د.الشبكة
11 Oct 2004, 11:49 PM
<div align="center">السمت الحسن</div>
<div align="center">راشد بن عبدالرحمن البداح</div>
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
فإن ثمت قضية تربوية تتعلق بالمربِّين أكثر من أن تتعلق بالمتربين وهي في حساب الكثير ليست بتلك الأهمية، ولا بالأمر الكبير (بلى إنه لكبير).
ويزداد الاهتمام بها مع هجران الناس لأمرها، وتركهم الاعتناء بها، تلكم هي التي عناها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إن الاقتصاد والتؤدة والسمت الحسن جرء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة" رواه الترمذي وأبو داود وهو حديث حسن بجميع طرقه.
وهذا الحديث يشتمل على جملة من الآداب الشرعية والمنح المرعية، لكن مدار حديثنا عن إحدى فقراته ألا وهي قوله: (السمت الحسن) وعبَّر عنها في رواية: (الهدي الصالح).
وذلك يشمل أموراً منها: المظهر والهيئة كاللباس والنظافة ومراعاة سنن الفطرة، ويشمل طريقة الكلام باختصاره وإظهاره، ويدخل حسن السمت في حسن المعاملة واستعمال المروءة والحياء من الناس ومراعاة عاداتهم ما لم تخالف شرعاً، ويناقضها آداب مشينة: كاللغو في الكلام والصحب في الأسواق، ورفع الأصوات بلا داعٍ، وفظاظة الخلق، والطيش والسفه والإسفاف في المزاح، والتقليد والتبعية للفاجرين والكافرين في لباسهم وهيئاتهم.
ونحن إذا قرأنا في تراجم السلف وأهل العلم، فإننا نجد فيها وصف الواحد منهم بأن سمته حسن، أو قولهم: كان ذا صيانة وتعبد وتأله أو كان فلان إذا رآه الناس هابوه، أو إذا رأوه ذكروا الله.
فهذه الصفة قليلة الوجود في الشباب المستقيم، والمؤمل أن يكون قدوة ومؤثراً في الناس، إذا رأوه رأوا خلق الإسلام يتمثل في طلعته ولو لم يقل شيئاً أو يفعل.
زد عليه؛ فإن كثيراً من الناس لا يهتم بهذه الناحية ألا وهي السمت الحسن والهدي الصالح، ومن السمت -كما قدمنا-:
المظهر الحسن في البدن والثوب؛ ولكن لا يقصد به تلك الشكليات التي يحوم حولها الناس اليوم، من التأنق والمبالغة في الترفه والتنعم وارتداء زي الأعاجم، ومتابعة الموضات وتلقف كل جديد في الثوب والشماغ والحذاء والجوال بل والقلم والمحفظة والنظارة، فضلاً عن الوقوع في مسألة التشبه بالفاجرين والكافرين والخروج عن عادة بلده، والظهور بمظهر الشهرة والكبر، فكل هذا لا يدخل في السمت الحسن؛ ولذا فمما قاله شراح الحديث: إن السمت الحسن هو التزيي بزي الصالحين.
وحيثئذٍ نعلم أن السمت الحسن ميزة وعلامة فارقة للمسلم المستقيم عن غيره حتى إن من الأمور التي ساهمت في تضييع شخصيات المسلمين في هذا الزمان: عدم تميزهم بسمت حسن؛ بحيث إنه يكاد أحياناً لا يفرق بينه وبين الكافر أو المنافق أو الفاسق، ولذا روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، ولا فقه في الدين" رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب وصححه الألباني.
وإن من الأمور التي تؤثر في حسن السمت وتضعفه: المعاصي؛ فهي ظلمة في الوجه، وبغض في قلوب الخلق..
ومنها: إهمال سنن الفطرة، فتجد من لا يقص شاربه إلا بعد أن يكون مفرطاً في الطول، ومن لا يقلم أظفاره إلا بعد تراكم أوساخها، ومن لا يحافظ على الوضوء إلا عند حضور صلاةٍ، ومن يفوت عليه الأسبوع وهو لم يغتسل، ومن لا يحرص على طيب رائحة ثوبه وبدنه وفمه، فتجده ثائر الرأس، ملطخ الثوب، شعث اللحية، أبخر الفم (وكان أمره فرطا).
وإننا إذا نظرنا إلى شخص صاحب قدوة كالعالم والداعية والمربي والمعلم؛ فإن سمَّته وإشراقة وجهه، وتمسكه - مثلاً - بسنن الفطرة، يعكس واقعاً قلبياً له، ويكون هذا ادعى لقبوله، وأرجى لمهابته واحترامه ومحبته، وانظر -مثلاً- لعبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- كيف وصل إلى ما وصل إليه من العلم والعبادة وتوافد الناس عليه محبة واحتراماً حتى لقد قال عنه حذيفة -رضي الله عنه-: (ما أعلم أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من ابن أم عبد) رواه البخاري (3762).
وإن لهذا الأدب الشرعي والخلق النبوي: (حسن السمت) مظاهر تظهر للعيان غير ما ذكر فمنها:
1- حسن تعامله وهدوئه مع الآخرين، فليس بالطائش ولا الصخاب ولا المقبل على الجاهلين يتمثل قوله -تعالى - : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
2- حب الناس لهذا الشخص الوقور حسن الهيئة والزيّ، وانجفالهم بقلوبهم نحوه، ومهابتهم لطلعته وحسن بزَّته المعتدلة بين الإفراط والتفريط.
3- قلة عثراته، لأن سمت لسانه حسن، وسمت جوارحه كذلك.
إذاً: فما دام هذا الأدب أدباً نبوياً، وجزءاً من أجزاء النبوة فلنرعه حق رعايته، ولنكن شامة بين الناس، نمتثل الإسلام ظاهراً كما نمتثله باطناً، فيحبنا الله، فيلقي لنا القبول بين الناس فيحبنا أهل السماء وأهل الأرض، لما أحبنا رب السماء والأرض.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم كما حسنت خَلْقنا فحسِّن خُلُقنا، اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين.
..........
منفول:
موقع دعوة الإسلام (http://www.toislam.net/files.asp?order=3&num=1468&per=1258)
<img src='http://www.toislam.net/files/alda3m/350--70.jpg' border='0' alt='user posted image' />
<div align="center">راشد بن عبدالرحمن البداح</div>
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
فإن ثمت قضية تربوية تتعلق بالمربِّين أكثر من أن تتعلق بالمتربين وهي في حساب الكثير ليست بتلك الأهمية، ولا بالأمر الكبير (بلى إنه لكبير).
ويزداد الاهتمام بها مع هجران الناس لأمرها، وتركهم الاعتناء بها، تلكم هي التي عناها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إن الاقتصاد والتؤدة والسمت الحسن جرء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة" رواه الترمذي وأبو داود وهو حديث حسن بجميع طرقه.
وهذا الحديث يشتمل على جملة من الآداب الشرعية والمنح المرعية، لكن مدار حديثنا عن إحدى فقراته ألا وهي قوله: (السمت الحسن) وعبَّر عنها في رواية: (الهدي الصالح).
وذلك يشمل أموراً منها: المظهر والهيئة كاللباس والنظافة ومراعاة سنن الفطرة، ويشمل طريقة الكلام باختصاره وإظهاره، ويدخل حسن السمت في حسن المعاملة واستعمال المروءة والحياء من الناس ومراعاة عاداتهم ما لم تخالف شرعاً، ويناقضها آداب مشينة: كاللغو في الكلام والصحب في الأسواق، ورفع الأصوات بلا داعٍ، وفظاظة الخلق، والطيش والسفه والإسفاف في المزاح، والتقليد والتبعية للفاجرين والكافرين في لباسهم وهيئاتهم.
ونحن إذا قرأنا في تراجم السلف وأهل العلم، فإننا نجد فيها وصف الواحد منهم بأن سمته حسن، أو قولهم: كان ذا صيانة وتعبد وتأله أو كان فلان إذا رآه الناس هابوه، أو إذا رأوه ذكروا الله.
فهذه الصفة قليلة الوجود في الشباب المستقيم، والمؤمل أن يكون قدوة ومؤثراً في الناس، إذا رأوه رأوا خلق الإسلام يتمثل في طلعته ولو لم يقل شيئاً أو يفعل.
زد عليه؛ فإن كثيراً من الناس لا يهتم بهذه الناحية ألا وهي السمت الحسن والهدي الصالح، ومن السمت -كما قدمنا-:
المظهر الحسن في البدن والثوب؛ ولكن لا يقصد به تلك الشكليات التي يحوم حولها الناس اليوم، من التأنق والمبالغة في الترفه والتنعم وارتداء زي الأعاجم، ومتابعة الموضات وتلقف كل جديد في الثوب والشماغ والحذاء والجوال بل والقلم والمحفظة والنظارة، فضلاً عن الوقوع في مسألة التشبه بالفاجرين والكافرين والخروج عن عادة بلده، والظهور بمظهر الشهرة والكبر، فكل هذا لا يدخل في السمت الحسن؛ ولذا فمما قاله شراح الحديث: إن السمت الحسن هو التزيي بزي الصالحين.
وحيثئذٍ نعلم أن السمت الحسن ميزة وعلامة فارقة للمسلم المستقيم عن غيره حتى إن من الأمور التي ساهمت في تضييع شخصيات المسلمين في هذا الزمان: عدم تميزهم بسمت حسن؛ بحيث إنه يكاد أحياناً لا يفرق بينه وبين الكافر أو المنافق أو الفاسق، ولذا روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، ولا فقه في الدين" رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب وصححه الألباني.
وإن من الأمور التي تؤثر في حسن السمت وتضعفه: المعاصي؛ فهي ظلمة في الوجه، وبغض في قلوب الخلق..
ومنها: إهمال سنن الفطرة، فتجد من لا يقص شاربه إلا بعد أن يكون مفرطاً في الطول، ومن لا يقلم أظفاره إلا بعد تراكم أوساخها، ومن لا يحافظ على الوضوء إلا عند حضور صلاةٍ، ومن يفوت عليه الأسبوع وهو لم يغتسل، ومن لا يحرص على طيب رائحة ثوبه وبدنه وفمه، فتجده ثائر الرأس، ملطخ الثوب، شعث اللحية، أبخر الفم (وكان أمره فرطا).
وإننا إذا نظرنا إلى شخص صاحب قدوة كالعالم والداعية والمربي والمعلم؛ فإن سمَّته وإشراقة وجهه، وتمسكه - مثلاً - بسنن الفطرة، يعكس واقعاً قلبياً له، ويكون هذا ادعى لقبوله، وأرجى لمهابته واحترامه ومحبته، وانظر -مثلاً- لعبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- كيف وصل إلى ما وصل إليه من العلم والعبادة وتوافد الناس عليه محبة واحتراماً حتى لقد قال عنه حذيفة -رضي الله عنه-: (ما أعلم أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من ابن أم عبد) رواه البخاري (3762).
وإن لهذا الأدب الشرعي والخلق النبوي: (حسن السمت) مظاهر تظهر للعيان غير ما ذكر فمنها:
1- حسن تعامله وهدوئه مع الآخرين، فليس بالطائش ولا الصخاب ولا المقبل على الجاهلين يتمثل قوله -تعالى - : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
2- حب الناس لهذا الشخص الوقور حسن الهيئة والزيّ، وانجفالهم بقلوبهم نحوه، ومهابتهم لطلعته وحسن بزَّته المعتدلة بين الإفراط والتفريط.
3- قلة عثراته، لأن سمت لسانه حسن، وسمت جوارحه كذلك.
إذاً: فما دام هذا الأدب أدباً نبوياً، وجزءاً من أجزاء النبوة فلنرعه حق رعايته، ولنكن شامة بين الناس، نمتثل الإسلام ظاهراً كما نمتثله باطناً، فيحبنا الله، فيلقي لنا القبول بين الناس فيحبنا أهل السماء وأهل الأرض، لما أحبنا رب السماء والأرض.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم كما حسنت خَلْقنا فحسِّن خُلُقنا، اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين.
..........
منفول:
موقع دعوة الإسلام (http://www.toislam.net/files.asp?order=3&num=1468&per=1258)
<img src='http://www.toislam.net/files/alda3m/350--70.jpg' border='0' alt='user posted image' />