النعمانى
22 Feb 2011, 02:15 AM
كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد نشرت صحيفة الأهرام القاهرية بتاريخ 6 مارس 1985م، عن "البابا شنودة" ما يلي: "إن الأقباط في ظل حكم الشريعة يكونون أسعد حالاً وأكثر أمنًا، ولقد كانوا كذلك في الماضي، حينما كان حكم الشريعة هو السائد.. نحن نتوق إلى أن نعيش في ظل: لهم ما لنا، وعليهم ما علينا(1).
إن مصر تجلب القوانين مِن الخارج حتى الآن، وتطبقها علينا، ونحن ليس عندنا مثل ما في الإسلام مِن قوانين مفصلة؛ فكيف نرضى بالقوانين المجلوبة، ولا نرضى بقوانين الإسلام؟!" اهـ (انظر "سماحة الإسلام" د/ عمر عبد العزيز).
وليس هذا هو قول بابا الأرثوذكس وحده، وإنما قول ممثلي الطوائف الأخرى، فقد نشرت جريدة الدعوة القاهرية سنة 1977م بحثًا ميدانيًا لممثلي الطوائف المسيحية (النصرانية) في مصر تحت عنوان: "المسيحيون في مصر والحكم بشرع الله".
وقد وجهت المجلة سؤالين محددين:
الأول: إذا كان الإسلام والمسيحية ملتقيين في تحريم الزنا -مثلاً- ومحاربته، فهل عندكم مانع في تطبيق حد الزنا وبقية الحدود الإسلامية الأخرى على مَن استوجب إقامتها عليه في المجتمع المصري؟ وهل ترى في تطبيقها ما يمس حقوق المسيحيين أو يضايقهم؟
الثاني: مِن خلال دراستكم للتاريخ، ماذا ترون في حكم الإسلام بالنسبة للأقليات مِن ناحية العبادة والأموال والأعراض؟
فأجاب الكاردينال إسطفانوس بطريرك الأقباط الكاثوليك: "الأديان السماوية تشير إلى تحريم القتل أو الزنا، وتدعو إلى المحبة والمودة، فالقتل والزنا والسرقة إلى آخر المنكرات ضد المحبة؛ لأن الله خلق الإنسان ليكون مستقيمًا غير منحرف، ويستفيد من التعاليم الإلهية، ولذلك فالذي يشذ عن نظام الله وتعاليمه بعد أن تكفل له أسباب العيش ومستلزماته يجب أن تطبق عليه حدود شريعة الله؛ ليرتدع ويكون عبرة لغيره، وحتى لا تعم الفوضى عندما يقتل أحد أخاه ولا يُقتل، أو يسرق ولا تقطع يده، أو يزني ولا يُقام عليه حد الزنا، وهذا ما وجدناه في القوانين الوضعية التي تجامل الناس، وتلتمس لهم مختلف الأعذار مما جعل المجتمع غير آمن على نفسه أو ماله أو عرضه، وأعود فأكرر: إن تطبيق حدود الشريعة الإسلامية ضروري على الشخص وعلى المجتمع حتى تستقيم الأمور، وينصلح حال الناس، وليس في تطبيقها -أبدًا- ما يمس حقوق المسيحيين أو يضايقهم!".
ويقول أيضًا: "لقد وجدت الديانات الأخرى -والمسيحية بالذات- في كل العصور التي كان الحكم الإسلامي فيها قائمًا بصورته الصادقة، ما لم تلقه في ظل أي نظام آخر من حيث الأمان والاطمئنان في دينها ومالها، وعرضها وحريتها!".
ويقول القس "برسوم شحاتة" وكيل الطائفة الإنجيلية في مصر ما يلي: "في كل عهد أو حكم إسلامي التزم المسلمون فيه بمبادئ الدين الإسلام كانوا يشملون رعاياهم مِن غير المسلمين -والمسيحيين على وجه الخصوص- بكل أسباب الحرية والأمن والسلام، وكلما قامت الشرائع الدينية في النفوس بصدق، بعيدة عن شوائب التعصب الممقوت والرياء الدخيلين على الدين، كلما سطعت شمس الحريات الدينية، والتقى المسلم والمسيحي في العمل الإيجابي، والوحدة الخلاقة" اهـ من المصدر السابق ص281، وما بعدها.
- وهذه شهادتهم الموثقة فمن يغير رأيه منهم الآن فهو مطالب بتفسير منطقي ومقبول لا سيما أن هذا الكلام كان قبل وجود أقباط المهجر وما جروه على العلاقة بين المسلمين والنصارى في مصر من فساد.
- وهذا أيضا ما شهد به المنصفون مِن الغرب، يقول "جوستاف لوبون"رأينا من آي القرآن التي ذكرناها آنفًا أن مسامحة "محمد" لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله: كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته، وقد أعرف بذلك التسامح بعض علماء أوروبا المرتابون أو المؤمنون القليلون الذين أمعنوا النظر في تاريخ العرب.. ونقل عن "روبرت سن" في كتابه: "تاريخ شارل كن" أن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وأنهم مع امتشاقهم الحُسام نشرًا لدينهم، تركوا مَن لم يرغبوا فيه أحرارًا في التمسك بتعاليمهم الدينية" اهـ (حضارة العرب ص128).
ويقول آرنولد في كتابه: "الدعوة إلى الإسلام" ص51: "ومِن هذه الأمثلة التي قدمناها آنفًا عن ذلك التسامح الذي بسطه المسلمون الظافرون على العرب المسيحيين في القرن الأول مِن الهجرة، واستمر في الأجيال المتعاقبة، نستطيع أن نستخلص بحق أن هذه القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام، إنما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة حرة، وإن العرب المسيحيين الذي يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح" اهـ.
- وقديمًا قال أهل الشام لأبي عبيدة -رضي الله عنه-: "أنتم -ولستم على ديننا- أرأف بنا من أهل ديننا" اهـ (المصدر السابق ص54).
- فكيف يُقابل هذا التسامح الذي يقوم به المسلمون مع غيرهم انطلاقًا مِن شريعتهم بالاستفزاز؟ أو بالجحود والنكران أو بالمطالبة بحقوق فوق التي لكم: كبناء الكنائس وتعطيل الشريعة، ولا نستطيع أن نعطيها لكم؛ لأنا نكون حينئذٍ عاصين لربنا -تعالى-؟!
- وكيف تريدون بعد كل هذا أن تمنعونا من ممارسة ديننا بتطبيق شريعة ربنا -تبارك وتعالى-، ونحن قد تركنا لكم حرية الاعتقاد والعبادة داخل كنائسكم دون إظهارها؟
- نرجو مِن عقلاء النصارى أن يأخذوا على أيدي سفهائهم، وأن يلتزموا لنا بما شرطنا عليهم لنلتزم لهم بعدهم؛ لنعيش في سلام.
- وها أنتم رأيتم بأعينكم عندما غاب الأمن كيف عاملكم المسلمون وبخاصة الملتزمون!
وهذا درس عملي بليغ لتُراجعوا مواقفكم، إذا كنتم كما تقولون: "إن رسالة المسيح رسالة محبة"!
والسلام على من اتبع الهدى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلا فيما استثنى الشرع: كالولايات مثلاً.
من موقع صوت السلف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد نشرت صحيفة الأهرام القاهرية بتاريخ 6 مارس 1985م، عن "البابا شنودة" ما يلي: "إن الأقباط في ظل حكم الشريعة يكونون أسعد حالاً وأكثر أمنًا، ولقد كانوا كذلك في الماضي، حينما كان حكم الشريعة هو السائد.. نحن نتوق إلى أن نعيش في ظل: لهم ما لنا، وعليهم ما علينا(1).
إن مصر تجلب القوانين مِن الخارج حتى الآن، وتطبقها علينا، ونحن ليس عندنا مثل ما في الإسلام مِن قوانين مفصلة؛ فكيف نرضى بالقوانين المجلوبة، ولا نرضى بقوانين الإسلام؟!" اهـ (انظر "سماحة الإسلام" د/ عمر عبد العزيز).
وليس هذا هو قول بابا الأرثوذكس وحده، وإنما قول ممثلي الطوائف الأخرى، فقد نشرت جريدة الدعوة القاهرية سنة 1977م بحثًا ميدانيًا لممثلي الطوائف المسيحية (النصرانية) في مصر تحت عنوان: "المسيحيون في مصر والحكم بشرع الله".
وقد وجهت المجلة سؤالين محددين:
الأول: إذا كان الإسلام والمسيحية ملتقيين في تحريم الزنا -مثلاً- ومحاربته، فهل عندكم مانع في تطبيق حد الزنا وبقية الحدود الإسلامية الأخرى على مَن استوجب إقامتها عليه في المجتمع المصري؟ وهل ترى في تطبيقها ما يمس حقوق المسيحيين أو يضايقهم؟
الثاني: مِن خلال دراستكم للتاريخ، ماذا ترون في حكم الإسلام بالنسبة للأقليات مِن ناحية العبادة والأموال والأعراض؟
فأجاب الكاردينال إسطفانوس بطريرك الأقباط الكاثوليك: "الأديان السماوية تشير إلى تحريم القتل أو الزنا، وتدعو إلى المحبة والمودة، فالقتل والزنا والسرقة إلى آخر المنكرات ضد المحبة؛ لأن الله خلق الإنسان ليكون مستقيمًا غير منحرف، ويستفيد من التعاليم الإلهية، ولذلك فالذي يشذ عن نظام الله وتعاليمه بعد أن تكفل له أسباب العيش ومستلزماته يجب أن تطبق عليه حدود شريعة الله؛ ليرتدع ويكون عبرة لغيره، وحتى لا تعم الفوضى عندما يقتل أحد أخاه ولا يُقتل، أو يسرق ولا تقطع يده، أو يزني ولا يُقام عليه حد الزنا، وهذا ما وجدناه في القوانين الوضعية التي تجامل الناس، وتلتمس لهم مختلف الأعذار مما جعل المجتمع غير آمن على نفسه أو ماله أو عرضه، وأعود فأكرر: إن تطبيق حدود الشريعة الإسلامية ضروري على الشخص وعلى المجتمع حتى تستقيم الأمور، وينصلح حال الناس، وليس في تطبيقها -أبدًا- ما يمس حقوق المسيحيين أو يضايقهم!".
ويقول أيضًا: "لقد وجدت الديانات الأخرى -والمسيحية بالذات- في كل العصور التي كان الحكم الإسلامي فيها قائمًا بصورته الصادقة، ما لم تلقه في ظل أي نظام آخر من حيث الأمان والاطمئنان في دينها ومالها، وعرضها وحريتها!".
ويقول القس "برسوم شحاتة" وكيل الطائفة الإنجيلية في مصر ما يلي: "في كل عهد أو حكم إسلامي التزم المسلمون فيه بمبادئ الدين الإسلام كانوا يشملون رعاياهم مِن غير المسلمين -والمسيحيين على وجه الخصوص- بكل أسباب الحرية والأمن والسلام، وكلما قامت الشرائع الدينية في النفوس بصدق، بعيدة عن شوائب التعصب الممقوت والرياء الدخيلين على الدين، كلما سطعت شمس الحريات الدينية، والتقى المسلم والمسيحي في العمل الإيجابي، والوحدة الخلاقة" اهـ من المصدر السابق ص281، وما بعدها.
- وهذه شهادتهم الموثقة فمن يغير رأيه منهم الآن فهو مطالب بتفسير منطقي ومقبول لا سيما أن هذا الكلام كان قبل وجود أقباط المهجر وما جروه على العلاقة بين المسلمين والنصارى في مصر من فساد.
- وهذا أيضا ما شهد به المنصفون مِن الغرب، يقول "جوستاف لوبون"رأينا من آي القرآن التي ذكرناها آنفًا أن مسامحة "محمد" لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله: كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته، وقد أعرف بذلك التسامح بعض علماء أوروبا المرتابون أو المؤمنون القليلون الذين أمعنوا النظر في تاريخ العرب.. ونقل عن "روبرت سن" في كتابه: "تاريخ شارل كن" أن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وأنهم مع امتشاقهم الحُسام نشرًا لدينهم، تركوا مَن لم يرغبوا فيه أحرارًا في التمسك بتعاليمهم الدينية" اهـ (حضارة العرب ص128).
ويقول آرنولد في كتابه: "الدعوة إلى الإسلام" ص51: "ومِن هذه الأمثلة التي قدمناها آنفًا عن ذلك التسامح الذي بسطه المسلمون الظافرون على العرب المسيحيين في القرن الأول مِن الهجرة، واستمر في الأجيال المتعاقبة، نستطيع أن نستخلص بحق أن هذه القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام، إنما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة حرة، وإن العرب المسيحيين الذي يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح" اهـ.
- وقديمًا قال أهل الشام لأبي عبيدة -رضي الله عنه-: "أنتم -ولستم على ديننا- أرأف بنا من أهل ديننا" اهـ (المصدر السابق ص54).
- فكيف يُقابل هذا التسامح الذي يقوم به المسلمون مع غيرهم انطلاقًا مِن شريعتهم بالاستفزاز؟ أو بالجحود والنكران أو بالمطالبة بحقوق فوق التي لكم: كبناء الكنائس وتعطيل الشريعة، ولا نستطيع أن نعطيها لكم؛ لأنا نكون حينئذٍ عاصين لربنا -تعالى-؟!
- وكيف تريدون بعد كل هذا أن تمنعونا من ممارسة ديننا بتطبيق شريعة ربنا -تبارك وتعالى-، ونحن قد تركنا لكم حرية الاعتقاد والعبادة داخل كنائسكم دون إظهارها؟
- نرجو مِن عقلاء النصارى أن يأخذوا على أيدي سفهائهم، وأن يلتزموا لنا بما شرطنا عليهم لنلتزم لهم بعدهم؛ لنعيش في سلام.
- وها أنتم رأيتم بأعينكم عندما غاب الأمن كيف عاملكم المسلمون وبخاصة الملتزمون!
وهذا درس عملي بليغ لتُراجعوا مواقفكم، إذا كنتم كما تقولون: "إن رسالة المسيح رسالة محبة"!
والسلام على من اتبع الهدى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلا فيما استثنى الشرع: كالولايات مثلاً.
من موقع صوت السلف