!محب الدعوة!
02 Mar 2011, 12:05 AM
العِلم مَتِين ويَحتَاج إِلَى حَفرٍ فِي القُلُوب
إذا عجزت عن الحفظ، بعض الناس الحافظة عنده قريبة من الصِّفر، وبعض الناس الحافظة عنده قريبة من المائة في المائة، كما أنَّ القريب من الصفر في الحافظة، عنده فهم قريب من المائة بالمائة، والثاني بالعكس، وبين هذين ما يقرب من هذا وما يبعد من هذا.
نضرب مثال بالجلالين، وش معنى الجلالين؟ صاحبي التفسير، جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، جلال الدين المحلي إمام من أئمة الشافعية، ومع ذلك في الحافظة يقرب من الصفر، وقال: إنه حاول أن يحفظ فصل من كتاب أخذ عليه وقت طويل جداً مدة أكثر من أسبوع، وارتفعت حرارته، وظهر في جسده بثور، وفي النهاية عجز!!
والسيوطي يقول إنه يحفظ أكثر من مئتي ألف حديث، كيف صار المحلي إمام من أئمة الشافعية؟ كيف صار؟ هناك طريقة لمن هذه صفته، إذا عجزت استعمل القلم، اكتب ما تريد حفظه، راجع عليه الشروح وعلق عليه، ومن كثرة المُداولة يثبت في ذهنك، مُقومات التحصيل الحفظ والفهم، قد يجتمعان في شخص، وقد يُفقَدان من شخص الكُلِّيَّة يصير فدم، ما يفهم ولا يحفظ، هذا يسلك العلم يثبت له أجر السلوك والطريق، ويَقرَأ نظر ويُرَدِّد القرآن ويَذكر الله -جل وعلا- ولا يُحرَم من الأجر.
لكن بعض الناس عنده حافظة قوية، وبعضهم ضعيفة؛ لكن الفهم عنده قوي، نقول لمثل هذا: امسك القلم، وكَثِّر الأوراق اقرأ الفاتحة واكتب الفاتحة، وراجع عليها التفاسير، وانتقِ من تفسير ابن كثير على الفاتحة، ومن تفسير الشيخ ابن سعدي، ومن تفسير الشيخ فيصل بن مبارك، ومن فلان ومن فلان تجتمع عندك تصور للتفسير إجمالي، يعني تستطيع تكون لديك أهلية لأن تفهم هذا الكلام ، ولو احتجت إلى تفسيره تستطيع، يعني عندك -على ما يقول الناس- خلفية، ولو لم يكن من ذلك إلاَّ من كثرة هذه المعاناة رسخ في ذهنك ما كتبت وما قرأت؛ لأنَّ العِلم مَتِين يَحتَاج إِلَى مُعَانَاة، يَحتَاج إِلَى حَفرٍ فِي القُلُوب.
أقول مثل هذا الذي لا يستطيع أن يَحفَظ يَعمَد إِلَى كِتَابٍ صَعب، ما أقول روح إلى منار السبيل، وإلَّا منهج السالكين، وإلَّا كتاب سهل –لا-نقول: اذهب إلى أصعب الكتب من المتون الفقهية، خذ زاد المستقنع -مثلاً- أو مختصر خليل -إن كنت مالكي-، الذي كلامه أشبه ما يكون بالألغاز، شوف ما قال الشراح حول هذا الكلام، وتصور الكلام واكتب ما تصورت، واكتب ما راجعت، وراجع عليه كُتب اللغة إن عجزت عن معنى كلمة، راجع عليه كتب لغة الفقهاء؛ لأنَّ الفقهاء لهم لغة صنفت فيها الكتب، راجع عليه الكتب التي هي أسهل منه، بحيث إذا فهمت هذا الكلام الصعب انتَقَشَ في قلبك، والذي لا يثبت في القلب إلاَّ بصعوبة فإنه حينئذ لا يخرج منه إلاَّ بصعوبة.
فأنت إذا عانيت هذا الكتاب الصعب، وأتقنته وفهمته من خلال مراجعاتك عليه الكثيرة الشديدة، وحاولت جاهداً أن تفهم هذا الكتاب، أنت في النهاية استقر في ذهنك شيء قدر كبير من هذا الكتاب، فالذي حافظته ضعيفة لا يذهب إلى الكتب السهلة، التي تُعِينُهُ على الغفلة، لا، يذهب إلى الكتب الصعبة، التي لا تعينه على الغفلة، كل كلمة تحتاج إلى نظرات ليس بنظر الواحد.
فأقول يذهب إلى أصعب الكتب، ويراجع عليها الشروح، ويسأل الشيوخ المختصين فيما يعجز عنه إذا انتهى يكون فهم ولا ما فهم؟ فهم، يكون ثبت في ذهنه شيء أو لا ما ثبت؟ يكون ثبت في ذهنه؛ لأنَّ هذه المُعَانَاة بهذِهِ الطَّريقة لا بُدَّ أن يَثبُت الشَّيء في الذِّهِن.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
المصدر: من هنا (http://www.khudheir.com/text/2260)
إذا عجزت عن الحفظ، بعض الناس الحافظة عنده قريبة من الصِّفر، وبعض الناس الحافظة عنده قريبة من المائة في المائة، كما أنَّ القريب من الصفر في الحافظة، عنده فهم قريب من المائة بالمائة، والثاني بالعكس، وبين هذين ما يقرب من هذا وما يبعد من هذا.
نضرب مثال بالجلالين، وش معنى الجلالين؟ صاحبي التفسير، جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، جلال الدين المحلي إمام من أئمة الشافعية، ومع ذلك في الحافظة يقرب من الصفر، وقال: إنه حاول أن يحفظ فصل من كتاب أخذ عليه وقت طويل جداً مدة أكثر من أسبوع، وارتفعت حرارته، وظهر في جسده بثور، وفي النهاية عجز!!
والسيوطي يقول إنه يحفظ أكثر من مئتي ألف حديث، كيف صار المحلي إمام من أئمة الشافعية؟ كيف صار؟ هناك طريقة لمن هذه صفته، إذا عجزت استعمل القلم، اكتب ما تريد حفظه، راجع عليه الشروح وعلق عليه، ومن كثرة المُداولة يثبت في ذهنك، مُقومات التحصيل الحفظ والفهم، قد يجتمعان في شخص، وقد يُفقَدان من شخص الكُلِّيَّة يصير فدم، ما يفهم ولا يحفظ، هذا يسلك العلم يثبت له أجر السلوك والطريق، ويَقرَأ نظر ويُرَدِّد القرآن ويَذكر الله -جل وعلا- ولا يُحرَم من الأجر.
لكن بعض الناس عنده حافظة قوية، وبعضهم ضعيفة؛ لكن الفهم عنده قوي، نقول لمثل هذا: امسك القلم، وكَثِّر الأوراق اقرأ الفاتحة واكتب الفاتحة، وراجع عليها التفاسير، وانتقِ من تفسير ابن كثير على الفاتحة، ومن تفسير الشيخ ابن سعدي، ومن تفسير الشيخ فيصل بن مبارك، ومن فلان ومن فلان تجتمع عندك تصور للتفسير إجمالي، يعني تستطيع تكون لديك أهلية لأن تفهم هذا الكلام ، ولو احتجت إلى تفسيره تستطيع، يعني عندك -على ما يقول الناس- خلفية، ولو لم يكن من ذلك إلاَّ من كثرة هذه المعاناة رسخ في ذهنك ما كتبت وما قرأت؛ لأنَّ العِلم مَتِين يَحتَاج إِلَى مُعَانَاة، يَحتَاج إِلَى حَفرٍ فِي القُلُوب.
أقول مثل هذا الذي لا يستطيع أن يَحفَظ يَعمَد إِلَى كِتَابٍ صَعب، ما أقول روح إلى منار السبيل، وإلَّا منهج السالكين، وإلَّا كتاب سهل –لا-نقول: اذهب إلى أصعب الكتب من المتون الفقهية، خذ زاد المستقنع -مثلاً- أو مختصر خليل -إن كنت مالكي-، الذي كلامه أشبه ما يكون بالألغاز، شوف ما قال الشراح حول هذا الكلام، وتصور الكلام واكتب ما تصورت، واكتب ما راجعت، وراجع عليه كُتب اللغة إن عجزت عن معنى كلمة، راجع عليه كتب لغة الفقهاء؛ لأنَّ الفقهاء لهم لغة صنفت فيها الكتب، راجع عليه الكتب التي هي أسهل منه، بحيث إذا فهمت هذا الكلام الصعب انتَقَشَ في قلبك، والذي لا يثبت في القلب إلاَّ بصعوبة فإنه حينئذ لا يخرج منه إلاَّ بصعوبة.
فأنت إذا عانيت هذا الكتاب الصعب، وأتقنته وفهمته من خلال مراجعاتك عليه الكثيرة الشديدة، وحاولت جاهداً أن تفهم هذا الكتاب، أنت في النهاية استقر في ذهنك شيء قدر كبير من هذا الكتاب، فالذي حافظته ضعيفة لا يذهب إلى الكتب السهلة، التي تُعِينُهُ على الغفلة، لا، يذهب إلى الكتب الصعبة، التي لا تعينه على الغفلة، كل كلمة تحتاج إلى نظرات ليس بنظر الواحد.
فأقول يذهب إلى أصعب الكتب، ويراجع عليها الشروح، ويسأل الشيوخ المختصين فيما يعجز عنه إذا انتهى يكون فهم ولا ما فهم؟ فهم، يكون ثبت في ذهنه شيء أو لا ما ثبت؟ يكون ثبت في ذهنه؛ لأنَّ هذه المُعَانَاة بهذِهِ الطَّريقة لا بُدَّ أن يَثبُت الشَّيء في الذِّهِن.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
المصدر: من هنا (http://www.khudheir.com/text/2260)