قلم وقف لله
02 May 2011, 02:21 PM
أسامة حي
قال سيّد قطب رحمه الله : "إنه ليستْ كلّ كَلِمة تبلغ إلى قلوب الآخرين ، فتُحرّكُها وتجمعُها وتدفعُها ، إنها الكلمات التي تقطُر دماءً ، لأنها تقْتات قلب إنسان حيّ ..
كل كلمة عاشت ، قد اقتاتت قلبَ إنسان ..
إن أصحاب الأقلام يستطيعون أن يصنعوا شيئاً كثيراً ، ولكن بشرط واحد : أن يموتوا هم لتعيش أفكارَهم من لحومِهم ودمائِهم .. أن يقولوا ما يعتقدون أنه حق ويُقدّموا دمائهم فداء لكلمة الحق ..
إن أفكارنا وكلماتنا تظلّ جثثاً هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها وغذّيناها بالدماء ، انتفضتْ حيّة ، وعاشت بين الأحياء" (دراسات إسلامية : سيد قطب) ..
مسكينة أمريكا ، ومسكين أوباما ، وكم هي جاهلة هذه الأوساط الكافرة التي اختزلت الإسلام والجهاد والإرهاب الإسلامي في شخص أسامة ، وحُقَّ للنصارى في أمريكا أن يرقصوا أمام البيت الأبيض ، وحُقَّ لنتنياهو وبيريز وموفاز وليفني وبوش وبراون - وجميع الصهاينة - الرقص على أنغام هذا السُّكر المرحليّ الذي يوشك أن ينقلب صداعاً مزمنا .. وما لهم لا يفرحون والله تعالى يصف الأشداء على الكفار بقوله {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ، فلطالما أغاظهم أسامة ..
لينظر العالم الإسلامي إلى تراقص النصارى واليهود ، وليشاركهم الفرحة من يريد : ممن ينتسب إلى الإسلام ، ففرحة النصارى واليهود هي فرحة المرتدين بلا شك ، وانتصار الكفار من النصارى واليهود هو انتصار لأهل الردّة بلا شك ، ولكننا نقول لهؤلاء : هل هو انتصار !!
ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار مالم تزوّد
قُتل حسن البنا فرقصت أمريكا طرباً ، وولد في تلك النشوة الأمريكية الكفرية سيّد شهداء القرن الماضي سيّد قطب رحمه الله (نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله) ، الذي كان في أمريكا – في وقتها - ورأى نشوتها وسكرتها وفرحتها لمقتل البنّا ، كان سيّد قطب – رحمه الله - بعيداً كل البعد عن الحس الإسلامي ، فما انقضت سنوات حتى قلب الدنيا على أمريكا وأذنابها ..
ترجّل أسامة بعد أن قتل من الأمريكان آلافاً مؤلفة ، وبعد أن مرّغ أنف أمريكا في التراب ، وبعد أن دمّر أمريكا اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ، وقبلها دمّر – وإخوانه – الإتحاد السوفييتي فصيروه "روسيا" ، ولم يترجّل إلا بعد أن خلّف رجالاً سوف يُنسون أبناء الزواني في أمريكا ودول الغرب أيام أسامة الجميلة ، فقد عزم المجاهدون على تفجير الأرض من تحت أقدام كل كافر في الأرض ..
نقول لأوباما : نحن لن نبكي أسامة ، ولن نحزن لموته ، ولن نقبل فيه عزاء ، ولن نكتب فيه المراثي ، وسنترككم تحتفلون لبضعة أيام ، ثم بعدها نستأنف الحرب الإسلامية على الكفر ، ولكنها لن تكون حرباً على النمط القديم ، فأبشر بما يسوؤك وعبيدك في باكستان وأفغانستان وأوروبا ، فلا ينبغي لكافر أن يتنفس الصعداء ، بل العقل يقتضي كتم الأنفاس طوعاً ، أو كرهاً على يد المجاهدين ..
إنا لا نبكي موتانا يابن الكافرة ، ولكنكم سوف تبكون موتاكم ، ومثل أسامة – يا كذاب – لا تقتله قلّة قليلة ، والمقتول برصاصة في الرأس لا يكون بيته مدمراً بالصواريخ ووجهه ممتلئاً بالشظايا .. لقد أجبركم أسامة على الكذب حتى بعد موته ، وقولك بأنه لم يُقتل أحد من الجنود الأمريكان ليس إلا تنكراً لمن مات منهم ، وليس ذلك منقصة لأسامة كما تحسب ، فكل العالم يشهد بأن أسامة لا يخرج من الحياة دون مقابل ، فإن كنتم قاتلتموه وجهاً لوجه فقد عجّل ببعض جنودكم إلى جهنّم ، وإلا فقد قصفتم البيت من بعيد بطائراتكم كما فعلتم مع الزرقاوي الذي لم تجرؤوا على الإقتراب من جثته إلا بعد ساعات من وفاته رحمه الله وتقبله في الشهداء ، فإن كنتم جبنتم عن لقائه في ساحات الوغى واضطررتم لقصف بيته وهو بين أهله ، فلا أقل من أن تُحسنوا الكذبة ، ولكننا نعذركم ، فهل مثل أسامة تقتلونه !! إننا أمة تبني صرحها بجماجم رجالها ، فكلما قضى رجل في الحرب ارتفع الصرح وبقي شامخا ..
أسامة رجل واحد من أمة الإسلام ، وأمة الإسلام ولود لا تعقم أبداً ، ولا تزال هذه الأمة مجاهدة ظاهرة حتى يقاتل آخرها الدجّال .. المجاهدون هم من صنعوا تأريخ مرحلة ما بعد "سبتمبر" ، والأمريكان اليوم هم من صنعوا تأريخ مرحلة ما بعد "أسامة" ، وإن كانوا أخذوا قرابة العشر سنوات وإنفاق أكثر من تريليون دولار للوصول إلى أسامة ، فإن ضربات المجاهدين ستكون أقرب وأنكى ..
أسامة لم يزل حياً ، ولا يزال حياً ، ومثل أسامة لا يمكن أن يموت ، لأن الموت مكتوب على الأرواح المستعبَدة ، أما الرجال الأحرار الذين هم بين الهيعة والفزعة يبتغون الموت مظانة ، فالحياة البرزخية هي حياتهم المرحلية التي ينتقلون بعدها إلى الحياة الأبدية ، فالعملية بالنسبة لهم : مرحلة انتقالية ، وليس هو الموت الذي يفرّ منه الناس ..
لقد قَتل الأمريكان عبد الله عزام - رحمه الله وتقبّله - وقام بعده أسامة ، ودخلوا العراق فخرج لهم الزرقاوي ليقطع رقابهم ثم قام بعده المهاجر والبغدادي فقُتلوا ولا زال الجهاد قائماً ، وقتّل الروس خطّاب فقام بعده شامل ، وقتلوا شامل فقام الغامدي ، وقتلوا الغامدي لتتوحد القوقاز تحت ولاية إسلامية مجاهدة ، وأفسدوا المحاكم الإسلامية في الصومال فخرجت حركة الشباب المجاهدين من رحمها ، فأمة الإسلام ليست محصورة في أشخاص ، وقتل شخص ليس انتصاراً على الإسلام ، وهذا ما علّمناه الله تعالى وضرب لنا به مثلاً في أفضل خلقه سبحانه ، فقال {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران : 144) ، الجهاد لم يتوقّف بوفاة قائد المسلمين الأعلى ، فكيف يطمع هؤلاء الحمقى بتوقف الجهاد لمقتل جندي من جنود الإسلام الخالد !!
الموت والحياة بيد الله تعالى لا بيد أمريكا ولا غيرها ، قال تعالى {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (آل عمران : 145) ، فنحن مؤمنون بقدر الله ، والموت على أيدي الأعداء منقبة وليست منقصة ، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسألن عن طاعِنه فقيل له بأنه أبو لؤلؤة المجوسي ، فقال عمر رضي الله عنه : "الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يُحاجّني عند الله بسجْدة سجدها له قط ، ما كانت العرب لتَقتُلني" (الطبقات الكبرى لابن سعد) .
أما المجاهدين فإن الله تعالى واساهم وأوصاهم بوصية بليغة معبّرة عظيمة ، حيث قال سبحانه {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (آل عمران : 146-147) ، فالأنبياء قتلوا ، والصحابة قُتلوا ، فما وهن المسلمون ولا استكانوا ، بل إن فَتْح بلاد فارس والروم كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان الجهاد لم يتوفق بعده عليه الصلاة والسلام ، بل ازداد ، فكيف بعد غيره صلى الله عليه وسلم ..
إن أسامة – تقبّله الله في الشهداء – نال ما تمنى ، وهي ذات الأمنية التي تمنّاها نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال "ولوددت أني أُقتَل في سبيل الله ثم أحيا ثم أُقتل ثم أحيا ثم أُقتل ثم أحيا ثم أُقتَل" (متفق عليه) ، وقد أعلن أسامة في أكثر من مناسبة بأن حياته طالت ، وأنه لا يزل يلاحق معشوقته "الشهادة" وهي تتدلل عليه وتفرّ منه خجِلة تستتر خلف عباءة "النفس" الغالية ، فما كان من أسامة إلا أن هتك سِتر النفس ليحتضن محبوبته بشوق المحب ..
لقد قُتل خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة المجوسي ، ثم قُتل الخليفة الثالث على يد الخونة الثوار ، ثم قُتل الخليفة الرابع على يد الخارجي ابن ملجم ، وأكثر عظماء الإسلام قُتلوا غدراً على أيدي الخونة ، وها هي الحكومة الباكستانية الرافضية تغدر بأسد آخر من أسود الإسلام ، ولا زال الجهاد ماضيا ..
إن العظماء يدخلون الدنيا كما يدخلها الناس ، ولكنهم يأبون أن يخرجوا منها كغيرهم ، وليس قتل الرجال في ساحات النزال عيباً ، ولكن العيب أن يموت الرجال حتف أنوفهم ولم يُحدثوا نكاية في عدوّهم ..
وإنا لقومٌ لا نرى القتلَ سبّة ... إذا ما رأتْه عامرٌ وسلولُ
يُقرّب حُبُّ الموتِ آجالنا لنا ... وتكرههُ آجالهم فتطولُ
سيحتفل النصارى ، وسيحتفل اليهود ، وسيحتفل كل كافر على وجه الأرض ، وسيتراقص كل مرتد ويطرب قلبه لمغادرة أسامة هذه الدنيا ، ولن تجد شخصاً في الدنيا كلها في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان يشارك أهل الكفر فرحتهم ، ولكن المسلم الوحيد الذي يمكن أن يكون مشاركاً لهؤلاء كلهم الفرحة ، وربما هي فرحة أعظم وأكبر من فرحة جميع أهل الكفر قاطبة ، هو : أسامة ذاته : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (آل عمران : 169-170) ..
أتسمعون يا أهل الجهاد {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ، ثم قال تعالى {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} (آل عمران : 172) ..
أدعو جميع المجاهدين على وجه الأرض ، وجميع من يناصرهم من الرجال إلى حبس الدموع وكتم الغيظ في الأنفس حتى يصير بركاناً لا ينفجر إلا في وقته ، ولا نريد عمليات هنا وهناك للثأر ، بل نريد عمليات نوعية يتم التخطيط لها بحكمة وأناة حتى تؤتي أُكلها وتُنسي أمريكا تفجيرات واشنطن وتترحم على أيامها الخوالي ، وهذا أمر غاية في الأهمية ، لأن العمليات الفردية والعشوائية الإنتقامية تؤدي إلى نتائج عكسية في أغلب الأحيان ، ولأن البكاء وإبداء الحزن يشفي صدور أعداء الله ، فينبغي على قادة الجهاد إعادة ترتيب الأوراق ، وإعلان خليفة للشيخ أسامة – تقبله الله في الشهداء – ثم البدئ في التخطيط للمرحلة القادمة ، وبعقليّة الخبير الناظر في مصالح الإسلام العليا ..
إذا سيّدٌ منّا خلا قام سيّدٌ ... قؤوول لما قال الكرام فعولُ
وما أُخمِدَت نارٌ لنا دون طارقٍ ... ولا ذمّنا في النازلين نزيلُ
وأيامنا مشهورة في عدوّنا ... لها غُررٌ معلومة وحُجولُ
وأسيافنا في كل شرقٍ ومغربٍ ... بها من قِراع الدَّارعين فُلولُ
مُعوّدة أن لا تُسلَّ نصالها ... فتُغمد حتى يُستباح قبيلُ
رحم الله أسد الإسلام وشيخ الجهاد وتقبّله في الشهداء ، وجعله في علّيّيين مع الصدّيقين والشهداء والصالحين ، وجعل جسده فتيل شُعلة الجهاد في أمة الإسلام ، ودمه وقود حرب يجتثّ الكفر من على الأرض .. ولا أَبلغ من بيان الواحد الديّان :
{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ : وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (آل عمران : 138-140) ، اللهم اجعله ممن اتخذتهم من الشهداء واجعلنا منهم وألحقنا بهم يا رب العالمين .. اللهم ميتة كميتة أسامة ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
29 جمادى الأولى 1432هـ
رحمك الله ياشيخينا الغالي
اسكنك الله فسيح جناته
قال سيّد قطب رحمه الله : "إنه ليستْ كلّ كَلِمة تبلغ إلى قلوب الآخرين ، فتُحرّكُها وتجمعُها وتدفعُها ، إنها الكلمات التي تقطُر دماءً ، لأنها تقْتات قلب إنسان حيّ ..
كل كلمة عاشت ، قد اقتاتت قلبَ إنسان ..
إن أصحاب الأقلام يستطيعون أن يصنعوا شيئاً كثيراً ، ولكن بشرط واحد : أن يموتوا هم لتعيش أفكارَهم من لحومِهم ودمائِهم .. أن يقولوا ما يعتقدون أنه حق ويُقدّموا دمائهم فداء لكلمة الحق ..
إن أفكارنا وكلماتنا تظلّ جثثاً هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها وغذّيناها بالدماء ، انتفضتْ حيّة ، وعاشت بين الأحياء" (دراسات إسلامية : سيد قطب) ..
مسكينة أمريكا ، ومسكين أوباما ، وكم هي جاهلة هذه الأوساط الكافرة التي اختزلت الإسلام والجهاد والإرهاب الإسلامي في شخص أسامة ، وحُقَّ للنصارى في أمريكا أن يرقصوا أمام البيت الأبيض ، وحُقَّ لنتنياهو وبيريز وموفاز وليفني وبوش وبراون - وجميع الصهاينة - الرقص على أنغام هذا السُّكر المرحليّ الذي يوشك أن ينقلب صداعاً مزمنا .. وما لهم لا يفرحون والله تعالى يصف الأشداء على الكفار بقوله {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ، فلطالما أغاظهم أسامة ..
لينظر العالم الإسلامي إلى تراقص النصارى واليهود ، وليشاركهم الفرحة من يريد : ممن ينتسب إلى الإسلام ، ففرحة النصارى واليهود هي فرحة المرتدين بلا شك ، وانتصار الكفار من النصارى واليهود هو انتصار لأهل الردّة بلا شك ، ولكننا نقول لهؤلاء : هل هو انتصار !!
ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار مالم تزوّد
قُتل حسن البنا فرقصت أمريكا طرباً ، وولد في تلك النشوة الأمريكية الكفرية سيّد شهداء القرن الماضي سيّد قطب رحمه الله (نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله) ، الذي كان في أمريكا – في وقتها - ورأى نشوتها وسكرتها وفرحتها لمقتل البنّا ، كان سيّد قطب – رحمه الله - بعيداً كل البعد عن الحس الإسلامي ، فما انقضت سنوات حتى قلب الدنيا على أمريكا وأذنابها ..
ترجّل أسامة بعد أن قتل من الأمريكان آلافاً مؤلفة ، وبعد أن مرّغ أنف أمريكا في التراب ، وبعد أن دمّر أمريكا اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ، وقبلها دمّر – وإخوانه – الإتحاد السوفييتي فصيروه "روسيا" ، ولم يترجّل إلا بعد أن خلّف رجالاً سوف يُنسون أبناء الزواني في أمريكا ودول الغرب أيام أسامة الجميلة ، فقد عزم المجاهدون على تفجير الأرض من تحت أقدام كل كافر في الأرض ..
نقول لأوباما : نحن لن نبكي أسامة ، ولن نحزن لموته ، ولن نقبل فيه عزاء ، ولن نكتب فيه المراثي ، وسنترككم تحتفلون لبضعة أيام ، ثم بعدها نستأنف الحرب الإسلامية على الكفر ، ولكنها لن تكون حرباً على النمط القديم ، فأبشر بما يسوؤك وعبيدك في باكستان وأفغانستان وأوروبا ، فلا ينبغي لكافر أن يتنفس الصعداء ، بل العقل يقتضي كتم الأنفاس طوعاً ، أو كرهاً على يد المجاهدين ..
إنا لا نبكي موتانا يابن الكافرة ، ولكنكم سوف تبكون موتاكم ، ومثل أسامة – يا كذاب – لا تقتله قلّة قليلة ، والمقتول برصاصة في الرأس لا يكون بيته مدمراً بالصواريخ ووجهه ممتلئاً بالشظايا .. لقد أجبركم أسامة على الكذب حتى بعد موته ، وقولك بأنه لم يُقتل أحد من الجنود الأمريكان ليس إلا تنكراً لمن مات منهم ، وليس ذلك منقصة لأسامة كما تحسب ، فكل العالم يشهد بأن أسامة لا يخرج من الحياة دون مقابل ، فإن كنتم قاتلتموه وجهاً لوجه فقد عجّل ببعض جنودكم إلى جهنّم ، وإلا فقد قصفتم البيت من بعيد بطائراتكم كما فعلتم مع الزرقاوي الذي لم تجرؤوا على الإقتراب من جثته إلا بعد ساعات من وفاته رحمه الله وتقبله في الشهداء ، فإن كنتم جبنتم عن لقائه في ساحات الوغى واضطررتم لقصف بيته وهو بين أهله ، فلا أقل من أن تُحسنوا الكذبة ، ولكننا نعذركم ، فهل مثل أسامة تقتلونه !! إننا أمة تبني صرحها بجماجم رجالها ، فكلما قضى رجل في الحرب ارتفع الصرح وبقي شامخا ..
أسامة رجل واحد من أمة الإسلام ، وأمة الإسلام ولود لا تعقم أبداً ، ولا تزال هذه الأمة مجاهدة ظاهرة حتى يقاتل آخرها الدجّال .. المجاهدون هم من صنعوا تأريخ مرحلة ما بعد "سبتمبر" ، والأمريكان اليوم هم من صنعوا تأريخ مرحلة ما بعد "أسامة" ، وإن كانوا أخذوا قرابة العشر سنوات وإنفاق أكثر من تريليون دولار للوصول إلى أسامة ، فإن ضربات المجاهدين ستكون أقرب وأنكى ..
أسامة لم يزل حياً ، ولا يزال حياً ، ومثل أسامة لا يمكن أن يموت ، لأن الموت مكتوب على الأرواح المستعبَدة ، أما الرجال الأحرار الذين هم بين الهيعة والفزعة يبتغون الموت مظانة ، فالحياة البرزخية هي حياتهم المرحلية التي ينتقلون بعدها إلى الحياة الأبدية ، فالعملية بالنسبة لهم : مرحلة انتقالية ، وليس هو الموت الذي يفرّ منه الناس ..
لقد قَتل الأمريكان عبد الله عزام - رحمه الله وتقبّله - وقام بعده أسامة ، ودخلوا العراق فخرج لهم الزرقاوي ليقطع رقابهم ثم قام بعده المهاجر والبغدادي فقُتلوا ولا زال الجهاد قائماً ، وقتّل الروس خطّاب فقام بعده شامل ، وقتلوا شامل فقام الغامدي ، وقتلوا الغامدي لتتوحد القوقاز تحت ولاية إسلامية مجاهدة ، وأفسدوا المحاكم الإسلامية في الصومال فخرجت حركة الشباب المجاهدين من رحمها ، فأمة الإسلام ليست محصورة في أشخاص ، وقتل شخص ليس انتصاراً على الإسلام ، وهذا ما علّمناه الله تعالى وضرب لنا به مثلاً في أفضل خلقه سبحانه ، فقال {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران : 144) ، الجهاد لم يتوقّف بوفاة قائد المسلمين الأعلى ، فكيف يطمع هؤلاء الحمقى بتوقف الجهاد لمقتل جندي من جنود الإسلام الخالد !!
الموت والحياة بيد الله تعالى لا بيد أمريكا ولا غيرها ، قال تعالى {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (آل عمران : 145) ، فنحن مؤمنون بقدر الله ، والموت على أيدي الأعداء منقبة وليست منقصة ، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسألن عن طاعِنه فقيل له بأنه أبو لؤلؤة المجوسي ، فقال عمر رضي الله عنه : "الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يُحاجّني عند الله بسجْدة سجدها له قط ، ما كانت العرب لتَقتُلني" (الطبقات الكبرى لابن سعد) .
أما المجاهدين فإن الله تعالى واساهم وأوصاهم بوصية بليغة معبّرة عظيمة ، حيث قال سبحانه {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (آل عمران : 146-147) ، فالأنبياء قتلوا ، والصحابة قُتلوا ، فما وهن المسلمون ولا استكانوا ، بل إن فَتْح بلاد فارس والروم كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان الجهاد لم يتوفق بعده عليه الصلاة والسلام ، بل ازداد ، فكيف بعد غيره صلى الله عليه وسلم ..
إن أسامة – تقبّله الله في الشهداء – نال ما تمنى ، وهي ذات الأمنية التي تمنّاها نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال "ولوددت أني أُقتَل في سبيل الله ثم أحيا ثم أُقتل ثم أحيا ثم أُقتل ثم أحيا ثم أُقتَل" (متفق عليه) ، وقد أعلن أسامة في أكثر من مناسبة بأن حياته طالت ، وأنه لا يزل يلاحق معشوقته "الشهادة" وهي تتدلل عليه وتفرّ منه خجِلة تستتر خلف عباءة "النفس" الغالية ، فما كان من أسامة إلا أن هتك سِتر النفس ليحتضن محبوبته بشوق المحب ..
لقد قُتل خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة المجوسي ، ثم قُتل الخليفة الثالث على يد الخونة الثوار ، ثم قُتل الخليفة الرابع على يد الخارجي ابن ملجم ، وأكثر عظماء الإسلام قُتلوا غدراً على أيدي الخونة ، وها هي الحكومة الباكستانية الرافضية تغدر بأسد آخر من أسود الإسلام ، ولا زال الجهاد ماضيا ..
إن العظماء يدخلون الدنيا كما يدخلها الناس ، ولكنهم يأبون أن يخرجوا منها كغيرهم ، وليس قتل الرجال في ساحات النزال عيباً ، ولكن العيب أن يموت الرجال حتف أنوفهم ولم يُحدثوا نكاية في عدوّهم ..
وإنا لقومٌ لا نرى القتلَ سبّة ... إذا ما رأتْه عامرٌ وسلولُ
يُقرّب حُبُّ الموتِ آجالنا لنا ... وتكرههُ آجالهم فتطولُ
سيحتفل النصارى ، وسيحتفل اليهود ، وسيحتفل كل كافر على وجه الأرض ، وسيتراقص كل مرتد ويطرب قلبه لمغادرة أسامة هذه الدنيا ، ولن تجد شخصاً في الدنيا كلها في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان يشارك أهل الكفر فرحتهم ، ولكن المسلم الوحيد الذي يمكن أن يكون مشاركاً لهؤلاء كلهم الفرحة ، وربما هي فرحة أعظم وأكبر من فرحة جميع أهل الكفر قاطبة ، هو : أسامة ذاته : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (آل عمران : 169-170) ..
أتسمعون يا أهل الجهاد {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ، ثم قال تعالى {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} (آل عمران : 172) ..
أدعو جميع المجاهدين على وجه الأرض ، وجميع من يناصرهم من الرجال إلى حبس الدموع وكتم الغيظ في الأنفس حتى يصير بركاناً لا ينفجر إلا في وقته ، ولا نريد عمليات هنا وهناك للثأر ، بل نريد عمليات نوعية يتم التخطيط لها بحكمة وأناة حتى تؤتي أُكلها وتُنسي أمريكا تفجيرات واشنطن وتترحم على أيامها الخوالي ، وهذا أمر غاية في الأهمية ، لأن العمليات الفردية والعشوائية الإنتقامية تؤدي إلى نتائج عكسية في أغلب الأحيان ، ولأن البكاء وإبداء الحزن يشفي صدور أعداء الله ، فينبغي على قادة الجهاد إعادة ترتيب الأوراق ، وإعلان خليفة للشيخ أسامة – تقبله الله في الشهداء – ثم البدئ في التخطيط للمرحلة القادمة ، وبعقليّة الخبير الناظر في مصالح الإسلام العليا ..
إذا سيّدٌ منّا خلا قام سيّدٌ ... قؤوول لما قال الكرام فعولُ
وما أُخمِدَت نارٌ لنا دون طارقٍ ... ولا ذمّنا في النازلين نزيلُ
وأيامنا مشهورة في عدوّنا ... لها غُررٌ معلومة وحُجولُ
وأسيافنا في كل شرقٍ ومغربٍ ... بها من قِراع الدَّارعين فُلولُ
مُعوّدة أن لا تُسلَّ نصالها ... فتُغمد حتى يُستباح قبيلُ
رحم الله أسد الإسلام وشيخ الجهاد وتقبّله في الشهداء ، وجعله في علّيّيين مع الصدّيقين والشهداء والصالحين ، وجعل جسده فتيل شُعلة الجهاد في أمة الإسلام ، ودمه وقود حرب يجتثّ الكفر من على الأرض .. ولا أَبلغ من بيان الواحد الديّان :
{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ : وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (آل عمران : 138-140) ، اللهم اجعله ممن اتخذتهم من الشهداء واجعلنا منهم وألحقنا بهم يا رب العالمين .. اللهم ميتة كميتة أسامة ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
29 جمادى الأولى 1432هـ
رحمك الله ياشيخينا الغالي
اسكنك الله فسيح جناته