أبوسعود المكي
12 Oct 2010, 08:09 AM
مواقف ذات عبر من حياة الصديقة بنت الصديق في بيت النبوة
عبدالرحمن الطوخي (http://www.alukah.net/Authors/View/World_Muslims/3591/)
الحَمدُ لله وحْدَه، والصلاةُ والسلام على مَن لا نبيَّ بعْدَه.
أمَّا بعد:
فإنَّ في التاريخ عِبَرًا، وفي الكون مَشاهد لآثارِ مَن سَبَق، والمتأمِّل لواقع الناسِ اليومَ يَجِد البَوْن شاسِعًا بيْن هذا الجيل وبيْن الجِيل الذي تربَّى في مدرسة النبوَّة، وإنَّك تُوثِّر بفِعْلك أبلغُ ممَّا تؤثِّر بقولك، وقديمًا كانوا يقولون: فِعْلُ رجلٍ في ألْف رجل، خيرٌ مِن قول ألْف رجل لرجل، والحياةُ التي نَعيشها تُعلِّمنا الكثير، والمرأةُ لا تختلِف عنِ الرَّجُل في تحمُّل المسؤولية؛ فهي الأم، والزوجة، والبنت، وكثيرٌ مِن النساء مَحَاضِن خالدة لتربية الأجيال، تَصلُح نبراسًا وأُنموذجًا لفتياتِنا وأمَّهاتنا وأَخواتنا، في وقتٍ أصبحتْ مُصمِّمة الأزياء، والممثِّلة هي القُدوةَ، وهي الأُسوة، إلا عندَ مَن رَحِمهنَّ الله سبحانه، والنِّساءُ الصالحات في الأُمَّة كثير، وفي المقدِّمة أزواجُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى رأسهنَّ أُمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - مَن نَزَل الوحيُ في لحافها، والأمْر الإلهي لرسولِه في زواجِه منها، الصَّوَّامة، القوَّامة، مَن حَوَتْ عِلم الشريعة، حتى صارتَ مربيةَ الأجيال، ومُعلِّمة الرِّجال.
وإنَّ في ذِكْر نُبذٍ من مواقفها ما يُعين على التهذيبِ، ويَبْعَث على القُدوة، ويَنفُخ رُوحَ الحياة، وما حَيِيَ خَلَفٌ إلاَّ بحياة سَلَف، وما حياةُ السَّلَف إلا بحياة تاريخِهم ودوامِ ذِكْرهم، لماذا؟ لأنَّ هؤلاء الأخيارَ ذِكْر مواقفهم دواءٌ للقلوب، وجلاءٌ للألباب مِن الدَّنَس والعيوب، وقُدوةٌ في زمن كادتِ القدواتُ أن تَغيب، فمِنهم مِثالٌ يُحتذَى، ونِبراسٌ يُقتدَى؛ ليَعرفَ المتأخِّرُ للمتقدم فضْلَه، ويسعَى على دَرْبِه ونَهْجِه.
بالوقوفِ على أخبارِها، وبعض مواقفها تحيا القلوب، وباقتفاء آثارها تحصُل السَّعادة، حتى تكونَ القُدوة بجميل الخِصال، ونبيل المآثر والفعال.
وهأنذا أعْتَرِف بالعَجْز والتقصير في حقِّ أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لأنِّي لا أستطيع أن أوفيَها حقَّها في هذه الكلمات، فأَخطو بقَدمي خُطوة لأدخلَ هذا البستان الذي غُرِستْ فيه أبهَى وأعظم زَهْرة في الكون كلِّه، فلقَدْ غُرِست في بستان الإيمان، وسُقِيت بماء الوحي، ففاح عبيرُها وعِطرها، فملأ ما بيْن المشرق والمغرب.
وإليك أخي القارئ، مواقفَ مِن بيت النبوة، تُنبئك عن صِدْق قولي لأمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
الموقف الأول: "أشركاني في سِلمِكما كما أشركتُماني في حربكما:
رَوى الإمام أحمدُ في مسنده، وأبو داود في سُننه عنِ النُّعْمان بن بشير، قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسَمِع عائشةَ - رضي الله عنها - وهي رافعةٌ صوتَها على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأذِن له، فدخل فقال: يا ابنةَ أمِّ رُومان - وتناولها - أتَرْفعين صوتَكِ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟! قال: فحالَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بينه وبينها، قال: فلَمَّا خرَج أبو بكر جعَل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول لها يتَرَضَّاها: ((ألاَ تَرَين أني قد حُلْتُ بيْن الرجل وبيْنَك))، قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه، فوجَدَه يضاحكها، قال: فأذن له فدخَل، فقال له أبو بكر: يا رسولَ الله، أشْرِكاني في سِلْمِكما كما أشْركتُماني في حَرْبِكما.
فانظرْ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - القُدوة؛ كيف أنَّه يُحادِث عائشة - رضي الله عنها - وهي ترْفَع صوتها عليه، ومع ذلك لم يُغضِبْه ذلك ولم يتبرَّم، فالعاقل مَن يستطيع أن يُوازنَ بيْن أموره، ومَن كَرِه خُلقًا رَضِي آخَر، وخطأ اليوم يُصلح في غدٍ، ثُمَّ انظر إلى الصِّدِّيق لم يعجبْه أن ترفع ابنتُه صوتها على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهَمَّ أن يضربَها، فحال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بينه وبين عائشة - رضي الله عنها - ثمَّ جعَل يترضَّاها فرَضِيت، هل يضرُّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن ترضَى أو تغضَب عائشة؟! كلاَّ والله، بل إنَّ رِضاه هو - عليه الصلاة والسلام - هو المعتبَر، ولكن هذا درسٌ لنا معاشرَ الأزواج؛ حتى نتفَّهمَ طبيعةَ المرأة.
الموقف الثاني: ((غارت أمُّكم)):
رَوَى البخاريُّ عن أنس قال: كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندَ بعض نسائه، فأرسَلتْ إحْدى أمَّهات المؤمنين بصَحْفَة فيها طعامٌ، فضربتِ التي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيتها يدَ الخادم، فسقطَتِ الصَّحْفة، فانفلقتْ، فجمَع النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَلقَ الصَّحْفة، ثم جعَل يجمع فيها الطعامَ الذي كان في الصحفة، ويقول: ((غارَتْ أمُّكم))، ثم حبَس الخادم حتى أُتِي بصَحْفة مِن عند التي هو في بيْتها، فدَفَع الصَّحْفة الصحيحةَ إلى التي كُسِرتْ صَحفتُها، وأمْسَك المكسورَة في بيْت التي كَسَرَت.
وأَرْدَأُ الرجال هو الرجلُ الذي لا تَشعُر المرأةُ بالأُنس معه، وقدْ كان الرسولُ - عليه الصلاة والسلام - يجْلِسُ لأزواجه، ويَستمِع شكايتهنَّ، ويحلُّ المواقِفَ العصيبة جدًّا بكلِّ راحة واطمئنان، ولو تعلمْنا مِنَ النبي - عليه الصلاة والسلام - صِفةَ الزَّوْج الصالِح لانتهتْ مشاكلُ البيوت، فانظرْ إليه - عليه الصلاة والسلام - كيف انتهتِ المشكلة، غيَّر طعامًا بطعام، ثم تَبسَّم وانتهى الأمر!
وهكَذا إذا عَزَّ أخوك فَهُن، فإذا كانتِ المرأة متعصِّبة ومُتصلِّبة فهُن، ولا يأخذ الرجل العِنادُ والأَنَفة، ويُبادر بالطلاق، فيُصرِّح به في وقت، ويكني في وقتٍ آخَر، كما لو كان الطلاقُ سيُسْحَب منه، فيُريد أن يستخدمَه قبل أن يُسحَب منه.
عبدالرحمن الطوخي (http://www.alukah.net/Authors/View/World_Muslims/3591/)
الحَمدُ لله وحْدَه، والصلاةُ والسلام على مَن لا نبيَّ بعْدَه.
أمَّا بعد:
فإنَّ في التاريخ عِبَرًا، وفي الكون مَشاهد لآثارِ مَن سَبَق، والمتأمِّل لواقع الناسِ اليومَ يَجِد البَوْن شاسِعًا بيْن هذا الجيل وبيْن الجِيل الذي تربَّى في مدرسة النبوَّة، وإنَّك تُوثِّر بفِعْلك أبلغُ ممَّا تؤثِّر بقولك، وقديمًا كانوا يقولون: فِعْلُ رجلٍ في ألْف رجل، خيرٌ مِن قول ألْف رجل لرجل، والحياةُ التي نَعيشها تُعلِّمنا الكثير، والمرأةُ لا تختلِف عنِ الرَّجُل في تحمُّل المسؤولية؛ فهي الأم، والزوجة، والبنت، وكثيرٌ مِن النساء مَحَاضِن خالدة لتربية الأجيال، تَصلُح نبراسًا وأُنموذجًا لفتياتِنا وأمَّهاتنا وأَخواتنا، في وقتٍ أصبحتْ مُصمِّمة الأزياء، والممثِّلة هي القُدوةَ، وهي الأُسوة، إلا عندَ مَن رَحِمهنَّ الله سبحانه، والنِّساءُ الصالحات في الأُمَّة كثير، وفي المقدِّمة أزواجُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى رأسهنَّ أُمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - مَن نَزَل الوحيُ في لحافها، والأمْر الإلهي لرسولِه في زواجِه منها، الصَّوَّامة، القوَّامة، مَن حَوَتْ عِلم الشريعة، حتى صارتَ مربيةَ الأجيال، ومُعلِّمة الرِّجال.
وإنَّ في ذِكْر نُبذٍ من مواقفها ما يُعين على التهذيبِ، ويَبْعَث على القُدوة، ويَنفُخ رُوحَ الحياة، وما حَيِيَ خَلَفٌ إلاَّ بحياة سَلَف، وما حياةُ السَّلَف إلا بحياة تاريخِهم ودوامِ ذِكْرهم، لماذا؟ لأنَّ هؤلاء الأخيارَ ذِكْر مواقفهم دواءٌ للقلوب، وجلاءٌ للألباب مِن الدَّنَس والعيوب، وقُدوةٌ في زمن كادتِ القدواتُ أن تَغيب، فمِنهم مِثالٌ يُحتذَى، ونِبراسٌ يُقتدَى؛ ليَعرفَ المتأخِّرُ للمتقدم فضْلَه، ويسعَى على دَرْبِه ونَهْجِه.
بالوقوفِ على أخبارِها، وبعض مواقفها تحيا القلوب، وباقتفاء آثارها تحصُل السَّعادة، حتى تكونَ القُدوة بجميل الخِصال، ونبيل المآثر والفعال.
وهأنذا أعْتَرِف بالعَجْز والتقصير في حقِّ أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لأنِّي لا أستطيع أن أوفيَها حقَّها في هذه الكلمات، فأَخطو بقَدمي خُطوة لأدخلَ هذا البستان الذي غُرِستْ فيه أبهَى وأعظم زَهْرة في الكون كلِّه، فلقَدْ غُرِست في بستان الإيمان، وسُقِيت بماء الوحي، ففاح عبيرُها وعِطرها، فملأ ما بيْن المشرق والمغرب.
وإليك أخي القارئ، مواقفَ مِن بيت النبوة، تُنبئك عن صِدْق قولي لأمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
الموقف الأول: "أشركاني في سِلمِكما كما أشركتُماني في حربكما:
رَوى الإمام أحمدُ في مسنده، وأبو داود في سُننه عنِ النُّعْمان بن بشير، قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسَمِع عائشةَ - رضي الله عنها - وهي رافعةٌ صوتَها على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأذِن له، فدخل فقال: يا ابنةَ أمِّ رُومان - وتناولها - أتَرْفعين صوتَكِ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟! قال: فحالَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بينه وبينها، قال: فلَمَّا خرَج أبو بكر جعَل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول لها يتَرَضَّاها: ((ألاَ تَرَين أني قد حُلْتُ بيْن الرجل وبيْنَك))، قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه، فوجَدَه يضاحكها، قال: فأذن له فدخَل، فقال له أبو بكر: يا رسولَ الله، أشْرِكاني في سِلْمِكما كما أشْركتُماني في حَرْبِكما.
فانظرْ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - القُدوة؛ كيف أنَّه يُحادِث عائشة - رضي الله عنها - وهي ترْفَع صوتها عليه، ومع ذلك لم يُغضِبْه ذلك ولم يتبرَّم، فالعاقل مَن يستطيع أن يُوازنَ بيْن أموره، ومَن كَرِه خُلقًا رَضِي آخَر، وخطأ اليوم يُصلح في غدٍ، ثُمَّ انظر إلى الصِّدِّيق لم يعجبْه أن ترفع ابنتُه صوتها على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهَمَّ أن يضربَها، فحال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بينه وبين عائشة - رضي الله عنها - ثمَّ جعَل يترضَّاها فرَضِيت، هل يضرُّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن ترضَى أو تغضَب عائشة؟! كلاَّ والله، بل إنَّ رِضاه هو - عليه الصلاة والسلام - هو المعتبَر، ولكن هذا درسٌ لنا معاشرَ الأزواج؛ حتى نتفَّهمَ طبيعةَ المرأة.
الموقف الثاني: ((غارت أمُّكم)):
رَوَى البخاريُّ عن أنس قال: كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندَ بعض نسائه، فأرسَلتْ إحْدى أمَّهات المؤمنين بصَحْفَة فيها طعامٌ، فضربتِ التي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيتها يدَ الخادم، فسقطَتِ الصَّحْفة، فانفلقتْ، فجمَع النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَلقَ الصَّحْفة، ثم جعَل يجمع فيها الطعامَ الذي كان في الصحفة، ويقول: ((غارَتْ أمُّكم))، ثم حبَس الخادم حتى أُتِي بصَحْفة مِن عند التي هو في بيْتها، فدَفَع الصَّحْفة الصحيحةَ إلى التي كُسِرتْ صَحفتُها، وأمْسَك المكسورَة في بيْت التي كَسَرَت.
وأَرْدَأُ الرجال هو الرجلُ الذي لا تَشعُر المرأةُ بالأُنس معه، وقدْ كان الرسولُ - عليه الصلاة والسلام - يجْلِسُ لأزواجه، ويَستمِع شكايتهنَّ، ويحلُّ المواقِفَ العصيبة جدًّا بكلِّ راحة واطمئنان، ولو تعلمْنا مِنَ النبي - عليه الصلاة والسلام - صِفةَ الزَّوْج الصالِح لانتهتْ مشاكلُ البيوت، فانظرْ إليه - عليه الصلاة والسلام - كيف انتهتِ المشكلة، غيَّر طعامًا بطعام، ثم تَبسَّم وانتهى الأمر!
وهكَذا إذا عَزَّ أخوك فَهُن، فإذا كانتِ المرأة متعصِّبة ومُتصلِّبة فهُن، ولا يأخذ الرجل العِنادُ والأَنَفة، ويُبادر بالطلاق، فيُصرِّح به في وقت، ويكني في وقتٍ آخَر، كما لو كان الطلاقُ سيُسْحَب منه، فيُريد أن يستخدمَه قبل أن يُسحَب منه.