ام حفصه
06 Sep 2010, 04:16 AM
منذ أن أطلقت جامعة "جياوتونج" الصينية في شنغهاي في عام 2003 فكرة التصنيف الأكاديمي لجامعات العالم، وهذا التصنيف الذي يشتمل على مقارنة أداء نحو 1200 جامعة ومؤسسة علمية حول العالم سنوياً يستقطب اهتمام الكثيرين، بل صار يثير الهلع والقلق لدى وزارات التعليم العالي، ولا سيما في الدول النامية غير الواثقة من جودة برامجها التعليمية. وليس أدل على أهمية هذا التصنيف مما ذكرته مجلة "الإيكونوميست" البريطانية في عام 2005 عنه من أنه صار مرجعاً معتمدا على نطاق واسع، أو مما ذكرته دورية "كرونيكل أوف هاير إيديوكيشن" التي وصفته بأنه أفضل وأقوى التصنيفات نفوذاً على المستوى العالمي، بالرغم من أن الصينيين حينما أطلقوا فكرته لم يهدفوا إلا إلى معرفة الهوة التي تفصل جامعاتهم عن الجامعات الأجنبية.
ويمكن القول إن نفوذ هذا التصنيف يتأتى من الأدوات البحثية عالية المتانة التي تستخدم في التبويب بحسب قول مستشار جامعة أكسفورد "سير كريس باتن"، هذا ناهيك عن المعايير الدقيقة المستخدمة في عملية تصنيف الجامعات، والتي تشتمل على عدد من نال من خريجيها أو أساتذتها جوائز عالمية (كجائزة نوبل) في الحقول المعرفية المختلفة، وعدد البحوث والدراسات والاكتشافات المنجزة لخدمة البشرية، وعدد ونوعية الكتب والمطبوعات التي خرجت من مطابعها، ومدى مساهمتها في تطوير العلوم الإنسانية، وغيرها من العوامل.
على أنه - كما في كل أمر -ووجه التصنيف الصيني بالكثير من الانتقادات منذ عام 2003 . فمن قائل إن المعايير التي يستخدمها الصينيون غير كافية ومضللة، إلى قائل بأنها تفصل بين عوامل لا يمكن النظر إليها إلا مجتمعة. وردا على تلك الانتقادات قال أكبر المسؤولين عن التصنيف الأكاديمي الصيني وهما "إن. سي. ليو" و "تشينج يينج"، إنه من المحال قياس جودة الجامعات بدقة، وبالتالي فإن أي تقدير أو تقويم لا بد وأن يثير حالة من الجدل.
أما الاهتمام العالمي بالتصنيف الصيني، فمنبعه هو أنه يسهل التعرف على أوجه القوة والضعف في أية جامعة، وبالتالي يسهل عملية إطلاق المبادرات بهدف محو أوجه الضعف والقصور والخلل. وطبقا للبروفسور "بيل داستيلر" كبير باحثي معهد "روتشيستر" للتكنولوجيا، فإن التصنيف المذكور يوضح المزايا النسبية لجامعات أوروبا وأميركا في مجالات الفكر والخلق والإبداع ورعاية المواهب، ناهيك عن الحدود التي بلغتها الجامعات غير الغربية في تنافسها المحموم من أجل الاقتراب من المستوى العلمي للجامعات في الغرب. وفي هذا السياق، نـُقل عن "جان فيجل" مفوض التربية في الاتحاد الأوروبي قوله إن التصنيف الصيني أتاح فرصة معرفة الكثير عما حققته جامعات الصين وغيرها من الجامعات الآسيوية، مضيفاً "إن أوروبا لا تزال هي الأقوى لجهة أعداد الجامعات وإمكانياتها، لكن مراتبها صارت تتراجع تدريجياً لجهة الجودة والجاذبية، وبما ينذر- في حالة عدم التحرك سريعاً- بخسارة مواقعنا لصالح جامعات صينية أو هندية"، ويمكن البرهان على صحة ما ذكره "فيجل" بالإشارة إلى المراتب المتدنية للجامعات الفرنسية في التصنيف الأكاديمي الصيني لعام 2010 ، كما سنتبين لاحقاً.
وحينما يتفحص المرء قائمة التصنيف الأكاديمي لعام 2010، سوف يجد أن الاكتساح كان كالعادة للجامعات الأميركية. حيث اشتملت قائمة أفضل 500 جامعة في العالم على 168 جامعة أميركية تتقدمها هارفارد (أفضل جامعات العالم للسنة الثامنة على التوالي)، وبيركلي وستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وبرنستون وكولومبيا وشيكاغو بالترتيب، علما بأنه لو تحدثنا عن أفضل عشر جامعات على مستوى العالم لوجدنا ثماني منها من الولايات المتحدة، ولو تحدثنا عن أفضل مائة جامعة لوجدنا 54 منها أيضاً في الأخيرة.
أما الجامعات الأوروبية فاحتلت المراتب الوسطى أي دون المائة. حيث نجد في قائمة أفضل 500 جامعة: 40 جامعة بريطانية تتقدمها جامعة كامبردج في المرتبة الخامسة، وجامعة أكسفورد في المرتبة العاشرة، وجامعة مانشستر في المركز 44 ، وجامعة أدنبرة في المركز 54 ، وجامعة شيفلد في المركز 88، وجامعة برمنجهام في المرتبة 99 ، ونجد 21 جامعة فرنسية أفضلها جامعتا "باريس 6" و "باريس 11" اللتان جاءتا في المركزين 39 و45 على التوالي. و40 جامعة ألمانية تتقدمها جامعة ميونيخ في المركز 52 . و12 جامعة هولندية بقيادة جامعتي "أوترخت" و"ليدن" اللتين جاءتا في المركزين 50 و 70 على التوالي. وثماني جامعات سويسرية أفضلها معهد زيورخ الاتحادي للتكنولوجيا صاحب المركز 23 . و23 جامعة إيطالية. وثلاث جامعات من كل من بولندا وإيرلندا. وجامعتان من كل من روسيا واليونان وتركيا والمجر. وجامعة واحدة من كل من البرتغال وجمهورية التشيك.
أما بالنسبة لمنطقة آسيا والباسفيكي، فإن القائمة اشتملت على 34 جامعة من اليابان و22 من الصين، و5 من تايوان، و5 من هونغ كونغ، و8 من كوريا الجنوبية، وجامعتين من كل من الهند وسنغافورة، 14 من استراليا، و5 من نيوزيلندة، و6 من إسرائيل (تتقدمها الجامعة العبرية صاحبة المرتبة 72) . أما ماليزيا التي كثر الحديث عن تقدمها العلمي، فلم تستطع أي من جامعاتها دخول القائمة للسنة الثامنة على التوالي.
لكن فضيحة ماليزيا لا تقارن بفضيحة المنطقة العربية التي خلت القائمة الصينية من اسم أقدم جامعاتها العصرية وهي جامعة القاهرة (تأسست عام 1908)، واسم أفضل جامعاتها وهي جامعة بيروت الأميركية (تأسست في عام 1866)، الأمر الذي يؤكد للمرة الألف وجود خلل كبير في نظام تعليمنا العالي. غير أن جامعتين سعوديتين هما "جامعة سعود الأول" و"جامعة الملك فهد للبترول والمعادن" حفظتا ماء وجه العرب نسبياً بتواجدهما للمرة الأولى في القائمة. ونقول نسبياً لأنهما احتلا مرتبتين متأخرتين هما 197 و 303 على التوالي، وهو ما حدا بالإعلام العربي إلى إخفاء الرقمين الأخيرين والاكتفاء بعبارة "أنهما كانتا ضمن أفضل 500 جامعة في العالم. لكن الجامعتين السعوديتين يحق لهما الافتخار ليس لدخولهما القائمة فحسب، وإنما أيضا لتقدمهما على جامعة طــهران (تأسست عام 1928) التي جاءت في المركز 488.
ويمكن القول إن نفوذ هذا التصنيف يتأتى من الأدوات البحثية عالية المتانة التي تستخدم في التبويب بحسب قول مستشار جامعة أكسفورد "سير كريس باتن"، هذا ناهيك عن المعايير الدقيقة المستخدمة في عملية تصنيف الجامعات، والتي تشتمل على عدد من نال من خريجيها أو أساتذتها جوائز عالمية (كجائزة نوبل) في الحقول المعرفية المختلفة، وعدد البحوث والدراسات والاكتشافات المنجزة لخدمة البشرية، وعدد ونوعية الكتب والمطبوعات التي خرجت من مطابعها، ومدى مساهمتها في تطوير العلوم الإنسانية، وغيرها من العوامل.
على أنه - كما في كل أمر -ووجه التصنيف الصيني بالكثير من الانتقادات منذ عام 2003 . فمن قائل إن المعايير التي يستخدمها الصينيون غير كافية ومضللة، إلى قائل بأنها تفصل بين عوامل لا يمكن النظر إليها إلا مجتمعة. وردا على تلك الانتقادات قال أكبر المسؤولين عن التصنيف الأكاديمي الصيني وهما "إن. سي. ليو" و "تشينج يينج"، إنه من المحال قياس جودة الجامعات بدقة، وبالتالي فإن أي تقدير أو تقويم لا بد وأن يثير حالة من الجدل.
أما الاهتمام العالمي بالتصنيف الصيني، فمنبعه هو أنه يسهل التعرف على أوجه القوة والضعف في أية جامعة، وبالتالي يسهل عملية إطلاق المبادرات بهدف محو أوجه الضعف والقصور والخلل. وطبقا للبروفسور "بيل داستيلر" كبير باحثي معهد "روتشيستر" للتكنولوجيا، فإن التصنيف المذكور يوضح المزايا النسبية لجامعات أوروبا وأميركا في مجالات الفكر والخلق والإبداع ورعاية المواهب، ناهيك عن الحدود التي بلغتها الجامعات غير الغربية في تنافسها المحموم من أجل الاقتراب من المستوى العلمي للجامعات في الغرب. وفي هذا السياق، نـُقل عن "جان فيجل" مفوض التربية في الاتحاد الأوروبي قوله إن التصنيف الصيني أتاح فرصة معرفة الكثير عما حققته جامعات الصين وغيرها من الجامعات الآسيوية، مضيفاً "إن أوروبا لا تزال هي الأقوى لجهة أعداد الجامعات وإمكانياتها، لكن مراتبها صارت تتراجع تدريجياً لجهة الجودة والجاذبية، وبما ينذر- في حالة عدم التحرك سريعاً- بخسارة مواقعنا لصالح جامعات صينية أو هندية"، ويمكن البرهان على صحة ما ذكره "فيجل" بالإشارة إلى المراتب المتدنية للجامعات الفرنسية في التصنيف الأكاديمي الصيني لعام 2010 ، كما سنتبين لاحقاً.
وحينما يتفحص المرء قائمة التصنيف الأكاديمي لعام 2010، سوف يجد أن الاكتساح كان كالعادة للجامعات الأميركية. حيث اشتملت قائمة أفضل 500 جامعة في العالم على 168 جامعة أميركية تتقدمها هارفارد (أفضل جامعات العالم للسنة الثامنة على التوالي)، وبيركلي وستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وبرنستون وكولومبيا وشيكاغو بالترتيب، علما بأنه لو تحدثنا عن أفضل عشر جامعات على مستوى العالم لوجدنا ثماني منها من الولايات المتحدة، ولو تحدثنا عن أفضل مائة جامعة لوجدنا 54 منها أيضاً في الأخيرة.
أما الجامعات الأوروبية فاحتلت المراتب الوسطى أي دون المائة. حيث نجد في قائمة أفضل 500 جامعة: 40 جامعة بريطانية تتقدمها جامعة كامبردج في المرتبة الخامسة، وجامعة أكسفورد في المرتبة العاشرة، وجامعة مانشستر في المركز 44 ، وجامعة أدنبرة في المركز 54 ، وجامعة شيفلد في المركز 88، وجامعة برمنجهام في المرتبة 99 ، ونجد 21 جامعة فرنسية أفضلها جامعتا "باريس 6" و "باريس 11" اللتان جاءتا في المركزين 39 و45 على التوالي. و40 جامعة ألمانية تتقدمها جامعة ميونيخ في المركز 52 . و12 جامعة هولندية بقيادة جامعتي "أوترخت" و"ليدن" اللتين جاءتا في المركزين 50 و 70 على التوالي. وثماني جامعات سويسرية أفضلها معهد زيورخ الاتحادي للتكنولوجيا صاحب المركز 23 . و23 جامعة إيطالية. وثلاث جامعات من كل من بولندا وإيرلندا. وجامعتان من كل من روسيا واليونان وتركيا والمجر. وجامعة واحدة من كل من البرتغال وجمهورية التشيك.
أما بالنسبة لمنطقة آسيا والباسفيكي، فإن القائمة اشتملت على 34 جامعة من اليابان و22 من الصين، و5 من تايوان، و5 من هونغ كونغ، و8 من كوريا الجنوبية، وجامعتين من كل من الهند وسنغافورة، 14 من استراليا، و5 من نيوزيلندة، و6 من إسرائيل (تتقدمها الجامعة العبرية صاحبة المرتبة 72) . أما ماليزيا التي كثر الحديث عن تقدمها العلمي، فلم تستطع أي من جامعاتها دخول القائمة للسنة الثامنة على التوالي.
لكن فضيحة ماليزيا لا تقارن بفضيحة المنطقة العربية التي خلت القائمة الصينية من اسم أقدم جامعاتها العصرية وهي جامعة القاهرة (تأسست عام 1908)، واسم أفضل جامعاتها وهي جامعة بيروت الأميركية (تأسست في عام 1866)، الأمر الذي يؤكد للمرة الألف وجود خلل كبير في نظام تعليمنا العالي. غير أن جامعتين سعوديتين هما "جامعة سعود الأول" و"جامعة الملك فهد للبترول والمعادن" حفظتا ماء وجه العرب نسبياً بتواجدهما للمرة الأولى في القائمة. ونقول نسبياً لأنهما احتلا مرتبتين متأخرتين هما 197 و 303 على التوالي، وهو ما حدا بالإعلام العربي إلى إخفاء الرقمين الأخيرين والاكتفاء بعبارة "أنهما كانتا ضمن أفضل 500 جامعة في العالم. لكن الجامعتين السعوديتين يحق لهما الافتخار ليس لدخولهما القائمة فحسب، وإنما أيضا لتقدمهما على جامعة طــهران (تأسست عام 1928) التي جاءت في المركز 488.