عبيد المبين
22 Oct 2004, 12:13 AM
<div align="center">بسم الله الرحمن الرحيم</div>
مختصر شرح دعاء قنوت الوتر
اللهم اهدنا فيمن هديت : أي : دلنا على الحق ووفقنا للعمل به ؛ فينبغي للداعي أو المؤَمِّن على الدعاء أن يستحضر سؤال الهدايتين : هداية العلم وهداية العمل .
وقوله : فيمن هديت : هذا من باب التوسل بإنعام الله تعالى على من هداه ؛ فكما أنعمت عليهم بالهداية برحمتك فأنعم علينا بها .
وعافنا فيمن عافيت : من أمراض القلوب وأمراض الأبدان ؛ فينبغي للداعي والمؤمن أن يستحضر ذلك .
وأمراض الأبدان معروفة ؛ ولكن أمراض القلوب تعود إلى أمرين :
الأول : أمراض الشهوات ، التي منشؤها الهوى . أي : يعرف الإنسان الحق ، لكن لا يريده والعياذ بالله .
الثاني : أمراض الشبهات ، التي منشؤها الجهل . أي : أن يفعل الباطل يظنه حقا ، وهذا مرض خطير أيضا .
فالداعي هنا يسأل الله العافية من هذين المرضين .
تولنا فيمن توليت : أي : كن ولياً لنا الولاية الخاصة بالمؤمنين ، كما قال تعالى : {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} ؛ التي تقتضي العناية بمن تولاه الله والتوفيق لما يحبه ويرضاه .
وبارك لنا فيما أعطيت : البركة هي : الخير الكثير الثابت ؛ والمعنى أي : أنزل لي البركة فيما أعطيتني .
فيما أعطيت : أي من المال والولد والعلم وغير ذلك مما يعطيه الله عز وجل لعبده ؛ ومن لم يعط البركة لا ينتفع بمال ولا ولد ولا علم ولا غير ذلك والعياذ بالله .
وقنا شر ما قضيت : أي : قنا شرّ الذي قضيت ؛ فإن الله تعالى يقضي بالشر لحكمة بالغة حميدة ؛ فليس المعنى : قنا شر قضائك ؛ لأن قضاء الله ليس فيه شر ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أثنى به على ربه سبحانه : ( والخير بيديك والشر ليس إليك ) ، ولهذا لا ينسب الشر إلى الله سبحانه وتعالى .
توضيح : الله عز وجل يقضي بالخير ، وهذا خير محض في القضاء والمقضي . مثل القضاء بالرزق الواسع والأمن والطمأنينة ، والهداية والنصر ونحو ذلك .
ويقضي بالشر ، وهذا خير في القضاء شر في المقضي . مثل القضاء بالقحط ( منع المطر ) فهو شر ، لكن قضاء الله به خير ، وذلك لأنه من أسباب الرجوع إلى الله تعالى من معصيته إلى طاعته .
إنك تقضي ولا يقضى عليك : أي : إنك تقضي قضاء شرعيا وقضاء كونيا ، ولا يقضي عليك أحد ، فالعباد لا يحكمون على الله ، بل الله يحكم عليهم : {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } .
إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت : هذا كالتعليل لقولنا قبل ذلك : وتولنا فيمن توليت . فإذا تولى الله الإنسان فإنه لا يذلّ ، وإذا عادى اللهُ الإنسانَ فإنه لا يعزّ .
وإنما ينال العبد الولاية بوصفين : أحدهما في القلب ، وهو الإيمان ؛ والثاني : في الجوارح وهو التقوى : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ () الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ؛ فإذا صلح القلب والجوارح نال العبد الولاية الخاصة ؛ قال ابن تيمية رحمه الله : " من كان مؤمنا تقيا ، كان لله ولياً " أخذ هذا المعنى من الآية .
ولا يعز من عاديت : يعني : من كان عدوا لله ، فإنه لا يعز ، بل حاله الذل والخسران والفشل ، ولهذا فكل الكافرين في ذلة مهما بلغوا : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ، وإنما صار الكفار أعزة في هذا العصر في نظر من أصيب بالذل من المسلمين فصار الكفار في نفوسهم أعز منهم .
تباركت ربنا وتعاليت : هذا ثناء على الله عزّ وجلّ بأمرين :
أحدهما : التبارك ، أي : كثرت خيراتك وعمت ووسعت الخلق .
والثاني : العلو الذاتي والوصفي ؛ فالله سبحانه عليّ بذاته فوق جميع خلقه ، وعليّ بصفاته التي هي أعلى صفات الكمال والتمام ، التي لا يمكن أن يكون فيها شيء من النقص بأي وجه من الوجوه .
معنى : ( هب المسيئين منا للمحسنين ) ؟
أقرب الأقوال فيها أنها من باب الشفاعة : يعني : أن هذا الجمع الكبير فيهم المسيء ، وفيهم المحسن ؛ فاجعل المسيء هدية للمحسن بشفاعته له ؛ فكأنه قيل : شفع المحسنين منا في المسيئين .
( اختصرته من كتاب : شرح دعاء قنوت الوتر ، للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ) .
أخوكم / عبيد المبين .
مختصر شرح دعاء قنوت الوتر
اللهم اهدنا فيمن هديت : أي : دلنا على الحق ووفقنا للعمل به ؛ فينبغي للداعي أو المؤَمِّن على الدعاء أن يستحضر سؤال الهدايتين : هداية العلم وهداية العمل .
وقوله : فيمن هديت : هذا من باب التوسل بإنعام الله تعالى على من هداه ؛ فكما أنعمت عليهم بالهداية برحمتك فأنعم علينا بها .
وعافنا فيمن عافيت : من أمراض القلوب وأمراض الأبدان ؛ فينبغي للداعي والمؤمن أن يستحضر ذلك .
وأمراض الأبدان معروفة ؛ ولكن أمراض القلوب تعود إلى أمرين :
الأول : أمراض الشهوات ، التي منشؤها الهوى . أي : يعرف الإنسان الحق ، لكن لا يريده والعياذ بالله .
الثاني : أمراض الشبهات ، التي منشؤها الجهل . أي : أن يفعل الباطل يظنه حقا ، وهذا مرض خطير أيضا .
فالداعي هنا يسأل الله العافية من هذين المرضين .
تولنا فيمن توليت : أي : كن ولياً لنا الولاية الخاصة بالمؤمنين ، كما قال تعالى : {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} ؛ التي تقتضي العناية بمن تولاه الله والتوفيق لما يحبه ويرضاه .
وبارك لنا فيما أعطيت : البركة هي : الخير الكثير الثابت ؛ والمعنى أي : أنزل لي البركة فيما أعطيتني .
فيما أعطيت : أي من المال والولد والعلم وغير ذلك مما يعطيه الله عز وجل لعبده ؛ ومن لم يعط البركة لا ينتفع بمال ولا ولد ولا علم ولا غير ذلك والعياذ بالله .
وقنا شر ما قضيت : أي : قنا شرّ الذي قضيت ؛ فإن الله تعالى يقضي بالشر لحكمة بالغة حميدة ؛ فليس المعنى : قنا شر قضائك ؛ لأن قضاء الله ليس فيه شر ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أثنى به على ربه سبحانه : ( والخير بيديك والشر ليس إليك ) ، ولهذا لا ينسب الشر إلى الله سبحانه وتعالى .
توضيح : الله عز وجل يقضي بالخير ، وهذا خير محض في القضاء والمقضي . مثل القضاء بالرزق الواسع والأمن والطمأنينة ، والهداية والنصر ونحو ذلك .
ويقضي بالشر ، وهذا خير في القضاء شر في المقضي . مثل القضاء بالقحط ( منع المطر ) فهو شر ، لكن قضاء الله به خير ، وذلك لأنه من أسباب الرجوع إلى الله تعالى من معصيته إلى طاعته .
إنك تقضي ولا يقضى عليك : أي : إنك تقضي قضاء شرعيا وقضاء كونيا ، ولا يقضي عليك أحد ، فالعباد لا يحكمون على الله ، بل الله يحكم عليهم : {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } .
إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت : هذا كالتعليل لقولنا قبل ذلك : وتولنا فيمن توليت . فإذا تولى الله الإنسان فإنه لا يذلّ ، وإذا عادى اللهُ الإنسانَ فإنه لا يعزّ .
وإنما ينال العبد الولاية بوصفين : أحدهما في القلب ، وهو الإيمان ؛ والثاني : في الجوارح وهو التقوى : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ () الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ؛ فإذا صلح القلب والجوارح نال العبد الولاية الخاصة ؛ قال ابن تيمية رحمه الله : " من كان مؤمنا تقيا ، كان لله ولياً " أخذ هذا المعنى من الآية .
ولا يعز من عاديت : يعني : من كان عدوا لله ، فإنه لا يعز ، بل حاله الذل والخسران والفشل ، ولهذا فكل الكافرين في ذلة مهما بلغوا : <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ، وإنما صار الكفار أعزة في هذا العصر في نظر من أصيب بالذل من المسلمين فصار الكفار في نفوسهم أعز منهم .
تباركت ربنا وتعاليت : هذا ثناء على الله عزّ وجلّ بأمرين :
أحدهما : التبارك ، أي : كثرت خيراتك وعمت ووسعت الخلق .
والثاني : العلو الذاتي والوصفي ؛ فالله سبحانه عليّ بذاته فوق جميع خلقه ، وعليّ بصفاته التي هي أعلى صفات الكمال والتمام ، التي لا يمكن أن يكون فيها شيء من النقص بأي وجه من الوجوه .
معنى : ( هب المسيئين منا للمحسنين ) ؟
أقرب الأقوال فيها أنها من باب الشفاعة : يعني : أن هذا الجمع الكبير فيهم المسيء ، وفيهم المحسن ؛ فاجعل المسيء هدية للمحسن بشفاعته له ؛ فكأنه قيل : شفع المحسنين منا في المسيئين .
( اختصرته من كتاب : شرح دعاء قنوت الوتر ، للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ) .
أخوكم / عبيد المبين .