شمري حايلي
06 Sep 2010, 11:36 AM
جهود الملك عبدالعزيز في نشر عقيدة التوحيد
بقلم د. أحمد الباتلي
http://haras.naseej.com/Images/haras/294/p096_01_01.jpg
الملك عبدالعزيزحرص جلالة الملك عبدالعزيز -قدس الله روحه- منذ أن استرد الرياض عام 1319ه واستتب له الأمر، على نشر العقيدة السلفية الصحيحة، وبث العلم الشرعي، وغرس الأخلاق الإسلامية بين الناس. فهذه البلاد قامت على تحكيم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي هذا يقول جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في إحدى خطبه: "إن اعتصامي بالله، وسيري على الطريقة المحمدية، واقتدائي بعلماء المسلمين يدعوني -إن شاء الله تعالى- إلى الدعوة لكلمة التوحيد، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل"(1). فقرر بذلك التزامه بالدعوة للتوحيد، وتحكيم الشريعة الإسلامية. وبذل جهده في إعداد جيل مؤمن متسلح بالعقيدة الإسلامية، فسخر كل طاقاته وإمكاناته لخدمة شعبه، وتعليمهم ودعوتهم على منهج الدعوة الإصلاحية التي رفع لواءها الإمامان: محمد بن سعود، ومحمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله تعالى.
وقد رأى بثاقب نظره أن سكان المدن يمكن تعليمهم عن طريق المدارس والمعاهد العلمية، مع الجهود المبذولة في المساجد من قبل الأئمة في تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم الدين، وحضور الدروس بعد العصر بالقراءة في كتاب "رياض الصالحين" للإمام النووي -رحمه الله- وقبل العشاء في "تفسير ابن كثير" رحمه الله، إضافة لخطبة الجمعة، وما لها من أثر إيجابي في تفقيه الناس، وتعليمهم أمور دينهم.
ولكن سكان القرى والهجر بحاجة للعلم الشرعي، والمدارس لديهم قليلة، وقد تكون بعيدة عنهم، ولا يستطيعون الوصول إليها لتعذر المواصلات -آنذاك- كما أن طلاب العلم يعز وجودهم هناك. ففام جلالة الملك عبدالعزيز بخطوة رائدة بإرسال العلماء والدعاة لتعليم الناس ودعوتهم في القرى والهجر.
قال الأستاذ أمين الريحاني(2) "باشر ابن سعود إصلاحه الكبير بالوسائل الدينية، فكان يرسل المطاوعة إلي البادية ليعلموا أهلها دين التوحيد، والفرائض، ويزينوا لهم هجر ما هم فيه، إلى ما دعاهم إليه من إيمان يستشعرونه...".
ومن أوائل العلماء والدعاة الذين أرسلهم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ- عبدالله بن حسن آل الشيخ(3) -رحمه الله- أرسله إلى "الأرطاوية" وكان أميرها آنذاك (فيصل الدويش) من قبيلة مطير.
وكانت هذه الرحلة الدعوية للشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رحلة مباركة جعل الله فيها الخير، ونفع بها أهل الأرطاوية، فاستفادوا من فضيلته كثيراً من العلوم الشرعية، وانتفعوا بمواعظه المؤثرة، فتبدلت طباع أهل البادية من الجفاء إلى اللين، وحسن الخلق.
ثم بعد عودة الشيخ عبدالله آل الشيخ، أرسل جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ عمر بن سليم(4) -رحمه الله- الى نفس هجرة الأرطاوية عام 1330ه فقام بأداء تلك المهمة على الوجه الأكمل في نشر العقيدة، وتعليم الفقه، وحث الناس على مكارم الأخلاق، ونبذ العادات السيئة، ثم أرسل جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ محمد بن عثمان الشادي(5) -رحمه الله- إلى بلدة الغطغط، وكان أميرها آنذاك (سلطان بن بجاد) من قبيلة عتيبة فأقام الشيخ الشادي عندهم معلماً واعظاً ومرشداً للجيش إذا خرجوا للغزو تحت راية جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ثم أرسل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ عبدالله بن حمد بن عتيق(6) -رحمه الله- لهجرة الغطغط، فوصلهم في شهر رمضان المبارك فصلى بهم هذا العالم الجليل، وكان حسن الصوت بتلاوة القرآن الكريم، فاجتمع عليه الناس في صلاة التراويح، وتأثروا بحسن تلاوته، وكثر الباكون، وأقبلت القلوب رغبة فيما عند علام الغيوب. وصارت للشيخ عندهم مكانة رفيعة في نفوسهم.
وهكذا أثمرت جهود الملك عبدالعزيز(7) -رحمه الله- في إرسال الدعاة للقرى والهجر والبوادي، وآتت ثمارها في نشر العلم والدعوة، وغرس الأخلاق الحميدة بينهم عن طريق بناء المساجد، وفتح المدارس، وتحقيق التآلف بين القبائل، ونبذ الاختلاف والتنازع تحت راية التوحيد.
المراجع:
(1) جريدة أم القرى، العدد رقم (228).
(2) تاريخ نجد الحديث (ص 261)
(3) علماء نجد للشيخ البسام 1-83
(4) المرجع السابق 3-745
(5) المرجع السابق 3-898
(6) المرجع السابق 2-528
(7) للاستزادة يراجع كتاب: الدعوة في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- للدكتور- محمد بن ناصر الشثري. (1-386).
(* أستاذ مشارك - قسم السنّة وعلومها
كلية أصول الدين بالرياض- جامعة الإمام.
بقلم د. أحمد الباتلي
http://haras.naseej.com/Images/haras/294/p096_01_01.jpg
الملك عبدالعزيزحرص جلالة الملك عبدالعزيز -قدس الله روحه- منذ أن استرد الرياض عام 1319ه واستتب له الأمر، على نشر العقيدة السلفية الصحيحة، وبث العلم الشرعي، وغرس الأخلاق الإسلامية بين الناس. فهذه البلاد قامت على تحكيم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي هذا يقول جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في إحدى خطبه: "إن اعتصامي بالله، وسيري على الطريقة المحمدية، واقتدائي بعلماء المسلمين يدعوني -إن شاء الله تعالى- إلى الدعوة لكلمة التوحيد، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل"(1). فقرر بذلك التزامه بالدعوة للتوحيد، وتحكيم الشريعة الإسلامية. وبذل جهده في إعداد جيل مؤمن متسلح بالعقيدة الإسلامية، فسخر كل طاقاته وإمكاناته لخدمة شعبه، وتعليمهم ودعوتهم على منهج الدعوة الإصلاحية التي رفع لواءها الإمامان: محمد بن سعود، ومحمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله تعالى.
وقد رأى بثاقب نظره أن سكان المدن يمكن تعليمهم عن طريق المدارس والمعاهد العلمية، مع الجهود المبذولة في المساجد من قبل الأئمة في تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم الدين، وحضور الدروس بعد العصر بالقراءة في كتاب "رياض الصالحين" للإمام النووي -رحمه الله- وقبل العشاء في "تفسير ابن كثير" رحمه الله، إضافة لخطبة الجمعة، وما لها من أثر إيجابي في تفقيه الناس، وتعليمهم أمور دينهم.
ولكن سكان القرى والهجر بحاجة للعلم الشرعي، والمدارس لديهم قليلة، وقد تكون بعيدة عنهم، ولا يستطيعون الوصول إليها لتعذر المواصلات -آنذاك- كما أن طلاب العلم يعز وجودهم هناك. ففام جلالة الملك عبدالعزيز بخطوة رائدة بإرسال العلماء والدعاة لتعليم الناس ودعوتهم في القرى والهجر.
قال الأستاذ أمين الريحاني(2) "باشر ابن سعود إصلاحه الكبير بالوسائل الدينية، فكان يرسل المطاوعة إلي البادية ليعلموا أهلها دين التوحيد، والفرائض، ويزينوا لهم هجر ما هم فيه، إلى ما دعاهم إليه من إيمان يستشعرونه...".
ومن أوائل العلماء والدعاة الذين أرسلهم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ- عبدالله بن حسن آل الشيخ(3) -رحمه الله- أرسله إلى "الأرطاوية" وكان أميرها آنذاك (فيصل الدويش) من قبيلة مطير.
وكانت هذه الرحلة الدعوية للشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رحلة مباركة جعل الله فيها الخير، ونفع بها أهل الأرطاوية، فاستفادوا من فضيلته كثيراً من العلوم الشرعية، وانتفعوا بمواعظه المؤثرة، فتبدلت طباع أهل البادية من الجفاء إلى اللين، وحسن الخلق.
ثم بعد عودة الشيخ عبدالله آل الشيخ، أرسل جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ عمر بن سليم(4) -رحمه الله- الى نفس هجرة الأرطاوية عام 1330ه فقام بأداء تلك المهمة على الوجه الأكمل في نشر العقيدة، وتعليم الفقه، وحث الناس على مكارم الأخلاق، ونبذ العادات السيئة، ثم أرسل جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ محمد بن عثمان الشادي(5) -رحمه الله- إلى بلدة الغطغط، وكان أميرها آنذاك (سلطان بن بجاد) من قبيلة عتيبة فأقام الشيخ الشادي عندهم معلماً واعظاً ومرشداً للجيش إذا خرجوا للغزو تحت راية جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ثم أرسل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الشيخ عبدالله بن حمد بن عتيق(6) -رحمه الله- لهجرة الغطغط، فوصلهم في شهر رمضان المبارك فصلى بهم هذا العالم الجليل، وكان حسن الصوت بتلاوة القرآن الكريم، فاجتمع عليه الناس في صلاة التراويح، وتأثروا بحسن تلاوته، وكثر الباكون، وأقبلت القلوب رغبة فيما عند علام الغيوب. وصارت للشيخ عندهم مكانة رفيعة في نفوسهم.
وهكذا أثمرت جهود الملك عبدالعزيز(7) -رحمه الله- في إرسال الدعاة للقرى والهجر والبوادي، وآتت ثمارها في نشر العلم والدعوة، وغرس الأخلاق الحميدة بينهم عن طريق بناء المساجد، وفتح المدارس، وتحقيق التآلف بين القبائل، ونبذ الاختلاف والتنازع تحت راية التوحيد.
المراجع:
(1) جريدة أم القرى، العدد رقم (228).
(2) تاريخ نجد الحديث (ص 261)
(3) علماء نجد للشيخ البسام 1-83
(4) المرجع السابق 3-745
(5) المرجع السابق 3-898
(6) المرجع السابق 2-528
(7) للاستزادة يراجع كتاب: الدعوة في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- للدكتور- محمد بن ناصر الشثري. (1-386).
(* أستاذ مشارك - قسم السنّة وعلومها
كلية أصول الدين بالرياض- جامعة الإمام.