ام حفصه
07 Nov 2010, 12:46 PM
قال إنه لم «يتحول» إلى الإسلام بل عاد إلى دين الفطرة
الكاتب الألماني هنريك برودر.. عدو الدين الأول في أوروبا يشهر إسلامه
هنريك برودر Henryk Broder
في الوقت الذي تتزايد فيه الهجمات الضارية على الإسلام في أوروبا يستيقظ العالم بين حين وآخر على دوي هائل يتمثل في اعتناق أحد قادة كتائب الهجوم على الإسلام من مثقفي الغرب الدين الذي طالما هاجمه. ويبلغ هذا الدويّ مداه إذا كان المسلم الجديد له صولات وجولات في تلك المعركة التي افترض الغرب وجودها، إذ إنه بتحوله للإسلام يزلزل مصداقية الافتراءات التي توجه لهذا الدين بين غير المسلمين.
وقد كان إسلام الكاتب الألماني هنريك برودر المعروف بمعاداته الشديدة للإسلام في مواقفه وكتاباته التي تفتقر لأبسط قواعد الموضوعية في هذا الشأن ـــ بمثابة قنبلة هزت أوروبا بعنف. ولم لا وهو الكاتب الذي خط كتاباً كان الأكثر توزيعاً في أوروبا لا لشيء إلا لأنه يحذر فيه من استسلام القارة العجوز للإسلام.
وقد ثار لغط وجدل كبيران حول إسلامه بين فرح فريق ومقت فريق آخر وتشكيك ثالث في نية الكاتب من تلك الخطوة، حيث حذرت جهات عديدة من إسلام البعض، لكن الحقيقة تفيد أن الإسلام كدين أكبر بكثير من الأفراد مهما كانت طبيعتهم.
لا يمكن معرفة وقع صدمة اعتناق برودر الإسلام على المجتمع الألماني والأوروبي بشكل عام إلا باقتباس بعض كتاباته السابقة لإسلامه لمعرفة مدى بغضه لهذا الدين قبل أن يعتنقه.
من المقولات التي تتصدر قائمة الاقتباسات والشواهد الخاصة به ما ذكره رداً على تصريح مجامل جاء على لسان وزير العدل الألماني:
“لا أريد لأوروبا أن تستسلم للمسلمين. وعندما يصرح وزير العدل بأنه من الممكن أن تكون الشريعة الإسلامية هي أساس القوانين فعلى أوروبا السلام؛ فالإسلام أيديولوجية أصبحت مرتبطة بالعداء للحياة العصرية الغربية”.
كان هذا هو الخط الذي انتهجه برودر ـــ الكاتب المخضرم في صحيفة “دير شبيجل” العريقة ـــ في كتاباته التحريضية على الإسلام، حيث اعتاد أن يثير مخاوف القارئ الأوروبي من الإسلام باعتباره الدين الذي لا يقبل التعايش مع الآخر والذي يهدد أوروبا بالفناء. ويصل في كتاباته إلى حد أنه يدعو الشباب الأوروبي للهجرة خارج القارة لأنها لم تعد قارتهم التي يعرفونها:
“ ولهذا فإنني أنصح الأوروبيين الشباب بالهجرة، فأوروبا الآن لن تظل كذلك لأكثر من عشرين عاماً، إذ إنها تتحول إلى الإسلام من الناحية الديموغرافية”.
وحتى لا يدع أي مجال لمن ينادي بالتعايش بين معتنقي الديانات المختلفة من العقلاء في أوروبا يزعم أن هؤلاء يستجدون الإسلام الذي يفرخ الإرهاب مقدمين تنازلاتلا تليق:
“ونحن ـــ الأوروبيين ـــ نمارس بشكل غريب نوعا من الاسترضاء رداً على أفعال الأصوليين الإسلاميين (الإرهابية)”.
كاتب بمثل تلك الروح العدائية التي لاقت صدى لدى من يريدون إذكاء نار الحقد الدفين على الإسلام يصرخ في مقابلة معه قائلاً “اسمعوني..” فينصت الجميع انتظاراً لإحدى حلقات مسلسل التحريض المسموم، فإذا به يكمل جملته بما صم آذان المستمعين وألجم ألسنتهم: “... لقد أسلمت” .. في مشهد لا شك أنه استلهمه من صفحات التاريخ الإسلامي التي كان يقلبها ويقتلها بحثاً للبحث عن شبهات يستغلها في هجومه فإذا بها تكون أسطرا تنير له قلبه، وهو ما عبر عنه بقوله: “ أشعر براحة ما بعدها راحة ذلك لأنني نجحت أخيراً في التخلص من كبت الحقيقة التي كانت تعصف بجوارحي”.
اندهش الكثيرون لاستخدامه لفظة “الحقيقة” في وصفه لما كان يعتمل بداخله من صراع مرير دام لسنوات طوال بين ما يردده وبين ما عرفه يقيناً. ويفسر استخدامه تلك الكلمة بقوله: “أنا لم أتخل عن ديانتي السابقة (اليهودية) بل إنني عدت إلى إسلامي الذي هو دين الفطرة التي يولد عليها كل إنسان”.
وكان دين الفطرة هو نفسه الذي وصفه قبل اعتناقه أنه دين فاشي، حيث تناول في كتابه ما سماه “فاشية الإسلام”. إلا أنه قلل من هذا الخطر بالنسبة لليهود لأنهم ـــ على حد قوله ـــ تعلموا من دروس التاريخ ولذا فإنهم لن يسمحوا بهولوكوست أخرى.
وعقب نطقه الشهادتين أعرب هنريك محمد برودر ـــ بحسب ما اختار لتسمية نفسه ـــ عن فخره واعتزازه بكونه ينتمي للإسلام، الذي وصفه بأنه بيته الذي ولد فيه وها هو يعود إليه مجدداً.
وبعد أن كان ينتقد ويهاجم المسلمين ناعتاً إياهم بالهمجية والإرهاب أصبح يبرر التصرفات التي لا يراها الأوروبي بعين محايدة:
“أنا الآن فرد في أمة تعدادها مليار وثلاثمائة مليون إنسان في العالم معرضينللإهانة باستمرار وتنجم عنهم ردود أفعال على تلك الإهانات دائماً ما يساءفهمها”.
وقد ولد برودر في مقاطعة سيلسيا في بولندا في العشرين من أغسطس 1946. وفي سن الثانية عشرة انتقل مع أسرته إلى كولونيا حيث درس الاقتصاد والقانون إلا أنه فشل في التخرج والحصول على شهادة في أي من هذين المجالين. وفي نهاية الستينيات بدأ رحلته الصحفية حيث أصدر بالاشتراك مع آخرين صحيفة St. Pauli-Nachrichten التي أصبحت فيما بعد من أشهر صحف التابلويد في هامبورج. وكان إصدارها بهدف استنهاض همم الطبقة العاملة من خلال مقالات يسارية حماسية. كما كانت الصحيفة تنشر صوراً إباحية وإعلانات البحث عن أزواج أو رفاق. وفي السبعينيات كتب لمجلة Pardon الساخرة حتى عام 1981 حين غادر ألمانيا للعمل في إسرائيل لفترة وجيزة. إلا أنه استمر في الكتابة لعديد من الدوريات الرصينة ذائعة الصيت مثل Die Weltwoche وSüddeutsche Zeitung. وفي تلك الأثناء عمل أيضاً في إحدى محطات التلفزيون الألمانية لتقديم برنامج حواري أطلق عليه Leute.
صحيفة “دير شبيجل”
تصحيح الصورة
أضاء نور الإسلام بصيرة برودر وها هو يسعى لتصحيح صورة لطالما أسهم في رسمها، بل وإضافة رتوش لها تزيد من استعار النار في صدور قرائه وتسهم من ثم في تكوين رأي عام يكره كل ما هو مسلم.
ولم يكتف برودر قبل إسلامه بنفث سمومه لقارئي الألمانية فحسب بل إنه قام أخيراً بجمع وترجمة أعماله إلى الإنجليزية حتى بلغت في مجلمها ثمانية عشر مجلداً ضمّنها دراساته ومقالاته التي نشرها بالألمانية منذ عام 1979. ومن أهم تلك الأعمال ما يتناول فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها على العالم وأوروبا بشكل خاص من منظور عدائي للإسلام. كما اهتمت كتاباته أيضاً بالوضع في الشرق الأوسط منتصراً فيها بطبيعة الحال لإسرائيل وسياستها على طول الخط. ولم يكن انتصاره ـــ كيهودي ـــ لدولة إسرائيل فحسب بل إن كتاباته كانت تحمل دفاعاً محموماً عن كل ما قام به يهود ألمانيا في أواخر العشرينيات من القرن الماضي. وكان دائماً ما يستجدي تعاطف القراء بترديده أن والديه كانا شاهدي عيان على المحرقة البولندية.
الغريب أن هذا كان يأتي في الوقت الذي يردد فيه دوماً تصريحات بأنه يكره اليهود ويرفض الحياة في إسرائيل، وأنه استطاع أن يثبت أن معظم القادة اليهود معادون للسامية! وكان دائم المزج بين النازية والإسلام لإثارة مخاوف الألمان من الخطر الأخضر ـــ بحسب زعمه. وقد سبق أن أعلن أنه سيطلق اسم “جهادي” على موقعه في إشارة لمذكرات هتلر التي أطلق عليها اسم “كفاحي” ولا يخفى أن هذا التشابه الساخر يربط بين النازي والإسلام.
انقلاب على الجوائز الزائفة
وعقب إشهار إسلامه جهر برودر برفضه أي تكريم أو جوائز أدبية تمنح لمن وصفهم بـ “المدافعين عن العقلية المعادية للسامية من اليهود أنفسهم” حيث كان أحد أهم المعدودين في تلك الزمرة. وكان انقلابه على تلك الجوائز بمثابة لطمة أخرى للأوساط الثقافية في ألمانيا التي كانت تعتبر منحه مثل تلك الجوائز بمثابة شرعنة لتوجهاته وأفكاره وإعلان تبني المجتمع بأسره ما تحمله تلك الكتابات من سموم.
ولم تبخس تلك الأوساط قدر عداء برودر للإسلام فقد تم منحه عديدا من الجوائز عن كتاباته التي حققت رواجاً في ألمانيا التي تتخوف بطبيعة الحال من الدين الوافد من الجزيرة العربية. فقد تم تكريمه في 13 سبتمبر 2008 بمنحه جائزة هيلدا جارد لبينجين للصحافة. وفى 24 يوليو 2007 حصل على جائزة لودفيج بورنيه من كنيسة باول بفرانكفورت التي تقدر قيمتها بمبلغ 20 ألف يورو. وفى عام 2005 حصل على جائزة شوبارت في الأدب في مدينة الن. وحصل برودر في عام 1986 على جائزة مسابقة الصحافة الخامسة فى مدينة كلاجنفورت لمجموعة المقالات المعنونة “الدولة الاتحادية 12” وهي مقالات سياسية شديدة اللهجة. أما عام 2007 فقد شهد حدثين لهما دلالة بالغة: الأول حصول كتابه “أوروبا تستسلم” على جائزة الكتاب الألماني للعام حيث كان أكثر الكتب مبيعاً آنذاك. والحدث الآخر هو حصول برودر على جائزة بروميثيوس الذهبية Promethus للصحافة الإلكترونية. ومن أهم أسباب منحه الجائزة منهجه فى التعامل مع الجدل الذي أثير حول الصور الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ التى نشرتها جريدة “يولاندز بوستن” Jyllands-Posten.
وكانت مقالاته تعتبر أن تلك الرسوم ليست إلا بداية نهاية أوروبا كما يعرفها الأوروبيون، مشيراً إلى أنه لا يصدق أن رسوماً “بريئة” ـــ بحسب زعمه حينها ـــ يمكن أن تتسبب في كل هذا الغضب الذي اجتاح أوروبا فضلاً عن العالم بأسره. وكان يشدد على أن الرسوم لم تكن إلا حجة اتخذها المسلمون ليعبروا عن كراهيتهم للغرب. وخصص صفحة في موقعة لصور من مظاهرات مسلمي أوروبا احتجاجاً على الرسوم المسيئة للإسلام. واختار الصور بعناية بحيث تظهر الإسلام كخطر قادم؛ وعلى سبيل المثال من بينها صورة لسيدة منتقبة تحمل لافتة تترحم فيها على هتلر. وأخرى تقول “استعدوا للهولوكوست الحقيقي” وثالثة تدعو أوروبا أن تتعلم من درس الحادي عشر من سبتمبر. ومن بينها أيضاً صورة لغلاف كتاب كفاحي لهتلر مترجم بالعربية. وصور لجنود من دول عربية مختلفة أثناء طوابير العرض مشيرين بأيديهم في حركة تشبه تحية النازي. ولا تزال تلك الصفحة موجودة على الموقع الرسمي لبرودر.
ولهنريك برودر عديد من الكتب كان آخرها نقد التسامح (2008) أما أولها فهو كتاب من يخشى الإباحية (1970) ثم مقص في الرأس (1976)، شكراً جزيلاً (1980)، معادٍ للسامية للأبد (1986)، غريب في الوطن: اليهود في الجمهوريات الاتحادية (1987)، الرحمة مع الألمانيين (1993)، العطاء الجزيل: الطريق نحو ألمانيا جديدة (1994)، الشعب والجنان (1996)، يهود مياشعاريم (1997)، كينونة كل فرد (1999)، لا حرب في أي مكان: الألمان والإرهاب (2002)، يهودي في ألمانيا الحديثة (2003)، هاي.. أوروبا تستسلم (2007). وقد اهتم في كتاباته بتناول العلاقة بين الألمان واليهود من الناحية الاجتماعية والتاريخية. وكان أول من كتب فيما أطلق عليه “الوحدة الثقافية لليهود” وهو ما وصفه بأنه فصل مهجور من التاريخ اليهودي.
الحاج برودر!
ويحرص برودر على أن ينشر في موقعه كل التعليقات التي يتركها الزوار مهماً كانت شدة الهجوم عليه فيها. بل إنه اعتاد أحياناً المشاركة بالرد على تلك التعليقات مما جره إلى ساحات المحاكم في غير مرة.
وبرصد التعليقات التي تركها قراء كتابات هنريك برودر تعليقاً على إسلامه يلاحظ وجود حفاوة غير عادية من قبل المسلمين وبالطبع العكس تماماً بين قرائه قبل إسلامه. على سبيل المثال يكتب محمد سيف مدرس اللغة الألمانية في جامعة معان بالأردن “السيد برودر: بعد أن قمت بنشر خبر دخولك الإسلام على صفحة الفيس البوك الخاصة بي، أرسل لي أحد أصدقائي السعوديين خطاباً يدعوك فيه لأداء الحج هذا العام. وسيتكفل بكل مصاريف وتكاليف الحج بمجرد أن توافق. وطلب منى أن أكتب لك لأنه لا يستطيع التحدث باللغة الألمانية. في انتظار ردك”.
أما التعليقات قبل دخوله الإسلام فيلخص تعليق لمسلم يدعي (فتحي) وجهة نظر المسلمين: “إذا حدثت محرقة هولوكوست للمسلمين، فستحمل ذنب ذلك، لأنك تقوم بالتحريض من خلال دعايتك الصهيونية. النازيون الجدد ما هم إلاّ صهاينة مثلك.. ليهديك الله أو ليدمرك” .. وقد استجاب الله دعاء القارئ الغيور على دينه وهدى برودر لطريق الحق.
الغريب أن هناك تعليقات لألمان يرون في آرائه انحرافا عن جادة الصواب ومنها تعليق (أندرياز فوكا) تقول فيه “أنا معادية للفاشية من مدينة ديلمينهورست. أريد أن أبدي رأيي فيك وفي كتاباتك؛ أنت خنزير فاشي متطرف لا تعرف التسامح. لقد درست منذ بضع سنوات فى فرايبورج وتعرفت هناك على البروفيسور روديجر شولز. ولديه أيضا رأي سيئ للغاية عنك وعما تكتب”.
وثمة تعليق آخر على كتابه “هاي .. أوروبا تستسلم” يقول صاحبه: “ لقد قرأت كتابك “هاي .. أوروبا تستسلم” مرتين وعرفت إلى أي درجة تكره السياسة العربية ووجهاتها الثقافية وترفع في المقابل من شأن طريقة التفكير اليهودي.
وسؤالي: لماذا كتب في التاريخ منذ العصور الوسطى حتى اليوم أن اليهود مطاردين .. حتى في الكتاب المقدس ذكر ذلك. فما الذي يجعل اليهود كذلك؟ سأكون شاكرا إذا قدمت لي توضيحا صغيرا لهذه الحقيقة”.
الطريف أنه في معرض تعليقه على زوار موقعه كان برودر يؤكد أن تعليقات المسلمين لم تكن تتجاوز حدود التعبير عن الرأي.
إرهاصات الهداية وsms من بوش
ويرى البعض أن المقابلة التي أجراها معه موقع planet ـــ قبل إسلامه ـــ كان مبشراً بدخول برودر الإسلام حيث تحدث بلهجة ودودة غير معهودة منه فيما يتعلق بقضايا الإسلام والمسلمين. فقد أكد أن أكثر ما يعجبه في الإسلام أنه دين لا كهنوت فيه. أما ما لم يكن يعجبه فهو أنه لا يوجد إسلام علماني بل يوجد مسلمون علمانيون. وعن علاقته بالمسلمين زعم أنه لا يهتم بكون الشخص مسلماً أم لا، وأنه يعرف عدداً من المسلمين من بينهم طبيبه الخاص. ومن آرائه المعتدلة التي كانت نادرة الظهور تأكيده أن المشكلة لا تكمن في مسلمي أوروبا بل في طريقة التعامل معهم كأنهم مجرد ضيوف على القارة ليس إلا. وهو الرأي الذي يتعارض تماماً مع كتاباته في تلك الفترة. واعتبر أن ثمة تقدم كبير تشهده ألمانيا يتمثل في الوصول لمرحلة التعايش بين معتنقي الأديان المختلفة بسلام، مشيراً إلى أنه من أنصار المساواة التي تراعي الاختلافات والفروق بين المذاهب والمعتقدات. وقال إن الشعب الألماني لم ينفصل عن المسلمين. وإذا حدث هذا، فكيف يكون لدينا في برلين 80 مسجدا .. إلا أنه أشار إلى أن هناك عقبات تحول دون اندماج المسلمين كليةً في المجتمع مثل قضايا الشرف والعار. واعتبر أن الرئيس الإيراني نجاد يمثل أكبر تهديد لأوروبا، إلا أنه استدرك أنه لا يقصد قصر تهديده على اليهود فحسب، مشيراً إلى أن إطلاق صاروخ على إسرائيل يعني أنه يمكن إطلاق آخر على أية عاصمة أوروبية. وحاول في تلك المقابلة أن يخفف من موقفه تجاه الرسوم المسيئة للإسلام إلا أن تبريره لم يكن مقنعاً.
الطريف أن برودر يضع النشيد الوطني لأمريكا نغمة لهاتفه، كما يضع ملصقاً على سيارته عليه عبارة “فليحفظ الله أمريكا”. ويرى أن ذلك يلفت الانتباه بشكل إيجابي “فعندما أكون جالساً في أحد المطاعم أجعل النغمة تستمر للنهاية” ولا يعتبر في ذلك أي نوع من الاستفزاز لمن يشعر بالعداء تجاه أمريكا. تجدر الإشارة إلى أنه كان من أشد مؤيدي حرب العراق والمنادين بإسقاط نظام صدام منذ البداية.
وربما يكشف سر هذا الوله بما هو أمريكي صداقته للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش. ففي إطار متصل ذكر موقع مجلة Welt أن جورج بوش قد أعرب لبرودر عن ضيقه من فكرة تحوله للإسلام، حيث قال له مهدداً “يا برودر الضخم إننا نراقبك” ثم أرسل له رسالة نصية عبر الهاتف يقول له فيها “فلتحافظ على إيمانك أيها المجنون برودر”. وذكر في المقابلة أن نظرة المسلمين للحياة الجنسية تعد من أهم الأمور التي ساعدته على اتخاذ قراره، معتبراً أن الإسلام كدين نجح في تهذيب الغرائز بأسلوب رائع. ويقول برودر إنه أصبح على معرفة جيدة بأحكام الدين الإسلامي حيث بات يعرف أن عليه أداء خمس صلوات في اليوم الواحد، معرباً عن أمنيته ألا يذهب إلى البارات وأن يمتنع نهائياً عن احتساء الخمور.
وتبقى الإشارة إلى أن هناك من يشكك في إسلام برودر بل وفي اعتناقه الإسلام من الأساس، مستندين إلى عدم إعلان الخبر إلا من خلال موقع وحيد ثم تناقلته بقية المواقع. وبالنسبة لاعتناقه الإسلام فقد سبقت الإشارة إلى حدوثه في 2007 إلا أنه نفاه حينها. والآن يعج موقعه بسيل من الشتام من معتنقي آرائه السابقة والتهليل من المسلمين، ومن المعروف عنه أنه لم يكن ليدع خبراً مصيرياً كهذا يستشري دون أن يوقف انتشاره إن لم يكن دقيقاً.
وفي كل الأحوال يبقى أن الإسلام أكبر وأعز من دخول أي شخص فيه، وإنما ذلك للاعتبار ولعله يكون حافزاً لغيره لمعرفة هذا الدين، الذي وصف أحد شيوخ الأزهر انتشاره في الغرب بأنه بفعل قوته الذاتية وليس بفضل المسلمين.
الكاتب الألماني هنريك برودر.. عدو الدين الأول في أوروبا يشهر إسلامه
هنريك برودر Henryk Broder
في الوقت الذي تتزايد فيه الهجمات الضارية على الإسلام في أوروبا يستيقظ العالم بين حين وآخر على دوي هائل يتمثل في اعتناق أحد قادة كتائب الهجوم على الإسلام من مثقفي الغرب الدين الذي طالما هاجمه. ويبلغ هذا الدويّ مداه إذا كان المسلم الجديد له صولات وجولات في تلك المعركة التي افترض الغرب وجودها، إذ إنه بتحوله للإسلام يزلزل مصداقية الافتراءات التي توجه لهذا الدين بين غير المسلمين.
وقد كان إسلام الكاتب الألماني هنريك برودر المعروف بمعاداته الشديدة للإسلام في مواقفه وكتاباته التي تفتقر لأبسط قواعد الموضوعية في هذا الشأن ـــ بمثابة قنبلة هزت أوروبا بعنف. ولم لا وهو الكاتب الذي خط كتاباً كان الأكثر توزيعاً في أوروبا لا لشيء إلا لأنه يحذر فيه من استسلام القارة العجوز للإسلام.
وقد ثار لغط وجدل كبيران حول إسلامه بين فرح فريق ومقت فريق آخر وتشكيك ثالث في نية الكاتب من تلك الخطوة، حيث حذرت جهات عديدة من إسلام البعض، لكن الحقيقة تفيد أن الإسلام كدين أكبر بكثير من الأفراد مهما كانت طبيعتهم.
لا يمكن معرفة وقع صدمة اعتناق برودر الإسلام على المجتمع الألماني والأوروبي بشكل عام إلا باقتباس بعض كتاباته السابقة لإسلامه لمعرفة مدى بغضه لهذا الدين قبل أن يعتنقه.
من المقولات التي تتصدر قائمة الاقتباسات والشواهد الخاصة به ما ذكره رداً على تصريح مجامل جاء على لسان وزير العدل الألماني:
“لا أريد لأوروبا أن تستسلم للمسلمين. وعندما يصرح وزير العدل بأنه من الممكن أن تكون الشريعة الإسلامية هي أساس القوانين فعلى أوروبا السلام؛ فالإسلام أيديولوجية أصبحت مرتبطة بالعداء للحياة العصرية الغربية”.
كان هذا هو الخط الذي انتهجه برودر ـــ الكاتب المخضرم في صحيفة “دير شبيجل” العريقة ـــ في كتاباته التحريضية على الإسلام، حيث اعتاد أن يثير مخاوف القارئ الأوروبي من الإسلام باعتباره الدين الذي لا يقبل التعايش مع الآخر والذي يهدد أوروبا بالفناء. ويصل في كتاباته إلى حد أنه يدعو الشباب الأوروبي للهجرة خارج القارة لأنها لم تعد قارتهم التي يعرفونها:
“ ولهذا فإنني أنصح الأوروبيين الشباب بالهجرة، فأوروبا الآن لن تظل كذلك لأكثر من عشرين عاماً، إذ إنها تتحول إلى الإسلام من الناحية الديموغرافية”.
وحتى لا يدع أي مجال لمن ينادي بالتعايش بين معتنقي الديانات المختلفة من العقلاء في أوروبا يزعم أن هؤلاء يستجدون الإسلام الذي يفرخ الإرهاب مقدمين تنازلاتلا تليق:
“ونحن ـــ الأوروبيين ـــ نمارس بشكل غريب نوعا من الاسترضاء رداً على أفعال الأصوليين الإسلاميين (الإرهابية)”.
كاتب بمثل تلك الروح العدائية التي لاقت صدى لدى من يريدون إذكاء نار الحقد الدفين على الإسلام يصرخ في مقابلة معه قائلاً “اسمعوني..” فينصت الجميع انتظاراً لإحدى حلقات مسلسل التحريض المسموم، فإذا به يكمل جملته بما صم آذان المستمعين وألجم ألسنتهم: “... لقد أسلمت” .. في مشهد لا شك أنه استلهمه من صفحات التاريخ الإسلامي التي كان يقلبها ويقتلها بحثاً للبحث عن شبهات يستغلها في هجومه فإذا بها تكون أسطرا تنير له قلبه، وهو ما عبر عنه بقوله: “ أشعر براحة ما بعدها راحة ذلك لأنني نجحت أخيراً في التخلص من كبت الحقيقة التي كانت تعصف بجوارحي”.
اندهش الكثيرون لاستخدامه لفظة “الحقيقة” في وصفه لما كان يعتمل بداخله من صراع مرير دام لسنوات طوال بين ما يردده وبين ما عرفه يقيناً. ويفسر استخدامه تلك الكلمة بقوله: “أنا لم أتخل عن ديانتي السابقة (اليهودية) بل إنني عدت إلى إسلامي الذي هو دين الفطرة التي يولد عليها كل إنسان”.
وكان دين الفطرة هو نفسه الذي وصفه قبل اعتناقه أنه دين فاشي، حيث تناول في كتابه ما سماه “فاشية الإسلام”. إلا أنه قلل من هذا الخطر بالنسبة لليهود لأنهم ـــ على حد قوله ـــ تعلموا من دروس التاريخ ولذا فإنهم لن يسمحوا بهولوكوست أخرى.
وعقب نطقه الشهادتين أعرب هنريك محمد برودر ـــ بحسب ما اختار لتسمية نفسه ـــ عن فخره واعتزازه بكونه ينتمي للإسلام، الذي وصفه بأنه بيته الذي ولد فيه وها هو يعود إليه مجدداً.
وبعد أن كان ينتقد ويهاجم المسلمين ناعتاً إياهم بالهمجية والإرهاب أصبح يبرر التصرفات التي لا يراها الأوروبي بعين محايدة:
“أنا الآن فرد في أمة تعدادها مليار وثلاثمائة مليون إنسان في العالم معرضينللإهانة باستمرار وتنجم عنهم ردود أفعال على تلك الإهانات دائماً ما يساءفهمها”.
وقد ولد برودر في مقاطعة سيلسيا في بولندا في العشرين من أغسطس 1946. وفي سن الثانية عشرة انتقل مع أسرته إلى كولونيا حيث درس الاقتصاد والقانون إلا أنه فشل في التخرج والحصول على شهادة في أي من هذين المجالين. وفي نهاية الستينيات بدأ رحلته الصحفية حيث أصدر بالاشتراك مع آخرين صحيفة St. Pauli-Nachrichten التي أصبحت فيما بعد من أشهر صحف التابلويد في هامبورج. وكان إصدارها بهدف استنهاض همم الطبقة العاملة من خلال مقالات يسارية حماسية. كما كانت الصحيفة تنشر صوراً إباحية وإعلانات البحث عن أزواج أو رفاق. وفي السبعينيات كتب لمجلة Pardon الساخرة حتى عام 1981 حين غادر ألمانيا للعمل في إسرائيل لفترة وجيزة. إلا أنه استمر في الكتابة لعديد من الدوريات الرصينة ذائعة الصيت مثل Die Weltwoche وSüddeutsche Zeitung. وفي تلك الأثناء عمل أيضاً في إحدى محطات التلفزيون الألمانية لتقديم برنامج حواري أطلق عليه Leute.
صحيفة “دير شبيجل”
تصحيح الصورة
أضاء نور الإسلام بصيرة برودر وها هو يسعى لتصحيح صورة لطالما أسهم في رسمها، بل وإضافة رتوش لها تزيد من استعار النار في صدور قرائه وتسهم من ثم في تكوين رأي عام يكره كل ما هو مسلم.
ولم يكتف برودر قبل إسلامه بنفث سمومه لقارئي الألمانية فحسب بل إنه قام أخيراً بجمع وترجمة أعماله إلى الإنجليزية حتى بلغت في مجلمها ثمانية عشر مجلداً ضمّنها دراساته ومقالاته التي نشرها بالألمانية منذ عام 1979. ومن أهم تلك الأعمال ما يتناول فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها على العالم وأوروبا بشكل خاص من منظور عدائي للإسلام. كما اهتمت كتاباته أيضاً بالوضع في الشرق الأوسط منتصراً فيها بطبيعة الحال لإسرائيل وسياستها على طول الخط. ولم يكن انتصاره ـــ كيهودي ـــ لدولة إسرائيل فحسب بل إن كتاباته كانت تحمل دفاعاً محموماً عن كل ما قام به يهود ألمانيا في أواخر العشرينيات من القرن الماضي. وكان دائماً ما يستجدي تعاطف القراء بترديده أن والديه كانا شاهدي عيان على المحرقة البولندية.
الغريب أن هذا كان يأتي في الوقت الذي يردد فيه دوماً تصريحات بأنه يكره اليهود ويرفض الحياة في إسرائيل، وأنه استطاع أن يثبت أن معظم القادة اليهود معادون للسامية! وكان دائم المزج بين النازية والإسلام لإثارة مخاوف الألمان من الخطر الأخضر ـــ بحسب زعمه. وقد سبق أن أعلن أنه سيطلق اسم “جهادي” على موقعه في إشارة لمذكرات هتلر التي أطلق عليها اسم “كفاحي” ولا يخفى أن هذا التشابه الساخر يربط بين النازي والإسلام.
انقلاب على الجوائز الزائفة
وعقب إشهار إسلامه جهر برودر برفضه أي تكريم أو جوائز أدبية تمنح لمن وصفهم بـ “المدافعين عن العقلية المعادية للسامية من اليهود أنفسهم” حيث كان أحد أهم المعدودين في تلك الزمرة. وكان انقلابه على تلك الجوائز بمثابة لطمة أخرى للأوساط الثقافية في ألمانيا التي كانت تعتبر منحه مثل تلك الجوائز بمثابة شرعنة لتوجهاته وأفكاره وإعلان تبني المجتمع بأسره ما تحمله تلك الكتابات من سموم.
ولم تبخس تلك الأوساط قدر عداء برودر للإسلام فقد تم منحه عديدا من الجوائز عن كتاباته التي حققت رواجاً في ألمانيا التي تتخوف بطبيعة الحال من الدين الوافد من الجزيرة العربية. فقد تم تكريمه في 13 سبتمبر 2008 بمنحه جائزة هيلدا جارد لبينجين للصحافة. وفى 24 يوليو 2007 حصل على جائزة لودفيج بورنيه من كنيسة باول بفرانكفورت التي تقدر قيمتها بمبلغ 20 ألف يورو. وفى عام 2005 حصل على جائزة شوبارت في الأدب في مدينة الن. وحصل برودر في عام 1986 على جائزة مسابقة الصحافة الخامسة فى مدينة كلاجنفورت لمجموعة المقالات المعنونة “الدولة الاتحادية 12” وهي مقالات سياسية شديدة اللهجة. أما عام 2007 فقد شهد حدثين لهما دلالة بالغة: الأول حصول كتابه “أوروبا تستسلم” على جائزة الكتاب الألماني للعام حيث كان أكثر الكتب مبيعاً آنذاك. والحدث الآخر هو حصول برودر على جائزة بروميثيوس الذهبية Promethus للصحافة الإلكترونية. ومن أهم أسباب منحه الجائزة منهجه فى التعامل مع الجدل الذي أثير حول الصور الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ التى نشرتها جريدة “يولاندز بوستن” Jyllands-Posten.
وكانت مقالاته تعتبر أن تلك الرسوم ليست إلا بداية نهاية أوروبا كما يعرفها الأوروبيون، مشيراً إلى أنه لا يصدق أن رسوماً “بريئة” ـــ بحسب زعمه حينها ـــ يمكن أن تتسبب في كل هذا الغضب الذي اجتاح أوروبا فضلاً عن العالم بأسره. وكان يشدد على أن الرسوم لم تكن إلا حجة اتخذها المسلمون ليعبروا عن كراهيتهم للغرب. وخصص صفحة في موقعة لصور من مظاهرات مسلمي أوروبا احتجاجاً على الرسوم المسيئة للإسلام. واختار الصور بعناية بحيث تظهر الإسلام كخطر قادم؛ وعلى سبيل المثال من بينها صورة لسيدة منتقبة تحمل لافتة تترحم فيها على هتلر. وأخرى تقول “استعدوا للهولوكوست الحقيقي” وثالثة تدعو أوروبا أن تتعلم من درس الحادي عشر من سبتمبر. ومن بينها أيضاً صورة لغلاف كتاب كفاحي لهتلر مترجم بالعربية. وصور لجنود من دول عربية مختلفة أثناء طوابير العرض مشيرين بأيديهم في حركة تشبه تحية النازي. ولا تزال تلك الصفحة موجودة على الموقع الرسمي لبرودر.
ولهنريك برودر عديد من الكتب كان آخرها نقد التسامح (2008) أما أولها فهو كتاب من يخشى الإباحية (1970) ثم مقص في الرأس (1976)، شكراً جزيلاً (1980)، معادٍ للسامية للأبد (1986)، غريب في الوطن: اليهود في الجمهوريات الاتحادية (1987)، الرحمة مع الألمانيين (1993)، العطاء الجزيل: الطريق نحو ألمانيا جديدة (1994)، الشعب والجنان (1996)، يهود مياشعاريم (1997)، كينونة كل فرد (1999)، لا حرب في أي مكان: الألمان والإرهاب (2002)، يهودي في ألمانيا الحديثة (2003)، هاي.. أوروبا تستسلم (2007). وقد اهتم في كتاباته بتناول العلاقة بين الألمان واليهود من الناحية الاجتماعية والتاريخية. وكان أول من كتب فيما أطلق عليه “الوحدة الثقافية لليهود” وهو ما وصفه بأنه فصل مهجور من التاريخ اليهودي.
الحاج برودر!
ويحرص برودر على أن ينشر في موقعه كل التعليقات التي يتركها الزوار مهماً كانت شدة الهجوم عليه فيها. بل إنه اعتاد أحياناً المشاركة بالرد على تلك التعليقات مما جره إلى ساحات المحاكم في غير مرة.
وبرصد التعليقات التي تركها قراء كتابات هنريك برودر تعليقاً على إسلامه يلاحظ وجود حفاوة غير عادية من قبل المسلمين وبالطبع العكس تماماً بين قرائه قبل إسلامه. على سبيل المثال يكتب محمد سيف مدرس اللغة الألمانية في جامعة معان بالأردن “السيد برودر: بعد أن قمت بنشر خبر دخولك الإسلام على صفحة الفيس البوك الخاصة بي، أرسل لي أحد أصدقائي السعوديين خطاباً يدعوك فيه لأداء الحج هذا العام. وسيتكفل بكل مصاريف وتكاليف الحج بمجرد أن توافق. وطلب منى أن أكتب لك لأنه لا يستطيع التحدث باللغة الألمانية. في انتظار ردك”.
أما التعليقات قبل دخوله الإسلام فيلخص تعليق لمسلم يدعي (فتحي) وجهة نظر المسلمين: “إذا حدثت محرقة هولوكوست للمسلمين، فستحمل ذنب ذلك، لأنك تقوم بالتحريض من خلال دعايتك الصهيونية. النازيون الجدد ما هم إلاّ صهاينة مثلك.. ليهديك الله أو ليدمرك” .. وقد استجاب الله دعاء القارئ الغيور على دينه وهدى برودر لطريق الحق.
الغريب أن هناك تعليقات لألمان يرون في آرائه انحرافا عن جادة الصواب ومنها تعليق (أندرياز فوكا) تقول فيه “أنا معادية للفاشية من مدينة ديلمينهورست. أريد أن أبدي رأيي فيك وفي كتاباتك؛ أنت خنزير فاشي متطرف لا تعرف التسامح. لقد درست منذ بضع سنوات فى فرايبورج وتعرفت هناك على البروفيسور روديجر شولز. ولديه أيضا رأي سيئ للغاية عنك وعما تكتب”.
وثمة تعليق آخر على كتابه “هاي .. أوروبا تستسلم” يقول صاحبه: “ لقد قرأت كتابك “هاي .. أوروبا تستسلم” مرتين وعرفت إلى أي درجة تكره السياسة العربية ووجهاتها الثقافية وترفع في المقابل من شأن طريقة التفكير اليهودي.
وسؤالي: لماذا كتب في التاريخ منذ العصور الوسطى حتى اليوم أن اليهود مطاردين .. حتى في الكتاب المقدس ذكر ذلك. فما الذي يجعل اليهود كذلك؟ سأكون شاكرا إذا قدمت لي توضيحا صغيرا لهذه الحقيقة”.
الطريف أنه في معرض تعليقه على زوار موقعه كان برودر يؤكد أن تعليقات المسلمين لم تكن تتجاوز حدود التعبير عن الرأي.
إرهاصات الهداية وsms من بوش
ويرى البعض أن المقابلة التي أجراها معه موقع planet ـــ قبل إسلامه ـــ كان مبشراً بدخول برودر الإسلام حيث تحدث بلهجة ودودة غير معهودة منه فيما يتعلق بقضايا الإسلام والمسلمين. فقد أكد أن أكثر ما يعجبه في الإسلام أنه دين لا كهنوت فيه. أما ما لم يكن يعجبه فهو أنه لا يوجد إسلام علماني بل يوجد مسلمون علمانيون. وعن علاقته بالمسلمين زعم أنه لا يهتم بكون الشخص مسلماً أم لا، وأنه يعرف عدداً من المسلمين من بينهم طبيبه الخاص. ومن آرائه المعتدلة التي كانت نادرة الظهور تأكيده أن المشكلة لا تكمن في مسلمي أوروبا بل في طريقة التعامل معهم كأنهم مجرد ضيوف على القارة ليس إلا. وهو الرأي الذي يتعارض تماماً مع كتاباته في تلك الفترة. واعتبر أن ثمة تقدم كبير تشهده ألمانيا يتمثل في الوصول لمرحلة التعايش بين معتنقي الأديان المختلفة بسلام، مشيراً إلى أنه من أنصار المساواة التي تراعي الاختلافات والفروق بين المذاهب والمعتقدات. وقال إن الشعب الألماني لم ينفصل عن المسلمين. وإذا حدث هذا، فكيف يكون لدينا في برلين 80 مسجدا .. إلا أنه أشار إلى أن هناك عقبات تحول دون اندماج المسلمين كليةً في المجتمع مثل قضايا الشرف والعار. واعتبر أن الرئيس الإيراني نجاد يمثل أكبر تهديد لأوروبا، إلا أنه استدرك أنه لا يقصد قصر تهديده على اليهود فحسب، مشيراً إلى أن إطلاق صاروخ على إسرائيل يعني أنه يمكن إطلاق آخر على أية عاصمة أوروبية. وحاول في تلك المقابلة أن يخفف من موقفه تجاه الرسوم المسيئة للإسلام إلا أن تبريره لم يكن مقنعاً.
الطريف أن برودر يضع النشيد الوطني لأمريكا نغمة لهاتفه، كما يضع ملصقاً على سيارته عليه عبارة “فليحفظ الله أمريكا”. ويرى أن ذلك يلفت الانتباه بشكل إيجابي “فعندما أكون جالساً في أحد المطاعم أجعل النغمة تستمر للنهاية” ولا يعتبر في ذلك أي نوع من الاستفزاز لمن يشعر بالعداء تجاه أمريكا. تجدر الإشارة إلى أنه كان من أشد مؤيدي حرب العراق والمنادين بإسقاط نظام صدام منذ البداية.
وربما يكشف سر هذا الوله بما هو أمريكي صداقته للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش. ففي إطار متصل ذكر موقع مجلة Welt أن جورج بوش قد أعرب لبرودر عن ضيقه من فكرة تحوله للإسلام، حيث قال له مهدداً “يا برودر الضخم إننا نراقبك” ثم أرسل له رسالة نصية عبر الهاتف يقول له فيها “فلتحافظ على إيمانك أيها المجنون برودر”. وذكر في المقابلة أن نظرة المسلمين للحياة الجنسية تعد من أهم الأمور التي ساعدته على اتخاذ قراره، معتبراً أن الإسلام كدين نجح في تهذيب الغرائز بأسلوب رائع. ويقول برودر إنه أصبح على معرفة جيدة بأحكام الدين الإسلامي حيث بات يعرف أن عليه أداء خمس صلوات في اليوم الواحد، معرباً عن أمنيته ألا يذهب إلى البارات وأن يمتنع نهائياً عن احتساء الخمور.
وتبقى الإشارة إلى أن هناك من يشكك في إسلام برودر بل وفي اعتناقه الإسلام من الأساس، مستندين إلى عدم إعلان الخبر إلا من خلال موقع وحيد ثم تناقلته بقية المواقع. وبالنسبة لاعتناقه الإسلام فقد سبقت الإشارة إلى حدوثه في 2007 إلا أنه نفاه حينها. والآن يعج موقعه بسيل من الشتام من معتنقي آرائه السابقة والتهليل من المسلمين، ومن المعروف عنه أنه لم يكن ليدع خبراً مصيرياً كهذا يستشري دون أن يوقف انتشاره إن لم يكن دقيقاً.
وفي كل الأحوال يبقى أن الإسلام أكبر وأعز من دخول أي شخص فيه، وإنما ذلك للاعتبار ولعله يكون حافزاً لغيره لمعرفة هذا الدين، الذي وصف أحد شيوخ الأزهر انتشاره في الغرب بأنه بفعل قوته الذاتية وليس بفضل المسلمين.