محب للدعوة
14 Mar 2011, 09:38 AM
الدعاة إلى الله والواقع المؤلم
دعاة الحق : هم أبناء هذه الدعوة المباركة الذين حملوا على عواتقهم همَّ الدعوة إلى الله على ضوء الكتاب والسنة، ولا زال هؤلاء الأبناء يتوارثون هذه المهمة جيلاً بعد جيل حتى قيام الساعة.
ولا غرابة لو قلت : إن عامة الدعاة السلفيين اليوم يعانون من عدم التكاتف والتعاون الأخوي الذي بوجوده يكونون قوةً عظيمةً، لها مكانتها وكلمتها وقدرها بين المجتمعات حُكَّاماً ومحكومين.
ولا أعني بهذا التكاتف أن يكونوا قوة عارمة لخوض الانتخابات البرلمانية والشعبية والقيام بالمظاهرات والانقلابات للإطاحة بمن لا يرونه مناسباً لحكم الشعوب أو القيام على المنابر لتحريض الشعوب على حكامهم ونحوها من المبادئ الديمقراطية التي جاءت لتحل محل مبادئ الإسلام فتلقفها من لا خلاق له في العلم والتعقل ليجعلها مسلكاً لتربية الأجيال المغرر بها.
فإن الديمقراطية ومبادئها من الجاهلية التي دحضها الإسلام بمبادئه، ولو أدرك بعض من يخوض في ذلك ممن ينتسب للدعوة لَعَلِمَ علم اليقين أنه يعيد الجاهلية الأولى بوسائل جديدة لتقول أفعاله : إن الديمقراطية هي الحل الوحيد لحكم الشعب في عصرنا الحاضر، فعيبٌ على بعض من تسمى بالسلفية أن يكون ديدنه بين الحين والآخر ديدن عوام العلمانية، وقد كان يقول بالأمس القريب: البرلمانات والمظاهرات لا تحل شرعاً، واليوم يقول : المصلحة تقتضي ذلك، ولا نعلم أن هناك مصلحة خالية من الضوابط الشرعية إلا عندما بلينا بمن جعل الفتيا لكل مَن تعمَّمَ بعمامة العلم.
ومهما يكن من شئ فإني أقصد أن يكونوا قوة عارمة بالعلم الشرعي وروح التواصل لمناقشة قضايا الأمة واجتماع الكلمة فإذا أثبتوا وجودهم في مجتمعاتهم وكانوا يداً واحدة هابهم القاصي والداني وجعل لهم القدر من الاحترام وسماع الكلمة، وعندها يستطيع كبارهم بعد التشاور في ما بينهم أن يتوجهوا للسلطان وينصحوه في كل ما يخالف الشرع، فيدخلوا عليه معززين مكرمين مهابين.
وليكن في علمكم يا معاشر الدعاة أن السلاطين والحكام لا يلقون لكم بالاً ما دامت كلمتكم شذر مذر، بل أنتم حينها عندهم صغار لا قيمة لكم ، لا يعبأ الحاكم بمن جاءه أو نصحه وحاله كحالكم لأن شأن السلف رغم وجود الخلاف في عصرهم ليس كشأنكم، فالأمر مختلف، وخير حكامكم ـ هذا إن قبل الدخول عليه ـ من أحسن إليكم بكلمة طيبة أو راتب، أو وظيفة ، وعندها يضعف في مثل هذه المواقف بعض الأفاضل، فيعلنون الولاء المطلق الذي يُعجزهم من نصيحة الحاكم وتذكيره بالله، إلى درجة أن بعضهم يُحرج من الشفاعات اليسيرة التي يَرفع بمثلها آلاماً كثيرة عن الضعفاء والمساكين والدعاة إلى الله ، بينما الآخر علماني يتقرب إلى السلطان بكثرة الشفاعات التي لا تُرد في جملتها، وكم الفرق بين عالم وعلماني؟!! وكلاهما يعمل عند السلطان، فالعالم يُحرج أن يشفع خوفاً أن يرده ولي الأمر أو يغضب عليه، والعلماني شجاع بطل في ميدانه يتكلم وإن ردَّه مرة قبل منه مرات، أظن أننا في زمن الضعفالذي جمع بين الجبن والمصلحة الشخصية إلا ما رحمربي.
لقد عَلَّمنا ديننا مبدأ حب ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم بالمعروف، كما علمنا الشجاعة والجراءة المنضبطة بحدود الشرع، وأن نختلي بحكامنا لنناصحهم لله وفي الله على مراد الله بما تعود مصلحتُه على الحاكم والمحكوم.
وإني لأعجب من بعض الدعاة الأفاضل القائلين إن السلاطين أغلقوا أبوابهم في وجوهنا ولا نستطيع الوصول إليهم، فأقول : نعم أغلقوا الباب في وجهك لأنك تعمل لوحدك ولا تتكاتف مع إخوانك الدعاة فلا يبالي بك السلطان لأنه لا يرى لك وجوداً في المجتمع، فقوتك ووجودك في المجتمع لا يكون إلا بترابطك بأخيك، وكما تقول العامة : اليد الواحدة لا تصفق، فهذا الترابط يزرع في قلب السلطان لك ولإخوانك مزيداً من الاحترام والاهتمام إذ بهذا الترابط تكون مؤثراً فعَّالاً في المجتمع، مما يجعل لك مكانةً في قلب من حولك وعند حاكمك، فإن تواصل الدعاة في ما بينهم وكثرة اجتماعاتهم ولو في الشهر مرة في كل مدينة مع زيارة سنوية منظمة لجملة من الدعاة لحاكم المدينة ولو في الأعياد ثم زيارة العاصمة واللقاء بكبار علمائها ودعاتها سنوياً والتعرف عليهم مع طرح بعض القضايا ومطالبتهم بزيارة مدينتك لإلقاء الندوات العلمية التي يتم الإعلان عنها على مستوى مكثف لجمع أكبر عددٍ من أبناء المدينة والقرى المجاورة لتوعية الناس بأمور دينهم ودنياهم.
وبهذا ستجد روح التواصل بين دعاة الحق في البلد الواحد، ومن ثَمَّ يتم التوسع لزيارة بعض دعاة الحق على مستوى البلدان الأخرى لمناقشة قضايا الأمة، وحينها يستطيع هؤلاء الدعاة أن يقيموا مراكز متخصصة لربط الدعاة بعضهم ببعض ابتداء بمدينتك ثم دولتك ثم بقية الدول، ويتطوع بعض الأشخاص ليكونوا حلقة الوصل لتهيئة مثل هذا الارتباط الأخوي العظيم، فليس هذا من الحزبية المقيتة ولكنه من صميم الشرع المطهر الذي يقول وحيه " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدو بعضه بعضاً ".
نعم نختلف مع الإخوان المسلمين ومع الجماعات المعاصرة التي تدافع عن الإسلام من منطلق ديني بشتى أنواع الوسائل المشروعة والمبررة أنها جائزة لمصلحة شرعية، سواء كانت سليمة المسلك أم لا، لكن لا يعني ذلك أن لا يكون يا معاشر الدعاة نصيب من توجيه أصحاب تلك المبادئ المعاصرة بالحكمة والعلم والحلم، فإننا في عصر أحوج ما نكون فيه إلى اللين وإقامة الحجج بالتي هي أحسن، ولن يُغلب صاحب حق عقل واقعه وأدرك خطورة ما نعانيه.
إذن أمامكم أيها الدعاة مهام عظيمة تبدأ بجمع الكلمة بدء بالزيارات والتنازلات لإخوانكم وكسر الكلمات العفوية: أنا أعلم منه وأنا أسبق وأنا دكتور وأنا مشهور أكثر ... دعوها فإنها كلمات شيطانية، وابدأوا بالتواصل الأخوي وغرس مبدأ الأخوة بالتدرج حتى تتوسع بمبادئها بين الدعاة.
فإلى متى سيظل كل واحد منا يعمل بمفرده، ثم إذا حصلت ملمة لم يستطع الواحد منا أن يدفعها لأن كل واحدٍ منكم لا يعنيه ما يعاني منه الآخر، والله المستعان.
حرر يوم الجمعة بتاريخ 9 ربيع الأول لعام 1432هـ بمدينة أمان الله ـ الفلبين المسلوبة.
المصدر : موقع الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني
http://www.baidhani.com/modules.php?name=Content&pa=showpage&pid=404
دعاة الحق : هم أبناء هذه الدعوة المباركة الذين حملوا على عواتقهم همَّ الدعوة إلى الله على ضوء الكتاب والسنة، ولا زال هؤلاء الأبناء يتوارثون هذه المهمة جيلاً بعد جيل حتى قيام الساعة.
ولا غرابة لو قلت : إن عامة الدعاة السلفيين اليوم يعانون من عدم التكاتف والتعاون الأخوي الذي بوجوده يكونون قوةً عظيمةً، لها مكانتها وكلمتها وقدرها بين المجتمعات حُكَّاماً ومحكومين.
ولا أعني بهذا التكاتف أن يكونوا قوة عارمة لخوض الانتخابات البرلمانية والشعبية والقيام بالمظاهرات والانقلابات للإطاحة بمن لا يرونه مناسباً لحكم الشعوب أو القيام على المنابر لتحريض الشعوب على حكامهم ونحوها من المبادئ الديمقراطية التي جاءت لتحل محل مبادئ الإسلام فتلقفها من لا خلاق له في العلم والتعقل ليجعلها مسلكاً لتربية الأجيال المغرر بها.
فإن الديمقراطية ومبادئها من الجاهلية التي دحضها الإسلام بمبادئه، ولو أدرك بعض من يخوض في ذلك ممن ينتسب للدعوة لَعَلِمَ علم اليقين أنه يعيد الجاهلية الأولى بوسائل جديدة لتقول أفعاله : إن الديمقراطية هي الحل الوحيد لحكم الشعب في عصرنا الحاضر، فعيبٌ على بعض من تسمى بالسلفية أن يكون ديدنه بين الحين والآخر ديدن عوام العلمانية، وقد كان يقول بالأمس القريب: البرلمانات والمظاهرات لا تحل شرعاً، واليوم يقول : المصلحة تقتضي ذلك، ولا نعلم أن هناك مصلحة خالية من الضوابط الشرعية إلا عندما بلينا بمن جعل الفتيا لكل مَن تعمَّمَ بعمامة العلم.
ومهما يكن من شئ فإني أقصد أن يكونوا قوة عارمة بالعلم الشرعي وروح التواصل لمناقشة قضايا الأمة واجتماع الكلمة فإذا أثبتوا وجودهم في مجتمعاتهم وكانوا يداً واحدة هابهم القاصي والداني وجعل لهم القدر من الاحترام وسماع الكلمة، وعندها يستطيع كبارهم بعد التشاور في ما بينهم أن يتوجهوا للسلطان وينصحوه في كل ما يخالف الشرع، فيدخلوا عليه معززين مكرمين مهابين.
وليكن في علمكم يا معاشر الدعاة أن السلاطين والحكام لا يلقون لكم بالاً ما دامت كلمتكم شذر مذر، بل أنتم حينها عندهم صغار لا قيمة لكم ، لا يعبأ الحاكم بمن جاءه أو نصحه وحاله كحالكم لأن شأن السلف رغم وجود الخلاف في عصرهم ليس كشأنكم، فالأمر مختلف، وخير حكامكم ـ هذا إن قبل الدخول عليه ـ من أحسن إليكم بكلمة طيبة أو راتب، أو وظيفة ، وعندها يضعف في مثل هذه المواقف بعض الأفاضل، فيعلنون الولاء المطلق الذي يُعجزهم من نصيحة الحاكم وتذكيره بالله، إلى درجة أن بعضهم يُحرج من الشفاعات اليسيرة التي يَرفع بمثلها آلاماً كثيرة عن الضعفاء والمساكين والدعاة إلى الله ، بينما الآخر علماني يتقرب إلى السلطان بكثرة الشفاعات التي لا تُرد في جملتها، وكم الفرق بين عالم وعلماني؟!! وكلاهما يعمل عند السلطان، فالعالم يُحرج أن يشفع خوفاً أن يرده ولي الأمر أو يغضب عليه، والعلماني شجاع بطل في ميدانه يتكلم وإن ردَّه مرة قبل منه مرات، أظن أننا في زمن الضعفالذي جمع بين الجبن والمصلحة الشخصية إلا ما رحمربي.
لقد عَلَّمنا ديننا مبدأ حب ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم بالمعروف، كما علمنا الشجاعة والجراءة المنضبطة بحدود الشرع، وأن نختلي بحكامنا لنناصحهم لله وفي الله على مراد الله بما تعود مصلحتُه على الحاكم والمحكوم.
وإني لأعجب من بعض الدعاة الأفاضل القائلين إن السلاطين أغلقوا أبوابهم في وجوهنا ولا نستطيع الوصول إليهم، فأقول : نعم أغلقوا الباب في وجهك لأنك تعمل لوحدك ولا تتكاتف مع إخوانك الدعاة فلا يبالي بك السلطان لأنه لا يرى لك وجوداً في المجتمع، فقوتك ووجودك في المجتمع لا يكون إلا بترابطك بأخيك، وكما تقول العامة : اليد الواحدة لا تصفق، فهذا الترابط يزرع في قلب السلطان لك ولإخوانك مزيداً من الاحترام والاهتمام إذ بهذا الترابط تكون مؤثراً فعَّالاً في المجتمع، مما يجعل لك مكانةً في قلب من حولك وعند حاكمك، فإن تواصل الدعاة في ما بينهم وكثرة اجتماعاتهم ولو في الشهر مرة في كل مدينة مع زيارة سنوية منظمة لجملة من الدعاة لحاكم المدينة ولو في الأعياد ثم زيارة العاصمة واللقاء بكبار علمائها ودعاتها سنوياً والتعرف عليهم مع طرح بعض القضايا ومطالبتهم بزيارة مدينتك لإلقاء الندوات العلمية التي يتم الإعلان عنها على مستوى مكثف لجمع أكبر عددٍ من أبناء المدينة والقرى المجاورة لتوعية الناس بأمور دينهم ودنياهم.
وبهذا ستجد روح التواصل بين دعاة الحق في البلد الواحد، ومن ثَمَّ يتم التوسع لزيارة بعض دعاة الحق على مستوى البلدان الأخرى لمناقشة قضايا الأمة، وحينها يستطيع هؤلاء الدعاة أن يقيموا مراكز متخصصة لربط الدعاة بعضهم ببعض ابتداء بمدينتك ثم دولتك ثم بقية الدول، ويتطوع بعض الأشخاص ليكونوا حلقة الوصل لتهيئة مثل هذا الارتباط الأخوي العظيم، فليس هذا من الحزبية المقيتة ولكنه من صميم الشرع المطهر الذي يقول وحيه " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدو بعضه بعضاً ".
نعم نختلف مع الإخوان المسلمين ومع الجماعات المعاصرة التي تدافع عن الإسلام من منطلق ديني بشتى أنواع الوسائل المشروعة والمبررة أنها جائزة لمصلحة شرعية، سواء كانت سليمة المسلك أم لا، لكن لا يعني ذلك أن لا يكون يا معاشر الدعاة نصيب من توجيه أصحاب تلك المبادئ المعاصرة بالحكمة والعلم والحلم، فإننا في عصر أحوج ما نكون فيه إلى اللين وإقامة الحجج بالتي هي أحسن، ولن يُغلب صاحب حق عقل واقعه وأدرك خطورة ما نعانيه.
إذن أمامكم أيها الدعاة مهام عظيمة تبدأ بجمع الكلمة بدء بالزيارات والتنازلات لإخوانكم وكسر الكلمات العفوية: أنا أعلم منه وأنا أسبق وأنا دكتور وأنا مشهور أكثر ... دعوها فإنها كلمات شيطانية، وابدأوا بالتواصل الأخوي وغرس مبدأ الأخوة بالتدرج حتى تتوسع بمبادئها بين الدعاة.
فإلى متى سيظل كل واحد منا يعمل بمفرده، ثم إذا حصلت ملمة لم يستطع الواحد منا أن يدفعها لأن كل واحدٍ منكم لا يعنيه ما يعاني منه الآخر، والله المستعان.
حرر يوم الجمعة بتاريخ 9 ربيع الأول لعام 1432هـ بمدينة أمان الله ـ الفلبين المسلوبة.
المصدر : موقع الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني
http://www.baidhani.com/modules.php?name=Content&pa=showpage&pid=404