ام حفصه
24 Jan 2011, 12:05 PM
المرأة عندما تكون ستارا للاستبداد
الأحد 23, يناير 2011
جمال سلطان
هناك إجماع على أن أحد أهم أسباب ثورة الشعب التونسي على "زين العابدين بن علي" يعود إلى هيمنة "امرأته" ليلى الطرابلسي علىالقرار السياسي والمالي ومستويات الفساد الواسعة التي مارستها في تونس وتوجيهها المباشر لعمليات قمع وسحق لقوى معارضة فكانت أحد أهم دعائم الاستبداد في تونس ، كما أن هناك إجماعا على أن أحد أهم مفجرات الثورة تمثلت في تلك الصفعة التي تعرض لهاالشاب التونسي المظلوم "محمد بو عزيزي" من "امرأة" تعمل شرطية في وزارة الداخلية ، أي أن "المرأة" كانت حاضرة في تلافيف القمع والاستبداد فماذا يعني ذلك .
لا نقصد أبدا من هذه التقدمة تأكيد ارتباط ضروري أو شرطي بين إبراز نشاط المرأة أو مشاركتها وبين القمع والاستبداد ، لأن إسهامات المرأة اليوم في جميع المجالات لا تخطئه العين ، وحاجات المجتمع تتسع للجميع رجالا ونساءا ، وإنما القصد هو لفتانتباه القوى الوطنية النبيلة إلى خطورة الوقوع في فخ الانجذاب إلى لعبة بعضالديكتاتوريات في العالم الثالث التي ترمي لهم بجزرة تمكين المرأة وحقوق المرأة وتحديث المجتمع في مجال المرأة وتحرير المرأة ، في حين أن هذا كله يستخدم كساتر يخفي أبشع وجوه القمع والاستبداد والديكتاتورية ، على النحو الذي حدث في تونس التي كانت تباهي الجميع بأنها سباقة في تمكين المرأة وتثوير المرأة والتوسع في مشاركة المرأة وتحرير المرأة ، قبل أن تكشف ثورة الكرامة للشعب التونسي عن الوجه الكئيب للديكتاتورية والقمع والفساد والإرهاب الذي مارسه نفس النظام الذي يتحدث عن حرية المرأة وتمكين المرأة .
ما أريد أن أقوله بوجه آخر ، أنه لا يمكن أن تولدحرية حقيقية للمرأة بدون حرية حقيقية للوطن نفسه ، ولا يمكن أن يكون هناك تمكين حقيقي للمرأة من غير أن يكون هناك تمكين حقيقي ونزيه للشعب كله ، ومع الأسف فهم المستبدون تلك المعادلة ، بينما تأخر عن فهمها قطاع كبير من النخبة الوطنية ، ولذلك تجد أكثر النظم بعدا عن الديمقراطية وجرأة على تزوير إرادة الشعب وأجرأها على الفساد أيضا ، هي أكثر النظم حديثا عن تحرير المرأة وتمكين المرأة ومشاركة المرأة ، وابتداع الأفكار والمشروعات التي تزعم الإعلاء من شأن المرأة ، بينما هم يصادرون الوطن كله ، ويقهرون المرأة والرجل معا ، ويؤسسون لمنظومة متكاملة من القهر والاستبداد والهيمنة وتهميش الشعوب ، وكثيرا ما يقدمون على إبراز وتسويق هذه "الكرنفالات" النسوية كمساحيق تجميل للوجه السياسي الكئيب أمام بعض القوى الدولية لكي تبارك أو تتجاهل ما تراه وترصده وتعرفه يقينا من استباحة الحريات العامة وحقوق الشعوب في الكرامة والمشاركة .
لم تكن أولوية الإصلاح في تونس أن يتم توظيف "امرأة" في سلك الشرطة ، وإنما كانت الأولوية هي إصلاح مؤسسة الشرطة نفسها ، وتحويلها إلى أداة لحماية القانون وليس للقمع وسحق المجتمع وترهيب قوى المعارضة والنشطاء ، وكل ما حدث في حالة توظيف شرطية أن تم إضافة "عنصر قمعي" إلى المؤسسة ، ولن يجملها أبدا أن يكون هذا العنصر القمعي الجديد "امرأة" ، لم تكن أولويات المجتمع التونسي أن يضخ بن علي عشرات النساء في عضوية البرلمان ، وإنما كانت الأولوية هي ضمان نزاهة هذا البرلمان ونزاهة الانتخابات المعبرة عن إرادة الأمة ، أما أن يكون البرلمان كله أتى بالتزوير ، والتلاعب بإرادة الأمة والاستهزاء بها ، فما معنى أن تضيف إلى "المزورين" خمسين أو ستين امرأة .
وأذكر أني قلت كثيرا من قبل وما زلت أكرر ، لم تكن أولوية الوطن في أن أدفع بسيدة في صفوف القضاة ، وأصطنع زفة كذابة عن الإنجاز العظيم لإدخال مصر عصر الاستنارة والتحضر ، وإنما الأولوية الحقيقية أن أناضل من أجل حماية العدالة ذاتها ، وترسيخ مكانتها ، وتأكيد وحماية استقلالية القضاء ، وحصانته ، وهيبته ، وهذه العدالة ستأتي فيما بعد بمن يستحق أو تستحق المشاركة في مسيرتها ، أما أن يكون هناك قضاء غير مستقل وعدالة مرتهنة للنظام السياسي وثقة مفقودة في مؤسسة العدالة ، فما قيمة أن يكون الجالس على المنصة رجلا أو امرأة ، وهل تلك قضية تستدعي نضالا من أجلها لدى العقلاء والنبلاء .
الثورة التونسية المباركة أهدتنا ، فيما أهدتنا ، تلك الأضواء الكاشفة على "ألاعيب" المستبدين واستخدامهم قصة المرأة وتحرير المرأة كستار للتغطية على أبشع ألوان المصادرة لحرية وطن بكامله وسحق إرادة أبنائه وتزوير خياراتهم ونهب مقدراتهم
موضوع استوقفني مع بعض التحفظات -----
الأحد 23, يناير 2011
جمال سلطان
هناك إجماع على أن أحد أهم أسباب ثورة الشعب التونسي على "زين العابدين بن علي" يعود إلى هيمنة "امرأته" ليلى الطرابلسي علىالقرار السياسي والمالي ومستويات الفساد الواسعة التي مارستها في تونس وتوجيهها المباشر لعمليات قمع وسحق لقوى معارضة فكانت أحد أهم دعائم الاستبداد في تونس ، كما أن هناك إجماعا على أن أحد أهم مفجرات الثورة تمثلت في تلك الصفعة التي تعرض لهاالشاب التونسي المظلوم "محمد بو عزيزي" من "امرأة" تعمل شرطية في وزارة الداخلية ، أي أن "المرأة" كانت حاضرة في تلافيف القمع والاستبداد فماذا يعني ذلك .
لا نقصد أبدا من هذه التقدمة تأكيد ارتباط ضروري أو شرطي بين إبراز نشاط المرأة أو مشاركتها وبين القمع والاستبداد ، لأن إسهامات المرأة اليوم في جميع المجالات لا تخطئه العين ، وحاجات المجتمع تتسع للجميع رجالا ونساءا ، وإنما القصد هو لفتانتباه القوى الوطنية النبيلة إلى خطورة الوقوع في فخ الانجذاب إلى لعبة بعضالديكتاتوريات في العالم الثالث التي ترمي لهم بجزرة تمكين المرأة وحقوق المرأة وتحديث المجتمع في مجال المرأة وتحرير المرأة ، في حين أن هذا كله يستخدم كساتر يخفي أبشع وجوه القمع والاستبداد والديكتاتورية ، على النحو الذي حدث في تونس التي كانت تباهي الجميع بأنها سباقة في تمكين المرأة وتثوير المرأة والتوسع في مشاركة المرأة وتحرير المرأة ، قبل أن تكشف ثورة الكرامة للشعب التونسي عن الوجه الكئيب للديكتاتورية والقمع والفساد والإرهاب الذي مارسه نفس النظام الذي يتحدث عن حرية المرأة وتمكين المرأة .
ما أريد أن أقوله بوجه آخر ، أنه لا يمكن أن تولدحرية حقيقية للمرأة بدون حرية حقيقية للوطن نفسه ، ولا يمكن أن يكون هناك تمكين حقيقي للمرأة من غير أن يكون هناك تمكين حقيقي ونزيه للشعب كله ، ومع الأسف فهم المستبدون تلك المعادلة ، بينما تأخر عن فهمها قطاع كبير من النخبة الوطنية ، ولذلك تجد أكثر النظم بعدا عن الديمقراطية وجرأة على تزوير إرادة الشعب وأجرأها على الفساد أيضا ، هي أكثر النظم حديثا عن تحرير المرأة وتمكين المرأة ومشاركة المرأة ، وابتداع الأفكار والمشروعات التي تزعم الإعلاء من شأن المرأة ، بينما هم يصادرون الوطن كله ، ويقهرون المرأة والرجل معا ، ويؤسسون لمنظومة متكاملة من القهر والاستبداد والهيمنة وتهميش الشعوب ، وكثيرا ما يقدمون على إبراز وتسويق هذه "الكرنفالات" النسوية كمساحيق تجميل للوجه السياسي الكئيب أمام بعض القوى الدولية لكي تبارك أو تتجاهل ما تراه وترصده وتعرفه يقينا من استباحة الحريات العامة وحقوق الشعوب في الكرامة والمشاركة .
لم تكن أولوية الإصلاح في تونس أن يتم توظيف "امرأة" في سلك الشرطة ، وإنما كانت الأولوية هي إصلاح مؤسسة الشرطة نفسها ، وتحويلها إلى أداة لحماية القانون وليس للقمع وسحق المجتمع وترهيب قوى المعارضة والنشطاء ، وكل ما حدث في حالة توظيف شرطية أن تم إضافة "عنصر قمعي" إلى المؤسسة ، ولن يجملها أبدا أن يكون هذا العنصر القمعي الجديد "امرأة" ، لم تكن أولويات المجتمع التونسي أن يضخ بن علي عشرات النساء في عضوية البرلمان ، وإنما كانت الأولوية هي ضمان نزاهة هذا البرلمان ونزاهة الانتخابات المعبرة عن إرادة الأمة ، أما أن يكون البرلمان كله أتى بالتزوير ، والتلاعب بإرادة الأمة والاستهزاء بها ، فما معنى أن تضيف إلى "المزورين" خمسين أو ستين امرأة .
وأذكر أني قلت كثيرا من قبل وما زلت أكرر ، لم تكن أولوية الوطن في أن أدفع بسيدة في صفوف القضاة ، وأصطنع زفة كذابة عن الإنجاز العظيم لإدخال مصر عصر الاستنارة والتحضر ، وإنما الأولوية الحقيقية أن أناضل من أجل حماية العدالة ذاتها ، وترسيخ مكانتها ، وتأكيد وحماية استقلالية القضاء ، وحصانته ، وهيبته ، وهذه العدالة ستأتي فيما بعد بمن يستحق أو تستحق المشاركة في مسيرتها ، أما أن يكون هناك قضاء غير مستقل وعدالة مرتهنة للنظام السياسي وثقة مفقودة في مؤسسة العدالة ، فما قيمة أن يكون الجالس على المنصة رجلا أو امرأة ، وهل تلك قضية تستدعي نضالا من أجلها لدى العقلاء والنبلاء .
الثورة التونسية المباركة أهدتنا ، فيما أهدتنا ، تلك الأضواء الكاشفة على "ألاعيب" المستبدين واستخدامهم قصة المرأة وتحرير المرأة كستار للتغطية على أبشع ألوان المصادرة لحرية وطن بكامله وسحق إرادة أبنائه وتزوير خياراتهم ونهب مقدراتهم
موضوع استوقفني مع بعض التحفظات -----