فمنذ فترة قصيرة أشهر شخص إسلامه هنا فأتي به إلى د.جاسم الكندري لكي أجلس معه لتوضيح بعض الأمور في الدين الإسلامي، كما تعلمت، وطلب مني تعليمه كيفية الوضوء، والصلاة كبداية ومهما قلت عن الفرحة والسعادة التي غمرتني لقيامي بهذه المهمة لن أستطيع أن أعبر عن فرحتي، وقمت بتعليمه كيفية الوضوء والطهارة، فأحسست بالفارق الكبير.
رفضت أداء العمرة
د.جاسم الكندري اعتبرني "شفوياً مساعد" وهذه ولله الحمد ثقة كبيرة، ولا أنسى أفضاله ووقفاته، ومساندته لي معنوياً وثقافياً ودينياً، وحضرت معه مقابلات كثيرة لعدد من المهتدين الجدد حيث كانوا يحملون همومم الدنيا في العمل، وقد عرضوا علي في اللجنة أداء العمرة فرفضت حتى أقوم بأدائها على نفقتي الخاصة.
زوجه مسلمة تحفظ القرآن
نعم تزوجت من إنسانة تحفظ القرآن الكريم كاملاً، وهي أندونيسية وأنجبت منها محمد ومروة.
همسة في أذن المسلمين الجدد
أقول لهم اصبروا صبراً جميلاً لأن مشكلتهم هي الخوف، ولا تحبثوا عن أمور الدنيا وفكروا في أمور الآخرة، فالإنسان عمره لحظة، وهناك حساب وستسألون عن كل صغيرة وكبيرة، والذي لم يهتد عليه أن يبحث عن الدين الصحيح، وأخيراً كلمة شكر من قلبي للجنة التعريف بالإسلام فهي تقوم برعاية المهتدين الجدد بالكويت وتعتبر داراً لهم.
مجلة البشرى