ام حفصه
23 Aug 2010, 03:05 AM
فاطمة عبد الرؤوف
يكرس الإعلام العلماني في بلادنا عدداً من المفاهيم المقولبة عن مفهوم كل من البيت والحرية والإبداع، فإذا كان الزواج أو البيت هو القفص الذهبي للرجال فهو السجن الحديدي للنساء، ففي التصور التقليدي العلماني أن البيت المسلم بثقافته المستمدة من الشريعة الإسلامية هو المكان الذي تدخل إليه المرأة لتفقد حريتها إلى الأبد، وفي حال رغبتها في التفرغ له فإنها تكون قد ودعت مفهوم الإبداع بلا رجعة، ففي زعمهم أن الإبداع أو تحقيق الذات هو في مجال العمل المدفوع الأجر، أما العمل المنزلي فهو تقليدي يقتل روح الإبداع عند المرأة ويفقدها الإحساس بالعالم الخارجي، وهي مفاهيم مغلوطة مشوهة متهافتة ولكن الإلحاح عليها والترويج المكثف لها جعل لها صدى حقيقياً داخل مجتمعاتنا. فعندما تسأل السيدة الجامعية المتزوجة عن عملها فتستحي وترد بابتسامة خجولة: لا شيء مجرد ربة بيت ـ وهي إجابة متكررة ـ فإننا بصدد حالة هزيمة نفسية تأثرت بهذا السيل من الزيف الإعلامي الذي تتنوع صوره من مقالات وكتب وندوات وأعمال تلفزيونية وسينمائية و..و..ولكن يبقى مضمون الرسالة الإعلامية واحد، وهو التحقير المعلن والخفي لدور المرأة داخل بيتها، حيث ستتخلف عن ركب الحياة وستتجمد وهي تطارد التراب وتلف أصابع المحشي! والأدهى أن أولادها لن يفخروا بها، فهي مجرد ربة منزل، أما زوجها فهو لا شك سيمل منها ومن حديثها التافه، ومن الممكن جدا أن يتزوج زميلته في العمل أو على الأقل ينشغل قلبه بعيدا عن حياتها المملة.
البيت المسلم:
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}التوبة: 109.. إنها التقوى، الغاية التي لأجلها وبها تقوم كل مؤسسة في التصور الإسلامي وفي القلب منها يقع البيت المسلم، فهو بخلاف كل البيوت، لأنه بيت رسالي تلعب فيه المرأة دوراً محورياً نابضاً وليس مجرد دور هامشي كما يزعمون، وهو بوابة الحرية الكبرى للمرأة والأسرة، فبينما يستطيع تحالف العلمانية مع السلطات الفاسدة أن يفرضوا كثيراً من القوانين المخالفة للشريعة ويضعوا المناهج التعليمية التي تتنكر لدور الدين ويرسلوا بآلاف الرسائل الإعلامية الهدامة، يبقى البيت المسلم كقلعة شامخة للتعاطي مع الدين بحرية، والدليل الواقعي على ذلك هو آلاف الأطفال الذين حفظوا القرآن الكريم في البيت في جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية التي كانت ترزح تحت النير الشيوعي لعقود طويلة، حيث الرفض القاطع للدين باعتباره أفيون الشعوب بحسب وقاحتهم.
والمرأة في البيت هي مديرة لنفسها تمارس ما تشاء من الأعمال بحرية مطلقة وفقاً لتخطيطها الشخصي وأولوياتها، بل ونفسيتها ومزاجها أيضاً، وإن كان للزوج حق القوامة أو الإدارة العليا فهو لا يقارن بالمديرين في مؤسسة العمل، فمن جهة هو مدير واحد، ومن جهة ثانية هو مدير تربطه بالمرأة علاقة عاطفية وحميمية خاصة، وبالتالي لن تواجه الزوجة في بيتها التقريع أو العقوبات التي تواجهها داخل المؤسسة، وإذا تحدثنا برؤية أكثر واقعية فإن هناك الملايين من النساء اللاتي يعملن في مؤسسات غير رسمية يتم التعامل معهن بصورة قاسية قد تصل في أحيان كثيرة إلى حد التحرشات.
حرية المشاركة:
والمرأة المسلمة امرأة إيجابية تعي جيدا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا" رواه البخاري، وبالتالي فهي حريصة على متابعة ما يجري من حولها حرص أم المؤمنين أم سلمة على الانتباه والإنصات عندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس..." فهي من الناس وكذلك كل امرأة مسلمة..الجدير بالاهتمام أن شبكة الإنترنت حققت للمرأة إنجازاً ضخماً يتعلق بقدرتها على المشاركة من داخل بيتها، بعيداً عن الاختلاط والاحتكاك وإهدار الوقت والعديد من المخالفات الشرعية الأخرى، وهناك ناشطات إسلاميات على الشبكة العنكبوتية قمن بحملات ناجحة من البيت، كتلك الحملة التي نجحت في وقف أحد الإعلانات التجارية المبتذلة..تستطيع المرأة المسلمة إذن أن تطور من هذه الوسيلة وأن تجعل التقنية التي تخيل البعض أنها ستكون أداة لزلزلتها وسيلة لحرية المشاركة وكسب مزيد من الدعم لقضاياها.
إبداع حياتي :
إذا كان للإبداع دوائر كثيرة، بعضها يتعلق بالفن والأدب، وبعضها يتعلق بالعمل بفروعه المتنوعة، فثمة إبداع في الإدارة وإبداع في التخطيط وإبداع في الاتصال... أما أجمل أنواع الإبداع فهو الإبداع الحياتي..أن تكون الحياة ثرية راقية جميلة دافئة، فذلك هو حلم الشعراء البعيد الذين هاموا على وجوههم لأجله، وهو ما تستطيع تحقيقه المرأة المسلمة في بيتها، يقول تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب)، فبهذا القرار الإيجابي تستطيع المرأة المسلمة أن يكون بيتها واحة للإبداع، فالقرار في البيت لا يعني الاستسلام للبطالة الفكرية والنفسية، حتى تتحول المرأة إلى عالة على المجتمع، بل حتى عالة على أسرتها بما تثيره من أفكار سلبية وما تشيعه من مناخ يتسم بالتفاهة والسطحية، وليس الهدف من قرار المرأة في البيت إعداد الطعام وتنظيف المتاع كما يحلو للبعض أن يتصور حتى أن أصحاب الرؤية الاشتراكية وجدوا أن الحل هو إقامة مطاعم جماعية للعمال والعاملات وكذلك مغاسل جماعية لتعويض دور المرأة في المنزل، فكأن المرأة مجرد خادمة متفرغة من دون أجر، وكأن البيت سجن للمرأة تنتهك فيه روحها ويضيع عمرها دون أن تعرف معنى التجديد والإبداع في الحياة والعمل، ولا شك أن النظرة الواقعية تدل على أن هناك العديد من النساء لم يفهمن فعلا رسالتهن داخل البيت، وليس هذا بالطبع شأن المرأة المسلمة، فهي معلمة وداعية ومهندسة ديكور وخبيرة تغذية ومرشدة صحية وخبيرة نفسية من الطراز الأول.. إن عملها متنوع متجدد فيه مساحة بلا حدود للإبداع من أجل حياة جميلة تتسم بالسكينة ومن أجل جيل جديد يرفع الهزيمة عن جبين أمتنا ويعيد لها وجهها الحضاري المشرق.. إنها مهمة رسالية للمرأة المسلمة تحتاج إلى كل الإبداع لتحقيقها.
منقول---
يكرس الإعلام العلماني في بلادنا عدداً من المفاهيم المقولبة عن مفهوم كل من البيت والحرية والإبداع، فإذا كان الزواج أو البيت هو القفص الذهبي للرجال فهو السجن الحديدي للنساء، ففي التصور التقليدي العلماني أن البيت المسلم بثقافته المستمدة من الشريعة الإسلامية هو المكان الذي تدخل إليه المرأة لتفقد حريتها إلى الأبد، وفي حال رغبتها في التفرغ له فإنها تكون قد ودعت مفهوم الإبداع بلا رجعة، ففي زعمهم أن الإبداع أو تحقيق الذات هو في مجال العمل المدفوع الأجر، أما العمل المنزلي فهو تقليدي يقتل روح الإبداع عند المرأة ويفقدها الإحساس بالعالم الخارجي، وهي مفاهيم مغلوطة مشوهة متهافتة ولكن الإلحاح عليها والترويج المكثف لها جعل لها صدى حقيقياً داخل مجتمعاتنا. فعندما تسأل السيدة الجامعية المتزوجة عن عملها فتستحي وترد بابتسامة خجولة: لا شيء مجرد ربة بيت ـ وهي إجابة متكررة ـ فإننا بصدد حالة هزيمة نفسية تأثرت بهذا السيل من الزيف الإعلامي الذي تتنوع صوره من مقالات وكتب وندوات وأعمال تلفزيونية وسينمائية و..و..ولكن يبقى مضمون الرسالة الإعلامية واحد، وهو التحقير المعلن والخفي لدور المرأة داخل بيتها، حيث ستتخلف عن ركب الحياة وستتجمد وهي تطارد التراب وتلف أصابع المحشي! والأدهى أن أولادها لن يفخروا بها، فهي مجرد ربة منزل، أما زوجها فهو لا شك سيمل منها ومن حديثها التافه، ومن الممكن جدا أن يتزوج زميلته في العمل أو على الأقل ينشغل قلبه بعيدا عن حياتها المملة.
البيت المسلم:
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}التوبة: 109.. إنها التقوى، الغاية التي لأجلها وبها تقوم كل مؤسسة في التصور الإسلامي وفي القلب منها يقع البيت المسلم، فهو بخلاف كل البيوت، لأنه بيت رسالي تلعب فيه المرأة دوراً محورياً نابضاً وليس مجرد دور هامشي كما يزعمون، وهو بوابة الحرية الكبرى للمرأة والأسرة، فبينما يستطيع تحالف العلمانية مع السلطات الفاسدة أن يفرضوا كثيراً من القوانين المخالفة للشريعة ويضعوا المناهج التعليمية التي تتنكر لدور الدين ويرسلوا بآلاف الرسائل الإعلامية الهدامة، يبقى البيت المسلم كقلعة شامخة للتعاطي مع الدين بحرية، والدليل الواقعي على ذلك هو آلاف الأطفال الذين حفظوا القرآن الكريم في البيت في جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية التي كانت ترزح تحت النير الشيوعي لعقود طويلة، حيث الرفض القاطع للدين باعتباره أفيون الشعوب بحسب وقاحتهم.
والمرأة في البيت هي مديرة لنفسها تمارس ما تشاء من الأعمال بحرية مطلقة وفقاً لتخطيطها الشخصي وأولوياتها، بل ونفسيتها ومزاجها أيضاً، وإن كان للزوج حق القوامة أو الإدارة العليا فهو لا يقارن بالمديرين في مؤسسة العمل، فمن جهة هو مدير واحد، ومن جهة ثانية هو مدير تربطه بالمرأة علاقة عاطفية وحميمية خاصة، وبالتالي لن تواجه الزوجة في بيتها التقريع أو العقوبات التي تواجهها داخل المؤسسة، وإذا تحدثنا برؤية أكثر واقعية فإن هناك الملايين من النساء اللاتي يعملن في مؤسسات غير رسمية يتم التعامل معهن بصورة قاسية قد تصل في أحيان كثيرة إلى حد التحرشات.
حرية المشاركة:
والمرأة المسلمة امرأة إيجابية تعي جيدا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا" رواه البخاري، وبالتالي فهي حريصة على متابعة ما يجري من حولها حرص أم المؤمنين أم سلمة على الانتباه والإنصات عندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس..." فهي من الناس وكذلك كل امرأة مسلمة..الجدير بالاهتمام أن شبكة الإنترنت حققت للمرأة إنجازاً ضخماً يتعلق بقدرتها على المشاركة من داخل بيتها، بعيداً عن الاختلاط والاحتكاك وإهدار الوقت والعديد من المخالفات الشرعية الأخرى، وهناك ناشطات إسلاميات على الشبكة العنكبوتية قمن بحملات ناجحة من البيت، كتلك الحملة التي نجحت في وقف أحد الإعلانات التجارية المبتذلة..تستطيع المرأة المسلمة إذن أن تطور من هذه الوسيلة وأن تجعل التقنية التي تخيل البعض أنها ستكون أداة لزلزلتها وسيلة لحرية المشاركة وكسب مزيد من الدعم لقضاياها.
إبداع حياتي :
إذا كان للإبداع دوائر كثيرة، بعضها يتعلق بالفن والأدب، وبعضها يتعلق بالعمل بفروعه المتنوعة، فثمة إبداع في الإدارة وإبداع في التخطيط وإبداع في الاتصال... أما أجمل أنواع الإبداع فهو الإبداع الحياتي..أن تكون الحياة ثرية راقية جميلة دافئة، فذلك هو حلم الشعراء البعيد الذين هاموا على وجوههم لأجله، وهو ما تستطيع تحقيقه المرأة المسلمة في بيتها، يقول تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب)، فبهذا القرار الإيجابي تستطيع المرأة المسلمة أن يكون بيتها واحة للإبداع، فالقرار في البيت لا يعني الاستسلام للبطالة الفكرية والنفسية، حتى تتحول المرأة إلى عالة على المجتمع، بل حتى عالة على أسرتها بما تثيره من أفكار سلبية وما تشيعه من مناخ يتسم بالتفاهة والسطحية، وليس الهدف من قرار المرأة في البيت إعداد الطعام وتنظيف المتاع كما يحلو للبعض أن يتصور حتى أن أصحاب الرؤية الاشتراكية وجدوا أن الحل هو إقامة مطاعم جماعية للعمال والعاملات وكذلك مغاسل جماعية لتعويض دور المرأة في المنزل، فكأن المرأة مجرد خادمة متفرغة من دون أجر، وكأن البيت سجن للمرأة تنتهك فيه روحها ويضيع عمرها دون أن تعرف معنى التجديد والإبداع في الحياة والعمل، ولا شك أن النظرة الواقعية تدل على أن هناك العديد من النساء لم يفهمن فعلا رسالتهن داخل البيت، وليس هذا بالطبع شأن المرأة المسلمة، فهي معلمة وداعية ومهندسة ديكور وخبيرة تغذية ومرشدة صحية وخبيرة نفسية من الطراز الأول.. إن عملها متنوع متجدد فيه مساحة بلا حدود للإبداع من أجل حياة جميلة تتسم بالسكينة ومن أجل جيل جديد يرفع الهزيمة عن جبين أمتنا ويعيد لها وجهها الحضاري المشرق.. إنها مهمة رسالية للمرأة المسلمة تحتاج إلى كل الإبداع لتحقيقها.
منقول---