ام حفصه
08 Oct 2010, 01:03 AM
صدر عن " المركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة " رسالة دكتوراه بعنوان : " حركة التغريب في السعودية.. المرأة أنموذجًا " لمؤلفها د. عبد العزيز بن أحمد البداح .
وقد نوقشت الرسالة في جامعة الأزهر بقسم الأديان والمذاهب في كلية الدعوة الإسلامية في الرابع من ذي الحجة لعام 1430هـ نال بها كاتبها درجة العالمية (الدكتوراه) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى .
والكتاب يكشف عن حركةِ التغريبِ وخطره وآثاره الأخلاقية والاجتماعية والدينية والثقافية على المجتمع ، ويعد مرجعا مهما جدا .
بعد أن قامت في بلادنا تياراتٌ فاسدة؛ ومذاهب منحلَّة تقوي شوكة الباطل مُصرحين بسعيهم للقضاء على الإسلام ومظاهره، فجنَّدوا لذلك الأتباع، وسخروا لتحقيق الأهداف التلاميذ، ولمن أخطر هذه التيارات حركة التغريب في السعودية، والتي تسعى جاهدةً -وبكل كياناتها وأفرداها- إلى تغريب البلاد والنساء ومظاهر الحياة، وإخراجها من عباءة الإسلام إلى عباءة الغرب بما فيه من انحلال وانحطاط.
ولا شكَّ أن لهذه الحركة أجندةً سياسية غاية أهدافها تغريب المرأة السعودية، فهي الأم والبنت والأخت والزوجة، وفي إفسادها إفساد المجتمع، فوضعوا لذلك الأهداف، متمثلةً في خلع الحجاب، والمناداة بالاختلاط بين الجنسين في المحافل العامة والخاصة، ورفع قوامة الرجل على المرأة، ثم عمل المرأة في المجالات كافة، ثم حدَّدوا السبل، وكان من أهمها دور الإعلام بوسائله المختلفة (القنوات الفضائية، المجلات التغريبية،…) في نشر التغريب والترويج لثقافته.
هذا ما يخرجُ به قارئ كتاب "التغريب في السعودية، المرأة أنموذجًا" والذي صدر مؤخرًا عن المركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة، ويمثل الكتاب بحثًا مطولًا ودقيقًا، ومرجعًا أساسيًا في هذا الشأن، لاستناده على مصادر ومراجع موثقة، بل ويُشكر لمؤلفه الجهد البارز في جمع الأدلة والبراهين، والاعتماد على المنهج العلمي في الوصف والتحليل، وتظهر متابعته لتاريخ تطور الحركة ونشأتها بكثيرٍ من الإمعان والتدقيق، فرصد رموز الحركة المتشبعين بثقافتها، المنبهرين بحضارتها، بعد أن تعرض لطرق دعوتهم المختلفة لها.
مما حدا بقسم الأديان والمذاهب في كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر أن تجيز هذا البحث كرسالة علمية نال بها كاتبها درجة العالمية (الدكتوراه) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
ويطرح المؤلف في الكتاب -بِجُرْأة في التناول- خطر التغريب، وآثاره الأخلاقية، والاجتماعية، والدينية، والثقافية على المرأة السعودية؛ ومن ثم على المجتمع ذاته، وذلك من خلال "مقدمة وتمهيد وخمسة فصول" اشتمل عليهم البحث، ثم قسمها إلى مباحث ومطالب وفروع في شكل تفصيلي رائع، لتشعب الموضوع وتفريعاته؛ فلقد اشتملت على التعليم، والإعلام، والقطاع الطبي، والسياحة، وغيرها من المجالات الأخرى.
لمحةٌ عن واقع السعودية وحركة التغريب فيها
جاء الفصل الأول تحت هذا العنوان، وقد شمل مبحثين:
المبحث الأول: احتوى على ثلاثة مطالب ناقش الأول "الواقع السياسي للمملكة العربية السعودية، ولمن الجيد أن يذكر المراحل التاريخية الثلاثة التي مرت بها منذ قيامها وحتى وقتنا الحالي ليكون القارئ على دراية كاملة بهذا الواقع، ويستطيع أن يقف على البداية الحقيقية لحركة التغريب.
وفي المطلب الثاني يتحدث الكتاب عن الواقع الديني للمملكة، حيث أن الدين الإسلامي –وهو الدين الرسمي لجميع سكانها- سيقف عائقًا مهمًّا أمام تحقيق طموحات هذه الحركة وأهدافها، ثم يتناول في المطلب الثالث الواقع الاجتماعي للسعودية، وخاصة أنها تُعد من المجتمعات الاقتصادية الناشئة –حسب رأي الباحث- فالطفرة الاقتصاديـة الحقيقة بدأت في السبعينيات الميلادية، ولكن على الرغم من التطور السريع في التنمية الاقتصادية في البلاد إلا أن المجتمع لا يزال محافظًا على كثير من الثوابت الاجتماعية لما فرضته محددات معينة كمكانة البلاد الدينية، وسلامتها من الاحتلال الأجنبي، وغيرها من المحددات التي ذكرها الباحث في هذا المقام.
المبحث الثاني: ويتناول فيه الكتاب تعريف ونشأة وتطور حركة التغريب في المملكة العربية السعودية، وجدير هنا أن يستوقفنا التفصيل الكامل، والتحقيق الظاهر، والتحليل العلمي لظروف النشأة وكذا تطور الحركة، ففصل التعريف في المطلب الأول، وأشار في الثاني إلى أنه لا توجد كتب أرَّخت لبداية حركة التغريب في السعودية أو تتبعت انطلاقتها، وأنه اعتمد على مجموعة من الوقائع التاريخية التي يمكن اعتبارها بداية الحركة، وأكد في الثالث أنها مرَّت بعدد من المراحل والأطوار منذ نشأتها لتصل في النهاية إلى التفشي الظاهر في المجتمع، ولقد استخدم طريقة ممنهجة رصينة في رصد تطور الحركة ليجعل الكتاب أحد أهم المراجع في المكتبة العربية والإسلامية.
أهداف الحركة وأسبابها وعوائقها
تحت هذا العنوان جاء الفصل الثاني الذي لا يختلف عن سابقه في غزارة المعلومات والبيانات والاستشهادات، كما أنه يغطي منطقة الأهداف والأسباب والعوائق بشكل مميز، ويحتوي هذا الفصل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ويتحدث فيه عن الأهداف الحقيقية لحركة تغريب المرأة، وأنهم ليسوا كما يدعون حُماة المجتمعات، أصحاب المشاريع الحضارية التي تسعى إلى خدمة الأفراد والشعوب، إذ أنهم وبالنظر في أعمالهم وأهدافهم لم يقدموا سوى إفقار الشعوب، ومصادرة الحريات، ونهب الثروات، والعبث بتراث الأمة ومقدراتها.
وبعد القراءة المتأنية لهذه الحركة تجد أيها القارئ الكريم أن أولى أهدافهم هو السعي الدءوب لخلع الحجاب عن المرأة السعودية، ولقد فصل فيه الباحث مطلبًا هامًا، فحركة تغريب المرأة تتخذ من المطالبة بنزع الحجاب سبيلًا إلى العري والانحلال، ولن يكفيهم أن تكون امرأة سافرة عن وجهها فحسب، بل لا بدَّ أن تكون مبدية لجميع مفاتنها، سالكين في ذلك مسلك الحركات التغريبية التي قامت في دول العالم الإسلامي.
ثم يناقش الكتاب في مطلب آخر تركيز كُتَّاب الحركة في مقالاتهم، ورواياتهم، وإطلاق توصياتهم في المؤتمرات والندوات خارج وداخل المملكة؛ على حرية الاختلاط بين الجنسين، ساعين لتحقيق هذا الهدف على أرض الواقع، حيث أنهم يرون أن الفصل بين المرأة والرجل موقف لا إنساني على الإطلاق، ويتابع الكتاب في سرد الأهداف فيبتغون رفع قوامة الرجل عن المرأة، قاصدين إبعاد المرأة عن رعاية الزوج والأب، فتسافر وتخرج وتعمل وتفعل ما تريد من غير رقابة ولا رعاية ولا توجيه.
قد تضطرُّ المرأة للخروج للعمل، وهذا لا يمانع فيه الإسلام ما دام في إطار مجموعة من الضوابط الشرعية، والآداب الإسلامية التي تكفل لها حفظ كرامتها؛ وصيانة عرضها، إلا أن حركة التغريب تهدف ضمن غاياتها أن تُقحم المرأة في مجالات العمل كافة فتدخل في مجال السياسة، والإدارة، والفن، والرياضة، والحِرف اليدوية، والسياحة، والصناعة، وغيرها من المجالات، وإننا لنرى ذلك مفصلًا في المطلب الرابع للفصل الثاني من كتاب التغريب في السعودية "المرأة أنموذجًا".
المبحث الثاني: وفيه يسرد الباحث جملة من الأسباب التي ساعدت على قيام حركة التغريب بعد أن قسمها إلى داخلية وخارجية، فشهدت الداخلية ستة فروع لتشعبها وكثرتها؛ بدأ الأول بالفهم المغلوط للتنمية والتحديث، ويظهر أثره من خلال طبيعة المجتمع وبداية نشأته متمثلة في الابتعاث إلى مصر بداية ثم إلى الدول الأجنبية، والثاني اكتشاف البترول والذي لم يتم اكتشافه إلا من خلال شركات أجنبية، وصارت الاستعانة بشركات أجنبية في البناء والتشييد في شتى المجالات عرفًا في بقية المشروعات، وأخيرًا استيراد مشاريع التنمية بكل مساوئها من الغرب.
ولم يخفَ على الباحث الدور الكبير للنخب المستغربة في عملية تغريب المرأة، بل أثبت أن الحركة لم تقم في الأصل إلا على أكتافها، فلقد تولَّت هذه النخب مسئولية الإعلام -على وجه الخصوص- بأنواعه من صحافة وإذاعة وتلفاز ورواية ومقالة وغيرها من صور الإعلام وفنونه، يُضاف إلى ذلك نفوذها المالي والاجتماعي في المجتمع السعودي، وذلك خلال فرع آخر من فروع الأسباب الداخلية.
كما أدَّى الانفتاح الإعلامي إلى قيام هذه الحركة بشكل رئيس؛ فمع بداية التسعينيات الميلادية بدأ الانفتاح الفضائي يزداد شيئًا فشيئًا حتى بلغت مئات القنوات التي تدخـل البيوت وتقتحم المنازل من غير إذن أهلها، في الوقت الذي أكَّد فيه الباحث في فرعه الثالث على أن القنوات لا تعبِّر عن ثقافة المجتمع المسلم ولا عن قيمه وأخلاقه؛ بل هي خنجر مسموم، وسلاح فتاك ضُربت به الأمة في دينها وقيمها وأخلاقها.
ولقد أبدع رموز التيار التغريبي وأدواته في استغلال "الحوادث الإرهابية" في تحقيق أهدافهم، وهو مما ذكره الباحث في الفرع الرابع مفصلًا، وأيضًا استغلالهم للمظالم الواقعة على المرأة، رافعين شعار الوطنية، مُظهرين التباكي على مكانة المرأة وحريتها، فهي تُمنع من ميراثها، وتُعاني من تسلُّط وليها، فضلًا عن معاناة المطلقات والأرامل والعنف الأسري والتحرش والابتزاز الجنسي.
ولما كان الإنصاف يقتضي الاعتراف بأن هذه المظالم واقعة لا محالة على بعض النسوة، وهو ممن خالفوا شريعة الله، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وكما يظهر جليًا في الفرع الخامس هنا أن حركة التغريب جعلت من هذه المظالم ذريعة ومدخلًا للمطالبة ببرامجه ومشاريعه ليس إلا.
ويصدق الكاتب حينما يشير إلى تراجع العمل الدعوي، وضعفه في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد إغلاق مؤسسة الحرمين التي كانت تُعد من أكبر المؤسسات الدعوية في السعودية؛ بما كان لها من نشاطات قوية، وجهد واضح داخل المملكة وخارجها، ومما ساعد على انتشار الدعوة التغريبية ونجاحها إلى حدٍّ كبير؛ فضلًا عن اضمحلال العمل الخيري بالمملكة كما وضحه الفرع السادس من هذا المبحث؛ عد تفشي الأعمال الإرهابية، وتوجس المحسنين منه، والتقليدية في الأساليب الدعوية، وحزبية المؤسسات الدعوية، وعدم نضج بعض القيادات الدعوية.. إلخ.
ولم يقتصر الكاتب على الأسباب الداخلية السابقة فحسب بل ضمن المطلب الثاني أسباب حركة التغريب الخارجية، وفسر فيها أربعة فروع كسابقيها، ارتبط الأول: بـ"هيمنة القطب الواحد" فقيام حركة التغريب مرتبط بهيمنة أمريكا وسيطرتها على المنطقة؛ نظرًا للارتباط القوي والعلاقة الوثيقة بينهما، ودلائل هذه العلاقة أكثر من أن تحصر، ثم تجيء "الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية" كفرع آخر؛ ففي البداية وقفت الحكومة السعودية موقف الرافض من المؤتمرات التي عقدتها هيئة الأمم المتحدة حول قضايا المرأة والطفل برؤية غربية حتى توقيعها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 2000م مما كان له بالغ الأثر في قيام حركة التغريب.
وأكد الكاتب على استغلال "أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م" لمصالح الدولة المهيمنة، فأوردها كفرع آخر من فروع هذا المطلب، فهي سبب رئيسي للدفع بحركة التغريب في السعودية، سواء ذهبنا إلى أن تلك الأحداث صنيعة أمريكية أم لم لا؛ فإن لها تأثيرًا عظيمًا على كثير من مجتمعاتنا الإسلامية بشكل أبرزه الكتاب بصورة ملمة شافية.
ولم يتوق الأمر عند الهيمنة الأمريكية بل تعداها إلى "الضغوط الدولية" فيؤكد البحث في فرعه الأخير في هذا المطلب الشائك إن السعودية تواجه بسبب نظامها الاجتماعي المتعلق بالمرأة ضغوطًا دولية شديدة، إذ تتضمن التقارير والبيانات التي تصدرها الدول والمنظمات الدولية بحق السعودية انتقادًا دائمًا لأوضاع المرأة في المملكة.
المبحث الثالث: ويحدثنا فيه الكاتب عن "العوائق التي تقف أمام حركة التغريب"، محتويًا على ستة مطالب:
بدأت تلك المطالب بـ"مكانة البلاد الدينية"؛ حيث وجود الحرمين الشريفين في الجزيرة العربية جعل لها خصوصية ومكانة تفرضها وجود هذه الأماكن المقدسة، مما أعاق حركة التغريب عن المضي في تنفيذ أهدافها وتحقيق مطامعها..
وبما أن السعودية في الأصل قامت على حلف ديني سياسي – بحسب المؤلف، مثَّل الأول: العلماء، والثاني: الأمراء، وكذا للعلماء عبر تاريخ البلاد أثر وتأثير في مسيرتها، بل في المشهد السعودي فإن النظام السياسي -باعتباره نظامًا دينيًا- يستمد شرعيته من المؤسسة الدينية، ولهذا كله فإن من أشد العقبات التي تواجه حركة التغريب في المجتمع "التحالف بين المؤسسة الدينية والقيادة السياسية".
ويُكمِل الكاتب بقية المعوقات لهذا التيار التغريبي فيذكر في مطلبه الثالث "رعاية الدولة ورموزها للنشاط الإسلامي" فالدولة تعمل على دعم وتمويل العمل الإسلامي في الداخل والخارج، فضلًا عن تدين المجتمع نفسه، فالمجتمع السعودي كباقي المجتمعات الإسلامية التي تشهد تدينًا وإقبالًا على الالتزام بالإسلام، ويعود هذا التدين والمحافظة في المجتـمع إلى عدد من العوامل والأسباب، يبرزها الكاتب في عدد من النقاط التي جاءت ضمن المطلب الرابع في هذا المبحث، ومما لا ريب فيه أن "قوة التيار المتدين"-الذي جاء ضمن المطلب الخامس- بتغلغله في الحياة العامة والخاصة وعلى المستوى الشعبي والحكومي يساعد في التصدي لمثل هذه الحركات.
ويناقشُ المطلب السادس معيار الأقلية والأكثرية، فالتيار التغريبي ورموزه يعتبروا أقلية في المجتمع السعودي فليس لهم حضور جماهيري ولا بُعد اجتماعي، بينما يقابل ذلك أكثرية عظمى من التيـار الدينـي.
أساليب حركة تغريب المرأة ووسائلها وسماتها
ويجمع الفصل الثالث الذي حمل هذا العنوان بين طياته ثلاثة مباحث هامة:
المبحث الأول: تخصص في إبراز "الأساليب التي تتبعها حركة التغريب"وذلك تحت اثني عشر مطلبًا، فيبدأ بأسلوبهم في "مهاجمة المنهج السلفي"، ويكون بالتنقيص منه والذم، والسب، والشتم، والتنفير، والتشويه، ثم تصويب السهام إلى "مهاجمة المؤسسة القضائية" فتطعن في أحكامها بالتشكيك فيها؛ والقدح في ذمة قاضيها، وهو ما يتتبعه المطلب الثاني.
وما أن يشوهوا صورة المؤسسات القضائية، حتى يعمدوا إلى "تشويه المؤسسات الدينية"، ويكون غالبًا في قوالب عدة، كالمبالغة والتهويل والإجحاف وعدم الإنصاف؛ وهو ما رصده الكتاب في مطلبه الثالث، ومن ثم ناقش الكاتب في المطلب الرابع "اتهام النشاطات والمراكز الدعوية" حتى تستطيع أن تفرد لها الساحة لتعمل وحدها دون منافس، مستغلين في ذلك –المطلب الخامس-"رفع شعار الوطنية، ودعوى الإصلاح" مزايدين عليه وهي مزايدة في غير محلها لأن حب الإنسان لموطنه هو أمر فطري.
ونجد الكاتب في المطلب السادس يقف على أسلوب هام وفعال من أساليب الحركة وهي" توظيف أشخاص ودعمهم ماديًّا ومعنويًّا"، وذلك لتحقيق أغراض الحركة وأهدافها من خلالهم، كما استغلوا أيضًا بعض المنتسبين للعلم والدعوة، ويظهر هذا في المطلب السابع، حيث أن الكتاب ذكر أمثلة ونماذج عديدة من هؤلاء الذين قام التيار التغريبي باستغلالهم إما غفلة منهم أو رغبة في البروز الإعلامي، أو لمآرب أخرى.
وقد استعانوا باستعداء السلطة على من لم يقدروا عليهم بتخويف الدولة منهم سواء أكانوا مؤسسات دعوية وخيرية أو دعاة وعلماء، وتصويرهم بأنهم ضد الحكومة، ويعملون من أجل الإطاحة بالنظام، وهو ما ناقشه المطلب الثامن بشيء من التفصيل.
وكذا من الأساليب التي اتخذها التيار التغريبي لتحقيق أهدافه "إبراز المستغربات" والمتأثرات بالفكر الغربي في وسائل الإعلام المختلفة، ويظهر هنا كمطلب تاسع في هذه الدراسة القويمة، كما يعمدون في كتابتهم إلى "التقليل من شأن الزواج وتربية الأولاد" فلقد أظهر الكتاب في مطلبه العاشر أن من أهداف حركة التغريب في المجتمع إقحام المرأة في مجالات العمل كافة، ويتعارض هذا مع طبيعة المرأة ووظيفتها في الحياة؛ إذ من وظائفها الفطرية: الزواج وتربية الأولاد؛ لذا عمل التيار التغريبي على التقليل من شأن الزواج وتربية الأولاد باعتباره عائقًا أمام عمل المرأة في المجالات كلها.
وبدا الاتصال بسفارات الدول الأجنبية أسلوبًا أساسيًّا لرواد هذه الحركة فجاء في المطلب الحادي العاشر أن على القارئ ألا يستغرب من هذا الأسلوب الذي انتهجه التيار التغريبي، فهو أسلوب قديم اتخذته الحركات النسائية؛ إذ كثيرًا ما يلجأ هؤلاء إلى أعداء البلاد المتربصين بها، فيعملون على استغلال المواقف والأحداث لصالحهم، ثم يظهرون عكس ذلك، بل ويقيمون السبل لتخويف الدولة من التدخل الخارجي، ولكنهم يعملون على ضرب البلاد في ظل المآسي، وتحت سقف الأحداث ووطأة الأزمات، وبهذا المطلب الثاني عشر أنهى الكاتب مبحثه الأول.
المبحث الثاني: وفيه يحدد الكاتب "وسائل حركة التغريب" في سبعة مطالب، يبدأ الأول مباشرة من أساس مهم وهو التعليم وذلك في اتجاهات ثلاثة متوازية أولًا: مدارس وكليات البنات الخاصة، ثم الابتعاث ثانيًا، والمدارس الأجنبية ثالثًا، فصلها الباحث تفصيلًا مركزًا بالأرقام والإحصاءات التي تُظهر الأهداف الخفية الحقيقية من وراء الحركة.
ثم يناقش المطلب الثاني استغلال الإعلام، وكيف أن حركة التغريب اتخذت منه بمختلف وسـائله ومجالاته وقنواته سبيلًا للوصول إلى الأهداف والغايات، ثم تناول المؤلف في مطلبه الثالث: السيـاحة والترفيـه، وكيف نفذ التغريـب من خلالهـما إلى المجتمع؟ وما هما المرحلتان التي تم من خلالهما الولوجُ إلى المجتمع السعودي لتغريب المرأة فيه؟
ومن تلك الوسائل لحركة التغريب إقامة التجمعات النسائية في السعودية من جمعيات، ومراكز، وملتقيات، ولقد بيَّن الكتاب في مطلب آخر كيف اخترقت الحركة واتخذت هذه الجمعيات وسائل لبث أفكارها، بمصارحتها للأهداف تارةً، وبغيرها أحيانا أخرى، ولم يكتفوا، بل أقاموا المراكز النسائية لتكمل الخطة، ولعبت الملتقيات النسائية في الفترة الأخيرة شكلًا بارزًا في هذا الشأن، وخاصة أنها غطت كثيرًا من المناطق والمحافظات في المملكة.
واعتبر الباحثُ أن تنظيم المؤتمرات من الوسائل التي اتخذتها حركة تغريب المرأة في السعودية لتحقيق أهدافها، وكذا اعتبر أن منتدى جدة الاقتصادي من أقوى تلك المؤتمرات، فهو يسعى إلى تمرير فكرة تحرير المرأة وبشكل سافر؛ إذ تدور غالب فعالياته وندواته، وما يجري فيها من أسئلة ومداخلات لتحقيق هذا الغرض تحديدًا.
وتحت عنوان "الأدب والرواية والمسرحية" جاء المطلب السادس ليؤرخ لاستخدام التيار التغريبي هذه الوسيلة فيقول إنه بدأ بكتابة سميرة خاشقجي لبعض رواياتها في بداية السبعينيات من القرن المنصـرم، التي حملت مضامين تغريبية من التشجيع على العلاقة بين الجنسين قبل الزواج، والتبرم من قيود الأسرة.. إلخ، ثم تبعتها انتصار العقيل، وقماشة العليان، وغيرهم ممن حادوا عن الطريق واتخذوا هذا مسلكًا، محققين بذلك جملة من الأهداف ذكرها البحث تفصيلًا جيدًا، وينهي الكتاب هذا المبحث بمطلب يعدُّ هو أكثر القطاعات التي تبدو فيها مظاهر التغريب وهو القطاع الطبي، وأرجع ذلك إلى دخول المشاريع الصحية على علاّتها، مع طبيعتها الذي تفرض على الرجل والمرأة أن يعملا معًا، وخاصة مع ضعف التيار المتدين فيها، وصعوبة الاطِّلاع على ما يجري داخله.
المبحث الثاني: ويتابع فيه الباحث ما يتعلق بهذه الحركة التغريبية من سمات وصفات، فيحددها في سبعة مطالب أساسية: فنجده يُرجح أنها حركة منظمة، تنطلق في عملها وفق آليات محددة وبرامج مجدولة، ويدل على ذلك شواهد عديدة كتوحيد الوقت، الموضوعات، وأسلوب الطرح…الخ، ويظهر في مطلب آخر أن من أهم سمات الحركة توزيعها الجيد للمهام فيما بين رموزها وأدواتها حيث يقوم كل منهم بمهمته، ولا فرق في ذلك بين مؤيد ومعارض.
والمتتبع لحركة تغريب المرأة يرى أن من سماتها التدرج في خطواتها التي تتخذها نحو تغريب المرأة، هادفة إلى تحقيق أهدافها بعيدًا عن إثارة المجتمع ضد مشاريعها، وهو ما تتبعه الباحث في مطلب ثالث، كما يدخل اعتناء الحركة ودعمها وتوجيهها لرموزها وأدواتها ماديًا ومعنويًا، في سماتها؛ وهي التي مكنتها من تحقيق أهدافها وغاياتها، وأمامنا عشرات من الشواهد والأدلة التي تؤكد هذا التوجه الذي انتهجه التيار التغريبي.
والسمة الأساسية التي تعتبر مضادة للسابقة هي الإقصاء، فهم لا يرون إلا رأيهم وفكرهم، ولو نظر القارئ نظرة عابرة للأماكن التي يسيطر عليها التيار التغريبي فلن يجد إلا نظراؤهم ومن على شاكلتهم، فهي حركة تنطلق في تعـاملها مع مخالفيـها من مبدأ رفض المناقشة، وتسفيه الرأي الآخر.
والمتفحِّص في أمر رواد وأدوات هذه الحركة ليجد أن الجهل بالأحـكام الشرعيـة المتعلقة بالمرأة سائد فيهم، فغالبهم درس في الغرب، أو حتى نشأ هناك وتلقى تعليمه الأول فيها، فتأثر بفكرهم، ولم يتلقى من العلوم الشرعية ما يكفيه.
يمر المجتمع السعودي كأي مجتمع عربي وإسلامي آخر، بمشاكل اجتماعية ومعضلات اقتصادية، كالفقر، والبطالة، والجريمة، وتضرر بهم كثيرًا، وفي المطلب السابع يضع الباحث سؤالًا هامًا حول موقف حركة التغريب من هذه الظواهر المقلقة؟ ويجيب في كلمات: "إن كثيرًا من رموز حركة التغريب وأدواتها ليس لهم حديث عن هذه الظواهر، ولا يتعرضون لها فهم مشغولون بمشكلات أكبـر، وأخطـار أعظم، كخلع الحجاب، والاختلاط، ومهاجمة الجهات الدينية".
آثارُ حركة التغريب
شهد الفصل الرابع للكتاب سجالًا طويلًا حول الآثار المترتبة على تحقيق أهداف حركة التغريب على واقع السعودية، وذلك من خلال مباحث أربعة، فرّعها إلى مطالب مختلفة:
المبحث الأول: يتناول الآثار السياسية للتيار التغريبي، موضحا ذلك في مطالب أربعة بدأها بالجرأة في مواجهة الدولة، ففي السنوات الأخيرة أُطلقت عدد من المصطلحات من خلال الصحف المحلية والقنوات الفضائية: مثل (الحرية، النقد، الإصلاح..) والمتتبع للواقع السعودي يلحظ أن هناك جرأة في مواجهة الدولة لم تكن معهودة من قبل، ويًعد اندفاع حركة التغريب بقوة لتحقيق برامجها وتنفيذ مشاريعها مع ما يصاحب ذلك من تلك الشعارات هي الدافع الأول لهذه الجرأة.
يساند التيار التغريبي الأقليات داخل المملكة، وذلك لأسباب وضحها الباحث جليًّا في المطلب الثاني؛ كالالتقاء في الأهداف، وتكوين ورقة ضغط على الكيان السياسي في الدولة، بل وامتدت أيديهم للمعارضة الخارجية بالمساعدة والعون، فيدعمون أولئك الأشخاص الذين يقيمون في الخارج، ويعارضون النظام القائم في السعودية، منطلقين من معلمين واضحين -كما ظهر في المطلب الثالث لهذا المبحث- هما الاشتراك في الهدف، والاشتراك في الوسائل.
وفي المطلب الرابع اعتبر الباحث أن تقويض الأصول التي قام عليها النظام من أخطر الآثار السياسية لحركة التغريب؛ لأن فيها محوًا لتاريخ البلاد، وقضاءً على هويته، وتمهيدًا لإزالته، ومن مظاهره دعوتهم إلى التخلي عن واجب الدعوة، وإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلغاء مرجعية الشريعة الإسلامية، والحرية المطلقة، وفصل الدين عن التعليم.
المبحث الثاني: وفيه يناقش الباحث الآثار الثقافية لتلك الحركة على ثلاثة مطالب: بدأها بتغيير المفاهيم والمصلحات، اكتفى بذكر بعضها في الكتاب كالإرهاب، والاختلاف، والتعددية، ثم ذكر في مطلب آخر محاولة إضعاف الثقافة الشرعية في البلاد، وصرح بالسبل التي اتبعتها الحركة، وكذا دوافعها،فذكر تقليص البرامج الدينية في وسائل الإعلام، والتربص بالمناهج التعليمية الدينية، وانتشار المدارس الأجنبية، فضلًا عن مهاجمة النشاطات الشرعية للتضييق عليها.
ويكمل الكاتب خلال مطلب ثالث تلك الآثار مبينًا أن حركة التغريب قائمةٌ أصلًا على نقل النموذج الغربي بكل تفاصيله وتطبيقه على المجتمع المسلم، وقد أثمر عملها على ترسيخ النمط الغربي في بعض الأفكار والسلوكيات، وعملت على تحقيق من نافذتين هما الابتعاث، والأفلام الأجنبية.
المبحث الثالث : ويناقش الكاتب فيه الآثار الاجتماعية في خمسة مطالب:
جعل التفكك الأسري هو المطلب الأول لأهميته، ولأن الأسرة هي لبنة المجتمع الأولى فإن ضربها ضرب المجتمع وانهار، واستطاع الكاتب أن يربط بين أهداف حركة التغريب ووسائلها وبرامجها، وبين مظاهر التفكك الأسري وأسبابه، وكذلك التمرد على الأسرة وهو مطلب آخر في هذا الشأن، يظهر أثره من خلال هروب الفتيات من أهلهن لمآرب مختلفة.
ويتضح من المطلب الثالث أن من آثار حركة التغريب الاجتماعية ارتفاع معدلات الطلاق والعنوسة؛ حيث يقف عدم الالتزام الديني والأخلاقي، وعمل المرأة خلف وقوع الطلاق وارتفاع معدلاته، وأيضًا من الآثار التي عملت عليها حركة التغريب طوال سنوات استقدام الخادمات والمربيات، وقيامهن بإدارة شئون المنزل نيابة عن الأم والزوجة، بسبب الاتكالية، وانتشار ثقافة المظاهر والمباهاة.
وفي المطلب الخامس ذكر الباحث أنه -وفي سنوات هذا البحث الأربعة- برزت ظاهرة العنف في السعودية بشكل واضح، وشكّلت تهديدًا داخليًا خطيرًا، استهدف الأمن والاقتصاد، ولقد كان هذا من آثار حركة تغريب المرأة في المجتمع أنهم هيئوا الظروف لظهور العنف من بعض الفئات، وساعدوا علي ذلك بأفكارهم وكتاباتهم ورواياتهم وإعلامهم.
الفصل الرابع: ويشير فيه الباحث إلى آثار حركة التغريب الأخلاقية في ثلاثة مطالب: يهتم الأول بظاهرة "ابتزاز المرأة"، التي يقف خلفها أسباب كثيرة منها: ضعف الوازع الديني، والتفكك الأسري، والدور السلبي لوسائل الإعلام، وهذه الأسباب عامل مشترك في كثير من قضايا (ابتزاز المرأة)، كما يناقش ظاهرة (التحرش الجنسي) في المطلب الثاني؛ فيؤكد على أن من أسبـاب بروزها التبـرج والسفور، والاختلاط بين الجنسين، وكلها من أهداف التيار التغريبي التي سعت لنشرها في المجتمع.
وأخيرًا في هذا الباب نجد إن حركة التغريب لا ترى غضاضة في جرائم الخلوة والدعارة بشكل خاص، والجريمة الخلقية بشكل عام؛ فهي تراها تندرج ضمن حدود الحرية الشخصية، وقد أورد الكاتب خلال بحثه عدة استشهادات من روايات رموز الحركة تدعو لنشر ثقافة الجنس والشذوذ والزنا، إضافةً إلى تبرير الخيانات الزوجية، مع التحريض على إقامة العلاقة بين الجنسين قبل الزواج.
الموقف من حركة التغريب وسبل مواجهتها
وقف الباحث في الفصل الخامس على الموقف من حركة التغريب، وكذا سبل مواجهاتها تحت مبحثين:
المبحث الأول: ومن خلاله أظهر الكتاب عددًا من المطالب للوقوف أمام هذه التيارات المخلة بنظام المجتمع، والمحركة للفتن، فنبدأ بموقف الأنظمة والتعليمات فنجد أن كل برامج وأهداف حركة التغريب تأتي مخالفة للأنظمة والتعليمات في الدولة فمثلًا تنادي بالاختلاط، والأنظمة تؤكد على منعه؛ بل وتعمل على محاسبة المخالف،وكذا موقفها مما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة، ومن الدعوة إلى الله، ومن ربط التعليم ومناهجه بالدين، وموقفها من تعليم الفتاة، ووضع الضوابط لشرعية لعمل المرأة.
ثم يأتي موقف الشخصيات السياسية من حركة التغريب في المطلب الثاني، فحري بنا أن نذكر موقف الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى- وأنه كان صارمًا تجاه رفض التغريب وثقافته، وكذا الملك فهد رحمه الله، والأمير نايف الذي يملك رؤية واضحة نحو كثير من القضايا المتعلقة بالمرأة مرتبطة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ننسى الأميرة الجوهرة الإبراهيم -حرم الملك فهد بن عبد العزيز- والتي دائمًا ما تركز في كلماتها على مكانة المرأة في الإسلام، وتورد الشبه التي تدور حولها، وتفندها.
وفي المطلب الثالث ألقي الباحث الضوء على موقف الجهات الدينية المختلفة من حركة التغريب، بعد أن قسمها إلى مؤسسات حكومية، ومؤسسات خاصة، وكيف أنها وقفت –ولا تزال- حائلًا أمام تلك الحركة، كما أشار إلى موقف العلماء من حركة التغريب في مطلب آخر، والإشادة بالجهود المبذولة منهم تجاهها، والدور الكبير الذين لعبوه في مواجهة التغريب بشتى أشكاله، ولم يترك موقف الكُتّاب والمثقفين، فبعد أن كدر كلام المستغربين ورواياتهم، جاءت نماذج وطنية مضيئة -تستحق الإشادة وتبعث على الاعتزاز- سخرت أقلامها دفاعًا عن الإسلام وذودًا عن الوطن وثقافته، وذلك في المطلب قبل الأخير من المبحث الأول.
إذ أنه ختم هذا المبحث بموقف المجتمع من حركة التغريب؛ وبيَّن أن تحديده صعب، لأننا نتحدث عن ملايين من الناس مع اختلاف الظروف والتوجهات، لكن هناك عدد من الإشارات تعطي دلالة على موقف المجتمع، أورد الباحث بعضًا منها كاستنكار الخطوات التغريبية بكل مراحلها في أحوال، وبطء التفاعل معها في أحوال أخرى.
سُبُل مواجهة حركة التغريب
وخُتم الكتاب بأهم السُّبل التي بها يضع قواعد للوقوف أمام هذا التيار المنحرف أخلاقيًّا، واجتماعيًّا، وسياسيًّا، وثقافيًّا، وذلك من خلال عشرة مطالب نوجزها لك أيها القارئ في السطور التالية:
1- الاستغلال الإيجابي لوسائل الإعلام.
2- إنشاء مراكز الدراسات الأسرية والاجتماعية.
3- تشجيع محاضن التربية والتوجيه النسائية.
4- كشف التيار التغريبي ورموزه والتحذير منه.
5- التعريف بحقوق المرأة في الإسلام.
6- رفع المظالم الواقعة على المرأة.
7- تفعيل دور الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
8- وضع خُطَط عملية ومدروسة لمواجهة حركة التغريب.
9- إنشاء مراكز تتولى الرصد والمتابعة.
10- تفعيل وإحياء الدعوة إلى الله تعالى.
وفي العموم جاء الكتاب مليئًا بالمعلومات والبيانات، جامعًا تلك المعلومات بالطرق والمناهج العلمية، بين الوصفية والتاريخية والتحليلية، وهي مستقاة من المراجع التي نجدها في نهاية الكتاب من كتب وتقارير ومجلات ووثائق، فجاء البحث شاملًا، واضعًا لنفسه مكانة في المكتبة الإسلامية.
منقول للاهميه---
وقد نوقشت الرسالة في جامعة الأزهر بقسم الأديان والمذاهب في كلية الدعوة الإسلامية في الرابع من ذي الحجة لعام 1430هـ نال بها كاتبها درجة العالمية (الدكتوراه) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى .
والكتاب يكشف عن حركةِ التغريبِ وخطره وآثاره الأخلاقية والاجتماعية والدينية والثقافية على المجتمع ، ويعد مرجعا مهما جدا .
بعد أن قامت في بلادنا تياراتٌ فاسدة؛ ومذاهب منحلَّة تقوي شوكة الباطل مُصرحين بسعيهم للقضاء على الإسلام ومظاهره، فجنَّدوا لذلك الأتباع، وسخروا لتحقيق الأهداف التلاميذ، ولمن أخطر هذه التيارات حركة التغريب في السعودية، والتي تسعى جاهدةً -وبكل كياناتها وأفرداها- إلى تغريب البلاد والنساء ومظاهر الحياة، وإخراجها من عباءة الإسلام إلى عباءة الغرب بما فيه من انحلال وانحطاط.
ولا شكَّ أن لهذه الحركة أجندةً سياسية غاية أهدافها تغريب المرأة السعودية، فهي الأم والبنت والأخت والزوجة، وفي إفسادها إفساد المجتمع، فوضعوا لذلك الأهداف، متمثلةً في خلع الحجاب، والمناداة بالاختلاط بين الجنسين في المحافل العامة والخاصة، ورفع قوامة الرجل على المرأة، ثم عمل المرأة في المجالات كافة، ثم حدَّدوا السبل، وكان من أهمها دور الإعلام بوسائله المختلفة (القنوات الفضائية، المجلات التغريبية،…) في نشر التغريب والترويج لثقافته.
هذا ما يخرجُ به قارئ كتاب "التغريب في السعودية، المرأة أنموذجًا" والذي صدر مؤخرًا عن المركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة، ويمثل الكتاب بحثًا مطولًا ودقيقًا، ومرجعًا أساسيًا في هذا الشأن، لاستناده على مصادر ومراجع موثقة، بل ويُشكر لمؤلفه الجهد البارز في جمع الأدلة والبراهين، والاعتماد على المنهج العلمي في الوصف والتحليل، وتظهر متابعته لتاريخ تطور الحركة ونشأتها بكثيرٍ من الإمعان والتدقيق، فرصد رموز الحركة المتشبعين بثقافتها، المنبهرين بحضارتها، بعد أن تعرض لطرق دعوتهم المختلفة لها.
مما حدا بقسم الأديان والمذاهب في كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر أن تجيز هذا البحث كرسالة علمية نال بها كاتبها درجة العالمية (الدكتوراه) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
ويطرح المؤلف في الكتاب -بِجُرْأة في التناول- خطر التغريب، وآثاره الأخلاقية، والاجتماعية، والدينية، والثقافية على المرأة السعودية؛ ومن ثم على المجتمع ذاته، وذلك من خلال "مقدمة وتمهيد وخمسة فصول" اشتمل عليهم البحث، ثم قسمها إلى مباحث ومطالب وفروع في شكل تفصيلي رائع، لتشعب الموضوع وتفريعاته؛ فلقد اشتملت على التعليم، والإعلام، والقطاع الطبي، والسياحة، وغيرها من المجالات الأخرى.
لمحةٌ عن واقع السعودية وحركة التغريب فيها
جاء الفصل الأول تحت هذا العنوان، وقد شمل مبحثين:
المبحث الأول: احتوى على ثلاثة مطالب ناقش الأول "الواقع السياسي للمملكة العربية السعودية، ولمن الجيد أن يذكر المراحل التاريخية الثلاثة التي مرت بها منذ قيامها وحتى وقتنا الحالي ليكون القارئ على دراية كاملة بهذا الواقع، ويستطيع أن يقف على البداية الحقيقية لحركة التغريب.
وفي المطلب الثاني يتحدث الكتاب عن الواقع الديني للمملكة، حيث أن الدين الإسلامي –وهو الدين الرسمي لجميع سكانها- سيقف عائقًا مهمًّا أمام تحقيق طموحات هذه الحركة وأهدافها، ثم يتناول في المطلب الثالث الواقع الاجتماعي للسعودية، وخاصة أنها تُعد من المجتمعات الاقتصادية الناشئة –حسب رأي الباحث- فالطفرة الاقتصاديـة الحقيقة بدأت في السبعينيات الميلادية، ولكن على الرغم من التطور السريع في التنمية الاقتصادية في البلاد إلا أن المجتمع لا يزال محافظًا على كثير من الثوابت الاجتماعية لما فرضته محددات معينة كمكانة البلاد الدينية، وسلامتها من الاحتلال الأجنبي، وغيرها من المحددات التي ذكرها الباحث في هذا المقام.
المبحث الثاني: ويتناول فيه الكتاب تعريف ونشأة وتطور حركة التغريب في المملكة العربية السعودية، وجدير هنا أن يستوقفنا التفصيل الكامل، والتحقيق الظاهر، والتحليل العلمي لظروف النشأة وكذا تطور الحركة، ففصل التعريف في المطلب الأول، وأشار في الثاني إلى أنه لا توجد كتب أرَّخت لبداية حركة التغريب في السعودية أو تتبعت انطلاقتها، وأنه اعتمد على مجموعة من الوقائع التاريخية التي يمكن اعتبارها بداية الحركة، وأكد في الثالث أنها مرَّت بعدد من المراحل والأطوار منذ نشأتها لتصل في النهاية إلى التفشي الظاهر في المجتمع، ولقد استخدم طريقة ممنهجة رصينة في رصد تطور الحركة ليجعل الكتاب أحد أهم المراجع في المكتبة العربية والإسلامية.
أهداف الحركة وأسبابها وعوائقها
تحت هذا العنوان جاء الفصل الثاني الذي لا يختلف عن سابقه في غزارة المعلومات والبيانات والاستشهادات، كما أنه يغطي منطقة الأهداف والأسباب والعوائق بشكل مميز، ويحتوي هذا الفصل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ويتحدث فيه عن الأهداف الحقيقية لحركة تغريب المرأة، وأنهم ليسوا كما يدعون حُماة المجتمعات، أصحاب المشاريع الحضارية التي تسعى إلى خدمة الأفراد والشعوب، إذ أنهم وبالنظر في أعمالهم وأهدافهم لم يقدموا سوى إفقار الشعوب، ومصادرة الحريات، ونهب الثروات، والعبث بتراث الأمة ومقدراتها.
وبعد القراءة المتأنية لهذه الحركة تجد أيها القارئ الكريم أن أولى أهدافهم هو السعي الدءوب لخلع الحجاب عن المرأة السعودية، ولقد فصل فيه الباحث مطلبًا هامًا، فحركة تغريب المرأة تتخذ من المطالبة بنزع الحجاب سبيلًا إلى العري والانحلال، ولن يكفيهم أن تكون امرأة سافرة عن وجهها فحسب، بل لا بدَّ أن تكون مبدية لجميع مفاتنها، سالكين في ذلك مسلك الحركات التغريبية التي قامت في دول العالم الإسلامي.
ثم يناقش الكتاب في مطلب آخر تركيز كُتَّاب الحركة في مقالاتهم، ورواياتهم، وإطلاق توصياتهم في المؤتمرات والندوات خارج وداخل المملكة؛ على حرية الاختلاط بين الجنسين، ساعين لتحقيق هذا الهدف على أرض الواقع، حيث أنهم يرون أن الفصل بين المرأة والرجل موقف لا إنساني على الإطلاق، ويتابع الكتاب في سرد الأهداف فيبتغون رفع قوامة الرجل عن المرأة، قاصدين إبعاد المرأة عن رعاية الزوج والأب، فتسافر وتخرج وتعمل وتفعل ما تريد من غير رقابة ولا رعاية ولا توجيه.
قد تضطرُّ المرأة للخروج للعمل، وهذا لا يمانع فيه الإسلام ما دام في إطار مجموعة من الضوابط الشرعية، والآداب الإسلامية التي تكفل لها حفظ كرامتها؛ وصيانة عرضها، إلا أن حركة التغريب تهدف ضمن غاياتها أن تُقحم المرأة في مجالات العمل كافة فتدخل في مجال السياسة، والإدارة، والفن، والرياضة، والحِرف اليدوية، والسياحة، والصناعة، وغيرها من المجالات، وإننا لنرى ذلك مفصلًا في المطلب الرابع للفصل الثاني من كتاب التغريب في السعودية "المرأة أنموذجًا".
المبحث الثاني: وفيه يسرد الباحث جملة من الأسباب التي ساعدت على قيام حركة التغريب بعد أن قسمها إلى داخلية وخارجية، فشهدت الداخلية ستة فروع لتشعبها وكثرتها؛ بدأ الأول بالفهم المغلوط للتنمية والتحديث، ويظهر أثره من خلال طبيعة المجتمع وبداية نشأته متمثلة في الابتعاث إلى مصر بداية ثم إلى الدول الأجنبية، والثاني اكتشاف البترول والذي لم يتم اكتشافه إلا من خلال شركات أجنبية، وصارت الاستعانة بشركات أجنبية في البناء والتشييد في شتى المجالات عرفًا في بقية المشروعات، وأخيرًا استيراد مشاريع التنمية بكل مساوئها من الغرب.
ولم يخفَ على الباحث الدور الكبير للنخب المستغربة في عملية تغريب المرأة، بل أثبت أن الحركة لم تقم في الأصل إلا على أكتافها، فلقد تولَّت هذه النخب مسئولية الإعلام -على وجه الخصوص- بأنواعه من صحافة وإذاعة وتلفاز ورواية ومقالة وغيرها من صور الإعلام وفنونه، يُضاف إلى ذلك نفوذها المالي والاجتماعي في المجتمع السعودي، وذلك خلال فرع آخر من فروع الأسباب الداخلية.
كما أدَّى الانفتاح الإعلامي إلى قيام هذه الحركة بشكل رئيس؛ فمع بداية التسعينيات الميلادية بدأ الانفتاح الفضائي يزداد شيئًا فشيئًا حتى بلغت مئات القنوات التي تدخـل البيوت وتقتحم المنازل من غير إذن أهلها، في الوقت الذي أكَّد فيه الباحث في فرعه الثالث على أن القنوات لا تعبِّر عن ثقافة المجتمع المسلم ولا عن قيمه وأخلاقه؛ بل هي خنجر مسموم، وسلاح فتاك ضُربت به الأمة في دينها وقيمها وأخلاقها.
ولقد أبدع رموز التيار التغريبي وأدواته في استغلال "الحوادث الإرهابية" في تحقيق أهدافهم، وهو مما ذكره الباحث في الفرع الرابع مفصلًا، وأيضًا استغلالهم للمظالم الواقعة على المرأة، رافعين شعار الوطنية، مُظهرين التباكي على مكانة المرأة وحريتها، فهي تُمنع من ميراثها، وتُعاني من تسلُّط وليها، فضلًا عن معاناة المطلقات والأرامل والعنف الأسري والتحرش والابتزاز الجنسي.
ولما كان الإنصاف يقتضي الاعتراف بأن هذه المظالم واقعة لا محالة على بعض النسوة، وهو ممن خالفوا شريعة الله، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وكما يظهر جليًا في الفرع الخامس هنا أن حركة التغريب جعلت من هذه المظالم ذريعة ومدخلًا للمطالبة ببرامجه ومشاريعه ليس إلا.
ويصدق الكاتب حينما يشير إلى تراجع العمل الدعوي، وضعفه في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد إغلاق مؤسسة الحرمين التي كانت تُعد من أكبر المؤسسات الدعوية في السعودية؛ بما كان لها من نشاطات قوية، وجهد واضح داخل المملكة وخارجها، ومما ساعد على انتشار الدعوة التغريبية ونجاحها إلى حدٍّ كبير؛ فضلًا عن اضمحلال العمل الخيري بالمملكة كما وضحه الفرع السادس من هذا المبحث؛ عد تفشي الأعمال الإرهابية، وتوجس المحسنين منه، والتقليدية في الأساليب الدعوية، وحزبية المؤسسات الدعوية، وعدم نضج بعض القيادات الدعوية.. إلخ.
ولم يقتصر الكاتب على الأسباب الداخلية السابقة فحسب بل ضمن المطلب الثاني أسباب حركة التغريب الخارجية، وفسر فيها أربعة فروع كسابقيها، ارتبط الأول: بـ"هيمنة القطب الواحد" فقيام حركة التغريب مرتبط بهيمنة أمريكا وسيطرتها على المنطقة؛ نظرًا للارتباط القوي والعلاقة الوثيقة بينهما، ودلائل هذه العلاقة أكثر من أن تحصر، ثم تجيء "الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية" كفرع آخر؛ ففي البداية وقفت الحكومة السعودية موقف الرافض من المؤتمرات التي عقدتها هيئة الأمم المتحدة حول قضايا المرأة والطفل برؤية غربية حتى توقيعها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 2000م مما كان له بالغ الأثر في قيام حركة التغريب.
وأكد الكاتب على استغلال "أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م" لمصالح الدولة المهيمنة، فأوردها كفرع آخر من فروع هذا المطلب، فهي سبب رئيسي للدفع بحركة التغريب في السعودية، سواء ذهبنا إلى أن تلك الأحداث صنيعة أمريكية أم لم لا؛ فإن لها تأثيرًا عظيمًا على كثير من مجتمعاتنا الإسلامية بشكل أبرزه الكتاب بصورة ملمة شافية.
ولم يتوق الأمر عند الهيمنة الأمريكية بل تعداها إلى "الضغوط الدولية" فيؤكد البحث في فرعه الأخير في هذا المطلب الشائك إن السعودية تواجه بسبب نظامها الاجتماعي المتعلق بالمرأة ضغوطًا دولية شديدة، إذ تتضمن التقارير والبيانات التي تصدرها الدول والمنظمات الدولية بحق السعودية انتقادًا دائمًا لأوضاع المرأة في المملكة.
المبحث الثالث: ويحدثنا فيه الكاتب عن "العوائق التي تقف أمام حركة التغريب"، محتويًا على ستة مطالب:
بدأت تلك المطالب بـ"مكانة البلاد الدينية"؛ حيث وجود الحرمين الشريفين في الجزيرة العربية جعل لها خصوصية ومكانة تفرضها وجود هذه الأماكن المقدسة، مما أعاق حركة التغريب عن المضي في تنفيذ أهدافها وتحقيق مطامعها..
وبما أن السعودية في الأصل قامت على حلف ديني سياسي – بحسب المؤلف، مثَّل الأول: العلماء، والثاني: الأمراء، وكذا للعلماء عبر تاريخ البلاد أثر وتأثير في مسيرتها، بل في المشهد السعودي فإن النظام السياسي -باعتباره نظامًا دينيًا- يستمد شرعيته من المؤسسة الدينية، ولهذا كله فإن من أشد العقبات التي تواجه حركة التغريب في المجتمع "التحالف بين المؤسسة الدينية والقيادة السياسية".
ويُكمِل الكاتب بقية المعوقات لهذا التيار التغريبي فيذكر في مطلبه الثالث "رعاية الدولة ورموزها للنشاط الإسلامي" فالدولة تعمل على دعم وتمويل العمل الإسلامي في الداخل والخارج، فضلًا عن تدين المجتمع نفسه، فالمجتمع السعودي كباقي المجتمعات الإسلامية التي تشهد تدينًا وإقبالًا على الالتزام بالإسلام، ويعود هذا التدين والمحافظة في المجتـمع إلى عدد من العوامل والأسباب، يبرزها الكاتب في عدد من النقاط التي جاءت ضمن المطلب الرابع في هذا المبحث، ومما لا ريب فيه أن "قوة التيار المتدين"-الذي جاء ضمن المطلب الخامس- بتغلغله في الحياة العامة والخاصة وعلى المستوى الشعبي والحكومي يساعد في التصدي لمثل هذه الحركات.
ويناقشُ المطلب السادس معيار الأقلية والأكثرية، فالتيار التغريبي ورموزه يعتبروا أقلية في المجتمع السعودي فليس لهم حضور جماهيري ولا بُعد اجتماعي، بينما يقابل ذلك أكثرية عظمى من التيـار الدينـي.
أساليب حركة تغريب المرأة ووسائلها وسماتها
ويجمع الفصل الثالث الذي حمل هذا العنوان بين طياته ثلاثة مباحث هامة:
المبحث الأول: تخصص في إبراز "الأساليب التي تتبعها حركة التغريب"وذلك تحت اثني عشر مطلبًا، فيبدأ بأسلوبهم في "مهاجمة المنهج السلفي"، ويكون بالتنقيص منه والذم، والسب، والشتم، والتنفير، والتشويه، ثم تصويب السهام إلى "مهاجمة المؤسسة القضائية" فتطعن في أحكامها بالتشكيك فيها؛ والقدح في ذمة قاضيها، وهو ما يتتبعه المطلب الثاني.
وما أن يشوهوا صورة المؤسسات القضائية، حتى يعمدوا إلى "تشويه المؤسسات الدينية"، ويكون غالبًا في قوالب عدة، كالمبالغة والتهويل والإجحاف وعدم الإنصاف؛ وهو ما رصده الكتاب في مطلبه الثالث، ومن ثم ناقش الكاتب في المطلب الرابع "اتهام النشاطات والمراكز الدعوية" حتى تستطيع أن تفرد لها الساحة لتعمل وحدها دون منافس، مستغلين في ذلك –المطلب الخامس-"رفع شعار الوطنية، ودعوى الإصلاح" مزايدين عليه وهي مزايدة في غير محلها لأن حب الإنسان لموطنه هو أمر فطري.
ونجد الكاتب في المطلب السادس يقف على أسلوب هام وفعال من أساليب الحركة وهي" توظيف أشخاص ودعمهم ماديًّا ومعنويًّا"، وذلك لتحقيق أغراض الحركة وأهدافها من خلالهم، كما استغلوا أيضًا بعض المنتسبين للعلم والدعوة، ويظهر هذا في المطلب السابع، حيث أن الكتاب ذكر أمثلة ونماذج عديدة من هؤلاء الذين قام التيار التغريبي باستغلالهم إما غفلة منهم أو رغبة في البروز الإعلامي، أو لمآرب أخرى.
وقد استعانوا باستعداء السلطة على من لم يقدروا عليهم بتخويف الدولة منهم سواء أكانوا مؤسسات دعوية وخيرية أو دعاة وعلماء، وتصويرهم بأنهم ضد الحكومة، ويعملون من أجل الإطاحة بالنظام، وهو ما ناقشه المطلب الثامن بشيء من التفصيل.
وكذا من الأساليب التي اتخذها التيار التغريبي لتحقيق أهدافه "إبراز المستغربات" والمتأثرات بالفكر الغربي في وسائل الإعلام المختلفة، ويظهر هنا كمطلب تاسع في هذه الدراسة القويمة، كما يعمدون في كتابتهم إلى "التقليل من شأن الزواج وتربية الأولاد" فلقد أظهر الكتاب في مطلبه العاشر أن من أهداف حركة التغريب في المجتمع إقحام المرأة في مجالات العمل كافة، ويتعارض هذا مع طبيعة المرأة ووظيفتها في الحياة؛ إذ من وظائفها الفطرية: الزواج وتربية الأولاد؛ لذا عمل التيار التغريبي على التقليل من شأن الزواج وتربية الأولاد باعتباره عائقًا أمام عمل المرأة في المجالات كلها.
وبدا الاتصال بسفارات الدول الأجنبية أسلوبًا أساسيًّا لرواد هذه الحركة فجاء في المطلب الحادي العاشر أن على القارئ ألا يستغرب من هذا الأسلوب الذي انتهجه التيار التغريبي، فهو أسلوب قديم اتخذته الحركات النسائية؛ إذ كثيرًا ما يلجأ هؤلاء إلى أعداء البلاد المتربصين بها، فيعملون على استغلال المواقف والأحداث لصالحهم، ثم يظهرون عكس ذلك، بل ويقيمون السبل لتخويف الدولة من التدخل الخارجي، ولكنهم يعملون على ضرب البلاد في ظل المآسي، وتحت سقف الأحداث ووطأة الأزمات، وبهذا المطلب الثاني عشر أنهى الكاتب مبحثه الأول.
المبحث الثاني: وفيه يحدد الكاتب "وسائل حركة التغريب" في سبعة مطالب، يبدأ الأول مباشرة من أساس مهم وهو التعليم وذلك في اتجاهات ثلاثة متوازية أولًا: مدارس وكليات البنات الخاصة، ثم الابتعاث ثانيًا، والمدارس الأجنبية ثالثًا، فصلها الباحث تفصيلًا مركزًا بالأرقام والإحصاءات التي تُظهر الأهداف الخفية الحقيقية من وراء الحركة.
ثم يناقش المطلب الثاني استغلال الإعلام، وكيف أن حركة التغريب اتخذت منه بمختلف وسـائله ومجالاته وقنواته سبيلًا للوصول إلى الأهداف والغايات، ثم تناول المؤلف في مطلبه الثالث: السيـاحة والترفيـه، وكيف نفذ التغريـب من خلالهـما إلى المجتمع؟ وما هما المرحلتان التي تم من خلالهما الولوجُ إلى المجتمع السعودي لتغريب المرأة فيه؟
ومن تلك الوسائل لحركة التغريب إقامة التجمعات النسائية في السعودية من جمعيات، ومراكز، وملتقيات، ولقد بيَّن الكتاب في مطلب آخر كيف اخترقت الحركة واتخذت هذه الجمعيات وسائل لبث أفكارها، بمصارحتها للأهداف تارةً، وبغيرها أحيانا أخرى، ولم يكتفوا، بل أقاموا المراكز النسائية لتكمل الخطة، ولعبت الملتقيات النسائية في الفترة الأخيرة شكلًا بارزًا في هذا الشأن، وخاصة أنها غطت كثيرًا من المناطق والمحافظات في المملكة.
واعتبر الباحثُ أن تنظيم المؤتمرات من الوسائل التي اتخذتها حركة تغريب المرأة في السعودية لتحقيق أهدافها، وكذا اعتبر أن منتدى جدة الاقتصادي من أقوى تلك المؤتمرات، فهو يسعى إلى تمرير فكرة تحرير المرأة وبشكل سافر؛ إذ تدور غالب فعالياته وندواته، وما يجري فيها من أسئلة ومداخلات لتحقيق هذا الغرض تحديدًا.
وتحت عنوان "الأدب والرواية والمسرحية" جاء المطلب السادس ليؤرخ لاستخدام التيار التغريبي هذه الوسيلة فيقول إنه بدأ بكتابة سميرة خاشقجي لبعض رواياتها في بداية السبعينيات من القرن المنصـرم، التي حملت مضامين تغريبية من التشجيع على العلاقة بين الجنسين قبل الزواج، والتبرم من قيود الأسرة.. إلخ، ثم تبعتها انتصار العقيل، وقماشة العليان، وغيرهم ممن حادوا عن الطريق واتخذوا هذا مسلكًا، محققين بذلك جملة من الأهداف ذكرها البحث تفصيلًا جيدًا، وينهي الكتاب هذا المبحث بمطلب يعدُّ هو أكثر القطاعات التي تبدو فيها مظاهر التغريب وهو القطاع الطبي، وأرجع ذلك إلى دخول المشاريع الصحية على علاّتها، مع طبيعتها الذي تفرض على الرجل والمرأة أن يعملا معًا، وخاصة مع ضعف التيار المتدين فيها، وصعوبة الاطِّلاع على ما يجري داخله.
المبحث الثاني: ويتابع فيه الباحث ما يتعلق بهذه الحركة التغريبية من سمات وصفات، فيحددها في سبعة مطالب أساسية: فنجده يُرجح أنها حركة منظمة، تنطلق في عملها وفق آليات محددة وبرامج مجدولة، ويدل على ذلك شواهد عديدة كتوحيد الوقت، الموضوعات، وأسلوب الطرح…الخ، ويظهر في مطلب آخر أن من أهم سمات الحركة توزيعها الجيد للمهام فيما بين رموزها وأدواتها حيث يقوم كل منهم بمهمته، ولا فرق في ذلك بين مؤيد ومعارض.
والمتتبع لحركة تغريب المرأة يرى أن من سماتها التدرج في خطواتها التي تتخذها نحو تغريب المرأة، هادفة إلى تحقيق أهدافها بعيدًا عن إثارة المجتمع ضد مشاريعها، وهو ما تتبعه الباحث في مطلب ثالث، كما يدخل اعتناء الحركة ودعمها وتوجيهها لرموزها وأدواتها ماديًا ومعنويًا، في سماتها؛ وهي التي مكنتها من تحقيق أهدافها وغاياتها، وأمامنا عشرات من الشواهد والأدلة التي تؤكد هذا التوجه الذي انتهجه التيار التغريبي.
والسمة الأساسية التي تعتبر مضادة للسابقة هي الإقصاء، فهم لا يرون إلا رأيهم وفكرهم، ولو نظر القارئ نظرة عابرة للأماكن التي يسيطر عليها التيار التغريبي فلن يجد إلا نظراؤهم ومن على شاكلتهم، فهي حركة تنطلق في تعـاملها مع مخالفيـها من مبدأ رفض المناقشة، وتسفيه الرأي الآخر.
والمتفحِّص في أمر رواد وأدوات هذه الحركة ليجد أن الجهل بالأحـكام الشرعيـة المتعلقة بالمرأة سائد فيهم، فغالبهم درس في الغرب، أو حتى نشأ هناك وتلقى تعليمه الأول فيها، فتأثر بفكرهم، ولم يتلقى من العلوم الشرعية ما يكفيه.
يمر المجتمع السعودي كأي مجتمع عربي وإسلامي آخر، بمشاكل اجتماعية ومعضلات اقتصادية، كالفقر، والبطالة، والجريمة، وتضرر بهم كثيرًا، وفي المطلب السابع يضع الباحث سؤالًا هامًا حول موقف حركة التغريب من هذه الظواهر المقلقة؟ ويجيب في كلمات: "إن كثيرًا من رموز حركة التغريب وأدواتها ليس لهم حديث عن هذه الظواهر، ولا يتعرضون لها فهم مشغولون بمشكلات أكبـر، وأخطـار أعظم، كخلع الحجاب، والاختلاط، ومهاجمة الجهات الدينية".
آثارُ حركة التغريب
شهد الفصل الرابع للكتاب سجالًا طويلًا حول الآثار المترتبة على تحقيق أهداف حركة التغريب على واقع السعودية، وذلك من خلال مباحث أربعة، فرّعها إلى مطالب مختلفة:
المبحث الأول: يتناول الآثار السياسية للتيار التغريبي، موضحا ذلك في مطالب أربعة بدأها بالجرأة في مواجهة الدولة، ففي السنوات الأخيرة أُطلقت عدد من المصطلحات من خلال الصحف المحلية والقنوات الفضائية: مثل (الحرية، النقد، الإصلاح..) والمتتبع للواقع السعودي يلحظ أن هناك جرأة في مواجهة الدولة لم تكن معهودة من قبل، ويًعد اندفاع حركة التغريب بقوة لتحقيق برامجها وتنفيذ مشاريعها مع ما يصاحب ذلك من تلك الشعارات هي الدافع الأول لهذه الجرأة.
يساند التيار التغريبي الأقليات داخل المملكة، وذلك لأسباب وضحها الباحث جليًّا في المطلب الثاني؛ كالالتقاء في الأهداف، وتكوين ورقة ضغط على الكيان السياسي في الدولة، بل وامتدت أيديهم للمعارضة الخارجية بالمساعدة والعون، فيدعمون أولئك الأشخاص الذين يقيمون في الخارج، ويعارضون النظام القائم في السعودية، منطلقين من معلمين واضحين -كما ظهر في المطلب الثالث لهذا المبحث- هما الاشتراك في الهدف، والاشتراك في الوسائل.
وفي المطلب الرابع اعتبر الباحث أن تقويض الأصول التي قام عليها النظام من أخطر الآثار السياسية لحركة التغريب؛ لأن فيها محوًا لتاريخ البلاد، وقضاءً على هويته، وتمهيدًا لإزالته، ومن مظاهره دعوتهم إلى التخلي عن واجب الدعوة، وإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلغاء مرجعية الشريعة الإسلامية، والحرية المطلقة، وفصل الدين عن التعليم.
المبحث الثاني: وفيه يناقش الباحث الآثار الثقافية لتلك الحركة على ثلاثة مطالب: بدأها بتغيير المفاهيم والمصلحات، اكتفى بذكر بعضها في الكتاب كالإرهاب، والاختلاف، والتعددية، ثم ذكر في مطلب آخر محاولة إضعاف الثقافة الشرعية في البلاد، وصرح بالسبل التي اتبعتها الحركة، وكذا دوافعها،فذكر تقليص البرامج الدينية في وسائل الإعلام، والتربص بالمناهج التعليمية الدينية، وانتشار المدارس الأجنبية، فضلًا عن مهاجمة النشاطات الشرعية للتضييق عليها.
ويكمل الكاتب خلال مطلب ثالث تلك الآثار مبينًا أن حركة التغريب قائمةٌ أصلًا على نقل النموذج الغربي بكل تفاصيله وتطبيقه على المجتمع المسلم، وقد أثمر عملها على ترسيخ النمط الغربي في بعض الأفكار والسلوكيات، وعملت على تحقيق من نافذتين هما الابتعاث، والأفلام الأجنبية.
المبحث الثالث : ويناقش الكاتب فيه الآثار الاجتماعية في خمسة مطالب:
جعل التفكك الأسري هو المطلب الأول لأهميته، ولأن الأسرة هي لبنة المجتمع الأولى فإن ضربها ضرب المجتمع وانهار، واستطاع الكاتب أن يربط بين أهداف حركة التغريب ووسائلها وبرامجها، وبين مظاهر التفكك الأسري وأسبابه، وكذلك التمرد على الأسرة وهو مطلب آخر في هذا الشأن، يظهر أثره من خلال هروب الفتيات من أهلهن لمآرب مختلفة.
ويتضح من المطلب الثالث أن من آثار حركة التغريب الاجتماعية ارتفاع معدلات الطلاق والعنوسة؛ حيث يقف عدم الالتزام الديني والأخلاقي، وعمل المرأة خلف وقوع الطلاق وارتفاع معدلاته، وأيضًا من الآثار التي عملت عليها حركة التغريب طوال سنوات استقدام الخادمات والمربيات، وقيامهن بإدارة شئون المنزل نيابة عن الأم والزوجة، بسبب الاتكالية، وانتشار ثقافة المظاهر والمباهاة.
وفي المطلب الخامس ذكر الباحث أنه -وفي سنوات هذا البحث الأربعة- برزت ظاهرة العنف في السعودية بشكل واضح، وشكّلت تهديدًا داخليًا خطيرًا، استهدف الأمن والاقتصاد، ولقد كان هذا من آثار حركة تغريب المرأة في المجتمع أنهم هيئوا الظروف لظهور العنف من بعض الفئات، وساعدوا علي ذلك بأفكارهم وكتاباتهم ورواياتهم وإعلامهم.
الفصل الرابع: ويشير فيه الباحث إلى آثار حركة التغريب الأخلاقية في ثلاثة مطالب: يهتم الأول بظاهرة "ابتزاز المرأة"، التي يقف خلفها أسباب كثيرة منها: ضعف الوازع الديني، والتفكك الأسري، والدور السلبي لوسائل الإعلام، وهذه الأسباب عامل مشترك في كثير من قضايا (ابتزاز المرأة)، كما يناقش ظاهرة (التحرش الجنسي) في المطلب الثاني؛ فيؤكد على أن من أسبـاب بروزها التبـرج والسفور، والاختلاط بين الجنسين، وكلها من أهداف التيار التغريبي التي سعت لنشرها في المجتمع.
وأخيرًا في هذا الباب نجد إن حركة التغريب لا ترى غضاضة في جرائم الخلوة والدعارة بشكل خاص، والجريمة الخلقية بشكل عام؛ فهي تراها تندرج ضمن حدود الحرية الشخصية، وقد أورد الكاتب خلال بحثه عدة استشهادات من روايات رموز الحركة تدعو لنشر ثقافة الجنس والشذوذ والزنا، إضافةً إلى تبرير الخيانات الزوجية، مع التحريض على إقامة العلاقة بين الجنسين قبل الزواج.
الموقف من حركة التغريب وسبل مواجهتها
وقف الباحث في الفصل الخامس على الموقف من حركة التغريب، وكذا سبل مواجهاتها تحت مبحثين:
المبحث الأول: ومن خلاله أظهر الكتاب عددًا من المطالب للوقوف أمام هذه التيارات المخلة بنظام المجتمع، والمحركة للفتن، فنبدأ بموقف الأنظمة والتعليمات فنجد أن كل برامج وأهداف حركة التغريب تأتي مخالفة للأنظمة والتعليمات في الدولة فمثلًا تنادي بالاختلاط، والأنظمة تؤكد على منعه؛ بل وتعمل على محاسبة المخالف،وكذا موقفها مما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة، ومن الدعوة إلى الله، ومن ربط التعليم ومناهجه بالدين، وموقفها من تعليم الفتاة، ووضع الضوابط لشرعية لعمل المرأة.
ثم يأتي موقف الشخصيات السياسية من حركة التغريب في المطلب الثاني، فحري بنا أن نذكر موقف الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى- وأنه كان صارمًا تجاه رفض التغريب وثقافته، وكذا الملك فهد رحمه الله، والأمير نايف الذي يملك رؤية واضحة نحو كثير من القضايا المتعلقة بالمرأة مرتبطة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ننسى الأميرة الجوهرة الإبراهيم -حرم الملك فهد بن عبد العزيز- والتي دائمًا ما تركز في كلماتها على مكانة المرأة في الإسلام، وتورد الشبه التي تدور حولها، وتفندها.
وفي المطلب الثالث ألقي الباحث الضوء على موقف الجهات الدينية المختلفة من حركة التغريب، بعد أن قسمها إلى مؤسسات حكومية، ومؤسسات خاصة، وكيف أنها وقفت –ولا تزال- حائلًا أمام تلك الحركة، كما أشار إلى موقف العلماء من حركة التغريب في مطلب آخر، والإشادة بالجهود المبذولة منهم تجاهها، والدور الكبير الذين لعبوه في مواجهة التغريب بشتى أشكاله، ولم يترك موقف الكُتّاب والمثقفين، فبعد أن كدر كلام المستغربين ورواياتهم، جاءت نماذج وطنية مضيئة -تستحق الإشادة وتبعث على الاعتزاز- سخرت أقلامها دفاعًا عن الإسلام وذودًا عن الوطن وثقافته، وذلك في المطلب قبل الأخير من المبحث الأول.
إذ أنه ختم هذا المبحث بموقف المجتمع من حركة التغريب؛ وبيَّن أن تحديده صعب، لأننا نتحدث عن ملايين من الناس مع اختلاف الظروف والتوجهات، لكن هناك عدد من الإشارات تعطي دلالة على موقف المجتمع، أورد الباحث بعضًا منها كاستنكار الخطوات التغريبية بكل مراحلها في أحوال، وبطء التفاعل معها في أحوال أخرى.
سُبُل مواجهة حركة التغريب
وخُتم الكتاب بأهم السُّبل التي بها يضع قواعد للوقوف أمام هذا التيار المنحرف أخلاقيًّا، واجتماعيًّا، وسياسيًّا، وثقافيًّا، وذلك من خلال عشرة مطالب نوجزها لك أيها القارئ في السطور التالية:
1- الاستغلال الإيجابي لوسائل الإعلام.
2- إنشاء مراكز الدراسات الأسرية والاجتماعية.
3- تشجيع محاضن التربية والتوجيه النسائية.
4- كشف التيار التغريبي ورموزه والتحذير منه.
5- التعريف بحقوق المرأة في الإسلام.
6- رفع المظالم الواقعة على المرأة.
7- تفعيل دور الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
8- وضع خُطَط عملية ومدروسة لمواجهة حركة التغريب.
9- إنشاء مراكز تتولى الرصد والمتابعة.
10- تفعيل وإحياء الدعوة إلى الله تعالى.
وفي العموم جاء الكتاب مليئًا بالمعلومات والبيانات، جامعًا تلك المعلومات بالطرق والمناهج العلمية، بين الوصفية والتاريخية والتحليلية، وهي مستقاة من المراجع التي نجدها في نهاية الكتاب من كتب وتقارير ومجلات ووثائق، فجاء البحث شاملًا، واضعًا لنفسه مكانة في المكتبة الإسلامية.
منقول للاهميه---