حفيد السلف
21 Mar 2011, 10:40 PM
يقال، والله أعلم، إن شعب الدجاج، وبعدما تعب من احتقار الآدميين له، قرر أن يثور، وانتهت هذه الثورة المجيدة بمقتل الكثير من بني البشر الذين كانوا ينكلون ببني الدجاج على مر التاريخ.
ثورة الدجاج جاءت بعد قرون طويلة من الذل والمهانة، حيث تحول الدجاج إلى وجبة أساسية في كل وليمة، وأضحت كل المناسبات، السارة منها والحزينة، الأعراس والجنائز،
فرصة لالتهام لحوم هذه الطيور اللطيفة، وصار أكثر الناس جبنا لا يتورع عن تبيان شطارته في هذه المخلوقات وإظهار شجاعة زائفة في ذبحها وترييشها، حتى شاع في الناس مثال يقول «هذا أسهل من ذبح دجاجة».
ثورة الدجاج تمت قبل بضع سنوات فقط، واستطاع خلالها شعب الطيور الخنوعة قتل أعداد كبيرة من البشر، لكن هذه الثورة المجيدة حرفتها وسائل الإعلام عن مسارها، وعوض أن تسميها باسمها الحقيقي، أي ثورة الدجاج المجيدة، أطلقت عليها اسما غريبا هو «أنفلونزا الدجاج»، مستغلة في ذلك كون شعب الدجاج لا يملك وسائل إعلام يعبر فيها عن مواقفه ويشرح فيها أهداف ثورته، مما جعلها تخمد بعد مدة قصيرة من اشتعالها، وعاد البشر من جديد إلى التنكيل بهذه الطيور اللطيفة بعد أن كان لا يجرؤ حتى على الاقتراب منها إبان ثورتها. بعد ذلك، تعرض الدجاج لحملة إعلامية شرسة لتشويه ثورته، وتعهد البشر بعدم متابعة أية دجاجة تقرر ترك الثورة والدخول إلى بيت الطاعة، فيما تمت متابعة الدجاج المتبقي بتهم ثقيلة، من بينها الإرهاب والانتماء إلى جماعات مخرّبة، وبذلك انتهت تلك الثورة التي عرفها العالم باسم «أنفلونزا الدجاج».
بعد مدة قصيرة على ثورة الدجاج، أحس شعب الخنازير بدوره بالظلم والمهانة، فقرر القيام بثورة غير مسبوقة، وهو بدوره شعب يتعرض للذبح والأكل على مر التاريخ، فأحس الآدميون مرة أخرى بالخطر من هذه الثورة، وأصبحوا لا يجرؤون على الاقتراب من هذه الحيوانات التي لم تتعود لا النطح ولا الرفس ولا الركل، فكانت ثورتها مفاجأة بجميع المقاييس.
غير أن ثورة الخنازير تعرضت بدورها لتشويه إعلامي مماثل للتشويه الذي لحق ثورة الدجاج، وأُطلق عليها أيضا اسم «أنفلونزا الخنازير».
ثورة الخنازير تم وأدها في المهد أيضا، وتم إعدام الكثير منها أو إحراقها حية، ورأى الناس على شاشات التلفزيون مشاهد الإبادة الجماعية والقتل العمد لهذه الحيوانات. وكما حدث مع ثورة الدجاج، كذلك كان مع ثورة الخنازير، حيث لم تجد هذه الحيوانات أية وسيلة إعلامية حرة توصل عبرها مواقفها بخصوص المؤامرة التي تعرضت لها ثورتها المجيدة.
بعد وقت قصير على ثورتي الدجاج والخنازير، اكتشف الكثير من أبناء البشر أن حالهم لا يختلف كثيرا عن حال هذه الحيوانات الوديعة، فقرروا بدورهم السير على درب الثوار الأوائل، شعب الدجاج، فالفارق الوحيد هو أن شعب الدجاج يذبح ويريّش ويؤكل بطريقة مباشرة وواضحة، بينما شعب الآدميين المقموعين يذبح ويريّش ويؤكل بطريقة فيها الكثير من المراوغة والدهاء.
الشعوب العربية التي أحست فجأة، وبدون سابق إنذار، بأنها مجرد أكلة شهية على موائد حاكميها، يجب أن تعترف لشعب الدجاج بأنه صاحب الفضل عليها في انتفاضاتها، هذا الدجاج الذي قام قبل بضع سنوات بثورة صامتة ومكبوتة بعد أن ظل، على مر الزمن، مضربا للأمثال في الخوف والجبن والخنوع.
وقبل ثورتي الدجاج والخنازير، كانت أمة البقر سباقة إلى ثورة غريبة، لكنها ثورة داخلية يجب أن تكون عبرة للعالمين. فهذه الأبقار ظلت لزمن طويل تجمع الحزن والألم في قلبها. لقد ظلت تراقب الذبح يمارس في حقها وهي صامتة، وكل من هب ودب يحلبها صباح مساء. وعوض أن تثور، ظلت تجمع الغم في قلبها. وعندما فاض كل شيء، أصيبت بالجنون وظلت تهذي وتقفز بلا سبب، فأطلق البشر على ثورتها الداخلية اسم «جنون البقر».
شكرا لكل هذه الحيوانات التي تعلمنا كيف نعيش، كيف نغضب وكيف لا يجب أن نجمع الغم في القلب.. شكرا جزيلا.
ثورة الدجاج جاءت بعد قرون طويلة من الذل والمهانة، حيث تحول الدجاج إلى وجبة أساسية في كل وليمة، وأضحت كل المناسبات، السارة منها والحزينة، الأعراس والجنائز،
فرصة لالتهام لحوم هذه الطيور اللطيفة، وصار أكثر الناس جبنا لا يتورع عن تبيان شطارته في هذه المخلوقات وإظهار شجاعة زائفة في ذبحها وترييشها، حتى شاع في الناس مثال يقول «هذا أسهل من ذبح دجاجة».
ثورة الدجاج تمت قبل بضع سنوات فقط، واستطاع خلالها شعب الطيور الخنوعة قتل أعداد كبيرة من البشر، لكن هذه الثورة المجيدة حرفتها وسائل الإعلام عن مسارها، وعوض أن تسميها باسمها الحقيقي، أي ثورة الدجاج المجيدة، أطلقت عليها اسما غريبا هو «أنفلونزا الدجاج»، مستغلة في ذلك كون شعب الدجاج لا يملك وسائل إعلام يعبر فيها عن مواقفه ويشرح فيها أهداف ثورته، مما جعلها تخمد بعد مدة قصيرة من اشتعالها، وعاد البشر من جديد إلى التنكيل بهذه الطيور اللطيفة بعد أن كان لا يجرؤ حتى على الاقتراب منها إبان ثورتها. بعد ذلك، تعرض الدجاج لحملة إعلامية شرسة لتشويه ثورته، وتعهد البشر بعدم متابعة أية دجاجة تقرر ترك الثورة والدخول إلى بيت الطاعة، فيما تمت متابعة الدجاج المتبقي بتهم ثقيلة، من بينها الإرهاب والانتماء إلى جماعات مخرّبة، وبذلك انتهت تلك الثورة التي عرفها العالم باسم «أنفلونزا الدجاج».
بعد مدة قصيرة على ثورة الدجاج، أحس شعب الخنازير بدوره بالظلم والمهانة، فقرر القيام بثورة غير مسبوقة، وهو بدوره شعب يتعرض للذبح والأكل على مر التاريخ، فأحس الآدميون مرة أخرى بالخطر من هذه الثورة، وأصبحوا لا يجرؤون على الاقتراب من هذه الحيوانات التي لم تتعود لا النطح ولا الرفس ولا الركل، فكانت ثورتها مفاجأة بجميع المقاييس.
غير أن ثورة الخنازير تعرضت بدورها لتشويه إعلامي مماثل للتشويه الذي لحق ثورة الدجاج، وأُطلق عليها أيضا اسم «أنفلونزا الخنازير».
ثورة الخنازير تم وأدها في المهد أيضا، وتم إعدام الكثير منها أو إحراقها حية، ورأى الناس على شاشات التلفزيون مشاهد الإبادة الجماعية والقتل العمد لهذه الحيوانات. وكما حدث مع ثورة الدجاج، كذلك كان مع ثورة الخنازير، حيث لم تجد هذه الحيوانات أية وسيلة إعلامية حرة توصل عبرها مواقفها بخصوص المؤامرة التي تعرضت لها ثورتها المجيدة.
بعد وقت قصير على ثورتي الدجاج والخنازير، اكتشف الكثير من أبناء البشر أن حالهم لا يختلف كثيرا عن حال هذه الحيوانات الوديعة، فقرروا بدورهم السير على درب الثوار الأوائل، شعب الدجاج، فالفارق الوحيد هو أن شعب الدجاج يذبح ويريّش ويؤكل بطريقة مباشرة وواضحة، بينما شعب الآدميين المقموعين يذبح ويريّش ويؤكل بطريقة فيها الكثير من المراوغة والدهاء.
الشعوب العربية التي أحست فجأة، وبدون سابق إنذار، بأنها مجرد أكلة شهية على موائد حاكميها، يجب أن تعترف لشعب الدجاج بأنه صاحب الفضل عليها في انتفاضاتها، هذا الدجاج الذي قام قبل بضع سنوات بثورة صامتة ومكبوتة بعد أن ظل، على مر الزمن، مضربا للأمثال في الخوف والجبن والخنوع.
وقبل ثورتي الدجاج والخنازير، كانت أمة البقر سباقة إلى ثورة غريبة، لكنها ثورة داخلية يجب أن تكون عبرة للعالمين. فهذه الأبقار ظلت لزمن طويل تجمع الحزن والألم في قلبها. لقد ظلت تراقب الذبح يمارس في حقها وهي صامتة، وكل من هب ودب يحلبها صباح مساء. وعوض أن تثور، ظلت تجمع الغم في قلبها. وعندما فاض كل شيء، أصيبت بالجنون وظلت تهذي وتقفز بلا سبب، فأطلق البشر على ثورتها الداخلية اسم «جنون البقر».
شكرا لكل هذه الحيوانات التي تعلمنا كيف نعيش، كيف نغضب وكيف لا يجب أن نجمع الغم في القلب.. شكرا جزيلا.