مشاهدة النسخة كاملة : [مَوَاعِظُ رَمَضَانِيَّةٌ] :: لفضيلة الشيخ خالد بن عبد الرحمن الحسينان
قائد_الكتائب
20 Aug 2010, 10:16 PM
الموعظة الأولى
رَمَضَـانُ دَوْرَةٌ مُكَثَّــفَةٌ
http://img834.imageshack.us/img834/5426/30834841.jpg
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
أحبابي الكرام، رمضان فرصة أو دورة تدريبية مكثفة، أنا أعتبر رمضان دورة تدريبية مكثفة، والحكمة من الصيام كما قال ربنا سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فإذن الحكمة من الصيام هي أنه يُحدث عند الإنسان التقوى، تقوى الله سبحانه وتعالى، ولهذا تجد كثيرًا من الناس, الله سبحانه وتعالى يربينا في هذه العبادات، المقصود من هذه العبادات التي يفرضها ربنا سبحانه وتعالى علينا إنما هي حتى تزكو النفوس، حتى تتربى القلوب، حتى الإنسان يسمو بأخلاقه وبسلوكه إلى أعلى مستوى أخلاقي.
فمثلًا الله سبحانه وتعالى فرض علينا الزكاة، لماذا ؟ حتى الإنسان يتطهر من البخل ومن الشح ومن الإمساك، فحتى الإنسان يتعود على الإعطاء والإنفاق، أن يكون سخيًّا، أن يكون كريمًا، أن يفكر بإخوانه المسلمين الفقراء الضعفاء.
كذلك الصيام, الله عز وجل يربينا في الصيام على التقوى، أن الإنسان يراقب ربه سبحانه وتعالى، وأن يتقي ربه سبحانه وتعالى في كل صغيرة وكبيرة، ولهذا -سبحان الله- يُعتبر رمضان دورة تدريبية مكثفة، كيف ؟
كثير من الناس قبل رمضان يقول لك أنا لا أستطيع أن أصلي صلاة الفجر في المسجد، فهو يتثاقل صلاة الفجر ويتكاسل، لكن ما أن يأتي رمضان إلا و يثبت أن هذا الإنسان عنده همة وعنده عزيمة حيث أنك تجد هذا الإنسان يصلي الفجر في جماعة في صلاة الفجر التي كان يستثقلها.
كثير من المدخنين تقول له يا أخي لماذا لا تترك التدخين ؟ يقول لك: أنا لا أستطيع أن أترك التدخين، خلاص أنا تعودت عليه!، ولكن ما أن يأتي رمضان، وأنا أعتبر رمضان فضح كثير من الناس؛ حيث كثير من الناس يتصور أنه ما يستطيع على فعل هذا الشيء، فما أن يأتي رمضان إلا تجد هذا الإنسان يصبر على ماذا ؟ يصبر على عدم التدخين ما يقارب فوق العشر ساعات، باختياره ليس مضطرًا، هو يستطيع أن يذهب إلى مكان بعيد، إلى الصحراء، إلى سرداب, ويدخن، لكنه يعلم أن الله يراه، فيترك التدخين من أجل الله سبحانه وتعالى، إذن هو استطاع أن يملك نفسه، استطاع أن يجبر نفسه على كثير من الطاعات والعبادات التي كان يستثقلها قبل رمضان، تجده يغض بصره في رمضان، تجده لا يسب ولا يشتم، يمسك لسانه، تجد -سبحان الله- يترك كثير من المحرمات، قال لك لماذا؟ قال لك: والله نحن الآن في رمضان، نحن الآن في رمضان !
فإذن نقول رمضان يربي الإنسان على ماذا ؟ يربي الإنسان على الطاعة والعبادة، يربيك على أن تكون عندك قوة، عندك همة، عندك عزيمة، فلهذا ينبغي أن نستغل هذه المحطات، هذه المحطات التي تعتبر محطات تربوية، هذه العبادات تعتبر محطات تربوية، الإنسان يتزود فيها من الطاعات ويربي نفسه على العبادات حتى تسهل عليه بعد ذلك، أي بعد رمضان.
ففعلًا كما قلت لكم أحبابي الكرام أن رمضان، شهر رمضان يُعوّد المسلم على أمور كان لم يتعود عليها، فما أن يأتي رمضان إلا وتجده ما شاء الله يقيم الليل، تجده ما شاء الله كل يوم مخصص وقت لقراءة القرآن، تجده مثلًا يكف عن كثير من المحرمات، تجد حاله تتغير، أخلاقه تتغير، سلوكياته تتغير.
ما هو السبب ؟ ما هو السر إذن ؟
هذه فرصة، فرصة أنك تستمر بهذه الأعمال الصالحة، وعلى ترك المحرمات، لأنك تزودت من هذه الدورة التدريبية المكثفة التي تعودتَ عليها في خلال شهر رمضان.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
يتبع الموعظة الثانية بإذن الله
البنفسج
20 Aug 2010, 10:22 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
قائد_الكتائب
22 Aug 2010, 05:45 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
بارك الله فيكم على مروركم الطيِّب
لكن اخي هناك ملاحظة في توقيعك الا وهي كلمة " رمضان كريم" وهي غير جائزة ، إنما رمضان شهر من شهور الله المباركة فهو لا يعطي حتى يكون كريما ولا يُمْسِك ليكون بخيلاً ، انما الله تعالى هو الكريم المعطي ، ولهذا الافضل قول رمضان مبارك ، لِما بارك الله تعالى لنا في هذا الشهر من الاعمال .
جزيتم خيرا
قائد_الكتائب
22 Aug 2010, 05:56 AM
الموعظة الثانية
حُسْـنُ الخُـلُقِ
http://img836.imageshack.us/img836/6079/60731825.jpg
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
من أعظم ما يحث عليه الإسلام ويرغِّب فيه: حُسن الخُلُق, كثير من الناس يسمع كلمة حُسن الخُلُق, لكن لو تقول له ماذا تعرف عن حُسن الخُلُق؟ ما هو تعريف حُسن الخُلُق؟ ما هي مقومات حُسن الخُلُق؟ ما هي أُسس حُسن الخُلُق؟ كثير من الناس لا يعرف شيئًا, وقد رغّبنا رسولنا صلى الله عليه وسلم في حُسن الخُلُق عندما قال صلى الله عليه وسلم عندما سُئِل, أكثر ما يدخل الناس الجنة, قال: "تقوى الله وحُسن الخُلُق", فهنا تقوى الله أي بينك وبين الله, وحُسن الخُلُق بينك وبين الناس, والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الرجل ليُدرك بحُسن خلقه درجة الصائم القائم" تصوروا عندنا رجل صائم قائم, ورجل عنده حُسن خُلُق, هذا الرجل الذي عنده حُسن خُلُق يُدرك درجة الصائم القائِم.
وقال صلى الله عليه وسلم أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة حُسن الخُلُق.
طيب ما هو تعريف حُسن الخُلُق؟ هذا الذي نريد أن نعرفه في هذه الحلقة, كيف يعرف المسلم, أو كيف يزِن المسلم نفسه, يعرف نفسه أنه عنده حُسن خُلُق أو ليس عنده حُسن خُلُق؟
كلمة قالها الإمام الحسن البصري -رحمه الله تعالى- في تعريف حُسن الخُلُق, قال ثلاث كلمات: "كف الأذى, وبذل المعروف, وبسط الوجه", كف الأذى أن تكف أذاك عن الناس, ما معنى أن تكف أذاك عن الناس؟ أي أذاك القولي وأذاك الفعلي, لا تؤذِ الناس بلسانك؛ فتبتعد عن الغيبة عن النميمة عن السب عن الشتم عن السخرية عن الاستهزاء بالآخرين, ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يبين من هو المسلم الحقيقي, من هو المسلم الذي يحبه الله ويرضاه, قال: "المسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده", يسلمون الناس من لسانه, فالذي ليس عنده كف اللسان الناس يتأذون من لسانه, يسب الناس ويشتم الناس ويلعن الناس, كثير من الناس على لسانهم دائمًا اللعن ويغتاب الناس, نقول لهذا الشخص أنت عندك تقصير في حُسن الخُلُق, لماذا ؟ لأنك لم تكف أذاك القولي عن الناس.
أو الأذى الفِعلي, الأذى الفعلي مثلًا الاعتداء على حقوق الآخرين, سفك الدماء بغير وجه حق, الزنا, السرقة, ضرب الناس, هذا كله يعتبر من الأذى الفعلي.
إذًا من تعريف حُسن الحُلُق: أولًا أن تكف أذاك القولي والفعلي.
ثانيًا من علامات حُسن الخُلُق: بذل المعروف, أن تبذل المعروف للناس, سواءً كان المعروف المالي المادي أو المعروف البدني أو المعروف -مثلًا- حتى في كلامك, فتساعد الناس وتُحسن إلى الناس وتبر الناس وتحاول أن تسد حاجة الناس, فإذا رأيت مثلًا رجلًا في الطريق قد تعطلت سيارته فتقف وتساعده, هذا من حُسن الخُلُق لأنك بذلت المعروف للناس, فالذي لا يبذل المعروف للناس هذا عنده نقص في حُسن الخُلُق.
الأمر الثالث من علامات حُسن الخُلُق التي ذكرها الإمام الحسن البصري قال: بسط الوجه, بسط الوجه أي الابتسامة, أنك تبتسم في وجوه الناس, وقد جعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الإنسان الذي يبتسم في وجوه الناس جعل هذا الأمر من الصدقة "لا تحقرنّ شيئًا من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق" فبعض الناس لا يبتسم في وجوه الناس, دائمًا مكشّر معبّس, ويظن هذا يدل على قمة الالتزام والتدين والتقوى والعبادة والزهد أنه دائمًا يسلم على الناس وهو عبوس قمطرير! نقول هذا الشخص عنده نقص في حُسن خُلُقه, والابتسامة لا تأخذ منك شيء يعني سانتيين في الشفة العليا ترفعها وسانتيين في الشفة السفلى, والناس سبحان الله جُبِلت على حب من يبتسم في وجهها, لو كان الإنسان وجهه قبيح مهما كان وجهه قبيح لكن دائمًا يبتسم في وجوه الناس, الناس يحبونه ويطمئنون إليه ويرتاحون إلى كلامه, أمّا لو كان الإنسان جميلًا ويعني بياض وجمال وعين جميلة وأنف جميل وكذا لكنه لا يبتسم في وجه الناس, الناس لا يحبونه, الناس لا يطمئنون إليه ولا يشتكون إليه ولا يقولون له أسرارهم الخاصة.
إذن نقول أحبابي الكِرام: حُسن الخُلُق له ثلاث علامات حتى تعرف نفسك: كف الأذى, بذل المعروف, بسط الوجه.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى .
قائد_الكتائب
23 Aug 2010, 12:19 AM
الموعظة الثالثة
عُلُوُّ الهِمَّـةِ فِي الدُّعَـاءِ
http://img828.imageshack.us/img828/4579/83464563.jpg
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين, حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله, أمّا بعد:
حديثنا في هذا اللقاء هو عن علوّ الهمّة في الدعاء, ولقد ربّانا رسولنا -صلّى الله عليه وسلّم- على علوّ الهمّة حتّى في الدعاء, فقال -صلّى الله عليه وسلم-: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس", في بعض الروايات: "الأعلى فإنّها سقف الجنّة". فإنّها سقف إيش؟ يعني أعلى شيء في الجنّة هو إيش؟ الفردوس الأعلى, نسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم من فضله الكريم.
جاء في حديث آخر أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "وليعظم الرغبة فإنّ الله لا يتعاظمه شيئ أعطاه". كثير من الناس تسأله تقول: لماذا لا تسأل الله الفردوس الأعلى؟ أنت ما تسأل الله الفردوس الأعلى بأعمالك وبطاعتاك, لا, أنت تسأل الله الفردوس الأعلى برحمته وكرمه وفضله, ولهذا ذكر العلماء قالوا: أن الإنسان -عندما شرحوا هذا الحديث؛ إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس- ذكر العلماء, بعض العلماء, قالوا: أنّ الإنسان قد ينال الفردوس الأعلى بسبب دعائه. لماذا قالوا؟؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما يدعو لشيء مستحيل! فطالما أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ نعم, هذا دليل على أنّ الإنسان قد ينال الفردوس الأعلى بسبب ماذا؟ بسبب دعائه, نحن الآن عقولنا متحجّرة نظن أنّ الفردوس الأعلى خاصّة فقط في العلماء والفقهاء والمحدّثين, نعم, ومن حفظ القرآن بقراءاته العشر وحفظ الكتب الستة مع أسانيدها وحفظ كتب المذاهب وقرأ كتب العقيدة, ولو قيل لنا مثلاً: إنّ فلان راعي الغنم رُزقَ الفردوس الأعلى؛ نستغرب.. راعي غنم يدخل الفردوس الأعلى! طيب لأخي ليش؟ لماذا تحجّر واسعًا؟ قال: ما الذي قدّمه راعي الغنم للإسلام والمسلمين؟ ما الذي حفظ؟ وما الذي تعلّم؟, طيب إنّ فضل الله واسع وكرمه عظيم, الله سبحانه وتعالى لو شاء أن يجعل أهل السموات وأهل الأرض كلّهم في الفردوس الأعلى هل ينقص من ملكه شيء؟ ما ينقص من ملكه شيء لأن الله هو الغني الكريم الرحمن الرحيم -جّل وعلا-, فأنت تسأل الله -سبحانه وتعالى- الفردوس الأعلى برحمة الله, فتقول: يا واسع الرحمة يا واسع الكرم يا واسع الفضل يا واسع الجود يا واسع الرأفة يا واسع الإحسان يا واسع اللطف والهبات أسألك برحمتك وفضلك وكرمك يا من بيدك سحّاء الليل والنهار يا من بيدك خزائن كل شيء.. تُثني على الله, تمدح الله, تعظّم الله, فتقول بعد ذلك بعدما تُعظّم الله تقدسّه تقول: أسألك الفردوس الأعلى بكرمك ورحمتك وفضلك وجودك يا ربّ العالمين. حتّى قد يكون الإنسان ما عنده قيام ليل وليس عنده كذلك صيام النهار وليس عنده عبادات كثيرة وطاعات كثيرة, ينال الفردوس؛ فنحن لا نضيّق عقولنا ونضيّق يعني من أفئدتنا ونحسر الفردوس الأعلى بس فقط في أشخاص معيّنين؛ هذا غير صحيح, قد إنسان ينال الفردوس الأعلى وهو غير معروف بين الناس, وشخص مشهور بين الناس ما يدخل الفردوس الأعلى؛ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. قد تكون عجوز لا تحفظ إلا الفاتحة لكن لسلامة قلبها ولدعائها ولتضرّعها بين يديّ الله -سبحانه وتعالى- في الليل وقد يكون بينها وبين الله أسرار؛ تدخل الفردوس الأعلى, إن الله -سبحانه وتعالى- على كل شيءٍ قدير؛ فلا تُحجّروا واسعًا يا رعاكم الله, لا تضيّقوا من كرم الله, فكرمُ الله واسع وفضله عظيم, فما عليكم يا أحبابي الكرام إلا أن تلحّوا على الله في الليل والنهار, تصوّر إنسان يلحّ على الله في الليل والنهار في سجوده دائمًا في كل سجدة: اللهم إنّي أسألك الفردوس الأعلى برحمتك وكرمك يا كريم يا رحمن يا رحيم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام أسألك برحمتك وفضلك أن ترزقني الفردوس الأعلى.. في اليوم يدعو مائة مرّة مائتين مرّة؛ الله سبحانه وتعالى لا يردّ هذا الإنسان؛ كرمه عظيم وفضله واسع -جلّ وعلا-.
فاحرصوا بارك الله فيكم على أنّكم تدعون الله -سبحانه وتعالى- في الفردوس الأعلى, ولا تظنّ أنّك تأخذ الفردوس الأعلى بأعمالك وبطاعاتك وبإيمانك وبعلمك, لا, قد ترسب في الامتحان؛ لأنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- هنا قال: "وليُعظم الرغبة", لا تستبعد شيء, قال بعض الناس: يا أخي ادعو الله أن يرزقك الفردوس الأعلى, قال لك: يا أخي ما أظنّ, هذه بعيدة!.. أعوذ بالله بعيدة على الله؟!؛ الله على كل شيء قدير, فتجد إيش في العبد هذا؟ سوء ظنّ بالله, الله -سبحانه وتعالى- يقول في الحديث القدسي: "وأنا عند ظنّ عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء", -جاء في أحد الروايات- "إن ظنّ بي خيرًا فله, وإن ظنّ بي شرًّا فله", فأنت طالما ظننت أنّ الله يرزقك الفردوس الأعلى وألححت على الله, لا بدّ أن تلح على الله, وتكرّر في الدعاء ويكون عندك صبر, الدعاء يا أحبابي الكرام يحتاج إلى صبر, يحتاج إلى قوّة, تدعو الله وتلحّ على الله واللهُ -سبحانه وتعالى- بكرمه ورحمته وفضله يرزقك الفردوس الأعلى حتّى لو ما كان عندك كثير الطاعات وكثير العبادات ولست عالمًا ولا فقيهًا ولا محدّثًا.. الله يرزقك؛ على كل شيء قدير ورحمن رحيم كريم أكرم -جلّ وعلا-.
أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يسكنكم كلّكم في الفردوس الأعلى, وأن تدعوا لإخوانكم, يعني قليل ما يدعو لإخواننا أن يرزقهم الله الفردوس الأعلى, كأنّ الفردوس الأعلى بيدنا نُدخل من نشاء الفردوس الأعلى, اللي يعجبنا ندخله الفردوس الأعلى واللي ما يعجبنا ما ندخّله!؛ يا حبيبي الفردوس بيد أكرم الأكرمين أرحم الراحمين؛ ادعُ لإخوانك, كما تدعو لإخوانك؛ اللهم ارزق فلان الفردوس الأعلى الملك ماذا يقول؟ ولك بمثله, ولك بمثله. فادعوا رحمكم الله, دائمًا إذا سألت الفردوس واسأل الله ومن معي من إخواني يعني اللي تعرفهم أو أصحابك أو أهلك أو أقاربك أو من تحبّهم من إخوانك تدعو لهم بالفردوس الأعلى. نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفّقنا لما يحب ويرضى. وجزاكم الله خير.
قائد_الكتائب
23 Aug 2010, 07:18 PM
الموعظة الرابعة
ذِكْرُ النَّـارِ فِي القُـرْآنِ
http://img153.imageshack.us/img153/5842/80488104.jpg
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أحبابي الكرام، في هذا اللقاء سوف نتكلم إن شاء الله تعالى عن ذكر النار في القرآن، عن ذكر النار في القرآن.
ولو تأملنا في حياة رسولنا صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغب عن باله ذكر النار.
تصوّر من أن يصبح إلى أن يمسي -صلى الله عليه وسلم- وهو يستعيذ الله سبحانه وتعالى من النار.
فنجد مثلًا على سبيل المثال، نجد في أذكار الصباح والمساء الاستعاذة بالله من النار، وهو الدعاء المعروف: (أصبحنا وأصبح الملك لله والحمدلله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده، رب أعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك -هنا الشاهد- من عذاب في النار وعذاب في القبر).
فتصور أن الرسول عليه الصلاة والسلام في كل يوم، في كل صباح وفي كل مساء يستعيذ بالله جل وعلا من النار.
كذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم بعد التحيات وقبل التسليم كان -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بالله من النار، فقد علمنا عليه الصلاة والسلام أن نقول بعد التحيات: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وعذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال).
بل لم يغب ذكر النار عن بال النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبل النوم، حتى قبل النوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن وقال: (رب قني عذابك يوم تبعث عبادك) يقولها مرة أو ثلاث مرات، صلى الله عليه وسلم.
بل كان من أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، تصوروا، أكثر دعاء الرسول كما أخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه: (ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
إذن ذكر النار كان له مساحة كبيرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي فكره وفي قلبه، لا يغيب عن باله وذكره تذكر النار، وهكذا ينبغي على المسلم أنه دائمًا يتذكر النار، وبين كل فترة وفترة يسمع محاضرة عن ذكر النار، أو يقرأ كتابًا عن صفة النار، لماذا ؟ حتى يزداد خوفًا من الله سبحانه وتعالى, حتى لا ينغمس في هذه الدنيا بشهواتها وملذاتها والمعاصي و ينسى ذكر الآخرة.
في هذا اللقاء سوف أتطرق أو أُلقي بعض الضوء حول بعض الآيات التي ذكرت النار أو عن أحوال أهل النار، نذكر فقط الآيات وليس الأحاديث.
منها على سبيل المثال، يقول ربنا سبحانه وتعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ)، تصور إنسان ثيابه من نار، ثياب أهل النار، قطعت لهم -أي فصلت لهم- ثياب من نار.
ليس هكذا، نُكمل الآية: (يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ)، نعوذ بالله! يصب فوق رؤوسهم -يعني أهل النار- الحميم، ما هو الحميم ؟
الحميم: الماء الذي اشتدت حرارته وغليانه، وأنا أضرب لكم مثال: الآن لو جلس شخص مثلًا تحت مصب الماء، تحت مصب ماء، وهذا الماء ليس حاراً، ماء دافئ لمدة ساعة، ما نقول يوم أو أسبوع، ساعة، وكل دقيقة يقطر قطرة واحدة، هو ليس في عذاب، ولكن عذاب نفسي، يتألم يشعر بالتعب، حتى لو قطرة، كل دقيقة أو خمس دقائق قطرة، كل دقيقة أو خمس دقائق قطرة، لمدة ساعة، ماذا يحدث لهذا الإنسان؟ يتعذب نفسيًّا، كيف بنار جهنم !
يُصب من فوق رؤوسهم الحميم، نُكمل الآية، ثالثًا (يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)، يعني تصور من شدة الحرارة عندما يصب من فوق رؤوسهم الحميم، هذا الحميم الذي يصب فوق رؤوسهم يصهر ما في بطونهم, يعني يذوب ما في بطونهم من شدة الحرارة والغليان، حتى أن الجلود تذوب, نسأل الله السلامة والعافية!
( يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) )، المقامع: المطارق.
تصور مطارق من حديد، ولهم مطارق من حديد، ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا)، يُضرب على رأسه بالمطرقة، نسأل الله السلامة والعافية!
في آية أخرى، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم في سورة (محمد) عليه الصلاة والسلام: ( وَسُقُوا مَاءً حميمًا فَقَطَّعَ أمْعَاءَهُمْ )، تصور يُسقون!
إذن هو مو فقط يصب فوق رأسه الحميم، لا، حتى يشرب الماء الحميم الحار.
تصور الآن، أنا أحب أضرب الأمثلة حتى أصور لكم هذا المشهد، هو تقريبي لكنه هو ما يأتي حد نار جهنم، لأن نار جهنم كما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام أكثر من نار الدنيا بسبعين ضعف.
تصور لو طُلب منك الآن أن تشرب فنجان الشاي أو القهوة بسرعة، ماذا يحدث لك؟ تتقطع أمعاؤك، فكيف بنار جهنم !
(وَسُقُوا مَاءً حميمًا فَقَطَّعَ أمْعَاءَهُمْ)، استشعر هذه الآية، استشعر هذا الموقف، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ قال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا"، لكن المشكلة نحن ما نعلم مثل ما يعلم الرسول عليه الصلاة والسلام.
كذلك ذكر الله سبحانه وتعالى، قال لهم: (مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ)، تصور فراش، أهل النار لهم فراش من نار، المهاد هو الفراش.
(وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ)، يعني اللحاف من نار، إذن لهم ثياب من نار، لهم فراش من نار، لهم مقامع من حديد.
في آية أخرى يذكر ربنا سبحانه وتعالى، وهو يبين لك كيف أن أهل النار -والعياذ بالله- أعظم أمنية يتمناها أهل النار ما هي أحبابي؟ الموت!
كما أن الكفار الآن أعظم أمنية يتمنونها الحياة، في نار جهنم أعظم أمنية يتمنونها –تصوروا- هي الموت!
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا)، يعني لا هو ميت, ولا يخفف عليه من عذابها، يعني تصور البشر مهما وصلوا إليه من التكنولوجيا -إن صح التعبير- من تعذيب البشر، كم يعذبونك؟ شهر، شهرين؟ بعدين تموت وانتهت المشكلة.
لكن عذاب النار تصوروا ليس له نهاية! تصور إنسان يُعذب سنين طويلة، ليس هناك استراحة في نار جهنم, يستريح الظهر, يستريح الجمعة والا الخميس، أعطوني حبة بنادول أرتاح قليلًا، لا!
في نار جهنم تصور الإنسان أربعة وعشرين ساعة يعذب، في كل لحظة في كل ثانية.
الآن لو واحد منا صدّع رأسه لمدة يوم ماذا يحدث له؟ يكره الحياة يكره الدنيا.
كيف -نسأل الله السلامة- إنسان يعذب سنين، ما له نهاية! الكفار المشركين ما له نهاية، المؤمنين يعذبون على حسب ذنوبهم.
(لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) تصور! (وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا)، ما يخفف، يعني في السنة القادمة، السنة اللي بعدها، بعد عشرين سنة، بعد مئة سنة، هو العذاب نفسه، هو العذاب، ما يتغير عذاب جهنم، نسأل الله السلامة والعافية.
فلهذا أحبابي الكرام ينبغي علينا دائمًا أن نتذكر النار، وأن نستعيذ بالله جل وعلا من النار، ولهذا الله سبحانه وتعالى ذكر في آية أخرى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) خل (دعنا) نموت, خل نرتاح، تعبنا من العذاب، (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ)، مالك من هو ؟ مالك هو خازن النار، (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)، يريدون أن ينتهوا من الحياة، فيرد عليهم (إِنّكُمْ مّاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقّ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كَارِهُونَ).
فلهذا -أنا أحب أن أضرب أمثلة أحبابي الكرام- تصور لو جاء شخص بإبرة، إبرة ولا شي، وبدأ يضربها في جسدك أو في عينك أو في المواطن الحساسة في جسدك، ماذا يحدث لك؟ تشعر بعذاب.
لو قيل لك تضع جمرة صغيرة في يدك؟
فتصوروا أحبابي الكرام يعني نار جهنم لا توصف، (فَيَوْمَئِذٍ) كما قال سبحانه وتعالى (لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ), لا أحد يستطيع أن يعذب مثل عذاب الله سبحانه وتعالى، والآيات في ذلك كثيرة التي يذكر فيها ربنا سبحانه وتعالى عن عذاب النار وعن أحوال أهل النار، فما على المؤمن إلا أن يتدبر هذه الآيات، على الأقل، أقل شيء كل شهر تقرأ عن النار، كل شهر تسمع شريط عن ذكر النار، حتى النفس تخاف وترتدع, ويأخذ الإنسان حذره من الوقوع في المعاصي أو ترك الواجبات.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعيذني وإياكم من عذاب النار.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قلم وقف لله
23 Aug 2010, 11:05 PM
بارك الله فيك
ورفع الله قدرك
ونفعنا بك متابعين أخي
قائد_الكتائب
24 Aug 2010, 12:51 AM
بارك الله فيك
ورفع الله قدرك
ونفعنا بك متابعين أخي
وفيك بارك اخي الكريم
ونشكركم على المتابعة نفعنا الله واياكم فيما نكتب ونقرأ
سلا احمد
24 Aug 2010, 05:13 AM
مشكور يعطيك الف عافيه
جزاك الله الجنه على هذه المواعظ
تقبل مروري
قائد_الكتائب
30 Aug 2010, 03:54 AM
مشكور يعطيك الف عافيه
جزاك الله الجنه على هذه المواعظ
تقبل مروري
بوركت اخية على مرورك
قائد_الكتائب
30 Aug 2010, 04:00 AM
الموعظة السابعة
الـحَـسَـدُ
http://img710.imageshack.us/img710/5285/84916767.jpg
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
أحبابي الكِرام, هناك مرضٌ انتشر عند كثير من الصالحين والمُصلحين, وبين النساء والرجال, وبين الكبير والصغير, وبين المتعلم وغير المتعلم, وهذا المرض يعتبر من كبائر الذنوب, ألا وهو مرض الحسد.
ما معنى الحسد؟
الحسد هو كما ذكر الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه رياض الصالحين قال: هو تمني زوال النعمة, أنك تتمنى أن تزول النعمة عن أخيك المسلم سواء كانت نعمة دينية أو نعمة دنيوية.
والله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ذكر أنّ من صفات اليهود أنهم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله, هذا من صفات اليهود, ننتبه لهذا الأمر.
وأول ذنب عُصي الله سبحانه وتعالى به هو الحسد, عندما حسد إبليس آدم.
والنبي صلى الله عليه وسلم وهو يوصينا قال: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا".
والله سبحانه وتعلى ذكر من صفات المؤمنين في القرآن (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا) أي حسد, حقد للذين آمنوا.
الحسد له عدة أضرار, أول ضرر أيها الأحباب الكرام أنّ الحسد فيه اعتراضٌ على قضاء الله تعالى, هل تعلمون أنّ هذا الحاسد يعترض على قضاء الله كأنه -والعياذ بالله- يتهم الله في قضائه, كيف يا رب أنعمت على فلان ولم تُنعم علي؟ كيف تعطي فلان ولا تعطيني؟ فيتهم الله سبحانه وتعالى بعدله, يتهم الله بقضائه, ونحن نعلم أنّ الله سبحانه وتعالى هو أعدل العادلين جل وعلا, أحكم الحاكمين, أرحم الراحمين سبحانه وتعالى ولا يضع الأمور جل وعلا إلا في مواضعها الصحيحة لأن الله سبحانه وتعالى من أسمائه (الحكيم) والحكيم هو الذي يضع الأمور في مواضعها المناسبة.
كذلك من أضرار الحسد أنّ هذا الحاسد تجده دائمًا في همّ وفي غمّ وفي نكد, فكلما رأى شخص أنعم الله عليه بنعمةٍ دينية أو دنيوية تجد هذا الإنسان -سبحان الله- تتأزم نفسيته وتتعب, حتى أنه بعض الناس -سبحان الله- تجد الحسد يظهر في وجهه, مثلًا جاءه خبر فلان مثلًا رُزِق بمالٍ كثير, أو فلان جاءته سيارة هدية, أو فلان تزوج بامرأة صالحة وجميلة -مثلًا- فتجد -سبحان الله- في وجه هذا الإنسان الحاسد الذي يكره أنّ نِعم الله سبحانه وتعالى تنزل على خلقه تجد -سبحان الله- الوجه يتغير وجهه بدأ يتقلب ألوان, تجد -سبحان الله- الحسد من عينيه من وجهه لا يفرح لفرح إخوانه ولا يحزن لحزن إخوانه, والنبي صلى الله عليه وسلم جعل من صفات المؤمن الكامل, قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه", أنت مهما قلت, مهما عندك من العلم والفقه والعبادة والطاعة وحفظ القرآن وقيام الليل وصيام النهار ولكنك عندك مشكلة وقعت في قلبك أنك لا تحب لإخوانك ما تحب لنفسك أو ما تتمنى لهم الخير, نقول أنت إلى الآن لم تبلغ كمال الإيمان, أنت الآن ناقص الإيمان, يا جماعة أنا أقوم الليل وأصوم النهار وحفظت القرآن وحفظت الأحاديث وإمام وخطيب ومشهور!. نقول مهما كان عندك من الأعمال الصالحة أنت لا تحب لإخوانك المسلمين ما تحب لنفسك أو أنك ما تكره لإخوانك المسلمين ما تكره لنفسك, نقول أنت إلى الآن في ميزان الشرع تُعتبر ناقص الإيمان.
فلهذا لا بد يا أحبابي الكرام أن تكون هناك مجاهدة بينك وبين نفسك, إذا وجدت من نفسك -على سبيل المثال- إذا وجدت من نفسك يعني في قلبك إلى الآن ودك تزول نعمة الله سبحانه وتعالى سواء كانت نعمة دينية أو نعمة دنيوية عن فلان من الناس فأنت ماذا تفعل؟ أنت تجاهد نفسك تدعو الله سبحانه وتعالى يا رب توفق فلان يا رب تبارك له في رزقه, يعني سمعت عن أخوك المسلم مثلًا الله رزقه بيت, رزقه زوجة, رزقه وظيفة, راتب جيد, جاءته أموال, حفظ القرآن, تدعو له يا رب توفقه في رزقه يا رب تبارك له في رزقه, هنا الآن تكون بينك وبين الشيطان وبين نفسك الأمّارة بالسوء معركة حتى تُري الله من نفسك يا رب أنا أجاهد نفسي حتى يكون قلبي سليم. وسبحان الله كل إنسان يا أحبابي الكرام تعلق قلبه بالدنيا -انظروا إلى هذه القاعدة الذهبية- كل إنسان تعلق قلبه بالدنيا -سبحان الله- تجده يهتم ويحزن لها, أما الإنسان الذي لا يبالي بالدنيا, الإنسان الذي زهد في الدنيا كما يقول الإمام ابن القيم أنّ الزهد راحة القلب والبدن, الإنسان الذي قلبه متعلق بالآخرة لا ينظر إلى هذه الأمور -سفاسف الأمور- بل يبارك للناس, وُفق فلان في تجارته ووُفِق ورُزق بشهادة عليا الله يوفقه الله يبارك فيك... حاول تدعو تجاهد نفسك, فلابد من المجاهدة حتى تري الله من نفسك يارب أنا أجاهد نفسي.
فأقول أحبابي الكرام هذا المرض مرض الحسد منتشر كما قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- قال: ما خلا جسدٌ من حسد ولكن الكريم يخفيه واللئيم يُبديه.
وصور الحسد كثيرة, يعني قد نرى مثلًا إمرأة دائمًا مشاكل مع زوجها -وكما قلت لكم أنّ هذا المرض منتشر بين النساء كثير جدًا- فامرأة مثلًا ذهبت إلى زيارة امرأة ووجدت ما شاء الله بيتها جميل ومؤثث تأثيث جديد وبعد أيام سمعت أنّ البيت احترق تشعر بالداخل نفسية في القلب ارتياح؛ نقول هذا هو الحسد. أنت عندما تسمع عن إخوانك المسلمين أنهم قد أُصيبوا بالنكبات أصيبوا بالكوارث أُصيبوا بالأمراض أُصيبوا بالأزمات, هنا ترتاح نفسيًّا؛ نقول هذا هو الحسد. وعندما تسمع عن إخوانك المسلمين أنّ الله سبحانه وتعالى أنعم عليهم, أنّ الله وفقهم, أنهم وُفِقوا في أمورهم الدينية أو الدنيوية وتحزن وتهتم وتغتم؛ نقول هذا هو الحسد.
فلابد أن نراعي قلوبنا لا بد أن تكون شديد المحاسبة لقلبك, انظر إلى قلبك هل في قلبك حسد؟ ودائمًا تدعو الله اللهم نقِّ قلبي من الأمراض, نقِّ قلبي من الحسد من الضغينة من الكراهية.
أقول كذلك من الأمثلة في واقع النساء تجد امرأة -مثلًا- دائمًا مشاكل مع زوجها فعندما تسمع امرأة ما شاء الله موفقة في حياتها الزوجية وهي سعيدة مع زوجها تجد -سبحان الله- تُصاب بالغم فإذا جاءتها يوم من الأيام تشتكي إليها أنها وقعت مشكلة بينها وبين زوجها, تشعر بارتياح حتى تجد الوجه -سبحان الله- يتغير تفرح, الوجه يتغير النفسية تتغير من الوجه يظهر فرح, هذا الإنسان عندما يسمع عن إخوانه المسلمين أنهم قد أصيبوا بالنكبات وبالمصائب والأزمات.
فلنحذر ولندقق في هذه القلوب لأنه كما قلت لكم أنّ الحسد من كبائر الذنوب وهو يعتبر من الاعتراض على قضاء الله تعالى وقدره.
تقول كيف أطهِّر قلبي من الحسد؟ أقول لك: تطهِّر قلبك من الحسد بمجاهدة النفس, وأنك تدعو لهذا الذي حسدته تدعو له دائمًا وتدعو الله أن ينقي قلبك من الحسد.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يطهِّر قلوبنا من الحسد.
أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبق السجود
30 Aug 2010, 04:11 PM
هذه المواعظ وغيرها أيضا ؛ ليست فقط في رمضان وحسب بل في كل شهور السنة علينا ان نتمسك بها ونذكر بها انفسنا دائما ...
حقا بوركت يمناك ودمت بخير وبانتظار المزيد
همس القلم
31 Aug 2010, 12:21 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...
قلم وقف لله
31 Aug 2010, 12:38 AM
بارك الله فيك
ساكون متابعة
قائد_الكتائب
31 Aug 2010, 02:26 AM
بارك لله فيكُنَّ على المتابعة
قائد_الكتائب
31 Aug 2010, 02:39 AM
الموعظة الثامنة
الـغِيبَةُ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين, حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا به, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أمّا بعد:
أحبابي الكرام سوف نتكلّم عن مرض, هذا المرض فتك بالصالحين والمُصلحين, وفتك بالرجال والنساء, وفتك بالمتعلّمين وغير المتعلّمين, والكبار والصغار, وتجد هذا المرض يصاحب الناس في كل مكان حتى أنه قد يصاحبهم وهم في بيتٍ من بيوت الله سبحانه وتعالى, بل وقد يصاحبهم وهم يؤدّون فريضة من فرائض الله وهو الحجّ ركن من أركان الإسلام, بل قد تجد هذا المرض يصاحبهم وهم يؤدّون فريضة الصيام ركن من أركان الإسلام, فتجد هذا المرض انتشر انتشارًا عظيمًا وفتك بأكثر المسلمين, إلا من رحم الله.
ما هو هذا المرض؟
إنّه مرض الغيبة. ما هي الغيبة؟ الغيبة كما روى الإمام مسلم في صحيحه أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام يقول للصحابة: "أتدرون ما الغيبة؟, قالوا: الله ورسوله أعلم, قال صلى الله عليه وسلم, الآن يشرح الغيبة: "الغيبة ذكرك أخاك بما يكره", أن تذكر أخوك المسلم بشيء هو يكرهه, قالوا: "يا رسول الله إن كان ما نقوله فيه حقًا", هو موجود,الصفة التي نذكرها موجودة مثلاً, قال: إن كانت موجودة هذه الصفة طبعًا, قال عليه الصلاة والسلام "فقد اغتبته, وإن لم تكن فيه فقد بهتّه" هذا هو الحديث رواه مسلم.
كثير من الناس يتساهل في أمر الغيبة, ويظن أنّ أمر الغيبة أمر سهل يسير, نصلّي الظهر أو العصر وخلاص, نتوضّأ وانتهت المشكلة, لا, يا أحبابي الكرام هل تعلمون أنّ الغيبة من كبائر الذنوب؟ وليست من الصغائر, والكبار كما يقول العلماء أنّها لا تكفّرها الصلاة ولا الصيام على قول كثير من العلماء, لا بدّ منها من توبة إلى الله سبحانه وتعالى أنّ الإنسان يتوب إلى الله يستغفر الله يندم على ما فعل ويعزم أن لا يعود.
ذكرك أخاك بما يكره, نذكر الآن أمثلة واقعية لأن بعض الناس يتساهل يقول لك: يا أخي هذه ما هي غيبة, فمثلاً عندما تذكر أخوك المسلم قلت: واللهِ فلان بخيل؛ هذه غيبة لأن هذه القاعدة التي ذكرها رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ذكرك أخاك بما يكره", فتصوّر كل كلمة لو وصلت إلى أخوك المسلم يكرهها ينزعج يتأثّر يتألّم يكره هذا الأمر اعتبر أنّها من الغيبة, قلت فلان: -نحن ذكرنا بخيل- فلان جبان؛ هذه غيبة, فلان كثير النوم؛ غيبة, فلان كثير الأكل؛ غيبة, فلان ثقيل الدم؛ غيبة, فلان ما أدّب أولاده؛ غيبة, فلان ما أدّب زوجته؛ غيبة, يقول لك: خلّيك من, -شوف الأسلوب استحقار- يا أخي فلان ما عنده سالفة؛ هذه غيبة لأن هذا الأسلوب أسلوب استحقار.
أو حتّى بعض العلماء ذكر شيء عجيب قال: بعض الناس يذكر الغيبة على طريقة دعاء, تسأل أيش أخبار فلان؟ قال لك: فلان! نسأل الله العفو والعافية؛ قال بعض العلماء: هذه الغيبة, قالوا غيبة هذه, لماذا؟ قال: الناس فهموا أنّ فلان عليه علامة استفهام. حتّى بعض الناس يقول أيش أخبار فلان, قال: واللهِ يا أخي خلّونا ما ودّنا نغتابه؛ قال العلماء: هذه الغيبة, ما ودّنا نغتابه ما نريد نغتاب شخص هذه غيبة. أو نسأل الله السلامة, ذُكِر شخص من الأشخاص قال لك: نسأل الله السلامة والعافية! قالوا: هذه غيبة.
فننتبه ونكون حذرين أشدّ الحذر من قضية الغيبة حتى لو كان عندك احتمال, واللهِ يعني حتى لو كان واحد بالمائة اتركها, قال: واللهِ متردّد هل هي غيبة ولا ما هي غيبة؟؛ يا أخي اتركها, أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك", هكذا قال, بل إنّي قرأت بعض العلماء قال: لو قلت فلان مسكين, قال: هذه غيبة, لأنه ما يريد أحد يقول عنه مسكين, فلان درويش, فلان ساذج, كل هذه الكلمات أحبابي الكرام لا بد أن نحذر منها كلّ الحذر حتّى لا نقع في الغيبة, ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما عُرج به إلى السماء رأى قومًا, وقد يسأل بعض الناس ما هي عقوبة المغتاب؟ -قلنا الغيبة من الكبائر- فقال: فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أناس لهم أظافر من نُحاس -تصوّر- يخمشون بها وجوههم وصدورهم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل من هؤلاء؟ ما هي جريمتهم؟ ما هو فعلهم؟ فقال جبريل عليه الصلاة والسلام: هؤلاء الناس يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. هذه عقوبة من يغتاب الناس يكون له أظافر من نُحاس يخمش وجهه وصدره ولا حول ولا قوة إلا بالله!
(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ) -انظر التمثيل يعني التمثيل الشنيع, الله عزّ وجلّ مثّل هذا الإنسان المُغتاب (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) تصوّر أخوك ميت وأنت تأكل من لحمه, صورة بشعة! كذلك هذا المغتاب -نسأل الله السلامة والعافية- كأنه يأكل لحم أخيه ميتًا.
فلهذا نحذر كل الحذر حتّى من مجالس الغيبة, بعض الناس قد ما تكون عنده قوة شخصية في إنكار الغيبة وهذه مشكلة نحن نقع فيها مشكلة أخرى أنّنا نسمع الغيبة لكن نجامل الجلساء, ما نريد أنّ لجلساء يغضبون علينا فتجد بعضهم يسكت مرّة مرّتين ثلاث حتّى يستمرئ الغيبة, حتى يتأصّل فيه هذا المرض وخلاص يصبح عنده الأمر عادي يسمع الغيبة ما عنده مشكل. فلهذا أيها الأحباب الكرام نحذر من مجالس الغيبة, تعرف مجلس دائمًا غيبة وبالذات مجالس النساء وأنا أحذّر النساء لأن هذه الصفة -نسأل الله السلامة والعافية- قد تنتشر بين النساء أكثر من الرجال, فلانة طُلِّقت, فلانة فعلت, فلانة كذا.. دائمًا ذكر أخبار النساء فيما بينهم كثيرًا فهم عُرضة للغيبة أكثر من غيرهم.
فلهذا نحذر كل الحذر من هذا المرض الخطير الفتّاك الذي يأكل حسنات الإنسان, يوم القيامة من اغتبته يجيء هذا الشخص ويأخذ من حسناتك إذا لم تتب إلى الله جلّ وعلا, ولهذا ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- فائدة عجيبة قال: تجد بعض الناس -معنى كلامه في كتابه الداء والدواء-, قال: تجد رجل صاحب زهد وعبادة ودين ومع ذلك يتحرّز من كثير من المحرّمات من الفواحش من الزنا من السرقة من أكل الحرام, ولكنّه لا يتحرّز من الغيبة, لا يستطيع أن يضبط حركات لسانه فتجد لسانه -والعياذ بالله- يفري في أعراض المسلمين الأحياء منهم والأموات, هذا قد يقع فيه العبّاد والصالحون كما قلت يتركون كبائر الذنوب لكنّه عند الغيبة -وهي من الكبائر- ما يستطيع أن يتركها, خلاص تأصّلت فيه الغيبة, تجسّدت في شخصيته, فما أن يجلس مجلس إلا وتجد لا بد وأن يذكر الناس, هذا مَرَض؛ أنّ الإنسان يتعوّد على ذكر أخطاء الآخرين وعلى تتبّع عورات المسلمين, هذا مرض من الأمراض, لا بدّ أنّ الإنسان يجاهد نفسه, المسألة تحتاج لها مجاهدة, أنّ الإنسان يضبط لسانه في أنّه لا يتكلّم في الآخرين إلا -بين قوسين في نهاية اللقاء- إلا للمصلحة والحاجة, ولا نريد أن نوسّع هذه المصلحة, هناك مصلحة هناك حاجة؟ نعم, أحذّر من شخص صاحب فسق صاحب فجور, نعم, صاحب سئِلت عنه يريد أن يتزوّج امرأة, ما رأيك بفلان؟ نعم فلان -هو يريد الآن يتزوّج من أختك أو مثلاً من ابنتك- فتقول: فلان نعرف عنه كذا كذا, نعم, هذا من أجل السؤال, هذه للحاجة والمصلحة, أما لغير الحاجة والمصلحة فلا يجوز ذكر مساوئ الناس.
أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يطهّر ألسنتنا من الغيبة, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قائد_الكتائب
31 Aug 2010, 02:48 AM
الموعظة التاسعة
إِفْشَـاءُ السَّـلامِ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
من وصايا رسولنا عليه الصلاة والسلام التي أوصانا بها أن نفشو السلام بيننا وهو من أسباب المحبة بين المسلمين, وما أحوجنا في هذا العصر أن يكون المسلمون كلهم متحابين متآلفين مجتمعين, قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم, قال: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم, أفشوا السلام بينكم".
إذًا حديثنا اليوم عن إفشاء السلام. ولقد سُئِِل رسولنا عليه الصلاة والسلام عن أفضل خِصال الإسلام, أيّ الإسلام خير؟ -الحديث في الصحيح- فقال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف", والمشكلة التي نقع فيها الآن أحبابي الكرام أننا فقط نسلِّم على من نعرف فقط, فأصبح -مثلًا- الدكتور يسلِّم على الدكتور, على من في طبقته, وإذا وجد رجلًا فقيرًا مسكينًا قد يكون فرّاشًا لا يُسلمِّ عليه, يقول أنا دكتور عندي شهادة كيف أسلم على هذا! لازم هو يسلِّم علي, أو من كان مديرًا أو وزيرًا فلا يُسلِّم إلا على من في طبقته, أو من كان من بلده, فإذا رأوا العمّال بعض الناس للأسف الشديد حتى في بيوت الله يرى العامل من العمّال يصلي لا أحد يلتفت إليه ولا أحد يسلِّم عليه, لكن لو كان هذا الشخص من أهل البلد ويلبس لباس أهل البلد ومن القبيلة تجد الناس كلهم يسلِّمون عليه, وهذا مرضٌ اجتماعي ينبغي أن نتلاشاه ونبتعد عنه, أننا لا نسلِّم إلا على من نعرف, بل هذا قد يكون فيه شيءٌ من الغرور والعُجب واستحقار الآخرين, ولقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم", بعض الناس إذا رأى شخص مثلًا حتى لو في المسجد لا يعجبه شكله ولا لباسه ولا هيئته لا يسلم عليه, يسلم على -مثلًا- من في يمينه يسلم عليه قد يكون من أهل البلد أو يعرفه, والذي على يساره لا يسلم عليه, لماذا؟ لا يعرفه! لباسه هيئة لا يعجبه لا يسلم عليه, وهذا كما قلت مرضٌ اجتماعي.
مرة الرسول عليه الصلاة والسلام كان جالسًا ودخل رجل وقال: "السلام عليكم", ثم جلس, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "عشر", أي عشر حسنات, ثم دخل رجل آخر قال: "السلام عليكم ورحمة الله", فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عشرون", ثم دخل رجلٌ ثالث فقال: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته", -أتى بلفظ وبركاته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثون", أي ثلاثون حسنة. فلهذا عودوا أنفسكم أن تكملوا السلام, بعض الناس يحرم نفسه مسكين إذا دخل مجلس أو في الهاتف يسلِّم: "السلام عليكم" -جزاك الله خير يا أخي أكمل- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, حتى تأخذ ثلاثين حسنة والحسنة بعشر أمثالها فيكون المجموع أقل تقدير 300 حسنة والله يضاعف لمن يشاء, فلا تحرم نفسك من الأجر لا تقل فقط "السلام عليكم" بل قل "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" عود نفسك عليها دائمًا حتى ترتبط بلسانك.
ومن السنة كذلك أنّ الإنسان إذا فارق مجلس يقول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته", كما جاء في بعض الأحاديث أنه ليست الأولى بأحق من الأخرى, فبعض الناس يحرم نفسه إذا فارق مجلسًا قال: "في أمان الله", "مع السلامة", أي لفظ من الألفاظ التي تعود عليها في بلده, نقول: لا, السنة أنك تقول إذا فارقت المجلس أو فارقت شخص في الهاتف أن تقول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" فتعود نفسك على كلمة "بركاته", فينبغي أن نفشوا السلام بيننا.
ولقد كان من تواضع رسولنا صلى الله عليه وسلم كما يحدِّث بذلك أنس بن مالك, كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا مرّ على الصبيان يسلِّم عليهم, وهو عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين وأفضل مخلوق على وجه الأرض يسلم على الصبيان, وبعض الناس يمر على الصبيان يجدهم يلعبون لا يسلم عليهم, لا يعطيهم اهتمام, لا, سلِّم عليهم.
أو بعض الناس يجد شخص مثلًا معه أبناؤه الصغار, يسلِّم على الرجل الأب ولا يسلِّم على الصِغار, هذا غير صحيح هذا خلاف السنة, بل أنك تسلم على الصغار وهذا من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام, فلنحرص أحبابي الكرام أن نفشو السلام, وهذا من حق المسلم على المسلم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام حق المسلم على المسلم أنه إذا لقيه أن يسلم عليه, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام, فهذا من تواضعك أنك دائمًا تبدأ الناس بالسلام, وتبدأ الناس بالترحيب والتهليل, هذا دليل على سماحة نفسك, دليلٌ على تواضعك, فلهذا ينبغي أن تتأصل فينا هذه الصفة, صفة السلام, أننا دائمًا نفشو السلام بيننا, حتى إن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- كان يذهب للسوق فقط لكي يسلم لأن السلام فيه أجر عظيم, السلام يحبه الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبوسعود المكي
31 Aug 2010, 03:38 AM
بارك الله فيك ونفع بك.
قائد_الكتائب
01 Sep 2010, 03:36 AM
الموعظة العاشرة
الأَدْعِيَـةُ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل وصحبه وسلم، أما بعد:
لو تأمّلنا في حياةِ رسولنا صلى الله عليه وسلم لرأينا في حياة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عجباً عجاباً.
لرأينا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم منذ أن يُصبح إلى أن يُمسي قلبُه وفكرُه وعقله ومشاعره وأحاسيسُه كلها مرتبطة بربه سبحانه وتعالى.
النبي صلى الله عليه وسلم ليس عنده وقت فراغ في حياته اليومية، بعكس أحوال كثير من الناس، ولهذا نجد أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام شرع لنا أدعية نقولُها في الصباح والمساء، هذه الأدعية من عمل بها وطبّقها في حياته فسوف يشعر بالقوة، يشعر بالثبات، يشعر بالإقدام، ولهذا نجد أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام -مثلاً- شرع لنا دعاء قبل النوم، ودعاء بعد النوم، ودعاء قبل الطعام, ودعاء بعد الطعام، ودعاء قبل دخول البيت, ودعاء بعد الخروج من البيت، ودعاء قبل دخول المسجد, ودعاء بعد الخروج من المسجد، ودعاء قبل دخول دورة المياه, ودعاء بعد الخروج من دورة المياه. حياة المسلم كلها دعاء، حتى في وقت الهم، حتى في وقت المصيبة، حتى ـ تصوروا ـ حتى في وقت الشهوة! سبحان الله.
يعني شهوة ولذة ومع ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام يربينا ـ يُربّي أُمّته ـ أنهم دائمًا يتعلقون بالله سبحانه وتعالى، حتى أثناء الشهوة، ولهذا نجد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم شرع لنا دعاء أنّ الإنسان إذا أتى أحدنا أهله، ماذا يقول؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لو أنّ أحدكم أراد أن يأتي أهله ـ أي أن يُجامع زوجتَهُ ـ فقال: باسم الله ـ باسم الله استعانة بالله، توكل على الله ـ اللهم جنِّبنا الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتنا"، انظر للدعاء، حتى قبل أن يأتي الإنسان شهوته ولذته ومتعته! ما أعظم هذا الإسلام، يربِطُك بربك سبحانه وتعالى حتى في أثناء الشهوة.
من قال هذا الدعاء يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "فإن قُضي بينهما بولد" يعني الله سبحانه وتعالى قدّر لك ولد، يقول النبي عليه الصلاة والسلام "لم يضرّه شيطان ولم يُسلّط عليه".
حتى أثناء الهم، النبي صلى الله عليه وسلم يعني شرع لنا دعاء "اللهم إني عبدك" إذا الإنسان أُصيب بهم، وأصيب بغم، لا يذهب كما يذهب أهل الغرب ينتحرون! لا، الإنسان أثناء المصيبة، أثناء الهم يتوجه إلى الذي يكشف الضرّاء, من هو الذي يكشف الضرّاء؟ إنه ربنا سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم.
فشرع الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الدعاء: "اللهم إني عبدك ابن عبد ابن أمتك ناصيتي في يدك ماضٍ فيّ حكمك..." الدعاء المعروف المشهور, ولهذا أنا أنصح أنّ المسلم دائمًا يكون في جيبه أو في سيّارته أو في مكتبه أو في غرفة نومه يكون معه دائمًا كتاب هو فعلاً صغير الحجم ولكنّه عظيم الفائدة كبير النفع وهو كتاب (حصن المسلم), هذا الكتاب فيه طائفة كبيرة من أدعية الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.
إذا أُصبت مثلاً بمصيبة, الرسول عليه الصلاة والسلام شرع لك عندما قال: "ما من عبدٍ مسلم يُصاب بمصيبة..." -أي مصيبة كبيرة, صغيرة, حادث سيّارة, مرض, مشكلة اجتماعية, مشكلة نفسية, مشكلة اقتصادية, أي مشكلة تواجهك تُصاب بأي مشكلة كبيرة أو صغيرة تقول هذا الدعاء, تقول قال النبي صلّى الله عليه وسلم: "ما من عبدٍ مسلم يُصاب بمصيبة فيقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها إلا أخلفه الله خيرًا منها", وهذا كلام الصادق المصدوق صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.
أقول أحبابي الكرام النبي صلّى الله عليه وسلّم يربّي المسلم أنّه يكون دائم التعلّق بربّه سبحانه وتعالى, لماذا؟ ما هي الثمرة؟ ما هي النتيجة؟ النتيجة والثمرة أنّ الإنسان إذا كان دائمًا متعلّق بربّه سبحانه وتعالى, شياطين الإنس وشياطين الجنّ لا يستطيعون على هذا الإنسان كما قال سبحانه وتعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ) -يعني تأثير الشيطان وسيطرة الشيطان- (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ).
والله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي كافيه, فثمرات أنّ الإنسان دائمًا يقول أذكار الصباح, أذكار المساء, أذكار قبل النوم, الأذكار في جميع الأحوال والمناسبات حتّى لو ذهبت مثلاً إلى أي مكان, إلى البر, إلى البحر, سافرت مثلاً وجلست في فندق, أو في الطريق مثلاً أنت تريد أن تستريح, أن تنام أو زيارة لشخص, النبي عليه الصلاة والسلام أعطاك دعاء تقوله, قال عليه الصلاة والسلام: "من نزل منزلاً" -أي منزل تنزله- "فقال: أعوذ بكلمات الله التامّات لم يضرّه شيء حتّى يرتحل من ذلك المكان" سبحان الله, حتّى قال بعض العلماء: إذا ركبت في الطيّارة نزلت أي مكان -هذا عام- أن تقول هذا الدعاء, وما أحوج النساء أن يقولوا هذا الدعاء مثلاً عند زياراتهم بعضهم لبعض وبالذات في المناسبات أو في الأفراح لأن في الأفراح كثيرًا ما يحدث الحسد والحقد والعين فالإنسان يتحصّن بهذه الأدعية النبويّة.
فلا بد ّ لكل مسلم أن يحفظ هذه الأدعية حتّى يعيش في سعادة, يعيش بطمأنينة, يعيش في استقرار نفسي.
أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يوفّقني وإيّاكم لما يحب ويرضى, وصلّى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
قائد_الكتائب
01 Sep 2010, 03:43 AM
الموعظة الحادية عشرة
السُّنَنُ اليَوْمِيَّـةٌ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يبين لنا صدق محبة العبد، كيف يعرف الإنسان أنه فعلًا يحب ربه سبحانه وتعالى، ويحب نبيه عليه الصلاة والسلام، يقول الله جل وعلا: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ). إذن حديثنا في هذا اللقاء سوف نتكلم إن شاء الله عن الاهتمام بالسنن اليومية، هناك سُنن يومية كثيرة جدًّا، تجد كثير من الناس يهملون هذه السنن، ولاشكّ أنّ من أسباب محبة الله جل وعلا لعبده أنه يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنّ منزلتك عند الله على حسب تطبيقك لهذه السنن، كلّما طبّقت هذه السنن أكثر كلما علت مرتبتك عند الله سبحانه وتعالى، وعلا قدرك عند الله جل وعلا.
فهناك سنن -على سبيل المثال- سنن فعلية، وهناك سنن قولية، فتصوّروا منذ أن يُصبح الإنسان إلى أن يُمسي يربي نفسه على تطبيق هذه السنن فتُصبح حياته كلها على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فعلى سبيل المثال نأخذ مثلًا سنة السواك، والعجيب من الناس -قبل ذلك أقول- والعجيب من الناس سبحان الله لو قيل لهم: من طبّق سنة من السنن سوف نُعطيه مبلغًا من المال، تجد الناس كلهم يحرصون على تطبيق هذه السنة، لماذا؟ لأن قيمة المال، قيمة الدينار والدرهم في قلوب الناس عظيمة، لكن قيمة الحسنات! لا حول ولا قوة إلا بالله!
فهناك على سبيل المثال سنة السواك، كم مرة المسلم في اليوم والليلة يتسوك؟ ليس أقل من عشرين مرة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، وفي رواية "عند كل وضوء".
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته أول ما يبدأ بالسواك، كما جاء الحديث في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
فتصوّر، عندك خمس صلوات، فهذه خمس مرات ستتسوك، كذلك عندك السنن الرواتب، هذه ست، هذه إحدى عشر، كذلك الإنسان يدخل إلى بيته في اليوم والليلة، يعني كلما جاء من فرض من المسجد سوف يدخل إلى بيته، يعني أربع أو خمس مرات، وأول ما يستيقظ من نومه يتسوك، كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا استيقظ من نومه في الليل يشوص فاه بالسواك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
كذلك من السنن اليومية المهملة السنّة في لبس الحذاء، فتجد كثير من الناس يلبسه بالشمال وينزعه باليمين، مع أنّ سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه عندما يلبس الحذاء يبدأ باليمنى وينزع باليسرى، وانظر كم مرة في اليوم والليلة الإنسان يلبس النعال، سواء في ذهابه إلى دورة المياه أو في ذهابه إلى خارج البيت، مثلًا إلى المسجد أو في خروجه من المسجد، أو في غير ذلك من الأحوال، فهي تتكرر معه هذه السنّة، فكلما طبّق هذه السنّة -أي لبس باليمين ونزع باليسار - تكون حركاته وسكناته وأفعاله كلها على سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يُؤجر حتى في لبسه للنعال وفي خلعه، تُؤجر، تُكتب لك الحسنات .
كذلك عندما يدخل الإنسان إلى دورة المياه يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث"، ويدخل برجله اليسرى، وإذا خرج يخرج برجله اليمنى ويقول "غفرانك".
تعال انظر إلى السنن قبل النوم، كم سنّة قبل النوم؟ سنن كثيرة قبل النوم، منها أنّ الإنسان ينام على طهارة، وينام على شقه الأيمن ويقرأ آية الكُرسي، وكذلك يقرأ سورة قل يا أيها الكافرون، وآخر آيتين من سورة البقرة، ويقرأ كذلك المعوذتين ويمسح بهما ما أقبل من جسده، وغير ذلك من السنن المعروفة الموجودة في كتب السنّة.
كذلك سنن الطعام، فيبدأ بالبسملة وإذا انتهى يحمد الله سبحانه وتعالى، ويأكل بيده اليمنى إلى غير ذلك، وإذا سقطت لقمة يأخذها ويمسحها ويأكلها هذه هي سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام.
إذا التقى مع الناس، أول ما يلتقي مع شخص يسلم عليه "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وكذلك يُصافحه لأنّ المصافحة سنّة وتتحات الخطايا، ويبتسم في وجهه لأنّ الابتسامة كذلك سنّة مستحبّة، إلى غير ذلك من السنن اليومية. هذا غير صلاة الضحى والسنن الرواتب وقيام الليل، وهناك سنن كثيرة من الأقوال والأفعال تُفعل في الصلوات سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة نافلة، وقد يطول شرحُها في هذا اللقاء، ولكن نختصر. أحببنا أن نُلقي بعضَ الضوء أنّ المسلم لابد أن يهتم في حياته اليومية بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على حبه الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى"، فاستغرب الصحابة، هل هناك إنسان عاقل يأبى دخول الجنة!؟
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى".
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا وإياكم ممن أطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قائد_الكتائب
03 Sep 2010, 05:12 AM
الموعظة الثانية عشرة
التَّـوْبَـةُ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله, أما بعد:
ما أحوجنا إلى التوبة!
لو تأملنا في حياة رسولنا صلى الله عليه وسلم لوجدنا أنّ هذا الموضوع -موضوع التوبة- كان جزءًا من حياته اليومية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, ولهذا جاء في الصحيح أنّ رسولنا عليه الصلاة والسلام قال: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة", وفي رواية "سبعين مرة", ليس عشر ولا عشرين ولا ثلاثين, مائة مرة صلى الله عليه وسلم, ولو قلت لأحد الناس الآن: هل تبت إلى الله في هذا اليوم؟ لنظر إليك نظرة استغراب واستنكار وقال لك: هل تتهمني بسوء!؟ هل رأيتني أزني؟ أم هل رأيتني آكل الربا؟ أم هل رأيتني أترك الصلاة؟
وما علم هذا المسكين أنّ نبيه صلى الله عليه وسلم في اليوم الواحد يتوب إلى الله مائة مرة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
بل الأعجب من ذلك أنه في المجلس الواحد مثل مجلسنا هذا, مجلس واحد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة, في المجلس الواحد انتبه! ليس في اليوم.
جاء عند أبي داود والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما -انظر إلى الصحابة كيف كانوا يدقّقون حتّى في شفاه النبي صلى الله عليه وسلم- قال: "كنّا نعدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة ربّ اغفر لي وتب علي إنّك أنت التواب الرحيم", كل واحد منكم يسأل نفسه كم مرّة طبقت هذا الحديث في حياتي؟ أني أكون في مجلس من المجالس وأستغفر الله مائة مرة, سبحان الله!, ولهذا قال علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: "ما ألهم الله عبدًا الاستغفار وهو يريد أن يعذّبه", يقول الله سبحانه وتعالى ما يعذّب هذا الإنسان, إذا دائمًا الاستغفار على لسانه, أخذه من قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ), إذا الله سبحانه وتعالى يخاطب المؤمنين ما يخاطب الكافرين, يقول: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ), فالتوبة من أسباب الفلاح, من أسباب النجاة, من أسباب الفوز التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.
والغريب والعجيب أنّ بعض الناس يلعب عليه الشيطان! فإذا فعل ذنبًا مثلاً وقلت له: لماذا لا تستغفر الله؟, قال: أمس فعلت ويمكن أفعله بعدين لا أدري الله أعلم فأنا ما يسير أفعل الذنب ثم أتوب ثم أستغفر ثم أتوب ثم أفعل ذنب ثم.. قال: جاء رجل إلى الإمام الحسن البصري فقال له: "ألا يستحي أحدنا من ربّه يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب؟", ماذا قال الإمام الحسن البصري؟ قال كلمة عجيبة, كلمة من ذهب, قال: "ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا", يعني هذه أمنية الشيطان, هذا هدف الشيطان أن يجعلك تيأس من رحمة الله سبحانه وتعالى, أنّك خلاص والله كما يقول بعض الناس يقول لك: السالفة خربانة خربانة خلاص يا معوّد استمر على الذنب! لا, هذا ليس صحيحًا, بل أنت عندما تستغفر الله سبحانه وتعالى وتتوب إلى الله وترجع إلى الله هنا تقهر الشيطان, تدمّر الشيطان, تحرق الشيطان, الشيطان لا يريدك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى, طيب تب إلى الله الآن واستغفر, قال لك: نعود على هذا الذنب بعد شهر يمكن ما أعرف, طيب أنت الآن تب إلى الله لعلك تموت في هذه الأيام تموت على توبة.
فلهذا جاء في بعض الأحاديث, حديث رواه أبو داود والترمذي وقال الحاكم: إنّه على شرط مسلم, والحديث حسن حسّنه بعض العلماء من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ذكره الإمام النووي في رياض الصالحين, هذه كلمة حلوة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غُفرت ذنوبه وإن كان قد تولّى من الزحف", أنتم تعرفون التولّي من الزحف من الكبائر.
فأكثروا من الاستغفار, وأكثر من التوبة, وكما قال بعض السلف: "أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين". لأن الإنسان قد يُحرم من طاعات ومن عبادات بسبب ذنوبه ومعاصيه, فلهذا ينبغي علينا أن يكون هذا الموضوع -موضوع التوبة- جزء من حياتنا, ولا نعتقد أنّ التوبة هي خاصة فقط بأهل الفسق وأهل الفجور وأهل السجون, لا, التوبة يحتاجها كل مسلم من أن تُصبح إلى أن تُمسي يحتاج أن تدرّب لسانك, كما قال لقمان الحكيم لابنه, قال: "يا بني عوّد لسانك اللهم اغفر لي فإنّ لله ساعات لا يردّ فيها سائل".
والإمام الحسن البصري أوصانا وصيّة ذهبية قال: "أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي أسواقكم وفي طرقكم", حتى وأنت في الطريق وأنت في السوق وأنت في العمل أكثر من الاستغفار, "فإنكم لا تدرون متى تنزل مغفرة الله".
فعوّد لسانك على الاستغفار وانظر لنفسك أنّك محتاج إلى التوبة أنّك مذنب أنّك مقصِّر, لا تنظر لنفسك نظرة الكمال؛ وأنا الحمد لله أفضل من غيري؛ والحمد لله أصلّي وأقرأ القرآن وأقيم الليل وأصوم وأفعل وأفعل وعندي صدقات! لا, بل نحن بحاجةٍ ماسةٍ كل يوم إلى أن نتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن نستغفر الله جلّ وعلا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم, وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
قائد_الكتائب
03 Sep 2010, 09:28 PM
الموعظة الثالثة عشرة
الحِرْصُ عَلَى فَضَائِلِ الأَعْمَالِ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أما بعد :
حديثنا في هذا اللقاء سوف نتكلم إن شاء الله تعالى عن الحرص على فضائل الأعمال، والله جلّ وعلا يقول في كتابه الكريم: (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ)، الله جلّ وعلا يوصينا أن نستبق بالخيرات، (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)، السابقون السابقون من هم؟ ذكر بعض العلماء أي الذين يستبقون إلى الأعمال الصالحة في الدنيا هم الذين يستبقون إلى الجنات في الآخرة.
والمقصود بفضائل الأعمال هو فضل قيام الليل، فضل صيام التطوع، فضل قراءة القرآن، فضل السنن الرواتب، فضل الأذان، فضل الصدقة، فضائل كثيرة جدًّا، ولهذا أوصي كل واحد منكم أن يكون له نصيبٌ ووِردٌ من هذه الأعمال، يعني تكون لك قراءة ما أقول يومية ولا أسبوعية، شهرية، تقرأ قراءة شهرية مثلًا، في الشهر مرة، ساعة أو ساعتين، تقرأ في فضائل الأعمال، من أي كتاب؟ عندك مثلًا على سبيل المثال من أروع وأجمل الكتب "رياض الصالحين"، فضائل الأعمال، فضائل الدعوات، فضائل الذِكر، فضائل كثيرة، فضل حسن الخلق مثلًا، فتقرأ مثلًا في كتاب رياض الصالحين، أو مثلًا في كتاب صحيح الترغيب والترهيب مثلًا، أو في كتاب صحيح المتجر الرابح، كل هذه الكتب مختصة فقط في فضائل الأعمال، فتكون لك قراءة شهرية ولو في الشهر مرة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات تقرأ، هذه القراءة ماذا تنفعك؟ تنفعك أنها تحفزك على العمل.
عندما تقرأ على سبيل المثال: الرسول عليه الصلاة والسلام رغّبنا في الأذان، عندما قال عليه الصلاة والسلام: "أطول الناس أعناقًا يوم القيامة المؤذنون"، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم أنّ الله سبحانه وتعالى يغفر للمؤذن على مد صوته الذي يسمع أذانك من حجر أو شجر أو غير ذلك، فتُحاول مثلًا في الأسبوع، في الشهر تؤذن مرة أو مرتين حتى يكون لك نصيب، إذا خرجت مثلًا في نزهة، أو في الطريق مثلًا تصلي في الطريق وحدك أو مع جماعة أو حتى مع أهلك في الطريق مثلًا تؤذن، فتُحاول أنك ما تسمع -افعل هذه قاعدة ذهبية عندك- أنك ما تسمع بفضيلة من فضائل الأعمال إلا وتحاول أن تطبقها في حياتك، ولو في الشهر مرة، ولو في الشهرين أو الثلاثة أشهر مرة.
مثلًا، تحرص على سبيل المثال على الصلاة على الجنازة، الرسول عليه الصلاة والسلام رغّبنا أن الإنسان إذا صلى على جنازة له قيراط، والذي يتبعها حتى تُدفن له قيراطان، والقيراط مثل جبل أحد، الله يعطيك برحمته وكرمه وفضله قدر جبل أحد من الحسنات والأجور، فتُحاول أن يكون لك نصيبٌ ووردٌ من كل فضيلة من فضائل الأعمال، حتى تحوز على فضائل كثيرة وعظيمة، وهذا ما يأتي إلا عن طريق القراءة، تقرأ في فضائل الأعمال، يكون لك ورد كما قُلت شهري، ما أقول أسبوعي ولا يومي، شهري تقرأ عن فضائل الأعمال، وكما قلت لكم فضائل الأعمال كثيرة لا نستطيع أن نُحصيها في هذا اللقاء اليسير، ولكن نحن نُشير إشارة أنّ المسلم يُحاول بقدر إمكانه يحرص على كل فضيلة، فلو مثلًا كل فضيلة من فضائل الأعمال تربي نفسك عليها شهر، مثلًا: (فضل الذِّكر)، تُحاول تربي نفسك على فضل الذكر, (قراءة القرآن) تحاول أن تجعل لك كل يوم لو نقول مثلًا نصف ساعة، أو عشرة دقائق، تقرأ كل يوم قرآن لمدة عشر دقائق بركة وخير ونعمة، لو كل يوم تقرأ جزء يعني في الشهر ثلاثين جزء.
وهكذا، كل فضيلة من فضائل الأعمال لابد أن تجعل من برنامجك اليومي، من خطة الأعمال التي أنت تقوم بها، لابد أن تجعل لك نصيب وحظ من كل فضيلة من فضائل الأعمال التي ذكرها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
على سبيل المثال، وهذا أمر قد يتكاسل فيه الكثير من الناس، مثل الذهاب إلى المسجد مبكرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في التهجير.."، التهجير يعني الذهاب إلى المسجد، تحاول أن تعود نفسك أن تذهب إلى المسجد قبل الأذان ولو بخمس دقائق، لاشك بأنك أفضل من الذي يذهب إلى المسجد بعد الأذان، "لو يعلم الناس ما في التهجير والصف الأول.."، إذن تحرص على الصف الأول, كثير من الناس ما يحرص على الصف الأول، وسبحان الله هناك ميزة يا أحبابي الكرام، أي شخص يحرص على الصف الأول خلاص يعني تتجسد في شخصيته أنه يقول لا يستطيع أن أصلي إلا في الصف الأول، هذا من فضائل الأعمال، أنك تحرص على الصف الأول، تحرص على أنك تذهب إلى المسجد مبكرًا، تحرص على مساعدة الآخرين، تحرص على كفالة اليتيم، هذه كلها من فضائل الأعمال، فما عليك إلا -كما قلت لك هذا الاقتراح- أنك تجعل لك قراءة شهرية لمدة ساعة أو ساعتين تقرأ في فضائل الأعمال، لعلّ الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بكرمه وفضله وجوده أن نطبِّق كل هذه الأعمال ونحصل على الفضل العظيم والأجر الكبير عند الله جلّ وعلا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قائد_الكتائب
03 Sep 2010, 09:34 PM
الموعظة الرابعة عشرة
الخَوْفُ مِنَ النِّفَـاقِ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
لقد كان الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم مع جلالة علمهم وإيمانهم وأنّ الله سبحانه وتعالى مدحهم في القرآن الكريم ورضي الله جلّ وعلا عنهم ومع أنهم خير القرون, مع ذلك كله كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يخافون النفاق على أنفسهم, يخافون من النفاق, فهذا ابن أبي مليكة أحد التابعين يقول: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه", فالنفاق لا يخافه إلا مؤمن ولا يأمنه إلا منافق, المؤمن الصادق يخاف على نفسه النفاق, أما الذي يأمن النفاق فهو منافق.
ولهذا لو سألت أحدنا قلت له: هل أنت تخاف من النفاق؟ كأنّ هذا موضوع غريب مُستنكر عندنا! كيف أنا أنافق! أنا أصلّي, أصوم, أزكّي, ذهبت إلى الحج, أتصدّق, فلا يطرأ على باله وقلبه الخوف من النفاق مع أنّ الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يخافون النفاق.
ولهذا نجد أنّ الإمام الحسن البصري -رحمه الله تعالى- وهو يبين لنا حقيقة النفاق, ما هو النفاق؟
قال: "النفاق هو اختلاف السر مع العلانية واختلاف القول مع العمل". انتبهوا إلى هذه النقطة, نقطة خطيرة جدًّا كل واحد منا يراقب نفسه, يقول إذا اختلف الإنسان سره عن علانيته, يعني إذا كان مع الناس كان من أتقى الناس وكان ظاهره الاستقامة والتدين والالتزام بتعاليم الإسلام, وما أن يخلو هذا الشخص بنفسه إلا وتجده -والعياذ بالله- يفعل المعاصي والفواحش وغير ذلك من الأمور, يقول اختلاف السر, أن يختلف سرك مع علانيتك أو ظاهرك مع باطنك, يقول الإمام الحسن البصري هذا -والعياذ بالله- من النفاق, كذلك اختلاف القول مع العمل يعني يقول أقوال ولكن لا يعمل بها, هذا يقول من النفاق. ولهذا نراقب أنفسنا أنّ الإنسان لا يتكلم بكل شيء, كم من الناس يتكلم بخطب ودروس ويحث الناس على شيء لكنه هو من أبعد الناس عن هذا الأمر, ولهذا الله جلّ وعلا يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) والمقت هو أشد من الغضب.
ولقد بيّن لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بعض علامات المنافقين فقال صلى الله عليه وسلم أنّ من علامات المنافق أنه "إذا حدّث كذب وإذا اؤتمِن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر", فهذه من علامات المنافقين نحذر أنه إذا تحدث يكذب, بعض الناس أصبح الكذب جزء من شخصيته, جزء من حياته اليومية, وبالذات الذين يبيعون ويشترون وبعض التجار تجده استمر على قضية الكذب. وإذا اؤتمِن خان, تعطيه أمانه يخونك يقول أنت لم تعطني أمانة. وإذا عاهد غدر, يعطيك العهد ثم بعد ذلك يغدر. وإذا خاصم فجر.
من علامات المنافقين التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن وينبغي أن نحذر منها كل الحذر, ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, قال الله جل وعلا: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ), إذًا هذه من صفات المنافقين, من صفاتهم ومن علاماتهم أنهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر وهذا قد وقع فيه كثير من المسلمين, خلاص يكتفي بالصلاة والصيام والزكاة, أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
كذلك من علامات المنافقين أيها الأحباب الكرام الاستهزاء بأهل الإسلام بأهل الدين, بل الآن أُقيمت فضائيات وقنوات وجرائد, ومجلات, فقط همّها الأول والأكبر هو الاستهزاء بأهل الدين, الاستهزاء بالمجاهدين, والاستهزاء بالصالحين, والاستهزاء بالعلماء, إما عن طريق الحلقات التي تُقام ورميهم بأنهم سفهاء العقول, أنهم لا يفهمون شيء من الواقع, إلى غير ذلك, بل تُقام مسرحيات وأفلام في لمز المجاهدين والصالحين, نقول هذا من صفات المنافقين والتي قد تتمثل الآن في كثير من العلمانيين, كثير من العلمانيين الآن فقط همه الأول والأكبر هو الاستهزاء بأهل الدين واللمز بالصالحين.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir