ابو الحارث
07 Oct 2004, 10:52 PM
سلمان بن فهد العودة !!
لا أُخفي عليكم كم هو شائك هذا الموضوع الذي أنا بصدده .. الكلام عن العلماء بعينهم ليس سهلاً ، خاصة إذا كانوا على قيد الحياة .. ولكني لمّا رأيت الكثير من الشباب قد انشغلوا بالتأييد والنقد ، والردّ والأخذ ، انشغلوا بالشيخ عن الكثير من قضايا الأمة حتى أصبح الشيخ قضية بحد ذاتها عليه مدار ولاء الكثير وبراء الكثير ، ولم يسلم من الغلو من البعض والإتهام بالعمالة والنفاق (بل وبالكفر) من البعض الآخر !! رأيت بعد تردد طويل ، كتابة هذه الكلمات التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن تُسهم بعض الشيء في تصحيح بعض المفاهيم المتعلقة بهذا الأمر ..
قبل أن أبدأ ، أود أن يعرف الجميع بأنني لم أرى الشيخ إلا في محاضرتين له في موسم الحج ومحاضرة في منزله في القصيم ، ولكنني سمعت أكثر أشرطة الشيخ وقرأت كل كتبه وأكثر مقالاته .. كان لا بد من ذكر هذا حتى لا يظن البعض بأنني من المتعصبين للشيخ أو من الجاهلين بمذهبه ..
لقد ذكرت في مقالة سابقة بعنوان "نحن والعلماء" بأن الناس قد انقسموا في العلماء إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول: الإفراط في حقهم.
القسم الثاني: التفريط في حقهم.
القسم الثالث: الإعتدال والوسطية.
وبينت أن القسم الثالث هو المحمود المنصوص عليه في القرآن والسنة وكلام العلماء "فلا إفراط ولا تفريط " .. ولكن ، وللأسف ، أخذ الكثير من الشباب ينجرفون في مستنقع الإفراط أو في وادي التفريط دون وعي أو إدراك ..
لقد كادت الأمة أن تجمع على فضل الشيخ وإمامته يوم أن كان في السجن ، وقد رأينا هذا جليا من خلال انتشار أشرطته وإقبال الناس عليها وعلى كتبه ، ولكن الأمر اختلف كثيراً بعد تفجيرات أمريكا ، أو بالأحرى في لحظة إعلان أمريكا عزمها على غزو أفغانستان ..
لقد كان الشيخ من أشد الناس إنكاراً على حكومات الخليج للسماح للقوات الأمريكية بالتواجد في جزيرة العرب في حرب العراق الأولى ، وسجن بسبب ذلك مدة ليست بالقصيرة ، وقد أدركت سلطات بلاده الخطأ الكبير من جراء سجنه لأن ذلك لم يحقق المراد ، بل زادت شهرته وشعبيته في أوساط الشباب وانتشرت كتبه وأشرطته وتقدمت على كتب وأشرطة جميع العلماء في ذلك الوقت ، فقامت بالإفراج عنه ..
لما قامت الحرب الأمريكية على أفغانستان ، توقع أكثر الشباب أن يقوم الشيخ بدوره المنتظر بالتصدي لهذا الغزو وإطلاق الفتاوى القوية التي ثتير الحماس في الأمة وتحرّضها على الجهاد ، ولكن الشيخ كان له رأي آخر ووجهة نظر أخرى لا تتفق مع ما توقعه الشباب ، فحصلت الملابسات والإختلافات وتعصب بعض الشباب لرأي الشيخ والبعض الآخر أبدى امتعاضه وغضبه من موقفه (وهم الأغلبية) !!
اتضح من واقع هذه الملابسات بأن الكثير من الشباب لم يتعلم بعد تقبل الرأي المخالف ، أو حتى تسويغه ، ولو كان هذ الرأي من عالم يعرفه ويثق به وبعلمه !!
إن الناس ما زالوا مختلفين في آرائهم وأفكارهم وإن اتفقوا في مناهجهم وعقائدهم .. فقد اختلف كبار الصحابة رضي الله عنهم في أمور كثيرة ، بل في أمور مصيرية وخطيرة :
لما ارتدت العرب ، عارض أكثر الصحابة إصرار "الصديق" رضي الله عنه على حرب المرتدين ، وكان على رأس المعارضين "الفاروق عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ، وكانت لعمر وجهة نظر معقولة ، إلا أن "الصديق" رضي الله عنه كان أعلم وأدرى بمصلحة الأمة من عُمر الذي غضب عليه الصديق حتى قال له "أجبّار في الجاهلية خوّار في الإسلام يا عمر" !! أصر "الصدّيق" على رأيه وأمضى أمره فكان الفتح المبين والتمكين للدين ..
وقد يأتي الرأي المنطقي من مفضول فيأخذ به الأفضل كما حصل في غزوة بدر حيث قال الحُبَاب بن المنذر للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلًا أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال: " بل هو الرأي والحرب والمكيدة ".
قال : يا رسول الله ، إن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتى أدنى ماء من القوم (قريش) فننزله ونغوّر - أي نُخَرِّب - ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضًا، فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد أشرت بالرأي ".
فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش حتى أتى أقرب ماء من العدو، فنزل عليه شطر الليل ، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من القلب. ..
وهذه الحادثة تبين لنا أن الرأي قد يكون صحيحاً فيأتي رأي يكون فيه فائدة أكبر للناس . فقد كان رأي النبي صلى الله عليه وسلم وتدبيره حكيماً ، ولكن الرأي الذي رآه "الحباب" رضي الله عنه هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ورآه أصلح للمسلمين ، ولا يشك مسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم من الحباب وأعرف بمصالح الناس ، ولكنه رأي بشري في موقف معين لم ينزل في شأنه وحي ، فإختاره النبي صلى الله عليه وسلم ..
وقد يتحمس بعض الناس ويغلب حماسهم العقل ورأي أهل العلم والخبرة والدراية ، كما حصل في غزوة أُحد عندما عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً عسكرياً أعلى ، تبادل فيه الرأي لاختيار الموقف ... ثم قدم رأيه إلى صحابته ألا يخرجوا من المدينة وأن يتحصنوا بها ، فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بِشَرِّ مُقَام وبغير جدوي ، وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة ، والنساء من فوق البيوت ... ولكن جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر ومن غيرهم ، أشاروا على النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج، وألحوا عليه في ذلك حتى قال قائلهم: يا رسول الله،كنا نتمني هذا اليوم وندعو الله ، فقد ساقه إلينا وقرب المسير ، اخرج إلى أعدائنا ، لا يرون أنا جَبُنَّا عنهم.
وكان في مقدمة هؤلاء المتحمسين حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم : "والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم طعاماً حتى أجالدهم بسيفي خارج المدينة" . فتنازل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه مراعاة لهؤلاء المتحمسين، واستقر الرأي على الخروج من المدينة ، واللقاء في الميدان السافر.
وتغير الموقف في غزوة تبوك لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بتجمع الروم في جحافل كبيرة يريدون المدينة وكان الناس في الجزيرة في عسرة وجدب من البلاء وقلة من الظهر ، وكانت الثمار قد طابت ، فكانوا يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم فيه ، ومع هذا كله كانت المسافة بعيدة، والطريق وعرة صعبة.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينظر إلى الظروف والتطورات بنظرة أدق وأحكم من هذه الإعتبارات ، لقد رأى عليه الصلاة والسلام أنه لو توانى وتكاسل عن غزو الروم في هذه الظروف الحاسمة ، وترك جحافل الروم لتجوس خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الإسلام ونفوذه ، وتزحف إلى المدينة كان له أسوأ أثر على الدعوة الإسلامية وعلى سمعة المسلمين العسكرية ، فالجاهلية التي تلفظ نفسها الأخير بعد ما لقيت من الضربة القاصمة في حنين ستحيا مرة أخري ، والمنافقون الذين يتربصون الدوائر بالمسلمين ، ويتصلون بملك الرومان بواسطة "أبي عامر الفاسق" سيبعجون بطون المسلمين بخناجرهم من الخلف ، في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام ، وهكذا يخفق كثير من الجهود التي بذلها هو أصحابه في نشر الإسلام ، وتذهب المكاسب التي حصلوا عليها بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة... تذهب هذه المكاسب بغير جدوي. كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعرف كل ذلك جيداً، ولذلك قرر القيام - مع ما كان فيه من العسرة والشدة - بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومان في حدودهم، ولا يمهلونهم حتى يزحفوا إلى دار الإسلام.
لم يعقد النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً إستشارياً في هذا الموقف ، بل عقد العزم وأمر بالنفير ، فكانت المصلحة في فعله صلى الله عليه وسلم .. لم يكن الموقف يحتمل ما احتمله في أُحد من انتظار العدو ليدهم بلاد الإسلام ، بل كانت الحكمة تقتضي خروج النبي صلى الله عليه وسلم لملاقاة العدو في بلاده وصده عن بلاد الإسلام ، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين وحضهم على الجهاد والإنفاق في سبيل الله .
يتبين لنا من المواقف السابقة عدة أمور :
أولاً : قد يكون رأي العالم الواحد أفضل من رأي الجماعة وإن كان فيهم علماء ، كما هو الشأن في رأي الصديق في حرب المرتدين .
ثانياً : قد يكون رأي المفضول أصلح للأخذ من رأي الفاضل (وإن لم يكن خطأ) ، كما هو الشأن في رأي الحباب في غزوة بدر .
ثالثاً : قد يكون الرأي الناتج عن الحماس ليس في محله فيغلب صوت الحكمة والتدبير السديد ، كما حصل في غزوة أُحد .
رابعاً : قد يكون الوضع لا يحتمل الكثير من الآراء وإنما ينبغي للناس أن يصدروا عن رأي واحد حازم فصْل ، كما هو الحال في غزوة تبوك .
ويتبين مما سبق أن الإختلاف بين الآراء وارد حتى في أحلك الظروف (الحرب) ، ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا الخلاف ناتج عن عمالة أو جهل بالواقع أو نفاق ، وإنما هي تقديرات بشرية تُقدّر المصالح وفق المعطيات على أرض الواقع ، وتتفاوت هذه التقديرات بتفاوت العقول والخبرات والمعلومات ..
إن الذي أعرفه وأدين الله به أن الشيخ "سلمان" فوق ما يتهمه بعض الناس من العمالة والنفاق وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا تصدقه العقول ولا تُقرّه القلوب ولا يقرّه الواقع (نحسبه كذلك والله حسيبه) ، وهو في الوسط العلمي بمكان يصعب معه ترويج تهمة الجهل عليه (يعرف ذلك من له أدنى معرفة أو عقل) ، أما الجُبن والخوَر فقد كانت له مواقف تشهد له بعدم صحة هذه الإدعاءات .. وإذا إنتفت كل هذه الأمور ، يبقى عامل الرأي واختلافه وفق التقدير البشري ..
لا يشك عاقل بأن الرجل يمتاز بوعي فكري وعقل راجح ظهر من خلال مواقفه وأطروحاته في شتى مجالات العلم والمعرفة ، وظهر فهمه الجلي للواقع في دراساته العلمية وتأصيلاته الشرعية البعيدة عن العشوائية والحشوية .
ولا يشك عاقل بأن الشيخ بشر ، والبشر وارد عليهم الخطأ والصواب ، "وكل بني آدم خطّاء " ، وقد يوفّق في أكثر القرارات والآراء ولكن ليس في جميعها ، وهذا مقرر عقلاً وشرعاً ..
إننا إذا اختلفنا مع الشيخ – حفظه الله – في تقدير مصلحة وفق الضوابط الشرعية فإننا لا ننتقص من الشيخ ولا نرد كل كلامه وفتاواه وما قال به وما سوف يقوله ، وإنما اخترنا رأي آخر قاله أهل الخبرة والدراية من قادة الجهاد الذين هم عندنا أعلم من الشيخ حفظه الله في الجانب العسكري من الصراع بيننا وبين الكفار ، وليس هذا تعصباً منا للمجاهدين وإنما هذا ما رأينا أنه أقرب للأدلة الشرعية وأصلح للمسلمين ولمستقبل الأمة ..
إن تحديد التكافؤ العسكري وإمكانية القتال يجب أن يُترك لمن له خبرة في هذا المجال . لقد قال الشيخ عبد الله عزام –رحمه الله – في لقاء مسجل : قال لي الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : والله يا شيخ عبد الله ، ما كنا نظن أن الأفغان يصمدون لأسبوع أمام القوات السوفييتية " ، يقول الشيخ عزام : ولقد مضى على الجهاد الأفغاني أكثر من ثمانية سنوات والأفغان منتصرون على الجيش السوفييتي " (انتهى) ..
إن للشيخ سلمان – حفظه الله – مبررات ومسوغات وقرائن شرعية قوية تسند رأيه ، وهو لم يعطّل الجهاد –كما افترى عليه البعض من الذين لم يفهموا كلامه – وإنما جاء كلامه بعد تدبر للنصوص الشرعية والواقع الذي يعيشه المسلمون . ولنضرب بعض الأمثلة لتوضيح الأمر :
يقول تعالى " وكان حقاً علينا نصر المؤمنين" ، هذه الآية تُبين أن النصر حليف المؤمنين ، ومعروف بأن الإيمان أعلى درجة من الإسلام ، ولتحقيق هذا الوعد ينبغي للمسلم أن يصل إلى درجة الإيمان .. ويقول تعالى " إن تنصروا الله ينصركم " ، وهذه الآية فيها شرط لتحقيق النصر ، فشرط النَّصر: نُصرة الدين !! وقال تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ..
والأمثلة كثيرة جداً من كتاب الله وسنة نبيه تُبيّن أن الإستعداد مطلوب ، وأن صلاح الأمة من أهم الإستعدادات (بل هي أهم من الجانب التقني والعسكري) لتحقيق النصر على الأعداء ..
وهنا يأتي السؤال : هل الأمة مستعدّة للجهاد الآن !! هل وصل المسلمون إلى درجة الإيمان المقصودة في الآية المذكورة !! وهل حقق المسلمون شرط نُصرة الدين أم أنه لا بد من العمل على تحقيقه !! وهل أعدّت الأمة كل ما تستطيع من قوة !!
هذا هو محور الخلاف الذي عليه مدار سائر الخلافات الأخرى بين أصحاب الرأيين .. فقسم يرى بأن جموعاً من الأمة اليوم (وإن كانت قليلة) مستعدة للقتال ، وينبغي لهذه الجموع أن تنفر للثغور لسدها في وجه الأعداء وتحرير بلاد المسلمين ، والرأي الآخر يقول : بأن الأمة ليست مستعدة للجهاد الآن لأسباب ينبغي التعامل معها قبل المواجهة المباشرة مع الأعداء !!
إن الشيخ سلمان – حفظه الله – لا يرى تعطيل الجهاد لأنه يعرف أنه لا سبيل لذلك فـ "الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة" ، ولكنه يقول بالتركيز على الإعداء في هذه المرحلة ، وغيره يرى بأن الإعداد يكون أفضل ما يكون في ساحات الجهاد ، وهذا ما يقول به قادة المجاهدين الذين جرّبوا ورأوا ثمرات الجهاد ..
والذي أراه (وقد ذكرته في مقالة سابقة بعنوان "المواجهة السلمية ، بل المسلحة") بأن الرأيين لا ينبغي لهما أن يكونا متصادمين أو متناقضين بل هما مكملان لبعضهما البعض ، فالإستعداد أمر شرعي مطلوب بلا شك ، والجهاد أمر شرعي مطلوب بلا شك ، ولا يكون جهاد بدون إستعداد ، ولا يكون استعداد بدون جهاد (لأن العدو لن يتركنا نستعد إن لم ندفعه عنا) ..
أقول : ما المانع أن يعمل بعض العلماء والدعاة بشحذ الهمم والعزائم للدعوة إلى الله وكسب المسلمين والإعداد لعناصر القوة في الأمة ، ويعمل غيرهم من العلماء والدعاة في تحريض الأمة على الجهاد في سبيل الله لصد أعداء الله عن بلاد الإسلام !! نحن بحاجة إلى العملين معاً .. وهما لمن نظر في حقيقتهما عمل واحد متكامل ..
لنترك أهل الجهاد للجهاد وأهل الإعداد للإعداء فـ "كلٌّ ميسَّر لما خلق له " ، ولنعمل معاً على التكامل والتنسيق لا التضاد والتفريق الذي هو سبب حتمي للضعف والفشل " وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " ، وليكن كلام نبينا صلى الله عليه وسلم نصب أعيننا ، فقد قال عليه الصلاة والسلام "إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تناجشوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تنافسوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا" (صحيح : انظر صحيح الأدب المفرد للألباني 317) ..
[ملاحظة : هذا الكلام لا ينطبق على علماء السلاطين المعروفين بتمييع المفاهيم الشرعية وفق هوى الحكام ، وإنما هذا الكلام ينطبق العلماء الذين عُرفوا بإخلاصهم وعملهم من أجل هذا الدين ..]
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
( منقــــــــــــــــــــــــــــــول مقال أعجبني ونقلته لكم )
كتبه
حسين بن محمود
26 صفر 1424 هـ
لا أُخفي عليكم كم هو شائك هذا الموضوع الذي أنا بصدده .. الكلام عن العلماء بعينهم ليس سهلاً ، خاصة إذا كانوا على قيد الحياة .. ولكني لمّا رأيت الكثير من الشباب قد انشغلوا بالتأييد والنقد ، والردّ والأخذ ، انشغلوا بالشيخ عن الكثير من قضايا الأمة حتى أصبح الشيخ قضية بحد ذاتها عليه مدار ولاء الكثير وبراء الكثير ، ولم يسلم من الغلو من البعض والإتهام بالعمالة والنفاق (بل وبالكفر) من البعض الآخر !! رأيت بعد تردد طويل ، كتابة هذه الكلمات التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن تُسهم بعض الشيء في تصحيح بعض المفاهيم المتعلقة بهذا الأمر ..
قبل أن أبدأ ، أود أن يعرف الجميع بأنني لم أرى الشيخ إلا في محاضرتين له في موسم الحج ومحاضرة في منزله في القصيم ، ولكنني سمعت أكثر أشرطة الشيخ وقرأت كل كتبه وأكثر مقالاته .. كان لا بد من ذكر هذا حتى لا يظن البعض بأنني من المتعصبين للشيخ أو من الجاهلين بمذهبه ..
لقد ذكرت في مقالة سابقة بعنوان "نحن والعلماء" بأن الناس قد انقسموا في العلماء إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول: الإفراط في حقهم.
القسم الثاني: التفريط في حقهم.
القسم الثالث: الإعتدال والوسطية.
وبينت أن القسم الثالث هو المحمود المنصوص عليه في القرآن والسنة وكلام العلماء "فلا إفراط ولا تفريط " .. ولكن ، وللأسف ، أخذ الكثير من الشباب ينجرفون في مستنقع الإفراط أو في وادي التفريط دون وعي أو إدراك ..
لقد كادت الأمة أن تجمع على فضل الشيخ وإمامته يوم أن كان في السجن ، وقد رأينا هذا جليا من خلال انتشار أشرطته وإقبال الناس عليها وعلى كتبه ، ولكن الأمر اختلف كثيراً بعد تفجيرات أمريكا ، أو بالأحرى في لحظة إعلان أمريكا عزمها على غزو أفغانستان ..
لقد كان الشيخ من أشد الناس إنكاراً على حكومات الخليج للسماح للقوات الأمريكية بالتواجد في جزيرة العرب في حرب العراق الأولى ، وسجن بسبب ذلك مدة ليست بالقصيرة ، وقد أدركت سلطات بلاده الخطأ الكبير من جراء سجنه لأن ذلك لم يحقق المراد ، بل زادت شهرته وشعبيته في أوساط الشباب وانتشرت كتبه وأشرطته وتقدمت على كتب وأشرطة جميع العلماء في ذلك الوقت ، فقامت بالإفراج عنه ..
لما قامت الحرب الأمريكية على أفغانستان ، توقع أكثر الشباب أن يقوم الشيخ بدوره المنتظر بالتصدي لهذا الغزو وإطلاق الفتاوى القوية التي ثتير الحماس في الأمة وتحرّضها على الجهاد ، ولكن الشيخ كان له رأي آخر ووجهة نظر أخرى لا تتفق مع ما توقعه الشباب ، فحصلت الملابسات والإختلافات وتعصب بعض الشباب لرأي الشيخ والبعض الآخر أبدى امتعاضه وغضبه من موقفه (وهم الأغلبية) !!
اتضح من واقع هذه الملابسات بأن الكثير من الشباب لم يتعلم بعد تقبل الرأي المخالف ، أو حتى تسويغه ، ولو كان هذ الرأي من عالم يعرفه ويثق به وبعلمه !!
إن الناس ما زالوا مختلفين في آرائهم وأفكارهم وإن اتفقوا في مناهجهم وعقائدهم .. فقد اختلف كبار الصحابة رضي الله عنهم في أمور كثيرة ، بل في أمور مصيرية وخطيرة :
لما ارتدت العرب ، عارض أكثر الصحابة إصرار "الصديق" رضي الله عنه على حرب المرتدين ، وكان على رأس المعارضين "الفاروق عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ، وكانت لعمر وجهة نظر معقولة ، إلا أن "الصديق" رضي الله عنه كان أعلم وأدرى بمصلحة الأمة من عُمر الذي غضب عليه الصديق حتى قال له "أجبّار في الجاهلية خوّار في الإسلام يا عمر" !! أصر "الصدّيق" على رأيه وأمضى أمره فكان الفتح المبين والتمكين للدين ..
وقد يأتي الرأي المنطقي من مفضول فيأخذ به الأفضل كما حصل في غزوة بدر حيث قال الحُبَاب بن المنذر للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلًا أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال: " بل هو الرأي والحرب والمكيدة ".
قال : يا رسول الله ، إن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتى أدنى ماء من القوم (قريش) فننزله ونغوّر - أي نُخَرِّب - ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضًا، فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد أشرت بالرأي ".
فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش حتى أتى أقرب ماء من العدو، فنزل عليه شطر الليل ، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من القلب. ..
وهذه الحادثة تبين لنا أن الرأي قد يكون صحيحاً فيأتي رأي يكون فيه فائدة أكبر للناس . فقد كان رأي النبي صلى الله عليه وسلم وتدبيره حكيماً ، ولكن الرأي الذي رآه "الحباب" رضي الله عنه هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ورآه أصلح للمسلمين ، ولا يشك مسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم من الحباب وأعرف بمصالح الناس ، ولكنه رأي بشري في موقف معين لم ينزل في شأنه وحي ، فإختاره النبي صلى الله عليه وسلم ..
وقد يتحمس بعض الناس ويغلب حماسهم العقل ورأي أهل العلم والخبرة والدراية ، كما حصل في غزوة أُحد عندما عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً عسكرياً أعلى ، تبادل فيه الرأي لاختيار الموقف ... ثم قدم رأيه إلى صحابته ألا يخرجوا من المدينة وأن يتحصنوا بها ، فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بِشَرِّ مُقَام وبغير جدوي ، وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة ، والنساء من فوق البيوت ... ولكن جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر ومن غيرهم ، أشاروا على النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج، وألحوا عليه في ذلك حتى قال قائلهم: يا رسول الله،كنا نتمني هذا اليوم وندعو الله ، فقد ساقه إلينا وقرب المسير ، اخرج إلى أعدائنا ، لا يرون أنا جَبُنَّا عنهم.
وكان في مقدمة هؤلاء المتحمسين حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم : "والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم طعاماً حتى أجالدهم بسيفي خارج المدينة" . فتنازل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه مراعاة لهؤلاء المتحمسين، واستقر الرأي على الخروج من المدينة ، واللقاء في الميدان السافر.
وتغير الموقف في غزوة تبوك لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بتجمع الروم في جحافل كبيرة يريدون المدينة وكان الناس في الجزيرة في عسرة وجدب من البلاء وقلة من الظهر ، وكانت الثمار قد طابت ، فكانوا يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم فيه ، ومع هذا كله كانت المسافة بعيدة، والطريق وعرة صعبة.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينظر إلى الظروف والتطورات بنظرة أدق وأحكم من هذه الإعتبارات ، لقد رأى عليه الصلاة والسلام أنه لو توانى وتكاسل عن غزو الروم في هذه الظروف الحاسمة ، وترك جحافل الروم لتجوس خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الإسلام ونفوذه ، وتزحف إلى المدينة كان له أسوأ أثر على الدعوة الإسلامية وعلى سمعة المسلمين العسكرية ، فالجاهلية التي تلفظ نفسها الأخير بعد ما لقيت من الضربة القاصمة في حنين ستحيا مرة أخري ، والمنافقون الذين يتربصون الدوائر بالمسلمين ، ويتصلون بملك الرومان بواسطة "أبي عامر الفاسق" سيبعجون بطون المسلمين بخناجرهم من الخلف ، في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام ، وهكذا يخفق كثير من الجهود التي بذلها هو أصحابه في نشر الإسلام ، وتذهب المكاسب التي حصلوا عليها بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة... تذهب هذه المكاسب بغير جدوي. كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعرف كل ذلك جيداً، ولذلك قرر القيام - مع ما كان فيه من العسرة والشدة - بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومان في حدودهم، ولا يمهلونهم حتى يزحفوا إلى دار الإسلام.
لم يعقد النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً إستشارياً في هذا الموقف ، بل عقد العزم وأمر بالنفير ، فكانت المصلحة في فعله صلى الله عليه وسلم .. لم يكن الموقف يحتمل ما احتمله في أُحد من انتظار العدو ليدهم بلاد الإسلام ، بل كانت الحكمة تقتضي خروج النبي صلى الله عليه وسلم لملاقاة العدو في بلاده وصده عن بلاد الإسلام ، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين وحضهم على الجهاد والإنفاق في سبيل الله .
يتبين لنا من المواقف السابقة عدة أمور :
أولاً : قد يكون رأي العالم الواحد أفضل من رأي الجماعة وإن كان فيهم علماء ، كما هو الشأن في رأي الصديق في حرب المرتدين .
ثانياً : قد يكون رأي المفضول أصلح للأخذ من رأي الفاضل (وإن لم يكن خطأ) ، كما هو الشأن في رأي الحباب في غزوة بدر .
ثالثاً : قد يكون الرأي الناتج عن الحماس ليس في محله فيغلب صوت الحكمة والتدبير السديد ، كما حصل في غزوة أُحد .
رابعاً : قد يكون الوضع لا يحتمل الكثير من الآراء وإنما ينبغي للناس أن يصدروا عن رأي واحد حازم فصْل ، كما هو الحال في غزوة تبوك .
ويتبين مما سبق أن الإختلاف بين الآراء وارد حتى في أحلك الظروف (الحرب) ، ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا الخلاف ناتج عن عمالة أو جهل بالواقع أو نفاق ، وإنما هي تقديرات بشرية تُقدّر المصالح وفق المعطيات على أرض الواقع ، وتتفاوت هذه التقديرات بتفاوت العقول والخبرات والمعلومات ..
إن الذي أعرفه وأدين الله به أن الشيخ "سلمان" فوق ما يتهمه بعض الناس من العمالة والنفاق وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا تصدقه العقول ولا تُقرّه القلوب ولا يقرّه الواقع (نحسبه كذلك والله حسيبه) ، وهو في الوسط العلمي بمكان يصعب معه ترويج تهمة الجهل عليه (يعرف ذلك من له أدنى معرفة أو عقل) ، أما الجُبن والخوَر فقد كانت له مواقف تشهد له بعدم صحة هذه الإدعاءات .. وإذا إنتفت كل هذه الأمور ، يبقى عامل الرأي واختلافه وفق التقدير البشري ..
لا يشك عاقل بأن الرجل يمتاز بوعي فكري وعقل راجح ظهر من خلال مواقفه وأطروحاته في شتى مجالات العلم والمعرفة ، وظهر فهمه الجلي للواقع في دراساته العلمية وتأصيلاته الشرعية البعيدة عن العشوائية والحشوية .
ولا يشك عاقل بأن الشيخ بشر ، والبشر وارد عليهم الخطأ والصواب ، "وكل بني آدم خطّاء " ، وقد يوفّق في أكثر القرارات والآراء ولكن ليس في جميعها ، وهذا مقرر عقلاً وشرعاً ..
إننا إذا اختلفنا مع الشيخ – حفظه الله – في تقدير مصلحة وفق الضوابط الشرعية فإننا لا ننتقص من الشيخ ولا نرد كل كلامه وفتاواه وما قال به وما سوف يقوله ، وإنما اخترنا رأي آخر قاله أهل الخبرة والدراية من قادة الجهاد الذين هم عندنا أعلم من الشيخ حفظه الله في الجانب العسكري من الصراع بيننا وبين الكفار ، وليس هذا تعصباً منا للمجاهدين وإنما هذا ما رأينا أنه أقرب للأدلة الشرعية وأصلح للمسلمين ولمستقبل الأمة ..
إن تحديد التكافؤ العسكري وإمكانية القتال يجب أن يُترك لمن له خبرة في هذا المجال . لقد قال الشيخ عبد الله عزام –رحمه الله – في لقاء مسجل : قال لي الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : والله يا شيخ عبد الله ، ما كنا نظن أن الأفغان يصمدون لأسبوع أمام القوات السوفييتية " ، يقول الشيخ عزام : ولقد مضى على الجهاد الأفغاني أكثر من ثمانية سنوات والأفغان منتصرون على الجيش السوفييتي " (انتهى) ..
إن للشيخ سلمان – حفظه الله – مبررات ومسوغات وقرائن شرعية قوية تسند رأيه ، وهو لم يعطّل الجهاد –كما افترى عليه البعض من الذين لم يفهموا كلامه – وإنما جاء كلامه بعد تدبر للنصوص الشرعية والواقع الذي يعيشه المسلمون . ولنضرب بعض الأمثلة لتوضيح الأمر :
يقول تعالى " وكان حقاً علينا نصر المؤمنين" ، هذه الآية تُبين أن النصر حليف المؤمنين ، ومعروف بأن الإيمان أعلى درجة من الإسلام ، ولتحقيق هذا الوعد ينبغي للمسلم أن يصل إلى درجة الإيمان .. ويقول تعالى " إن تنصروا الله ينصركم " ، وهذه الآية فيها شرط لتحقيق النصر ، فشرط النَّصر: نُصرة الدين !! وقال تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ..
والأمثلة كثيرة جداً من كتاب الله وسنة نبيه تُبيّن أن الإستعداد مطلوب ، وأن صلاح الأمة من أهم الإستعدادات (بل هي أهم من الجانب التقني والعسكري) لتحقيق النصر على الأعداء ..
وهنا يأتي السؤال : هل الأمة مستعدّة للجهاد الآن !! هل وصل المسلمون إلى درجة الإيمان المقصودة في الآية المذكورة !! وهل حقق المسلمون شرط نُصرة الدين أم أنه لا بد من العمل على تحقيقه !! وهل أعدّت الأمة كل ما تستطيع من قوة !!
هذا هو محور الخلاف الذي عليه مدار سائر الخلافات الأخرى بين أصحاب الرأيين .. فقسم يرى بأن جموعاً من الأمة اليوم (وإن كانت قليلة) مستعدة للقتال ، وينبغي لهذه الجموع أن تنفر للثغور لسدها في وجه الأعداء وتحرير بلاد المسلمين ، والرأي الآخر يقول : بأن الأمة ليست مستعدة للجهاد الآن لأسباب ينبغي التعامل معها قبل المواجهة المباشرة مع الأعداء !!
إن الشيخ سلمان – حفظه الله – لا يرى تعطيل الجهاد لأنه يعرف أنه لا سبيل لذلك فـ "الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة" ، ولكنه يقول بالتركيز على الإعداء في هذه المرحلة ، وغيره يرى بأن الإعداد يكون أفضل ما يكون في ساحات الجهاد ، وهذا ما يقول به قادة المجاهدين الذين جرّبوا ورأوا ثمرات الجهاد ..
والذي أراه (وقد ذكرته في مقالة سابقة بعنوان "المواجهة السلمية ، بل المسلحة") بأن الرأيين لا ينبغي لهما أن يكونا متصادمين أو متناقضين بل هما مكملان لبعضهما البعض ، فالإستعداد أمر شرعي مطلوب بلا شك ، والجهاد أمر شرعي مطلوب بلا شك ، ولا يكون جهاد بدون إستعداد ، ولا يكون استعداد بدون جهاد (لأن العدو لن يتركنا نستعد إن لم ندفعه عنا) ..
أقول : ما المانع أن يعمل بعض العلماء والدعاة بشحذ الهمم والعزائم للدعوة إلى الله وكسب المسلمين والإعداد لعناصر القوة في الأمة ، ويعمل غيرهم من العلماء والدعاة في تحريض الأمة على الجهاد في سبيل الله لصد أعداء الله عن بلاد الإسلام !! نحن بحاجة إلى العملين معاً .. وهما لمن نظر في حقيقتهما عمل واحد متكامل ..
لنترك أهل الجهاد للجهاد وأهل الإعداد للإعداء فـ "كلٌّ ميسَّر لما خلق له " ، ولنعمل معاً على التكامل والتنسيق لا التضاد والتفريق الذي هو سبب حتمي للضعف والفشل " وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " ، وليكن كلام نبينا صلى الله عليه وسلم نصب أعيننا ، فقد قال عليه الصلاة والسلام "إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تناجشوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تنافسوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا" (صحيح : انظر صحيح الأدب المفرد للألباني 317) ..
[ملاحظة : هذا الكلام لا ينطبق على علماء السلاطين المعروفين بتمييع المفاهيم الشرعية وفق هوى الحكام ، وإنما هذا الكلام ينطبق العلماء الذين عُرفوا بإخلاصهم وعملهم من أجل هذا الدين ..]
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
( منقــــــــــــــــــــــــــــــول مقال أعجبني ونقلته لكم )
كتبه
حسين بن محمود
26 صفر 1424 هـ