الدنيا فناء
28 Mar 2011, 03:09 AM
ويحك اتدري ما الله؟(2)
لتعلم ان من الامور العظيمه المهمه لك معرفة(صفات وافعال الرب جل جلاله
وبعد معرفتها عليك تذكرها باستمرار حتى تصير لقلبك بمنزلة المرئي فتحقق
بذلك مرتبة الاحسان فتعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وبهذا تحيى
القلوب الميته وتنقشع الغفله وتنشرح الصدور بنور التوحيد والرسل كلهم عرفوا بالله
سبحانه من خلال التعرف باسمائه وصفاته وافعاله تعريفا مفصلا حتى كان
العباد يشاهدونه سبحانه وينظرون اليه وقد استوى على عرشه فوق سماواته عال
على خلقه قاهرا كل شي يدبر امر مملكته امرا ناهيا باعثا لرسله منزلا لكتبه
فينزل الامر من عنده بتدبير مملكته فيكلم عبده جبريل ويرسله الى من يشاء
وبما شاء..ملائكته يخافونه من فوقهم وينفذون اوامر في اقطار ملكه تصعد الامور
اليه وتعرض عليه له الامر وليس لاحد معه من شي بل الامر كله له معبود
مطاع لا شريك له ولا مثيل له ولا عدل موصوف بصفات الكمال منعوت بنعوت
الجلال منزه عن العيوب والنقائص قائما بالملك والتدبر فلا حركة ولا سكون
ولا نفع ولا ضر ولا عطاء ولا منع ولا قبض ولا بسط الا بقدرته وتدبيره
فقيام الكون كله به وقيامه سبحانه بنفسه فهو قائم بنفسه المقيم لكل ماسواه
(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الى هو ويعلم مافي البر والبحر..وما تسقط
من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا
في كتاب مبين) الانعام.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم( مفاتح الغيب خمس: ان الله عنده علم الساعه
وينزل الغيث ويعلم مافي الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا..وما تدري
نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير) البخاري.
وهو يتكلم سبحانه وتعالى.
يامر وينهي ويتاذى ويفرح ويسمع ويبصر ويرضى ويغضب ويحب ويسخط
ويجيب دعوة المظطر من عباده ويغيث ملهوفهم ويعين محتاجهم ويجبر
كسيرهم ويغني فقيرهم ويميت ويحيي ويمنع ويعطي ويثيب ويعاقب مالك الملك
يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء
بيده الخير وهو على كل شيء قدير(انما امر اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون)
-------------------------------------------------------------------
عبدالله الكعبي
28 Mar 2011, 06:01 PM
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك في الموضوع
عند تدبرى للآية 59 من سورة الأنعام :وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
وقفت مليا امام " مفاتح الغيب" و قد أختلف العلماء فى تفسيرها و اختلط على الأمر.
سأقوم باذن الله بعرض التفسيرين الذين وقفت امامهم و ما أٌشكل على
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه و تعالى:
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ الأنعام 59
و يقول الرسول صلى الله عليه و سلم كما روى البخارى فى صحيحه:
حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر أن أباه حدثه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ إن الله عنده علم الساعة
و قد نقلت تفسير فتح البارى :
قَوْله : ( حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن زَيْد أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ ) هَكَذَا قَالَ اِبْن وَهْب , وَخَالَفَهُ أَبُو عَاصِم فَقَالَ : " عَنْ عُمَر بْن مُحَمَّد بْن زَيْد عَنْ سَالِم عَنْ اِبْن عُمَر " أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا اِحْتَمَلَ أَنْ يَكُون لِعُمَر بْن مُحَمَّد فِيهِ شَيْخَانِ أَبُوهُ وَعَمّ أَبِيهِ .
قَوْله : ( قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَفَاتِيح الْغَيْب خَمْس ثُمَّ قَرَأَ : إِنَّ اللَّه عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة )
هَكَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا , وَفِي رِوَايَة أَبِي عَاصِم الْمَذْكُورَة مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّه : إِنَّ اللَّه عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْث " يَعْنِي الْآيَة كُلّهَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير سُورَة الرَّعْد وَفِي الِاسْتِسْقَاء مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر بِلَفْظِ " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّه : لَا يَعْلَم مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّه " الْحَدِيث . هَذَا السِّيَاق فِي الْخَمْس . وَفِي تَفْسِير الْأَنْعَام مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيّ عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس : إِنَّ اللَّه عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة إِلَى آخِر السُّورَة . وَأَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَده عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ الزُّهْرِيّ بِلَفْظِ " أُوتِيَ نَبِيّكُمْ مَفَاتِح الْغَيْب إِلَّا الْخَمْس " ثُمَّ تَلَا الْآيَة , وَأَظُنُّهُ دَخَلَ لَهُ مَتْن فِي مَتْن , فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظ أَخْرَجَهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة عَنْ اِبْن مَسْعُود نَحْوه . وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي جَمْرَة : عَبَّرَ بِالْمَفَاتِحِ لِتَقْرِيبِ الْأَمْر عَلَى السَّامِع لِأَنَّ كُلّ شَيْء جُعِلَ بَيْنَك وَبَيْنَهُ حِجَاب فَقَدْ غُيِّبَ عَنْك , وَالتَّوَصُّل إِلَى مَعْرِفَته فِي الْعَادَة مِنْ الْبَاب فَإِذَا أُغْلِقَ الْبَاب اُحْتِيجَ إِلَى الْمِفْتَاح , فَإِذَا كَانَ الشَّيْء الَّذِي لَا يَطَّلِع عَلَى الْغَيْب إِلَّا بِتَوْصِيلِهِ لَا يَعْرِف مَوْضِعه فَكَيْف يَعْرِف الْمَغِيب . اِنْتَهَى مُلَخَّصًا .
وَرَوَى أَحْمَد وَالْبَزَّار وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث بُرَيْدَةَ رَفَعَهُ قَالَ : " خَمْس لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّه : إِنَّ اللَّه عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة " الْآيَة وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْإِيمَان بَيَان جِهَة الْحَصْر فِي قَوْله : ( لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّه ) وَيُرَاد هُنَا أَنَّ ذَلِكَ يُمْكِن أَنْ يُسْتَفَاد مِنْ الْآيَة الْأُخْرَى وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : ( قُلْ لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا اللَّه ) فَالْمُرَاد بِالْغَيْبِ الْمَنْفِيّ فِيهَا هُوَ الْمَذْكُور فِي هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي لُقْمَان , وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : ( عَالِم الْغَيْب فَلَا يُظْهِر عَلَى غَيْبه أَحَدًا إِلَّا مَنْ اِرْتَضَى مِنْ رَسُول ) الْآيَة فَيُمْكِن أَنْ يُفَسَّر بِمَا فِي حَدِيث الطَّيَالِسِيِّ , وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآن أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ : إِنَّهُ يُخْبِرهُمْ بِمَا يَأْكُلُونَ وَمَا يَدَّخِرُونَ وَأَنَّ يُوسُف قَالَ : إِنَّهُ يُنَبِّئهُمْ بِتَأْوِيلِ الطَّعَام قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ الْمُعْجِزَات وَالْكَرَامَات فَكُلّ ذَلِكَ يُمْكِن أَنْ يُسْتَفَاد مِنْ الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله : ( إِلَّا مَنْ اِرْتَضَى مِنْ رَسُول ) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اِطِّلَاع الرَّسُول عَلَى بَعْض الْغَيْب وَالْوَلِيّ التَّابِع لِلرَّسُولِ عَنْ الرَّسُول يَأْخُذ وَبِهِ يُكَرَّم , وَالْفَرْق بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّسُول يَطَّلِع عَلَى ذَلِكَ بِأَنْوَاعِ الْوَحْي كُلّهَا وَالْوَلِيّ لَا يَطَّلِع عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِمَنَامٍ أَوْ إِلْهَام وَاَللَّه أَعْلَم . وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الطَّبَرِيِّ دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ الدُّنْيَا مِنْ هِجْرَة الْمُصْطَفَى نِصْف يَوْم وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَام قَالَ : وَتَقُوم السَّاعَة وَيَعُود الْأَمْر إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَكُون شَيْء غَيْر الْبَارِي تَعَالَى فَلَا يَبْقَى غَيْر وَجْهه , فَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ وَقْت السَّاعَة لَا يَعْلَمهَا إِلَّا اللَّه , فَاَلَّذِي قَالَهُ مُخَالِف لِصَرِيحِ الْقُرْآن وَالْحَدِيث , ثُمَّ تَعَقَّبَهُ مِنْ جِهَة أُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّهُ تَوَهَّمَ مِنْ كَلَامه أَنَّهُ يُنْكِرُ الْبَعْث فَأَقْدَم عَلَى تَفْكِيره وَزَعَمَ أَنَّ كَلَامه لَا يَحْتَمِل تَأْوِيلًا , وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مُرَاد الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ يَصِير الْأَمْر أَيْ بَعْدَ فَنَاء الْمَخْلُوقَات كُلّهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقَع الْبَعْث وَالْحِسَاب , هَذَا الَّذِي يَجِب حَمْل كَلَامه عَلَيْهِ , وَأَمَّا إِنْكَاره عَلَيْهِ اِسْتِخْرَاج وَقْت السَّاعَة فَهُوَ مَعْذُور فِيهِ , وَيَكْفِي فِي الرَّدّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَمْر وَقَعَ بِخِلَافِ مَا قَالَ فَقَدْ مَضَتْ خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ ثَلَاثُمِائَةٍ وَزِيَادَة , لَكِنَّ الطَّبَرِيَّ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَة رَفَعَهُ " لَنْ يَعْجِز هَذِهِ الْأُمَّة أَنْ يُؤَخِّرَهَا اللَّه نِصْفَ يَوْم " الْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره , لَكِنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّهَا لَا تُؤَخَّر أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم , وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّق بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الدُّنْيَا فِي كِتَاب الْفِتَن إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
قلت ما ذكره الشيخ محمد بن أبى جمرة له وجاهته و لكن يضيف اشكال أن بعض المعلومات الغير كاملة و الظنية عن المفاتح الخمس معروف. فمثلا علامات الساعة معروفة عن طريق الوحى، ممكن توقع توقيت نزول الغيث ظنيا الى حد بعيد، معرفة الجنين و صفاته الظاهرة أصبح ممكنا (طبعا لا يدعى أحد و لا يستطيع أن يدعى أنه يعرف أكثر من خواص و صفات عامة)،معرفة الكسب و مكان الوفاة من الممكن توقعه ظنيا. اذا كلام الشيخ ليس دقيقا. فحسب ما فهمته من كلامه أن مفاتح الغيب غيبية عنا فما بالنا بما خلفها من غيب. و لكن هذا يتعارض مع المعرفة المبدئية لتلك الأمور و قوله عز و جل لا يعلمها الا هو. فالله سبحانه و تعالى نفى العلم عن أى مخلوق. الا اذا كان المقصود بالعلم هو العلم الكامل الشامل القطعى.
تفسير شيخ محمد رشيد رضا يبدو لى مقنعا ولكن ترددى فى قبوله هو عدم وروده عن السلف فهذا و الله أعلم يوضح أنه قولا مرجوحا .
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:
إن الأمة الأميركية هي السابقة إلى ادعاء إمكان الاستمطار بالعمل وذلك بإرسال مقدار عظيم من الكهربائية في الجوّ تنتشر في السحاب فتجتمع بها دقائق البخار فتكون ماء فينزل مطرًا .
ويقال إنهم جربوا ذلك فنجح بعض النجاح ولكنه لم يأت على حسب المراد ، ويصير خاضعًا لكسب الإنسان يفعله متى أراد ، والذي نبههم إلى هذا ملاحظة حدوث المطر عَقيب الحرب حيث تطلق المدافع فتحدث في الجوّ تغيرًا عظيمًا .
وليس من المحال عقلاً ولا شرعًا أن يصل علم الإنسان بسنن الله في الخلق إلى حد يستمطر به السحاب متى شاء فإن الله تعالى لم يجعل لعلم الإنسان بالكائنات حدَّا معينًا ، بل تشير آيات القرآن بإطلاقها إلى أنه لا حدَّ له كقوله تعالى : [ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ] ( الجاثية : 13 ) ولا ينافي ذلك - إن حصل - كون الله تعالى هو الذي ينزل الغيث وكونه ينزله بقدر معلوم فإن ما يناله الإنسان بسعيه وكسبه لا يخرج عن قدرة الله تعالى وعلمه ، ولم يرد ذلك للإعجاز .
أرأيت هذه الينابيع التي تفجّرها ، والآبار التي تحتفرها ، أهي تخرج بكسبنا عن سلطة القدرة الإلهية ، وتحتجب بسعينا عن علمه المحيط بالبريّة ؟ كلا .
أما قوله تعالى : [ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ] ( لقمان : 34 ) فليس نصًّا في كون علم الإنسان يصل إلى معرفة شيء من هذه الأمور .
ولكن يشتبه على الناس تفسير قوله تعالى : [ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ] ( الأنعام : 59 ) بهذه الخمس المذكورة في الآية كما في حديث أحمد والبخاري .
وقد قال الإمام الرازي وغيره : إن المراد مفاتح خزائن الغيب ، أي : فلا يعلم جميع ما في خزائن الغيب إلا من بيده مفاتحها وهو الله تعالى .
وقد ظهر لي في أيام طلب العلم وقراءة التفسير وجه دقيق لجعل هذه الخمس مفاتح للغيب ولم أر أحدًا من المفسرين تعرض لذلك ، وقد عرضت هذا الوجه يومئذ على أستاذنا الشيخ محمود نشابة وعلى شيخنا القاوقجي ( رحمهما الله تعالى ) فاستحسناه وكتبته في كتابي ( الحكمة الشرعية ) وهو : إن المفاتح جمع مَفتح بفتح الميم أو كسرها بمعنى الخزائن أو المفاتيح ، والغيب ما غاب عن الناس وهو عالم الآخرة وعاَلم البرزخ بين الدنيا والآخرة وبعض عالم الدنيا وهو النبات الذي لم ينبت والحيوان الذي لم يولد وما تكسبه الأنفس في المستقبل ، فالساعة مفتح عالم الآخرة ، والغيث مفتح عالم النبات ، وما في الأرحام مفتح عالم الحيوان ، وقوله تعالى : [ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ] ( لقمان : 34 ) ظاهر في مفتح الكسب والأعمال التي ستحدث ، وكذلك الموت مفتح عالم البرزخ ظاهر في باقي الآية .
والله أعلم.
قلت:
الله سبحانه و تعالى لم يستخدم لفظة الغيب لوصف هؤلاء الخمس بل استخدم لفظ مفاتح الغيب. اذا مفاتح الغيب غير الغيب . و بالتفسير اللفظى هى المدخل للغيب و هذا يتفق مع ما ذهب اليه الشيخ رشيد رضا فى تفسيره. لكن يوجد اشكالان:
الأول: تفسير الرازى بأن المراد هو مفاتح خزائن الغيب فمفاتح هنا تعود على الخزائن و لا تعود على الغيب و بهذا يستقم المعنى و يكون "لا يعلمها الا هو" عائدة على الخزائن. يشفع لهذا الرأى قوله تعالى :
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَـزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ
اذا فمفاتح الغيب هى المدخل المعنوى المعبر عن " و ما ننزله الا بقدر" . و لكن الاشكال فى أن هذا التفسير للآية مرجوحا لأنه أفترض أن المفاتح عائدة على الخزائن الغير مذكورة فى الآية
الثانى هو لو افترضنا أن المقصود هو مفاتح الغيب و أن هذا الغيب هو الغيب الدنيوى فما هو تعليل اضافة "لا يعلمها الا هو". الا اذا كان المقصود بالعلم هنا هو العلم الشامل المحيط و هو الحق و يؤكد ذلك ما جاء بعدها "وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" . و ما يدفع الشبهة أنه من المؤكد أن العرب قبل الوحى كان عندهم من العلمى التجريبى ما يستطيعون به تحديد ميعاد نزول المطر و كثير من الناس يموت فى قريته حسب توقعه و هذا بالطبع ظن. فالمعرفة العلمية بخواص الجنين و توقعات الأرصاد الجوية كانت مستخدمه منذ قديم الأزل بصورة أقل تطورا عما نعرفه الآن و لكنها لم تكن منعدمة تماما و ذلك كله يؤكد أن " لا يعلمها الا هو " تعود على العلم المحيط. يعضد من ذلك أن مفاتح الغيب تفتح علينا بعض الغيب سواء بالعلم الدنيوى أو بما يكشفه الله لمن ارتضى فهى ليست اذا الغيب الكامل
خلاصة ما فهمته أن مفاتح الغيب ليست هى الغيب بل هى مقاليد و مداخل للغيب و المقصود ب "لا يعلمها الا هو " هو العلم المحيط و يعضد هذا القول ما ذكر فى نفس الآية من شمولية علم الله سبحانه و تعالى و احاطته بدقائق الأمور. و لكن ما زال اشعر بأن تفسيرى ل "لا يعلمها الا هو" بالعلم المحيط غير مقنعة لى تماما لأن الله سبحانه و تعالى قصر العلم أى علم عليه سبحانه. و لكن بدون هذا التأويل يكون عندنا اشكال فى التفسيرين (فتح البارى و الشيخ رشيد رضا)
أرجو الافادة
حفيد السلف
04 Apr 2011, 09:42 PM
جزاكم الله خيرا إخوتي على الموضوع المفيد .. بارك الله فيكم .
الدنيا فناء
20 Apr 2011, 02:55 AM
بارك الله فيكم وجزاكم الفردوس
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir